وقيل : إذا امتنع المـُولّى من القبول فيبايع غيره ، فكأنّه لا تولية(١) .
وكذا إذا جعل الأمر شورى فترك القوم الاختيار ، لا يجبرون عليه ، فكأنّه ما جعل الأمر إليهم(٢) .
الأمر الثالث : القهر والاستيلاء. فإذا مات الإمام فتصدّى للإمامة مَنْ يستجمع شرائطها من غير استخلافٍ وبيعةٍ ، وقَهَر الناس بشوكته وجنوده ، انعقدت الخلافة ؛ لانتظام الشمل بما فَعَل(٣) .
ولو لم يكن مستجمعاً للشرائط بل كان فاسقاً أو جاهلاً ، فللشافعيّة وجهان ، أظهرهما : أنّ الحكم كذلك وإن كان عاصياً بما فَعَل(٤) .
وهذا من أغرب الأشياء إيجاب المعصية(٥) ، فهذا كلّه ساقط عندنا ؛ لأنّا قد بيّنّا أنّ الإمامة لا تثبت إلّا بالنصّ ؛ لوجوب العصمة ، وأنّ البيعة لا تصلح للتعيين. قال الله تعالى :( ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) (٦) والأمر الثالث أبلغ في المنع والبطلان.
مسألة ٢٣٨ : تجب طاعة الإمام عندنا وعند كلّ أحد أوجب نصب الإمام ما لم يخالف المشروع - وهذا القيد يفتقر إليه غيرنا حيث جوّزوا إمامة الفاسق - لقوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٧) .
وقالعليهالسلام : « مَنْ نزع يده من طاعة إمامه فإنّه يأتي يوم القيامة ولا حجّة
____________________
(١ - ٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٧٥ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٦٦.
(٥) كذا في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة.
(٦) القصص : ٦٨.
(٧) النساء : ٥٩.