يا باب فاطم

يا باب فاطم!

محمد حسن آل سميسم(1)


مَـن مُـبْلغٌ عنّي الزمانَ عِتابا         ومُـقـرِّعٌ مـنّي لـه أبـوابا
ومُـذكِّرٌ ما راح مِن عهد الصِّبا         لـو عاد رائقُ صَفْوهِ أو آبا ؟!
أيّـامَ أفـتَرِشُ الـنعيمَ أرائكـاً         وأعُبُّ بالثغرِ الأنيقِ رُضابا(2)
يا وَيْحَ دهري راح يَترعُ لِلأسى         مِـن بعدِ ما ذُقتُ النعِيمَ شَرابا

* * *

دهــرٌ تَـعـامى عــن هُـداه كـأنّـه         أصـحـابُ أحـمدَ أشـركوا مُـذ غـابا
نـكـصوا عـلى الأعـقابِ بـعدَ وفـاتِهِ         سـيَـرَون فـي هـذا الـنكوصِ عـقابا
سَــلْ عـنـهمُ الـقـرآنَ يَـشهَدْ فـيهمُ         إن كـنـتَ لـم تَـفْقَهْ لـذاك خـطابا(3)
فـكـأنّهم لــم يَـشهدوا « خُـمّاً » ولا     « بدراً »، ولا « أُحُداً » ولا « الأحزابا »!
و « بـخيبرٍ » مَـن راح يَـرفُلُ باللِّوا ؟     مَـن قَـدّ مَـرحَبَ ؟! مَـن أزال البابا ؟!
ومَــنِ آشـتـرى لـلـه نَـفْسَ مـحمّدٍ         فــي نـفسه.. لَـمّل دُعـي فـأجابا ؟!
مَـن في الصلاةِ يَرى الصِّلاتِ فريضةً ؟     مَــن نـالَ خـاتَمَه الـثمينَ جـوابـا ؟!
مَـن بـابُ حِـطّةَ غـيرُ حـيدرةٍ ومَـن         لـمـدينةِ الـمـختار كــان الـبابـا ؟!

* * *

يـا بابَ فاطمَ، لا طُرِقتَ برِيبةٍ         ويـدُ الهدى سَدَلَت عليك حِجابا
أوَ لَستَ أنتَ بكلِّ آنٍ مَهْبِطُ ال         أمـلاك.. فيك تُقبِّلُ الأعتابا ؟!
أوْهٍ عليكَ! فما استطعتَ تَصدُّهم         لـمّا أتَوكَ بنو الضَّلالِ غِضابا
نـفسي فداك.. أما عَلِمتَ بفاطمٍ         وَقَفَت وراكَ تُوبِّخُ الأصحابا ؟!
أوَ ما رَقَقتَ لِضلعِها لَمّا آنحنى         كسراً.. وعنه تَزجُرُ الخطّابا ؟!
أوَ ما درى المسمارُ حين أصابها         مِـن قَبلِها قلبَ النبيِّ أصابا ؟!

* * *

عَتْبي على الأعتابِ أُسقِطَ « محسنٌ »     فـيها.. ومـا آنـهالَت لـذاك تُرابا
حـتّى تُـواريهِ لـئلاّ تَـسحَقَ الأقدا         مُ مــنـه أضـلُـعاً وإهـابـا(4)
هــو أوّلُ الـشهداءِ بـعد مـحمّدٍ         ويُرى المُصابُ على المصاب صَوابا
مـا آسـطاع يَـدفَعُ عـن أبيه وأُمِّهِ         فـمضى لأحـمدَ يـشتكي الأصحابا
لَـمّـا غَـدَوا لـلبيتِ غَـدوَةَ آمِـنٍ         مِـن لـيثِ غـابٍ حين داسُوا الغابا
لـو يَـنظُرونَ ذُبـابَ صارمِ حيدرٍ         لَـرأيـتَهم يَـتَـطايرون ذُبـابا(5)
لـكـنّهم عَـلِـموا الـوصيّةَ أنّـها         صـارت لصارمهِ الصقيلِ قِرابا(6)
فـهناك قـد جَـعَلوا النِّجاد بعُنْقِ مَن         مَـدُّواله يـومَ « الغديرِ » رِقابا(7)!
سَـحَبوهُ والـزهراءُ تَـعدوا خَـلفَهُ         والـدمـعُ أجْـرَتـهُ عـليه سَـحابا
فـدَعَتْهمُ: خَـلُّوا آبـنَ عمّي حيدراً         أو أكـشِـفنّ إلـى الـدعاءِ نِـقابا!

----------

1 ـ القصيدة للشيخ محمد حسن ابن الشيخ هادي آل سميسم اللامي الطائي، نزحت أُسرته من الشام إلى العراق في حدود سنة 902هـ، وقد وُلد المترجم له سنة 1279هـ، فنشأ في النجف الأشرف وترعرع في مدارسها العلميّة وندواتها الأدبية، فكان من الفضل والأدب الرفيع. تُوفّي سنة 1343هـ.
2 ـ الرُّضاب: الرِّيق المرشوف.
3 ـ لم تفقه: لم تفهم.
4 ـ الإهاب: الجِلْد.
5 ـ ذُباب السيف: طَرَفه الذي يُضرَب به.
6 ـ الصارم: السيف.
7 ـ النِّجاد: حمائل السيف.