ولو وقف المقهورون على الخروج ولم يقاتلوا ، فالأقرب أنّ لهم اُجرةَ الوقوف والحضور ؛ لأنّه كالقتال في استحقاق سهم الغنيمة ، وكذا في استحقاق اُجرة الجهاد ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(١) .
وأظهرهما عندهم : المنع ؛ لأنّ الاُجرة في مقابلة العمل ، والفائدة المقصودة لم تحصل(٢) .
ويحتمل أن يقال : إن استؤجروا للقتال ، فلا اُجرة ، وإلّا فلهم.
مسألة ٢٦ : الجهاد أمر كلّي من أعظم أركان الإسلام يحتاج فيه إلى المساعدة والاعتضاد والاستعداد والفكر في الحيل وغيرها ، فيجب أن يكون أمره موكولاً إلى نظر الإمام واجتهاده ، ويجب على الرعايا طاعته والانقياد لقوله فيما يراه ، فيبدأ بترتيب قوم على أطراف البلاد رجالاً كفايا ليقوموا بإزاء مَنْ يليهم من المشركين ، وبعمل الحصون والخنادق وجميع ما فيه حراسة المسلمين ، ويجعل في كلّ ناحية أميراً يقلّده أمر الحروب وتدبير الجهاد ، ويكون ثقةً مأموناً على المسلمين ذا رأي وتدبير في الحرب ، وله شجاعة وقوّة وعقل ومكايدة.
ولو احتاجوا إلى مدد ، استحبّ للإمام ترغيب الناس في المقام عندهم والتردّد إليهم كلّ وقت؛ ليأمنوا فساد الكفّار ويستغنوا عن طلب الجيوش.
فإن رأى الإمام بالمسلمين قلّةً يحتاج معها إلى المهادنة ، هادنهم ،
____________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٣٨٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٤٣.