نافذة إلى معرفة الإمام (عليه السلام)

 نافذة إلى معرفة الإمام [ جعفر بن محمّـد الصادق ]

(عليه السلام) *

نفسٌ طاهرة زاكية ، سمت نحو العليّ الأعلى ، فأشرقتْ تُنير على الأفق صفحات خالدة من القِيَم والمبادئ والأخلاق والمكارم والعلوم المحمّديّة المباركة .

تلك هي نفس إمامنا جعفر بن محمّد الصادق الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه ، حتّى قال أبو حنيفة : ( ما رأيتُ أفقه من جعفر بن محمّد ) (1) .

فقد انتشر اسمه في البلدان ، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وتمتّع بأخلاق دَمِثَة نبويـّة ، ومكارم هاشميّة ، ضاهت السماء علوّاً ، فكان ولازال بحراً زاخراً تنهل البشريّة من نبْعه النقي الصافي وتغترف من جوده العلمي ، وتسمو نحو الكمال بالاستقاء من صفاته المشرقة التي تحمل عطر النبوّة وفيض الرسالة الخالد .

فكان ـ بحقٍّ ـ مفخرة من مفاخر الإنسانيّة ، ومعجزة من معاجز الدنيا الباقية على مرّ العصور وعبر الأجيال والدهور ، جمـعَ الفضائل كلّها ، وحاز المكارم أجمعها ، وملأ الدنيا بفيض علومه النيـّرة ... نُقدِّم للقارئ الكريم إلمامة سريعة بحياته ‌( عليه السلام ) فنقول :

ـ هو : الإمام جعفر بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .

ـ أمّه : أمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر ، كانت من الصالحات القانتات ومن أتقى نساء أهل زمانها (2) ، وفيها قال إمامنا الصادق ( عليه السلام ) : ( كانت أمّي مِمَّن آمنتْ واتّقتْ وأحسنتْ والله يحبّ المحسنين ) (3) .

ـ وُلد : ( عليه السلام ) بالمدينة المنوّرة سنة : ثلاث وثمانين من الهجرة (83 هـ) (3) ، وكان ميلاده مقترناً بذكرى ولادة الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل (5) .

ـ كنيته : أبو عبد الله .

ـ وله ألقاب أشهرها : الصادق ، ومنها : الصابر ، والفاضل ، والطاهر (6) .

ـ تسلّم إمامة المسلمين : عند وفاة أبيه الباقر ( عليه السلام ) في سنة : (114 هـ) ، وكان له من العمر أحدى وثلاثون سنة .

ـ عاصر في أيّام إمامته : خمسة من حكّام بني أميّة ، واثنين من حكّام بني العبّاس .

أمّا حكّام بني أميّة فهم : هشام بن عبد الملك ، الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ، مروان بن محمّد بن مروان بن الحكم المعروف بمروان الحمار .

وأمّا حكّام بني العبّاس فهما : أبو العبّاس السفّاح ، أبو جعفر المنصور .

ـ كان الإمام ( عليه السلام ) : علماً بارزاً متفوّقاً على جميع أهل العلم والفضيلة ، وازدهرتْ في عصره جامعة العلوم الإسلاميّة ، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات ، على اختلافهم في الآراء والمقالات ، فكانوا أربعة آلاف رجل (7) .

وقال الحسن بن علي الوشاء : ( أدركتُ في هذا المسجد ـ أي مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كلّ يقول : حدثني جعفر بن محمّد ) (8) .

ـ ولكثرة ما رُوي عنه وما بيـّنه ( عليه السلام ) من أصول وفروعٍ لمذهب أهل البيت ، سُمّي هذا المذهب بـ ( المذهب الجعفري ) ؛ نسبةً إلى اسمه الشريف .

ـ رحل إمامنا الصادق ( عليه السلام ) : في شوّال سنة : (148 هـ) (9) ، بعد جهاد فكري عقائدي مرير ، ومعاناة شديدة مـن حكّام الجور ، خصوصاً من أبي جعفر المنصور .

ـ دُفن ( عليه السلام ) : في مقبرة البقيع مع أبيه وجدّه وعمّه الحسن ( عليهم السلام ) (10) .

ـــــــــــــــــــــــــ

* المصدر : كتاب : أئمّة أهل البيت في كتب أهل السنّة ، تأليف : حكمت الرحمة ، الناشر : مؤسَّسة الكوثر للمعارف الإسلامية ، ط 1 ، سنة 2004 . اقتباس قسم المقالات في شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي .

(1) أرسله الصفدي إرسال المسلّمات في ( الوافي بالوفيات ) : 11 / 127 ، دار النشر فرانز شتايز ، شتوتغارت .

(2) عيون المعجزات : 85 .
(3) أصول الكافي للكليني : 1 / 545 ، دار التعارف للمطبوعات .
(4) الإرشاد للمفيد : 2 / 179 ، مؤسّسة آل البيت .
(5) انظر : ( الدروس ) للشهيد الأوّل : 2 / 12 ، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين .
(6) انظر :( مطالب السؤول ) :