تحتاج إلى من يقاتل بها العدو، ولهذا لم يدع النبي صلّى الله عليه وسلّم عند علي من المقاتلة كما كان يدع بها في سائر الغزوات، بل أخذ المقاتلة كلّهم »(١) .
قد ذكرنا كلام ابن تيمية في هذا المقام بطوله، وأنت إذا لاحظته رأيت أنّ الشيء الذي يدّعيه ويصرّ عليه هو محاولة إثبات: إنّ استخلاف النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنينعليهالسلام على المدينة في غزوة تبوك كان أضعف من الإستخلافات الكثيرة المعتادة منهصلىاللهعليهوآلهوسلم على المدينة، وجعل يستدلّ لهذه الدعوى ويؤكّدها بأمور فيها كذب وفيها ما لا أساس له من الصحّة فهذا عمدة ما ادّعاه وأطنب فيه، حيث ذكر أنّه في كل مرّة « كان يخرج من المدينة كان يكون بالمدينة رجال كثيرون يستخلف عليهم من يستخلفه، فلمـّا كان في غزوة تبوك فلم يتخلّف عنه إلّا النساء والصّبيان ولم يكن في المدينة رجال من المؤمنين أقوياء يستخلف عليهم كما كان يستخلف عليهم في كل مرّة، بل كان هذا الإستخلاف أضعف » فهذه دعواه.
وقد استدل لها بزعمه بقول أمير المؤمنينعليهالسلام فقال: « فكان كل استخلاف قبل هذه يكون على أفضل ممن استخلف عليه علياً، فلهذا خرج إليه علي يبكي ويقول: أتخلّفني مع النساء والصبيان؟ ».
وإذا بينّا بطلان استدلاله، بقي ما ذكره دعوى فارغة غير مسموعة فنقول:
أمّا بكاء أمير المؤمنينعليهالسلام فالسّبب فيه - بعد قطع النّظر عن أنّه
____________________
(١). منهاج السنة ٧ / ٣٢٦ - ٣٣١.