كلام الشيخ عبد العزيز الدهلوي
« الحديث الرابع: عن أنس بن مالك: إنّه كان عند النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم طائر قد طبخ له أو اُهدي إليه، فقال: اللهم أئتني بأحبّ الناس يأكل معي هذا الطير، فجاء علي.
واختلفت الروايات في الطير المشوي، ففي روايةٍ: إنّه النحام، و في رواية: إنّه حبارى، و في رواية: إنّه حجل.
وهذا الحديث قال أكثر المحدثين: إنّه موضوع، وممّن صرّح بوضعه: الحافظ شمس الدين الجزري، وقال إمام أهل الحديث شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الدمشقي الذهبي في تلخيصه: لقد كنت زمناً طويلاً أظنّ أن حديث الطير لم يحسن الحاكم أن يودعه في مستدركه، فلمـّا علّقت هذا الكتاب رأيت الهول من الموضوعات التي فيه.
ومع هذا، فإنّه لا يفيد المدّعى، إذ القرينة تدل على أنّ المراد هو أحبّ الناس إلى الله في الأكل مع النبي، ولا ريب في كون الأمير أحبّ الناس إلى الله في هذه الصفة، إذ مشاركة الابن أو من كان بمنزلة الإِبن في الأكل يوجب تضاعف لذّة الطعام. ولو كان المراد هو الأحب مطلقاً لم يفد المدعى كذلك، إذ لا ملزم لأنْ يكون أحب الخلق إلى الله صاحب الرئاسة العامّة، فما أكثر الأولياء الكبار والأنبياء العظام الذين كانوا أحبّ الخلق إلى الله ولم تكن لهم الرئاسة العامّة، مثل: زكريا ويحيى، بل شموئيل الذي كانت الرئاسة العامة