جاز للإمام بذل المال واستنقاذه ؛ للمصلحة ، وكذا لو كان المسلمون في حصنٍ وقد أحاط بهم المشركون وأشرفوا على الظفر ، أو كانوا خارجين من المصر وقد أحاط بهم العدوّ أو كان مستظهراً ، جاز بذل المال.
وإن لم تكن هناك ضرورة ، لم يجز بذل المال ، بل وجب القتال.
وهل يجب مع الضرورة بذل المال؟ إشكال ، وإذا بذل المال ، لم يملكه الآخذ ؛ لأنّه أخذه بغير حقّ.
ويجوز أن يهادنهم عند الحاجة على وضع شيء من حقوق المسلمين في أموال المهادنين ، وكذا لو رأى الإمام مع قوّته على العدوّ أن يضع بعض ما يجوز تملّكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم حفظاً لأصحابه وتحرّزاً من دوائر الحروب ، جاز.
مسألة ٢٠٩ : إذا عقد الهدنة ، وجب عليه حمايتهم من المسلمين وأهل الذمّة ؛ لأنّه أمّنهم ممّن هو في قبضته وتحت يده ، كما أمَّن مَنْ في يده منهم ، فإنّ هذا فائدة العقد.
ولو أتلف مسلمٌ أو ذمّيٌّ عليهم شيئاً ، وجبت قيمته.
ولا تجب حمايتهم من أهل الحرب ولا حماية بعضهم من بعضٍ ؛ لأنّ الهدنة هي التزام الكفّ عنهم فقط لا مساعدتهم على عدوّهم.
ولو أغار عليهم قومٌ من أهل الحرب فسبوهم ، لم يجب عليه استنقاذهم.
قال الشافعي : ليس للمسلمين شراؤهم ؛ لأنّهم في عهدهم(١) .
وقال أبو حنيفة : يجوز ؛ لأنّه لا يجب أن يدفع عنهم ولا يحرم
____________________
(١) المغني ١٠ : ٥١٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧٣.