رثاء فاطمة الزهراء لأبيها الحنون

بعد وفاة أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ذهبت ( عليها السلام ) وأخذت قبضة من تراب قبر أبيها ( صلى الله عليه وآله ) الشريف وشمَّتْهُ ، وقالت ( عليها السلام ) هذه الأبيات :

مَاذَا عَلى مَن شَمَّ تُربَةَ أحمد  **  أَنْ لا يَشُمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيا

صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبٌ لَو **  أَنَّهَا صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ صِرْنَ لَيَالِيَا

وقالت ( عليها السلام ) وقد برح بها الشوق لرؤية أبيها ( صلى الله عليه وآله ) وهي التي لم تكن تطيق فراقه :

قَلَّ صَبرِي وَبَانَ عَنِّي عَزَائي ** بَعدَ فَقدِي لِخَاتَمِ الأَنبِيَاءِ

عَينُ يَا عَينُ اسكُبِي الدَّمعَ سَمحاً ** وَيْكِ لا تَبخَلِي بِفَيضِ الدِّماءِ

يَا رَسُولَ الإِلَه يا خِيرةَ الله ** وَكَهفَ الأَيتَامِ وَالضُّعَفَاءِ

لَو تَرى المِنبَرَ الَّذِي كَنتَ تَعلُوهُ ** قَد عَلاه الظَّلامُ بَعدَ الضِّياءِ

و قالت ( عليها السلام ) مُخاطبةً أباها ( صلى الله عليه وآله ) بعد أن عادت من خطبتها الكُبرى ، تَمضُغُ الألم وتَتجرَّع الحَسرَة :

قَد كانَ بَعدكَ أنباءٌ وَهَنْبَثَةٌ ** لَو كنتَ شَاهِدُها لَم تَكثُرِ الخُطَبُ

إِنَّا فَقدنَاك فَقْدَ الأرضِ وَابِلها ** واختَلَّ قومُك فاشهَدْهُم فَقد نَكَبُوا

تَجَهَّمَتْنَا رِجالٌ واستُخِفَّ بِنا ** بَعد النَّبي وَكلُّ الخَيرِ مُغتَصَبُ

قَد كَان جِبريلُ بِالآياتِ يُؤْنِسُنَا ** فَغِبْتَ عَنَّا فَكُلُّ الخَيرِ مُحتَجَبُ

وَكنتَ بَدراً وَنُوراً يُستَضَاءُ بِهِ ** عَليكَ تَنزِلُ مِن ذِي العِزَّةِ الكُتُبُ

فَقد لَقينَا الذي لَم يَلْقَهُ أَحد ** مِن البَريَّةِ لا عَجَمٌ وَلا عَرَبُ

سَيعلَمُ المُتَولِّي ظُلمَ حَامَتِنَا ** يومَ القيامَة أَنَّى سَوفَ يَنقَلِبُ

فَسوفَ نَبكِيكَ مَا عِشنَا وَمَا بَقِيتْ ** لَنَا العُيونُ بِتِهْمَالٍ لَهُ سكبُ