وقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : « مَنْ كان بينه وبين قوم عهدٌ فلا يشدّ عقدة ولا يحلّها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء »(١) .
ولو شرع المشركون في نقض العهد ، فإن نقض الجميع ، وجب قتالهم ؛ لقوله تعالى :( فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ) (٢) .
وإن نقض بعضٌ ، نُظر فإن أنكر عليهم الباقون بقولٍ أو فعلٍ ظاهر ، أو اعتزلوهم أو راسلوا الإمام بأنّا منكرون لفعلهم مقيمون على العهد ، كان العهد(٣) باقياً في حقّه.
وإن سكتوا على ما فعل الناقضون ولم يوجد إنكار ولا تبرٍّ من ذلك ، كانوا كلّهم ناقضين للعهد ؛ لأنّ سكوتهم دالٌّ على الرضا به ، كما لو عقد بعضهم الهدنة وسكت الباقون ، دلّ على رضاهم ، كذا هنا.
فإذا نقض الجميع ، غزاهم الإمام وبيَّتهم وأغار عليهم ، ويصيروا أهل حرب ليس لهم عقد هدنة. وإن كان من بعضٍ ، غزا الإمام الناقضين دون الباقين على العهد. ولو كانوا ممتزجين ، أمَرَهم الإمام بالتمييز ليأخذ مَنْ نقض. ولو لم يتميّزوا فمن اعترف بأنّه نَقَض ، قَتَله ، ومَنْ لم يعترف بذلك ، لم يقتله وقَبِل قوله ؛ لتعذّر معرفته إلّا منه.
ولو نقضوا العهد ثمّ تابوا عنه ، قال ابن الجنيد : أرى القبول منهم.
مسألة ٢٢٤ : لو خاف الإمام من خيانة المهادنين وغدرهم بسبب أو أمارة دلّته على ذلك ، جاز له نقض العهد.
____________________
(١) سنن أبي داوُد ٣ : ٨٣ / ٢٧٥٩ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٣١ ، مسند أحمد ٥ : ٥٢٢ / ١٨٩٤٣.
(٢) التوبة : ٧.
(٣) في « ق ، ك» : « العقد » بدل « العهد ».