نبذة مختصرة من حياة السيدة فاطمة الزهراء
بسم الله الرحمن الرحيم
اسمها عليها السلام : فاطمة الزهراء ( عليها السلام )
من ألقابها (عليها السلام ) : الصديقة ، المباركة ، الطاهرة ، الزكية ، الرضية ، المرضية ، المحدثة ، الزهراء ، البتول ، الحوراء ، الحرة ، السيدة ، العذراء ، مريم الكبرى ، الصديقة الكبرى . يقال لها في السماء عليها السلام : النورية ، السماوية ، الحانية .
الكنية : أم أبيها ، أم الحسنين ، أم الحسن ، أم الحسين ، أم المحسن ، أم الأئمة.
الأب : هو رسول الله محمد صلى الله علية وآل وسلم .
الأم : هي السيدة خديجة الكبرى ( عليها السلام ) .
زمان الولادة : 20 / جمادى الثانية / 5 سنوات بعد البعثة .
مكان الولادة : البقعة الشريفة مكة المكرمة .
زوجها عليها السلام : هو الإمام علي بن ابي طالب أمير المؤمنين عليه السلام .
أولادها عليها السلام : الحسن ، الحسين ، زينب ، أم كلثوم ، محسن السقط .
مدة العمر : 18 سنة وسبعة أشهر .
زمان الاستشهاد : بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم ) بـ 40 أو 72 أو 75 أو 90 يوماً ، وقيل أربعة أشهر .
مكان الاستشهاد : البقعة الشريفة المدينة المنورة .
مدفنها عليها السلام : المدينة المنورة ، لكن لا يعلم أين موضع قبرها وذلك عملاً بوصيتها لتبقى ظلامتها .
من قام بتغسيلها وتكفينها ودفنها عليها السلام : هو الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
من فضائل سيدتنا فاطمة عليها السلام : في الحديث القدسي عن الله عزوجل :- « لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما »
وعن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : « فاطمة بضعة مني ، من سرها فقد سرني ، ومن ساءها فقد ساءني ، فاطمة أعز الناس عليّ » .
وعن عائشة أنها قالت: ( ما رأيت من الناس أحداً أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله (صلى الله عليه وآله ) من فاطمة ، كانت إذا دخلت عليه رحب بها ، وقبّل يديها ، وأجلسها في مجلسه ، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحبت به وقبّلت يديه ) .
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) : « لو كان الحُسن هيئة لكانت فاطمة ، بل هي أعظم، إن فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً » .
وعن فاطمة الزهراء (عليها السلام ) : « إن الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ثم أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت » .
وعن الإمام الصادق (عليه السلام ) : « لولا أن أمير المؤمنين تزوجها لما كان لها كفؤ إلى يوم القيامة على وجه الأرض ، آدم فمن دونه » .
وعن الإمام الكاظم (عليه السلام ) : « لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين .. أو فاطمة من النساء » .
وعن الإمام الحجة المنتظر ( عليه السلام) : « وفي ابنة رسول الله لي أسوة حسنة » .
وقد استدل الفقهاء بهذه الأحاديث على أفضلية فاطمة الزهراء (عليها السلام) على جميع الخلق من الأنبياء والأولياء وغيرهم ، عدا أبيها رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعلها أمير المؤمنين (عليه السلام ) .
عبادتها ( عليها السلام ) : عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) أنه قال :- « رأيت أمي فاطمة ( عليها السلام ) قائمة في محرابها ليلة الجمعة ، فلم تزل راكعة ساجدة حتى انفلق عمود الصبح ، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت :- يا أماه لم تدعي لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ ، قالت :- يا بني الجار ثم الدار » .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لسلمان : « يا سلمان ، ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيمانا إلى مشاشها تفرغت لطاعة الله » .
وقال الحسن البصري : إنه ما كان في الدنيا أعبد من فاطمة ( عليها السلام ) كانت تقوم حتى تتورم قدماها .
تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) : قد كثرت الأحاديث في فضل تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) وثوابه ، ومنها ما جاء عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « ما عبد الله بشيء أفضل من تسبيح فاطمة الزهراء( عليها السلام ) ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله ( صلى الله عليه وأله ) فاطمة ، إن تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في كل يوم دبر كل صلاة ، أحب إليَّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم » .
أما كيفية تسبيح الزهراء ( عليها السلام ) أن تقول : أربعاً وثلاثين مرة ( الله أكبر ) ، وثلاثاً وثلاثين مرة ( الحمد لله ) ، وثلاثاً وثلاثين مرة ( سبحان الله ) ، فيكون المجموع مائة ، والدوام عليه يوجب السعادة ويبعد الإنسان عن الشقاء وسوء العاقبة كما ورد في بعض الروايات.
صلاة الاستغاثة بها ( عليها السلام ) : وقد روي أنه « إذا كانت لك حاجة إلى الله وضقت بها ذرعا ، فصل ركعتين ، فإذا سلمت كبّر ثلاثاً وسبح تسبيح فاطمة ( عليها السلام ) ثم اسجد وقل مائة مرة : ( يا مولاتي فاطمة أغيثيني ) ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل كذلك ، ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل كذلك ، ثم عد إلى السجود وقل كذلك مائة مرة وعشر مرات ، واذكر حاجتك تقضى » .
شهادتها ( عليها السلام ) : تُعد أكبر مصيبة في تاريخ الإسلام فقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والذي تلته شهادة الزهراء ( عليها السلام ) . وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يصف ابنته فاطمة ( عليها السلام ) بأنها ( عليها السلام ) بضعة منه ( صلى الله عليه وآله ) وأنها أم أبيها ، وقد قال ( صلى الله عليه وآله ) مراراً وتكرارا ً: فداها أبوها .. ولكن القوم لم يراعوا فيها حق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا حقها ، حيث جرت على فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) مصائب عظيمة وجليلة . حيث هجم الثاني ـ بأمر الأول ـ مع مجموعة من الأوباش على دارها ، وقد جمعوا حطبا ً، فأمر بحرق الدار ثم ضرب برجله الباب ، ولما أحس بأن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لاذت وراء الباب عصرها ( عليها السلام ) بين الحائط والباب حتى انكسر ضلعها وأسقطت جنينها الذي سماه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) محسناً ، ولكزها الملعون قنفذ بنعل السيف ، وضربها بالسوط على عضدها حتى صار كمثل الدملج ، فمرضت ( عليها السلام) مرضاً شديداً ، ومكثت أربعين ليلة في مرضها ، وقيل 75 يوما ً، وقيل 90 يوماً ، وهي تعاني من آلامها وتشكو إلى الله من ظلمها ، ومن بعد ذلك توفيت شهيدة مظلومة ، وقد أوصت بأن يخفى قبرها ولا يحضر جنازتها من ظلمها ، وبذلك أثبتت ظلامتها وظلامة بعلها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وفضحت الظالمين والغاصبين للخلافة إلى يوم القيامة.
من وصاياها ( عليها السلام ): ورد إن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن وأسماء بنت عميس ووجهت خلف علي ( علية السلام ) وأحضرته ، فقالت :- « يا ابن عم ، أنه قد نعيت إليَّ نفسي وإنني لأرى ما بي لا أشك إلا أنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة ، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي » . قال لها علي ( عليه السلام ) : « أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله » ، فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت . ثم قالت عليها السلام :- « يا ابن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني ؟ » . فقال ( علية السلام ) :- « معاذ الله أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله أن أوبخك غداً بمخالفتي ، فقد عزّ عليّ بمفارقتك بفقدك ، إلا أنه أمر لابد منه ، والله جدد عليّ مصيبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد عظمت وفاتك وفقدك فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضّها وأحزنها ، هذه والله مصيبة لا عزاء عنها ، ورزية لا خلف لها » . ثم بكيا جميعاً ساعة ، وأخذ علي ( عليه السلام ) رأسها وضمها إلى صدره ، ثم قال : « أوصيني بما شئت فإنك تجديني وفياً أمضي كل ما أمرتني به وأختار أمرك على أمري » . ثم قالت عليها السلام : « جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم ، أوصيك أولا ً: أن تتزوج بعدي بابنة أمامة فإنها لولدي مثلي ، فإن الرجال لابد لهم من النساء » . ثم قالت عليها السلام : « أوصيك يا ابن عم أن تتخذ لي نعشاً فقد رأيت الملائكة صوّروا صورته » . فقال لها علية السلام : « صفيه إليّ » . فوصفته له عليها السلام ، فاتخذه لها ، فأول نعش عمل في الأرض ذاك . ثم قالت عليها السلام :- أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا حقي ؛ فإنهم أعدائي وأعداء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأن لا يصلّي عليّ أحد منهم ولا من أتباعهم ، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار .. » وقد عمل بكامل وصيتها ( عليها السلام ) أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) .
في اللحظات الأخيرة: لما حضرتها ( عليها السلام ) الوفاة أمرت أسماء بنت عميس أن تأتيها بالماء ، فتوضأت ، وقيل :- اغتسلت ودعت الطيب فتطيبت به ، ودعت ثياباً جدد فلبستها ، وقالت لأسماء : « إن جبرئيل ( عليه السلام ) أتى النبي (صلى الله عليه وآله ) لما حضرته الوفاة بكافور من الجنة فقسمه أثلاثاً ، ثلث لنفسه وثلث لعلي وثلث لي ، وكان أربعين درهماً ، فقالت : يا أسماء ائتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا ، فضعيه عند رأسي ، فوضعته ، ثم تسجت بثوبها وقالت : « انتظريني هنيهة ، ثم ادعيني ، فإن أجبتك .. وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي ( صلى الله عليه وآله ) » . فانتظرتها هنيهة ، ثم نادتها .. فلم تجبها .. فنادت :- يا بنت محمد المصطفى ، يا بنت أكرم من حملته النساء ، يا بنت خير من وطأ الحصى ، يا بنت من كان من ربه قاب قوسين أو أدنى، قال : فلم تجبها .. فكشفت الثوب عن وجهها ، فإذا بها قد فارقت الدنيا [ مظلومة شهيدة ] ، فوقعت عليها تقبلها وهي تقول : فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله ( صلى الله عليه وآله) فأقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام . فبينا هي كذلك دخل الحسن والحسين ( عليهم السلام ) فقالا : « يا أسماء ما يُنيم أمنا في هذه الساعة ؟ » . قالت :- يا ابني رسول الله ليست أمكما نائمة قد فارقت الدنيا .. فوقع عليها الحسن علية السلام يقبلها مرة ، ويقول : « يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني » قالت :- وأقبل الحسين علية السلام يقبل رجلها ويقول : « يا أماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن يتصدع قلبي فأموت » . قالت لهما أسماء : يا ابني رسول الله انطلقا إلى أبيكما عليّ فأخبراه بموت أمكما . فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء ، فابتدرهما جميع الصحابة فقالوا :- ما يبكيكما يا ابني رسول الله ، لا أبكى الله أعينكما ، لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما ( صلى الله عليه وآله ) فبكيتما شوقاً إليه ؟ فقال : لا أو ليس قد ماتت أمنا فاطمة ( صلوات الله عليها ) . قال : فوقع علي ( عليه السلام ) على وجهه وهو يقول : « بمن العزاء يا بنت محمد ؟ كنت بك أتعزى ففيم العزاء من بعدك ؟ » . ولما توفيت ( عليها السلام ) صاحت أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهنّ وهن يقلن : يا سيدتاه يا بنت رسول الله . وأقبل الناس إلى علي ( عليه السلام ) وهو جالس والحسن والحسين ( عليهم السلام ) بين يديه يبكيان ، فبكى الناس لبكائهما ، وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة وتجر ذيلها متجلّلة برداء عليها تسحبها وهي تقول : يا أبتاه يا رسول الله الآن حقاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً .
عند ما هدأت العيون واجتمع الناس فجلسوا وهم يرجون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها، وخرج أبو ذر فقال: انصرفوا فإن ابنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أخّر إخراجها في هذه العشية ، فقام الناس وانصرفوا.. فلما أن هدأت العيون ومضى من الليل ، أخرجها علي والحسن والحسين (ع) وعمار والمقداد وعقيل والزبير وأبوذر وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواصه ، صلوا عليها ودفنوها عليها السلام .
وروي : ولما صار بها إلى القبر المبارك خرجت يد تشبه يد رسول الله (صلى الله عليه وآله )فتناولها . نعم دفنت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في جوف الليل وسوىّ علي (عليه السلام ) أربعين قبراً حتى لا يعرف قبرها ، وذلك عملاً بوصيتها (عليها السلام ) ليكون حجة لمن أراد أن يعرف الحق إلى يوم القيامة.
وانشأ أمير المؤمنين علي ( علية السلام ) بعد وفاة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) هذه الأبيات :
أرى علل الدنيا علي كثيرة | لكل اجتماع من خليلين فرقة | |
وصاحبها حتى الممات عليل | وكل الذي دون الفراق قليل | |
وإن افتقادي فاطماً بعد احمد | دليل على أن لا يدوم خليل |
وانشأ ( عليه السلام ) أيضاً :
نفسي على زفراتها محبوسة | يا ليتها خرجت مع الزفرات | |
لا خير بعدك في الحياة وإنما | أبكي مخافة أن تطول حياتي |