فدك بين النبي و الزهراء

قال تعالى: (فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّـهِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الروم (30): 38.] نلاحظ أن هذه الآية خطاب من اللَّه عز و جل إلى نبيه محمد (صلى اللَّه عليه و آله) يأمره أن يؤتى ذا القربى حقه، فمن هم ذوو القربى؟ و ما هو حقهم؟ و قد اتفق المفسرون أن ذوي القربى هم أقرباء الرسول و هم: على و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) فيكون المعنى: أعط ذوي قرباك حقهم.

جاء في الدر المنثور للسيوطى عن أبي سعيد الخدري أنه قال: لما نزلت الآية (فآت ذا القربى حقّه...)؛ دعا رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) فاطمة الزهراء و أعطاها فدكاً [الدر المنثور: 4/ 177، و جاء مثله في كشف الغمة: 1/ 476، عن عطية، و رواه الحاكم النيسابوري في تاريخه.]

و ذكر ابن حجر العسقلاني في الصواعق المحرقة أن عمر قال: إنى أُحدثكم عن هذا الأمر، إن اللَّه خص نبيه في هذا الفي ء بشي ء لم يعطه أحداً غيره فقال: (و ما أَفاء اللَّه على رسوله منهم فما أو جفتم عليه من خيل و لا ركاب ولكن اللَّه يسلط...) فكانت هذه (يعنى: فدكاً) خالصة لرسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله).

و يستفاد من الروايات التأريخية أن فدكاً كانت بيد الزهراء و أنها كانت تتصرف فيها، و يستدل على أن فدكاً كانت بيد آل الرسول من تصريح الإمام على (عليه السلام) في كتابه الذي أرسله إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة: «بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قومٍ و سخت عليها نفوس قوم آخرين، و نعم الحكم اللَّه...[نهج البلاغة: الكتاب رقم 45.]

عبرت بعض الروايات أنه عندما استقر الأمر لأبي بكر انتزع فدكا من فاطمة (عليهاالسلام)

[راجع الصواعق المحرقه: 25.] و معنى هذا الكلام أن فدكاً كانت في يد فاطمة و تحت تصرفها من عهد أبيها الرسول (صلى اللَّه عليه و آله) فانتزعها أبوبكر منها.

و في رواية العلامة المجلسي: فلما دخل رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و آله) المدينة- بعد استيلائه على فدك- دخل على فاطمة (عليهاالسلام) فقال: «يا بنية إن اللَّه قد أفاء على أبيكِ

بفدك واختصه بها، فهي له خاصة دون المسلمين، أفعل بها ما أشاء و إنه قد كان لاُمك خديجة على أبيك مهر، و إن أباك قد جعلها لك بذلك، و أنحلها لك و لولدك بعدك» قال: فدعا بأديم و دعا بعلى بن أبي طالب و قال له: «اُكتب لفاطمة بفدك نحله من رسول اللَّه»، و شهد على ذلك على بن أبي طالب (عليه السلام) و مولى لرسول اللَّه و ام أيمن