وبهذه المقاصّة فسّر أكثر الشافعيّة(١) قوله تعالى :( وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا ) (٢) .
ولو قال زوج المسلمة : لا ذنب لي في التحاق المرتدّة بدار المهادنين فلِمَ منعتموني حقّي ، قلنا : ليس لك حقٌّ على قياس أعواض المتلفات ، وإنّما نغرم لك بحكم المهادنة ، وأهل المهادنة في موجب المهادنة كالشخص الواحد.
مسألة ٢٣٠ : إذا تحاكم إلينا أهل الذمّة بعضهم مع بعض ، تخيّر الحاكم بين الحكم بينهم على مقتضى حكم الإسلام وبين الإعراض عنهم - وبه قال مالك(٣) - لقوله تعالى :( فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ) (٤) .
ولقول الباقرعليهالسلام : « إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التوراة وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه ، كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم »(٥) .
ولأنّهما لا يعتقدان صحّة الحكم ، فأشبها المستأمنين.
وقال المزني : يجب الحكم - وللشافعي قولان - لقوله تعالى :( وَأَنِ
____________________
(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٧٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٣١.
(٢) الممتحنة : ١١.
(٣) أحكام القرآن - لابن العربي - ٢ : ٦٢٠ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ١٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٨ : ١٠٣.
(٤) المائدة : ٤٢.
(٥) التهذيب ٦ : ٣٠٠ / ٨٣٩.