واحتجّ الشيخ رحمهالله بحديث عروة البارقي ، فإنّ النبيّصلىاللهعليهوآله أعطى عروة ابن الجعد البارقي ديناراً وقال له : « اشتر لنا به شاة » قال : فأتيت الجلب فاشتريت به شاتين بدينار ، فجئت أسوقهما - أو أقودهما - فلقيني رجل بالطريق فساومني ، فبعت منه شاةً بدينار ، وأتيت النبيّصلىاللهعليهوآله بالدينار وبالشاة ، فقلت : يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم ، فقال : « وصنعت كيف؟ » فحدّثته ، فقال : « اللهمّ بارك له في صفقة يمينه »(١) .
ولأنّه فَعَل المأذون فيه وزيادة من جنسه تنفع ولا تضرّ ، فوقع ذلك كلّه له ، كما لو قال : بِعْه بدينار ، فباعه بدينارين.
وما ذكره أبو حنيفة يبطل بالبيع.
مسألة ٧٢٣ : قد بيّنّا أنّه يصحّ شراء الشاتين للموكّل ؛ استدلالاً بحديث عروة البارقي ، فإذا باع الوكيل إحدى الشاتين من غير إذن الموكّل ، فالوجه عندي : إنّ بيعه يقع موقوفاً على إجازة الموكّل إن أجازه نفذ ، وإلّا بطل.
وللشافعيّة قولان :
أحدهما : المنع - كما قلناه - لأنّه لم يأذن له في البيع ، فأشبه ما إذا اشترى شاةً بدينارٍ ثمّ باعها بدينارين. ولأنّه باع مال موكّله بغير أمره فلم يجز ، كما لو باع الشاتين معاً.
والثاني : إنّه يصحّ ؛ لأنّه إذا جاء بالشاة ، فقد حصل مقصود الموكّل ، فلا فرق فيما زاد بين أن يكون ذهباً أو غيره ، هذا إذا كانت الباقية تساوي ديناراً(٢) .
____________________
= ٥ : ٢٣١ ، وانظر : المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ٦٥ ، والهداية - للمرغيناني - ٣ : ١٤١ ، وبدائع الصنائع ٦ : ٣٠ ، والاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٥٩ - ٢٦٠.
(١) تقدّم تخريجه في ص ٦ ، الهامش (٥)
(٢) البيان ٦ : ٣٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٤٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٤٩.