صراط الحق الجزء ١

صراط الحق20%

صراط الحق مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 296

الجزء ١
  • البداية
  • السابق
  • 296 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132025 / تحميل: 7356
الحجم الحجم الحجم
صراط الحق

صراط الحق الجزء ١

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الجهة الثامنة: حول العلم الحادث

وهي مشتملة على ذكر ما تتضمّنه جملة من الآيات العلم الحادث له تعالى، وإليك نقلها بلا إيفائها:

١ - ( وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ ) (١) .

٢ - ( لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ ) (٢).

٣ - ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) (٣).

٤ - ( لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا ) (٤).

٥ - ( إِلاّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ... ) (٥).

٦ - ( ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ ) (٦).

٧ - ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) (٧).

فهذه الآيات الشريفة وغيرها تدلّ على إثبات العلم الحادث له تعالى، وقد مرّ أنّ علمه بالأشياء أزلاً كعلمه بها بعدها، فيمكن أن تُحمل على العلم الشهودي، على ما قال به جمع كثير في سمعه وبصره كما يأتي، ونحن وإن لا نوافقهم في ذلك في هاتين الصفتين؛ لجهة غير جارية هي في المقام، لكنّا نقول هنا: إنّ له علمينِ، وهما: العلم غير الشهودي الذي هو عين ذاته على ما تقدّم، والعلم الشهودي الحادث بعد وجود المعلوم خارجاً، أو أن تُحمل على المشاكلة، وجرى الكلام مع المخاطبين على ما هو مقتضى أحوالهم وطبائعهم، من تحصّل علمهم بالشيء بعد وجوده.

هذا، ولكن في النفس من هذه الآيات شيء، ولا أذكر عاجلاً مَن تعرّض لهذه المشكلة تفصيلاً. نسأل الله التوفيق من فضله.

____________________

(١) آل عمران ٣ / ١٤١.

(٢) المائدة ٥ / ٩٤.

(٣) الحديد ٥٧ / ٢٦.

(٤) الجن ٧٢ / ٢٨.

(٥) سبأ ٣٤ / ٢١.

(٦) الكهف ١٨ / ١٢.

(٧) الملك ٦٧ / ٢.

١٨١

الفصل الثالث

في سمعه وبصره تعالى

المورد الأَوّل: في أصل ثبوت سمعه وبصره شرعاً وعقلاً

المورد الثاني: في معنى سمعه وبصره

المورد الثالث: في تخصيص السمع والبصر بالذكر شرعاً

المورد الرابع: في الروايات الواردة حولهما

١٨٢

الفصل الثالث

في سمعه وبصره تعالى

والكلام فيه في موارد:

المورد الأَوّل: في أصل ثبوت سمعه وبصره شرعاً وعقلاً.

أمّا شرعاً فاتّصافه تعالى بالسمع والبصر والإدراك قطعي، بل ضروري والكتاب والسُنة به مشحونان، وأمّا عقلاً فلوجوه:

الأَوّل: ما ذكره المحقّق الطوسي قدّس سره (١) بقوله: ويدلّ عليه إحاطته بما يصحّ أن يسمع ويبصر؛ فلهذا المعنى وللإذن الشرعي بإطلاق هاتين الصفتين عليه يوصف بهما.

الثاني: ما ذكر العلاّمة في الباب الحادي عشر (٢) بقوله: لأنّه حيّ فيصحّ أن يدرك، وقد ورد القرآن بثبوته له فيجب إثباته له.

الثالث: ما ذكره بعض الأشاعرة (٣) ، بأنّه تعالى حيّ وكلّ حي يصحّ اتّصافه بالسمع والبصر، ومَن صحّ اتّصافه بصفة اتّصف بها أو بضدّها، وضدّ السمع والبصر هو الصمم والعمى وأنّهما من صفات النقص، فامتنع اتّصافه تعالى بهما، فوجب اتّصافه بالسمع والبصر.

الرابع: ما استدلّ به بعضهم - كما يظهر من الشوارق (٤) - من أنّه حيّ وكلّ حيّ يصح أن يسمع ويبصر، وما أمكن في حقّ الواجب تعالى واجب له.

أقول: إن كان المراد بهما هو العلم بالمسموعات والمبصرات فالمقام داخل في المسألة المتقدّمة، فيتمّ الوجه الأَوّل والرابع، ولكن لابدّ أن يقال في الوجه الرابع: إنّ اتّصاف الواجب بهما ممكن، فهما ثابتان بلا توسيط الحياة، فإنّها عندهم بمعنى اتّصافه بالعلم والقدرة، ومفاد التقرير يكون هكذا: المتّصف بالعلم والقدرة يمكنه العلم، وهو كما ترى!

وإن كان شيئاً آخر فلا؛ إذ ليس حياته كحياة الممكن، حتى أمكن في حقّه ما أمكن في حقّنا،

____________________

(١) شرح قواعد العقائد / ٤٨.

(٢) شرح الباب الحادي عشر / ١٨.

(٣) شرح المواقف ٣ / ٧٢.

(٤) الشوارق ٢ / ٢٦٣.

١٨٣

فلا تكفي قاعدة الملازمة ولا إحاطته بما يصحّ أن يبصر ويسمع، فإنّ علمه به غير سمعه وبصره به.

وأمّا الوجه الثاني فهو راجع إلى الرابع؛ لأنّ ما أمكن في حقّه واجب بلا حاجة إلى توسيط النقل.

وأمّا الوجه الثالث فهو ضعيف جداً؛ لأنّ الحياة المأخوذة في الصغرى غير المأخوذة في الكبرى، وإلاّ فهي مصادرة، والصمم والعمى من قبيل عدم المَلَكة بالنسبة إلى السمع والبصر، لا أنّهما ضدان لهما، فيمكن خلو الواجب عن كليهما. وبالجملة: إن قلنا بتضمّن هاتين الصفتين ما يزيد على العلم الثابت له بالأدلة المتقدمة، فلا سبيل للعقل إلى إثباتهما، وإلاّ فيجري فيه الأدلّة المذكورة، ولا يحتاج إلى ذكر هذه الوجوه أو تكرارها.

هذا ومن الناس مَن نفى هاتين الصفتين اللتينِ دلّ عليهما الكتاب والسُنة، وتمسّكوا له بوجهين:

الأَوّل: إنّهما تأثر الحاسة عن المسموع والمبصَر أو مشروطان به كسائر الإحساسات، وهو محال في حق الله تعالى.

ورُدّ بمنع كونهما كذلك في الواجب؛ لأنّ صفاته مخالفة بالحقيقة لصفاتنا.

الثاني: إثبات السمع والبصر في الأزل ولا مسموع ولا مبصَر فيه خروج عن المعقول.

وأُجيب عنه، بأنّ انتفاء التعلّق أزلاً لا يستلزم انتفاء الصفة، كما في سمعنا وبصرنا، فإنّ خلوّهما عن الإدراك في وقت لا يوجب انتفاءهما أصلاً في ذلك الوقت، وفي الجوابين كلام لعلّه سينجلي فيما بعد.

المورد الثاني: في تفسير سمعه وبصره

وفيه أقوال:

الأَوّل: إنّهما عبارة عن العلم بالمسموعات والمبصرات، فهما فردان لمطلق العلم، قال به الفلاسفة كما قيل، أو الفلاسفة النافون لعلمه بالجزئيات على وجه جزئي كما في الأسفار، والكعبي أبو الحسين البصري.

أقول: وهذا هو مختار المفيد في كتابه أوائل المقالات (١) ، والعلاّمة في شرح قواعد العقائد، وبعض آخر من أصحابنا، قال شيخنا المفيد - بعدما فسّر السمع والبصر والإدراك، وكونه راءٍ بالعلم خاصّة دون ما زاد عليه في المعنى -: ولست أعلم من متكلّمي الإمامية في هذا الباب

____________________

(١) أوائل المقالات / ٢١.

١٨٤

خلافاً، وهو مذهب البغداديين من المعتزلة وجماعة عن المرجئة ونفر من الزيدية، ويخالف فيه المشبّهة وإخوانهم من أصحاب الصفات، والبصريون من أهل الاعتزال. انتهى.

أقول: دليلهم واضح فإنّ زيادة معنى البصر والسمع على العلم، ترجع إلى الإحساس المنفي عنه تعالى، فلابدّ من إرجاعهما إلى العلم، وإليه ذهب أبو الحسن الأشعري، كما في شرح القوشجي والأسفار.

الثاني: إنّهما زائدتان على العلم كما عن جمهور الأشاعرة والمعتزلة والكرامية، فإنّه إذا علم شيء علماً جلياً ثمّ وقع عليه البصر، يوجد بين الحالتين تفرقة ضرورةً، فإنّ الحالة الثانية تشتمل على زيادة مع حصول العلم فيهما، فذلك الزائد هو الإبصار، واحتياجنا إلى الآلة إنّما هو؛ لعجزنا وقصورنا، وأمّا الواجب فيحصل له الإبصار بلا آلة، وهذا هو الذي ذهب إليه السهروردي -فأرجع علمه إلى بصره- وصاحب الأسفار ومَن تبعه، وقد بيّنه في أسفاره فلاحظ.

الثالث: إنّهما نوعان من الإدراك لا يتعلّقان إلاّ بالموجود العيني، فهما من توابع الفعل، فليكونان حادثين بعد الجود (١) . قال به طائفة (٢) .

وبالجملة: البصر والسمع عندهم عبارة عن تعلّق العلم بالمسموع والمبصر الخارجيينِ.

الرابع: التوقّف كما عن المحقّق الطوسي قدّس سره في نقد المحصّل، قال: والأَولى أن يقال: لمّا ورد النقل آمنا بذلك، وعرفنا أنّهما لا يكونان إلاّ بالآلتين المعروفتين، واعترفنا بعدم الوقوف على حقيقتهما.

أقول: وكلام العلاّمة في شرح التجريد أيضاً مشعر بذلك.

أقول: القول الثاني هو الأوفق بمدلول لفظ البصير والسميع، فإنّ الإدراك ليس هو العلم المطلق، ولا العلم بالجزئيات، بل ولا العلم المتعلّق بالمحسوسات بأي طريق كان، بل هو الكشف المحسوس الذي إذا كان صادراً عنّا يسمّى إحساساً.

وهذا النحو من الإدراك أشدّ في المحسوسات من العلم الحضوري الذي تخيّله السهروردي، أَلا ترى أنّ الصور الحالة فينا معلومة لنا بالعلم الحضوري، ولو أدركناها بالإحساس كان انكشافها حينئذٍ أشدّ من علمنا الحضوري بالفعل؟ فهذا المعنى إمّا هو المعنى الحقيقي للفظة الإدراك والسمع والبصر، على تقدير عدم مداخلة العضو في معانيها، أو هو أقرب المعاني المجازية على تقدير مداخلته فيها.

غير أنّ الذي يوجب رفضه، بل وكذا رفض القول الثالث، هو ما دلّ على قِدم هذه الصفات

____________________

(١) كما نقله في البحار ٤ / ٧٣.

(٢) شرح المواقف ٣ / ٧٣.

١٨٥

إن تمّت صحّة أسانيدها، وكونها من الصفات الذاتية؛ إذ لا موجود محسوس أزلاً حتى يتعلّق به هذا الإدراك، فإذن لابدّ من إرجاعه إلى العلم كما قال الأَوّلون.

وأمّا الاعتذار المتقدّم في جواب الإيراد الثاني للنافين فهو في موضع منع؛ إذ ليس حالهما حال العلم المطلق حتى لا يضرهما فقدان المتعلّق، فتلخّص أنّ الأظهر هو القول الأَوّل، والأحوط هو القول الرابع، فإنّه مقتضى التثبّت الديني.

وأمّا الروايات الواردة في المقام فلم استفد منها شيئاً يترجّح به أحد المعنيين، سوى ذكر السمع والبصر في مقابل العلم المشعر بالتعدّد، وفوق كلّ ذي علم عليم، نعم قول أمير المؤمنين عليه‌السلام - على ما في خطبته المشهورة (١) -: (أحاط بالأشياء علماً قبل كونها، فلم يزدد بكونها علماً، علمه بها قبل أن يكوّنها كعلمه بعد تكوينها) يؤيّد القول الأَوّل، بل يمكن أن يُجعل أكثر ما تقدّم من الروايات الدالة على عموم علمه مؤيّداً له. والله الهادي.

المورد الثالث: في تخصيص

السمع والبصر بالذكر شرعاً

قالوا: إنّ عدم اتّصافه تعالى بالشمّ واللمس والذوق؛ لأجل عدم وروده من الشرع، وأسماء الله توقيفية.

ولعلّ النكتة في تخصيص السمع والبصر بالذكر شرعاً دون البقية، هو ردع المكلّفين عن المعاصي، فإنّ اعتقاد عامّة الناس بهما يمنعهم من الاقتحام في الجرائر والجرائم، ونفي توهّم الجسمية في حقّه تعالى، فإنّ تلك البقية أشدّ ارتباطاً بالجسم كما لا يخفى، وإلاّ فهو تعالى كما يعلم المسموعات والمبصرات، كذلك يعلم المشمومات والمذوقات والملموسات، إلاّ أن يقال: إنّ هذا يتمّ على التفسير الأَوّل وأمّا على التفسير الثاني فلا؛ إذ المفروض أنّ المعنى الزائد المذكور على العلم غير ثابت بالعقل، بل بالنقل وهو مختص بهما، ويمكن إثباته في البقية بقاعدة الملازمة بعد إمكانه، بل وقوعه في المبصرات والمسموعات، فتدبّر جيداً.

المورد الرابع: الروايات

الواردة في السمع والبصر

إنّ ما وجدته من الروايات الواردة حول هاتين الصفتين عاجلاً هو سبع نذكر واحدة منها، وهي: ما رواه ثقة الإسلام الكليني، بإسناده عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام - والسند

____________________

(١) أُصول الكافي ١ / ١٣٥.

١٨٦

صحيح - أنّه قال في صفة القديم: (إنّه واحد، صمد، أحدي المعنى، ليس بمعاني كثيرة مختلفة، قال: قلت: جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق، أنّه يسمع بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع، قال: فقال: كذبوا وألحدوا وشبّهوا، تعالى الله عن ذلك، إنّه سميع بصير، يسمع بما يبصر ويبصر بما يسمع، قال: قلت: يزعمون أنّه بصير على ما يعقلونه. قال: فقال: تعالى الله عن ذلك، إنّما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك) (١) .

وربّما تشعر الرواية بالقول الأَوّل. والله العالم.

____________________

(١) أُصول الكافي ١ / ١٠٨.

١٨٧

الفصل الرابع

إنّه تعالى حيّ

١٨٨

الفصل الرابع

إنّه تعالى حيّ

قد علم بالضرورة من الدين، وثبت بالكتاب والسُنّة، واتّفاق أهل الملل، أنّه تعالى حي، وحيث إنّ الحياة المتحقّقة في الحيوان - وهي صفة تقتضي الحس والحركة مشروطة باعتدال المزاج - غير ممكنة في حقه تعالى، اختلفوا في تفسيرها على أقوال:

١ - إنّها عبارة عن عدم استحالة كونه عالماً وقادراً. نُسب (١) إلى المتكلّمين من الإمامية والمعتزلة، وقيل (٢) : إنّه مذهب الحكماء وأبي الحسين البصري، ومرجعها إذن إلى الصفات السلبية كما لا يخفى.

٢ - إنّها صفة توجب صحّة العلم والقدرة، فهي إذن صفة زائدة على ذاته المتّصفة بالعلم والقدرة. نُقل هذا عن الأشاعرة وجمهور المعتزلة، أي قدمائهم القائلين بزيادة الصفات (٣) .

٣ - إنّها بمعنى الدرك والفعل، فكونه تعالى حياً أنّه درّاك فعّال، أي كون ذاته بحيث تكون درّاكةً وفعّالة، وإلاّ فهذا القول ظاهر الفساد، فإنّ حياته التي هي من صفاته الذاتية لا تكون نفس الفعل. وحكى هذا القول من الحكماء، المجلسي (٤) وغيره.

٤ - معنى كونه حيّاً هو الفعّال المدبّر اختاره الصدوق في كتابه التوحيد (٥) .

أقول: الحياة والممات كالحركة والسكون، والقيام والجلوس منفية عنه تعالى بانتفاء موضوعها، أعني الجسم والجسماني، فلو كنّا نحن وعقولنا لمّا جوّزنا اتّصافه بالحياة أصلاً، ولكن لمّا ورد النقل به جوّزناه تعبّداً.

وعليه فجميع هذه الأقوال بلا شاهد ودليل عليها، بل هي - باستثناء الأَوّل - ثابتة العدم، فإنّ القول الثاني يبطل بالمذهب الصحيح من عينية الصفات، والثالث والرابع مستلزمان قِدم

____________________

(١) بحار الأنوار ٤ / ٦٩.

(٢) المواقف ٣ / ٦٦ وغيرها.

(٣) المصدر نفسه.

(٤) بحار الأنوار ٤ / ٦٨.

(٥) بحار الأنوار ٤ / ١٩٢.

١٨٩

العالم فيبطلان ببطلان لازمها، والعجب من الصدوق فإنّه مع اعتقاده بحدوث العالم فسّر حياته تعالى - وهي من صفاته الذاتية - بما يلزم قِدم العالم، وبالجملة لابدّ أن يقول إمّا بقِدم العالم أو بحدوث الحياة، وكلا الأمرين باطل عنده.

وأمّا القول الأَوّل، فاتّصافه بالعلم والقدرة إنّما يُستكشف عن وجوده تعالى، وأنّه موجود غير معدوم لا عن حياته، فإنّها لا تكون شرطاً للعلم والقدرة مطلقاً كما لا يخفى.

فالإنصاف أنّه لم يتّضح لنا معنى الحياة الواردة في حقّه تعالى شرعاً، نعم لو قلنا بأنّ معنى الحياة في الحيوان يتمّ بإدراك وفعل، كما ادّعاه صاحب الأسفار لكان القول الثالث حقاً، وحينئذٍ يمكن إثباته عقلاً بقاعدة الملازمة المتقدّمة، لكن على نحو لا يستلزم قِدم العالم، إلاّ أنّه غير ظاهر.

ويمكن أن يقال: إنّ هذه الصفة حيث وردت في الكتاب والسنة الملقيَين على عامة الناس حسب عقولهم، أُريد بها ما هو متفاهم عندهم، فلا يكون معناها بمجمل، فيكون حياته بمعنى أنّه يتمكّن من الفعل، وأنّه يمكن أن يصدر منه آثاره اختياراً، وليس كالميت حيث لا أثر له، أو بمعنى أنّه موجود غير معدوم والله العالم.

وأعلم أنّ الحياة على أقسام بحياة الإنسان، وحياة الحيوان - ولعلّها على درجات - حياة الملائكة، وحياة الجن، حياة الموجودات الحية في المجرّات والسماوات، ولعلّها على أقسام متباينة، وهناك أقسام أُخر للحياة، كحياة الخلايا، وحياة أعضاء البدن، وحياة الشعر وغيرها، كما ذكرها الطب الجديد ولقلّتها في كتابنا (الفقه ومسائل طبيّة) الذي ألّفناه بعد أكثر من أربعين عاماً أو أكثر من تأليف هذا الكتاب، ونحن لا نعرف حقيقة حياة هذه المخلوقات، بل لا نعلم حقيقة حياتنا إلاّ بمقدار أنّها حصلت من تعلّق الروح بالبدن تعلّقاً تدبيرياً، وأمّا حقيقة حياتنا فهي مجهولة لنا، إلاّ بآثارها من التغذية، والنمو، والحسّ والحركة، والإدراك، والتكاثر ونحو ذلك، كما بُيّنت في علم الإحياء الحديث (البايولوجيا)، فكيف نحيط بحياته تعالى، حتى نحرّفها في الكلام والفلسفة! والأقوى ردّ جميع الأقوال المذكورة في الكتاب وغيره، والتوقّف في معرفتها، وإنّ المذكورات من آثارها الحياة لا منها ولا من لوازمها (١) .

إلحاق وإتمام

قد برهنّا - إلى الآن - على وجوده، ووجوبه، وقدرته، واختياره، وبصره وسمعه، وحياته، ولكن يرجع اختياره إلى قدرته، وأمّا سمعه وبصره فقد مرّ أنّهما من أفراد علمه أو من توابعه،

____________________

(١) ذكرنا هذه الزيادة عند طبع الكتاب مرّة ثالثة في سنة ١٣٨٥ هـ. ق = ١٤٢٧ هـ. ق.

١٩٠

على تردّد في ذلك، وأمّا الوجوب فليس إلاّ الوجود الغير المسبوق بالعدم، فأُصول صفاته ثلاثة: بعد وجوده: الحياة والعلم والقدرة، والبقية راجعة إليها.

فإلى الوجود يرجع الأزلية، والأبدية، السرمدية، والبقاء، والحقّية، والسالمية، والدوام، وأمثالها.

وإلى العلم يرجع رؤيته، (١) وإحاطته، وحكمته على أحد الوجهين، وعينه، وأمثالها.

وإلى القدرة يرجع قوته، وبطشه، وشدّته، ويده، وقهره، ونظائرها.

وستقف إن شاء الله على أنّ هذا التعدّد الثلاثي إنّما يجول في ميدان المفهوم وساحة الاعتبار فقط، وإلاّ ففي واقع المصداق ليس إلاّ الذات الأحدية البسيطة، فكلّه الوجود والقدرة والعلم، وعلمه قدرته ووجوده، وقدرته علمه ووجوده، ووجوده علمه وقدرته ( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) (٢) .

____________________

(١) كما قال تعالى: ( وَنَرَاهُ قَرِيبًا ) .

(٢) طه ٢٠ / ١١١.

١٩١

الموقف الثاني

في صفاته المدحيّة

١٩٢

الموقف الثاني

في صفاته المدحيّة

قد مضى أنّ صفاته الثبوتية إمّا ذاتية قائمة بذاته تعالى قياماً ذاتياً، وإمّا فعلية قائم بها قياماً صدورياً.

وهنا قسم آخر لم يلتفت إليه الباحثون، أو أهملوه لعدم الخلاف فيه، وسمّيناه نحن بـ (الصفات المدحيّة) وهي قائمة به تعالى قياماً وقوعياً (١) مثل: محمود، مقصود، مطلوب، وكيل - بمعنى مَن يُعتمد عليه - مرجع، ظاهر - أي معلوم للممكن بآثاره - باطن أي مجهول بحقيقته، إلى غير ذلك.

فإنّ أمثال هذه النعوت ليست بذاتية ولا بفعلية، صدرت مباديها عنه تعالى وهو ظاهر.

____________________

(١) وسنذكر أقسام القيام في مبحث تكلّمه من الموقف الثالث إن شاء الله.

١٩٣

الموقف الثالث

في صفاته الفعلية

الفريدة الأُولى: في إرادته تعالى

الفريدة الثانية: في أسباب فعله تعالى

الفريدة الثالثة: في حكمته

الفريدة الرابعة: في تكلّمه

الفريدة الخامسة: في صدقه تعالى

الفريدة السادسة: في رحمته

الفريدة السابعة: في أنّه جبّار وقهّار

الفريدة الثامنة: في رضاه وسخطه

الفريدة التاسعة: في جملة من صفاته الفعلية الأُخرى

خاتمة: في حدوث أفعاله (حدوث العالَم)

١٩٤

الموقف الثالث

في صفاته الفعلية

قالت اليهود: ( يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) (١) فهو كلّ يوم في شأن جديد، وإحداث بديع لم يكن، يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء، ولا رادع عن فعله، ولا مانع من قضائه، فله الإحياء والإمحاء، والرحم والغفران، والغضب والجود، والرزق والتدبير، والكفالة والهداية، والفصل والوصل، والإغناء والحفظ، وغير ذلك ممّا لا يعدّ ولا يُحصى، فسبحان الذي يفعل ما يشاء، ولا يفعل ما يشاء أحد غيره (٢) .

وقد مضى أنّ انحصار الصفات في الثمانية بلا أساس، غير أنّ التعرّض والبحث يخصّ بعضها دون الجميع؛ إمّا لأجل الأهمية، أو لوقوع الخلاف فيه.

ثمّ إنّ الفلاسفة اصطلحوا على تخصيص لفظ (الإبداع)، بإفادة موجود غير مسبوق بالمادة والمدّة كالعقول، وقالوا: إنّه أفضل أنحاء الإيجاد.

والتكوين، بإفادة شيء مسبوق بالمادةّ كالماديات.

والإحداث بإفادة شيء مسبوق بالمدّة كالحوادث اليومية.

والاختراع بإيجاد شيء بلا مِثال له في الخارج.

وأمّا الفعل والخلق والصنع فهي بمعنىً واحد أعم.

ويطلقون على جميع الموجودات الممكنة ألفاظ المخلوق والمصنوع والمفعول. كما ذكره المحقّق اللاهيجي (٣) .

ولكن في شرح المنظومة (٤) : المفعول إمّا أن يكون مسبوقاً بالمادّة والمدّة وهو الكائن، وإمّا أن لا يكون مسبوقاً بشيء منهما وهو المبتدَع، وإمّا أن يكون بالمادّة وهو المخترَع، وإمّا عكسه فاحتمال في بادي الرأي غير متحقّق في الخارج، ومثّل للثالث بالفَلك والفلكيات، فإنّها مسبوقة بالمادة دون الزمان المتأخّر عن حركة الفَلك المتأخّرة عن نفسه.

أقول: لا مشاحّة في الاصطلاح، غير أنّ الصحيح مسبوقية نوع فعله بالعدم، كما سيأتي بحثه إن شاء الله.

____________________

(١) المائدة ٥ / ٦٤.

(٢) مأخوذ من حديث معتبر سنداً.

(٣) گوهر مراد / ٢٠٠.

(٤) شرح المنظومة / ١٨١.

١٩٥

وكيفما كان، فلنرجع إلى بيان صفاته الفعلية المناسبة للذكر؛ مزيداً للمعرفة بشؤونه تعالى، وتوضيحاً لمداليلها، والله وليّ السداد والتأييد.

وتمام الكلام في ضمن فرائد:

١٩٦

الفريدة الأُولى

في إرادته تعالى

الناحية الأُولى: الإرادة بمعنى القصد

الناحية الثانية: في إثبات إرادته تعالى

الناحية الثالثة: جريان التعبّد في الإرادة

الناحية الرابعة: في بيان الأقوال في الإرادة وتحقيق الحق

١٩٧

الفريدة الأُولى

في إرادته تعالى

وهي من مهمّات هذا الفن، فإنّ اختياره تعالى وحدوث العالَم مرتبطان بها، والكلام فيها من نواحٍ:

الناحية الأُولى: الإرادة بمعنى القصد

الأظهر أنّ الإرادة بمعنى القص كما هو المتبادر منها، والتبادر علامة الحقيقة، وبالجملة، هي من صفات النفس فاستعمالها في الطلب وإن كان جائزاً بل واقعاً، لكنّه مجازي، فإنّ الطلب مبرِز للإرادة لا نفسها، ولا يبعد أنّها باقية على معناها اللغوي بلا اصطلاح جديد، فإنّ التعاريف المذكورة في أَلسنة القوم شرح لفظي تبيّن مفهومها.

وبالجملة: القصد من الصفات الوجدانية، وهي معلومة لكلّ أحد فلا حاجة إلى تعريفه، غير أنّ الباحثين اختلفوا في معنى الإرادة اختلافاً واسعاً، وقد تعرّض لنقله الحكيم الشيرازي، في مبحث قدرة الله وإرادته من كتاب الأسفار مفصّلاً، والأحسن ما ذكرنا، وسيأتي ما يرتبط بالمقام في بعض مباحث العدل إن شاء الله.

وهنا اختلاف آخر، وهو اتّحاد الإرادة والطلب مفهوماً ومصداقاً وعدمه، فعن الأشعريين اختيار الثاني، وعن العدلية اختيار الأَوّل، والمسألة محرّرة في أًُصول الفقه من كتب أصحابنا على وجه مفصّل.

هذا كلّه في إرادة الإنسان، وأمّا إرادة الواجب فيمتنع تفسيرها بالقصد المذكور؛ فإنّها من الصفات النفسانية الموقوفة على الجسم والجسمانيات، وأيضاً القصد مسبوق بالتصوّر والتصديق، الملازمين للجهل السابق، ولحلول الحادث فيه تعالى، ولاستكماله، فتأمّل وكل ذلك عليه من المحالات، وأيضاً القصد لا يبقى بعد حصول المقصود فيلزم التغيّر فيه تعالى؛ ولذا اختلف أهل النظر في معناها على أقوال يأتي ذكرها.

١٩٨

الناحية الثانية: في إثبات إرادته تعالى

لا ريب في إثبات إرادته تعالى، فإنّ القرآن والسنّة تدلاّن عليه دلالةً قطعية، وقد نقلوا اتّفاق أهل الملل والنحل عليه، بل وإطباق العقلاء أيضاً، وقالوا: إنّه من الضروريات الدينية.

واستدلّوا عليه مضافاً إلى ذلك من العقل، بأنّ الله تعالى أوجد بعض الممكنات دون بعض، وفي زمان دون زمان، فلابدّ لهذا التخصيص من مخصّص وهو الإرادة؛ إذ وجوده وقدرته وعلمه وحياته متساوية إلى وجود الأشياء وعدمها، إلى تمام الأزمان.

وهذا الدليل تامّ حتى عند مَن يرى جواز الترجيح بلا مرجّح، فإنّه لا ينكر الإرادة بل ما يدعو إلى العمل من اعتقاد نفع أو غيره؛ ولذا يصرّح بأنّ الهارب من السبع يرجّح أحد الطريقين المتساويين بإرادته بلا مرجّح آخر، فما ذكره المحقّق الطوسي - من عدم جريانه على القول الأخير - غير تامّ (١) ، لكن مَن يفسّر إرادته تعالى بنفس الإيجاد والإحداث، فلا يرى لهذا الاستدلال صحّةً؛ ولذا صرّح شيخنا المفيد بأنّ إثبات الإرادة لله تعالى من جهة النقل دون العقل (٢) .

الناحية الثالثة: جريان التعبّد في الإرادة

ذكرنا في المباحث السابقة المعيار في جريان التعبّد الشرعي وعدمه، في الأُصول الاعتقادية وفروعها، وعليه لا شكّ في جريان التعبّد في هذه المسألة، فإذا ثبت من الشرع ما يُفسّر به مفهوم إرادته تعالى، ولم يكن من العقل على خلافه محذور، يتّبع لا محالة.

الناحية الرابعة: في بيان الأقوال في الإرادة

فعن الحكماء كما في جملة من كتبهم: أنّها العلم بالنظام الأصلح.

وعن متكلّمي الإمامية (٣) ، أو جمهورهم، (٤) أو مشهورهم، (٥) وجماعة من رؤساء المعتزلة (٦) : أنّها العلم بما في الفعل من المصلحة، ويسمّونه بالداعي.

وعن الأشاعرة وجمهور معتزلة البصرة: أنّها صفة ثالثة مغايرة للعلم والقدرة، وهي توجب

____________________

(١) شرح قواعد العقائد / ٤١.

(٢) أوائل المقالات / ١٩.

(٣) مرآة العقول / ٧٦.

(٤) حاشية الآشتياني على رسائل الشيخ / ٣٥.

(٥) بحار الأنوار ٤ / ١٣٦.

(٦) شرح المواقف ٣ / ٦٧.

١٩٩

أحد المقدورين لذاتها.

وعن الكعبي: أنّها في فعله علمه بما في الفعل من المصلحة.

وعن البلخي: أنّها فيه إيجاده، وأمّا في أفعال غيره فقالا: إنّها أمره بها.

وعن ضرار: كونه تعالى مريداً، نفس ذاته.

عن الكرامية: أنّها حادثة قائمة به تعالى.

وعن الجبائية: أنّها حادثة لا في محلّ.

وعن الحسين النجّار معنى مريديته كونه غير مغلوب ولا مكره.

فهذه أقوال تسعة، لكن الثاني يرجع إلى الأَوّل؛ إذ لا فرق بينهما من جهة أنّ التأثير من العلم بالأصلح، وإنّا يفترقان في أنّ الأصلح المذكور هل هو علّة غائية لفعله تعالى كما يقوله المتكلّمون، أو لا بل العلة الغائيّة هو نفس ذاته المقدّسة دون سواها؟ فإنّ العالي لا يُقصد لأجل السافل كما يتوهّمه الفلاسفة. وبكلمة واضحة: الاختلاف بينهما في العلّة الغائية دون العلّة الفاعلية، التي هي المبحوث عنها في المقام، فما به التخصيص وعنه التأثير، هو علمه تعالى بالأصلح على كلا القولين، فافهم جيّداً.

وأمّا القول الثالث فهو مبني على أصل فاسد وهو زيادة صفاته تعالى وقِدمها، فإذا هدّمناه - كما يأتي في المقصد الرابع إن شاء الله - ينهدم القول المذكور، نعم يحتمل أن تكون الإرادة بلا رجوعها إلى العلم وغيره، من الصفات الذاتية على نحو العينية، وهذا يحتاج إلى جواب آخر وسيأتي بحثه. وأمّا ما نُقل عن ضرار فهو مجمل إلاّ أن يرجع إلى القول الأَوّل، ومن رواية سليمان المروزي المنقولة في توحيد الصدوق، يظهر أنّ له قولاً آخر نُسب إليه.

وأمّا القول الرابع فهو أيضاً راجع إلى الثاني، وتفسيره إرادة الله المتعلّقة بأفعالنا بالأمر؛ إمّا من جهة إبطال شبهة الجبر، وإمّا للإشارة إلى تقسيم الإرادة إلى التكوينية والتشريعية، وبه يظهر حال تفصيل القول الخامس أيضاً، فإنّه قول بحدوث إرادته تعالى، وإنّه نفس الإيجاد، وحيث إنّ إيجاده أفعال غيره غير معقول، وإلاّ كانت الأفعال أفعاله لا أفعال غيره، فسّرها بالأمر بها.

وأمّا القول السابع فأُورد عليه أنّه مستلزم لكونه تعالى محلاًّ للحوادث.

وأمّا الثامن فردّ باستحالة صفةٍ لا في محلّ فينتقص به حدّ الجوهر والعرض.

هذا وأوردوا على القولين معاً لزوم التسلسل في الإرادات، فإنّ الإرادة حادثة، وكلّ حادث لابدّ له من إرادة، وهذا ظاهر.

وأمّا القول الأخير فهو تعريف للإرادة بلوازمها لا بنفسها.

فالمتحصّل أنّ ما يصحّ تفسير إرادته تعالى به أُمور ثلاثة:

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

١٢ - بَابُ صِفَاتِ الذَّاتِ

٢٩٣/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « لَمْ يَزَلِ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - رَبَّنَا ، وَالْعِلْمُ ذَاتُهُ وَلَا مَعْلُومَ ، وَالسَّمْعُ ذَاتُهُ وَلَا مَسْمُوعَ ، وَالْبَصَرُ ذَاتُهُ وَلَا مُبْصَرَ ، وَالْقُدْرَةُ ذَاتُهُ وَلَا مَقْدُورَ ، فَلَمَّا أَحْدَثَ الْأَشْيَاءَ وَكَانَ(١) الْمَعْلُومُ(٢) ، وَقَعَ الْعِلْمُ مِنْهُ عَلَى الْمَعْلُومِ ، وَالسَّمْعُ عَلَى الْمَسْمُوعِ ، وَالْبَصَرُ عَلَى الْمُبْصَرِ ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمَقْدُورِ ».

قَالَ : قُلْتُ : فَلَمْ يَزَلِ(٣) اللهُ مُتَحَرِّكاً؟

قَالَ : فَقَالَ : « تَعَالَى اللهُ(٤) ؛ إِنَّ الْحَرَكَةَ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ بِالْفِعْلِ(٥) ».(٦)

قَالَ : قُلْتُ : فَلَمْ يَزَلِ اللهُ مُتَكَلِّماً؟

قَالَ : فَقَالَ : « إِنَّ الْكَلَامَ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ لَيْسَتْ بِأَزَلِيَّةٍ ، كَانَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلَا مُتَكَلِّمَ ».(٧)

٢٩٤/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « كَانَ اللهُ وَلَا شَيْ‌ءَ غَيْرُهُ ، وَلَمْ يَزَلْ عَالِماً بِمَا‌

__________________

(١) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّ « كان » تامّة بمعنى وُجد ».

(٢) في البحار : - « وكان المعلوم ».

(٣) في « ب » : « لم يزل ».

(٤) هكذا في النسخ والشروح. وفي المطبوع والبحار : + « عن ذلك ».

(٥) في « بر » : « للفعل ».

(٦) في التوحيد : - « قال : قلت - إلى قوله - محدثة بالفعل ».

(٧)التوحيد ، ص ١٣٩ ، ح ١ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٤٥ ، ح ٣٦١ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦١ ، ح ٩٦.

٢٦١

يَكُونُ(١) ؛ فَعِلْمُهُ بِهِ قَبْلَ كَوْنِهِ كَعِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ(٢) »(٣) .

٢٩٥/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ الْكَاهِلِيِّ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام : فِي دُعَاءٍ : الْحَمْدُ لِلّهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ؟

فَكَتَبَ إِلَيَّ : « لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهى عِلْمِهِ ؛ فَلَيْسَ لِعِلْمِهِ مُنْتَهىً(٤) ، وَلكِنْ قُلْ : مُنْتَهى رِضَاهُ »(٥) .

٢٩٦/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ :

أَنَّهُ كَتَبَ إِلى أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام يَسْأَلُهُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَكَانَ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ(٦) الْأَشْيَاءَ وَكَوَّنَهَا(٧) ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذلِكَ حَتّى خَلَقَهَا وَأَرَادَ خَلْقَهَا وَتَكْوِينَهَا ، فَعَلِمَ مَا خَلَقَ عِنْدَ مَا خَلَقَ ، وَمَا كَوَّنَ عِنْدَ مَا كَوَّنَ؟

فَوَقَّعَ بِخَطِّهِعليه‌السلام : « لَمْ يَزَلِ اللهُ عَالِماً بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كَعِلْمِهِ بِالْأَشْيَاءِ بَعْدَ مَا خَلَقَ الْأَشْيَاءَ »(٨) .

__________________

(١) في التوحيد : « بما كوّن ». وفي البحار : - « بما يكون ».

(٢) في التوحيد : « بعد ما كوّنه ».

(٣)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٤٩ ، ح ٣٦٢ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦١ ، ح ٩٧. (٤) وفي‌التوحيد : - « فليس لعلمه منتهى ».

(٥)التوحيد ، ص ١٣٤ ، ح ٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعاً ، عن محمّد بن أحمد ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن الكاهلي.وفيه ، ص ١٣٤ ، ح ١ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام مع اختلاف.تحف العقول ، ص ٤٠٨ ، مرسلاً عن عبدالله بن يحيى.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٣ ، ح ٣٦٧ ؛الوسائل ، ج ٧ ، ص ١٣٧ ، ذيل ح ٨٩٣٧. (٦) في حاشية « ف » : « قبل خلْق ».

(٧) في حاشية « ف » : « كون ».

(٨)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١٣ ، بسنده عن سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ، ح ٣٦٣ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٢ ، ح ٩٨.

٢٦٢

٢٩٧/ ٥. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلَى الرَّجُلِعليه‌السلام أَسْأَلُهُ(١) أَنَّ مَوَالِيَكَ(٢) اخْتَلَفُوا فِي الْعِلْمِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَمْ يَزَلِ اللهُ(٣) عَالِماً قَبْلَ فِعْلِ الْأَشْيَاءِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَانَقُولُ : لَمْ يَزَلِ اللهُ(٤) عَالِماً ؛ لِأَنَّ مَعْنى « يَعْلَمُ » « يَفْعَلُ »(٥) ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْعِلْمَ(٦) ، فَقَدْ أَثْبَتْنَا فِي الْأَزَلِ مَعَهُ(٧) شَيْئاً ، فَإِنْ رَأَيْتَ(٨) - جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ - أَنْ تُعَلِّمَنِي مِنْ ذلِكَ مَا أَقِفُ عَلَيْهِ وَلَا أَجُوزُهُ.

فَكَتَبَ بِخَطِّهِعليه‌السلام : « لَمْ يَزَلِ اللهُ عَالِماً تَبَارَكَ وَتَعَالى ذِكْرُهُ »(٩) .

٢٩٨/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ سُكَّرَةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعَلِّمَنِي هَلْ كَانَ اللهُ - جَلَّ وَجْهُهُ - يَعْلَمُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَنَّهُ وَحْدَهُ؟ فَقَدِ اخْتَلَفَ مَوَالِيكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ كَانَ يَعْلَمُ(١٠) ‌__________________

(١) في « بر » : - « أسأله ».

(٢) فيشرح صدر المتألّهين ص ٢٧٦ : « الموالي : جمع المولى. والمولى على وجوه : المعتِق ، والمعتَق ، وابن العمّ ، والناصر ، والجار ، والمتصرّف في أمر واحد. والمراد هنا الناصر ، فمعنى مواليك ، أي أنصارك وشيعتك ». وانظرالصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٩ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٢٧ ( ولي ).

(٣) في « ج ، بر » : - « الله ».

(٤) في البحار : - « الله ».

(٥) قوله : « لأنّ معنى يعلم يفعل » ، قائله توهّم أنّ العالم من الصفات الفعليّة ، وتحقّق الصفات الفعليّة يقتضي أن ‌يكون معه تعالى شي‌ء. فمعنى يفعل أي يفعل العلم ويوجده ، باعتبار أنّ العلم إدراك والإدراك فعل ، أو أنّ العلم يستلزم الفعل ؛ بناءً على أنّ العلم يقتضي المعلوم ، فتحقّق العلم في الأزل يقتضي تحقّق المعلوم ، فيكون معه تعالى شي‌ء. والإمامعليه‌السلام أبطل هذا القول بأنّ العلم في مقام الذات من صفات الذات. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٤١ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٣٥ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١١.

(٦) في « بس » : « الفعل ».

(٧) في « ج ، بح » : « معه في الأزل ». وفي « ف » : « العلم معه في الأزل ».

(٨) فيشرح المازندراني : « جواب الشرط محذوف ، أي فعلت ، أو تطوّلت ، أو نحو ذلك ».

(٩)الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ، ح ٣٦٤ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٢ ، ح ٩٩.

(١٠) في التوحيد : + « تبارك وتعالى أنّه وحده ».

٢٦٣

قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئاً مِنْ خَلْقِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا مَعْنى « يَعْلَمُ » « يَفْعَلُ » ، فَهُوَ الْيَوْمَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَاغَيْرُهُ قَبْلَ فِعْلِ الْأَشْيَاءِ ، فَقَالُوا(١) : إِنْ أَثْبَتْنَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَالِماً بِأَنَّهُ لَاغَيْرُهُ ، فَقَدْ أَثْبَتْنَا مَعَهُ غَيْرَهُ فِي أَزَلِيَّتِهِ ، فَإِنْ رَأَيْتَ يَا سَيِّدِي ، أَنْ تُعَلِّمَنِي مَا لَا أَعْدُوهُ إِلى غَيْرِهِ.

فَكَتَبَعليه‌السلام : « مَا زَالَ اللهُ عَالِماً تَبَارَكَ وَتَعَالى ذِكْرُهُ(٢) ».(٣)

١٣ - بَابٌ آخَرُ وَهُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ‌

٢٩٩/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام أَنَّهُ قَالَ فِي(٤) صِفَةِ الْقَدِيمِ : « إِنَّهُ وَاحِدٌ(٥) ، صَمَدٌ ، أَحَدِيُّ الْمَعْنى(٦) ، لَيْسَ(٧) بِمَعَانِي(٨) كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ ».

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، يَزْعُمُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ(٩) أَنَّهُ يَسْمَعُ بِغَيْرِ الَّذِي يُبْصِرُ ، وَيُبْصِرُ بِغَيْرِ الَّذِي يَسْمَعُ؟

قَالَ : فَقَالَ : « كَذَبُوا ، وَأَلْحَدُوا(١٠) ، وَشَبَّهُوا ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذلِكَ(١١) ؛ إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ،

__________________

(١) في « بر » والتوحيد : « وقالوا ».

(٢) في « بر ، بف » : + « وثناؤه ».

(٣)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١١ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥١ ، ح ٣٦٥ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠٠. (٤) في التوحيد : « من ».

(٥) في التوحيد : + « أحد ».

(٦) فيشرح المازندراني : « أحديّ المعني : قد يراد به أنّه لايشاركه شي‌ء في وجوده ووجوبه وربوبيّته وغيرها من الصفات الذاتيّة والفعليّة ، وقد يراد ليس له صفات زائدة على ذاتة. فعلى الأوّل قولهعليه‌السلام : « ليس بمعانٍ كثيرة مختلفة » تأسيس ، وعلى الثاني تفسير وتأكيد ».

(٧) في التوحيد : « وليس ».

(٨) في « ب » : « بمعان ».

(٩) في « ف » : - « قوم من أهل العراق ».

(١٠) أصل الإلحاد : الميل والعدول عن الشي‌ء. يقال : ألحد في دين الله تعالى ، أي حاد عنه وعدل. اُنظر :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٣٤ ؛النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٣٩ ( لحد ).

(١١) في « ج ، بر » : - « عن ذلك ». وفي « ف » : + « علوّاً كبيراً ».

٢٦٤

يَسْمَعُ بِمَا يُبْصِرُ ، وَيُبْصِرُ بِمَا يَسْمَعُ ».

قَالَ : قُلْتُ : يَزْعُمُونَ أَنَّهُ بَصِيرٌ(١) عَلى مَا يَعْقِلُونَهُ(٢) ؟

قَالَ : فَقَالَ : « تَعَالَى اللهُ ، إِنَّمَا يُعْقَلُ(٣) مَا كَانَ بِصِفَةِ(٤) الْمَخْلُوقِ وَ(٥) لَيْسَ اللهُ كَذلِكَ ».(٦)

٣٠٠/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ :

فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ - الَّذِي سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام - أَنَّهُ قَالَ لَهُ : أَتَقُولُ : إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟(٧)

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، سَمِيعٌ(٨) بِغَيْرِ جَارِحَةٍ ، وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ آلَةٍ ، بَلْ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ ، وَيُبْصِرُ بِنَفْسِهِ ، وَلَيْسَ قَوْلِي : إِنَّهُ سَمِيعٌ بِنَفْسِهِ(٩) أَنَّهُ شَيْ‌ءٌ وَالنَّفْسُ شَيْ‌ءٌ آخَرُ ، وَلكِنِّي(١٠) أَرَدْتُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِي ؛ إِذْ(١١) كُنْتُ مَسْؤُولاً ، وَإِفْهَاماً لَكَ(١٢) ؛ إِذْ كُنْتَ‌

__________________

(١) في « ف » : « يبصر ».

(٢) في حاشية « بح » : « ينحلونه ». وفي حاشية « ض » : « يفعلونه ». قال صدر المتألّهين : « كأنّه سهو من الناسخ ». والمازندراني يراه صحيحاً ؛ حيث ذكر له معنى صحيحاً ، وهو : « يعني يزعمون أنّه بصير على مايفعلونه ويوجدونه من الإدراك البصري الذي يقوم بهم. فمعنى أنّه تعالى بصير : أنّه يوجد الإدراك الذي يقوم به ، فيكون البصير من الصفات الفعليّة ، كما قيل مثل ذلك في العلم. وتقرير الجواب واضح ». اُنظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٧٧ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٢.

(٣) في شرح صدر المتألّهين : « يَعْقِل » أي قرأه معلوماً. وفي حاشية « ض ، بر » : « يُفْعَل ».

(٤) في « بح ، بر » : « يصفه ».

(٥) في « ب ، ج ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : - « و ».

(٦) التوحيد ، ص ١٤٤ ، ح ٩ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥١ ، ح ٣٦٦.

(٧) في « بح » : + « قال ».

(٨) في « ب » : - « سميع ».

(٩) في الكافي ، ح ٢٢٧ : + « أنّه سميع يسمع بنفسه ، وبصير يبصر بنفسه » ؛ وفي التوحيد ، ص ٢٤٣ : « إنّه يسمع‌ بنفسه ويبصر بنفسه » كلاهما بدل « إنّه سميع بنفسه ».

(١٠) في الكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد ، ص ٢٤٣ : « ولكن ».

(١١) في « ف » : « إذا ».

(١٢) في شرح صدر المتألّهين : « إفهامُك ».

٢٦٥

سَائِلاً ، فَأَقُولُ : يَسْمَعُ بِكُلِّهِ لَا أَنَّ(١) كُلَّهُ لَهُ بَعْضٌ(٢) ؛ لِأَنَّ(٣) الْكُلَّ لَنَا لَهُ(٤) بَعْضٌ ، ولكِنْ(٥) أَرَدْتُ إِفْهَامَكَ ، وَالتَّعْبِيرَ عَنْ نَفْسِي(٦) ، وَلَيْسَ مَرْجِعِي(٧) فِي ذلِكَ كُلِّهِ إِلَّا إِلى(٨) أَنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْعَالِمُ الْخَبِيرُ ، بِلَا اخْتِلَافِ الذَّاتِ ، وَلَا اخْتِلَافِ مَعْنىً(٩) ».(١٠)

١٤ - بَابُ الْإِرَادَةِ أَنَّهَا‌(١١) مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَسَائِرِ صِفَاتِ‌الْفِعْلِ (١٢)

٣٠١/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيِّ ، عَنِ‌

__________________

(١) في « ج » : « لأنّ » بدل « لا أنّ ».

(٢) في الكافي ، ح ٢٢٧ : « فأقول : إنّه سميع بكلّه ، لا أنّ الكلّ منه له بعضٌ » بدل « فأقول : يسمع بكلّه ، لا أنّ كلّه له بعض ».

(٣) رجوع التعليل إلى كلّ واحدٍ من النفي والمنفيّ ممكن. اختار المازندراني الأوّل واحتمل الثاني. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٢.

(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : - « له ». وفي حاشية « بح » : « أي بعض له ». وفي حاشية « بل » : « أي ذو بعض ، بحذف المضاف ». وفي الكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « لا أنّ الكلّ منه له بعض » بدل « لا أنّ كلّه له بعض ؛ لأنّ الكلّ لنا له بعض ».

(٥) في « بح ، بر » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « ولكنّي ».

(٦) في شرح صدر المتألّهين : « عمّا في نفسي ».

(٧) في « ف » : « مرجع قولي ».

(٨) هكذا في « ف ، بس » وحاشية « بح » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد ، ص ٢٤٣. وفي المطبوع وسائر النسخ : - « إلى ». (٩) في « ض ، بر » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « المعنى ».

(١٠) الحديث طويل ، قطّعه الكلينيرحمه‌الله ، وأورد قطعة منه هنا ، وصدره في كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ٢٢٠ ، وذكر تتمّة الحديث في ثلاث مواضع اُخرى منالكافي ( : كتاب التوحيد ، باب إطلاق القول بأنّه شي‌ء ، ح ٢٢٧ ؛ وباب الإرادة أنّها من صفات الفعل ، ح ٣٠٦ ؛ وكتاب الحجّة ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٤٣٤ ) كما أشار إليه العلّامة الفيض فيالوافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠. وأورد الصدوقرحمه‌الله تمام الرواية فيالتوحيد ، ص ٢٤٣ ، ح ١ ، بسنده عن إبراهيم بن هاشم القمّي. وذكر هذه القطعة أيضاً فيالتوحيد ، ص ١٤٤ ، ح ١٠ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٣٢٧ ، ح ٢٥٦.

(١١) في « بس » : « فإنّها ».

(١٢) فيشرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٤ : « الظاهر أنّ « باب الإرادة » مبتدأ و « أنّها » خبره. ويحتمل أن يكون « باب الإرادة » خبر مبتدء محذوف ، و « أنّها » بدل الإرادة ، و « سائر صفات الفعل » عطف على الإرادة. وهورحمه‌الله يذكر في هذا الباب ضابطة للفرق بين صفات الفعل وصفات الذات ».

٢٦٦

الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَهْوَازِيِّ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ(١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ(٢) : لَمْ يَزَلِ اللهُ مُرِيداً؟ قَالَ(٣) : « إِنَّ الْمُرِيدَ لَايَكُونُ إِلَّا لِمُرَادٍ(٤) مَعَهُ(٥) ، لَمْ يَزَلِ اللهُ(٦) عَالِماً قَادِراً ، ثُمَّ أَرَادَ »(٧) .

٣٠٢/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ(٨) ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : عِلْمُ اللهِ وَمَشِيئَتُهُ هُمَا مُخْتَلِفَانِ أَوْ مُتَّفِقَانِ؟

فَقَالَ : « الْعِلْمُ لَيْسَ هُوَ الْمَشِيئَةَ ؛ أَلَاتَرى(٩) أَنَّكَ تَقُولُ : سَأَفْعَلُ(١٠) كَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ ،

__________________

(١) في « ف » وحاشية « بح » : + « عن أبي بصير » ، لكنّ الظاهر عدم توسّط أبي بصير بين عاصم بن حُمَيد وبين أبي عبداللهعليه‌السلام في السند ؛ فقد روى الشيخ الصدوق الخبر فيالتوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٥ ، بسنده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حُمَيد ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام . هذا ، ولعلّ الوجه في زيادة « عن أبي بصير » تعدّد رواية النضر بن سويد عن عاصم بن حُمَيد عن أبي بصير ، راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٩ ، ص ٤٧٣ - ٤٧٥.

(٢) في التوحيد : + « له ».

(٣) في « ف » والتوحيد : « فقال ».

(٤) في « بر » وحاشية ميرزا رفيعا والوافي : « المراد ». أي لايكون المريد بحال إلّاحال كون المراد معه ، ولايكون مفارقاً عن المراد. (٥) في « ف ، بح » والتوحيد : + « بل ».

(٦) في « ب ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والتوحيد : - « الله ».

(٧)التوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٥ ، بسنده عن حسين بن سعيد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٥ ، ح ٣٦٨ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠١.

(٨) الحسن بن الجهم هو الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين. روى عن أبي الحسن موسى والرضاعليهما‌السلام ، وكان من خاصّة الرضاعليه‌السلام . وروى في بعض الأسناد عن [ عبدالله ] بن بكير. راجع :رجال النجاشي ، ص ٥٠ ، الرقم ١٠٩ ؛رسالة أبي غالب الزراري ، ص ١١٥ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ٥٠٦ - ٥٠٧.

وأمّا روايته عن بكير بن أعين ، فلم نجده إلّافي هذا الخبر الذي رواه الصدوق أيضاً فيالتوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٦. وبكير مات في حياة أبي عبداللهعليه‌السلام كما فيرجال الكشّي ، ص ١٦١ ، الرقم ٢٧٠ ؛ ورجال الطوسي ، ص ١٧٠ ، الرقم ١٩٩٢ ، ورسالة أبي غالب الزراري ، ص ١٨٨. فالظاهر وقوع خلل في السند من سقط أو إرسال.

(٩) في الوافي : « ألا تدري ».

(١٠) في« بح ، بف » وحاشية « ب ، بس »:« سأعلم ».

٢٦٧

وَلَا تَقُولُ : سَأَفْعَلُ كَذَا إِنْ عَلِمَ اللهُ ، فَقَوْلُكَ : « إِنْ شَاءَ اللهُ » دَلِيلٌ عَلى أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ ؛ فَإِذَا(١) شَاءَ ، كَانَ الَّذِي شَاءَ كَمَا شَاءَ ، وَعِلْمُ اللهِ السَّابِقُ(٢) لِلْمَشِيئَةِ(٣) ».(٤)

٣٠٣/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْخَلْقِ(٥) ؟

قَالَ : فَقَالَ : « الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ(٦) : الضَّمِيرُ وَمَا(٧) يَبْدُو لَهُمْ(٨) بَعْدَ ذلِكَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا مِنَ اللهِ تَعَالى ، فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَاغَيْرُ ذلِكَ(٩) ؛ لِأَنَّهُ(١٠) لَايُرَوِّي(١١) ، وَلَا يَهُمُّ(١٢) ، وَلَا يَتَفَكَّرُ ، وَهذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ ، وَهِيَ(١٣) صِفَاتُ الْخَلْقِ ؛ فَإِرَادَةُ اللهِ الْفِعْلُ(١٤) لَاغَيْرُ ذلِكَ ؛ يَقُولُ‌

__________________

(١) في شرح المازندراني : « الفاء للتعليل وبيان لدلالة إن شاء الله ».

(٢) « السابق » خبرٌ. وفي « ض ، جو » وحاشية « بح » وشرح المازندراني : « سابق ».

(٣) اللام في « للمشيئة » بمعنى « على » كقوله تعالى :( يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ ) . [ الإسراء (١٧) : ١٠٧ و ١٠٩ ]. وفي « ج ، ف ، بس ، بف » وحاشية « ض » والتعليقة للداماد وحاشية ميرزا رفيعا وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول : « المشيئة » وهي مجرورة بإضافة « السابق » إليها. وفي حاشية « بر » : « في نسخة : على المشيئة ». قال المازندراني في شرحه : « ومعنى الجميع واحد ، وهو أنّ علم الله تعالى سابق على مشيئته وإرادته التي هي الإيجاد ».

(٤)التوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٦ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٦ ، ح ٣٧٠.

(٥) في التوحيد : « المخلوق ».

(٦) في التوحيد والعيون : « المخلوق ».

(٧) « ما » مبتدأ و « من الفعل » خبره ، والجملة معطوفة على الجملة السابقة ، أو « ما » معطوف على « الضمير » و « من الفعل » بيان لـ « ما » عند المجلسي ، وصلة لـ « يبدو » عند المازندراني ؛ لأنّ الفعل هو المراد دون الإرادة ، إلّا أن يراد بالفعل مقدّمات الإرادة. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٩ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٧.

(٨) في التوحيد والعيون : « له ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : - « ذلك ».

(١٠) في حاشية « بر » : « فإنّه ».

(١١) في شرح المازندراني : « لايروّي ، أي لايفعل باستعمال الرويّة. يقال : روّيت في الأمر تروية ، أي نظرت فيه ولم أتعجّل. والاسم : الرَوِيّة ». وانظر :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٥٠ ( روي ).

(١٢) « لايهمّ » أي لايقصد ولا يريد ولا يعزم عليه. والاسم : الهِمَّة. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦١ ؛لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٦٢٠ ( همم ). (١٣) في التوحيد والعيون : + « من ».

(١٤) في شرح صدر المتألّهين : « فإرادته الفعل ». وفي التوحيد والعيون : « فإرادة الله هي الفعل ».

٢٦٨

لَهُ : « كُنْ » فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ ، وَلَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ ، وَلَا هِمَّةٍ ، وَلَا تَفَكُّرٍ ؛ وَلَا كَيْفَ لِذلِكَ(١) ، كَمَا أَنَّهُ لَا(٢) كَيْفَ لَهُ(٣) ».(٤)

٣٠٤/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « خَلَقَ اللهُ الْمَشِيئَةَ بِنَفْسِهَا ، ثُمَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِالْمَشِيئَةِ »(٥) .

٣٠٥/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْمَشْرِقِيِّ(٦) حَمْزَةَ بْنِ الْمُرْتَفِعِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، قَالَ :

__________________

(١) أي للإحداث. وفي العيون : « كذلك ».

(٢) في التوحيد والعيون : « بلا ».

(٣) أي لله‌تعالى. وفي التوحيد والعيون : - « له ».

(٤)الأمالي للطوسي ، ص ٢١١ ، المجلس ٨ ، ح ١٥ بسنده عن الكليني ، وتمام الرواية فيه : « أخبرني عن الإرادة من الله عَزَّ وَجَلَّ ومن الخلق ، فقال : الإرادة من الله إحداثه الفعل لا غير ذلك ؛ لأنّه لا يهمّ ولا يتفكّر ». وفيالتوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٧ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١١٩ ، ح ١١ ، بسنده فيهما عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٥ ، ح ٣٦٩.

(٥)التوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٩ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٧ ، ح ٣٧١.

(٦) في « ج » والتعليقة للداماد وشرح المازندراني والوافي : « المشرفي ». وفي « و » : + « عن ». وذكر الأردبيلي أيضاً فيجامع الرواة ، ج ٢ ، ص ٤٥٢ ، ثبوت « عن » نقلاً من بعض نسخالكافي . والخبر رواه الصدوق فيالتوحيد ، ص ١٦٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع. وفيمعاني الأخبار ، ص ١٨ ، ح ١ ، بنفس السند ، إلّا أنّ فيه : « المشرقي حمزة بن الربيع ».

هذا ، ومن المحتمَل وقوع تحريف في السند ، وأن يكون الصواب ثبوت « عن » بعد « المشرقي » ، وأنّ المشرقي هو هشام بن إبراهيم المشرقي الذي روى عنه محمّد بن عيسى العبيدي - وهو ابن عبيد بن يقطين - فيرجال الكشي ، ص ٤٩٨ ، الرقم ٩٥٦.

أمّا حمزة بن الربيع أو المرتفع ، فلم نعثر على ما يدلّنا على تعيين الصواب منهما ، وما ورد فيالتعليقة للداماد ، ص ٢٤٩ - من أنّ حمزة بن المرتفع من تحريف الناسخين ، والصحيح هو حمزة بن الربيع - لايمكن المساعدة عليه بعد ثبوت « المرتفع » كعنوان ؛ فقد ورد فيالتاريخ الكبير للبخاري ، ج ١ ، ص ٢٢٠ ، الرقم ٦٩٢ ، محمّد بن المرتفع العبدري ، وورد في وقعة صفّين لنصر بن مزاحم ، ص ٣١٥ ، وص ٥٥٦ ، المرتفع بن الوضاح الزبيدي. غاية الأمر أنّ المرتفع عنوان غريب ، وهذا الأمر يوجب تحريفه بعنوان قريب يشابهه في الكتابة ، وهو الربيع ، فيكون الأمر خلاف ما أفاده في التعليقة.

٢٦٩

كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَوْلُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى :( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) (١) مَا ذلِكَ الْغَضَبُ؟

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « هُوَ الْعِقَابُ يَا عَمْرُو ؛ إِنَّهُ(٢) مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ قَدْ زَالَ مِنْ شَيْ‌ءٍ إِلى شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ وَصَفَهُ صِفَةَ مَخْلُوقٍ ، وَ(٣) إِنَّ(٤) اللهَ تَعَالى لَايَسْتَفِزُّهُ(٥) شَيْ‌ءٌ ؛ فَيُغَيِّرَهُ(٦) »(٧) .

٣٠٦/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ - الَّذِي سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام - فَكَانَ مِنْ سُؤَالِهِ : أَنْ(٨) قَالَ لَهُ : فَلَهُ رِضاً وَسَخَطٌ؟ فَقَالَ(٩) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « نَعَمْ ، وَلكِنْ لَيْسَ ذلِكَ عَلى مَا يُوجَدُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ؛ وَذلِكَ أَنَّ الرِّضَا حَالٌ تَدْخُلُ(١٠) عَلَيْهِ ، فَتَنْقُلُهُ(١١) مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ أَجْوَفُ(١٢) ، مُعْتَمِلٌ(١٣) ، مُرَكَّبٌ ، لِلْأَشْيَاءِ فِيهِ مَدْخَلٌ ، وَخَالِقُنَا لَامَدْخَلَ لِلْأَشْيَاءِ‌

__________________

(١) طه (٢٠) : ٨١. و « هوى » أي هبط ، أو مات وهلك. اُنظر : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣٧٠ ( هوا ).

(٢) في « بر » : - « إنّه ».

(٣) في شرح المازندراني : « إنّ الله تعالى ، عطف على قوله : إنّه من زعم ». في الوافي والتوحيد : - « و ».

(٤) في المعاني : « فإنّ ».

(٥) في « ف » : « لايستغرّه ». وفي حاشية « ف » : « لايستقرّه ». وقوله : « لايستفزّه » أي لايستخفّه ولا يُزعجه ، من استفزّه الخوف ، أي استخفّه وأزعجه. قال المجلسي في مرآة العقول : « وقيل : أي لايجده خالياً عمّا يكون قابلاً له فيغيّره للحصول له تغييرَ الصفة لموصوفها ». وانظر :مفردات ألفاظ القرآن ، ص ٦٣٥ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧١٦ ( فزّ ).

(٦) في التوحيد : « ولا يغيّره ». وفي المعاني : « لايتنفّره شي‌ء ولا يعزّه شي‌ء » بدل « لايستفزّه شي‌ء فيغيّره ».

(٧)التوحيد ، ص ١٦٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع ، عمّن ذكره ؛معاني الأخبار ، ص ١٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي حمزة بن الربيع ، عمّن ذكره.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ، ح ٣٧٣. (٨) في « بر » : - « أن ».

(٩) في « ب ، بح » : + « له ».

(١٠) في « ب ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « يدخل ».

(١١) في شرح صدر المتألّهين : « فينقله ». وفي التوحيد والمعاني : « أنّ الرضا والغضب دخّال يدخل عليه فينقله » بدل « أنّ الرضا حال تدخل عليه فتنقله ». (١٢) في التوحيد والمعاني : - « لأنّ المخلوق أجوف ».

(١٣) « معتمِل » ، إمّا بكسر الميم من اعتمل ، أي اضطرب في العمل. والمراد أنّ في صنعه اضطراباً ، أو أنّ له في =

٢٧٠

فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ(١) وَاحِدٌ : وَاحِدِيُّ(٢) الذَّاتِ ، وَاحِدِيُّ الْمَعْنى ؛ فَرِضَاهُ ثَوَابُهُ ، وَسَخَطُهُ عِقَابُهُ ، مِنْ(٣) غَيْرِ شَيْ‌ءٍ يَتَدَاخَلُهُ ؛ فَيُهَيِّجُهُ(٤) وَيَنْقُلُهُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ لِأَنَّ(٥) ذلِكَ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ الْعَاجِزِينَ الْمُحْتَاجِينَ».(٦)

٣٠٧/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « الْمَشِيئَةُ مُحْدَثَةٌ ».(٧)

__________________

= عمله وإدراكاته اضطراباً ؛ أو من اعتمل ، بمعنى عمل بنفسه وأعمل رأيه وآلته. والمراد هنا أنّه يعمل بإعمال صفاته وآلاته. وإمّا بفتح الميم ، بمعنى من عمل فيه غيره. والمراد أنّه مصنوع ركّب فيه الأجزاء والقوى. اُنظر شروح الكافي والصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٧٥ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٦٨ ( عمل ).

(١) في التوحيد والمعاني : - « لأنّه ».

(٢) في « ف » : « وأحديّ ». وهكذا قرأها المازندراني ؛ حيث قال : « والعطف دلّ على المغايرة. ويحتمل التفسير أيضاً ، ويؤيّده ترك العطف في كتابالتوحيد للصدوقرحمه‌الله ؛ حيث قال فيه : واحد أحديّ الذات ». وما فيالتوحيد هو الأصوب والأقوم عند السيّد الداماد.شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٥٩ ؛ وانظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥١.

(٣) في « بس ، بف » : « عن ».

(٤) « فيهيّجه » : الهَيْج والتهييج : الإثارة والبعث. هو إمّا مرفوع عطفاً على « يتداخله » وإمّا منصوب جواباً للنفي. والنسخ أيضاً من حيث هيئة الكلمة وإعرابها مختلفة ؛ حيث إنّها في بعضها مخفّفة ، وفي بعضها مشدّدة ، وفي بعضها مرفوعة ، وفي بعضها منصوبة. (٥) في التوحيد والمعاني : « فإنّ ».

(٦) الحديث طويل ، قطّعه الكلينيقدس‌سره ، وأورد قطعة منه هنا ، وصدره في كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ٢٢٠ ، وذكر باقي الحديث في موضعين آخرين منالكافي ( : كتاب التوحيد ، باب إطلاق القول بأنّه شي‌ء ، ح ٢٢٧ ؛ وكتاب الحجّة ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٤٣٢ ) وكرّر قطعة منه في كتاب التوحيد ، باب آخر وهو من الباب الأوّل ، ح ٣٠٠. كما أشار إليه العلّامة الفيض فيالوافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠. وذكر الصدوقرحمه‌الله تمام الرواية فيالتوحيد ، ص ٢٤٣ ، ح ١ ؛ وهذه القطعة منه. فيالتوحيد ، ص ١٦٩ ، ح ٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٢٠ ، ح ٣ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٠ ، ح ٣٧٤.

(٧)المحاسن ، ص ٢٤٥ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٤١. وفيالتوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٨ ؛ وص ٣٣٦ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ، ح ٣٧٢ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٧١ ، ح ١١٩.

٢٧١

جُمْلَةُ الْقَوْلِ(١) فِي صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْفِعْلِ‌

إِنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ وَصَفْتَ اللهَ بِهِمَا ، وَكَانَا جَمِيعاً فِي الْوُجُودِ ، فَذلِكَ(٢) صِفَةُ فِعْلٍ ؛ وَتَفْسِيرُ هذِهِ الْجُمْلَةِ(٣) : أَنَّكَ تُثْبِتُ فِي الْوُجُودِ مَا يُرِيدُ وَمَا لَايُرِيدُ(٤) ، وَمَا يَرْضَاهُ وَمَا يَسْخَطُهُ(٥) ، وَمَا يُحِبُّ وَمَا يُبْغِضُ(٦) ، فَلَوْ كَانَتِ(٧) الْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ مِثْلِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، كَانَ مَا لَا يُرِيدُ نَاقِضاً لِتِلْكَ الصِّفَةِ ، وَلَوْ كَانَ مَا يُحِبُّ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، كَانَ مَا يُبْغِضُ نَاقِضاً لِتِلْكَ الصِّفَةِ(٨) ؛ أَلَاتَرى أَنَّا لَانَجِدُ فِي الْوُجُودِ مَا لَايَعْلَمُ وَمَا لَايَقْدِرُ(٩) عَلَيْهِ ، وَكَذلِكَ صِفَاتُ ذَاتِهِ(١٠) الْأَزَلِيِّ لَسْنَا نَصِفُهُ(١١) بِقُدْرَةٍ وَعَجْزٍ ، وَعِلْمٍ وَجَهْلٍ(١٢) ، وَسَفَهٍ وَحِكْمَةٍ وَخَطَاً ، وَعِزٍّ(١٣) وَذِلَّةٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يُحِبُّ مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُبْغِضُ مَنْ عَصَاهُ ، وَيُوَالِي مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُعَادِي مَنْ عَصَاهُ ، وَإِنَّهُ(١٤) يَرْضى وَيَسْخَطُ ؛ وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ : اللهُمَّ ارْضَ عَنِّي ، وَلَا تَسْخَطْ عَلَيَّ ، وَتَوَلَّنِي وَلَا تُعَادِنِي.

__________________

(١) في « ف ، بح » وشرح صدر المتألّهين : « قال أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني : جملة القول » وحكاه السيّد بدر الدين عن بعض النسخ في حاشيته على الكافي. والظاهر أنّ قوله : « جملة القول » وما بعدها من كلام المصنّف ؛ لأنّ الحديث مذكور في التوحيد وليست فيه هذه الجملة وما بعدها. وعند بعض الأفاضل من تتمّة الحديث ؛ لاقتضاء السياق ذلك وعدم الصارف عنه. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥٢ ؛شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨٠ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٦٢ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٢.

(٢) قوله : « فذلك » خبر « إنّ » والفاء باعتبار اشتمال اسمها على معنى الشرط.

(٣) في « بس » : - « الجملة ».

(٤) في « ف ، بس ، بف » : « ما تريد وما لاتريد ».

(٥) « يسخطه » بفتح الياء بقرينة « يرضاه ». وفي « بر » : « مايرضيه وما يسخطه ». وفي « بس ، بف » : « ترضاه » و « تسخطه ». (٦) في « بس ، بف » : « وما تحبّ وما تبغض ».

(٧) في « بف » : « كان ».

(٨) في حاشية « ف » : + « ولو كان مايرضى من صفات الذات كان ما يسخط ناقضاً لتلك الصفة ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : « ما لا نعلم وما نقدر ».

(١٠) في « ب » : « لذاته ».

(١١) في « ف » : « نتّصفه ».

(١٢) في « ف ، بح » : « وحلم ».

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : - « وعلم - إلى - وعزٍّ ». وفي شرح المازندراني : « وعزّة ».

(١٤) في « ف » وحاشية « بس ، بف » : « وأن ».

٢٧٢

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يَقْدِرُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَا يَقْدِرُ(١) أَنْ لَايَعْلَمَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ ولَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَمْلِكَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ عَزِيزاً حَكِيماً وَلَا يَقْدِرُ(٢) أَنْ لَايَكُونَ(٣) عَزِيزاً حَكِيماً ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ جَوَاداً وَلَا يَقْدِرُ(٤) أَنْ لَايَكُونَ جَوَاداً ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ غَفُوراً وَلَا يَقْدِرُ(٥) أَنْ لَا يَكُونَ غَفُوراً.

ولَا يَجُوزُ أَيْضاً أَنْ يُقَالَ : أَرَادَ أَنْ يَكُونَ رَبّاً وَقَدِيماً وَعَزِيزاً وَحَكِيماً(٦) وَمَالِكاً وَعَالِماً وَقَادِراً ؛ لِأَنَّ هذِهِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، وَالْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ؛ أَلَاتَرى أَنَّهُ يُقَالُ(٧) : أَرَادَ هذَا وَلَمْ يُرِدْ هذَا ، وَصِفَاتُ الذَّاتِ تَنْفِي عَنْهُ بِكُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا ضِدَّهَا ؛ يُقَالُ : حَيٌّ وَعَالِمٌ(٨) وَسَمِيعٌ وَبَصِيرٌ وَعَزِيزٌ وَحَكِيمٌ ، غَنِيٌّ ، مَلِكٌ ، حَلِيمٌ ، عَدْلٌ ، كَرِيمٌ ؛ فَالْعِلْمُ ضِدُّهُ الْجَهْلُ ، وَالْقُدْرَةُ ضِدُّهَا الْعَجْزُ ، وَالْحَيَاةُ ضِدُّهَا(٩) الْمَوْتُ ، وَالْعِزَّةُ ضِدُّهَا الذِّلَّةُ ، وَالْحِكْمَةُ(١٠) ضِدُّهَا الْخَطَأُ ، وَضِدُّ الْحِلْمِ الْعَجَلَةُ(١١) وَالْجَهْلُ ، وَضِدُّ الْعَدْلِ الْجَوْرُ وَالْظُّلْمُ.

١٥ - بَابُ حُدُوثِ الْأَسْمَاءِ‌

٣٠٨/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ‌

__________________

(١) قوله : « ولا يقدر » عطف على « يقدر » و « لا » لتأكيد النفي. وقال المجلسي في مرآة العقول : « ويمكن أن يكون‌ من مقول القول الذي لايجوز ويحتمل أن يكون الواو للحال ».

(٢) في « بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « ويقدر ».

(٣) فيشرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨١ : « اعلم أنّ النسخ هاهنا مختلفة ، ففي بعضها يوجد في بعض الفقرات الثانية بدل « يقدر أن لايكون » : « لايقدر أن يكون » ، وفي بعضها : « لايقدر أن لايكون » ، والظاهر أنّ المراد واحد ».

(٤) في « بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وحاشية ميرزا رفيعا : « ويقدر ».

(٥) في « بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « ويقدر ».

(٦) في « بح » : - « وحكيماً ».

(٧) في شرح صدر المتألّهين : + « إنّه تعالى ».

(٨) في حاشية « ف ، بح » : « عليم ».

(٩) في« بف»:« ضدّه ».وفي « ج » : «والحياة وضدّها».

(١٠) .في « ج »:« الحكم »وفي« ف » : « الحكمة و ».

(١١) في « ف » : « والحلم ضدّه العجلة ».

٢٧٣

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - خَلَقَ اسْماً(١) بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُتَصَوَّتٍ(٢) ، وَبِاللَّفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ(٣) ، وَبِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ(٤) ، وَبِالتَّشْبِيهِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ ، وَبِاللَّوْنِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ ، مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْأَقْطَارُ ، مُبَعَّدٌ(٥) عَنْهُ الْحُدُودُ ، مَحْجُوبٌ(٦) عَنْهُ(٧) حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّمٍ ، مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ(٨) .

فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ مَعاً ، لَيْسَ مِنْهَا وَاحِدٌ قَبْلَ الْآخَرِ ، فَأَظْهَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَسْمَاءٍ ؛ لِفَاقَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهَا ، وَحَجَبَ مِنْهَا وَاحِداً(٩) ، وَهُوَ الِاسْمُ الْمَكْنُونُ‌

__________________

(١) في « ج ، بف ، بس » وحاشية « ض » : « أسماء ». وفي « ض ، ف ، بر » وحاشية بدرالدين : « الأسماء ». وفي حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٣٧٦ : « في أكثر النسخ « أسماء » بلفظ الجمع ، وفي بعضها « اسماً » بالإِفراد. والجمع بين النسختين أنّه اسم واحد على أربعة أجزاء ، كلّ جزء منه اسم ، فيصحّ التعبير عنه بالاسم وبالأسماء ». ونحوه فيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٤.

(٢) كذا في أكثر النسخ والمطبوع ، ولكن لم يُرَ في كتب اللغة ممّا في أيدينا مجي‌ء التفعّل من الصوت. وفي‌حاشية « بح » : « مصوّت ». وفي « بس ، بف » وحاشية بدرالدين : « منصوب ». وفي التوحيد : « وهو عزّ وجلّ بالحروف غير منعوت » بدل « غير متصوّت ». وقولهعليه‌السلام : « غير متصوّت » وما بعده من المعطوفات عليه إمّا حال عن فاعل « خلق » والجارّ متعلّق بمتصوّت ، إمّا على البناء للفاعل ، أي خلق الله سبحانه اسماً والحال أنّه لم يتصوّت بالحروف. أو على البناء للمفعول ، أي هو تعالى ليس من قبيل الأصوات والحروف حتّى يصلح كون الاسم عينه تعالى. اُنظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨٢ - ٢٨٦ ؛حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٣٧٧ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٧٠ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥.

(٣) « غير مُنْطَقٍ » بفتح الطاء ، أي غير ناطق ، أو أنّه غير منطوق باللفظ كالحروف ليكون من جنسها. أو « غير منطِق » بكسر الطاء ، أي غير متلفِّظٍ ، يعني لم يجعل الحروف ناطقة بالإسناد المجازي. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٧١ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥.

(٤) في شرح المازندراني : « المجسّد مَن اُكملتْ خلقته البدنيّة وتمّت تشخّصاته الجسميّة ».

(٥) في « ض ، بر ، بس » : « مُبْعَد » أي اسم المفعول من الإفعال. وفي شرح صدر المتألّهين : « ومبعّد ».

(٦) في شرح صدر المتألّهين : « ومحجوب ».

(٧) في حاشية « ض » : « عن ».

(٨) في حاشية « ج » والوافي : « مُستَّر ». قال فيالوافي : « من التستير على البناء للمفعول ؛ إشارة إلى أنّ خفاءه وعدمَ نيله إنّما هو لضعف البصائر والأبصار ، لا أنّه جعل عليه ستر أخفاه ».

(٩) في « ج ، ض ، بح ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي والتوحيد : « واحداً منها » بدل « منها واحداً ». =

٢٧٤

الْمَخْزُونُ(١) .

فَهذِهِ(٢) الْأَسْمَاءُ(٣) الَّتِي ظَهَرَتْ(٤) ، فَالظَّاهِرُ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ، وَسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِنْ هذِهِ الْأَسْمَاءِ(٥) أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ ، فَذلِكَ اثْنَا عَشَرَ رُكْناً ، ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكْنٍ مِنْهَا ثَلَاثِينَ اسْماً فِعْلاً(٦) مَنْسُوباً إِلَيْهَا ، فَهُوَ الرَّحْمنُ ، الرَّحِيمُ ، الْمَلِكُ ، الْقُدُّوسُ ، الْخَالِقُ ، الْبَارِئُ ، الْمُصَوِّرُ( الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) (٧) الْعَلِيمُ ، الْخَبِيرُ ، السَّمِيعُ ، الْبَصِيرُ ، الْحَكِيمُ ، الْعَزِيزُ ، الْجَبَّارُ ، الْمُتَكَبِّرُ ، الْعَلِيُّ ، الْعَظِيمُ ، الْمُقْتَدِرُ ، الْقَادِرُ ، السَّلَامُ ، الْمُؤْمِنُ ، الْمُهَيْمِنُ(٨) ، الْبَارِئُ(٩) ، الْمُنْشِئُ ، الْبَدِيعُ ، الرَّفِيعُ ، الْجَلِيلُ ، الْكَرِيمُ ، الرَّازِقُ ، الْمُحْيِي ، الْمُمِيتُ ، الْبَاعِثُ(١٠) ، الْوَارِثُ.

فَهذِهِ الْأَسْمَاءُ وَمَا كَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنى - حَتّى تَتِمَّ(١١) ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ اسْماً - فَهِيَ(١٢) نِسْبَةٌ لِهذِهِ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَهذِهِ الْأَسْمَاءُ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ ، وَحَجَبَ(١٣)

__________________

= وفي « بس » : « واحد منها ».

(١) في « ب » : « المخزون المكنون ».

(٢) قال الفيض فيالوافي : « كذا وجدت فيما رأيناه من نسخالكافي ، والصواب : « بهذه الأسماء » بالباء ، كما رواه‌الصدوق - طاب ثراه - في كتاب توحيده ، ويدلّ عليه آخر الحديث ؛ حيث قال : وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ». واستظهره المجلسي أيضاً.

(٣) في « ف ، بح » والتوحيد : + « الثلاثة ».

(٤) في التوحيد : « أظهرت ».

(٥) في « بر » والتوحيد : - « الأسماء ».

(٦) فيشرح المازندراني : « اسماً فعلاً ، أي اسماً دإلّا على فعل من أفعاله تعالى حتّى حصل ثلاثمائة وستّون‌اسماً ». (٧) البقرة (٢) : ٢٥٥.

(٨) فيشرح المازندراني : « المهيمن : هو الرقيب الحافظ لكلّ شي‌ء ، أو الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قولٍ‌ و فعل. وأصله : مُأءْمن - بهمزتين - من أءْمن ، قلبت الثانية ياءً ؛ كراهة اجتماعهما ، فصار مأيمناً ، ثمّ صيّرت الاولى هاءً ، كما قالوا : أهراق الدماء وأراقه ». وانظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧١ ( أمن ).

(٩) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّه مكرّر من الناسخ ».

(١٠) في شرح صدر المتألّهين : - « الباعث ».

(١١) .في«ب ، بف» والتعليقة للداماد والوافي:«حتّى يتمّ ».

(١٢) في « بس » : « وهي ».

(١٣) يجوز هنا كون الفعل مجهولاً أيضاً.

٢٧٥

الِاسْمَ(١) الْوَاحِدَ الْمَكْنُونَ الْمَخْزُونَ بِهذِهِ(٢) الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى :( قُلِ اُدْعُواْ اَللهَ أَوِ اُدْعُواْ اَلرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى ) (٣) (٤) .

٣٠٩/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٥) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٦) وَمُوسَى بْنِ عُمَرَ(٧) وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ(٨) ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام : هَلْ كَانَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَارِفاً بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ؟ قَالَ : « نَعَمْ ».

قُلْتُ : يَرَاهَا وَيَسْمَعُهَا(٩) ؟ قَالَ : « مَا كَانَ مُحْتَاجاً إِلى ذلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُهَا ، وَلَا يَطْلُبُ مِنْهَا ، هُوَ نَفْسُهُ ، وَنَفْسُهُ هُوَ ، قُدْرَتُهُ(١٠) نَافِذَةٌ ، فَلَيْسَ يَحْتَاجُ إلى(١١) أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ ،

__________________

(١) في التوحيد : « للاسم ».

(٢) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّ الجارّ متعلّق بحجب ، والباء للسببيّة ».

(٣) الإسراء (١٧) : ١١٠.

(٤)التوحيد ، ص ١٩٠ ، ح ٣ ، بسنده عن الكليني.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٣ ، ح ٣٧٥.

(٥) كذا في جميع النسخ والمطبوع. وروى أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيدالله بن سهل ، عن الحسين بن‌عليّ بن أبي عثمان كتابه. راجع :رجال النجاشي ، ص ٦١ ، الرقم ١٤١. فالظاهر وقوع التصحيف في العنوان وأنّ الصواب هو « الحسين بن عبيدالله» ، كما أنّ الصواب في « الحسن بن عليّ بن عثمان » هو « الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ». يؤيّد ذلك ورود العنوانين على الصواب فيالتوحيد ، ص ١٩١ ، ح ٤ ، والعيون ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٤.

(٦) في التوحيد والعيون : « عبيدالله ».

(٧) في التوحيد والبحار : « موسى بن عمرو ». وهو سهو ظاهراً. وموسى بن عمر هذا هو موسى بن عمر يزيد الصيقل ؛ فقد روى موسى بن عمر بن يزيد ، عن [ محمّد ] بن سنان فيالتهذيب ؛ ج ٢ ، ص ٣٥٥ ، ح ١٤٦٨ ؛ وج ٧ ، ص ٢٥٤ ، ح ١٠٩٦.

(٨) في التوحيد والعيون والمعاني : « الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ».

(٩) « يَسْمَعُها » أي يذكر اسم نفسه ويسمعه. أو « يُسْمِعُها » أي يرى نفسه ويسمعها كلاماً يصدر منه ؛ لقياس السائل‌إيّاه تعالى بالمخلوق في المعرفة بالأسماء والدعوة بها. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٤ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٣٠.

(١٠) في « ف » : « وقدرته ».

(١١) هكذا في « ب ، ض ، بح ، بر » والعيون. وفي سائر النسخ والمطبوع : - « إلى ».

٢٧٦

وَ(١) لكِنَّهُ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَسْمَاءً لِغَيْرِهِ يَدْعُوهُ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ(٢) إِذَا لَمْ يُدْعَ بِاسْمِهِ ، لَمْ يُعْرَفْ ، فَأَوَّلُ مَا اخْتَارَ(٣) لِنَفْسِهِ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، فَمَعْنَاهُ : اللهُ ، وَاسْمُهُ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، هُوَ(٤) أَوَّلُ أَسْمَائِهِ(٥) عَلَا عَلى كُلِّ شَيْ‌ءٍ ».(٦)

٣١٠/ ٣. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ(٧) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُهُ(٨) عَنِ الِاسْمِ : مَا هُوَ؟ قَالَ : « صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ ».(٩)

٣١١/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(١٠) خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ(١١) ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « اسْمُ اللهِ غَيْرُهُ(١٢) ، وَكُلُّ شَيْ‌ءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ « شَيْ‌ءٍ » فَهُوَ‌

__________________

(١) في البحار : - « و ».

(٢) « لأنّه » تعليل لاختيار الأسماء ، والضمير له سبحانه ، والفعلان مجهولان. وأمّا جعلها تعليلاً لـ « يدعوه بها » وإرجاع الضمير إلى الغير وبناء الفعلين للفاعل فبعيد جدّاً ؛ للزوم تفكيك الضمير في « باسمه » وحذف مفعول الفعلين مع الغناء عنه بما ذكر ، والمآل واحد. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٦.

(٣) في العيون : « اختاره ».

(٤) في « ف » والمعاني : « وهو ».

(٥) في التوحيد والعيون والمعاني : + « لأنّه ».

(٦)التوحيد ، ص ١٩١ ، ح ٤ ؛عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٤ ؛معاني الأخبار ، ص ٢ ، ح ٢ ، وفي كلّها عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٥ ، ح ٣٧٦ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠٢ ، إلى قوله : « يدعوه بها ».

(٧) إشارة إلى السند المتقدّم إلى ابن سنان ؛ فإنّ ابن سنان الراوي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام هو محمّد بن سنان الزاهري. راجع :رجال النجاشي ، ص ٣٢٨ ، الرقم ٨٨٨ ؛رجال البرقي ، ص ٥٤ ؛رجال الطوسي ، ص ٣٦٤ ، الرقم ٥٣٩٤.

(٨) في العيون : « سألته ، يعني الرضاعليه‌السلام ». وفي المعاني : « سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ».

(٩)التوحيد ، ص ١٩٢ ، ح ٥ ؛عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٥ ؛معاني الأخبار ، ص ٢ ، ح ١ ، وفي كلّها عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٦ ، ح ٣٧٧.

(١٠) في « ألف » وحاشية « ف » : « عن ».

(١١) في « ألف » وحاشية « بح ، بس » : « زيد ».

(١٢) في « ج ، بس » : « اسم غير الله ». وفي « بف » وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : « اسم الله غير الله ». قال‌المازندراني : « في بعض النسخ : « غيره » يعني اسم الله غير المسمّى به ، وهو الذات المقدّسة ».

٢٧٧

مَخْلُوقٌ مَا خَلَا اللهَ ، فَأَمَّا مَا عَبَّرَتْهُ(١) الْأَلْسُنُ(٢) أَوْ عَمِلَتِ(٣) الْأَيْدِي(٤) ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ ، وَاللهُ غَايَةُ مَنْ غَايَاهُ(٥) ، وَالْمُغَيَّا(٦) غَيْرُ الْغَايَةِ ، وَالْغَايَةُ مَوْصُوفَةٌ ، وَكُلُّ مَوْصُوفٍ مَصْنُوعٌ ، وَصَانِعُ الْأَشْيَاءِ غَيْرُ مَوْصُوفٍ بِحَدٍّ مُسَمّىً(٧) ، لَمْ يَتَكَوَّنْ(٨) ؛ فَيُعْرَفَ(٩) كَيْنُونِيَّتُهُ(١٠) بِصُنْعِ غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَتَنَاهَ(١١) إِلى غَايَةٍ إِلَّا كَانَتْ غَيْرَهُ ، لَايَزِلُّ(١٢) مَنْ فَهِمَ هذَا‌

__________________

(١) في التوحيد : « عبرت ». وعَبَرتْهُ ، أو عبّرته بمعنى فسّرتْه. أو عَبَرتُه من العبور بمعنى المرور. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥٩ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٨ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٩ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٣٣ - ٧٣٤ ( عبر ). (٢) في التوحيد : + « عنه ».

(٣) في التعليقة للداماد وشرح صدر المتألّهين والمازندراني : « عملته ». وفي التوحيد ، ص ١٩٢ : « ماعملته ».

(٤) في التوحيد ، ص ١٤٢ : + « فيه ».

(٥) هكذا في « ب ، ض ، بر ، بس ، بف » والتعليقة للداماد ، وشرح المازندراني ومرآة العقول والتوحيد. وفي‌سائر النسخ والمطبوع : « غايةٌ مِن غاياته ». واختاره السيّد بدر الدين في حاشيته ، ص ٩٣ وقال : « ويريد به أنّ لفظة الجلالة غاية ونهاية ممّا تنتهي إليه العقول في معرفته عزّ وجلّ ». وقال فيالمرآة ، ج ٢ ، ص ٣٢ : « صحّفت غاياه بغاياته. وكذا في بعض النسخ أيضاً ، أي علامة من علاماته » ثمّ قال : « الخامس : ما صحّفه بعض الأفاضل ؛ حيث قرأ : عانة من عاناه ، أي الاسم ملابس مَن لابسه ». والمراد بـ « بعض الأفاضل » هو ميرزا رفيعا في حاشيته على الكافي ، ص ٣٨٣. وفي « ج » وحاشية « بر » : « غايات ». وفي « ف » : « الغايات ». وفي حاشية « بر » : « غايته ».

(٦) في « ب ، ض ، ف » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : « المعنيّ ». وأورد فيالمرآة ثلاثة احتمالات : بالغين المعجمة ، اسم الفاعل والمفعول من التفعيل. والمعنى المصطلح. وقال : « في بعض النسخ : والمعنيّ ، بالعين المهملة والنون ، أي المقصود ». وقرأ ميرزا رفيعا في حاشيته : « والمعنيّ غير العانة ، والعانة موصوفة » وقال : « أي المقصود بالاسم المتوسّل به إليه غير العانة ، أي غير ما تتصوّره وتعقله. والعانة موصوفة ، أي كلّ ما تتصوّره أو تعقله فتلابسه أو تسخره أو تهتهمّ به أو هو ذيل مخلوق مأسور موصوفٌ بصفات الممكن وتوابع الإمكان ».

(٧) « مسمّى » إمّا مضاف إليه أوصفة لحدّ ، كما فيالتعليقة للداماد. وفيمرآة العقول : « قيل : هو خبر بعد خبر ، أوخبر مبتدأ محذوف ».

(٨) في التعليقة للداماد : « لم يكن ». وفيشرح المازندراني : « لم يتكوّن ، خبر بعد خبر لصانع الأشياء ولم يتناه خبر ثالث».

(٩) في « ج ، ف ، بح ، بر ، بف » والوافي والتوحيد : « فتعرف ».

(١٠) في مرآة العقول والتوحيد : « كينونته ».

(١١) في « بر ، بف » : « ولايتناهى ».

(١٢) في « ض ، بر » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : « لايذلّ ».

٢٧٨

الْحُكْمَ(١) أَبَداً ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ الْخَالِصُ ، فَارْعَوْهُ(٢) ، وَصَدِّقُوهُ ، وَتَفَهَّمُوهُ بِإِذْنِ اللهِ.

مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللهَ بِحِجَابٍ أَوْ بِصُورَةٍ أَوْ بِمِثَالٍ ، فَهُوَ مُشْرِكٌ ؛ لِأَنَّ حِجَابَهُ وَمِثَالَهُ وَصُورَتَهُ(٣) غَيْرُهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ ، مُتَوَحِّدٌ(٤) ، فَكَيْفَ(٥) يُوَحِّدُهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَرَفَهُ بِغَيْرِهِ؟! وَإِنَّمَا عَرَفَ اللهَ مَنْ عَرَفَهُ بِاللهِ ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِ ، فَلَيْسَ يَعْرِفُهُ ، إِنَّمَا(٦) يَعْرِفُ غَيْرَهُ ، لَيْسَ(٧) بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ شَيْ‌ءٌ ، وَاللهُ خَالِقُ(٨) الْأَشْيَاءِ لَامِنْ شَيْ‌ءٍ كَانَ ، وَاللهُ يُسَمّى بِأَسْمَائِهِ وَهُوَ غَيْرُ أَسْمَائِهِ ، وَالْأَسْمَاءُ(٩) غَيْرُهُ ».(١٠)

١٦ - بَابُ مَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَاشْتِقَاقِهَا‌

٣١٢/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ تَفْسِيرِ(١١) ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فَقَالَ(١٢) : « الْبَاءُ‌

__________________

(١) « هذا الحكم » ، أي الحكمة من العلم ، أو القضاء ؛ فإنّه جاء بالمعنيين. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠١ ( حكم ).

(٢) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « فادعوه ». وفي « بس » : « فأوعوه ». واحتمل فيشرح المازندراني : « فأرعوه » من الإرعاء بمعنى الإصغاء. وفي التوحيد ، ص ١٤٢ : « فاعتقدوه ». وقوله : « فارعوه » من الرعاية بمعنى الحفظ أو الوفاء ، أو فارعوه من الإرعاء بمعنى الإصغاء ، تقول : أرعيته سمعي ، أي أصغيت إليه. اُنظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٩ ( رعى ) ؛التعليقة للداماد ، ص ٢٦١.

(٣) في « ف » : « وصورته ومثاله ». وفي التوحيد : « الحجاب والمثال والصورة ».

(٤) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي والتوحيد : « موحَّد ».

(٥) في«ج ،ض ،ف ،بح ،بس ،بف » : « وكيف ».

(٦) في « بف » : « وإنّما ».

(٧) في « ف » : « وليس ».

(٨) في « ب » وحاشية « بف » والوافي : « خلق ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : « وأسماؤه ».

(١٠)التوحيد ، ص ١٩٢ ، ح ٦ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله ؛وفيه ، ص ١٤٢ ، ح ٧ ، بسنده عن خالد بن يزيد ، مع زيادة في آخره.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٦ ، ح ٣٧٨.

(١١) في المحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ١ : - « تفسير ».

(١٢) هكذا في « بح » والمحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ١ وتفسير العيّاشي وتفسير القمّي. وفي سائر =

٢٧٩

بَهَاءُ(١) اللهِ ، وَالسِّينُ سَنَاءُ(٢) اللهِ ، وَالْمِيمُ مَجْدُ(٣) اللهِ - وَرَوى(٤) بَعْضُهُمْ : الْمِيمُ(٥) مُلْكُ اللهِ - وَاللهُ إِلهُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ ، الرَّحْمنُ(٦) بِجَمِيعِ(٧) خَلْقِهِ ، وَالرَّحِيمُ بِالْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً »(٨) .

٣١٣/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَاشْتِقَاقِهَا : اللهُ مِمَّا هُوَ مُشْتَقٌّ؟ فَقَالَ(٩) : « يَا هِشَامُ ، اللهُ مُشْتَقٌّ مِنْ إِلهٍ(١٠) ، وَالْإِلهُ(١١) يَقْتَضِي مَأْلُوهاً ، وَالِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمّى ، فَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ الْمَعْنى ، فَقَدْ كَفَرَ وَلَمْ يَعْبُدْ شَيْئاً ؛ وَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ وَالْمَعْنى ، فَقَدْ‌

__________________

= النسخ والمطبوع : « قال ».

(١) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٢ : « البهاء ، في اللغة الحسن. ولعلّ المراد به حسن معاملته مع عباده بالإيجاد والتقدير والألطاف والتدبير وإعطاء كلّ مايليق به ». وانظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٨٨ ( بهو ).

(٢) فيشرح المازندراني : « السناء - بالمدّ - : الرفعة والمراد بسناء الله : رفعته وشرفه بالذات على جميع الممكنات ». وانظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٨٨٣ ( سنا ).

(٣) « المجد » : السعة في الكرم والجلال. وأصله من قولهم : مَجَدَتِ الإبلُ ، إذا حصلت في مرعى كثير واسع.المفردات للراغب ، ص ٧٦٠ ( مجد ). (٤) في المحاسن : « وقال ».

(٥) في المحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ٢ : - « الميم ».

(٦) في « ب » والتعليقة للداماد والمحاسن والمعاني ، ح ١ وتفسير القمّي : « والرحمن ».

(٧) في « ض » وحاشية « بح » : « لجميع ».

(٨)المحاسن ، ص ٢٣٨ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢١٣. وفيالتوحيد ، ص ٢٣٠ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ؛معاني الأخبار ، ص ٣ ، ح ١ ، بسنده عن القاسم بن يحيى. وفيتفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٨ ؛ والتوحيد ، ص ٢٣٠ ، ح ٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣ ، ح ٢ ، بسند آخر مع اختلاف يسير ، وفيهما مع زيادة.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٢ ، ح ١٨ ، عن عبدالله بن سنان ، إلى قوله : « مجد الله » ؛وفيه ، ح ١٩ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام من قوله : « الميم ملك الله » مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٩ ، ح ٣٧٩.

(٩) وفي الكافي ، ح ٢٣٦ والوافي : « قال : فقال لي ».

(١٠) الظاهر أنّ « إله » فعال بمعنى المفعول. ومعنى « الإله يقتضي مألوهاً » أنّ إطلاق هذا الاسم يقتضي أن يكون في‌الوجود ذات معبود يطلق عليه هذا الاسم. أو فعل ماض. أو مصدر ، وعليه يكون معنى الجملة : أنّ العبادة تقتضي أن يكون في الوجود ذات معبود ، لايكفي فيها مجرّد الاسم من دون أن يكون له المسمّى. اُنظر :الوافي ، ج ١ ، ص ٣٤٧.

(١١) هكذا في « بف » والكافي ، ح ٢٣٦ والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « وإله ».

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296