وبالجملة ، إن قلنا : تُملك إن تملّك فهو كحقّ الشفعة ، وإن قلنا : تُملك ، فلا ينبغي أن يكون مستقرّاً ، ليتمكّن من تمحيض الجهاد ليحصل المقصد الأعظم ، فلو قال أحد الغانمين : وهبت نصيبي من الغانمين ، صحّ ، وكان إسقاطاً لحقّه الثابت له ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .
وقال بعضهم : إنّه إن أراد الإسقاط ، صحّ ، وإن أراد التمليك ، لم يصح ؛ لأنّه مجهول(٢) .
مسألة ٨٥ : إذا حاز المسلمون الغنائم وجمعوها ، ثبت حقّهم فيها ، وملكوها ، سواء جمعوها في دار الحرب أو في دار الإسلام - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه يجوز القسمة في دار الحرب.
وقال أبو حنيفة : إذا حازوها في دار الحرب ، لا تُملك ، وإنّما تُملك بعد إحرازها في دار الإسلام(٤) . وليس بجيّد.
ومع الحيازة يثبت لكلّ واحد منهم حقّ الملك.
وقيل : لا يملك إلّا باختيار التملّك ؛ لأنّه لو قال واحد : أسقطت حقّي ، سقط ، ولو كان ملكاً له ، لم يزل بذلك ، كما لو قال الوارث : أسقطت حقّي في الميراث ، لم يسقط ؛ لثبوت الملك له واستقراره(٥) .
وفيه نظر ؛ لأنّه بالحيازة قد زال ملك الكفّار عنها ، ولا يزول إلّا إلى المسلمين. نعم ، ملك كلّ واحد منهم غير مستقرّ في شيء بعينه ، أو جزء
____________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٣٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٦٢.
(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٣٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٦٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٩٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢١ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٤٢.
(٤) الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٤٢ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٢٩٨ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٢١ ، المغني ١٠ : ٤٥٨ ، الشرح الكبير ١٠ : ٤٧٩.
(٥) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٣٦ ، وروضة الطالبين ٧ : ٤٦٣.