3%

وقال بعض الشافعيّة : إنّ قوله : « أبرأتني عنه » ليس بإقرارٍ ؛ لقوله تعالى :( فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمّا قالُوا ) (١) [ و ](٢) تبرئته عن عيب الأُدْرَة(٣) لا تقتضي إثباته له(٤) .

ولو قال : أقررت بأنّك أبرأتني ، أو : استوفيت منّي ، لم يكن إقراراً. ولو قال في الجواب : لعلّ ، أو : عسى ، أو : أظنّ ، أو : أحسب ، أو : أقدر ، أو : أتوهّم ، لم يكن مُقرّاً.

مسألة ٨٣٦ : اللفظ قد يكون صريحاً في التصديق وتنضمّ إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء والتكذيب ، ومن جملتها : الأداء ، والإبراء ، وتحريك اللسان(٥) الدالّ على شدّة التعجّب والإنكار ، فعلى هذا يُحمل قوله : « صدقت » وما في معناه على هذه الحالة ، فلا يكون إقراراً.

فإن وُجدت القرائن الدالّة على الإقرار ، حُكم به ، وإن وُجدت القرائن الدالّة على غيره ، حُكم بعدم الإقرار.

ولو قال : لي عليك ألف ، فقال في الجواب : لك علَيَّ ألف ، على سبيل الاستهزاء ، لم يكن إقراراً.

وحكى أبو سعيد المتولّي من الشافعيّة أنّ فيه وجهين(٦) .

مسألة ٨٣٧ : لو قال : أليس لي عليك ألف؟ فقال : بلى ، كان مُقرّا ، ولزمه الألف ؛ لأنّه تصديق للإيجاب المناقض للنفي ؛ لقوله تعالى :( أَلَسْتُ

____________________

(١) الأحزاب : ٦٩.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣) الأُدْرَة : انتفاخ الخصية. لسان العرب ٤ : ١٥ « أدر ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١.

(٥) كذا قوله : « اللسان ». والظاهر : « الرأس » بدل « اللسان ».

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢.