وأيضاً ينافيه الآيات الكثيرة كقوله تعالى:( ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ ) فلو كان خاتم الأنبياء طالباً للأجر لزم أن تكون منزلته أدنى من سائر الأنبياء، وهو خلاف الإجماع »(١) .
فهذه شبهات أعلام القوم في هذا المقام، فلنذكر الشبهات بالترتيب ونتكلّم عليها:
ولعلّ هذه أهمّ الشبهات في المسألة، وهي الأساس ونحن تارةً نبحث عن الآية المباركة بالنظر إلى الروايات، وأُخرى بقطع النظر عنها، فيقع البحث على كِلا التقديرين.
أمّا على الأوّل: فإنّ الآية المباركة بالنظر إلى الروايات المختلفة الواردة - سواء المفسّرة بأهل البيت، أو القائلة بأنّها نزلت بمناسبة قول الأنصار كذا وكذا - مدنيّة، ولذا قال جماعة بأنّ سورة الشورى مكّيّة إلّا آيات:
قال القرطبي: « سورة الشورى مكّيّة في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر.
قال ابن عبّاس وقتادة: إلّا أربع آيات منها أُنزلت بالمدينة:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) إلى آخرها »(٢) .
وقال أبو حيّان: « قال ابن عبّاس: مكّيّة إلّا أربع آيات، من قوله تعالى:( قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) إلى آخر الأربع آيات، فإنّها نزلت بالمدينة »(٣) .
____________________
(١). التحفة الإثنا عشرية: ٢٠٥.
(٢). تفسير القرطبي ١٦ / ١.
(٣). البحر المحيط ٧ / ٥٠٧.