كيف تعالج بعض الامراض الفكرية

طرد الأفكار والأوهام المذمومة التي تؤثر على النفس

القاعدة: سوء الظن يورث الهم والألم والخيال الفاسد، فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «من ساء ظنه ساء وهمه».

والحديث الشريف يشير إلى أمور:

ألف: أن سوء الظن يخلق الأوهام والأفكار السيئة.

باء: إن الأفكار والأوهام المتولدة من سوء الظن تنتج آثاراً سلبية كثيرة نذكر منها:

1: لا يثق بأحد وهذا ما أكده الإمام علي عليه السلام: «أسوأ الناس حالاً من لم يثق بأحدٍ لسوء ظنه، ولم يثق به أحد لسوء فعله».

2: اتهام المخلصين كما في قول الإمام علي عليه السلام: «من ساءت ظنونه اعتقد الخيانة بمن لا يخونه».

3: يستوحش من الناس كما في قول الإمام علي عليه السلام: «من لم يحسن الظن استوحش من كل أحد».

4 : يخسر الأصحاب كما في قول الإمام علي عليه السلام: «من غلب عليه سوء الظن لم يترك بينه وبين خليل صلحاً».

مشهد من حياتنا اليومية: (لو أن إنساناً أساء الظن بربه فإنه سيعيش الخوف المذموم في كل مورد، فيبدأ يردد: أخاف أن أطرد من عملي فأحرم الرزق، أخاف أن أمرض فيصيبني الذل، أخاف أن يحصل لأولادي مكروه، أخاف من الأوضاع فيبقى خائفاً بسبب الأوهام ولذلك نجد أن كثيراً من الناس لا يبيت مع الميت مع علمه بأن الميت لا قدرة له على فعل شيء ولكن بسبب سيطرة الأوهام يحصل له هذا الخوف).

مشهد آخر: (بسبب سوء الظن قد يشك الزوج بزوجته أو الزوجة بزوجها ثم تبدأ الاتهامات والآلام وقد تنتهي إلى الفراق إما بقتل أو طلاق).

 

في طرد العُجب بالنفس كونه مرضاً فكرياً

القاعدة: معرفة ضعف النفس وعجزها يطرد العجب، فعن الإمام الباقر عليه السلام: «سُدّ سبيل العجب بمعرفة النفس».

يشير هذا الحديث الشريف إلى أمور:

ألف: العجب آفة تصيب الإنسان الجاهل، وهذا ما أكده الإمام الصادق عليه السلام بقوله: «لا جهل أضر من العجب»

باء: الالتفات إلى النفس والوقوف على ضعفها وعجزها ومحدوديتها ينجي من آثار العجب المهلكة وهذا ما أشار إليه الحديث الشريف الوارد عن أمير المؤمنين عليه السلام: «ما لابن آدم والعُجُب؟ وأوله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو بين ذلك يحمل العذرة».

مشهد من حياتنا اليومية: (لو أن إنساناً أعجبته عبادته فرضِيَ عن نفسه فإنه سيمتنع من الزيادة وهذا ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «العجب يمنع الازدياد».

بل قد يقع في شر الأمور كما في قول أمير المؤمنين عليه السلام: «شر الأمور الرضا عن النفس».

 

في طرد الجمود الفكري

القاعدة: من وقف على الظاهر لم يصل إلى الحقيقة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: «الجاهل إذا جحد وجد وإذا وجد ألحد».

يشير الحديث الشريف إلى أمور:

ألف: الجاهل يكتفي بالظاهر فيحرم من الوصول إلى الصواب، وهو ممن ذمه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: «ما قصم ظهري إلاّ رجلان: عالم متهتك، وجاهل متنسك».

والجاهل هو المقصود هنا.

باء: إن الجاهل يقع في الإلحاد نتيجة تصلبه في موقفه الباطل، وكون الجاهل صلباً في جهله هذا ما أشار إليه الإمام علي عليه السلام: «الجاهل صخرة لا ينفجر ماؤها وشجرة لا يخضرّ عودها، وأرض لا يظهر عشبها».

جيم: يحذر الحديث من جمود الجاهل لما فيه من عاقبة وخيمة، ولذا يجب عليه أن يتأمل ويفكر ولا يكون مصداقاً لقول الإمام علي عليه السلام: «العالم ينظر بقلبه وخاطره، والجاهل ينظر بعينه وناظره».

مشهد من حياتنا اليومية: (لو أن إنساناً اكتفى بفهم الأمور حسب ظواهرها كفهم بعض الناس بأن لله يداً؛ لأنه وقف على ظاهر الآية (يد الله فوق أيديهم) لصار مصداقاً للحديث الشريف).

 

في طرد التفكير الوسواسي

القاعدة: الإقرار بالتوحيد يدفع الوسواس وينقي القلب. فعن محمد ابن حمران قال: (سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن الوسوسة وإن كثرت: «فقال: لا شيء فيها، تقول: لا إله إلاّ الله).

يشير الحديث الشريف إلى أمور:

ألف: إن هناك أفكاراً يلقيها الشيطان وهذا ما يؤكده الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن إبليس له خرطوم كخرطوم الكلب واضعه على قلب ابن آدم يذكره الشهوات واللذات ويأتيه بالأماني ويأتيه بالوسوسة على قلبه ليشككه في ربه..».

باء: إن علاج هذه الأفكار هو ذكر الله تعالى، إذ بذكره تطمئن القلوب وهو ما يؤكده الإمام الصادق عليه السلام بقوله: (عن جميل بن دراج عن الإمام الصادق عليه السلام قلت له: إنه يقع في قلبي أمر عظيم، فقال: قل: لا إله إلاّ الله، قال جميل: فكلما وقع في قلبي شيء قلت: لا إله إلا الله فيذهب عني).

مشهد من حياتنا اليومية: (لو أن إنساناً توضأ ثم شك هل أن وضوءه صحيح؟ فأخذ يحدث نفسه بأن الوضوء غير صحيح، فيرجع يتوضأ مرة ثانية وثالثة وهكذا).

 

رفع الحالة الروحية

القاعدة: بالفكر تسمو الروح، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله لعلي عليه السلام «يا علي، إذا تقرب العباد إلى خالقهم بالبر فتقرب إليه بالعقل تسبقهم».

يشير الحديث الشريف إلى أمور:

ألف: إن التقرب إلى الله تعالى حاجة ملحة للعبد لما في ذلك من آثار طيبة للفرد والمجتمع، فإذا كان الفرد متقربا إلى الله تعالى سيكون حسن الخلق في تعامله مع المجتمع وهذا ما أشار إليه الحديث الشريف عن الإمام زين العابدين عليه السلام: «إن أقربكم من الله أوسعكم خلقا».

وإذا كان يريد القرب لابد أن يتصف بالتواضع وهذا ما أكده الإمام الصادق عليه السلام بقوله فيما أوحى الله عزّ وجل إلى داود عليه السلام: «يا داود كما أن أقرب الناس من الله المتواضعون، كما أن أبعد الناس من الله المتكبرون».

باء: إن هناك طرقاً للتقرب إلى الله تعالى، ولكن أفضلها التفكير وعدم تعطيل العقول، وهذا ما أكدته الروايات التالية:

1 – عن الإمام الصادق عليه السلام: «أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته».

2 – عن الإمام الصادق عليه السلام: «كان أكثر عبادة أبي ذر التفكر والاعتبار».

3 – عن الإمام الصادق عليه السلام: «ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، إنما العبادة التفكر في أمر الله».

جيم: ومما يؤكد سموّ الروح بالتفكير قول الإمام الصادق عليه السلام: «من طالت فكرته حسنت بصيرته».

وقول الإمام الحسن عليه السلام: «التفكر حياة قلب البصير».

مشهد من حياتنا اليومية: (لو أن إنساناً اجتاحته القسوة وغمره الانغماس في الدنيا، ولكنه اغتنم فرصة في ليل أو نهار وأخذ يفكر في ربه وقدرته وما يؤول إليه مصيره سيخرج مما هو فيه).