أقول:
لقد ظهر أن التفصيل الذي ذكره ( الدهلوي ) غير مذكور في كتب السّير، ودعواه الإجماع كاذبة والحقيقة: إن النبي صلّى الله عليه آله وسلّم لم يستخلف على المدينة في عام تبوك غير علي.
وأمّا ذكر محمد بن مسلمة أو سباع أو غيرهما، فمن مفتريات المبغضين لأمير المؤمنينعليهالسلام ، السّاعين في إنكار فضائله ومناقبه، والذي يهوّن الأمر وجود التنافي بين رواياتهم وأقوالهم، فيما بينهم، فإن ذلك كافٍ لإسقاطها عن درجة الإعتبار. ويبقى خبر استخلاف الأميرعليهالسلام بلا معارضٍ ومؤيَّداً باتّفاق الشيعة عليه، وعليه عبد الرزاق وابن عبد البر وابن دحية وغيرهم.
وقد روى خبر استخلافه وحده جماعة آخرون غير من ذكر، فرواه أبو الحسين ابن أخي تبوك عن طريق خيثمة بن سليمان بن الحسن بن حيدرة الإطرابلسي قال: « حدثنا إسحاق بن إبراهيم الديري، عن عبد الرزاق، عن معمر قال: أخبرني قتادة وعلي بن زيد بن جدعان: أنهما سمعا سعيد بن المسيب يقول: حدثني سعد بن أبي وقاص:
إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمـّا خرج إلى تبوك استخلف عليّاً على المدينة، فقال: يا رسول الله، ما كنت أحب أن تخرج وجهاً إلّاوأنا معك. فقال: أما ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي »(١) .
____________________
(١). كتاب مناقب علي بن أبي طالبعليهالسلام لأبي الحسين عبد الوهاب الكلابي المعروف بابن أخي تبوك الموجود في آخر مناقب المغازلي: ٤٤٣.