« ومنها آية المباهلة، وطريق تمسّك الشيعة بهذه الآية هو: أنّه لمـّا نزلت( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) إلى آخرها، خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بيته ومعه عليٌّ وفاطمة وحسن وحسين، فالمراد من( أَبْناءَنا ) الحسن والحسين، ومن( أَنْفُسَنا ) الأمير، وإذا صار نفس الرسول - وظاهرٌ أنّ المعنى الحقيقي لكونه نفسه محال - فالمراد هو المساوي، ومن كان مساوياً لنبيّ عصره كان بالضرورة أفضل وأولى بالتصرّف من غيره، لأن المساوي للأفضل الأولى بالتصرّف أفضل وأولى بالتصرّف، فيكون إماماً، إذ لا معنى للإمام إلاّ الأفضل الأولى بالتصرّف.
هذا بيان وجه الإستدلال، ولا يخفى أنّه بهذا التقريب غير موجود في كلام أكثر علماء الشيعة، فلهذه الرسالة الحقّ عليهم من جهة تقريرها وتهذيبها لأكثر أدلّتهم، ومَن شكّ في ذلك فلينظر إلى كتبهم ليجد كلماتهم متشتّتة مضطربة قاصرة عن إفادة مقصدهم.
وهذه الآية في الأصل من جملة دلائل أهل السنّة في مقابلة النواصب، وذلك لأنّ أخذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الأمير وأُولئك الأجلّة معه، وتخصيصهم بذلك دون غيرهم يحتاج إلى مرجّح، وهو لا يخلو عن أمرين:
فإمّا لكونهم أعزّةً عليه، وحينئذٍ يكون إخراجهم للمباهلة - وفيها بحسب الظاهر خطر - المهلكة، موجباً لقوّة وثوق المخالفين بصدق نبوّته وصحّة ما يخبر به عن عيسى وخلقته، إذ العاقل ما لم يكن جازماً بصدق دعواه لا يعرض أعزّته إلى الهلاك والإستئصال.
وهذا الوجه مختار أكثر أهل السنّة والشيعة، وهو الذي ارتضاه عبدالله