واحدة على خطأ ، والإعانة على الخطأ من غير حاجة خطأ ، بل يقاتلهما معاً حتى يعودوا إلى طاعته ، وإن لم يتمكّن من ذلك ، تَرَكهما ، فأيّهما قهرت الاُخرى دعاها إلى الطاعة ، فإن أبتْ ، قاتَلَهم.
وإن ضعف عنهما وخاف من اجتماعهما عليه ، جاز أن يضمّ إحداهما إليه ويقاتل الاُخرى ، ويقصد كسرها ومنعها عن البغي ، لا معاونة مَنْ يقاتل معها. وينبغي أن يعاون التي هي إلى الحقّ أقرب.
فإن انهزمت التي قاتَلَها أو رجعتْ إلى طاعته ، كفّ عنها ، ولم يجز له قتال الطائفة الاُخرى التي ضمّها إليه إلّا بعد دعائها إلى طاعته ؛ لأنّ ضمّها إليه يجري مجرى أمانه إيّاها.
مسألة ٢٤٦ : إذا لم يمكن دفع البُغاة إلّا بالقتل ، وجب ، ولا يقاتلون بما يعمّ إتلافه ، كالنار والمنجنيق والتغريق ؛ لأنّ القصد بقتالهم فلُّ(١) جَمْعهم ورجوعهم إلى الطاعة ، والنار تهلكهم وتقع على المقاتل وغيره ، ولا يجوز قَتْل مَنْ لا يقاتل.
ولو احتاج أهل العدل إلى ذلك واضطرّوا إليه بأن يكون قد أحاط بهم البُغاة من كلّ جانب وخافوا اصطدامهم ، ولا يمكنهم التخلّص إلّا برمي النار أو المنجنيق ، جاز ذلك. وكذا إن رماهم أهل البغي بالنار أو المنجنيق ، جاز لأهل العدل رميهم به.
إذا عرفت هذا ، فلا إثم على قاتلي أهل البغي إذا لم يندفعوا إلّا به ، ولا ضمان مال ولا كفّارة؛ لأنّه امتثل الأمر بقتل مباح الدم ؛ لقوله تعالى :( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) (٢) وإذا لم يضمنوا النفوس فالأموال أولى بعدم الضمان.
____________________
(١) الفلّ : الكسر. وفلّ القوم : هزمهم. لسان العرب ١١ : ٥٣٠ « فلل ».
(٢) الحجرات : ٩.