معنى أهل البيت عند أزواج النبي (ص)

أم سلمة

1 – عطاء بن يسار عن أم سلمة : في بيتي نزلت : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، قالت : فأرسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ، فقال : هؤلاء أهل بيتي ( 1 ).

2 – عطاء بن يسار عن أم سلمة : في بيتي نزلت هذه الآية : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * . قالت : فأرسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين ، فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي . قالت أم سلمة : يا رسول الله ، ما أنا من أهل البيت ؟ قال : إنك أهلي ( 2 ) خير ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم أهلي أحق ( 3 ) .

3 – أبو سعيد الخدري عن أم سلمة : نزلت هذه الآية في بيتي : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * . قلت : يا رسول الله ، ألست من أهل البيت ؟ قال : إنك إلى خير ، إنك من أزواج رسول الله . قالت : وأهل البيت ( عليهم السلام ) رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( 4 ) .

4 – أبو سعيد الخدري عن أم سلمة : لما نزلت هذه الآية * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، فجلل عليهم كساء خيبريا ، فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . قالت أم سلمة : ألست منهم ؟ قال : أنت إلى خير ( 5 ) .

5 – أبو سعيد الخدري عن أم سلمة : إن هذه الآية نزلت في بيتها : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * .

قالت : وأنا جالسة على باب البيت ، فقلت : أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال : إنك إلى خير ، أنت من أزواج النبي . قالت : وفي البيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم (6).

6 – أبو هريرة عن أم سلمة : جاءت فاطمة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ببرمة ( 7 ) لها قد صنعت فيها عصيدة تحلها ( 8 ) على طبق ، فوضعته بين يديه ، فقال : أين ابن عمك وابناك ؟ فقالت : في البيت ، فقال : ادعيهم . فجاءت إلى علي ، فقالت : أجب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنت وابناك .

قالت أم سلمة : فلما رآهم مقبلين مد يده إلى كساء كان على المنامة ، فمده وبسطه وأجلسهم عليه ، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله ، فضمه فوق رؤوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربه ، فقال : هؤلاء أهل البيت ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ( 9 ) .

7 – حكيم بن سعد : ذكرنا علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) عند أم سلمة ، قالت : فيه نزلت : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * .

قالت أم سلمة : جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى بيتي ، فقال : لا تأذني لأحد ، فجاءت فاطمة ، فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها ، ثم جاء الحسن ، فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه ، وجاء الحسين ، فلم أستطع أن أحجبه ، فاجتمعوا حول النبي ( صلى الله عليه وآله ) على بساط ، فجللهم نبي الله بكساء كان عليه ، ثم قال : هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط .

قالت : فقلت : يا رسول الله ، وأنا ؟ قالت : فوالله ما أنعم ، وقال : إنك إلى خير ( 10 ) .

8 – شهر بن حوشب عن أم سلمة : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) جلل على علي وحسن وحسين وفاطمة كساء ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . فقالت أم سلمة : وأنا منهم ؟ قال : إنك إلى خير ( 11 ) .

9 – شهر بن حوشب عن أم سلمة : جاءت فاطمة بنت النبي إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) متوركة الحسن والحسين ، في يدها برمة للحسن فيها سخين ، حتى أتت بها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فلما وضعتها قدامه قال لها : أين أبو الحسن ؟ قالت : في البيت ، فدعاه فجلس النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلي وفاطمة والحسن والحسين يأكلون .

قالت أم سلمة : وما سامني النبي ( صلى الله عليه وآله ) وما أكل طعاما قط إلا وأنا عنده إلا سامنيه قبل ذلك اليوم – تعني ب‍ ” سامني ” : دعاني إليه – فلما فرغ التف عليهم بثوبه ، ثم قال : اللهم عاد من عاداهم ، ووال من والاهم (12).

10 – شهر بن حوشب عن أم سلمة : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لفاطمة : ائتيني بزوجك وابنيك ، فجاءت بهم ، فألقى عليهم كساء فدكيا ، قال : ثم وضع يده عليهم ثم قال : اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد .

قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : إنك على خير ( 13 ) .

11 – شهر بن حوشب عن أم سلمة : كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فجعلت لهم خزيرة ( 14 ) ، فأكلوا وناموا ، وغطى عليهم عباءة أو قطيفة ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ( 15 ) .

12 – عبد الله بن مغيرة مولى أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنها قالت : نزلت هذه الآية في بيتها : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن أرسل إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، فلما أتوه اعتنق عليا بيمينه ، والحسن بشماله ، والحسين على بطنه ، وفاطمة عند رجله فقال : اللهم هؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، قالها ثلاث مرات . قلت : فأنا يا رسول الله ؟ فقال : إنك على خير إن شاء الله ( 16 ) .

13 – عطاء بن أبي رباح : حدثني من سمع أم سلمة تذكر : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان في بيتها ، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة ، فدخلت بها عليه فقال لها : ادعي زوجك وابنيك قالت : فجاء علي والحسن والحسين ( عليهم السلام ) فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة ، وهو على منامة له ، على دكان ( 17 ) تحته كساء له خيبري .

قالت : وأنا أصلي في الحجرة ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * .

قالت : فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قالت : فأدخلت رأسي البيت فقلت : وأنا معكم يا رسول الله ؟ قال : إنك إلى خير ، إنك إلى خير ( 18 ) .

14 – عمرة بنت أفعى : سمعت أم سلمة رضي الله عنها تقول : نزلت هذه الآية في بيتي : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * . وفي البيت سبعة : جبرئيل ، وميكائيل ، ورسول الله ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ( عليهم السلام ) قالت : وأنا على باب البيت ، فقلت : يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال : إنك على خير ، إنك من أزواج النبي ، وما قال : إنك من أهل البيت ( 19 ) .

15 – الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن آبائه ( عليهم السلام ) عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، عن أم سلمة قالت : نزلت هذه الآية في بيتي وفي يومي ، كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عندي فدعا عليا وفاطمة والحسن والحسين ، وجاء جبرئيل فمد عليهم كساء فدكيا ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . قال جبرئيل : وأنا منكم يا محمد ؟ فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وأنت منا يا جبرئيل .

قالت أم سلمة : فقلت : يا رسول الله ، وأنا من أهل بيتك ، وجئت لأدخل معهم ، فقال : كوني مكانك يا أم سلمة ، إنك إلى خير ، أنت من أزواج نبي الله .

فقال جبرئيل : إقرأ يا محمد : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ( 20 ) .
عائشة

16 – صفية بنت شيبة : قالت عائشة : خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) غداة وعليه مرط مرحل ( 21 ) من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * ( 22 ) .

17 – العوام بن حوشب عن التميمي قال : دخلت على عائشة فحدثتنا أنها رأت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ( 23 ) .

18 – جميع بن عمير ( 24 ) : دخلت مع أمي على عائشة [ فسألتها أمي ] قالت : أخبريني كيف كان حب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ؟ فقالت عائشة : كان أحب [ الرجال ] إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، لقد رأيته وقد أدخله تحت ثوبه ، وفاطمة وحسنا وحسينا ، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .

قالت : فذهبت لأدخل رأسي فدفعني ، فقلت : يا رسول الله ، أولست من أهلك ؟ قال : إنك على خير ، إنك على خير ( 25 ) .
أضواء حول حديث الكساء

حادثة الكساء من أهم الحوادث المشرقة في تاريخ حياة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) في مضمار التعريف بأئمة الاسلام وهداته . كما تعد من النقاط المضيئة البارزة في خصائص أهل البيت الكريم وفضائلهم . ومن الضروري الالتفات إلى النقاط الآتية من أجل التعرف على هذه الحادثة المهمة بنحو أدق :
1 – سند حادثة الكساء

لا مجال للتشكيك في وقوع هذه الحادثة ، فقد نقلها المحدثون الكبار في كتبهم المعتبرة بطرق مستفيضة . بل جاز لنا أن نقول بتواترها إذا ما توسعنا في دراستها . وثمة قرائن كثيرة تدل على أن من قرأ التاريخ الإسلامي لا يتسنى له أن يمتري فيها . وقد بلغت من الشهرة في المجتمع الإسلامي مبلغا أن سمي اليوم الذي كانت فيه حادثة الكساء يوم الكساء ( 26 ) .

ولقب الخمسة الطيبون الذين شملتهم العناية الإلهية الخاصة يومئذ بأصحاب الكساء ( 27 ) .
2 – كيف وقعت حادثة الكساء

الأحاديث الواردة في حادثة الكساء لم تبين هذه الحادثة بنحو واف ، بل أشار كل منها إلى قسم منها . من هنا ، نحاول أن نعرض فيما يأتي صورة تامة لهذه الحادثة استهداء بها جميعا .

دخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذات يوم بيت زوجته الكريمة أم سلمة ، وكان موعودا بنبأ مهم يأتيه من الله تعالى في عدد من أقاربه ذلك اليوم . من هنا طلب من زوجته مؤكدا ألا تأذن لأحد في الدخول .

من جانب آخر ، عزمت فاطمة ( عليها السلام ) في اليوم نفسه أن تعد لأبيها العزيز ( صلى الله عليه وآله ) طعاما مناسبا يدعى عصيدة ( 28 ) . فأعدته في قدر صغير من الحجر ، ووضعته في طبق ، وجاءت به .

تقول أم سلمة : لم يسعني أن أمنع فاطمة من الدخول . وأنى لها أن تحول بين النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبضعته ؟ ! علما أن طلب النبي ( صلى الله عليه وآله ) من أم سلمة أن لا تأذن لأحد في الدخول لا يشمل فاطمة ( عليها السلام ) عادة . بل إنه أخلى البيت ذلك اليوم لها ولبعلها وولديها .

أجل ، أقبلت فاطمة ( عليها السلام ) إلى أبيها بالعصيدة ، بيد أن حضورها وحدها لا يكفي الآن ، لذلك أمرها أن تدعو له بعلها وابنيها . فعادت إلى بيتها ، وما لبثت أن جاءت بهم إلى بيت أبيها . وكان الحسنان ( عليهما السلام ) صغيرين يومئذ .

قامت أم سلمة بإشارة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ووقفت ناحية تصلي .

وغدا المجلس خاصا تماما ، يغمره الأنس والقداسة ، فقد جلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى مائدة فاطمة ( عليها السلام ) التي كان يسميها بضعته ، مع علي ( عليه السلام ) الذي كان يراه نفسه ، وابنيه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) اللذين كان يسميهما ريحانتيه .

وكان من عادة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ألا يأكل طعاما إلا مع إحدى أزواجه ، لكن الأمر اليوم على نحو آخر ، والمائدة مائدة أخرى ! ولو كانت أم سلمة جلست على المائدة لكان كلام الله تعالى فسر في أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) بشكل آخر غدا . من هنا ، لم يدع ( صلى الله عليه وآله ) زوجته إلى تناول الطعام استثناء .

نزل جبريل الأمين ( عليه السلام ) بهذه الآية : * ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) * فمد النبي ( صلى الله عليه وآله ) الكساء الخيبري على صهره ، وابنته ، وولديه ، وأومأ بيده اليمنى إلى ربه ، فقال : ” هؤلاء أهل البيت ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” .

وفي رواية أخرى : ” اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ” .

وفي رواية أخرى : ” اللهم هؤلاء آل محمد ، فأجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد ، إنك حميد مجيد ” .

إلى هنا كانت أم سلمة قرب الحجرة ، وهي تشهد هذا الحدث النوراني المعنوي بشكل من الأشكال ، فلم يطاوعها قلبها ، فتقدمت ورفعت جانبا من الكساء لعلها تستمتع بهذه الأجواء النورانية ، لكن النبي ( صلى الله عليه وآله ) جر الكساء من يدها ، ومنعها من الدخول في أجواء أهل بيته القرآني .

ويبدو أن أم سلمة قد ساءها ذلك فقالت : ألست من أهل البيت ؟ فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ” إنك إلى خير ، إنك من أزواج رسول الله ” .
3 – جو الحادثة

إذا تأملنا في حادثة الكساء والأحاديث الواردة فيها ، تبين لنا بجلاء أن هذه الحادثة ليست كما تصورها بعض الكتاب بأنها حادثة عادية اكتسبت شأنا فيما بعد . بل هي حادثة تعد من أخص الحوادث في تاريخ السيرة النبوية في سياق التعريف بأئمة المجتمع الإسلامي وقادته في المستقبل ، ويعود ذلك إلى الجو الخاص للحادثة المذكورة وصلته بنزول آية التطهير . ويدل دعاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكثير من الأحاديث التي روت حادثة الكساء على أنها كانت بعد نزول آية التطهير ، وقد حدثت لتفسير الآية وبيانها . ونقل أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يدعو أصحاب الكساء إلى صلاة الصبح حتى آخر عمره المبارك مناديا إياهم بأهل البيت ، وهذا مما يعبر عن أهمية الحادثة.
4 – حادثة الكساء في بيت أم سلمة

إن التأمل في الأحاديث المأثورة التي ذكرت حادثة الكساء يثبت أن نزول آية التطهير وقضية الكساء كانا في بيت أم سلمة لا محالة . وقد أقرت عائشة بهذه الحقيقة أيضا . كما روي ذلك عن أبي عبد الله الجدلي أنه قال : دخلت على عائشة ، فقلت : أين نزلت هذه الآية : إنما يريد الله . . . ؟ قالت : نزلت في بيت أم سلمة ( 29 ) . وفي رواية أخرى ، قالت أم سلمة : لو سألت عائشة لحدثتك أن هذه الآية نزلت في بيتي ( 30 ) . وقال أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد : روى أصحاب الحديث أن عمر سئل عن هذه الآية ، فقال : سلوا عنها عائشة . فقالت عائشة : إنها نزلت في بيت أختي أم سلمة . فاسألوها عنها ، فإنها أعلم بها مني ( 31 ) .

وأما الأخبار التي قد تشعر بأن قضية الكساء وقعت في بيت غيرها من أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) فإنها لو صحت لدلت على أن أشخاصا آخرين قد شهدوا حادثة الكساء أيضا كعائشة ، وزينب . وأنهم طلبوا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما طلبته أم سلمة ، فأجابهم بالنفي .

وأما ما احتمله بعض المحدثين ( 32 ) من تكرار هذه الحادثة عدة مرات فهو أمر مستبعد .
5 – كلام حول ما اشتهر بحديث الكساء

استبان إلى هنا أن حديث الكساء قطعي لا يقبل الشك والترديد ، كما مر بنا . وهو يعبر عن واحدة من أهم خصائص أهل البيت النبوي الكريم . ونريد بها خاصية الطهارة والعصمة . لكن شاع أخيرا حديث يحمل عنوان حديث الكساء ، وهو واه لا أساس له . وكان المرحوم المحدث القمي رضوان الله تعالى عليه أول من نبه على ضعفه . ومن العجيب أنه لم يجز لأحد أن يزيد على كتابه ( مفاتيح الجنان ) شيئا ، ودعا على من يقوم بذلك ( 33 ) ، لكن نلاحظ أن الحديث المذكور قد أضيف إليه ! والأدلة على ضعف هذا الحديث كثيرة ، نشير فيما يأتي إلى بعضها :

1 – لم يرد هذا الحديث في أي كتاب من الكتب المعتبرة للفريقين ، بما فيها الكتب التي تعمد إلى جمع الأحاديث المنسوبة إلى أهل البيت ( عليهم السلام ) كبحار الأنوار . قال المرحوم المحدث القمي في كتاب ( منتهى الآمال ) حول الحديث الشائع ، بعد أن أثبت تواتر حديث الكساء : ” أما الحديث المعروف بحديث الكساء الشائع في عصرنا بهذا الشكل فلم يلحظ في الكتب المعتبرة المعروفة وأصول الحديث والمجامع المتقنة للمحدثين . وجاز لنا أن نقول : إنه من خصائص كتاب ( المنتخب ) ” ( 34 ) .

2 – إن أول كتاب – فيما نعلم – نقل هذا الحديث بلا سند – كما أشار إليه المحدث القمي – هو كتاب ” المنتخب ” ( 35 ) . وهذا يعني أن الحديث المذكور لا يلاحظ له أثر في كتب الحديث منذ عصر صدر الاسلام حتى ألف سنة بعده!

3 – من العجيب أن هذا الحديث غير المسند ورد في حاشية كتاب ” العوالم ” مسندا كالآتي : ” رأيت بخط الشيخ الجليل السيد هاشم ، عن شيخه السيد ماجد البحراني عن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني ، عن شيخه المقدس الأردبيلي ، عن شيخه علي بن العالي الكركي ، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري . عن الشيخ أحمد بن فهد الحلي ، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري ، عن الشيخ ضياء الدين علي ابن الشهيد الأول ، عن أبيه ، عن فخر المحققين ، عن شيخه العلامة الحلي ، عن شيخه المحقق ، عن شيخه ابن نما الحلي ، عن شيخه محمد بن إدريس الحلي ، عن ابن حمزة الطوسي صاحب ” ثاقب المناقب ” عن الشيخ الجليل محمد بن شهرآشوب ، عن الطبرسي صاحب ” الاحتجاج ” عن شيخه الجليل الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه شيخ الطائفة ، عن شيخه المفيد ، عن شيخه ابن قولويه القمي ، عن شيخه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، [ عن أبيه إبراهيم ] بن هاشم عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن قاسم بن يحيى الجلاء الكوفي ، عن أبي بصير ، عن أبان بن تغلب البكري ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، قال : سمعت فاطمة أنها قالت : دخل علي أبي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بعض الأيام فقال : السلام عليك يا فاطمة . . . ” ( 36 )
وفيما يأتي ملاحظاتنا حول السند :

أ – المستند الوحيد للسند المذكور هو كلام الشيخ عبد الله نور الدين البحراني ، إذ يقول ، على فرض ثبوته : ” رأيت بخط السيد هاشم البحراني . . . ” . ولكن لا يعلم من ذا الذي يضمن صحة تشخيصه بأن الخط هو خط السيد هاشم البحراني حتما ؟

ب – لم يذكر السيد هاشم البحراني ( 37 ) المنسوب إليه السند هذا الحديث في كتابيه : ” تفسير البرهان ” ، و ” غاية المرام ” ، مع اهتمامه بجمع الأحاديث لا تصحيحها في هذين الكتابين . بل إن ما ذكره يخالف ما نسب إليه سندا ومتنا .

ج – إن كثيرا من المحدثين الكبار المذكورين في سلسلة السند كالكليني ، والطوسي ، والمفيد ، والطبرسي ، وابن شهرآشوب رووا في كتبهم حديث الكساء بالشكل الوارد في متن الكتاب ، وهو لا يتفق مع الحديث الشائع .

د – سلسلة السند المذكور لهذا الحديث في حاشية ” العوالم ” مليئة بالإشكالات ، حتى إن من كان له أدنى اطلاع على علم الرجال يدرك سقمه بوضوح ( 38 ) .

ه‍ – متن الحديث يخالف جميع المتون المعتبرة ، ويضاف إليه أن فيه نقاط ضعف لا تخفى على المتأمل .

ـــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) المستدرك على الصحيحين : 3 / 158 / 4705 ، وراجع السنن الكبرى : 2 / 214 / 2861 .
( 2 ) كذا في النسخة المطبوعة ، والظاهر أنه تصحيف ، والصحيح ” لعلى خير ” كما يظهر من سائر الروايات .
( 3 ) المستدرك على الصحيحين : 2 / 451 / 3558 .
( 4 ) تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ” : 70 / 127 ، وراجع تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ” : 73 / 106 ، تاريخ بغداد : 9 / 126 ، المعجم الكبير : 3 / 52 / 2662 .
( 5 ) تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 7 .
( 6 ) تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 7 .
( 7 ) البرمة : القدر مطلقا ، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن . ( النهاية : 1 / 121 ) .
( 8 ) كذا في النسخة المطبوعة ، والظاهر أن الأصح ” تحملها ” .
( 9 ) تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 7 ، وراجع : 146 / 208 من كتابنا هذا .
( 10 ) تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 8 .
( 11 ) مسند ابن حنبل : 10 / 197 / 26659 ، سنن الترمذي : 5 / 699 / 3871 وفيه ” أنا معهم يا رسول الله ؟ ” ، مسند أبي يعلى : 6 / 290 / 6985 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ” : 62 / 88 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ” : 65 / 118 وفي الثلاثة الأخيرة ” حامتي ” بدل ” خاصتي ” .
( 12 ) مسند أبي يعلى : 6 / 264 / 6915 ، مجمع الزوائد : 9 / 262 / 14971 .
( 13 ) مسند ابن حنبل : 10 / 228 / 26808 ، المعجم الكبير : 3 / 53 / 2664 ، وذكره أيضا في : 23 / 336 / 779 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ” : 64 / 93 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ” : 65 / 116 ، وذكر أيضا في : 67 / 120 نحوه ، مسند أبي يعلى : 6 / 248 / 6876 .
( 14 ) الخزيرة : مرقة ، وهي أن تصفى بلالة النخالة ثم تطبخ ( لسان العرب : 4 / 237 ) .
( 15 ) تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 6 .
( 16 ) أمالي الطوسي : 263 / 482 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ” : 67 / 97 عن عبد الله بن معين مولى أم سلمة ، وهو موافق لما في بعض نسخ الأمالي .
( 17 ) الدكان : الدكة المبنية للجلوس عليها . ( لسان العرب : 13 / 157 ) .
( 18 ) مسند ابن حنبل : 10 / 177 / 26570 وراجع فضائل الصحابة : 2 / 587 / 994 ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ” : 68 / 123 ، المناقب لابن المغازلي : 304 / 348 ، مناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي : 2 / 161 / 638 وكلاهما عن أبي ليلى الكندي عن أم سلمة .
( 19 ) تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ” : 69 / 102 ، وذكره أيضا في : 68 / 101 إلى قوله ” الحسين ” ، الدر المنثور : 6 / 604 نقلا عن ابن مردويه عن أم سلمة إلى قوله ” إنك من أزواج النبي ” ، الخصال : 403 / 113 ، أمالي الصدوق : 381 / 4 ، روضة الواعظين : 175 ، تفسير فرات الكوفي : 334 / 454 عن أبي سعيد عن أم سلمة .
( 20 ) أمالي الطوسي : 368 / 783 عن علي بن علي بن رزين .
( 21 ) مرط مرحل : إزار خز فيه علم ، وسمي مرحلا لما عليه من تصاوير رحل وما ضاهاه . ( لسان العرب : 11 / 278 ) .
( 22 ) صحيح مسلم : 4 / 1883 / 2424 ، المستدرك على الصحيحين : 3 / 159 / 4707 نحوه ، تفسير الطبري : 12 / الجزء 22 / 6 وفيه ” فجاء الحسن فأدخله معه ثم قال : إنما . . . ” ولم يذكر بقية أصحاب الكساء من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، السنن الكبرى : 2 / 212 / 2858 ، المصنف لابن أبي شيبة : 7 / 501 / 39 ، مسند إسحاق بن راهويه : 3 / 678 / 1271 وفيه ” دعا رسول الله ” بدل ” جاء ” ، تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ” : 63 / 113 نحوه .
( 23 ) أمالي الصدوق : 382 / 5 .
( 24 ) في تاريخ دمشق ” عمير بن جميع ” وهو تصحيف ، وأثبتنا الصواب الموافق لما في باقي المصادر ، والذي ضبطه ابن حجر في تهذيب التهذيب : 2 / 96 / 177 بقوله ” جميع بن عمير التيمي الكوفي ” روى عن عائشة ، وروى عنه العوام بن حوشب .
( 25 ) تاريخ دمشق ” ترجمة الإمام علي ( عليه السلام ) ” : 2 / 164 / 642 ، وراجع شواهد التنزيل : 2 / 61 / 682 – 684 ، العمدة : 40 / 23 ، مجمع البيان : 8 / 559 ، وأيضا : ص 146 / 211 من كتابنا هذا .
( 26 ) راجع الخصال : 2 / 550 ، الغدير : 4 / 40 .
( 27 ) راجع البحار : 22 / 245 / 15 وص 494 / 40 ، مجمع البيان : 9 / 44 .
( 28 ) دقيق يلث بالسمن ويطبخ ( لسان العرب : 3 / 291 ) .
( 29 و 30 ) تفسير فرات الكوفي : 334 / 455 .
( 31 ) الفصول المختارة : 53 و 54 .
 ( 32 ) راجع ذخائر العقبى : 57 ، الصواعق المحرقة : 144 ، ينابيع المودة : 1 / 323 ، أهل البيت ( عليهم السلام ) في آية التطهير : 51 .
( 33 ) راجع مفاتيح الجنان : 572 ( مقدمة الملحقات ) .
( 34 ) منتهى الآمال : 1 / 527 .
( 35 ) للشيخ فخر الدين محمد بن علي بن أحمد طريح المسلمي الأسدي الرماحي النجفي المعروف بالشيخ الطريحي ولد بالنجف وتوفي 1085 ه‍ . ق ، راجع أعيان الشيعة : 8 / 395 ، رياض العلماء : 4 / 334 ، الذريعة : 22 / 420 .
( 36 ) عوالم العلوم : 2 / 930 .
( 37 ) هو السيد هاشم بن إسماعيل بن عبد الجواد بن علي بن سليمان بن ناصر الموسوي الكتكاني التوبلي البحراني .
ولد في كتكان من توابع البحرين ، وتوفي سنة 1107 ه‍ . أثنى أصحاب التراجم على شخصيته العلمية والعملية . أجازه الشيخ الحر العاملي في نقل الحديث ، وقال : فاضل عالم ماهر مدقق فقيه عارف بالتفسير والعربية والرجال . من مشايخه في إجازة الحديث : الشيخ فخر الدين بن طريح ، والسيد عبد العظيم بن عباس الأسترابادي . ويستشف من ترجمته وكتبه أنه كان يقوم غالبا باستنساخ أحاديث أهل البيت وجمعها وضبطها ومقابلتها وتصحيحها وتبويبها . وقيل : إنه صنف ( 75 ) كتابا كبيرا ومتوسطا وصغيرا . وأشكل عليه البعض أن كتبه لا تخلو من الغلو والضعف والاعتماد على مصادر غير موثوقة ، ( راجع أعيان الشيعة : 10 / 249 ، أمل الآمل : 2 / 341 ، رياض العلماء : 5 / 310 ، والعلامة سيد هاشم البحراني تأليف فارس تبريزيان ) .
( 38 ) راجع عوالم العلوم : 2 / 930 ” الحاشية الثانية ” .