شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

فاطمة الزهراء حامية ذمار علي ابن أبي طالب عليهما السلام

0 المشاركات 00.0 / 5
 كثيرة هي أوراق التأريخ الاسلامي التي نحن مطالبون بإعادة قراءتها بعين فاحصة ودراسة وجهات النظر المختلفة حولها ومن تلك المسائل حديث ورد في معظم كتب الحديث والتأريخ لدى المسلمين وإليك هذه الدراسة التي قدمها الشيخ عبد الجليل البن سعد في قرية القارة بحسينية العبد المحسن ليلة الأثنين المصادف 13/5/ 1429 بمناسبة وفاة الصديقة الطاهرة الزهراء سلام الله عليها..
فاطمة سلام الله عليها حامية ذمار علي عليه السلام.
جاء في الحديث : "" كان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس"". البخاري.
هذا الحديث الذي لا يكاد يقبل النكران؛ لأنه متفق عليه إذ جاء في كثير من مصادر ومراجع الحديث والتأريخ الإسلامي فهو مما روي في:
البخاري.غزوة خيبر.ح 4241.ومسلم.كتاب الجهاد والسير. 1759. والإمامة والسياسة.كيف كانت بيعة علي كرم الله وجهه.ص13 . وكفاية الطالب لمناقب علي بن أبي طالب.للكنجي الشافعي.باب 99. والمسعودي في مروج الذهب. باب ذكر نسبه( أبو بكر)ولمع من أخباره وسيره.وغيرها من المصادرالتي لم أطلع عليها بالمباشرة.
فهذا الحديث حقيقة يستوقف الناظر؛إذ يظهر منه أمر ربما لا يتحدث عنه الكثير حتى نحن وذلك الأمر هو أن فاطمة سلام الله عليها كانت هي الحامية والملجئ لعلي بن أبي طالب عليه السلام من أن يكرهوه على أمر لا يريده،ولنا معه وقفتان بحول الله تعالى.

الوقفة الأولى:
وطبيعي أن مثل هذا الحديث لا يعطينا أن فاطمة عليها السلام ذات شأن ورفعة يعرفها كل الناس وانتهى الأمر.. لكن يبين لنا أمورا: من أهمها أن عليا عليه السلام لم يبايع طوعا ولا بد لنا من دراسة هذه القضية اقتداءا بعلماء المسلمين حيث تناولوا هذا الموضوع مرارا على امتداد تأريخ العلم والعقيدة.

نماذج من فهم الحديث والتعليق عليها:

يشرح الإمام العييني في عمدة القارئ هذا الحديث ج12. ح4241. وكذا الشيخ العسقلاني في فتح الباري فيقولان:
أ ) أن الناس كانوا يعذرون عليا عن ترك المبايعةلاشتغاله بفاطمة وتسلية خاطرها من قرب عهد بمفارقة رسول الله صلى الله عليه اله وسلم.
ب ) أنهم كانوا يعذرونه في عدم الحضور لأنه كان يرى كفاية بيعة الإمام من آحاد أهل الحل والعقد ولا يجب الاستيعاب كما لا يلزم كل أحد أن يحضر عنده ويصفق بيده على يده.
ولكننا نعتذر لإخواننا أهل السنة من قبول هذين الوجهين. .
إذ كيف لأحد أن يأتي بمعنى لا قرينة عليه لا داخلية ( من نفس الحديث) ولا خارجية ( من الزوايا الأخرى للتأريخ) حيث أنها جميعها مظلمة وأصرح من هذا الحديث في حقيقة الأمر؛إذ كل التأريخ يكشف عن أن عليا وجماعة ربما وصلوا إلى 17 رجلا من بني هاشم وغيرهم أعتصموا في بيت فاطمة عليها السلام لا للبيعة، وهذا على أقصى تقدير قرأته للعلامة الطبرسي في كتابه (الإمامة)هذا بالنسبة للوجه الأول..

وأما الوجه الثاني:

فإني أستطيع القول بأنه لا يصح على علي عليه السلام لأنه يقول أن عليا راضيا قانعا بما آل إليه أمر الإمامة والخلافة وفعل القوم إلا أنه (سلام الله عليه) أنطوى على مفهوم خاص للبيعة؟!
والذي يميط اللثام عن بطلان هذا الوجه عدة حقائق تأريخية لا بد من الإشارة إليها كلا على حدة:

الحقيقة الأولى:

أنه لو كان الأمر مجرد مفهوم يراه علي للبيعة فما علاقته بحياة فاطمة وموتها بل هذا أمر يبدو لا ربط له بوجود فاطمة مع أن الحديث يركز على أن القضية دائرة مدار وجود فاطمة وموتها؟!

الحقيقة الثانية:
أن نفس الحديث يكذب هذا التوجيه؛ إذ جاء فيه ــ حسب رواية البخاري ومسلم وغيرهم ــ بعد سطور:"" فأرسل إلى أبي بكر أن أتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية لمحضر عمر فقال عمر لا والله لا تدخلن عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عسيتهم أن يفعلوا بي والله لآتينهم""[1].
فإن كانت بيعة علي بطوع منه وقد سبق منه الرضا بما فعلوا فما معنى كراهية أن يحضر عمر؟!

الحقيقة الثالثة:
أنه في بعض الطرق روي هكذا:"" لما توفيت فاطمة تولت وجوه الناس عن علي فضرع إلى بيعة أبي بكر"" جاء هذا في كتاب الصوارم المهرقة ص 71 . ولم يتيسر لي تحقيقه بالمباشرة.ولفظ ضرع صريح في الإلجاء والقهر!!

الحقيقة الرابعة:

أنه لما مضوا به إلى أبي بكر (والنص لابن قتيبة في الإمامة والسياسية)قالوا له بايع فقال:إن لم أفعل فمه؟ قالوا:والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك...إلى أن يلتفت عمر ويقول لإبي بكر ألا تأمر فيه بأمرك فقال:لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه؟!
إذن فكل الحقائق والدلائل تبين زيف هذا الزعم على علي عليه السلام وتفسيرات ومعاني التي لا تذهب بذهن القارئ وفكره قريبا حيث اللفظ والدلالة بل تدفعه إلى أن يذهب بعيدا عن أجواء النص والدلالة؟!
ولكن شئنا أم أبينا فإن ما يتراء من هذا الحديث هو أن عليا لم يبايع طوال هذه الفترة وأن عزوفه عن البيعة كل هذا الوقت يستوجب توقف كل عاقل حر في فكره.
وعندي شاهد على توقف العقلاء الأحرار فيما يفيده هذا الحديث ففي رواية كتاب كفاية الطالب لمناقب علي بن أبي طالب للكنجي الشافعي وبنفس الباب المشار إليه يقول قالت عائشة: "" وكان لعلي من الناس وجه في حياة فاطمة فلما توفيت انصرفت وجوه الناس عند ذلك""
وغرضي أن الزهري لما حدث بهذا الحديث عن عروة عن عائشة سأله معمر وهو يسمع الحديث من الزهري سؤال مستغرب مستعجب من فعل علي عليه السلام وقال:
كم مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم؟
أجابه: ستة أشهر فلما بين أن المدة طويلة قام رجل آخر مستعجبا وهو يقول: فلم يبايع حتى ماتت فاطمة؟؟يعني لم يبايع كل هذه الستة الأشهر؟؟
إذن فلسنا نحن فقط من يستغرب ويستعجب مما أنتهت إليه مسألة البيعة مع علي عليه السلام.. وبالمناسبة فقد يسأل سائل مادام علي عليه السلام يعرف أنه سيضطر إلى البيعة، وهو يهتم بوحدة المسلمين فلما هذا التأخير؟بيد أن التأخير كان لأجل إقامة الحجة على الناس ولما رأى في الناس ما يجسد قول الشاعر:

لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حيــــاة لمن تنادي
ونار لو نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رمادي

الوقفة الثانية:
وثاني أمر غريب في هذا الحديث بل هو أغرب من سابقه ولازلنا نجد حاجة ملحة لتفسيره وتبيينه وذاك هو:كيف قد هابوا فاطمة ولأي شيء بحيث كانت عندهم أهيب من علي نفسه؟!
عوامل المهابة لفاطمة: فقد ورثت هذه القدسية وهذه المهابة عن كثير من العوامل التي حفت بكل جوانبها فكانت فاطمة التي من أين ما تنظر إليها تر أنها عظيمة وجليلة كيف وقد شعت القدسية من جسدها قبل أن تشع من روحها وفكرها ومنطقها..
أليست المرأة التي تتفق الرواية من قبل الفريقين على أنها لم تر حمرة لا قبل الولادة ولا بعدها؟
أليست المرأة التي سميت الزهراء لنورها المشع حتى حدثت عن ذلك النور عائشة وغيرها؟
أوليست المرأة التي لم يكن أحد من الناس أحب إلى قلب رسول الله صلى الله عليه واله منها وهذا شيء معروف في روايات عدة للمسلمين ..
ومن بين ذلك أن البني صلى الله عليه واله كان هو من غرس حبها ورعى غراس تلك المحبة طيلة حياته الرسالية دون فتور أو توان.
[2] فقط ناهيك عن مصادره عندنا.
وهذا ما أوجب أن يهابها الناس أيضا لأن من سيتعرض لها ستحيقه النظرة بأنه ممن غضب وسخط عليه الله عز وجل ولكن المفاجئ أن البيهقي والبخاري يرويان أنها ماتت وهي واجدة [3]؟!!

وهناك ما هو سر وعامل آخر:
ولعل الأهم من بين تلك الأمور التي حملت الآخرين على مهابة فاطمة هو موتها عليها،القضية التي كان الكل يعرف قرب توقيتها كما كانوا يعرفون قرب توقيت موت أبيها صلى الله عليه واله وسلم فموتها قضية سعى الكل لكسبها ولكنها سدت الأبواب عليهم فحرمت الأكثر من أن يشهدوا جنازتها أو يصلوا عليها أو يقفوا على قبرها وأمنت على ذلك عليا الذي طالما أمنه أبوها صلى الله عليه واله.
ولم يكن موتا طبيعيا لأن الرسول صلى الله عليه واله وفي قضية فاطمة بالخصوص قد أعجم الحروف بوضع النقاط عليها فأعلن موتها السريع وما تتقدمه من محن ومصائب..
[4].ومثله روي في مجمع الزوائد وغيرهما.

____________________
[1] سبق تخريجه في عرض الكلام.
[2] راجع في ذلك إلى إحقاق الحق للعلامة الشهيد نور الله المرعشي النجفي.ج 10. 187.
[3] البيهقي. السنن الكبرى. الجزء السادس. 300. روى في ذلك أربعة أحاديث . و البخاري بالسند عن السيدة عائشة 2/ 504 باب فرض الخمس وفي غيره من الأبواب أيضا..
[4] فتح الباري:9/201.

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية