فإن قيل : قوله : « هذه الدار لك » إقرار بها ، فإذا قال : « هبة سكنى » كان رجوعاً عن إقراره بالدار.
قلنا : إنّ قوله : « هذه الدار لك » يكون إقراراً بها إذا سكت ، فإذا قال له : « لك سكناها » كان إقراراً بالسكنى. ولأنّ سكنى الدار منافعها ، والمنافع منها ، فكأنّه استثنى أكثر الجملة ، وهو جائز.
مسألة ٩٧٧ : الإقرار بالهبة لا يتضمّن الإقرار بالقبض ؛ لتغايرهما ، وعدم التلازم بينهما ، وكون القبض شرطاً في لزوم الهبة لا يوجب كونه شرطاً(١) في تحقّق حقيقتها ، وكيف لا! والهبة متقدّمة على القبض ، ولا يجوز اشتراط المتأخّر في المتقدّم ، وإلّا دارَ ؛ لتقدّم الشرط على المشروط.
وهذا هو المشهور أيضاً عند الشافعيّة(٢) .
وقال بعضهم : إذا أقرّ بالهبة ثمّ قال : ما كنتُ أقبضتُه فلي الرجوع ، وقال الموهوب له : كنتُ قبضتُها ، فالقول قول الواهب ؛ لأصالة عدم القبض ، والإقرار بالهبة لا يتضمّن القبض(٣) .
ومن الشافعيّة مَنْ قال : إنّ الشافعي قال : إذا كانت العين في يد الموهوب له ، كان القولُ قولَ الموهوب له.
وهذا قاله على القول الذي يقول : إنّه إذا وهب له شيئاً في يده لا يحتاج إلى الإذن في القبض ، وإذا مضى زمان يمكن فيه القبض صار مقبوضاً(٤) .
____________________
(١) في الطبعة الحجريّة : « اشتراطه » بدل « كونه شرطاً ».
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٣٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٠.
(٣) بحر المذهب ٨ : ٢٩٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٢٥٧.
(٤) بحر المذهب ٨ : ٢٩٤ - ٢٩٥.