4%

مسألة ٢٦٨ : يجوز لفقهاء الشيعة ، العارفين بمدارك الأحكام ، الجامعين لشرائط الحكم الافتاءُ بين الناس. ويجب عليهم ذلك حال غيبة الإمامعليه‌السلام إذا أمنوا الضرر ولم يخافوا على أنفسهم ولا على أحدٍ من المؤمنين.

قال الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ ) (١) الآية ، وقال تعالى :( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (٢) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مَنْ نظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له ، ورجلاً خان أخاه في امرأته ، ورجلاً احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجب على المفتي الإفتاءُ عن معرفةٍ لا عن تقليدٍ. وإنّما يحلّ له الإفتاء بعد المعرفة بالأحكام ومداركها والاُصول والنحو الذي يحتاج إليه في ذلك ، واللغة المحتاج إليها فيه ، ولا يحلّ له الإفتاء بغير علمٍ ؛ لقول الباقرعليه‌السلام - في الصحيح - : « مَنْ أفتى الناس بغير علمٍ ولا هدى من الله لعنَتْه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وِزْرُ مَنْ عمل بفتياه »(٤) .

ولو خاف على نفسه من الإفتاء بالحقّ ، جاز له - مع الضرر وخوفه - الإفتاءُ بمذاهب أهل الخلاف والسكوت ؛ لأنّا جوّزنا الحكم بمذهب‌

____________________

(١) البقرة : ١٥٩.

(٢) التوبة : ١٢٢.

(٣) التهذيب ٦ : ٢٢٤ / ٥٣٤.

(٤) الكافي ٧ : ٤٠٩ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٢٢٣ / ٥٣١.