14%

وحيث أنّ الحاضرين في مجلس المناظرة سلَّموا بإقرار إسحاق بن إبراهيم بصحة الحديث، وقد كانوا ثلاثين رجلا من كبار الفقهاء ومشاهير العلماء مع قاضي القضاة يحيى بن أكثم فإنّ تسليمهم بذلك يعتبر قبولا لصحة الحديث، ودليلا على اعتقادهم بثبوته بناء على ما ذكره ( الدهلوي ) - في مواضع من كتابه، وتبعه تلميذه ( الرشيد ) - من أن السّكوت دليل التسليم والقبول

بل قال يحيى بن أكثم في نهاية البحث مخاطباً المأمون: « يا أمير المؤمنين، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير، وأثبتَّ ما لا يقدر أحد أنْ يدفعه » وهذا يقتضي اعترافه بصحّة حديث الطّير سنداً، وأنّه يدلّ على مطلوب أهل الحق ولا يقدر أحد أن يدفعه لأنّه من جملة ما أثبته المأمون في بحثه، وأوضح به الحق لمن أراد الله به خيراً.

وكيف يظنّ بهؤلاء جميعاً أنّهم صحّحوا ما ليس بصحيح، أو صرّحوا بصحّة الباطل أكمل التصريح؟!

٣ - الحسن كالصّحيح بل قسمُ منه

إنّه وإنْ أبى بعض علمائهم كالعسقلاني وابن حجر المكي التنصيص على صحّة حديث الطير، لكنّهم ذهبوا إلى حسنه وصرَّحوا بذلك كما ستدري عن كثب إن شاء الله

ومن المعلوم أنَّ الحديث الحسن يحتجُّ به كالصحيح، بل ذهب بعض العلماء إلى أنّه قسم من الصحيح، وعليه، فإن القول بحسن حديث الطير يؤيّد ما يذهب إليه أهل الحق من القول بصحّته، وهو المطلوب.

٤ - القول بمضمون الحديث يقتضي صحّته

لقد احتجّ المأمون العبّاسي بحديث الطير كما سيأتي، وهكذا الشيخ أبو