وله كلام آخر اشتمل على فوائد في الباب كقوله:
« أنْ يكون عدالة الرّاوي معلومة بالتواتر مثل: مالك، والشافعي، ومسلم، والبخاري، وسائر الأئمة الحفّاظ، فإنّه لا يقبل جرحهم بما يعلم نزاهتهم عنه. ولو كان ذلك مقبولاً لكان الزنادقة يجدون السبيل إلى إبطال جميع السنن المأثورة، بأنْ يتعبّد بعضهم ويظهر الصّلاح حتى يبلغ إلى حدٍّ يجب في ظاهر الشرع قبوله، ثم يجرح الصّحابة - رضي الله عنهم - فيرمي عمار بن ياسر بإدمان شرب المسكر، وسلمان الفارسي بالسّرقة لما فوق النصاب، وأبا ذر بقطع الصلاة ».
« إنْ كانت عدالة الراوي أرجح من عدالة الجارح أو أشهر من عدالة الجارح لم يقبل الجرح، لأنّا إنما نقبل الجرح من الثقة لرجحان صدقه على كذبه، ولأجل حمله على السلامة، وفي هذه الصورة كذبه أرجح من صدقه، وفي حمله على السلامة إسائة الظن بمن هو خير منه وأوثق وأعدل وأصلح ».
فنقول: إنّ الأجلح في طبقة مالك بن أنس كما في ( تقريب التهذيب )، فليس شأنه بأقلّ ممّن جرحه، بل هو مقدّم عليهم في العدالة، للقوادح المذكورة لهم في تراجمهم، فهو أوثق وأعدل منهم، وعدالته أشهر من عدالتهم وعليه، فلا يقبل تكلّمهم فيه.
قوله:
فلا يجوز الاحتجاج بحديثه.