أقبضتُك ، فأقام البائع على المشتري بيّنةً بعد بيّنته بأنّه ما أقبضه الثمن بَعْدُ ، سُمعت ، وأُلزم المشتري الثمن ؛ لأنّه وإن قامت البيّنة على إقراره بالقبض فقد قامت على أنّ صاحبه كذّبه ، فيبطل حكم الإقرار ، ويبقى الثمن على المشتري.
مسألة ٨٧٥ : قد ذكرنا أنّ من شرط صحّة الإقرار تعيينَ الـمُقرّ له ، فلو قال : لإنسانٍ عندي كذا ، أو لواحدٍ من بني آدم ، أو لواحدٍ من خلق الله تعالى ، أو لواحدٍ من أهل البلد ، احتُمل البطلان ؛ لعدم التعيين ، فلا يطالب به.
وللشافعيّة وجهان مبنيّان على أنّه إذا أقرّ لمعيَّن بشيء فكذّبه الـمُقرّ له ، هل يخرج من يده؟ إن قلنا : نعم ؛ لأنّه مال ضائع ، فكذا هنا ، ويصحّ الإقرار ، ويكون معتبراً ، ويخرجه الحاكم من يده ويحفظه من صاحبه. وإن قلنا : لا ، لم يصح هذا الإقرار(١) .
والأقرب عندي القبول ، وصحّة هذا الإقرار ، ثمّ للحاكم انتزاعه من يده وإبقاؤه في يده.
فعلى قولنا بالصحّة لو جاء واحد وقال : أنا الذي أردتَني ولي عليك ألف ، فالقول قول الـمُقرّ مع يمينه في نفي الإرادة ونفي الألف.
ومَنْ أبطل هذا الإقرار فرّق بينه وبين قوله : غصبت هذا من أحد هذين الرجلين ، أو هؤلاء الثلاثة ، حيث يعتبر ؛ لأنّه إذا قال : هو لأحد هذين ، فله مُدّعٍ وطالب ، فلا يبقى في يده مع قيام الطالب واعترافه بأنّه ليس له ، وأمّا إذا قال : لواحدٍ من بني آدم ، فلا طالب له ، ويبقى في يده(٢) .
____________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٩٠.