صراط الحق الجزء ١

صراط الحق20%

صراط الحق مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 296

الجزء ١
  • البداية
  • السابق
  • 296 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132031 / تحميل: 7356
الحجم الحجم الحجم
صراط الحق

صراط الحق الجزء ١

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

١ - إنّها صفة في قبال سائر الصفات من دون رجوعها إلى العلم.

٢ - إنّها علمه بالأصلح، فتكون هي واجبة عين ذاته تعالى.

٣ - إنّها الإيجاد والإحداث فتكون حادثةً.

أمّا الوجه الأَوّل فقد اختاره بعض الأجلاّء من أهل المعقول والمنقول قال: (ومن البيّن أنّ مفهوم الإرادة كما هو مختار الأكابر من المحقّقين، هو الابتهاج والرضا وما يقاربهما مفهوماً، ويعبّر عنه بالشوق الأكيد فينا، والسرّ في التعبير عنها بالشوق فينا، وبصرف الابتهاج والرضا فيه تعالى؛ إنّا لمكان إمكاننا ناقصون غير تامين في الفاعلية، وفاعليتنا لكل شيء بالقوة؛ فلذا نحتاج في الخروج من القوة إلى الفعل إلى أمور زائدة على ذواتنا من تصوّر الفعل، والتصديق بفائدته، والشوق الأكيد، المميلة جميعاً للقوّة الفاعلة المحرّكة للعضلات، بخلاف الواجب تعالى، فإنّه لتقدّسه عن شوائب الإمكان، وجهات القوّة والنقصان، فاعل وجاعل بنفس ذاته العليمة المريدة، وحيث إنّه صرف الوجود، وصرف الوجود صرف الخير، فهو مبتهج بذاته أتمّ ابتهاج، وذاته مرضي لذاته أتمّ الرضا.

وينبعث من هذا الابتهاج الذاتي - وهي الإرادة الذاتية - ابتهاج في مرحلة الفعل، فإنّ مَن أحبّ شيئاً أحبّ آثاره، وهذه المحبّة الفعلية، هي الإرادة في مرحلة الفعل، وهي التي وردت الأخبار عن الأئمة الطاهرين (سلام الله عليهم) بحدوثها....

والوجه في تعبير الحكماء عن الإرادة الذاتية بالعلم بنظام الخير وبالصلاح: أنّهم بصدد ما به يكون الفعل اختيارياً، وهو ليس العلم بلا رضا، وإلاّ كانت الرطوبة الحاصلة بمجرّد تصوّر الحموضة اختياريةً... وكذلك ليس الرضا بلا علم، وإلاّ كانت جميع الآثار والمعاليل الموافقة لطبايع مؤثّراتها وعللها اختياريةً، بل الاختياري هو الفعل الصادر عن شعور ورضا.

فمجرّد الملاءمة والرضا المستفادَينِ من نظام الخير والصلاح التام لا يوجب الاختيارية، بل يجب إضافة العلم إليهما، فما يكون به الفعل اختيارياً منه تعالى، هو العلم بنظام الخير، لا أنّ الإرادة فيه تعالى بمعنى العلم بنظام الخير.

وهذا الذي ذكرنا مع موافقته للبرهان مرموز في كلمات الأعيان، بل مصرّح به في كلمات جملة من الأركان...). وقال أيضاً: (إنّ حقيقة إرادته تعالى في مرتبة ذاته ابتهاج ذاته بذاته... فهو صرف الخير، والخير هو الملائم اللذيذ الموجب للابتهاج والرضا، فهو صرف الرضا والابتهاج، كما كان صرف العلم والقدرة... إلخ) (١) .

أقول: ومن جملة الأركان الفيلسوف الشهير صاحب الأسفار، والسبزواري في شرح

____________________

(١) نهاية الدراية شرح كفاية الأُصول ١ / ١٦٤.

٢٠١

منظومته وحاشية الأسفار، ففي الأسفار: الإرادة والمحبّة معنى واحد كالعلم، وهي في الواجب عين ذاته، وهي بعينها عين الداعي. وقال في فصل آخر: بل هو مبتهج بذاته وعاشق لذاته، ويلزم من هذا الابتهاج ويترشّح منه حصول سائر الخيرات والابتهاجات... إلخ، لكنّه صرّح غير مرّة أيضاً، بأنّ إرادته هو العلم بالنظام الأتم، ونسبه إلى مذهب الحكماء كما يظهر لمَن لاحظ مبحث القدرة والإرادة من إلهيات أسفاره.

لكنّ الحقّ أنّ الإرادة ليست نفس الشوق والابتهاج كما عرفت، بل ولا ملزومة له كما في الأفعال العادية من تحريك الأعضاء، وكثير من الأفعال العبثية والجزافية، وكما في تناول الأدوية وغيرها، كما صرّح به في الأسفار أيضاً.

وأمّا ما تصوّره في حقّ الواجب المجرّد القديم من الابتهاج، ففيه: أنّ الابتهاج والرضا وما يقاربهما مفهوماً غير معقولة في حقّه؛ لبراءته عن الجسم والجسمانيات، ولا يفي دليل لإثبات الابتهاج في حقّه، ولا مجال لقياس الواجب على الممكن بوجه. أمّا إن أُريد بالابتهاج معنى آخر غير ما نجده في أنفسنا، فلابدّ من بيانه وذكر برهانه، وأنّى لهم بذلك، هذا مع أنّ الفعل الاختياري لا يتحقّق بمجرّد العلم والرضا، فإنّ مَن تصوّر الحموضة تصوّراً قهرياً، وحصلت الرطوبة في فمه، لا يقال: إنّه حصّل الرطوبة باختياره وإن كان راضياً ومائلاً بحصولها، فالإنصاف أنّ ما ذكره هذا المدقّق الجليل لا يتمّ قطعاً.

وأمّا القول الثاني فقد عرفت قائله، وما قيل أو يمكن أن يقال في إثباته وجوه:

١ - ما ذكره المحقّق الطوسي في التجريد، من أنّ الإرادة ليست زائدةً على الداعي؛ وإلاّ لزم التسلسل على تقدير حدوثها، أو تعدّد القدماء بناءً على تقدير قِدمها.

أقول: إلزام التسلسل على حدوث الإرادة معروف ومشهور وقد ذكره الكثيرون، وربّما أُجيب عنه بأجوبة غير دافعة عنه، لكن هذا الإلزام عندي هيّن جداً؛ إذ المراد بالإرادة الحادثة هو الإيجاد والإحداث لا غير، ومن الضروري أنّ الإيجاد فينا وفيه تعالى لا يحتاج إلى إيجاد آخر، نعم هو يحتاج إلى مرجّح وهو علمه بالأصلح.

٢ - الإرادة الواجبة له ممكنة، فهي ثابتة له بالقاعدة الملازمة.

وفيه: أنّها إمّا الابتهاج فقد عرفت عدم تعقّله في حقّه تعالى، وإمّا العلم بالصلاح والخير فسيأتي أنّه غير مؤثّر، فلا يصلح تفسير الإرادة به فإنّها مؤثّرة، وإمّا ما ندركه نحن من أنفسنا فهو ممتنع في حقّ الواجب المجرّد، ولا معنى معقول لها غير هذه الثلاثة، فإذن، الصغرى باطلة في هذا القياس.

٣ - إنّ الإرادة إن كانت من الصفات الذاتية فتمّ الدست، وإلاّ فإن كانت قديمةً لزم تعدّد

٢٠٢

القدماء، الذي يقول به الأشعريون وهو فاسد يقيناً، وإن كانت حادثةً فإمّا في غير محل، وإمّا في محل هو غيره تعالى، فهو باطل كما لا يخفى.

وإن كان حالّةً فيه تعالى لزم كونه محلاً للحوادث، وهو ممتنع كما سندلّل عليه، فبطلان هذه الشقوق يعيّن المطلوب.

أقول: إرادته الحادثة قائمة به تعالى قياماً صدورياً لا قياماً حلولياً، وسيأتي بيان توضيح أقسام القيام في مبحث التكلّم إن شاء الله.

وبالجملة: المِلّيون بأسرهم يقولون بفاعليته تعالى، وأنّه فعّال وكلّ فعل قائم بفاعله، وليس هذا من الحلول، وكونه تعالى محلاًّ للحادثات بشيء، والإرادة ليست إلاّ نفس الإيجاد، وهذا واضح.

كيف يؤثّر العلم؟

الذي يدور عليه هذا القول ويقوم به هو كون علمه تعالى فعلياً، فإذا ثبت ذلك فقد تمّ المطلوب، ولابدّ من تسليم أنّ إرادته هي علمه بنظام الخير والأصلح، وإلاّ فالمصير إلى القول الثالث متعيّن.

فنقول: الذي نتعقّله من مفهوم العلم، هو ما به انكشاف الأشياء وجلاؤها عن العقل، وأمّا كونه ذا تأثير فليس ببيّن، فلابدّ من تبيينه بالبرهان، وإنّي كلّما تصفّحت مظانّه لم أجد منهم دليلاً على ذلك أصلاً، لا في مباحث الأعراض، ولا في مبحث أقسام الفاعل، ولا في الإلهيات، سوى أمثلة ذكروها مثل علم المهندس، فإنه يتصوّر البِناء أَوّلاً ثمّ يوجده على وِفق علمه، فهذا العلم فعلي؛ إذ المعلوم تابع له دون العكس كما في الانفعالي.

قال في الأسفار: ولا استبعاد في كون العلم نفسه سبباً لصدور الأشياء ووجودها، كالماشي على جدار دقيق العرض إذا تصوّر السقوط يسقط بتصوّره، وعدّ من هذا القبيل تأثير بعض النفوس بالهمّة والوهم، وكذا إصابة العين التي عُلم تأثيرها بإخبار الوحي والسنة، من قوله تعالى: ( وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ) (١)، ومن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (العين تُدخل الرجل القبر والجمل القِدر)، وإذا جاز أن يكون العلم الضعيف البشري مؤثّراً في وجود المعلوم، فأَولى أن يجوز ذلك في العلم الأزلي لمُنشِئ العالَم من العدم الصرف. انتهى.

والإنصاف أنّ ذلك منهم عجيب! يفرّعون جملةً من البحوث المهمّة في الإلهيات، على أصل من الأُصول المهمّة العقلية الاعتقادية، ولا يقدرون على إثباته، فيكتفون بذكر مثال واستشهاد

____________________

(١) القلم ٦٨ / ٥١.

٢٠٣

وقياس ضعيف، ثمّ يدّعون أنّ الفلسفة تحصيل الحقائق، ويطعنون على غيرهم بالتقليد والمسامحة في ناموس البرهان والاستدلال! أَليس علم المهندس أيضاً انفعالياً أُخذ من مشاهداته الخارجية غالباً؟ نعم هو بالنسبة إلى هذا العمل سابق، لكنّه لا تأثير له تماماً، وإنّما هو من مقدّمات إرادة ذلك العمل، وإلاّ فالبِناء لا يوجد ولو تصوّره البنّاء ألف مرّةً.

وبالجملة: إن أرادوا أنّ العلم في طريق العمل، فهذا ممّا لا شكّ فيه لعاقل؛ إذ كل عمل اختياري لابدّ له من تصوّر وتصديق ولو ارتكازاً، ونحن نقر إقراراً ضرورياً أنّ علمه تعالى بالصلاح هو المرجّح لأفعاله، وبه يترجّح وجوداتها على أعدامها، وبعض أطوارها على الأُخر؛ وإن أُريد أنّه المؤثّر التامّ - كما قالوا ذلك في علم الله سبحانه، وسمّوه الفاعل بالعناية - فقد عرفت أنّه محض الدعوى، والمثال الذي ذكروه لا يفي به، بل الوجدان على خلافه.

وأمّا المثال الثاني ففيه: أنّ تصور السقوط ممّن قام على جدار عالٍ، علم واحد موجود في الخائف المدهوش الذي يسقط به، وفيمَن اعتاد القيام عليه بكثرة التكرار لا يسقط به كالبنّاء فوق الأبنية والجدران العالية، ولو كان علة لم يختلف كما اعترف به بعض أفاضلهم أيضاً، بل الصحيح أنّه لا علم في المثال المفروض؛ إذ الصاعد على الجدار يُحتمل سقوطه، ونفس هذا الاحتمال يولّد الخوف في قلبه، وهذا الخوف هو الذي يسبّب سقوطه، فهو لا يستند إلى العلم، فتأمل.

وأمّا تأثير النفس وإصابة العين فهما وإن كانا ثابتين في الجملة، لكن المقام منهما أجنبي بلا خفاء فيه.

فإذن، قد تحصّل أن ما تسالموا عليه من تقسيم العلم إلى الفعلي والانفعالي، وجعل الأَوّل علّة المعلوم لا تابعاً له، أمر خيالي فاسد جداً لا واقع له أبداً.

ومنه يظهر أنّ القول الثاني في تفسير إرادته كالقول الأَوّل منهدم الأساس، وما فرّع عليه ساقط أيضاً، فإذن، لابدّ من الرجوع إلى القول الثالث، وهو أنّ علمه تعالى غير علّة للممكنات، بل العلّة هو الإيجاد المسمّى بالإرادة، وأمّا القصد فلا يعقل في حقه كما يتصوّر في حقنا؛ ولذا قلنا: إنّ إثبات الإرادة لله القديم نقلي لا عقلي.

وممّا يدلّ على أنّ إرادته تعالى ليست راجعةً إلى علمه، وأنّ علمه ليس بفعلي - زائداً على ما ذكرنا - وجهان:

الأَوّل: إنّه يعلم نفسه ويعلم الضروريات، كلزوم الإمكان للممكن، والزوجية للأربعة ونحوهما، ويعلم امتناع الممتنعات، مع أنّ علمه بهذه الأُمور لا يكون بفعلي ومؤثّر قطعاً، ولا يمكن أن يتفوّه به عاقل جزماً، فمطلق علمه ليس بفعلي، فلئن كان، فهو علمه بالممكن الأصلح،

٢٠٤

فإذن، نسأل من أين جاءت هذه السببية والتأثير؟ أَليس علمه تعالى شيئاً واحداً لا اختلاف في حقيقته؛ لأنّها عين الذات المقدّسة، فإذا لم يكن التأثير مستنداً إلى العلم نفسه، وإلاّ لم يتعلّق بالضروريات الآبية عن التأثير المذكور مع أنّ علمه متعلّق بها اتّفاقاً، فلابدّ من استناده إمّا إلى نفس الأصلح، وهذا هو معنى كون الشيء مؤثّراً ومتأثراً، ومعنى إثبات عجز الإله، ومعنى الترجّح بلا مرجّح، ومعنى إنكار فاعلية الحقّ بتاتاً؛ وإمّا إلى تعلّق العلم بالأصلح، وهذا أيضاً باطل؛ إذ التعلّق المذكور اعتباري محض وهو لا يصير منشأ للتأثير، كيف ولو كان كذلك لكان تعلّق علمنا بالأصلح أيضاً مؤثّراً؟ وهو كما ترى.

الثاني: إنّ الله تعالى يعلم كلّ شيء كما مرّ، فيعلم الشرّ والظلم والكفر والقبايح بما هي شرّ وظلم وكفر وقبايح، بلا فرق بين علمه بها، وعلمه بالعدل والإيمان والخير والمحاسن أصلاً، بل يعلم الجميع مع أنّه تعالى لعدله وحكمته لا يريد الطائفة الأُولى أبداً، فيُعلم أنّ إرادته غير علمه، فتأمل.

وأمّا ما أجاب عنه في الأسفار وأطال، فيظهر ضعفه من نفس هذا التقريب، فلا نطوّل بذكره ونقده، فقد ثبت حينئذٍ ثبوتاً قطعياً، أنّ إرادته هو إحداثه وإيجاده لا غير، فإنّ بطلان القولين الأَوّلين يعيّن الالتزام بهذا القول، إذ لا شقّ رابع.

وهذا القول هو الذي اختاره ثقة الإسلام الكليني، (١) والشيخ الأجلّ الصدوق، (٢) والشيخ الأعظم المفيد، (٣) حيث قال: إنّ إرادة الله تعالى لأفعاله هي نفس أفعاله، وإرادته لأفعال خلقه أمره بالأفعال، وبهذا جاءت الآثار عن أئمة الهدى من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مذهب سائر الإمامية إلاّ مَن شذّ منها عن قرب، وفارق ما كان عليه الأسلاف (٤) ، وإليه يذهب جمهور البغداديين من المعتزلة، وأبو القاسم البلخي خاصّةً، وجماعة من المرجئة، ويخالف فيه من المعتزلة البصريون، ويوافقهم على الخلاف فيه المشبّهة وأصحاب الصفات انتهى.

قوله: نفس أفعاله، أي نفس إيجاداته فلا تغفل.

فظهر أنّ هذا القول هو مختار الإمامية في الأعصار الأُولى، غير أنّ المتأخّرين منهم أو جماعة من المتأخّرين عدلوا عنه إلى القول بأنّها العلم بالمصلحة، ولعمري إنّ هذا القول لا يجامع القول باختياره تعالى أصلاً، كما أشرنا إليه سابقاً أيضاً.

____________________

(١) أُصول الكافي ١ / ١٠٩.

(٢) توحيد الصدوق / ١١.

(٣) أوائل المقالات / ١٩.

(٤) فما في الكتاب المنسوب إليه المسمّى بـ (نكت الاعتقاد) من تفسيرها بعلمه الموجب لوجود الفعل غير صحيح عنه، فتأمّل.

٢٠٥

وأظن أنّ القائلين به من متكلّمي الإمامية جماعة غير كثيرة، على خلاف ما مرّ من المجلسي رحمه‌الله من نسبته إلى مشهورهم أو جميعهم، ويدلّ على ما ذكرناه أو يؤيّده، أنّ السيّد المرتضى الرازي رحمه‌الله ذكر، في باب الحادي والعشرين من كتابه تبصرة العوام في عداد معتقدات الإمامية: أنّ الله مريد بالإرادات الحادثة، فنسب حدوثها إلى الإمامية قاطبةً، واختاره من متأخّري المتأخّرين جمع كثير، كصاحب مجمع البحرين، وصاحب الفصول، وصاحب تفسير لوامع التنزيل وسواطع التأويل، (١) وصاحب كفاية الموحّدين قدّس سرهم، وسيدنا الأُستاذ المحقّق الخوئي - دام ظله العالي - وغيرهم، بل المظنون أنّه مختار معظم الأخباريين من أصحابنا، حتى أنّ المحدّث الجزائري جعل حدوث الإرادة - في محكي شرح التهذيب (٢) - موارد التعارض بين العقل القطعي الدالّ على قِدمها، والشرع الدالّ على حدوثها، وما توهّمه هذا المحدّث الجليل ضعيف جداً.

وبالجملة: إنّ هذا القول كما يقتضيه العقل يدلّ عليه ظاهر الكتاب وصريح السُنة أيضاً، أمّا القرآن المجيد، فإليك بعض آياته الكريمة:

١ - ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (٣) .

٢ - ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٤) . فكلمة (إذا) تدلّ على حدوث الإرادة، فإنّ الصفات الذاتية يستحيل تحقّقها في وقت دون وقت.

٣ - ( ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ ) (٥) .

٤ - ( إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً ) (٦) .

٥ - ( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٧) . وجه الدلالة واضح، وقد مرّ في أَوّل هذا المقصد ما يوضّح المقام إيضاحاً تامّاً.

وأمّا السنّة فإليك ما بلغه جهدي من الروايات:

١ - صحيحة صفوان قال: قلت لأبي الحسن عليه‌السلام : أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: (الإرادة من الخلق الضمير، وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، وأمّا من الله تعالى فإرادته

____________________

(١) لوامع التنزيل وسواطع التأويل ٧ / ٨.

(٢) الحاكي هو المحقّق الآشتياني في حاشية الرسائل / ٣٥.

(٣) يس ٣٦ / ٨٢.

(٤) النحل ١٦ / ٤٠.

(٥) عبس ٢٢.

(٦) الأحزاب ٣٣ / ١٧.

(٧) البقرة ٢/ ١٨٥.

٢٠٦

إحداثه لا غير ذلك؛ لأنّه لا يروي ولا يهم ولا يتفكّر، وهذه الصفات منفية عنه، وهي صفات الخلق، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك، يقول له: كن فيكون، بلا لفظ، ولا نطق بلسان، ولا همّة، ولا تفكّر، ولا كيف لذلك كما أنّه لا كيف له) (١) .

٢ - صحيحة ابن أُذينة عن الصادق عليه‌السلام قال: (خلق الله المشيئة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة) (٢) ومعنى هذه الرواية على مسلكنا: أنّه تعالى أوجد الأشياء، وأعطى لها الوجود بإيجاده، وأمّا هذا الإيجاد فهو صادر عنه تعالى بنفسه لا بإيجاد ثانٍ كما هو واضح، وكأنّ الرواية ناظرة إلى إبطال التسلسل المتوهّم المتقدّم.

٣ - صحيحة محمد بن مسلم عنه عليه‌السلام قال: (المشيئة مُحدَثة) (٣) .

٤ - صحيحة عاصم بن حميد عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال: قلت: لم يزل الله مريداً؟ قال: (إنّ المريد لا يكون إلاّ المراد معه، لم يزل الله عالماً قادراً ثمّ أراد) (٤) .

٥ - رواية بكير بن أعين قال: قلت: لأبي عبد الله عليه‌السلام : علم الله ومشيئته مختلفان أو متّفقان؟ فقال: (العلم ليس هو المشيئة، أَلا ترى أنّك تقول: سأفعل كذا إن شاء الله، ولا تقول: سأفعل كذا إن علم الله، فقولك: إن شاء الله، دليل على أنّه لم يشأ، فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء، وعلم الله سابق المشيئة) (٥) . وفي التوحيد: (وعلم الله سابق للمشيّة) (٦) .

أقول: وهذه الرواية الشريفة ناصّة على بطلان القول الثاني، فيتعيّن القول الثالث كما يدلّ عليه قوله: (وعلم الله سابق للمشيئة).

٦ - صحيحة سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضا عليه‌السلام : (المشيئة والإرادة من صفات الأفعال، فمَن زعم أنّ الله لم يزل مريداً شائياً فليس بموحّد) (٧) .

أقول: لأنّه يستلزم إيجابه وقِدم العالَم.

٧ - رواية أبي سعيد القماط قال: قال أبو عبد الله عليه‌السلام : (خلق الله المشيئة قبل الأشياء ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة) (٨) .

____________________

(١) أُصول الكافي ١ / ١٠٩.                                       (٢) أُصول الكافي ١ / ١١٠.

(٣) أُصول الكافي ١ / ١١٠.                                       (٤) أُصول الكافي ١ / ١٠٩.

(٥) أُصول الكافي ١ / ١٠٩.                                       (٦) التوحيد / ١٤٤.

(٧) البحار ٤ / ١٤٥.                                              (٨) البحار ٤ / ١٤٥.

٢٠٧

ولعلّ المراد بالقبلية: القبلية الرتبية؛ ولذا يقال: أوجد فوجد ولا يُعكس، وعلى أيّ، فالرواية تدلّ على حدوث الإرادة وهو المطلوب، ويُحتمل أن تكون المشيئة بمعناها الآتي.

٨ - حديث الإهليلجة المعروف حيث قال الرضا عليه‌السلام في جواب الطبيب: (إنّ الإرادة من العباد: الضمير وما يبدو بعد ذلك من الفعل، وأمّا من الله عزّ وجلّ فالإرادة للفعل إحداثه، إنّما يقول: كن فيكون بلا تعب وكيف) (١) .

٩ - رواية عبد الرحيم القصير عن الصادق عليه‌السلام (٢) ففيها: (كان - عزّ وجلّ - ولا متكلّم ولا مريد، ولا متحرّك ولا فاعل، جلّ وعزّ ربّنا، فجميع هذه الصفات محدثة عند حدوث الفعل منه) (٣) .

١٠ - رواية الهاشمي الطويلة المشتملة على مباحثة الرضا عليه‌السلام مع أهل المِلل، ففيها قال عمران: فأيّ شيء غيره؟ قال الرضا عليه السلام: (مشيئته واسمه وصفته وما أشبه ذلك، وكل ذلك محدث مخلوق مدبّر)، وقال عليه‌السلام فيها أيضاً: (واعلم: الإبداع والمشيئة والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة) (٤) .

١١ - رواية النوفلي الهاشمي (٥) المتقدّم عنه عليه‌السلام في مناظرته مع سليمان المروزي، وللإمام عليه‌السلام كلام طويل في هذه الرواية، في إبطال قِدم الإرادة، وكونها من صفات الذات، وكونها نفس العلم، وكونها نفس الأشياء، كما قال به جمع من أصحاب الفلسفة، وقسّموا الإرادة إلى الذاتية والفعلية، ولعمري إنّ الرواية بطولها وتشديدها حجّة ساطعة على مرادنا، وكأنّ الإمام عليه السلام كان ناظراً إلى أقوال الفلاسفة فردّ عليهم، فلاحظها والله الهادي.

١٢ - صحيحة يونس عن الرضا عليه‌السلام ففيها (٦) : قلت: فما معنى شاء؟ قال: (ابتداء الفعل. قلت: فما معنى أراد؟ قال: الثبوت عليه) وفي رواية الهاشمي عن الكاظم عليه‌السلام ، أيضاً تفسير معنى شاء بابتداء الفعل (٧) .

١٣ - رواية ابن إسحاق عن أبي الحسن عليه‌السلام قال فيها: (أتدري ما المشيئة؟ فقال: لا، فقال:

____________________

(١) البحار ٣ / ١٩٦.                                  (٢) البحار ٥ / ٣١.

(٣) التوحيد، الباب ٦٤.                                (٤) التوحيد، الباب ٦٤.

(٥) التوحيد، الباب ٦٥.                                (٦) مرآة العقول ١ / ١٠٤، والبحار ٥ / ١٢٢.

(٧) الكافي ١ / ١٥٠.

٢٠٨

همّه بالشيء، أَوَ تدري ما أراد؟ قال: لا، قال: إتمامه على المشيئة) (١) .

أقول: لعلّ المراد بالهمّ هو ابتداء الفعل كما يفهم من قوله: إتمامه، ومن تصريح الرواية المتقدّمة بذلك، وإلاّ فالهمّ عليه محال، وقد صرّح به في الروايات المتقدّمة أيضاً.

وأمّا الفرق بين المشيئة والإرادة فسيأتي بحثه إن شاء الله.

هذا ما وقفنا عليه من الروايات الدالة على حدوث الإرادة، ولم أجد روايةً - ولو ضعيفة السند والدلالة - على أنّها قديمة، أو عين ذاته تعالى، أو هي راجعة إلى العلم، مع أنّ الصفات الذاتية مصرّح بها في روايات كثيرة، عن أهل العصمة والنبوّة سلام الله عليهم أجمعين.

وأمّا ما ذكره بعض الأماجد (٢) من آل كاشف الغطاء - من أنّ الإرادة في لسان أهل البيت تُطلق على معنيين: الخلق الإيجاد، ثمّ العلم حسبما استقصينا من أحاديثهم، واستشهد للثاني برواية نقلها عن الكافي - فهو ممنوع، والموجود في الكافي مغاير لِما نقله في كتابه، على أنّ استعمال الإرادة في العلم أحياناً، لا يُسمن ولا يغني من شيء أصلاً كما لا يخفى، ولا سيما بعد ما صرّح في الرواية الخامسة بتغايرهما.

إزاحة وإنارة

قد تحصّل أنّ الروايات صريحة كما هي الأكثر، أو ظاهرة غاية الظهور في حدوث الإرادة، وجملة منها صحيحة الإسناد، فلا يعتريها شكّ وارتياب، غير أنّ جماعةً من الباحثين كالمحقّق الداماد على ما في الأسفار، والمحدّث المجلسي في البحار ومرآة العقول، وصاحب الأسفار في شرحه على الكافي، والفيض الكاشاني في الوافي، والفيّاض اللاهيجي في الشوارق وگوهر مراد، والشيخ المحقّق محمد حسين في نهاية الدراية وتحفة الحكيم، وغيرهم في غيرها أغمضوا أعينهم عن صراحة هذه الروايات، فوجّهوها بتوجيهات باردة، وحملوها على محامل بعيدة فاسدة، بل بعضها مخالف لصراحة بعض الروايات المذكورة.

وإنّي لا أرى فائدةً في إيرادها وإبطاله، فالمنصف إذا راجعها ولاحظها بالقياس إلى الروايات يجدها موهومةً موهونة، والعجب أنّ الأئمة عليهم‌السلام بيّنوا صفات الذات وعينيتها معها، ولكن لمّا وصل بيانهم إلى الإرادة لم يبيّنوها؛ لعدم استعداد الأذهان كما يقول بعض هؤلاء، أو أنّهم عليهم‌السلام بيّنوا الإرادة الفعلية، وأهملوا ذكر الإرادة الذاتية، مع أنّه لا أثر إلاّ في أوهام هذا القوم. وإن تعجب فعجب من المجلسي قدّس سره، فإنّه مع جموده الجميل على ظواهر الروايات، كيف ترك

____________________

(١) البحار ٥ / ١٢٢.

(٢) الدين والإسلام ١ / ١٨٨.

٢٠٩

النصوص، وأصرّ على تأويلها والعصمة لأهلها؟!

تتمة

ثمّ إنّك - بعد ما دريت معنى الإرادة تقدر على تطبيق جملة كثيرة من الآيات الكتابية عليه (١).

نعم ربّما يعسر تفسير بعض الآيات المشتملة على هذه المادة - الإرادة والمشيئة - بهذا المعنى كقوله تعالى: ( إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ) (٢) ، وقوله: ( وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) (٣) ، وقوله: ( إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ) (٤) وغيرها، فإنّ تنزيلها على الإحداث، والإيجاد، والفيض، وإعمال القدرة، وإنفاذ القوّة، إلى غير ذلك من الألفاظ المترادفة بعيد جداً، فلك أن تحملها على القصد للمشاكلة لإرادتنا، كما في قوله تعالى ( يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ) فنسب الإرادة إلى الجدار مع أنّه لا قصد له أصلاً، وإن أبيتَ عن ذلك فلابدّ لك أن تحملها على المعنى الثاني للإرادة، فإنّ لها معنيين كما يأتي إن شاء الله، فكن على بصيرة من أمرك.

____________________

(١) الآيات المتضمّنة للفظة الإرادة والمشيئة تزيد على المِئة والستّين، على ما استخرجناها من القرآن الحكيم.

(٢) المائدة ٥ / ١.

(٣) البقرة ٢ / ٢٥٣.

(٤) هود ١١ / ١٠٧.

٢١٠

الفريدة الثانية

في أسباب فعله تعالى

المسألة الأُولى: في اللوح

المسألة الثانية: في فَرق المشيئة والإرادة

المسألة الثالثة: في الكراهة والاختيار

المسألة الرابعة: في الإرادة التكوينية والتشريعية

المسألة الخامسة: في القدر

المسألة السادسة: في القضاء

خاتمة: في آراء الناس في القضاء والقدر

٢١١

الفريدة الثانية

في أسباب فعله تعالى

علمه تعالى بالمصلحة في وجود شيء مرجّح لإيجاده بالاختيار كما عرفت، فليس لفعله تصوّر وتصديق، وشوق وقصد، ولا غيرها، سوى علمه المخصوص، وأنت إذا أخذت الفَطانة بيدك تعلم أنّ اعتبار المصلحة المذكورة؛ لأجل الحذر عن اللغوية والعبثية فقط، وإلاّ فهو فاعل مختار يمكنه فعل ما يشاء.

هذا بالنظر إلى القضاء العقلي، وأمّا بالنسبة إلى البيان الشرعي فلفعله تعالى أسباب وهي: المشيئة، والإرادة، والقدر، والقضاء، كما تدلّ رواية علي بن إبراهيم الهاشمي (١) قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام يقول: (لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى. قلت: ما معنى شاء؟ قال: ابتداء الفعل، قلت: ما معنى قدّر؟ قال: تقدير الشيء من طوله وعرضه. قلت: ما معنى قضى؟ قال: إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مردّ له).

في الرواية سقط يظهر من رواية يونس - غير المعتبر - عن يونس عن الرضا عليه‌السلام ... (ولكن لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى، أتدري ما المشيّة يا يونس؟ قلت: لا. قال: هو الذِكر الأَوّل، وتدري ما الإرادة؟ قلت: لا. قال: العزيمة على ما شاء، وتدري ما التقدير؟ قلت، لا، قال: هو وضع الحدود من الآجال، والأرزاق، والبقاء، والفناء، وتدري ما القضاء؟ قلت: لا. قال: هو إقامة العين ولا يكون إلاّ ما شاء الله في الذكر الأَوّل) (٢) .

وحسنة يونس (٣) حيث قال يونس: لا يكون إلاّ بما شاء الله وأراد وقدّر وقضى، فقال الرضا: (لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى).

ورواية حمزة بن حمران (٤) ففيها قوله: وإنّهم لا يصنعون شيئاً من ذلك، إلاّ بإرادة الله ومشيئته وقضائه وقدره. فقال الصادق عليه‌السلام : (هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي). ورواه الصدوق

____________________

(١) أُصول الكافي ١ / ١٥٠.

(٢) البحار ٥ / ١١٧.

(٣) الكافي ١ / ١٥٨.

(٤) بحار الأنوار ٥ / ١٦٢.

٢١٢

بسند آخر عنه عن الصادق عليه‌السلام (١) ، والبرقي في محاسنه بسند ثالث عنه مضمراً لكنّ فيه (٢) : (ولا يكون إلاّ ما شاء الله وقضى وقدّر وأراد فقال... إلخ).

ورواية معلّى بن محمد قال (٣) : سئل العالم: كيف علم الله؟ قال: (علم وشاء وأراد وقدّر وقضى وأمضى، فأمضى ما قضى، وقضى ما قدّر، وقدّر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة، وبمشيئته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الإمضاء، والعلم متقدّم على المشيئة، والمشيئة ثانية والإرادة ثالثة: والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء... فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشيئة في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها، والقضاء بالإمضاء هو المبرم... فبالعلم علم الأشياء قبل كونها، وبالمشيئة عرف (من التعريف) صفاتها، وحدودها، وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدّر أقواتها (عن التوحيد أوقاتها) وعرف أَوّلها وآخرها... إلخ).

ورواية هشام بن سالم المروية عن المحاسن (٤) قال: قال أبو عبد الله عليه‌السلام : (إنّ الله إذا أراد شيئاً قدّره، فإذا قدّره قضاه، فإذا قضاه أمضاه).

ورواية ابن إسحاق المتقدّمة قال: قال أبو الحسن الرضا عليه‌السلام ليونس مولى علي بن يقطين: يا يونس: (لا تتكلّم بالقدر، قال: إنّي لا أتكلّم بالقدر ولكن أقول: لا يكون إلاّ ما أراد الله وشاء وقضى وقدّر. فقال: ليس هكذا أقول ولكن أقول: لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى، ثمّ قال: أتدري ما المشيئة؟ فقال: لا، فقال: همّه بالشيء، أو تدري ما أراد؟ قال: لا. قال: إتمامه على المشيئة، فقال: أَوَ تدري ما قدّر؟ قال: لا، قال: هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء، ثمّ قال: إنّ الله إذا شاء شيئاً أراده، وإذا أراده قدّره، وإذا قدّره قضاه، وإذا قضاه أمضاه... إلخ) (٥) .

ورواية حريز وابن مسكان عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال: (لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء، إلاّ بهذه الخصال السبع: بمشيئة، وإرادة، وقدر، وقضاء، وإذن، وكتاب، وأجل، فمَن زعم أنّه يقدر على نقض واحدة فقد كفر) (٦) .

ورواية زكريا بن عمران عن موسى بن عفر عليه‌السلام قال: (لا يكون شيء في السماوات ولا في الأرض إلاّ بسبع: بقضاء، وقدر، وإرادة، ومشيئة، وكتاب، وأجل، وإذن، فمَن زعم غير هذا فقد

____________________

(١) بحار الأنوار ٥ / ٣٦.                               (٢) بحار الأنوار ٥ / ٤١.

(٣) أُصول الكافي ١ / ١٤٨.                           (٤) البحار ٥ / ١٢١.

(٥) البحار ٥ / ١٢٢.                                  (٦) أُصول الكافي ١ / ١٤٩.

٢١٣

كذب على الله، أو ردّ على الله عزّ وجلّ) (١) .

تعقيب وتحصيل

قد تحصّل من هذه الروايات وغيرها المستفيضة (٢) ، أنّ أسباب فعله تعالى هي المشيئة، والإرادة، والقدر، والقضاء، بالترتيب المذكور، من تقدّم المشيئة على الإرادة، المتقدّمة على القدر، السابق على قضائه، على عكس ما اشتهر بين الناس من تقدّم القضاء على القدر، وهذا الترتيب مستفاد من صراحة بعض الروايات، وظهور بعضها الآخر، وأمّا ما في بعضها من خلافه، فهو محمول على مجرّد بيان الأُمور المذكورة، وعدم النظارة إلى حيثية الترتيب كما لا يخفى، ومِثله ما في بعض أدعية شهر رمضان من قولهم عليهم‌السلام : تقضي وتقدّر.

وأمّا الإذن والأجل والكتاب المزبورة في الروايتين الأخيرتين، فيمكن أن يُحمل الأَوّل منها - وهو الإذن - على قدرته أو علمه أو إمضائه، فعلى الأَوّلين يرجع إلى ذاته، وعلى الثالث فهو فعله أي إرادته بالمعنى المتقدّم.

وأمّا الأجل فهو داخل في القدر وتخصيصه بالذكر لعلّه للاهتمام، وأمّا الكتاب فلعلّ المراد به كتابة الأشياء في اللوح المحفوظ، كما نطق به القرآن قبل السُنة على ما يأتي إن شاء الله، فلا شيء سبب لفعله تعالى وراء هذه الأُمور الأربعة.

ثمّ إنّه لا شك - حسب دلالة هذه الروايات - أنّ المشيئة والإرادة اللتينِ هم من أسباب فعله تعالى، غير الإرادة المتقدمة في الفريدة الأُولى، التي هي نفس إيجاده وإحداثه، فإنّها بعد القضاء، والتي وقعت في سلسلة أسباب الفعل تتقدّم على الإمضاء، الذي هو إيجاده بمراتب كما عرفت.

وهذا فليكن مفروغاً عنه مقطوعاً به، بلحاظ هذه الروايات، ومن هنا ينقدح أنّ لإرادته تعالى معنيين: أحدهما الإيجاد، والثاني ما ستعرفه هنا.

إذا تقرّر ذلك فنقول: الظاهر أنّ المشيئة بمعنى ذكر أصل إيجاد الشيء في علمه تعالى فقط، أو في اللوح المحفوظ أيضاً، كما هو الأظهر المدلول عليه بقوله عليه السلام: (الذكر الأَوّل)، والإرادة هو تثبيته وتقريره وتتميمه في علمه أو في اللوح أيضاً، فنسبة الإرادة إلى المشيئة في اللوح نسبة المؤكّد - بالكسر - إلى المؤكّد بالفتح، وإن شئت فقل: إنّ المشيئة تشبه التصوّر في حقّنا، والإرادة الشوق فينا من وجه، وإن كان التشبيه غير كامل.

وأمّا القدر فهو بمعناه اللغوي، وهذا بمنزلة التصديق بالنفع فينا، وعليه فسببيته لأفعاله

____________________

(١) المصدر نفسه.

(٢) أسانيد أكثرها ضعيفة، وبحث المتن مبنيّ على فرض الاطمينان بصدور بعضها، كما هو غير بعيد.

٢١٤

تعالى عقلية لا تعبّدية محضة؛ إذ الفاعل المختار ما لم يتصوّر الشيء بحدوده لا يطلبه؛ لعدم ترتّب غرضه عليه بعد، كما لا يخفى.

وأمّا ما عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) ، من تفسير القضاء والقدر بالأمر بالطاعة، والنهي عن المعصية، والتمكين من فعل الحسنة وترك المعصية، والمعونة على القربة إليه والخذلان لمَن عصاه، والوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، وأنّ كل ذلك قضاء الله في أفعالنا وقدره بأعمالنا... إلخ، فهو لا ينافي ما ذكرنا؛ لأنّ مصداق القدر في الأفعال الاختيارية للمكلّفين من وجهتها التشريعية ليس إلاّ ذلك، فكأنّ الإمام عليه‌السلام لم يكن في مقام بيان تقدير الأفعال بما هي تكوينية، بل بما هي متعلّقة للتكليف، كما يظهر من ملاحظة صدر الرواية، ولا شك أنّ جميع ما ذكره عليه‌السلام قدر وقضاء.

وبالجملة، حمل الأمر والنهي وغيرهما - في هذه الرواية - على القضاء، ليس من الحمل الذاتي والحصر المفهومي، بل من الحمل الشائع الصناعي.

وأمّا القضاء فهو الحكم البتّي المستتبع للإمضاء غالباً، فهو بمنزلة القصد فينا، وإنّما قلنا غالباً؛ للجمع بين هذه الروايات ونحوها، وبين ما دلّ على أنّ الدعاء - وكذا غيره - يردّ القضاء.

والخلاصة: أنّه يُكتب في اللوح المحفوظ أَوّلاً أنّ الشيء الفلاني يوجد، ثمّ يكتب توكيده وإتمامه، فكأنّ الأَوّل مقتضٍ لوجود الشيء والثاني شرطه، ثمّ يُكتب حدوده من خواصه وأَوّله وآخره وغيرها من تشخّصاته، ثمّ يُكتب الحكم البتّي على إيجاده، فالأَوّل هو المشيئة، والثاني هو الإرادة، والثالث هو القدر، والرابع هو القضاء، والخامس أعني - الإيجاد والإمضاء - هو الإرادة المبحوث عنها في الفريدة الأُولى.

قال الأديب الطريحي في مجمع البحرين في كلمة المشيئة: قال بعض أفاضل العلماء: المشيئة والإرادة والقدر والقضاء كلّها بمعنى النقش في اللوح المحفوظ، وهي من صفات الفعل لا الذات... إلخ.

وسيأتي مزيد تصحيحه أيضاً، ثمّ إنّ إتقان هذه الفريدة وإيضاحها، موقوف على البحث عن مسائل مهمّة أخرى لا يمكن إهمالها، فنقول وبالله الاعتصام:

المسألة الأُولى: في اللوح

المستفاد من الكتاب والسُنة أنّ لله - في عالم الكون - كتاباً ذكر فيه جميع الأشياء بتفاصيلها، وقد اشتهر اسمه - على حدّ تفسير القرآن المجيد - باللوح المحفوظ، وإليك نبذة من

____________________

(١) بحار الأنوار ٥ / ٩٦، ١٢٦.

٢١٥

الآيات الكريمة في هذا الشأن:

١ - ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ) (١) .

٢ - ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (٢).

٣ - ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ ) (٣).

٤ - ( لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (٤).

٥ - ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (٥).

٦ - ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) (٦).

والآيات في ذلك كثيرة جداً، وتصوّر هذا الكتاب في عصر الكمبيوتر أصبح سهلاً.

فثبت أنّ هذا اللوح قد ذُكر فيه جميع الأشياء؛ لمصالح هو سبحانه أعلم بها منّا.

والروايات الواردة حول الموضوع من طريقنا وطريق العامّة أيضاً كثيرة، ربّما يبلغ عددها العشرين، كما نقلها العلاّمة المجلسي قدّس سره، في كتاب السماء والعالم من بحار الأنوار، وإليك بعضها وهو ما رواه علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال: (أوّل ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة)، وفي صحيح البخاري قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : (كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كلّ شيء).

تتمّة

قال المجلسي قدّس سره: ثمّ اعلم أنّ الآيات والأخبار تدلّ، على أنّ الله خلق لوحين أثبت فيهما ما يحدث من الكائنات، أحدهما: اللوح المحفوظ الذي لا تغيّر فيه أصلاً، وهو مطابق لعلمه تعالى.

والآخر: لوح المحو والإثبات، فيُثبت فيه شيئاً ثمّ يمحوه لحِكم كثيرة... إلخ (٧) .

____________________

(١) النبأ ٧٨ / ٢٩.

(٢) النمل ٢٧ / ٧٥.

(٣) الحج ٢٢ / ٧٠.

(٤) سبأ ٣٤ / ٣.

(٥) هود ١١ / ٦.

(٦) البروج ٨٥ / ٢١، ٢٢.

(٧) البحار ٢ / ١٣٦، كتاب بدء الخلق، في آخر رواية حصين بن عمران.

٢١٦

أقول: قوله تعالى: ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (١) يدلّ على اللوحين المذكورين، فإنّ اللوح المحفوظ قد كتب فيه كلّ شيء، فلا يغيب عنه ذكر شيء كما مرّ، فهذا المحو والإثبات لابدّ أن يكونا في لوح آخر، ففي صحيحة حفص ابن البختري، وهشام بن سالم، وغيرهما، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في هذه الآية ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) قال: فقال: (وهل يُمحي إلاّ ما كان ثابتاً، وهل يُثبت إلاّ ما لم يكن؟) (٢) ، فهذه الصحيحة دالة على تغاير اللوحين، فإنّ المحو بعد الإثبات، والإثبات بعد المحو، لا يكونان في اللوح المحفوظ؛ لِما عرفت من ضبط كلّ شيء فيه بوجهه الكامل من الأَوّل، فلا موضوع للتغيّر والتبدّل، فتحصّل أنّ الإثبات والمحو في لوح، وأُمّ الكتاب لوح آخر، وهو اللوح المحفوظ، ومثل هذه الصحيحة رواية الأرمني عن العسكري عليه‌السلام (٣) ، ومرسلة العيّاشي عن جميل عن الصادق عليه‌السلام (٤) .

وممّا يدل على وجود اللوحين مرسلة عمّار بن موسى، كما رواه العياشي عن الصادق عليه‌السلام ، سئل عن قول الله: ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ... إلخ ) قال: (إنّ ذلك الكتاب كتاب يمحو الله ما يشاء وثبت، فمن ذلك الذي يرد الدعاءُ القضاءَ، وذلك الدعاء مكتوب عليه: الذي يرد به القضاء، حتى إذا صار إلى أُمّ الكتاب لم يغنِ الدعاء فيه شيئاً) (٥) ، فهذا ما أحرزنا دلالته على وجود اللوحين، فما ذكره المجلسي قدّس سره من دلالة الآيات والأخبار عليه: منظور فيه، فإنّا لم نجد من الكتاب والسُنة غير ما ذكرنا.

تنبيه

اللوح عن الفلاسفة، هو العقل المفارق كما تقدّم في كلام المحقّق الطوسي قدّس سره، وعرّفه في الأسفار وغيره بالنفس الكلية الفَلكية، قال بعض أفاضلهم (٦) : إن كنّا بحثنا عن اللوح من جهة العقل، فالبرهان يثبت في الوجود أمراً نسبته إلى الحوادث الكونية نسبة الكتاب إلى ما فيه من المكتوب، ومن البديهي أنّ لوحاً جسمانياً لا يسع كتابة ما يستقبل نفسه وأجزائه، من الحالات والقصص، في أزمنة غير متناهية، وإن كبر ما كبر، فضلاً عن شرح حال كلّ شيء في الأبد الغير المتناهي، وإن كنّا بحثنا من جهة النقل، فالأخبار نفسها تؤوّل اللوح والقلم إلى مَلَكين من

____________________

(١) الرعد ١٣ / ٣٩.

(٢) أُصول الكافي ١ / ١٤٦.

(٣) البحار ٤ / ١١٥.

(٤) المصدر نفسه / ١١٨.

(٥) البحار ٤ / ١٢١.

(٦) البحار ٤ / ١٣١.

٢١٧

ملائكة الله.. إلخ.

وقال الصدوق في اعتقاداته: اعتقادانا في اللوح والقلم أنّهما مَلَكان انتهى.

ويظهر من المجلسي في السماء والعالم من كتاب بحاره الميل إليه وقال: إذ يمكن كونهما مَلَكين، ومع ذلك يكون أحدهما آلة النقش والآخر منقوشاً فيه.

أقول: ومستندهما في ذلك روايتان (١) : الأُولى ما عن سفيان الثوري عن الصادق عليه‌السلام قال فيه: (فنون مَلَك، يؤدّي إلى القلم، وهو مَلَك، والقلم يؤدّي إلى اللوح، وهو مَلَك... إلخ).

الثانية: رواية إبراهيم الكرخي قال: سألت جعفر بن محمد عليهما‌السلام عن اللوح والقلم فقال: (هما مَلَكان) (٢) .

أقول: ولكنّهما ضعيفان من حيث السند فلا اعتداد بهما، ولعلّه لأجل هذا قال شيخنا المفيد (٣) : وأمّا مَن ذهب إلى أنّ اللوح والقلم مَلَكان فقد أبعد بذلك، ونأى به عن الحقّ؛ إذ الملائكة عليهم‌السلام لا تسمّى ألواحاً ولا أقلاماً، ولا يُعرف في اللغة اسم مَلَك ولا بشر لوح ولا قلم. انتهى.

أقول: والإنصاف أنّ حقيقة اللوح والقلم غير ثابتة شرعاً، فلا ينبغي البناء على طرف دون طرف، وإنّما الثابت شرعاً أصل وجودهما، فإنّ الخبرين المتقدّمين مع ضعف سنديهما لا يخلوان عن المعارض أيضاً، فلاحظ تفسير البرهان فالصحيح التوقف.

قال بعض العامّة (٤) : اللوح المحفوظ عند جمهور أهل الشرع جسم فوق السماء السابعة، كُتب فيه ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة، كما يُكتب في الألواح المعهودة، وليس هذا بمستحيل؛ لأنّ الكائنات عندنا متناهية، فلا يلزم عدم تناهي اللوح المذكور في المقدار، وأمّا عند الفلاسفة فهو النفس الكلّي للفَلَك الأعظم، يرتسم فيه الكائنات ارتسام المعلوم في العالِم. انتهى.

أقول: ما نسبه إلى الجمهور فتوىً لابدّ له من الدليل، وأمّا ما ذكره من نفي الاستحالة، فهو مزيّف بأنّ الكائنات متناهية عندنا من طرف أَوّل، وأمّا من طرف آخر، فهي غير متناهية بالضرورة الإسلامية القائمة على خلو المكلّفين في الجنة والنار.

نعم ما ذكره الحكماء أيضاً دعوى بلا دليل، ولا سيما بعد ظهور بطلان الأفلاك الموهومة

____________________

(١) البحار ١٤ / ٧٦.

(٢) البحار ١٤ / ٧٦.

(٣) شرح عقائد الصدوق / ٢٩.

(٤) شرح المواقف ٣ / ٧٧، الحاشية.

٢١٨

المذكورة في هذا الأعصار.

فإذا علمت اللوح وما فيه فقد هان عليك تصديق ما ذكرنا، من أنّ الأسباب الأربعة المذكورة، إنّما هي بكتابتها في اللوح دون مجرّد تقرّرها في العلم القديم، كما يشهد له عدّ العلم في قِبال الأُمور المذكورة في رواية المعلّى، وهذا هو مختار العلاّمة الحلي قدّس سره في شرح التجريد.

وبالجملة، هذا وإن لم يكن بجزمي من ملاحظة الروايات المتقدّمة بنفسها غير رواية المعلّى، إلاّ أنّه ممّا يقتضيه الاعتبار العقلي الناشئ من تلك الروايات وغيرها، ويمكن أن يستشهد له بصحيحة عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: سمعته يقول: (إنّ القضاء والقدر خَلقان من خلق الله، والله يزيد في الخلق ما يشاء)؛ إذ لا معنى لكونهما مخلوقين إلاّ كونهما مكتوبين؛ إذ تقرّر حدود الأشياء في العلم والحكم عليها لا يسمّى مخلوقاً، فهذه الرواية كقوله تعالى: ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) (٢).

وأمّا ما احتمله المجلسي رحمه‌الله من ضمّ حرف الخاء - أي صفتان من صفات الله - فهو مرجوح، لقوله عليه‌السلام : (والله يزيد في الخلق ما يشاء) فإنّه بمنزلة كبرى منطبقة على قوله (خَلقان)، ومن الظاهر أنّ صفاته غير مخلوقة، ولا قابلة للزيادة والنقصان.

ثمّ إنّ المجلسي قد نقل هذه الرواية عن التوحيد عن عبد الله بن سلمان، لا ابن سنان كما في النسخة الموجودة عندي من التوحيد، ورواه أيضاً عن تفسير القمي عن حمران عن الصادق عليه‌السلام ، وعن البصائر عن جميل عنه عليه‌السلام فلاحظ (٣) فتدبّر والله العالم.

المسألة الثانية: في فرق المشيئة والإرادة

وفيها أقوال:

١ - إنّه لابدّ من تحقّق معنى في نفس الفاعل المختار منّا بعد العلم وقبل الفعل، وهذا المعنى من حيث ارتباطه بالفاعل يسمى مشيئة، ومن حيث ارتباطه بالفعل يسمّى إرادة، ذكره بعض سادة العصر (٤) .

٢ - الفرق بين المشيئة والإرادة بالكلية والجزئية والتقدّم والمقارنة، وكذا الفرق بين القضاء والقدر على المشهور، وأمّا في الأخبار فالقضاء بمعنى الحكم والإيجاب، فيُأخّر عن القدر.

____________________

(١) توحيد الصدوق، الباب ٥٩.

(٢) الرعد ١٣ / ٣٩.

(٣) البحار ٥ / ١٢٠ و ١١٢.

(٤) أُصول الكافي ١ / ١٥٠، الحاشية.

٢١٩

ذكره المحدّث الفيض (١) والمحقّق صاحب الفصول في مبحث نفي الجبر والتفويض من كتابه.

٣ - المشيئة قصد الفعل أو تركه على نحو كان نسبتها متساويةً، والإرادة تعلّقه بالفعل أو الترك بخصوصه، قال به بعضهم (٢) وذكر أنّ هذا الفرق مأخوذ ممّا روي عن الرضا عليه‌السلام .

٤ - ما قيل (٣) من أنّه لا فرق بينهما إلاّ عند الكرامية، حيث جعلوا المشيئة صفة واحدة أزلية يتناول ما شاء الله بها من إحداث محدَث، والإرادة حادثة محدَثة متعدّدة تعدّد المرادات.

٥ - لا فرق بينهما في العبد، وأمّا في حق القديم فالمشيئة بمعنى التقدير، نُقل عن جماعة من القدماء.

أقول: للإرادة والمشيئة - كما عرفت منا - معنيان: الإيجاد والإحداث والنقش في اللوح، وإن كان نفس هذا النقش أيضاً إحداثاً لكنّه ليس إحداثاً لوجود الشيء خارجاً.

أمّا المعنى الأَوّل، فالظاهر المطابق لمدلول الروايات الأُولى اتحادهما فيه، فهما مترادفان، ويدلّ عليه الاستعمالات القرآنية أيضاً، ويشهد له ما عن الرضا عليه‌السلام ، واعلم أنّ الإبداع والمشيئة والإرادة معناها واحد، وأسماؤها ثلاثة كما مرّ.

وأمّا المعنى الثاني، فالروايات الثانية ناصّة على اختلافهما فيه كما عرفت، وذكرنا أنّ نسبة الإرادة إلى المشيئة نسبة المؤكِّد إلى المؤكَّد بالفتح، ونسبة الشرط إلى المقتضي.

وبالجملة، المشيئة ذكر وجود الشيء في اللوح، والإرادة ذكر تأكيده والعزيمة عليه، فالأقوال الخمسة كلها لا ترجع إلى أساس صحيح.

فإنّ الأَوّل إن تمّ لتمّ في حقنا دون الباري.

والثاني ضعيف جداً؛ إذ المشيئة والإرادة كلتاهما متساويتان، من حيث الجزئية والكلية والتقدّم على الفعل كما عرفت. والظاهر أنّ هذين العَلَمينِ لم يلتفتا إلى تعدّد معنى الإرادة، فحسبا أنّها بمعنى الإيجاد مطلقاً، وهذا الاستظهار من عبارة الفصول أقوى.

وأمّا الثالث، فهو شيء عجيب فإنّه أطلق المشيئة على التردّد ولا شك في بطلانه، وأعجب إسناد قوله إلى الرواية، فإنّك قد لاحظت الروايات على ما مرّ، ولا يوجد فيها إشعار به.

وأمّا الرابع؛ فلِما دلّلنا على بطلان قِدم المشيئة، مع أنّ الفرق المذكور دعوى بلا شاهد، ومثله القول الخامس، فلا تُطلب الحقيقة إلاّ من أهلها.

____________________

(١) الوافي ١ / ١١٤.

(٢) شمع اليقين / ١٦.

(٣) كما نقله في الشوارق ٢ / ٢٥٩.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

١٢ - بَابُ صِفَاتِ الذَّاتِ

٢٩٣/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « لَمْ يَزَلِ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - رَبَّنَا ، وَالْعِلْمُ ذَاتُهُ وَلَا مَعْلُومَ ، وَالسَّمْعُ ذَاتُهُ وَلَا مَسْمُوعَ ، وَالْبَصَرُ ذَاتُهُ وَلَا مُبْصَرَ ، وَالْقُدْرَةُ ذَاتُهُ وَلَا مَقْدُورَ ، فَلَمَّا أَحْدَثَ الْأَشْيَاءَ وَكَانَ(١) الْمَعْلُومُ(٢) ، وَقَعَ الْعِلْمُ مِنْهُ عَلَى الْمَعْلُومِ ، وَالسَّمْعُ عَلَى الْمَسْمُوعِ ، وَالْبَصَرُ عَلَى الْمُبْصَرِ ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمَقْدُورِ ».

قَالَ : قُلْتُ : فَلَمْ يَزَلِ(٣) اللهُ مُتَحَرِّكاً؟

قَالَ : فَقَالَ : « تَعَالَى اللهُ(٤) ؛ إِنَّ الْحَرَكَةَ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ بِالْفِعْلِ(٥) ».(٦)

قَالَ : قُلْتُ : فَلَمْ يَزَلِ اللهُ مُتَكَلِّماً؟

قَالَ : فَقَالَ : « إِنَّ الْكَلَامَ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ لَيْسَتْ بِأَزَلِيَّةٍ ، كَانَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلَا مُتَكَلِّمَ ».(٧)

٢٩٤/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « كَانَ اللهُ وَلَا شَيْ‌ءَ غَيْرُهُ ، وَلَمْ يَزَلْ عَالِماً بِمَا‌

__________________

(١) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّ « كان » تامّة بمعنى وُجد ».

(٢) في البحار : - « وكان المعلوم ».

(٣) في « ب » : « لم يزل ».

(٤) هكذا في النسخ والشروح. وفي المطبوع والبحار : + « عن ذلك ».

(٥) في « بر » : « للفعل ».

(٦) في التوحيد : - « قال : قلت - إلى قوله - محدثة بالفعل ».

(٧)التوحيد ، ص ١٣٩ ، ح ١ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٤٥ ، ح ٣٦١ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦١ ، ح ٩٦.

٢٦١

يَكُونُ(١) ؛ فَعِلْمُهُ بِهِ قَبْلَ كَوْنِهِ كَعِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ(٢) »(٣) .

٢٩٥/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ الْكَاهِلِيِّ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام : فِي دُعَاءٍ : الْحَمْدُ لِلّهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ؟

فَكَتَبَ إِلَيَّ : « لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهى عِلْمِهِ ؛ فَلَيْسَ لِعِلْمِهِ مُنْتَهىً(٤) ، وَلكِنْ قُلْ : مُنْتَهى رِضَاهُ »(٥) .

٢٩٦/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ :

أَنَّهُ كَتَبَ إِلى أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام يَسْأَلُهُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَكَانَ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ(٦) الْأَشْيَاءَ وَكَوَّنَهَا(٧) ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذلِكَ حَتّى خَلَقَهَا وَأَرَادَ خَلْقَهَا وَتَكْوِينَهَا ، فَعَلِمَ مَا خَلَقَ عِنْدَ مَا خَلَقَ ، وَمَا كَوَّنَ عِنْدَ مَا كَوَّنَ؟

فَوَقَّعَ بِخَطِّهِعليه‌السلام : « لَمْ يَزَلِ اللهُ عَالِماً بِالْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ كَعِلْمِهِ بِالْأَشْيَاءِ بَعْدَ مَا خَلَقَ الْأَشْيَاءَ »(٨) .

__________________

(١) في التوحيد : « بما كوّن ». وفي البحار : - « بما يكون ».

(٢) في التوحيد : « بعد ما كوّنه ».

(٣)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٤٩ ، ح ٣٦٢ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦١ ، ح ٩٧. (٤) وفي‌التوحيد : - « فليس لعلمه منتهى ».

(٥)التوحيد ، ص ١٣٤ ، ح ٢ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار وأحمد بن إدريس جميعاً ، عن محمّد بن أحمد ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن الكاهلي.وفيه ، ص ١٣٤ ، ح ١ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام مع اختلاف.تحف العقول ، ص ٤٠٨ ، مرسلاً عن عبدالله بن يحيى.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٣ ، ح ٣٦٧ ؛الوسائل ، ج ٧ ، ص ١٣٧ ، ذيل ح ٨٩٣٧. (٦) في حاشية « ف » : « قبل خلْق ».

(٧) في حاشية « ف » : « كون ».

(٨)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١٣ ، بسنده عن سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ، ح ٣٦٣ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٢ ، ح ٩٨.

٢٦٢

٢٩٧/ ٥. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلَى الرَّجُلِعليه‌السلام أَسْأَلُهُ(١) أَنَّ مَوَالِيَكَ(٢) اخْتَلَفُوا فِي الْعِلْمِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَمْ يَزَلِ اللهُ(٣) عَالِماً قَبْلَ فِعْلِ الْأَشْيَاءِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَانَقُولُ : لَمْ يَزَلِ اللهُ(٤) عَالِماً ؛ لِأَنَّ مَعْنى « يَعْلَمُ » « يَفْعَلُ »(٥) ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْعِلْمَ(٦) ، فَقَدْ أَثْبَتْنَا فِي الْأَزَلِ مَعَهُ(٧) شَيْئاً ، فَإِنْ رَأَيْتَ(٨) - جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ - أَنْ تُعَلِّمَنِي مِنْ ذلِكَ مَا أَقِفُ عَلَيْهِ وَلَا أَجُوزُهُ.

فَكَتَبَ بِخَطِّهِعليه‌السلام : « لَمْ يَزَلِ اللهُ عَالِماً تَبَارَكَ وَتَعَالى ذِكْرُهُ »(٩) .

٢٩٨/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ سُكَّرَةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُعَلِّمَنِي هَلْ كَانَ اللهُ - جَلَّ وَجْهُهُ - يَعْلَمُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ أَنَّهُ وَحْدَهُ؟ فَقَدِ اخْتَلَفَ مَوَالِيكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ كَانَ يَعْلَمُ(١٠) ‌__________________

(١) في « بر » : - « أسأله ».

(٢) فيشرح صدر المتألّهين ص ٢٧٦ : « الموالي : جمع المولى. والمولى على وجوه : المعتِق ، والمعتَق ، وابن العمّ ، والناصر ، والجار ، والمتصرّف في أمر واحد. والمراد هنا الناصر ، فمعنى مواليك ، أي أنصارك وشيعتك ». وانظرالصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٩ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٢٧ ( ولي ).

(٣) في « ج ، بر » : - « الله ».

(٤) في البحار : - « الله ».

(٥) قوله : « لأنّ معنى يعلم يفعل » ، قائله توهّم أنّ العالم من الصفات الفعليّة ، وتحقّق الصفات الفعليّة يقتضي أن ‌يكون معه تعالى شي‌ء. فمعنى يفعل أي يفعل العلم ويوجده ، باعتبار أنّ العلم إدراك والإدراك فعل ، أو أنّ العلم يستلزم الفعل ؛ بناءً على أنّ العلم يقتضي المعلوم ، فتحقّق العلم في الأزل يقتضي تحقّق المعلوم ، فيكون معه تعالى شي‌ء. والإمامعليه‌السلام أبطل هذا القول بأنّ العلم في مقام الذات من صفات الذات. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٤١ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٣٥ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١١.

(٦) في « بس » : « الفعل ».

(٧) في « ج ، بح » : « معه في الأزل ». وفي « ف » : « العلم معه في الأزل ».

(٨) فيشرح المازندراني : « جواب الشرط محذوف ، أي فعلت ، أو تطوّلت ، أو نحو ذلك ».

(٩)الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٠ ، ح ٣٦٤ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٢ ، ح ٩٩.

(١٠) في التوحيد : + « تبارك وتعالى أنّه وحده ».

٢٦٣

قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئاً مِنْ خَلْقِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا مَعْنى « يَعْلَمُ » « يَفْعَلُ » ، فَهُوَ الْيَوْمَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَاغَيْرُهُ قَبْلَ فِعْلِ الْأَشْيَاءِ ، فَقَالُوا(١) : إِنْ أَثْبَتْنَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَالِماً بِأَنَّهُ لَاغَيْرُهُ ، فَقَدْ أَثْبَتْنَا مَعَهُ غَيْرَهُ فِي أَزَلِيَّتِهِ ، فَإِنْ رَأَيْتَ يَا سَيِّدِي ، أَنْ تُعَلِّمَنِي مَا لَا أَعْدُوهُ إِلى غَيْرِهِ.

فَكَتَبَعليه‌السلام : « مَا زَالَ اللهُ عَالِماً تَبَارَكَ وَتَعَالى ذِكْرُهُ(٢) ».(٣)

١٣ - بَابٌ آخَرُ وَهُوَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ‌

٢٩٩/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام أَنَّهُ قَالَ فِي(٤) صِفَةِ الْقَدِيمِ : « إِنَّهُ وَاحِدٌ(٥) ، صَمَدٌ ، أَحَدِيُّ الْمَعْنى(٦) ، لَيْسَ(٧) بِمَعَانِي(٨) كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ ».

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، يَزْعُمُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ(٩) أَنَّهُ يَسْمَعُ بِغَيْرِ الَّذِي يُبْصِرُ ، وَيُبْصِرُ بِغَيْرِ الَّذِي يَسْمَعُ؟

قَالَ : فَقَالَ : « كَذَبُوا ، وَأَلْحَدُوا(١٠) ، وَشَبَّهُوا ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذلِكَ(١١) ؛ إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ،

__________________

(١) في « بر » والتوحيد : « وقالوا ».

(٢) في « بر ، بف » : + « وثناؤه ».

(٣)التوحيد ، ص ١٤٥ ، ح ١١ ، بسنده عن محمّد بن يحيى العطّار.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥١ ، ح ٣٦٥ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠٠. (٤) في التوحيد : « من ».

(٥) في التوحيد : + « أحد ».

(٦) فيشرح المازندراني : « أحديّ المعني : قد يراد به أنّه لايشاركه شي‌ء في وجوده ووجوبه وربوبيّته وغيرها من الصفات الذاتيّة والفعليّة ، وقد يراد ليس له صفات زائدة على ذاتة. فعلى الأوّل قولهعليه‌السلام : « ليس بمعانٍ كثيرة مختلفة » تأسيس ، وعلى الثاني تفسير وتأكيد ».

(٧) في التوحيد : « وليس ».

(٨) في « ب » : « بمعان ».

(٩) في « ف » : - « قوم من أهل العراق ».

(١٠) أصل الإلحاد : الميل والعدول عن الشي‌ء. يقال : ألحد في دين الله تعالى ، أي حاد عنه وعدل. اُنظر :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٣٤ ؛النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٣٩ ( لحد ).

(١١) في « ج ، بر » : - « عن ذلك ». وفي « ف » : + « علوّاً كبيراً ».

٢٦٤

يَسْمَعُ بِمَا يُبْصِرُ ، وَيُبْصِرُ بِمَا يَسْمَعُ ».

قَالَ : قُلْتُ : يَزْعُمُونَ أَنَّهُ بَصِيرٌ(١) عَلى مَا يَعْقِلُونَهُ(٢) ؟

قَالَ : فَقَالَ : « تَعَالَى اللهُ ، إِنَّمَا يُعْقَلُ(٣) مَا كَانَ بِصِفَةِ(٤) الْمَخْلُوقِ وَ(٥) لَيْسَ اللهُ كَذلِكَ ».(٦)

٣٠٠/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، قَالَ :

فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ - الَّذِي سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام - أَنَّهُ قَالَ لَهُ : أَتَقُولُ : إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟(٧)

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، سَمِيعٌ(٨) بِغَيْرِ جَارِحَةٍ ، وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ آلَةٍ ، بَلْ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ ، وَيُبْصِرُ بِنَفْسِهِ ، وَلَيْسَ قَوْلِي : إِنَّهُ سَمِيعٌ بِنَفْسِهِ(٩) أَنَّهُ شَيْ‌ءٌ وَالنَّفْسُ شَيْ‌ءٌ آخَرُ ، وَلكِنِّي(١٠) أَرَدْتُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِي ؛ إِذْ(١١) كُنْتُ مَسْؤُولاً ، وَإِفْهَاماً لَكَ(١٢) ؛ إِذْ كُنْتَ‌

__________________

(١) في « ف » : « يبصر ».

(٢) في حاشية « بح » : « ينحلونه ». وفي حاشية « ض » : « يفعلونه ». قال صدر المتألّهين : « كأنّه سهو من الناسخ ». والمازندراني يراه صحيحاً ؛ حيث ذكر له معنى صحيحاً ، وهو : « يعني يزعمون أنّه بصير على مايفعلونه ويوجدونه من الإدراك البصري الذي يقوم بهم. فمعنى أنّه تعالى بصير : أنّه يوجد الإدراك الذي يقوم به ، فيكون البصير من الصفات الفعليّة ، كما قيل مثل ذلك في العلم. وتقرير الجواب واضح ». اُنظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٧٧ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٢.

(٣) في شرح صدر المتألّهين : « يَعْقِل » أي قرأه معلوماً. وفي حاشية « ض ، بر » : « يُفْعَل ».

(٤) في « بح ، بر » : « يصفه ».

(٥) في « ب ، ج ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي : - « و ».

(٦) التوحيد ، ص ١٤٤ ، ح ٩ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥١ ، ح ٣٦٦.

(٧) في « بح » : + « قال ».

(٨) في « ب » : - « سميع ».

(٩) في الكافي ، ح ٢٢٧ : + « أنّه سميع يسمع بنفسه ، وبصير يبصر بنفسه » ؛ وفي التوحيد ، ص ٢٤٣ : « إنّه يسمع‌ بنفسه ويبصر بنفسه » كلاهما بدل « إنّه سميع بنفسه ».

(١٠) في الكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد ، ص ٢٤٣ : « ولكن ».

(١١) في « ف » : « إذا ».

(١٢) في شرح صدر المتألّهين : « إفهامُك ».

٢٦٥

سَائِلاً ، فَأَقُولُ : يَسْمَعُ بِكُلِّهِ لَا أَنَّ(١) كُلَّهُ لَهُ بَعْضٌ(٢) ؛ لِأَنَّ(٣) الْكُلَّ لَنَا لَهُ(٤) بَعْضٌ ، ولكِنْ(٥) أَرَدْتُ إِفْهَامَكَ ، وَالتَّعْبِيرَ عَنْ نَفْسِي(٦) ، وَلَيْسَ مَرْجِعِي(٧) فِي ذلِكَ كُلِّهِ إِلَّا إِلى(٨) أَنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْعَالِمُ الْخَبِيرُ ، بِلَا اخْتِلَافِ الذَّاتِ ، وَلَا اخْتِلَافِ مَعْنىً(٩) ».(١٠)

١٤ - بَابُ الْإِرَادَةِ أَنَّهَا‌(١١) مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَسَائِرِ صِفَاتِ‌الْفِعْلِ (١٢)

٣٠١/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْأَشْعَرِيِّ ، عَنِ‌

__________________

(١) في « ج » : « لأنّ » بدل « لا أنّ ».

(٢) في الكافي ، ح ٢٢٧ : « فأقول : إنّه سميع بكلّه ، لا أنّ الكلّ منه له بعضٌ » بدل « فأقول : يسمع بكلّه ، لا أنّ كلّه له بعض ».

(٣) رجوع التعليل إلى كلّ واحدٍ من النفي والمنفيّ ممكن. اختار المازندراني الأوّل واحتمل الثاني. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٢.

(٤) في « ب ، ج ، ض ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : - « له ». وفي حاشية « بح » : « أي بعض له ». وفي حاشية « بل » : « أي ذو بعض ، بحذف المضاف ». وفي الكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « لا أنّ الكلّ منه له بعض » بدل « لا أنّ كلّه له بعض ؛ لأنّ الكلّ لنا له بعض ».

(٥) في « بح ، بر » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « ولكنّي ».

(٦) في شرح صدر المتألّهين : « عمّا في نفسي ».

(٧) في « ف » : « مرجع قولي ».

(٨) هكذا في « ف ، بس » وحاشية « بح » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد ، ص ٢٤٣. وفي المطبوع وسائر النسخ : - « إلى ». (٩) في « ض ، بر » والكافي ، ح ٢٢٧ والتوحيد : « المعنى ».

(١٠) الحديث طويل ، قطّعه الكلينيرحمه‌الله ، وأورد قطعة منه هنا ، وصدره في كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ٢٢٠ ، وذكر تتمّة الحديث في ثلاث مواضع اُخرى منالكافي ( : كتاب التوحيد ، باب إطلاق القول بأنّه شي‌ء ، ح ٢٢٧ ؛ وباب الإرادة أنّها من صفات الفعل ، ح ٣٠٦ ؛ وكتاب الحجّة ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٤٣٤ ) كما أشار إليه العلّامة الفيض فيالوافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠. وأورد الصدوقرحمه‌الله تمام الرواية فيالتوحيد ، ص ٢٤٣ ، ح ١ ، بسنده عن إبراهيم بن هاشم القمّي. وذكر هذه القطعة أيضاً فيالتوحيد ، ص ١٤٤ ، ح ١٠ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٣٢٧ ، ح ٢٥٦.

(١١) في « بس » : « فإنّها ».

(١٢) فيشرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٤ : « الظاهر أنّ « باب الإرادة » مبتدأ و « أنّها » خبره. ويحتمل أن يكون « باب الإرادة » خبر مبتدء محذوف ، و « أنّها » بدل الإرادة ، و « سائر صفات الفعل » عطف على الإرادة. وهورحمه‌الله يذكر في هذا الباب ضابطة للفرق بين صفات الفعل وصفات الذات ».

٢٦٦

الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَهْوَازِيِّ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ(١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ(٢) : لَمْ يَزَلِ اللهُ مُرِيداً؟ قَالَ(٣) : « إِنَّ الْمُرِيدَ لَايَكُونُ إِلَّا لِمُرَادٍ(٤) مَعَهُ(٥) ، لَمْ يَزَلِ اللهُ(٦) عَالِماً قَادِراً ، ثُمَّ أَرَادَ »(٧) .

٣٠٢/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ(٨) ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : عِلْمُ اللهِ وَمَشِيئَتُهُ هُمَا مُخْتَلِفَانِ أَوْ مُتَّفِقَانِ؟

فَقَالَ : « الْعِلْمُ لَيْسَ هُوَ الْمَشِيئَةَ ؛ أَلَاتَرى(٩) أَنَّكَ تَقُولُ : سَأَفْعَلُ(١٠) كَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ ،

__________________

(١) في « ف » وحاشية « بح » : + « عن أبي بصير » ، لكنّ الظاهر عدم توسّط أبي بصير بين عاصم بن حُمَيد وبين أبي عبداللهعليه‌السلام في السند ؛ فقد روى الشيخ الصدوق الخبر فيالتوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٥ ، بسنده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حُمَيد ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام . هذا ، ولعلّ الوجه في زيادة « عن أبي بصير » تعدّد رواية النضر بن سويد عن عاصم بن حُمَيد عن أبي بصير ، راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٩ ، ص ٤٧٣ - ٤٧٥.

(٢) في التوحيد : + « له ».

(٣) في « ف » والتوحيد : « فقال ».

(٤) في « بر » وحاشية ميرزا رفيعا والوافي : « المراد ». أي لايكون المريد بحال إلّاحال كون المراد معه ، ولايكون مفارقاً عن المراد. (٥) في « ف ، بح » والتوحيد : + « بل ».

(٦) في « ب ، ض ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والتوحيد : - « الله ».

(٧)التوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٥ ، بسنده عن حسين بن سعيد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٥ ، ح ٣٦٨ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠١.

(٨) الحسن بن الجهم هو الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين. روى عن أبي الحسن موسى والرضاعليهما‌السلام ، وكان من خاصّة الرضاعليه‌السلام . وروى في بعض الأسناد عن [ عبدالله ] بن بكير. راجع :رجال النجاشي ، ص ٥٠ ، الرقم ١٠٩ ؛رسالة أبي غالب الزراري ، ص ١١٥ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ٥٠٦ - ٥٠٧.

وأمّا روايته عن بكير بن أعين ، فلم نجده إلّافي هذا الخبر الذي رواه الصدوق أيضاً فيالتوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٦. وبكير مات في حياة أبي عبداللهعليه‌السلام كما فيرجال الكشّي ، ص ١٦١ ، الرقم ٢٧٠ ؛ ورجال الطوسي ، ص ١٧٠ ، الرقم ١٩٩٢ ، ورسالة أبي غالب الزراري ، ص ١٨٨. فالظاهر وقوع خلل في السند من سقط أو إرسال.

(٩) في الوافي : « ألا تدري ».

(١٠) في« بح ، بف » وحاشية « ب ، بس »:« سأعلم ».

٢٦٧

وَلَا تَقُولُ : سَأَفْعَلُ كَذَا إِنْ عَلِمَ اللهُ ، فَقَوْلُكَ : « إِنْ شَاءَ اللهُ » دَلِيلٌ عَلى أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ ؛ فَإِذَا(١) شَاءَ ، كَانَ الَّذِي شَاءَ كَمَا شَاءَ ، وَعِلْمُ اللهِ السَّابِقُ(٢) لِلْمَشِيئَةِ(٣) ».(٤)

٣٠٣/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللهِ وَمِنَ الْخَلْقِ(٥) ؟

قَالَ : فَقَالَ : « الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ(٦) : الضَّمِيرُ وَمَا(٧) يَبْدُو لَهُمْ(٨) بَعْدَ ذلِكَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا مِنَ اللهِ تَعَالى ، فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَاغَيْرُ ذلِكَ(٩) ؛ لِأَنَّهُ(١٠) لَايُرَوِّي(١١) ، وَلَا يَهُمُّ(١٢) ، وَلَا يَتَفَكَّرُ ، وَهذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ ، وَهِيَ(١٣) صِفَاتُ الْخَلْقِ ؛ فَإِرَادَةُ اللهِ الْفِعْلُ(١٤) لَاغَيْرُ ذلِكَ ؛ يَقُولُ‌

__________________

(١) في شرح المازندراني : « الفاء للتعليل وبيان لدلالة إن شاء الله ».

(٢) « السابق » خبرٌ. وفي « ض ، جو » وحاشية « بح » وشرح المازندراني : « سابق ».

(٣) اللام في « للمشيئة » بمعنى « على » كقوله تعالى :( يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ ) . [ الإسراء (١٧) : ١٠٧ و ١٠٩ ]. وفي « ج ، ف ، بس ، بف » وحاشية « ض » والتعليقة للداماد وحاشية ميرزا رفيعا وشرح المازندراني والوافي ومرآة العقول : « المشيئة » وهي مجرورة بإضافة « السابق » إليها. وفي حاشية « بر » : « في نسخة : على المشيئة ». قال المازندراني في شرحه : « ومعنى الجميع واحد ، وهو أنّ علم الله تعالى سابق على مشيئته وإرادته التي هي الإيجاد ».

(٤)التوحيد ، ص ١٤٦ ، ح ١٦ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٦ ، ح ٣٧٠.

(٥) في التوحيد : « المخلوق ».

(٦) في التوحيد والعيون : « المخلوق ».

(٧) « ما » مبتدأ و « من الفعل » خبره ، والجملة معطوفة على الجملة السابقة ، أو « ما » معطوف على « الضمير » و « من الفعل » بيان لـ « ما » عند المجلسي ، وصلة لـ « يبدو » عند المازندراني ؛ لأنّ الفعل هو المراد دون الإرادة ، إلّا أن يراد بالفعل مقدّمات الإرادة. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٤٩ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ١٧.

(٨) في التوحيد والعيون : « له ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : - « ذلك ».

(١٠) في حاشية « بر » : « فإنّه ».

(١١) في شرح المازندراني : « لايروّي ، أي لايفعل باستعمال الرويّة. يقال : روّيت في الأمر تروية ، أي نظرت فيه ولم أتعجّل. والاسم : الرَوِيّة ». وانظر :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٥٠ ( روي ).

(١٢) « لايهمّ » أي لايقصد ولا يريد ولا يعزم عليه. والاسم : الهِمَّة. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦١ ؛لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٦٢٠ ( همم ). (١٣) في التوحيد والعيون : + « من ».

(١٤) في شرح صدر المتألّهين : « فإرادته الفعل ». وفي التوحيد والعيون : « فإرادة الله هي الفعل ».

٢٦٨

لَهُ : « كُنْ » فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ ، وَلَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ ، وَلَا هِمَّةٍ ، وَلَا تَفَكُّرٍ ؛ وَلَا كَيْفَ لِذلِكَ(١) ، كَمَا أَنَّهُ لَا(٢) كَيْفَ لَهُ(٣) ».(٤)

٣٠٤/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « خَلَقَ اللهُ الْمَشِيئَةَ بِنَفْسِهَا ، ثُمَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِالْمَشِيئَةِ »(٥) .

٣٠٥/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْمَشْرِقِيِّ(٦) حَمْزَةَ بْنِ الْمُرْتَفِعِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، قَالَ :

__________________

(١) أي للإحداث. وفي العيون : « كذلك ».

(٢) في التوحيد والعيون : « بلا ».

(٣) أي لله‌تعالى. وفي التوحيد والعيون : - « له ».

(٤)الأمالي للطوسي ، ص ٢١١ ، المجلس ٨ ، ح ١٥ بسنده عن الكليني ، وتمام الرواية فيه : « أخبرني عن الإرادة من الله عَزَّ وَجَلَّ ومن الخلق ، فقال : الإرادة من الله إحداثه الفعل لا غير ذلك ؛ لأنّه لا يهمّ ولا يتفكّر ». وفيالتوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٧ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١١٩ ، ح ١١ ، بسنده فيهما عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٥ ، ح ٣٦٩.

(٥)التوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٩ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم القمّي.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٧ ، ح ٣٧١.

(٦) في « ج » والتعليقة للداماد وشرح المازندراني والوافي : « المشرفي ». وفي « و » : + « عن ». وذكر الأردبيلي أيضاً فيجامع الرواة ، ج ٢ ، ص ٤٥٢ ، ثبوت « عن » نقلاً من بعض نسخالكافي . والخبر رواه الصدوق فيالتوحيد ، ص ١٦٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع. وفيمعاني الأخبار ، ص ١٨ ، ح ١ ، بنفس السند ، إلّا أنّ فيه : « المشرقي حمزة بن الربيع ».

هذا ، ومن المحتمَل وقوع تحريف في السند ، وأن يكون الصواب ثبوت « عن » بعد « المشرقي » ، وأنّ المشرقي هو هشام بن إبراهيم المشرقي الذي روى عنه محمّد بن عيسى العبيدي - وهو ابن عبيد بن يقطين - فيرجال الكشي ، ص ٤٩٨ ، الرقم ٩٥٦.

أمّا حمزة بن الربيع أو المرتفع ، فلم نعثر على ما يدلّنا على تعيين الصواب منهما ، وما ورد فيالتعليقة للداماد ، ص ٢٤٩ - من أنّ حمزة بن المرتفع من تحريف الناسخين ، والصحيح هو حمزة بن الربيع - لايمكن المساعدة عليه بعد ثبوت « المرتفع » كعنوان ؛ فقد ورد فيالتاريخ الكبير للبخاري ، ج ١ ، ص ٢٢٠ ، الرقم ٦٩٢ ، محمّد بن المرتفع العبدري ، وورد في وقعة صفّين لنصر بن مزاحم ، ص ٣١٥ ، وص ٥٥٦ ، المرتفع بن الوضاح الزبيدي. غاية الأمر أنّ المرتفع عنوان غريب ، وهذا الأمر يوجب تحريفه بعنوان قريب يشابهه في الكتابة ، وهو الربيع ، فيكون الأمر خلاف ما أفاده في التعليقة.

٢٦٩

كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ ، فَقَالَ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، قَوْلُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى :( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) (١) مَا ذلِكَ الْغَضَبُ؟

فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام : « هُوَ الْعِقَابُ يَا عَمْرُو ؛ إِنَّهُ(٢) مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ قَدْ زَالَ مِنْ شَيْ‌ءٍ إِلى شَيْ‌ءٍ ، فَقَدْ وَصَفَهُ صِفَةَ مَخْلُوقٍ ، وَ(٣) إِنَّ(٤) اللهَ تَعَالى لَايَسْتَفِزُّهُ(٥) شَيْ‌ءٌ ؛ فَيُغَيِّرَهُ(٦) »(٧) .

٣٠٦/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

فِي حَدِيثِ الزِّنْدِيقِ - الَّذِي سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام - فَكَانَ مِنْ سُؤَالِهِ : أَنْ(٨) قَالَ لَهُ : فَلَهُ رِضاً وَسَخَطٌ؟ فَقَالَ(٩) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « نَعَمْ ، وَلكِنْ لَيْسَ ذلِكَ عَلى مَا يُوجَدُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ؛ وَذلِكَ أَنَّ الرِّضَا حَالٌ تَدْخُلُ(١٠) عَلَيْهِ ، فَتَنْقُلُهُ(١١) مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ أَجْوَفُ(١٢) ، مُعْتَمِلٌ(١٣) ، مُرَكَّبٌ ، لِلْأَشْيَاءِ فِيهِ مَدْخَلٌ ، وَخَالِقُنَا لَامَدْخَلَ لِلْأَشْيَاءِ‌

__________________

(١) طه (٢٠) : ٨١. و « هوى » أي هبط ، أو مات وهلك. اُنظر : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٣٧٠ ( هوا ).

(٢) في « بر » : - « إنّه ».

(٣) في شرح المازندراني : « إنّ الله تعالى ، عطف على قوله : إنّه من زعم ». في الوافي والتوحيد : - « و ».

(٤) في المعاني : « فإنّ ».

(٥) في « ف » : « لايستغرّه ». وفي حاشية « ف » : « لايستقرّه ». وقوله : « لايستفزّه » أي لايستخفّه ولا يُزعجه ، من استفزّه الخوف ، أي استخفّه وأزعجه. قال المجلسي في مرآة العقول : « وقيل : أي لايجده خالياً عمّا يكون قابلاً له فيغيّره للحصول له تغييرَ الصفة لموصوفها ». وانظر :مفردات ألفاظ القرآن ، ص ٦٣٥ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧١٦ ( فزّ ).

(٦) في التوحيد : « ولا يغيّره ». وفي المعاني : « لايتنفّره شي‌ء ولا يعزّه شي‌ء » بدل « لايستفزّه شي‌ء فيغيّره ».

(٧)التوحيد ، ص ١٦٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي ، عن حمزة بن الربيع ، عمّن ذكره ؛معاني الأخبار ، ص ١٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن محمّد بن عيسى اليقطيني ، عن المشرقي حمزة بن الربيع ، عمّن ذكره.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ، ح ٣٧٣. (٨) في « بر » : - « أن ».

(٩) في « ب ، بح » : + « له ».

(١٠) في « ب ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « يدخل ».

(١١) في شرح صدر المتألّهين : « فينقله ». وفي التوحيد والمعاني : « أنّ الرضا والغضب دخّال يدخل عليه فينقله » بدل « أنّ الرضا حال تدخل عليه فتنقله ». (١٢) في التوحيد والمعاني : - « لأنّ المخلوق أجوف ».

(١٣) « معتمِل » ، إمّا بكسر الميم من اعتمل ، أي اضطرب في العمل. والمراد أنّ في صنعه اضطراباً ، أو أنّ له في =

٢٧٠

فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ(١) وَاحِدٌ : وَاحِدِيُّ(٢) الذَّاتِ ، وَاحِدِيُّ الْمَعْنى ؛ فَرِضَاهُ ثَوَابُهُ ، وَسَخَطُهُ عِقَابُهُ ، مِنْ(٣) غَيْرِ شَيْ‌ءٍ يَتَدَاخَلُهُ ؛ فَيُهَيِّجُهُ(٤) وَيَنْقُلُهُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ؛ لِأَنَّ(٥) ذلِكَ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ الْعَاجِزِينَ الْمُحْتَاجِينَ».(٦)

٣٠٧/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « الْمَشِيئَةُ مُحْدَثَةٌ ».(٧)

__________________

= عمله وإدراكاته اضطراباً ؛ أو من اعتمل ، بمعنى عمل بنفسه وأعمل رأيه وآلته. والمراد هنا أنّه يعمل بإعمال صفاته وآلاته. وإمّا بفتح الميم ، بمعنى من عمل فيه غيره. والمراد أنّه مصنوع ركّب فيه الأجزاء والقوى. اُنظر شروح الكافي والصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٧٥ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٦٨ ( عمل ).

(١) في التوحيد والمعاني : - « لأنّه ».

(٢) في « ف » : « وأحديّ ». وهكذا قرأها المازندراني ؛ حيث قال : « والعطف دلّ على المغايرة. ويحتمل التفسير أيضاً ، ويؤيّده ترك العطف في كتابالتوحيد للصدوقرحمه‌الله ؛ حيث قال فيه : واحد أحديّ الذات ». وما فيالتوحيد هو الأصوب والأقوم عند السيّد الداماد.شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٥٩ ؛ وانظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥١.

(٣) في « بس ، بف » : « عن ».

(٤) « فيهيّجه » : الهَيْج والتهييج : الإثارة والبعث. هو إمّا مرفوع عطفاً على « يتداخله » وإمّا منصوب جواباً للنفي. والنسخ أيضاً من حيث هيئة الكلمة وإعرابها مختلفة ؛ حيث إنّها في بعضها مخفّفة ، وفي بعضها مشدّدة ، وفي بعضها مرفوعة ، وفي بعضها منصوبة. (٥) في التوحيد والمعاني : « فإنّ ».

(٦) الحديث طويل ، قطّعه الكلينيقدس‌سره ، وأورد قطعة منه هنا ، وصدره في كتاب التوحيد ، باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ٢٢٠ ، وذكر باقي الحديث في موضعين آخرين منالكافي ( : كتاب التوحيد ، باب إطلاق القول بأنّه شي‌ء ، ح ٢٢٧ ؛ وكتاب الحجّة ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٤٣٢ ) وكرّر قطعة منه في كتاب التوحيد ، باب آخر وهو من الباب الأوّل ، ح ٣٠٠. كما أشار إليه العلّامة الفيض فيالوافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠. وذكر الصدوقرحمه‌الله تمام الرواية فيالتوحيد ، ص ٢٤٣ ، ح ١ ؛ وهذه القطعة منه. فيالتوحيد ، ص ١٦٩ ، ح ٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٢٠ ، ح ٣ ، بسنده عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٠ ، ح ٣٧٤.

(٧)المحاسن ، ص ٢٤٥ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢٤١. وفيالتوحيد ، ص ١٤٧ ، ح ١٨ ؛ وص ٣٣٦ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٥٩ ، ح ٣٧٢ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٧١ ، ح ١١٩.

٢٧١

جُمْلَةُ الْقَوْلِ(١) فِي صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْفِعْلِ‌

إِنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ وَصَفْتَ اللهَ بِهِمَا ، وَكَانَا جَمِيعاً فِي الْوُجُودِ ، فَذلِكَ(٢) صِفَةُ فِعْلٍ ؛ وَتَفْسِيرُ هذِهِ الْجُمْلَةِ(٣) : أَنَّكَ تُثْبِتُ فِي الْوُجُودِ مَا يُرِيدُ وَمَا لَايُرِيدُ(٤) ، وَمَا يَرْضَاهُ وَمَا يَسْخَطُهُ(٥) ، وَمَا يُحِبُّ وَمَا يُبْغِضُ(٦) ، فَلَوْ كَانَتِ(٧) الْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ مِثْلِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، كَانَ مَا لَا يُرِيدُ نَاقِضاً لِتِلْكَ الصِّفَةِ ، وَلَوْ كَانَ مَا يُحِبُّ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، كَانَ مَا يُبْغِضُ نَاقِضاً لِتِلْكَ الصِّفَةِ(٨) ؛ أَلَاتَرى أَنَّا لَانَجِدُ فِي الْوُجُودِ مَا لَايَعْلَمُ وَمَا لَايَقْدِرُ(٩) عَلَيْهِ ، وَكَذلِكَ صِفَاتُ ذَاتِهِ(١٠) الْأَزَلِيِّ لَسْنَا نَصِفُهُ(١١) بِقُدْرَةٍ وَعَجْزٍ ، وَعِلْمٍ وَجَهْلٍ(١٢) ، وَسَفَهٍ وَحِكْمَةٍ وَخَطَاً ، وَعِزٍّ(١٣) وَذِلَّةٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يُحِبُّ مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُبْغِضُ مَنْ عَصَاهُ ، وَيُوَالِي مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُعَادِي مَنْ عَصَاهُ ، وَإِنَّهُ(١٤) يَرْضى وَيَسْخَطُ ؛ وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ : اللهُمَّ ارْضَ عَنِّي ، وَلَا تَسْخَطْ عَلَيَّ ، وَتَوَلَّنِي وَلَا تُعَادِنِي.

__________________

(١) في « ف ، بح » وشرح صدر المتألّهين : « قال أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني : جملة القول » وحكاه السيّد بدر الدين عن بعض النسخ في حاشيته على الكافي. والظاهر أنّ قوله : « جملة القول » وما بعدها من كلام المصنّف ؛ لأنّ الحديث مذكور في التوحيد وليست فيه هذه الجملة وما بعدها. وعند بعض الأفاضل من تتمّة الحديث ؛ لاقتضاء السياق ذلك وعدم الصارف عنه. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥٢ ؛شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨٠ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٦٢ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٢.

(٢) قوله : « فذلك » خبر « إنّ » والفاء باعتبار اشتمال اسمها على معنى الشرط.

(٣) في « بس » : - « الجملة ».

(٤) في « ف ، بس ، بف » : « ما تريد وما لاتريد ».

(٥) « يسخطه » بفتح الياء بقرينة « يرضاه ». وفي « بر » : « مايرضيه وما يسخطه ». وفي « بس ، بف » : « ترضاه » و « تسخطه ». (٦) في « بس ، بف » : « وما تحبّ وما تبغض ».

(٧) في « بف » : « كان ».

(٨) في حاشية « ف » : + « ولو كان مايرضى من صفات الذات كان ما يسخط ناقضاً لتلك الصفة ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : « ما لا نعلم وما نقدر ».

(١٠) في « ب » : « لذاته ».

(١١) في « ف » : « نتّصفه ».

(١٢) في « ف ، بح » : « وحلم ».

(١٣) في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : - « وعلم - إلى - وعزٍّ ». وفي شرح المازندراني : « وعزّة ».

(١٤) في « ف » وحاشية « بس ، بف » : « وأن ».

٢٧٢

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يَقْدِرُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَا يَقْدِرُ(١) أَنْ لَايَعْلَمَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ ولَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَمْلِكَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ عَزِيزاً حَكِيماً وَلَا يَقْدِرُ(٢) أَنْ لَايَكُونَ(٣) عَزِيزاً حَكِيماً ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ جَوَاداً وَلَا يَقْدِرُ(٤) أَنْ لَايَكُونَ جَوَاداً ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ غَفُوراً وَلَا يَقْدِرُ(٥) أَنْ لَا يَكُونَ غَفُوراً.

ولَا يَجُوزُ أَيْضاً أَنْ يُقَالَ : أَرَادَ أَنْ يَكُونَ رَبّاً وَقَدِيماً وَعَزِيزاً وَحَكِيماً(٦) وَمَالِكاً وَعَالِماً وَقَادِراً ؛ لِأَنَّ هذِهِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، وَالْإِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ؛ أَلَاتَرى أَنَّهُ يُقَالُ(٧) : أَرَادَ هذَا وَلَمْ يُرِدْ هذَا ، وَصِفَاتُ الذَّاتِ تَنْفِي عَنْهُ بِكُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا ضِدَّهَا ؛ يُقَالُ : حَيٌّ وَعَالِمٌ(٨) وَسَمِيعٌ وَبَصِيرٌ وَعَزِيزٌ وَحَكِيمٌ ، غَنِيٌّ ، مَلِكٌ ، حَلِيمٌ ، عَدْلٌ ، كَرِيمٌ ؛ فَالْعِلْمُ ضِدُّهُ الْجَهْلُ ، وَالْقُدْرَةُ ضِدُّهَا الْعَجْزُ ، وَالْحَيَاةُ ضِدُّهَا(٩) الْمَوْتُ ، وَالْعِزَّةُ ضِدُّهَا الذِّلَّةُ ، وَالْحِكْمَةُ(١٠) ضِدُّهَا الْخَطَأُ ، وَضِدُّ الْحِلْمِ الْعَجَلَةُ(١١) وَالْجَهْلُ ، وَضِدُّ الْعَدْلِ الْجَوْرُ وَالْظُّلْمُ.

١٥ - بَابُ حُدُوثِ الْأَسْمَاءِ‌

٣٠٨/ ١. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ‌

__________________

(١) قوله : « ولا يقدر » عطف على « يقدر » و « لا » لتأكيد النفي. وقال المجلسي في مرآة العقول : « ويمكن أن يكون‌ من مقول القول الذي لايجوز ويحتمل أن يكون الواو للحال ».

(٢) في « بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « ويقدر ».

(٣) فيشرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨١ : « اعلم أنّ النسخ هاهنا مختلفة ، ففي بعضها يوجد في بعض الفقرات الثانية بدل « يقدر أن لايكون » : « لايقدر أن يكون » ، وفي بعضها : « لايقدر أن لايكون » ، والظاهر أنّ المراد واحد ».

(٤) في « بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين وحاشية ميرزا رفيعا : « ويقدر ».

(٥) في « بح ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « ويقدر ».

(٦) في « بح » : - « وحكيماً ».

(٧) في شرح صدر المتألّهين : + « إنّه تعالى ».

(٨) في حاشية « ف ، بح » : « عليم ».

(٩) في« بف»:« ضدّه ».وفي « ج » : «والحياة وضدّها».

(١٠) .في « ج »:« الحكم »وفي« ف » : « الحكمة و ».

(١١) في « ف » : « والحلم ضدّه العجلة ».

٢٧٣

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - خَلَقَ اسْماً(١) بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُتَصَوَّتٍ(٢) ، وَبِاللَّفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ(٣) ، وَبِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ(٤) ، وَبِالتَّشْبِيهِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ ، وَبِاللَّوْنِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ ، مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْأَقْطَارُ ، مُبَعَّدٌ(٥) عَنْهُ الْحُدُودُ ، مَحْجُوبٌ(٦) عَنْهُ(٧) حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّمٍ ، مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ(٨) .

فَجَعَلَهُ كَلِمَةً تَامَّةً عَلى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ مَعاً ، لَيْسَ مِنْهَا وَاحِدٌ قَبْلَ الْآخَرِ ، فَأَظْهَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَسْمَاءٍ ؛ لِفَاقَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهَا ، وَحَجَبَ مِنْهَا وَاحِداً(٩) ، وَهُوَ الِاسْمُ الْمَكْنُونُ‌

__________________

(١) في « ج ، بف ، بس » وحاشية « ض » : « أسماء ». وفي « ض ، ف ، بر » وحاشية بدرالدين : « الأسماء ». وفي حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٣٧٦ : « في أكثر النسخ « أسماء » بلفظ الجمع ، وفي بعضها « اسماً » بالإِفراد. والجمع بين النسختين أنّه اسم واحد على أربعة أجزاء ، كلّ جزء منه اسم ، فيصحّ التعبير عنه بالاسم وبالأسماء ». ونحوه فيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٤.

(٢) كذا في أكثر النسخ والمطبوع ، ولكن لم يُرَ في كتب اللغة ممّا في أيدينا مجي‌ء التفعّل من الصوت. وفي‌حاشية « بح » : « مصوّت ». وفي « بس ، بف » وحاشية بدرالدين : « منصوب ». وفي التوحيد : « وهو عزّ وجلّ بالحروف غير منعوت » بدل « غير متصوّت ». وقولهعليه‌السلام : « غير متصوّت » وما بعده من المعطوفات عليه إمّا حال عن فاعل « خلق » والجارّ متعلّق بمتصوّت ، إمّا على البناء للفاعل ، أي خلق الله سبحانه اسماً والحال أنّه لم يتصوّت بالحروف. أو على البناء للمفعول ، أي هو تعالى ليس من قبيل الأصوات والحروف حتّى يصلح كون الاسم عينه تعالى. اُنظر :شرح صدر المتألّهين ، ص ٢٨٢ - ٢٨٦ ؛حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٣٧٧ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٧٠ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥.

(٣) « غير مُنْطَقٍ » بفتح الطاء ، أي غير ناطق ، أو أنّه غير منطوق باللفظ كالحروف ليكون من جنسها. أو « غير منطِق » بكسر الطاء ، أي غير متلفِّظٍ ، يعني لم يجعل الحروف ناطقة بالإسناد المجازي. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٧١ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٥.

(٤) في شرح المازندراني : « المجسّد مَن اُكملتْ خلقته البدنيّة وتمّت تشخّصاته الجسميّة ».

(٥) في « ض ، بر ، بس » : « مُبْعَد » أي اسم المفعول من الإفعال. وفي شرح صدر المتألّهين : « ومبعّد ».

(٦) في شرح صدر المتألّهين : « ومحجوب ».

(٧) في حاشية « ض » : « عن ».

(٨) في حاشية « ج » والوافي : « مُستَّر ». قال فيالوافي : « من التستير على البناء للمفعول ؛ إشارة إلى أنّ خفاءه وعدمَ نيله إنّما هو لضعف البصائر والأبصار ، لا أنّه جعل عليه ستر أخفاه ».

(٩) في « ج ، ض ، بح ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي والتوحيد : « واحداً منها » بدل « منها واحداً ». =

٢٧٤

الْمَخْزُونُ(١) .

فَهذِهِ(٢) الْأَسْمَاءُ(٣) الَّتِي ظَهَرَتْ(٤) ، فَالظَّاهِرُ هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ، وَسَخَّرَ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ اسْمٍ مِنْ هذِهِ الْأَسْمَاءِ(٥) أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ ، فَذلِكَ اثْنَا عَشَرَ رُكْناً ، ثُمَّ خَلَقَ لِكُلِّ رُكْنٍ مِنْهَا ثَلَاثِينَ اسْماً فِعْلاً(٦) مَنْسُوباً إِلَيْهَا ، فَهُوَ الرَّحْمنُ ، الرَّحِيمُ ، الْمَلِكُ ، الْقُدُّوسُ ، الْخَالِقُ ، الْبَارِئُ ، الْمُصَوِّرُ( الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ) (٧) الْعَلِيمُ ، الْخَبِيرُ ، السَّمِيعُ ، الْبَصِيرُ ، الْحَكِيمُ ، الْعَزِيزُ ، الْجَبَّارُ ، الْمُتَكَبِّرُ ، الْعَلِيُّ ، الْعَظِيمُ ، الْمُقْتَدِرُ ، الْقَادِرُ ، السَّلَامُ ، الْمُؤْمِنُ ، الْمُهَيْمِنُ(٨) ، الْبَارِئُ(٩) ، الْمُنْشِئُ ، الْبَدِيعُ ، الرَّفِيعُ ، الْجَلِيلُ ، الْكَرِيمُ ، الرَّازِقُ ، الْمُحْيِي ، الْمُمِيتُ ، الْبَاعِثُ(١٠) ، الْوَارِثُ.

فَهذِهِ الْأَسْمَاءُ وَمَا كَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنى - حَتّى تَتِمَّ(١١) ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ اسْماً - فَهِيَ(١٢) نِسْبَةٌ لِهذِهِ الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَهذِهِ الْأَسْمَاءُ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ ، وَحَجَبَ(١٣)

__________________

= وفي « بس » : « واحد منها ».

(١) في « ب » : « المخزون المكنون ».

(٢) قال الفيض فيالوافي : « كذا وجدت فيما رأيناه من نسخالكافي ، والصواب : « بهذه الأسماء » بالباء ، كما رواه‌الصدوق - طاب ثراه - في كتاب توحيده ، ويدلّ عليه آخر الحديث ؛ حيث قال : وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ». واستظهره المجلسي أيضاً.

(٣) في « ف ، بح » والتوحيد : + « الثلاثة ».

(٤) في التوحيد : « أظهرت ».

(٥) في « بر » والتوحيد : - « الأسماء ».

(٦) فيشرح المازندراني : « اسماً فعلاً ، أي اسماً دإلّا على فعل من أفعاله تعالى حتّى حصل ثلاثمائة وستّون‌اسماً ». (٧) البقرة (٢) : ٢٥٥.

(٨) فيشرح المازندراني : « المهيمن : هو الرقيب الحافظ لكلّ شي‌ء ، أو الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قولٍ‌ و فعل. وأصله : مُأءْمن - بهمزتين - من أءْمن ، قلبت الثانية ياءً ؛ كراهة اجتماعهما ، فصار مأيمناً ، ثمّ صيّرت الاولى هاءً ، كما قالوا : أهراق الدماء وأراقه ». وانظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧١ ( أمن ).

(٩) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّه مكرّر من الناسخ ».

(١٠) في شرح صدر المتألّهين : - « الباعث ».

(١١) .في«ب ، بف» والتعليقة للداماد والوافي:«حتّى يتمّ ».

(١٢) في « بس » : « وهي ».

(١٣) يجوز هنا كون الفعل مجهولاً أيضاً.

٢٧٥

الِاسْمَ(١) الْوَاحِدَ الْمَكْنُونَ الْمَخْزُونَ بِهذِهِ(٢) الْأَسْمَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ تَعَالى :( قُلِ اُدْعُواْ اَللهَ أَوِ اُدْعُواْ اَلرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى ) (٣) (٤) .

٣٠٩/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٥) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٦) وَمُوسَى بْنِ عُمَرَ(٧) وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ(٨) ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام : هَلْ كَانَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَارِفاً بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ؟ قَالَ : « نَعَمْ ».

قُلْتُ : يَرَاهَا وَيَسْمَعُهَا(٩) ؟ قَالَ : « مَا كَانَ مُحْتَاجاً إِلى ذلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُهَا ، وَلَا يَطْلُبُ مِنْهَا ، هُوَ نَفْسُهُ ، وَنَفْسُهُ هُوَ ، قُدْرَتُهُ(١٠) نَافِذَةٌ ، فَلَيْسَ يَحْتَاجُ إلى(١١) أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ ،

__________________

(١) في التوحيد : « للاسم ».

(٢) فيشرح المازندراني : « الظاهر أنّ الجارّ متعلّق بحجب ، والباء للسببيّة ».

(٣) الإسراء (١٧) : ١١٠.

(٤)التوحيد ، ص ١٩٠ ، ح ٣ ، بسنده عن الكليني.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٣ ، ح ٣٧٥.

(٥) كذا في جميع النسخ والمطبوع. وروى أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبيدالله بن سهل ، عن الحسين بن‌عليّ بن أبي عثمان كتابه. راجع :رجال النجاشي ، ص ٦١ ، الرقم ١٤١. فالظاهر وقوع التصحيف في العنوان وأنّ الصواب هو « الحسين بن عبيدالله» ، كما أنّ الصواب في « الحسن بن عليّ بن عثمان » هو « الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ». يؤيّد ذلك ورود العنوانين على الصواب فيالتوحيد ، ص ١٩١ ، ح ٤ ، والعيون ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٤.

(٦) في التوحيد والعيون : « عبيدالله ».

(٧) في التوحيد والبحار : « موسى بن عمرو ». وهو سهو ظاهراً. وموسى بن عمر هذا هو موسى بن عمر يزيد الصيقل ؛ فقد روى موسى بن عمر بن يزيد ، عن [ محمّد ] بن سنان فيالتهذيب ؛ ج ٢ ، ص ٣٥٥ ، ح ١٤٦٨ ؛ وج ٧ ، ص ٢٥٤ ، ح ١٠٩٦.

(٨) في التوحيد والعيون والمعاني : « الحسن بن عليّ بن أبي عثمان ».

(٩) « يَسْمَعُها » أي يذكر اسم نفسه ويسمعه. أو « يُسْمِعُها » أي يرى نفسه ويسمعها كلاماً يصدر منه ؛ لقياس السائل‌إيّاه تعالى بالمخلوق في المعرفة بالأسماء والدعوة بها. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٤ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٣٠.

(١٠) في « ف » : « وقدرته ».

(١١) هكذا في « ب ، ض ، بح ، بر » والعيون. وفي سائر النسخ والمطبوع : - « إلى ».

٢٧٦

وَ(١) لكِنَّهُ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَسْمَاءً لِغَيْرِهِ يَدْعُوهُ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ(٢) إِذَا لَمْ يُدْعَ بِاسْمِهِ ، لَمْ يُعْرَفْ ، فَأَوَّلُ مَا اخْتَارَ(٣) لِنَفْسِهِ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، فَمَعْنَاهُ : اللهُ ، وَاسْمُهُ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، هُوَ(٤) أَوَّلُ أَسْمَائِهِ(٥) عَلَا عَلى كُلِّ شَيْ‌ءٍ ».(٦)

٣١٠/ ٣. وَبِهذَا الْإِسْنَادِ(٧) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُهُ(٨) عَنِ الِاسْمِ : مَا هُوَ؟ قَالَ : « صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ ».(٩)

٣١١/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(١٠) خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ(١١) ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلى :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « اسْمُ اللهِ غَيْرُهُ(١٢) ، وَكُلُّ شَيْ‌ءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ « شَيْ‌ءٍ » فَهُوَ‌

__________________

(١) في البحار : - « و ».

(٢) « لأنّه » تعليل لاختيار الأسماء ، والضمير له سبحانه ، والفعلان مجهولان. وأمّا جعلها تعليلاً لـ « يدعوه بها » وإرجاع الضمير إلى الغير وبناء الفعلين للفاعل فبعيد جدّاً ؛ للزوم تفكيك الضمير في « باسمه » وحذف مفعول الفعلين مع الغناء عنه بما ذكر ، والمآل واحد. اُنظر :شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٦.

(٣) في العيون : « اختاره ».

(٤) في « ف » والمعاني : « وهو ».

(٥) في التوحيد والعيون والمعاني : + « لأنّه ».

(٦)التوحيد ، ص ١٩١ ، ح ٤ ؛عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٤ ؛معاني الأخبار ، ص ٢ ، ح ٢ ، وفي كلّها عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٥ ، ح ٣٧٦ ؛البحار ، ج ٥٧ ، ص ١٦٣ ، ح ١٠٢ ، إلى قوله : « يدعوه بها ».

(٧) إشارة إلى السند المتقدّم إلى ابن سنان ؛ فإنّ ابن سنان الراوي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام هو محمّد بن سنان الزاهري. راجع :رجال النجاشي ، ص ٣٢٨ ، الرقم ٨٨٨ ؛رجال البرقي ، ص ٥٤ ؛رجال الطوسي ، ص ٣٦٤ ، الرقم ٥٣٩٤.

(٨) في العيون : « سألته ، يعني الرضاعليه‌السلام ». وفي المعاني : « سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام ».

(٩)التوحيد ، ص ١٩٢ ، ح ٥ ؛عيون الأخبار ، ج ١ ، ص ١٢٩ ، ح ٢٥ ؛معاني الأخبار ، ص ٢ ، ح ١ ، وفي كلّها عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٦ ، ح ٣٧٧.

(١٠) في « ألف » وحاشية « ف » : « عن ».

(١١) في « ألف » وحاشية « بح ، بس » : « زيد ».

(١٢) في « ج ، بس » : « اسم غير الله ». وفي « بف » وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : « اسم الله غير الله ». قال‌المازندراني : « في بعض النسخ : « غيره » يعني اسم الله غير المسمّى به ، وهو الذات المقدّسة ».

٢٧٧

مَخْلُوقٌ مَا خَلَا اللهَ ، فَأَمَّا مَا عَبَّرَتْهُ(١) الْأَلْسُنُ(٢) أَوْ عَمِلَتِ(٣) الْأَيْدِي(٤) ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ ، وَاللهُ غَايَةُ مَنْ غَايَاهُ(٥) ، وَالْمُغَيَّا(٦) غَيْرُ الْغَايَةِ ، وَالْغَايَةُ مَوْصُوفَةٌ ، وَكُلُّ مَوْصُوفٍ مَصْنُوعٌ ، وَصَانِعُ الْأَشْيَاءِ غَيْرُ مَوْصُوفٍ بِحَدٍّ مُسَمّىً(٧) ، لَمْ يَتَكَوَّنْ(٨) ؛ فَيُعْرَفَ(٩) كَيْنُونِيَّتُهُ(١٠) بِصُنْعِ غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَتَنَاهَ(١١) إِلى غَايَةٍ إِلَّا كَانَتْ غَيْرَهُ ، لَايَزِلُّ(١٢) مَنْ فَهِمَ هذَا‌

__________________

(١) في التوحيد : « عبرت ». وعَبَرتْهُ ، أو عبّرته بمعنى فسّرتْه. أو عَبَرتُه من العبور بمعنى المرور. اُنظر :التعليقة للداماد ، ص ٢٥٩ ؛الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٨ ؛شرح المازندراني ، ج ٣ ، ص ٣٨٩ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٣٣ - ٧٣٤ ( عبر ). (٢) في التوحيد : + « عنه ».

(٣) في التعليقة للداماد وشرح صدر المتألّهين والمازندراني : « عملته ». وفي التوحيد ، ص ١٩٢ : « ماعملته ».

(٤) في التوحيد ، ص ١٤٢ : + « فيه ».

(٥) هكذا في « ب ، ض ، بر ، بس ، بف » والتعليقة للداماد ، وشرح المازندراني ومرآة العقول والتوحيد. وفي‌سائر النسخ والمطبوع : « غايةٌ مِن غاياته ». واختاره السيّد بدر الدين في حاشيته ، ص ٩٣ وقال : « ويريد به أنّ لفظة الجلالة غاية ونهاية ممّا تنتهي إليه العقول في معرفته عزّ وجلّ ». وقال فيالمرآة ، ج ٢ ، ص ٣٢ : « صحّفت غاياه بغاياته. وكذا في بعض النسخ أيضاً ، أي علامة من علاماته » ثمّ قال : « الخامس : ما صحّفه بعض الأفاضل ؛ حيث قرأ : عانة من عاناه ، أي الاسم ملابس مَن لابسه ». والمراد بـ « بعض الأفاضل » هو ميرزا رفيعا في حاشيته على الكافي ، ص ٣٨٣. وفي « ج » وحاشية « بر » : « غايات ». وفي « ف » : « الغايات ». وفي حاشية « بر » : « غايته ».

(٦) في « ب ، ض ، ف » وحاشية « ج » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني : « المعنيّ ». وأورد فيالمرآة ثلاثة احتمالات : بالغين المعجمة ، اسم الفاعل والمفعول من التفعيل. والمعنى المصطلح. وقال : « في بعض النسخ : والمعنيّ ، بالعين المهملة والنون ، أي المقصود ». وقرأ ميرزا رفيعا في حاشيته : « والمعنيّ غير العانة ، والعانة موصوفة » وقال : « أي المقصود بالاسم المتوسّل به إليه غير العانة ، أي غير ما تتصوّره وتعقله. والعانة موصوفة ، أي كلّ ما تتصوّره أو تعقله فتلابسه أو تسخره أو تهتهمّ به أو هو ذيل مخلوق مأسور موصوفٌ بصفات الممكن وتوابع الإمكان ».

(٧) « مسمّى » إمّا مضاف إليه أوصفة لحدّ ، كما فيالتعليقة للداماد. وفيمرآة العقول : « قيل : هو خبر بعد خبر ، أوخبر مبتدأ محذوف ».

(٨) في التعليقة للداماد : « لم يكن ». وفيشرح المازندراني : « لم يتكوّن ، خبر بعد خبر لصانع الأشياء ولم يتناه خبر ثالث».

(٩) في « ج ، ف ، بح ، بر ، بف » والوافي والتوحيد : « فتعرف ».

(١٠) في مرآة العقول والتوحيد : « كينونته ».

(١١) في « بر ، بف » : « ولايتناهى ».

(١٢) في « ض ، بر » وشرح صدر المتألّهين وشرح المازندراني والوافي والتوحيد : « لايذلّ ».

٢٧٨

الْحُكْمَ(١) أَبَداً ، وَهُوَ التَّوْحِيدُ الْخَالِصُ ، فَارْعَوْهُ(٢) ، وَصَدِّقُوهُ ، وَتَفَهَّمُوهُ بِإِذْنِ اللهِ.

مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْرِفُ اللهَ بِحِجَابٍ أَوْ بِصُورَةٍ أَوْ بِمِثَالٍ ، فَهُوَ مُشْرِكٌ ؛ لِأَنَّ حِجَابَهُ وَمِثَالَهُ وَصُورَتَهُ(٣) غَيْرُهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَاحِدٌ ، مُتَوَحِّدٌ(٤) ، فَكَيْفَ(٥) يُوَحِّدُهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَرَفَهُ بِغَيْرِهِ؟! وَإِنَّمَا عَرَفَ اللهَ مَنْ عَرَفَهُ بِاللهِ ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِهِ ، فَلَيْسَ يَعْرِفُهُ ، إِنَّمَا(٦) يَعْرِفُ غَيْرَهُ ، لَيْسَ(٧) بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ شَيْ‌ءٌ ، وَاللهُ خَالِقُ(٨) الْأَشْيَاءِ لَامِنْ شَيْ‌ءٍ كَانَ ، وَاللهُ يُسَمّى بِأَسْمَائِهِ وَهُوَ غَيْرُ أَسْمَائِهِ ، وَالْأَسْمَاءُ(٩) غَيْرُهُ ».(١٠)

١٦ - بَابُ مَعَانِي الْأَسْمَاءِ وَاشْتِقَاقِهَا‌

٣١٢/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ تَفْسِيرِ(١١) ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فَقَالَ(١٢) : « الْبَاءُ‌

__________________

(١) « هذا الحكم » ، أي الحكمة من العلم ، أو القضاء ؛ فإنّه جاء بالمعنيين. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٠١ ( حكم ).

(٢) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بف » وشرح صدر المتألّهين : « فادعوه ». وفي « بس » : « فأوعوه ». واحتمل فيشرح المازندراني : « فأرعوه » من الإرعاء بمعنى الإصغاء. وفي التوحيد ، ص ١٤٢ : « فاعتقدوه ». وقوله : « فارعوه » من الرعاية بمعنى الحفظ أو الوفاء ، أو فارعوه من الإرعاء بمعنى الإصغاء ، تقول : أرعيته سمعي ، أي أصغيت إليه. اُنظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٩ ( رعى ) ؛التعليقة للداماد ، ص ٢٦١.

(٣) في « ف » : « وصورته ومثاله ». وفي التوحيد : « الحجاب والمثال والصورة ».

(٤) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر ، بس ، بف » وشرح صدر المتألّهين والوافي والتوحيد : « موحَّد ».

(٥) في«ج ،ض ،ف ،بح ،بس ،بف » : « وكيف ».

(٦) في « بف » : « وإنّما ».

(٧) في « ف » : « وليس ».

(٨) في « ب » وحاشية « بف » والوافي : « خلق ».

(٩) في شرح صدر المتألّهين : « وأسماؤه ».

(١٠)التوحيد ، ص ١٩٢ ، ح ٦ ، بسنده عن محمّد بن أبي عبدالله ؛وفيه ، ص ١٤٢ ، ح ٧ ، بسنده عن خالد بن يزيد ، مع زيادة في آخره.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٦ ، ح ٣٧٨.

(١١) في المحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ١ : - « تفسير ».

(١٢) هكذا في « بح » والمحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ١ وتفسير العيّاشي وتفسير القمّي. وفي سائر =

٢٧٩

بَهَاءُ(١) اللهِ ، وَالسِّينُ سَنَاءُ(٢) اللهِ ، وَالْمِيمُ مَجْدُ(٣) اللهِ - وَرَوى(٤) بَعْضُهُمْ : الْمِيمُ(٥) مُلْكُ اللهِ - وَاللهُ إِلهُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ ، الرَّحْمنُ(٦) بِجَمِيعِ(٧) خَلْقِهِ ، وَالرَّحِيمُ بِالْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً »(٨) .

٣١٣/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَاشْتِقَاقِهَا : اللهُ مِمَّا هُوَ مُشْتَقٌّ؟ فَقَالَ(٩) : « يَا هِشَامُ ، اللهُ مُشْتَقٌّ مِنْ إِلهٍ(١٠) ، وَالْإِلهُ(١١) يَقْتَضِي مَأْلُوهاً ، وَالِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمّى ، فَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ الْمَعْنى ، فَقَدْ كَفَرَ وَلَمْ يَعْبُدْ شَيْئاً ؛ وَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ وَالْمَعْنى ، فَقَدْ‌

__________________

= النسخ والمطبوع : « قال ».

(١) فيشرح المازندراني ، ج ٤ ، ص ٢ : « البهاء ، في اللغة الحسن. ولعلّ المراد به حسن معاملته مع عباده بالإيجاد والتقدير والألطاف والتدبير وإعطاء كلّ مايليق به ». وانظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٨٨ ( بهو ).

(٢) فيشرح المازندراني : « السناء - بالمدّ - : الرفعة والمراد بسناء الله : رفعته وشرفه بالذات على جميع الممكنات ». وانظر :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٨٨٣ ( سنا ).

(٣) « المجد » : السعة في الكرم والجلال. وأصله من قولهم : مَجَدَتِ الإبلُ ، إذا حصلت في مرعى كثير واسع.المفردات للراغب ، ص ٧٦٠ ( مجد ). (٤) في المحاسن : « وقال ».

(٥) في المحاسن والتوحيد ، ح ٢ والمعاني ، ح ٢ : - « الميم ».

(٦) في « ب » والتعليقة للداماد والمحاسن والمعاني ، ح ١ وتفسير القمّي : « والرحمن ».

(٧) في « ض » وحاشية « بح » : « لجميع ».

(٨)المحاسن ، ص ٢٣٨ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٢١٣. وفيالتوحيد ، ص ٢٣٠ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ؛معاني الأخبار ، ص ٣ ، ح ١ ، بسنده عن القاسم بن يحيى. وفيتفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٢٨ ؛ والتوحيد ، ص ٢٣٠ ، ح ٣ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٣ ، ح ٢ ، بسند آخر مع اختلاف يسير ، وفيهما مع زيادة.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٢ ، ح ١٨ ، عن عبدالله بن سنان ، إلى قوله : « مجد الله » ؛وفيه ، ح ١٩ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام من قوله : « الميم ملك الله » مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ١ ، ص ٤٦٩ ، ح ٣٧٩.

(٩) وفي الكافي ، ح ٢٣٦ والوافي : « قال : فقال لي ».

(١٠) الظاهر أنّ « إله » فعال بمعنى المفعول. ومعنى « الإله يقتضي مألوهاً » أنّ إطلاق هذا الاسم يقتضي أن يكون في‌الوجود ذات معبود يطلق عليه هذا الاسم. أو فعل ماض. أو مصدر ، وعليه يكون معنى الجملة : أنّ العبادة تقتضي أن يكون في الوجود ذات معبود ، لايكفي فيها مجرّد الاسم من دون أن يكون له المسمّى. اُنظر :الوافي ، ج ١ ، ص ٣٤٧.

(١١) هكذا في « بف » والكافي ، ح ٢٣٦ والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « وإله ».

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296