وأمّا الحدود إذا أقاموها : قال الشيخ : لا تعاد عليهم مرّة اُخرى ؛ للمشقّة(١) .
مسألة ٢٥٣ : إذا زالت يد أهل البغي عن البلد وملكه أهل العدل فطالَبَهم العادلُ بالصدقات فذكروا أنّهم استوفوا منهم ، فإن لم يجز الإمام ذلك ، طالَبهم به مرّةً ثانية وإن أجازه ، فالأقرب : قبول قولهم بغير بيّنة ؛ لأنّ ربّ المال إذا ادّعى إخراج زكاته ، قُبلت دعواه بغير بيّنة.
وهل يحتاج إلى اليمين؟ قال بعض الشافعيّة : نعم(٢) ، لأنّه مدّع ، فلا تقبل دعواه بغير بيّنة ، لكن لمـّا تعسّر إثبات البيّنة ، افتقر إلى اليمين ، فإن نكل ، اُخذت الزكاة ، لا بمجرّد النكول ، بل بظاهر الوجوب عليه.
أمّا لو ادّعى أداء الخراج ، قال الشيخرحمهالله : لا يُقبل قوله ، بخلاف الزكاة ؛ لأنّها تجب على سبيل المواساة ، وأداؤها عبادة ، فلهذا قُبل قوله في أدائها ، بخلاف الخراج ؛ فإنّه معاوضة ؛ لأنّه ثمن أو اُجرة ، فلا يُقبل قوله في أدائه ، كغيره من المعاوضات(٣) .
ولو ادّعى أهل الذمّة أداء الجزية إلى أهل البغي ، لم تُقبل منهم ، لكفرهم ، ولأنّها معاوضة عن المساكنة وحقن الدماء ، فلا يقبل قولهم فيه.
مسألة ٢٥٤ : أهل البغي عندنا فُسّاق وبعضهم كفّار ، فلا تُقبل شهادتهم وإن كان عدلاً في مذهبه ، لقوله تعالى :( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا ) (٤)
____________________
(١) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٦.
(٢) الاُمّ ٤ : ٢٢٠ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٢١ - ٢٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٨٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٢٧٥.
(٣) المبسوط - للطوسي - ٧ : ٢٧٧.
(٤) الحجرات : ٦.