وبعد، فإنّ كلمات أعلام القوم في وصف الديلمي والخطيب وابن عساكر وكتبهم الحديثية، لتكشف عن بطلان ما ذكره ( الدهلوي )، من ذلك قول الحافظ الذهبي في ترجمة الخطيب:
« قد كان رئيس الرؤساء تقدّم إلى الخطباء والوعّاظ أنْ لا يرووا حديثاً حتّى يعرضوه عليه، فما صحّحه رووه وما ردّه لم يذكروه »(١) .
وقد أورد ( الدهلوي ) أيضاً هذا المطلب بترجمة الخطيب من كتابه ( بستان المحدثين ).
فهل يعقل أنْ يكون للخطيب فرصة النظر في الأحاديث التي يعرضها عليه الخطباء والوعّاظ وغيرهم من علماء عصره ومحدّثي وقته، حتّى لا يرووا للناس الأحاديث الموضوعة والأشياء الباطلة، ثمّ يترك مؤلّفاته مشتملةً على الموضوعات والمكذوبات، من غير إفراز لها عن الأحاديث الصحيحة والمعتبرة، فيكون مصداقاً لقوله عزّوجلّ:( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) وقوله( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ) ؟!
قوله:
ثمّ جاء من بعدهم، فميّز الموضوعات عن غيرها، كما فعل ابن الجوزي في كتابه ( الموضوعات ) والسخاوي الّذي جمع الحسان لغيرها في كتابه ( المقاصد الحسنة ) وكذلك السيوطي
____________________
(١). سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٨٠، تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٤١.