مصحف فاطمة بين الحقيقة والأوهام

لاشك ان اهل البيت ( ع ) هم ورثة علم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والامناء عليه ، فقد تواتر عنه ( صلى الله عليه وآله ) انه قال : ( انا مدينة العلم وعلي بابها ). (۱)

وهو كالصريح بكونه ( ع ) عيبة علمه ومستودع المعارف الالهية ، وقد توارثها منه الائمة المعصومون المطهرون من ولده . فقد كانوا يتوارثون ما في القرآن الكريم وكتب الانبياء السابقين ، من دقائق المعارف والاحكام الشرعية.

ومن جملة التراث العلمي الذي كان يتوارثه ائمة اهل البيت ( ع )( مصحف فاطمة ) الذي دون فيه علم ما يكون ، مما سمعته الزهراء ( ع ) من حديث الملائكة بعد وفاة ابيها ( صلى الله عليه وآله )،كما سنرى من خلال النصوص الواردة عن اهل بيت العصمة والطهارة ، وقد كانوا ( ع ) يحدثون اصحابهم احيانا عن تلك العلوم المدونة عندهم في هذا الكتاب ، ويبينون حقيقته .

لقد اثار مصحف فاطمة حفيظة العديد من الكتاب ، واتخذوا منه وسيلة للطعن والتشنيع على اتباع اهل البيت(ع)، تارة باستغلال اسمه باعتبار انه يطلق عليه اسم ( مصحف ) وجعله بابا لاتهامهم بانهم لا يعترفون بالقرآن الموجود بين الدفتين ، والمتداول بين المسلمين قاطبة ، فيوقعون الناس في وهم بان مصحف فاطمة المذكور هو القرآن الذي يعتقده الشيعة ، وتارة اخرى بان الاعتقاد بمصحف فاطمة يعني الاعتقاد بنزول الوحي بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، ويرتبون على ذلك نتائج عديدة ، منها:

ان الشيعة يعتقدون بنبوة فاطمة وعلي ( ع ) . وفي هذا المقال نتعرض للبحث عن حقيقة مصحف فاطمة ( س ) ، ونعالج الشبهات التي تثار حوله ، والضجة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الكتاب الذين ينقصهم الاطلاع الكافي والدقة العلمية ان احسنا الظن بهم او تنقصهم الامانة والانصاف .

 

المصحف في اللغة

المصحف مثلثة الميم ، من أصحف بالضم أي جعلت فيه الصحف (۲) ، وسمي المصحف مصحفا لانه أصحف ، أي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين (۳) .

وبناء عليه ، فالمصحف ليس اسما مختصا بالقرآن الكريم . ويشهد لذلك ما رووه في وجه تسمية المصحف مصحفا، فقد روى ابن اشتة في كتاب المصاحف انه لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال ابو بكر: التمسوا له اسما ، فقال بعضهم : السفر، وقال بعضهم : المصحف ، فان الحبشة يسمونه المصحف . قال : وكان ابو بكر اول من جمع كتاب الله وسماه المصحف (۴) .

ونحن لا نوافق على مضمون هذه الرواية لاننا نعتقد ان القرآن جمع في حياة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) (۵) ، وكلمة المصحف من اصل عربي ، فلا معنى للاتيان بها من الحبشة ، لكن اوردناها لاقامة الحجة على من يقبلها.

فالمصحف كل كتاب أصحف وجمع بين دفتين ، لكن كثرة استعماله في القرآن الكريم اوجبت انصراف الاذهان اليه ، وهو لا يكفي لحمل ما ورد في روايات اهل البيت ( ع ) التي تتحدث عن مصحف فاطمة على المصحف المعروف ، خاصة مع وجود التقييد باضافته اليها ( ع ).

 

مصحف فاطمة في أخبار أهل البيت ( عليهم السلام )

۱ عن ابي عبيدة عن ابي عبد الله ( ع ): (… ان فاطمة مكثت بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمسة وسبعين يوما، وكان دخلها حزن شديد على ابيها، وكان جبرئيل ( ع ) ياتيها فيحسن عزاءها على ابيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن ابيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي ( ع ) يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة ( س ). (۶)

۱ـ عن ابي عبيدة عن ابي عبد الله ( ع ): (… ان فاطمة مكثت بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمسة وسبعين يوما، وكان دخلها حزن شديد على ابيها، وكان جبرئيل ( ع ) ياتيها فيحسن عزاءها على ابيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن ابيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي ( ع ) يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة ( س ). (۶)

۲ـ عن ابي حمزة ان ابا عبد الله ( ع ) قال : ( مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله وانما هو شي ء ألقي اليها بعد موت أبيها صلوات الله عليهما ). (۷)

۳ـ عن عنسبة بن مصعب عن ابي عبد الله ( ع ): (… ومصحف فاطمة ، اما والله ما ازعم انه قرآن ). (۸)

۴ـ عن الحسين بن ابي العلاء قال : سمعت ابا عبد الله ( ع ) يقول : ( ان عندي .. ومصحف فاطمة ما ازعم ان فيه قرآنا ). (۹)

۵ـ عن محمد بن عبد الملك عن ابي عبد الله ( ع ): (… وعندنا مصحف فاطمة ( عليها السلام ) اما والله ما هو بالقرآن ). (۱۰)

۶ـ عن علي بن سعيد عن ابي عبد الله ( ع ) قال : (… وفيه مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن ). (۱۱)

۷ـ عن علي بن ابي حمزة عن الكاظم ( ع ) قال : (عندي مصحف فاطمة ، ليس فيه شيء من القرآن ). (۱۲)

۸ـ عن ابي بصير عن ابي عبد الله ( ع ) انه قال : (… وان عندنا لمصحف فاطمة ( س )، وما يدريهم ما مصحف فاطمة (س) ؟ قال ، قلت : وما مصحف فاطمة ( س ) ؟ قال : ( مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ) . (۱۳)

هذه الروايات وامثالها تدل على ان مصحف فاطمة الذي يعتقد الامامية انه عند ائمتهم ، وضمن ميراثهم العلمي ، ليس المصحف الذي فيه القرآن الكريم ، وانه كتاب آخر يتضمن علما ، لكن ما هو ذلك العلم ؟ تشير اليه بعض الروايات عن اهل البيت ( ع ) منها :

۱ـ سئل الصادق ( ع )عن محمد بن عبد الله بن الحسن قال ( ع ): ( ما من نبي ولا وصي ولا ملك الا هو في كتاب عندي يعني مصحف فاطمة والله ما لمحمد بن عبد الله فيه اسم ) . (۱۴)

۲ـ روي عن الوليد بن صبيح انه قال : قال لي ابو عبد الله ( ع ): ( يا وليد، اني نظرت في مصحف فاطمة ( ع ) فلم اجد لبني فلان فيه الا كغبار النعل ). (۱۵)

۳ـ عن فضيل بن سكرة قال : دخلت على ابي عبد الله ( ع ) فقال : ( يا فضيل ، اتدري في اي شيء كنت انظر قبيل ) ؟ قال : قلت ، لا. قال : ( كنت انظر في كتاب فاطمة ( ع )، ليس من ملك يملك [ الارض ] الا وهو مكتوب فيه باسمه واسم ابيه ، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا ). (۱۶)

۴ـ عن سليمان بن خالد قال : قال ابو عبد الله (ع ): (… وليخرجوا مصحف فاطمة فان فيه وصية فاطمة …). (۱۷)

۵ـ عن حماد بن عثمان قال : سمعت ابا عبد الله ( ع ) يقول : (ان الله تعالى لما قبض نبيه ( صلى الله عليه وآله )، دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه الا الله عز وجل ، فارسل الله اليها ملكا يسلي غمها ويحدثها، فشكت ذلك الى امير المؤمنين ( ع )، فقال : اذا احسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي ، فاعلمته بذلك ، فجعل امير المؤمنين ( ع )، يكتب كلما سمع حتى اثبت من ذلك مصحفا. قال : ثم قال : اما انه ليس فيه شي ء من الحلال والحرام ،ولكن فيه علم ما يكون ). (۱۸)

يتبين من خلال هذه الروايات ان مصحف فاطمة ( ع ) ليس قرآنا، وليس كتاب احكام ،فهو مغاير لكتاب علي ( ع ) الذي املاءه عليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ). والذي ورد ذكره في اخبارهم ( ع ) الى جنب مصحف فاطمة ، وسموه بالجامعة تارة والصحيفة اخرى وكتاب علي ( ع ) غالبا.

وليس هناك اي رواية توهم كونه قرآنا، فضلا عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسك بها من يفتش عن المطاعن ، وعلى فرض وجودها فان الروايات المستفيضة الواضحة الصريحة والتي قدمنا طائفة منها تقتضي رفع ذلك التوهم او الظهور لو تم وسلم.

 

فاطمة ( عليها السلام ) محدثة

قد يتوقف البعض عند قصة مصحف فاطمة ( س )، ويرفض مسالة تكليم الملائكة للسيدة الزهراء ( س ) نتيجة توهم التلازم بين النبوة والوحي ، او بين النبوة وتحديث الملائكة .

وعليه فان كون الرسول ( صلى الله عليه وآله ) خاتم الانبياء والرسل يقتضي عدم نزول الملائكة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، وهذا دليل على عدم صحة قصة المصحف المذكور، وقد اعتمد على هذا النحو من الاستدلال عبد الله القصيمي في كتابه [ المعروف ] ب( الصراع بين الاسلام والوثنية )، متهما الشيعة الامامية بانهم يزعمون لفاطمة وللائمة من ولدها ما يزعمون للانبياء والرسل . (۱۹)

كل ذلك اعتمادا على الملازمة المزعومة بين تكليم الملائكة وبين النبوة . وهذه غفلة ما بعدها غفلة .

تعال معي الى كتاب الله عز وجل وهو يتحدث عمن كلمتهم الملائكة او اوحى الله سبحانه وتعالى اليهم :

۱ـ ( واذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك على نساء العالمين …). (۲۰)

۲ـ ( اذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح ). (۲۱)

۳ـ ( فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ، قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا ، قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا). (۲۲)

۴ـ ( ولقد جاءت رسلنا ابراهيم بالبشرى … وامراته قائمة فضحكت فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب ، قالت يا ويلتى االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشئ عجيب ، قالوا اتعجبين من امر الله …). (۲۳)

فهذه نماذج من النساء حدثنا القرآن الكريم عنهن ولم يكن نبيات ، ومع ذلك شاهدن الملائكة وحدثنهم ، او اوحي اليهم باسلوب آخر غير تحديث الملائكة ، ولم يستنكر ذلك احد.

ففاطمة ( عليها السلام ) دلت النصوص على انها كانت محدثة ولم تكن نبية ، وكذلك تقول الشيعة الامامية بالنسبة لائمة اهل البيت ( ع ) دون ان يدعي احد منهم لهم النبوة ، اذ لا تلازم بينهما كما تقدم .

ثم ان الاعتقاد بنزول الملائكة على فاطمة الزهراء ( س ) لا يعد غلوا، ولا مبالغة في فضلها، فهي ( س ) سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين ، وافضل من مريم بنت عمران ومن سارة امراة ابراهيم عليه وعلى نبينا السلام ، وقد ثبت بالنصوص القرآنية مشاهدتهما للملائكة وتكليمهما لهم ، فاي غلو في نسبة مثل ذلك لمن هي افضل منهما؟

روى البخاري عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) انه قال : ( فاطمة سيدة نساء اهل الجنة ). (۲۴)

وروى مسلم عنه ( صلى الله عليه وآله ) انه قال لها: (يا فاطمة اما ترضين ان تكوني سيدة نساء المؤمنين او سيدة نساء هذه الامة ). (۲۵)

وهي سلام الله عليها ممن نزلت بهم آية المباهلة والتطهير وضمهم الكساء. ومن الجدير بالذكر ان الوحي له اساليب واغراض متعددة ، ولا تلازم بين الوحي والنبوة ،وان كان كل نبي لابد ان يوحى اليه ، وكذلك لا تلازم بين الوحي والقرآنية ، فبالنسبة للرسول ( صلى الله عليه وآله ) لم يكن كل ما نزل عليه من الوحي قرآنا، فهناك الاحاديث القدسية وهناك تفسير القرآن وتاويله ، والاخبار بالموضوعات الخارجية وامثال ذلك ، وكلها ليست قرآنا. فاتضح ان تحديث الملائكة للزهراء ( س ) لم يكن من الوحي النبوي ولا من الوحي القرآني .

 

المحدثون عند أهل السنة

اذا كان تحدث الملائكة مع اهل البيت ( ع ) الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا غلوا، فلنلق نظرة على كتب الحديث والسيرة والتاريخ عند اهل السنة ، لنرى كيف يدعى تحدث الملائكة مع الكثير من رجالهم :

۱ـ اخرج البخاري في مناقب عمر بن الخطاب وبعد حديث الغار عن ابي هريرة ، واخرج مسلم في فضائل عمر ايضا عن عائشة : ان عمر بن الخطاب كان من المحدثين .

وقد حاول شراح البخاري ان ياولوه بان المراد انه من الملهمين ، او من الذين يلقى في روعهم او يظنون فيصيبون الحق ، فكانه حدث .. وهو كما ترى تاويل لا يساعد عليه ظاهر اللفظ.

ولاجل ذلك قال القرطبي : انه ليس المراد بالمحدثين المصيبين فيما يظنون ،لانه كثير في العلماء ، بل وفي العوام من يقوى حدسه فتصح اصابته ، فترتفع خصوصية الخبر وخصوصية عمر. (۲۶)

۲ـ ممن ادعي ان الملائكة تحدثهم عمران بن الحصين الخزاعي المتوفى سنة ۵۲ ه .قالوا: كانت الملائكة تسلم عليه حتى اكتوى بالنار فلم يسمعهم عاما، ثم اكرمه الله برد ذلك . (۲۷)

۳ـ ومنهم ابو المعالي الصالح المتوفى سنة ۴۲۷ هـ ، رووا انه كلمته الملائكة في صورة طائر. (۲۸)

۴ـ ابو يحيى الناقد المتوفى سنة ۲۸۵ هـ ، رووا انه كلمته الحوراء. (۲۹)

وامثال هذه المرويات في كتب السنة غير قليل ، ولم يستنكر ذلك احد ولم يتهم اصحابها بالغلو.

ومما يدل على عدم الملازمة بين تحديث الملائكة والنبوة ما رواه الكليني عن حمران بن اعين قال : قال ابو جعفر [ الباقر] ( ع ): ( ان عليا كان محدثا )، فخرجت الى اصحابي فقلت : جئتكم بعجيبة ، فقالوا: وما هي ؟ فقلت : سمعت ابا جعفر ( ع ) يقول : كان علي محدثا، فقالوا: ما صنعت شيئا، الا سالته من كان يحدثه ، فرجعت اليه .. فقال لي (يحدثه ملك )، قلت : تقول : انه نبي ؟ قال : فحرك يده هكذا (۳۰) او كصاحب سليمان او كصاحب موسى او كذي القرنين او ما بلغكم انه قال : وفيكم (۳۱) ؟

وفي (بصائر الدرجات ) هذا الخبر هكذا: عن حمران بن اعين قال : قلت لابي جعفر ( ع ): الست حدثتني ان عليا كان محدثا ؟ قال : ( بلى ). قلت : من يحدثه ؟ قال : ( ملك ). قلت : فاقول : انه نبي او رسول ؟ قال : (لا، بل مثله مثل صاحب سليمان ومثل صاحب موسى ،ومثل ذي القرنين ، (۳۲) [اما بلغك ان عليا سئل عن ذي القرنين ، فقالوا: كان نبيا ؟ قال : لا، بل كان عبدا احب الله فاحبه وناصح الله فناصحه ]). (۳۳)

ولابد من الاشارة الى بعض رواياتنا التي تتحدث عن مصحف فاطمة انه من املاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخط علي ( ع ):

۱ـ فعن علي بن سعيد عن ابي عبد الله ( ع ): (… وعندنا والله مصحف فاطمة ، ما فيه آية من كتاب الله وانه لاملاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخط علي ( ع ) بيده ). (۳۴)

۲ عن محمد بن مسلم عن احدهما ( ع ) : (… وخلفت فاطمة مصحفا ما هو قرآن ولكنه كلام من كلام الله ، أنزل عليها املاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخط علي ). (۳۵)

۳ عن علي بن ابي حمزة عن ابي عبد الله ( ع ) : (… وعندنا مصحف فاطمة ( عليها السلام ) اما والله ما فيه حرف من القرآن ، ولكنه املاء رسول الله وخط علي ). (۳۶)

هذه الروايات الثلاث تخالف الروايات المستفيضة المتقدمة في حقيقة مصحف فاطمة ، حيث ذكرت انه ( املاء رسول الله )، والثانية منها لا تخلو من تهافت ، حيث جعلته كلاما من كلام الله أنزل عليها، وفي عين الحال جعلته من املاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، ولو كان من املاء الرسول ( صلى الله عليه وآله ) على علي ( ع ) وخطها بيمينه ، وبين مصحف فاطمة الذي بينت الروايات انه حدث الملك به فاطمة وكتبه علي ( ع )، خاصة كون الاثنين واردين معا في نفس النصوص المذكورة.

ان يكون المراد من رسول الله في هذه الاخبار الملك الذي كان يحدث فاطمة ( س )،لا النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( كما احتمله المجلسي ) .

كما يحتمل ان يكون مصحف فاطمة ( عليها السلام ) متضمنا لبعض المعارف التي تلقتها عن ابيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالاضافة الى ما تقدم من الامور التي يحدثها بها الملك ، ولعل الرواية التي تذكر شمول المصحف المذكور لوصية فاطمة ( عليها السلام ) تقصد هذا. فيصح عندئذ انه من املاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الاعتبار، والله اعلم .

وعلى اي حال فهذا لا يضر بمقصودنا، وهو نفي التهمة التي يتمسك بها المخالفون ، حيث صرحت جميع الاخبار بما فيها هذه الثلاثة المتقدمة بنفي القرآنية عن مصحف فاطمة .

في نهاية المطاف نذكر ان المصحف المذكور بقي عند ائمة اهل البيت ( ع )، يتوارثونه مع بقية الكتب المتضمنة لعلوم الانبياء والرسل الماضين ، ومع صحيفة الاحكام الجامعة التي املاءها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على علي ( ع ) ، وسنتعرض ان شاء الله في فرصة اخرى لهذه الصحيفة بشكل مستقل .

وقد كان هذا الميراث العلمي يشكل احد علائم الامامة الكبرى . المهم هو الاشارة الى ان مصحف فاطمة كبقية الصحف والكتب لم تنتقل الى غيرهم ( ع ) ، ولم تصل الى شيعتهم ، وليس هناك اي واقع لما يدعيه افترأ بعض الكتاب من كون هذا المصحف متداولا في بعض مناطق الشيعة ، لا في بلاد الحجاز ولا في غيرها، والمؤسف ان اصحاب هذه الاقلام يطلقون العنان لاقلامهم دون تدبر ولا تثبت ، ويأخذون معلوماتهم من العوام ، ويصدقون كل مقولة للطعن والتشنيع ، فيثبتونها في كتبهم لتصبح بعد ذلك مصادر يعتمد عليها الماجورون والساعون وراء تفريق المسلمين وزرع الفتن بينهم .
ـــــــــــــــــــ
(۱) راجع مصادر الحديث في الهوامش التحقيقية لكتاب المراجعات للسيد شرف الدين / هامش المراجعة رقم ۴۸ ص ۳۸۷ من طبعة المجمع العالمي لاهل البيت عليهم السلام .
(۲) الفيروز آبادي : القاموس المحيط: مادة صحف .
(۳) الخليل ، العين ۳: ۱۰، وابن منظور، لسان العرب مادة صحف .
(۴) السيوطي ، الاتقان في علوم القرآن ۱: ۱۸۵، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم .
(۵) راجع : كتاب حقائق هامة في القرآن الكريم ، للسيد جعفر مرتضى العاملي ( فصل جمع القرآن ).
(۶) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۳، ط. المرعشي ، والكليني ، الكافي ۱: ۲۴۱، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۴۱، والقطب الراوندي ، الخرائج والجرائح ۲: ۵۲۶، وفيه تخريج الحديث في مصادر عدة .
(۷) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۹ ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۴۸٫
(۸) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۴، ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶:۴۵٫
(۹) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۰، ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۳۷٫
(۱۰) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۱، ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۳۸،۴۷ : ۲۷۱٫
(۱۱) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۶، ۱۶۰ ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶:۴۳، ۴۷: ۲۷۲٫
(۱۲) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۴ ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۴۵٫
(۱۳) الكليني ، الكافي ۱: ۲۳۹، الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۲ ط. المرعشي ،والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۳۹٫
(۱۴) ابن شهر آشوب ، مناقب آل ابي طالب ۳: ۲۴۹، والمجلسي ، بحار الانوار ۴۷: ۳۲، والمراد بمحمد بن الله هو محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى .
(۱۵) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۶۱، ۱۷۰ ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶:۴۸ و۱۵۶٫
(۱۶) الكليني ، الكافي ۱: ۲۴۴، وقريب منه جدا نقله الصفار في بصائر الدرجات : ۱۶۹ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶ : ۱۵۵ و۴۷ : ۲۷۳٫
(۱۷) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۷ ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶ : ۴۳٫
(۱۸) الصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۷ ط. المرعشي ، والمجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۴۴، والكليني ، الكافي ۱: ۲۴۰٫
(۱۹) الاميني ، الغدير ۵: ۵۰ ۵۱، نقلا عن الصراع بين والوثنية ۱: ۱ و۲: ۳۵٫
(۲۰) آل عمران : ۴۲٫
(۲۱) ال عمران : ۴۵٫
(۲۲) مريم : ۱۷ ـ ۱۹٫
(۲۳) هود: ۶۹ ـ ۷۳
(۲۴) صحيح البخاري ۴: ۲۰۹ ۲۱۹
(۲۵) صحيح مسلم بشرح النووي ۱۶: ۶ ـ ۷٫
(۲۶) صحيح البخاري ۴: ۲۰۰، وصحيح مسلم بشرح النووي ۱۵: ۱۶۶، وسنن الترمذي ۵: ۵۸۱ ،وراجع : ارشاد الساري ، شرح صحيح البخاري ۶: ۹۹، و۵: ۴۳۱٫
(۲۷) ابن سعد، الطبقات الكبرى ۷: ۱۱، و۴: ۲۸۸ ۲۸۹، ومعجم الطبراني الكبير ۱۸:۱۰۷، ح ۲۰۳٫
(۲۸) ابن الجوزي ، المنتظم ۹: ۱۳۶، وصفة الصفوة ۲: ۲۸۰٫
(۲۹) ابن الجوزي ، المنتظم ۶: ۸، والخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ۸: ۳۶۲
(۳۰) لعل المراد انه اشار بيده نفيا، و(او) لعلها من زيادة النساخ ، ولعلها هو، وفي البصائر: وكصاحب سليمان ..
(۳۱) الكيني ، الكافي ۱: ۲۷۱
(۳۲) الصفار، بصائر الدرجات : ۳۲۳ ط. المرعشي
(۳۳) الاميني ، الغدير ۵ : ۴۸، عن بصائر الدرجات ، الا ان في البصائر المطبوعة سقطت هذه العبارة .
(۳۴) المجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۴۱، ۴۷ : ۲۷۱، والصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۳ ط.المرعشي .
(۳۵) المجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۴۲، والصفار، بصائر الدرجات : ۱۵۵ ط. المرعشي .
(۳۶) المجلسي ، بحار الانوار ۲۶: ۴۸ ۴۹، والصفار، بصائر الدرجات : ۱۶۱ ط.المرعشي .