شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

النبيُّ الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) وفلسفة الرسالة وحياشةً لهم إلى جنّته

0 المشاركات 00.0 / 5

وأشهد أنّ أبي ( محمّداً ) عبده ورسوله ، اختاره وانتجبه قبل أن اجتبله ، واصطفاه قبل أن ابتعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونةُ ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علماً من الله تعالى بمائل الأُمور ، وإحاطةً بحوادث الدهور ، ومعرفةً بمواقع المقدور .
ابتعثه الله إتماماً لأمره ، وعزيمةً على إمضاء حكمه وإنفاذاً لمقادير حتمه ، فرأى الأُمم فرقاً في أديانها ، عكفاً على نيرانها ، وعابدةً لأوثانها ، منكرةً لله مع عرفانها ، فأنار الله بمحمدٍ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ظلمها ، وكشف عن القلوب بهمها ، وجلى عن الأبصار غممها وقام في النّاس بالهداية ، فأنقذهم من الغواية ، وبصّرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الصّراط المستقيم ، ثمّ قبضه الله إليه قبض رأفةٍ واختيار ، ورغبةٍ وإيثار ؛ فمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من تعب هذه الدار في راحةٍ ، وإطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً للفرقة ، والجهاد عِزّاً للإسلام ، والصبر معونةً على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامّة ، وبِرّ الوالدين وقايةً من السُّخْط ، وصلة الأرحام منماةً للعدد ، والقصاص حقناً للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة ، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس ، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة ،   وترك السرقة إيجاباً للعفّة ، وحرّم الشرك خلاصاً له بالربوبيّة .

والـى جـنّةِ الخلودِ  يحاشي
كـلَّ  نفسٍ قد لازمت  تقواها
وأبـي المصطفى محمّد  عبدٌ
ورسـولٌ لـلهِ ليس يُضاهى
تـلكمُ الـنفسُ ربُّها  أعلاها
واجتباها من قبل أن يبراها
قـبل  أن يبعث الأمين  نبيّاً
قدّس اللهُ روحَهُ  واصطفاها
إذ  توارث خلائق الله بالغيب
وسـتر الأهـوال قد  غطّاها
وبأقصى نهايةِ العدمِ  المحضِ
تـلاقى الأعـدامُ في  أجواها
فـبـعرفانه  مــآلُ  أُمـورِ
الـكونِ  من بدئها إلى  منتهاها
وبـما حـاط بالحوادث  علماً
والـمجاري الّتي بها  أجراها
وبـعـرفانه  الـمواقع مـمّا
حـدّدتها الأقدارُ من  مبداها
بعثَ المصطفى الأمينَ رسولاً
والـرسالات كـلّها  أنـهاها
لـيتمَّ  الأمرُ الحكيمُ ، ويمضي
حـكمه  ، لـلمقدّرات  قضاها
ولإنـفـاذِ مـا تـقدّر  قـدماً
مـن مـقادير حتْمِهِ  أمضاها
فرأى النّاس في الدّروب حيارى
فـرقاً فـي مـسارها  ورواها
بـين مَـن يـعبد الحجارةَ  ربّاً
أو عـلى الـنّار عاكفاً  يهواها
وبـرغمٍ  من علمهم ينكرونَ اللّهَ
جـهـلاً  وضـلّـةً  وسـفـاها
فأنارَ  الجليلُ بالمصطفى المختار
ِ مـا اشـتدَّ مـن ظـلامِ  دُجاها
وقـلوبٌ  فـي الغيِّ طال  بقاها
قـد أزاح الـنبيُّ بُـهْمَ  غِواها
وعـيونٌ  عَـشَتْ بـغُمّةِ جهلٍ
بـضياءِ الـهدى المنيرِ  جلاها
قـامَ  في النّاس منذراً  وبشيراً
والـى الرُشدِ والفلاحِ  دعاها
أنـقذَ الـقومَ بعد طولِ ضلالٍ
بصّرَ النّاسَ من خطيرِ عَماها
مـستقيم  الـصّراط قد  دلاّها
وإلـى ديـنه الـقويمِ  هداها
ثـمّ  عـن رأفـةٍ به واختيارٍ
قـبضَ اللهُ روحَـه و اقتناها
رغـبة  فـي لـقائه  واشتياقاً
آثـر الله روحـه  واجـتباها
واستراحَ  الحبيبُ مذ راحَ عنّا
عـافَ أتـعابَ دارِنا وعناها
وأقــرّت لـنا الإطـاعةَ  حـتّى
يـستقيمَ الـعبادُ فـي  مـسراها
وأمـانـاً  لـكـم إمـامـةُ  أهـلِ
الـبيتِ مـن فـرقةٍ تـشبّ  لظاها
ولـتـعتزّ رايـةُ اللهِ فـي الأرض
قـضـى  بـالجهاد ضـدَّ عـداها
ولـتـستوجبوا  الـمثوبةَ  أجـراً
جـعلَ الـصّبر سُـلّماً  لاجتناها
وصلاح العموم في الأمر بالمعروف
والـنّـهي  عـن مـسيرٍ  غـواها
واتّقاءً من غضبة الربِّ أوصى البِرَّ
بـالـوالـدين  مَــن يـخـشاها
وصـلاتُ  الأرحامِ منساةُ  عمرٍ
ونـموٍ لـجمع مَـن يـرعاها
ولـكم قـال في القصاص  حياةٌ
حـفظ اللهُ فـي دمـاهُ دمـاها
عـرضة الـعفو من إله  البرايا
مـن عـهود النّذور قد  وفّاها
ولـحفظِ الـحقوقِ أن  تبخسوها
لـلموازين قـد قـضى  إيفاها
ولتنزيهكم نهى عن شراب الخمر
حـفـظاً لـلعقل مـن  بـلواها
وحـجاباً  لـكم عـن اللّعن لمّا
حـرّم الـقذْفَ لـلنساء  تياها

فاتّقوا الله حقّ تقاته ، ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون ، وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فإنّه إنّما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ .
ثمّ قالت :

وعـفافاً عـن الخيانة في  المال
بـتركِ  الـسّرقات قـد  وصّاها
ولـكي تـخلصوا الـعبادةَ  حقّاً
حـرّم الـشّرك والرّياء  نزاها
فـاتّقوا اللهَ ربّـكم حـقّ  تقوى
واحذروا النّار جمرها  ولظاها
لا تموتوا إلاّ على شِرْعَةِ الإسلام
واسـتعصموا  جـميعاً  عـراها
وأطـيعوا بـفعل مـا أمـرَ اللهُ
وبـالـتّرك لـلـمناهي  الإلـها
ثـمّ قالت وجلجلت : أيّها  النّاس
ورجّ  الـمكانَ رجـعُ  صـداها

أضف تعليقك

تعليقات القراء

ليس هناك تعليقات
*
*

شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية