شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

أثر زيارة قبور النبي(ص) والأئمة الطاهرين(ع) في قلوب المؤمنين

0 المشاركات 00.0 / 5

إنّ زيارة الانسان لقبر حبيبه ومن كانت له به صلة روحية أو مادّية، هي ممّا تشتاق إليه النفوس السليمة، فكلّ من يعيش تحت السماء باسم الانسان السويّ اذا فارقَ أحبّته وأقرباءه، لا يقطع علاقته بمن شغف قلبه حبّاً، بل هو على حبّه باق، ويريد أن يُجسِّد محبَّته وشوقه بصور مختلفة، فهو تارةً يأوي إلى آثار حبيبه ورسوم داره وأطلاله فيحتفظ بألبسته وأثاثه وقلمه وخطوطه، ولا يكتفي بذلك بل يحاول أن يزور قبره وتربته حيناً بعد حين. كلّ ذلك بباعث ذاتي من صميم خلقته، فلا يصحّ لدين أُسُّه الفطرة أن يخالفه أو يمنعه من وصل أحبّائه وتعاهدهم.
لكن للاسلام أن يحدّدها ويذكر آدابها ويمنع عن بعض الامور غير الدخيلة في صميمها، لكن ليس في وسعه بما أنّه مناد لدين الفطرة أن يقوم بقطع العلائق مع الاحبّة بتاتاً.
وعلى ضوء ذلك ترى أنّ السنّة حثّت على زيارة القبور وذكرت آثارها البنّاءة، ولو منعت في فترة خاصّة ـ لو صحّ المنع ـ فإنّما هو لمانع عن تطبيق الحكم وتنفيذه كما سيظهر لك.
هذا هو أصل الزيارة، وقضاء الفطرة على وفقه.
مضافاً إلى ذلك فلها آثار تربويّة وهي ما يلي:

 

الاثار التربوية لزيارة القبور

إنّ زيارة القبور تنطوي على آثار تربوية، وأخلاقية وذلك لانّ مشاهدة المقابر التي تضمُّ في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في هذه الحياة الدنيا، وكانوا بمكان عال من القدرة والسلطة، ثمّ انتقلوا إلى الاخرة، تؤدّي إلى الحدّ من روحِ الطمع، والحرص على الدنيا، وربّما تُغيّر سلوك الانسان لما يرى أنّ المنزل الاخير لحياته إنّما هو بيت ضيّق ومظلم باق فيه إلى ما شاء الله، فعند ذلك ربما يترك المظالم والمنكرات ويتوجّه إلى القيم والاخلاق.
وإلى هذا الجانب من الاثر التربوي يشير النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) ويقول:
«كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنّها ترقُّ القلوب، وتدمعُ العين وتذكِّر الاخرة، ولا تقولوا هجراً»( المتقي الهندي، كنز العمال : ج15، الحديث 42555 و 42998.) .
وفي لفظ آخر: «كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنّها تزهّد في الدنيا»( كنز العمال 15 : الحديث 42552) . وفي لفظ ثالث: «وتُذكّر الاخرة»( ابن ماجة، السنن 1 : 501 ح1571) .  
وعن أبي هريرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) زار قبر أُمّه ولم يستغفر لها. قال: «أُمرتُ بالزيارة ونُهيت عن الاستغفار فزوروا القبور، فإنّها تذكّر الموت»( مسلم، الصحيح 2 : 671 ح108 ـ أحمد بن حنبل، المسند 1 : 444 ـ ابن ماجة، السنن 1 : 676 ـ أبو داود، السنن 2 : 72 ـ البيهقي، السنن 4 : 76 ـ النسائي، السنن 4 : 90 ـ الحاكم، المستدرك 1 : 376) .
وعنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «زوروا القبور فإنّها تذكّركم الاخرة»( ابن ماجة، السنن 1 : 500 ح1569) .
ويظهر من بعض الروايات أنّ النبيّ الاكرم (صلى الله عليه وآله) نهى يوماً عن زيارة القبور
ثمّ رخّصها وكان النهي والترخيص من الله سبحانه.  
ولعلّ النهي كان بملاك أنّ أكثر الاموات يومذاك كانوا من المشركين، فنهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن زيارتهم ولمّا كثر المؤمنون بينهم رخّص بإذن الله.
ولعلّ النهي كان بملاك آخر وهو أنّ زيارة القبور تُذكّر الموتى والقتلى وتورث الجبن عن الجهاد، وإذ قوي الاسلام رخّص الزيارة (الجناحي النجفي : منهج الرشاد : 144) .
وعن أمّ سلمة عنه (صلى الله عليه وآله): «نَهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّ لكم فيها عِبرة»( المتقي الهندي، كنز العمال 15 : 647 ح42558) .  

 

الاثارالاجتماعية لزيارة أكابر الدين

قد تعرّفت على الاثار التربوية لزيارة قبور المسلمين، وهنا آثار تختصّ بزيارة أكابر المسلمين ورؤسائهم، وفي طليعتهم زيارة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) وهي: أنّ في زيارتهم نوعاً من الشكر والتقدير على تضحياتهم، وإعلاماً للجيل الحاضر بأنّ هذا هو جزاء الَّذين يسلكون طريقَ الحقّ والهدى والدفاع عن المبدأ والعقيدة. ولاجل هذا الاثر الممتاز لزيارة صُلحاء الاُمة، نجد أنّ الاُمم الحيّة تتسابق على زيارة مدفن رؤسائهم وشخصيّاتهم، الّذين ضحّوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل إحياء الشعب واستقلاله من أيدي المستعمرين والظالمين، ويقيمون الذكريات المئوية لاحياء معالمهم، ويعدّونه تعظيماً وتكريماً لاهدافهم.
وهذا هو العالم بغربه وشرقه، فيه قبور وأضرحة لشخصيّاته وعظمائه وصلحائه من غير فرق بين ديني ودنيوي، لانّ الانسان يرى زيارتهم تكريماً لهم وتأدية لحقوقهم ووفاءً لعهدهم، فكلّ ما يقوم به فهو بوحي الفطرة ودعوتها إلى ذلك.
إنّ القبور التي تحظى باهتمام واحترام المؤمنين بالله في العالم ـ وخاصة المسلمين ـ هي في الغالب قبور حملة الرسالات الاصلاحيّين الذين أدّوا مهمّتهم على الوجه المطلوب.

 

وهؤلاء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ الانبياء والقادة الدينيّون الذين حملوا على عاتقهم رسالة السماء وضحّوا ـ من أجلها ـ بالنفس والمال والاحباب، وتحمّلوا أنواع المتاعب والمصاعب من أجل هداية الناس.
2 ـ العلماء والمفكّرون الذين كانوا كالشّمعة تُحرقُ نفسها لتضيء للاخرين، وقد عاش هؤلاء حياة الزهد والحرمان، وقدّموا للعالم، البحوثَ القيّمة والتحقيقات الرائعة في مجالات العلم والفكر والطبيعة ومفاهيم السماء وعلوم الكون والمخلوقات وغير ذلك.
3 ـ المجاهدون الثائرون الذين ضاقوا ذرعاً بما يعيشه المجتمع من الظلم وسحق الحقوق والتمييز العنصري أو القومي، فثاروا ضدّ الظلم والطغيان وطالبوا بحفظ كرامة الانسان وأداء حقوقه،
إنّ الناس يزورون قبور هؤلاء ويذرفون عندها الدموع، ويتذكّرون بطولاتهم وتضحياتهم، ويُسعدون أرواحهم بتلاوة آيات من القرآن الحكيم هديّة إليهم، وينشدون قصائد في مدحهم وثنائهم وتقدير مواقفهم المشرقة.
إنّ زيارة مراقد هذه الشخصيات هي نوع من الشكر والتقدير على تضحياتهم، وإعلام للجيل الحاضر بأنّ هذا هو جزاء الذين يسلكون طريقَ الحقّ والهدى والفضيلة والدفاع عن المبدأ والعقيدة.
إنّ جزاءهم هو خلود الذكر الحسن والثناء الجميل، بالرغم من مرور الزمان على وفاتهم، وتعريفُ الناس بتلك الشخصيات الراقية وبمعتقداتهم التي ضحّوا من أجلها، واحترام مراقدهم وتجنّب كلّ ما يمسّ بكرامتها، لانّ احترام قبورهم احترام لرسالاتهم وعقائدهم، كما أنّ أيّ نوع من الاهانة والتحقير تجاه مراقدهم هو في الحقيقة إهانة لرسالاتهم وتحقير لشخصيّتهم.
ثمّ إنّ لبعض أهل المعرفة تحليلاً علمياً رائعاً في زيارة النبي الاكرم نذكره بنصّه قال:
إعلم أنّ النفوس القوية القدسية، لا سيّما نفوس الانبياء والائمة(عليهم السلام)، اذا نفضوا أبدانهم الشريفة وتجرّدوا عنها، وصعدوا إلى عالم التجرّد، وكانوا في غاية الاحاطة والاستيلاء على هذا العالم يكون العالم عندهم ظاهراً منكشفاً، فكلّ من يحضر مقابرهم لزيارتهم يطّلعون عليه، لا سيّما ومقابرهم مشاهدُ أرواحهم المقدّسة العلية، ومحالّ حضور أشباحهم البرزخيّة النورية، فإنّهم هناك يشهدون (بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (آل عمران/169)، وبما آتاهم الله من فضله فرحون، فلهم تمامُ العلم والاطّلاع بزائري قبورهم، وحاضري مراقدهم وما يصدر عنهم من السؤال والتوسّل والاستشفاع والتضرّع، فتهبّ عليهم نسماتُ ألطافهم، وتفيض عليهم من رشحات أنوارهم، ويشفعون إلى الله في قضاء حوائجهم، وإنجاح مقاصدهم، وغفران ذنوبهم وكشف كروبهم.
فهذا هو السرفي تأكّد استحباب زيارة النبيّ والائمة (عليهم السلام) مع ما فيه من صلة لهم. وبرّهم وإجابتهم، وإدخال السرور عليهم، وتجدّد عهد ولايتهم، وإحياء أمرهم، وإعلاء كلمتهم، وتنكيت أعدائهم. وكلّ واحد من هذه الاُمور ممّا لا يخفى عظيم أجرُهُ وجزيل ثوابه.
وكيف لا تكون زيارتُهم أقربَ القربات، وأشرفَ الطاعات، ومع أنّ في زيارة المؤمن ـ من جهة كونه مؤمناً فحسب ـ عظيم الاجر وجزيل الثواب، وقد ورد به الحثّ والتوكيد والترغيب الشديد من الشريعة الطاهرة، ولذلك كثر تردّد الاحياء إلى قبور أمواتهم للزيارة، وتعارف ذلك بينهم، حتى صارت لهم سنّة طبيعية.
وأيضاً قد ثبت وتقرّر جلالة قدر المؤمن عند الله، وثوابُ صلته وبرّه وإدخال السرور عليه. وإذا كان الحال في المؤمن من حيث إنّه مؤمن، فما ظنّك بمن عصمه الله من الخطأ، وطهّره من الرجس، وبعثه الله إلى الخلائق أجمعين، وجعله حجّة على العالمين، وارتضاه إماماً للمؤمنين، وقدوة للمسلمين ولاجله خلق السماوات والارضين، وجعله صراطه وسبيله، وعينه ودليله، وبابه الذي يُؤتى منه، ونورَه الذي يستضاء به، وأمينه على بلاده، وحبله المتّصل بينه وبين عباده، من رسل وأنبياء وأئمة وأولياء.

 

مشروعية زيارة القبور بالنسبة للمرأة

ان الاحكام الشرعية مجعولة بنحو العموم و المطلق الا اذا ثبت بالدليل اختصاصها بالرجل او المراْة، ولذا الروايات التي تذكر في تجويز الزيارة تكون على نحو العموم و الاطلاق مثل من زارني -حيث ان كلمة- من -يشمل الرجل والمرأة، واليك بعض النصوص التي يستفاد منها جواز الزيارة للمرأة:
روى الدار قطني في سننه بسنده إلى ابن عمر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من زار قبري وجبت له شفاعتي

 

الحديث الثاني:

روى الطبراني في المعجم الكبير( ، والغزالي في إحياء العلوم ، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً عن النبي (صلى الله عليه وآله): «من جاءني زائراً لا تَحمِلُه حاجة إلاّ زيارتي كان حقّاً عليّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة».

 

الحديث الثالث:

أخرج الدار قطني عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من حجَّ فزار قبري بعد وفاتي، فكأنّما زارني في حياتي»
وأخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي في سننه( ورواه الامام السبكي في شفاء السقام) والسمهودي في وفاء الوفا).

 

الحديث الرابع:

أخرج الدار قطني عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من زارني بعد موتي، فكأنّما زارني في حياتي، ومن مات بأحد الحرمين بُعث من الامنين يوم القيامة» .

 

الحديث الخامس:

أخرج البيهقي في سننه قال: روى ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من زار قبري (أو من زارني) كنت له شفيعاً (أو شهيداً)» .

 

الحديث السادس:

روي عن أنس بن مالك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)قال: «من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً وشهيداً» .

 

الحديث السابع:

روى أنس بن مالك أنّه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من زارني ميتاً فكأنّما زارني حيّاً، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة، وما من أحد من أُمتي له سعة ثم لم يزرني، فليس له عذر.
وكثير من الروايات في كتب اهل السنة و الجماعة تدل علي جواز الزيارة
أحاديث أهل البيت(ع) في فضل زيارة

 

 قبور النبي وأهل بيته(ع)

1 ـ روى الحميري (م/299هـ) عن هارون، عن ابن صدقة عن الصادق عن أبيه الباقر (عليهما السلام) أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «من زارني حيّاً وميّتاً، كنت له شفيعاً يوم القيامة») .
2 ـ روى الصدوق (م/630ـ381هـ) بسنده عن الامام عليّ (صلوات الله عليه): «أتمّوا برسول الله حجّكم، إذا خرجتم إلى بيت الله، فإنّ تركه جفاء وبذلك أُمرتم، وأتمّوا بالقبور التي ألزمكم الله زيارتها وحقّها» .
3 ـ روى الصدوق بسنده عن الامام الرضا (عليه السلام) أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «من زارني في حياتي وبعد موتي فقد زار الله تعالى...» .
4 ـ روى الصدوق عن إبراهيم بن أبي حجر الاسلمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أتى مكّة حاجّاً ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة، ومن جاءني زائراً وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة» .
5 ـ روى ابن قولويه (م/963هـ) عن أبي حجر الاسلمي قال: قال رسول الله (وذكر مثل ماسبق وزاد في آخره) «ومن مات في أحد الحرمين ـ مكّة أو المدينة ـ لم يعرض إلى الحساب ومات مهاجراً إلى الله وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر»)
6 ـ روى الصدوق بسنده عن المعلى بن شهاب عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: قال الحسن بن عليّ (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يابني: من زارني حياً أو ميّتاً أو زار أباك أو أخاك أو زارك كان حقّاً عليَّ أن أزوره يوم القيامة فأُخلِّصه من ذنوبه .
7 ـ روى ابن قولويه بسنده عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة» .
8 ـ روى ابن قولويه عن ابن أبي نجران قال: قلت لابي جعفر الثاني (الامام الجواد (عليه السلام) : جعلت فداك، ما لمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمّداً؟ قال:«له الجنّة».
9 ـ روى ابن قولويه باسناده عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زارني بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وكنت له شهيداً أو شافعاً يوم القيامة» .
10 ـ روى ابن قولويه بسنده عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إليَّ في حياتي، فإن لم تستطيعوا فابعثوا إليَّ بالسلام فإنّه يبلغني»

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية