فاطمة بنت أسد

وقد كانت فاطمة بنت أسد امرأة صالحة ، وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يزورها ، ويقيل في بيتها 1 .

وهي أول امرأة بايعت النبي «صلى الله عليه وآله» بمكة بعد خديجة 2 .

قال ابن عباس : «وفيها نزلت : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ... ﴾ 3 » 4 .

وأول امرأة هاجرت إلى النبي «صلى الله عليه وآله» من مكة إلى المدينة على قدميها ماشية حافية 5 .

وكانت حادية عشرة ، يعني في السابقة إلى الإسلام ، وكانت بدرية 6 .

وحينما حضرتها الوفاة أوصت إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فقبل وصيتها 7 .

وتوفيت في السنة الرابعة من الهجرة ، وصلى عليها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وتولى دفنها ، ونزع قميصه وألبسها إياه ، واضطجع معها في قبرها ، وقرأ فيه القرآن ، وأحسن الثناء عليها .

فلما سوى عليها التراب سئل عن سبب فعله ذلك ، فقال : ألبستها لتلبس من ثياب الجنة ، واضطجعت معها في قبرها لأخفف عنها ضغطة القبر ، إنها كانت أحسن خلق الله صنعاً بي بعد أبي طالب .

وعند السمهودي أنه «صلى الله عليه وآله» نزع قميصه وأمر أن تكفن فيه ، وأنه «صلى الله عليه وآله» صلى عليها عند قبرها وكبر عليها تسعاً وأنه «صلى الله عليه وآله» حفر اللحد بيده وأخرج ترابه بيده .

وأضاف السلفي : أنه «صلى الله عليه وآله» تمرغ في قبرها وبكى ، وقال : جزاك الله من أم خيراً ، لقد كانت خير أم ، وكانت ربت النبي «صلى الله عليه وآله» 8 .

وأضاف الكليني: أنه «صلى الله عليه وآله» حمل جنازتها على عاتقه ، فلم يزل حتى أوردها قبرها ، وأخذها على يديه ، ووضعها فيه ، وانكب عليها طويلاً يناجيها ولقنها ما تسأل عنه ، حتى إمامة ولدها علي «عليه السلام» .
وحينما سئل عن ذلك قال : «اليوم فقدت بر أبي طالب ، إن كانت لتكون عندها الشيء ؛ فتؤثرني به على نفسها وولدها إلى آخر ما قال «صلى الله عليه وآله وسلم» 9 .

وعند الكليني : أنه هو نفسه «صلى الله عليه وآله» قد قال للمسلمين «إذا رأيتموني قد فعلت شيئاً لم أفعله قبل ذلك ؛ فسلوني : لم فعلته» 10 .

وعند السمهودي : أن قبرها حفر في موضع المسجد الذي يقال له اليوم قبر فاطمة 11 .

ودفنت رحمها الله تعالى في البقيع ، ودفن الحسن عندها كما نص عليه المفيد وغيره 12 .
ولكن أبا الفرج يقول : إنها دفنت في الروحاء مقابل حمام أبي قطيفة 13 ، ولم نفهم المبرر لدفنها هناك ، لو صح ذلك .
ووصية الإمام الحسن «عليه السلام» بدفنه عندها ، ثم دفنه في البقيع تدل على خلاف ذلك ، والحسنان «عليهما السلام» أعرف بقبر جدتهما من غيرهما .

وأخيراً ، فقد قيل : إنها توفيت في مكة قبل الهجرة ، قالوا : وليس بشيء ، واستدلوا على ذلك بأن علياً «عليه السلام» قال لها : إكف فاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» سقاية الماء و تكفيك الداخل والطحن والعجن 14 .

ونضيف نحن إلى ذلك

ما روي عن علي «عليه السلام» أنه قال : إنه أهدي إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» حلة استبرق ، فقال : اجعلها خُمراً بين الفواطم ، فشققتها أربعة أخمرة ، خماراً لفاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وخماراً لفاطمة بنت أسد، وخماراً لفاطمة بنت حمزة ، ولم يذكر الرابعة ، قال ابن حجر «قلت» ولعلها امرأة عقيل الآتية 15 16 .

____________

    1. طبقات ابن سعد ج8 ص161 والإصابة ج4 ص380 .
    2. تذكرة الخواص ص10 وقاموس الرجال ج11 ص7 عنه وراجع : تفسير البرهان ج4 ص326 و 327 ومقاتل الطالبيين ص10 .
    3. القران الكريم : سورة الممتحنة ( 60 ) ، الآية : 12 ، الصفحة : 551 .
    4. تذكرة الخواص ص10 .
    5. راجع : تفسير البرهان ج4 ص326 و 327 وتذكرة الخواص ص10 والكافي ج1 ص377 .
    6. مقاتل الطالبيين ص9 وتفسير البرهان ج4 ص327 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص14 .
    7. مقاتل الطالبيين ص8 والكافي ج1 ص377 .
    8. راجع ما تقدم في المصادر التالية : مقاتل الطالبيين ص8 و9 وقاموس الرجال ج11 ص6 و7 والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص382 والإصابة ج4 ص380 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص358 ، 359 وأسد الغابة ج5 ص517 وتذكرة الخواص ص10 والكافي ج1 ص377 والإرشاد للمفيد ص10 وإعلام الورى ص153 وتاريخ الخميس ج1 ص468 ووفاء الوفاء المجلد الثاني ص897 و 898 و 899 وبهجة المحافل ج1 ص231 و 232 وراجع : الفصول المهمة للمالكي ص13 و14 .
    9. راجع : الكافي ج1 ص377 وقاموس الرجال ج11 ص6 عنه وراجع : وفاء الوفاء المجلد الثاني ص898 .
    10. المصدران السابقان .
    11. وفاء الوفاء المجلد الثاني ص897 .
    12. الإرشاد ص211 وراجع : ص213 وإعلام الورى ص206 وراجع : ص212 .
    13. مقاتل الطالبيين ص10 والبرهان ج4 ص327 عنه .
    14. راجع : أسد الغابة ج5 ص517 والإصابة ج4 ص380 وراجع الإستيعاب بهامشها ج4 ص382 وتاريخ الخميس ج1 ص468 والدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص358 .
    15. الإصابة ج4 ص481 وأسد الغابة ص519 .
    16. الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، 2005م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء الثامن .