وقد سلك ( الدهلوي ) تبعاً للكابلي طريقاً آخر في القدح في الأجلح كي يتمكن بزعمه من ردّ حديث الولاية، فقال في باب المكايد من كتابه:
« ملازمة بعض الخدّاعين منهم ثقات المحدّثين، واظهاره البراءة من مذهبه والطعن في أسلافه، وذكر مفاسد ذاك المذهب، وإظهاره التوبة والتقوى والديانة وحسن السيرة، وشدة الرغبة في أخذ الحديث عن الثقات، لينخدع بذلك الطلبة وعلماء أهل السنّة فيوثّقونه ويعدّلونه، ويحصل لهم الاطمينان التام بصدقه وعفافه، ثم يدسّ في مرويات الثقات بعض الموضوعات المؤيّدة لمذهبه، أو يحرّف بعض الكلمات لإِغواء الناس.
وهذا من أعظم كيودهم.
منهم الأجلح، فإنّه رجل قام بهذه المكيدة حتى وثّقه يحيى بن معين، وهو أوثق علماء أهل السنّة في باب الجرح والتّعديل، فلم يقف على حقيقة أمره لفرط تقيته، فظنّ كونه من الصّادقين التائبين.
ولكنْ انكشف لغيره من أهل السنّة كون الرجل خدّاعاً واحترزوا عمّا انفرد به من الرّوايات، ومن ذلك ما رواه عن بريدة مرفوعاً: إنّ عليّاً وليّكم بعدي »(١) .
هذا كلامه الّذي أورده تعبيراً عمّا صنعه في عالم الخيال! فجعله من مكايد أهل الحق الشيعة الإِماميّة!
لقد كان عليه - وهو يريد إلزام الشيعة - أنْ يثبت من كتبهم كون الأجلح من الشّيعة الإِمامية، ثم إثبات ملازمته محدّثي أهل السنّة وأخذه الأخبار منهم، وطعنه في مذهب الشّيعة أمام أهل السنّة، ثم يثبت بعد ذلك كلّه كون الحديث
__________________
(١). التحفة الاثنا عشريّة: ٥٦.