4%

قال الله تعالى :( وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ ) (١) يعني أعلمهم بنقض عهدهم حتى تصير أنت وهُمْ سواءً في العلم.

ولا يكفي وقوع ذلك في قلبه حتى يكون عن أمارة تدلّ على ما خافه.

ولا تنتقض الهدنة بنفس الخوف ، بل للإمام نقضها ، وهذا بخلاف الذمّي إذا خيف منه الخيانة ، فإن عقد الذمّة لا ينتقض بذلك ؛ لأنّ عقد الذمّة يعقد لحقّ أهل الكتاب ، ولهذا يجب على الإمام إجابتهم عليه ، وعقد الهدنة والأمان لمصلحة المسلمين لا لحقّهم ، فافترقا.

ولأن عقد الذمّة آكد ؛ لأنّه عقد معاوضة ومؤبَّد ، بخلاف الهدنة والأمان ، ولهذا لو نقض بعض أهل الذمّة وسكت الباقون ، لم ينتقض عهدهم ، ولو كان في الهدنة ، انتقض.

ولأنّ أهل الذمّة في قبضة الإمام ولا يخشى الضرر كثيراً من نقضهم ، بخلاف أهل الهدنة ؛ فإنّ الإمام يخاف منهم الغارة على المسلمين والضرر الكثير.

مسألة ٢٢٥ : إذا انتقضت(٢) الهدنة لخوف الإمام ونبذ إليهم عهدهم ، ردَّهم إلى مأمنهم ، وصاروا حَرْباً. فإن لم يبرحوا عن حصنهم ، جاز قتالهم بعد النبذ إليهم ؛ لأنّهم في منعتهم(٣) كما كانوا قبل العقد. وإن كانوا قد نزلوا فصاروا في عسكر المسلمين ، ردّهم الإمام إلى مأمنهم ؛ لأنّهم دخلوا إليه‌

____________________

(١) الأنفال : ٥٨.

(٢) في « ق » : نقضت.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « مأمنهم » بدل « منعتهم ».