ولو وفد قوم من المشركين إلى الإمام ، أنزلهم في فضول منازل المسلمين ، فإن لم يكن ، جاز أن ينزلهم في دار ضيافةٍ إن كانت ، وإن لم تكن ، أسكنهم في أفنية الدور والطرقات ، ولا يُمكّنهم من الدخول في المساجد بحالٍ.
مسألة ١٩٨ : البلاد التي ينفذ فيها حكم الإسلام على أقسام ثلاثة :
أحدها : ما أنشأه المسلمون وأحدثوه واختطّوه ، كالبصرة وبغداد والكوفة ، فلا يجوز إحداث كنيسة فيها ولا بِيعة ولا بيت صلاة للكفّار ، ولا صومعة راهبٍ إجماعاً ، لقول ابن عباس : أيّما مِصْر مَصَّره العرب فليس لأحد من أهل الذمّة أن يبني فيه بِيعة ، وما كان قبل ذلك فحقُّ على المسلمين أن يُقرّ لهم(١) .
وفي حديث آخر : أيّما مصر مصَّرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ، ولا يضربوا فيه ناقوساً ، ولا يشربوا فيه خمراً ، ولا يتّخذوا فيه خنزيراً(٢) .
ولأنّه بلد المسلمين وملكهم ، فلا يجوز لهم أن يبنوا فيه مجامع الكفر.
ولو صالحهم على التمكّن من إحداثها ، بطل العقد.
فأمّا ما وُجد من البِيَع والكنائس في هذه البلاد ، مثل كنيسة الروم في بغداد ، فإنّها كانت في قرى لأهل الذمّة فاُقرّت على حالها ، أو كانت في برّيّة فاتّصل بها عمارة المسلمين. فإن عُرف إحداث شيء بعد بناء المسلمين وعمارتهم ، نُقض.
____________________
(١) سنن البيهقي ١ : ٢٠١ نحوه.
(٢) سنن البيهقي ١ : ٢٠٢ ، المغني ١٠ : ٥٩٩ - ٦٠٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٠٩.