فرمى إليه مسلمٌ فأتلفه ، فإن كان في غير التحام القتال ، فعليه الضمان ، وإن كان في حال الالتحام ، فإن أمكنه أن لا يصيب التُّرْس والفرس فأصابه ، ضمن ، وإن لم يمكنه الدفع إلّا بإصابته ، فإن جعلناه كالمكره ، لم يضمن ؛ لأنّ المكره في المال يكون طريقاً في الضمان ، وهنا لا ضمان على الحربي حتى يجعل المسلم طريقاً ، وإن جعلناه مختاراً ، لزمه الضمان(١) .
مسألة ٣٦ : إذا حاصر الإمام حصناً ، لم يكن له الانصراف إلّا بأحد اُمور خمسة :
الأوّل : أن يسلموا فيحرزوا بالإسلام دماءهم وأموالهم.
قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : « أمرت أن اُقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلّا الله ، فإذا قالوها عصموا دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها »(٢) .
الثاني : أن يبذلوا مالاً على الترك ، فإن كان جزيةً وهُمْ من أهلها ، قُبلت منهم ، وإن لم تكن جزيةً بل كانوا حربيّين ، قُبل مع المصلحة ، وإلّا فلا.
الثالث : أن يفتحه ويملكه ويقهرهم عليه.
الرابع : أن يرى من المصلحة الانصراف إمّا بتضرّر المسلمين بالإقامة أو بحصول اليأس منه ، كما روي أنّ النبيعليهالسلام حاصر أهل الطائف فلم ينل منهم شيئاً ، فقالعليهالسلام : « إنّا قافلون إن شاء الله غداً » فقال المسلمون : أنرجع ولم نفتحه؟ فقالعليهالسلام : « اغدوا على القتال » فغدوا عليه فأصابهم الجراح ، فقال
____________________
(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٤٠٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٤٤٧.
(٢) صحيح البخاري ٩ : ١٣٨ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٢٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٢٩٥ / ٣٩٢٧ ، سنن سعيد بن منصور ٢ : ٣٣٢ - ٣٣٣ / ٢٩٣٣ ، مسند أحمد ١ : ٢٠ / ٦٨.