منزلة الزهراء عند الله تعالى

في إصابة نور الله لها * عن النبي  قال : لما خلق الله الجنة خلقها من نور وجهه ، ثم أخذ ذلك النور فقذفه فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة ثلث النور ، وأصاب عليا وأهل بيته ثلث النور .
فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد  ، ومن لم يصبه من ذلك النور ضل عن ولاية آل محمد  أقول : التدبر في هذا الحديث يعطي جلالة شأنها وعلو درجاتها عليها السلام ، إذ جعلها الله - تعالى شأنه - في النور قسيم أبيها وبعلها وبنيها  ، بل هي أكبر حظا منهم . وهذا لعمري شأن لا تنالها أيدي المتناولين ، وبحر لا يدرك قعرها غوص المتعمقين .
في كونها خير خلق الله تعالى * عن النبي  في حديث طويل : على ساق العرش مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله . في اختيار الله تعالى إياها على النساء * قال رسول الله  م لعلي  : إن الله عز وجل أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ، ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثم اطلع الثالثة فاختار الأئمة من ولدك على رجال العالمين ، ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين .
قال رسول الله  : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا : لا  إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي حبيب الله ، والحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة خيرة الله ، على باغضهم لعنة الله  .
في وجوب إطاعتها على الكائنات * عن أبي جعفر  في حديث طويل : ولقد كانت عليها السلام مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة - الحديث.
عن محمد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني  فأجريت اختلاف الشيعة ، فقال : يا محمد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة ، فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها ، وفوض أمورها إليهم ، فهم يحلون ما يشاؤون ، ويحرمون ما يشاؤون ، ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى .
ثم قال : يا محمد ، هذه الديانة التي من تقدمها مرق  ، ومن تخلف عنها محق ، زن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمد . قال العلامة المجلسي في شرح هذا الحديث : فأشهدهم خلقها ، أي خلقها بحضرتهم وهم يطلعون على أطوار الخلق وأسراره .
وأجرى طاعتهم عليها أي أوجب على جميع الأشياء طاعتهم حتى الجمادات والسماويات والأرضيات . وفوض أمورها إليهم من التحليل والتحريم والعطاء والمنع ، وإن كان ظاهره تفويض تدبيرها إليهم من الحركات والسكنات والأرزاق والأعمار وأشباهها .
عن أبي سعيد الخدري قال : كنا جلوسا عند رسول الله  إذا قبل إليه رجل فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل لإبليس : استكبرت أم كنت من العالمين، من هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة المقربين ؟ فقال رسول الله  : أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، كنا في سرادق العرش نسبح الله فسبحت الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عز وجل آدم بألفي عام ، فلما خلق الله عز وجل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ، ولم يؤمروا بالسجود إلا لأجلنا ، فسجدت الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبي أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى : يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالمين أي من هؤلاء الخمسة المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش . فنحن باب الله الذي يؤتى منه ، وبنا يهتدي المهتدون ، فمن أحبنا أحبه الله وأسكنه جنته ، ومن أبغضنا أبغضه الله وأسكنه ناره ، ولا يحبنا إلا من طاب مولده  .