4%

حيث أنها تقصر عن البيان إلاّبالنية، والبيان بالكلام هو المراد، فظهر هنا التفاوت فيما يدرأ بالشبهات، وصار جنس الكنايات بمنزلة الضرورات، ولهذا قلنا: إنّ حدّ القذف لا يجب إلّابتصريح الزنا، حتّى أنّ من قذف رجلاً بالزنا، فقال له آخر: صدقت، لم يحدّ المصدق، وكذلك إذا قال: لست بزانٍ، يريد التعريض بالمخاطب، لم يحدّ، وكذلك في كلّ تعريض، لما قلنا، بخلاف من قذف رجلاً بالزنا، فقال الآخر: هو كما قلت، حدّ هذا الرجل، وكان بمنزلة الصريح، لما عرف في كتاب الحدود »(١) .

فقال شارحه عبدالعزيز بن أحمد البخاري:

« قوله: وكان بمنزلة الصريح لما عرف. قال شمس الأئمّة في قوله: « هو كما قلت » إنّ كاف التشبيه توجب العموم عندنا في المحلّ الّذي يحتمله، ولهذا قلنا في قول عليرضي‌الله‌عنه : - إنّما أعطيناهم الذمّة وبذلوا الجزية، ليكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا - إنّه مجريّ على العموم فيما يندرء بالشبهات كالحدود، وما ثبت بالشبهات كالأموال، فهذه الكاف أيضاً موجبة العموم، لأنّه حصل في محلٍّ يحتمله، فيكون نسبةً له إلى الزنا قطعاً، بمنزلة الكلام الأوّل على ما هو موجب العام عندنا »(٢) .

وعلى هذا الأساس، يكون تشبيه الإمامعليه‌السلام بهؤلاء الأنبياء في صفاتهم، محمولاً على العموم، وذلك يثبت المساواة بالضرورة.

١٢ - ترتّب أحكام المنزَّل عليه على المنزَّل

وإذا نُزّل شيء منزلة شيء ترتَّبت أحكام المنزَّل عليه على المنزَّل، ولزمت المساواة بينهما، ولهذا الذي ذكرنا موارد كثيرة في الكتب العلميّة، قال

____________________

(١). أصول الفقه.

(٢). كشف الأسرار في شرح اُصول الفقه ٢ / ٣٨٩ - ٣٩١.