تاريخ آل زرارة

تاريخ آل زرارة0%

تاريخ آل زرارة مؤلف:
تصنيف: مكتبة التاريخ والتراجم
الصفحات: 243

تاريخ آل زرارة

مؤلف: السيد محمد علي الموحد الأبطحي
تصنيف:

الصفحات: 243
المشاهدات: 148736
تحميل: 6460

توضيحات:

تاريخ آل زرارة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 243 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 148736 / تحميل: 6460
الحجم الحجم الحجم
تاريخ آل زرارة

تاريخ آل زرارة

مؤلف:
العربية

وروى الكشى ص 221 في ترجمته عن محمد بن مسعود قال: عبدالله بن بكير وجماعة من الفطحية، هم فقهاء اصحابنا، منهم ابن بكير، وابن فضال.. ومعوية بن حكيم، وعد عدة من اجلة الفقهاء العلماء.

وقال أبو غالب في الرسالة ص 6: وكان عبدالله بن بكير فقيها، كثير الحديث. وتقدم عن ابن النديم في الفهرست ذكر عبدالله بن بكير في اصحاب الكتب المصنفة في الاصول والفقه، ومشايخ الشيعة الذين رووا الفقه عن الائمة عليهم‌السلام . وقال الشيخ في الفهرست ص 106: عبدالله بن بكير فطحى المذهب الا انه ثقة له كتاب رويناه.. وقال في كتابه (عدة الاصول) في ذكر من يجوز العمل بروايته من الواقفية والفطحية ص 55: ان ما يرويه هؤلاء يجوز العمل به إذا كانوا ثقات في النقل، وانكانوا مخطئين في الاعتقاد، وإذا علم من اعتقادهم تمسكهم بالدين وتخرجهم من الكذب، ووضع الاحاديث، وهذه كانت طريقة جماعة عاصروا الائمة عليهم‌السلام نحو عبدالله بن بكير وسماعة بن مهران ونحو بنى فضال من المتأخرين عنهم وبنى سماعة ومن بشاكلهم، فإذا علمنا ان هولاء الذين اشرنا إليهم وانكانوا مخطئين في الاعتقاد من القول بالوقف وغير ذلك، كانوا ثقات في النقل، فما يكون طريقه هؤلاء جاز العمل به. وقال ايضا ص 61 في القرائن الدالة على صحة الاخبار التى رواها الفحية ونحوهم: وجب العمل به إذا كان متخرجا في روايته موثوقا في امانته وان كان مخطئا في اصل الاعتقاد، فلا جل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبدالله بن بكير وغيره.

وقال الشيخ في التهذيب ج 78 - 35 والاستبصار ج 3 - 276 باب ان من طلق ثلث تطليقات لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره بعد ما رواه باسناده عن ابن محبوب عن عبدالله بن بكير عن زرارة بن اعين قال سمعت ابا جعفر عليه‌السلام يقول: الطلاق الذى يحبه الله تعالى

١٤١

والذى يطلق الفقيه وهو العدل بين المرأة والرجل ان يطلقها في استقبال الطهر الحديث ما لفظه:

فهذه الرواية آكد شبهة من جميع ما تقدم من الروايات في هذا الباب... الا ان طريقها عبدالله بن بكير، وقد قدمنا من الاخبار: ما تضمن انه قال حين سئل عن هذه المسألة: هذا مما رزق الله من الرأى، ولو كان سمع ذلك من زرارة لكان يقول حين سأله الحسين بن هاشم وغيره عن ذلك، وانه هل عندك في ذلك شيئ، كان يقول: نعم رواية زرارة، ولا يقول: نعم رواية رفاعة، حتى قال له السائل: ان رواية رفاعة تضمن: انه إذا كان بينهما زوج، فقال له هو عند ذلك: هذا مما رزق الله من الرأى، فعدل عن قوله في رواية رفاعة إلى ان قال: الزوج وغير الزوج سواء عندي، فلما ألح عليه السائل قال: هذا مما رزق الله من الرأى، ومن هذه صورته يجوز ان يكون اسند ذلك إلى زرارة نصرة لمذهبه الذى افتى به وانه لما رأى ان اصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه، اسنده إلى من رواه عن أبى جعفر عليه‌السلام ، وليس عبدالله بن بكير، معصوما لا يجوز هذا عليه، بل وقع منه العدول عن اعتقاد مذهب الحق إلى اعتقاد مذهب الفطحية ما هو معروف من مذهبه، والغلط في ذلك اعظم من الغلط في اسناد فتيا يعتقد صحته لشبهة دخلت عليه إلى بعض اصحاب الائمة عليهم‌السلام ، وإذا كان الامر على ما قلناه لم تعترض هذه الرواية ايضا ما قدمناه.

قلت: ما افاده الشيخ في التهذيب ج 8 - 35، وصا 3 - 276 في دفع الاستدلال بما رواه ابن بكير عن زرارة في المسألة محل نظر من وجوه:

الاول - ان الطعن في ابن بكير بجعل الحديث واسناد ما اعتقده بحسب ظنه ورأيه إلى زرارة وهو ممن عده الامام الصادق عليه‌السلام من امناء الله على الحلال

١٤٢

والحرام وعيبة علوم ابيه وحافظ سره ومستودع علمه وغير ذلك من المدائح المأثورة في زرارة مما تقدمت ص 38 لو صح فهو خيانة عظيمة منه على عمه زرارة ومن به فخر آل أعين وهذا امر لا يحتمل، مع ان اسناده إلى حكاية زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام خيانة اعظم لامام زمانه عليه‌السلام ، وهذا ايضا امر لا يحتمل كما هو ظاهر لما ذكرنا فيه من المدائح.

الثاني - ان هذا الطعن هو اساس ضعف الخبر وعدم جواز الاحتجاج بقول مخبره، ومن فتح له هذا الباب كيف يوثق بخبره في شيئ من الموارد، وقد قال رحمه‌الله في كتاب الغيبة في الطعن في اخبار عمد الواقفة ورؤسائهم بانه لا يوثق برواياتهم حيث ما اجترؤا لنصر مذهبهم الفاسد وما أبدعوه من القول بالوقف على وضع الحديث لحطام الدنيا، ومن هذا حاله فكيف يوثق بخبره. وهذا التعليل بعينه جار في المقام، إذ لو تجرى ابن بكير على وضع الحديث واسناد رأيه إلى الامام المعصوم حينما رأى ان اصحابه لا يقبلون قوله فكيف يوثق بخبره في غير مقام.

الثالث - ان الشيخ ره قد وثق عبدالله بن بكير صريحا فيما صنفه بعد التهذيبين من الفهرست والعدة ص 55 وص 61 وقد تقدم نص كلامه فيهما فلاحظ، بل فيهما ما هو ظاهر في اجماع الطائفة على العمل بأخباره واخبار نظرائه فهو المعول، كما قداعتمدره على رواياته في ابواب الفقه غير المقام حتى مع وجود المعارض لروايته فلاحظ وتدبر.

الرابع - ان ما افاده قده في وجه منع سماعه عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام حدس فيه طعن عظيم ولا يجوز على مسلم فضلا عن فقيه عظيم مثله والاصول المتفق على صحتها تدفع احتماله.

١٤٣

الخامس: أن ما افاده قده في وجه استبعاده سماع ابن بكير عن زرارة وجوه كلها ضعيفة: احدها استناد ابن بكير في جواب ابن هاشم وغيره برواية رفاعة، إذ لو سمع من زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام لاستند إلى روايته، لا إلى رواية رفاعة، ففى التهذيب ج 8 - 30، والاستبصار ج 3 - 271 عن الكليني في (الكافي ج 2 - 103) عن حميد بن زياد عن ابن سماعة عن محمد بن زياد، وصفوان عن رفاعة عن ابي عبد الله عليه‌السلام (وفيه: قال) قال ابن سماعة: وذكر الحسين بن هاشم انه سأل ابن بكير عنها، فأجابه بهذا الجواب، فقال له: سمعت في هذا شيئا؟ فقال: رواية رفاعة، فقال: ان رفاعة روى: انه إذا دخل بينهما زوج، فقال: زوج وغير زوج عندي سواء، فقلت: سمعت في هذا شيئا؟ فقال: لا، هذا مما رزق الله مع الرأى. قال ابن سماعة: وليس نأخذ بقول ابن بكير، فان الرواية إذا كان بينهما زوج.

قلت: هذه الرواية غير صالحة للاستناد على المدعى اولا: فان السند ينتهى إلى الحسين بن هاشم الظاهر انه الحسين بن ابى سعيد هاشم المكارى الذى قال فيه النجاشي: كان هو وأبوه وجهين في الواقفة وكان الحسن ثقة في حديثه ذكره أبو عمرو الكشى في جملة الواقفة وذكر فيه ذموما وليس هذا موضع ذكر ذلك. قلت: وقد حققنا ترجمته في تهذيب المقال ج 2 - 25، وذكر نا الطعون الواردة فيه في كتابنا (اخبار الرواة). وفى طريقه: حميد، بن زياد الواقفى الثقة والحسن بن سماعة الواقفى الذى ذكر النجاشي في عناده في مذهبه حديثا طويلا.

وثانيا ان عناد الواقفه وخاصة العمد والرؤس منهم في مذهبهم على الشيعة الاثنى عشرية والفطحية كيف لا يضر بالوثوق بهم في مثل هذه الاخبار، وقد طعن الشيخ رحمه‌الله فيهم بذلك كما اشرنا إليه آنفا، مع ان القول بالوقف نشأ عن الطمع في حطام الدنيا، والقول بالفطحية نشأ عن النص المروى في امامة الاكبر من

١٤٤

اولاد الامام عليه‌السلام وقصور القائلين بها عن ازاحة الشبهة بالادلة القاطعة. وان شئت الوقوف على ازيد من ذلك فلاحظ الاخبار المأثورة في المذهبين وفي القائلين بهما، وايضا ما ذكره ائمة الرجال.

وثالثا انه لو ثبت وثاقة الراوى في النقل وان كان مخطئا في الاعتقاد فروايته حجة يؤخذ بها وافق مذهبه أو خالفه، وعلاج التعارض بينها وبين رواية معارضة لها بوجوه مذكورة في محلها، وليس ذلك منها. والترجيح بصحة المذهب لوتهم فهو أمر آخر ولعله سيأتي ان شاء الله بيان وجه صحيح لاسناد عبدالله بن بكير ما حكاه إلى زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام .

ثانيها: قوله رحمه‌الله : انه لو سمع ذلك من زرارة لكان يقول حينما سأله الحسين بن هاشم وغيره عن ذلك وانه هل عندك في ذلك شيئ كان يقول: نعم رواية زرارة، ولا يقول: نعم رواية رفاعة حتى قال له السائل: ان رواية رفاعة تضمن انه إذا كان بينهما زوج، فقال هو عند ذلك: هذا مما رزق الله تعالى من الرأى.. ومن هذه صورته فيجوز ان يكون اسند ذلك إلى رواية زرارة نصرة لمذهبه الذى كان افتى به، وانه لما رأى ان اصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه اسنده إلى من رواه عن أبى جعفر عليه‌السلام .

وفيه: ان عدم استدلال ابن بكير على مدعاه في جواب ابن هاشم وغيره برواية زرارة لا ينافى عدم سماعه عنه، ولعله سمعه عنه وكتبه في دفتره، لكن لم يذكره حينئذ، أو انه سمعه من زرارة بعد ذلك فلم يقم دليل على عدم صحة سماع ابن هاشم عن ابن بكير في حياة زرارة المتوفى سنة مأة وخمسين، أو لانه رأى عدم قناعة ابن هشام الواقفى بالرواية، فاراد الزامه بالرأى، وهو فقيه لا ينكر، أو لغير ذلك من الوجوه.

١٤٥

وبالجملة هذا قياس موهون باطل لا يمنع عن اصالة الصحة المقتضية لدفع كل احتمال على خلاف السماع فلاحظ وتدبر.

ثالثها ما ذكره بقوله: وليس عبدالله معصوما لا يجوز هذا عليه، بل وقع منه العدول عن اعتقاد مذهب الحق إلى اعتقاد مذهب الفطحية ما هو معروف من مذهبه، والغلط في ذلك اعظم من اسناد فتيا الغلط فيمن يعتقد صحته لشبهة إلى بعض اصحابه الائمة عليه‌السلام .

وفيه ان التعليل جار في عمار الساباطى، واعلام الفقهاء الثقات الاجلة من الفطحية، ولا يلتزم بمثل ذلك ابدا بل صرح هو بخلاف ذلك في كتبه ففى التهذيب ج 7 ص 101 والاستبصار ج 3 - 95 بعد روايات ثلثة لعمار الساباطى في بيع الدينار بالدرهم المعارصة لغيرها من الاخبار عند رد تضعيف جماعة من اهل النقل بانه فطحى فاسد المذاهب، قال: غير انا لا نطعن في النقل عليه بهذه الطريقة، لانه وان كان كذلك، فهو ثقة في النقل لا يطعن عليه.

بل كان غلط الواقفة في مذهبهم المجعولة طمعا في حطام الدنيا اعظم من ذلك وصرح بحجية اخبار ثقاتهم في النقل.

بل قال في كتابه (عدة الاصول) بحجية اخبار الثقات المتحرزين من الكذب من الكفار ايضا، بل قال في ص 61: فاما من كان مخطئا في بعض الافعال أو فاسقا بافعال الجوارح وكان ثقة في روايته متحرزا فيها فان ذلك لا يوجب رد خبره ويجوز العمل به لان العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة، وانما السق بافعال الجوارح بمنع من قبول شهادته، وليس بمانع من قبول خبره، ولا جل ذلك قبلت الطائفة اخبار جماءة هذه صفتهم.

١٤٦

عدول ابن بكير عن فتوى اكثر الامامية في الطلاق

واذ نشأ الطعن في عبدالله بن بكير الفقيه الثقة من مقالته في المطلقة ثلاثا بالطلاق السنى وانه لا يحتاج إلى المحلل دون المطلقة ثلاثا بالطلاق العدى فانها تحرم على الرجل الا مع المحلل، خلافا لظاهر الامامية حيث لم يفصلوا بينى السنى والعدى، فتحقيق القول في وثاقته في النقل وفقاهته وازاحة الشك في منزلته يقتضى ذكر امور:

الاول صرح فقهائنا بتفرد ابن بكير والصدوق الذى تبعه وعدولهما عما استقرت عليه الفتوى من تحريم المطلقة ثلثا على زوجها الا بعد المحلل بتزويج غيره بلا فرق بين الطلاق السنى والعدى، وقالا بالتفصيل بينهما وان المطلقة ثلثا بالطلاق السنى بلا تخلل رجعة بينها لا تحرم على الاول ولا يحتاج التزويج إلى المحلل. قال في الجواهر ج 32 - 129 بعد ذكر المسألة: بلا خلاف اجده في شيئ من ذلك بيننا الا في الاخيرين: ابن بكير والصدوق، فجعلا الخروج من العدة هادما للطلاق، فله حينئذ نكاحها بعد الثلاث بلا محلل، ولكن سبقهما الاجماع ولحقهما بل يمكن دعوى تواتر النصوص بالخصوص بخلافهما.. وستسمع شذوذ ابن بكير في تخصيص ذلك بالطلاق العدى دون السنى، كشذوذ بعض النصوص المتضمنة لذلك، لمعارضتها بالمستفيض من النصوص أو المتواتر الموافق لا طلاق الكتاب، ولا جماع الاصحاب بقسميه. قلت: وقد صرح اصحابنا ومنهم الشيخ كما تقدم بخلاف ابن بكير في هذه المسألة ويدل ذلك على منزلته في الفقه وخلافه في المقام من وجهين اشار اليهما الشيخ في التهذيبين وسيأتى بيانه ان شاء الله

اقوال في وجه عدوله

الثاني ان في وجه عدول عبدالله بن بكير عن فتوى الاصحاب وجوها و

١٤٧

أقوالا: احدها: انه من العمل بالرأى والاجتهاد في مقابل النص وهذا صريح الشيخ في التهذيب ج 8 - 35 بعد رواية زرارة 107، والاستبصار ج 3 - 276 - 24 وايضا بعد روايتي رفاعة وعبد الله بن المغيرة كما في الاستبصار ج 3 - 271 - 5 و 6 وتقدم دحكايته مقالة ابن بكير ابتهاجا بما رزقه الله من الرأى، بل قد طعن فيه بانه نسب رأيه إلى الرواية والسماع وانه من الفطحى غير بعيد.

وفيه اولا ان الفطحية هم اصحاب الاخذ بالرواية والتعبد بالنص، بل كانت شدة تعبدهم بالنصوص والروايات مع قلة تدبر هم ألجأ هم إلى القول بامامة عبدالله الافطح غرورا بالمروى: (ان الامامة في الاكبر من اولاد الامام عليه‌السلام ) ولا يقولون بالرأى المبتدء ولا القياس والاستحسان.

وثانيا ان تصريح الطائفة ومنهم الشيخ بوثاقته في النقل لا يلائم مع احتمال وضع الحديث ونسبة الرأى إلى الرواية.

ثانيها انه من التقية في مقام الافتاء. قال في الحدائق بعد تأمله فيما ذكره الشيخ: والاقرب عندي هو حمل ما ذكره ابن بكير من هذه الاقوال، وكذا صحيحة زرارة على التقية وان ابن بكير كان عالما بالحكم المذكور في كلام الاصحاب، ولكنه عدل عن القول به واظهار الافتاء به تقية. واشار إليه في الجواهر ج 32 - 131 بقوله: والحمل على التقية محل نظر لا يخفى على المتأمل.

ثالثها - انه من القياس قال المحقق العلامة المجلسي الاول رحمه‌الله في شرح من لا يحضره الفقيه ج 9 - 15 بعد ذكر الروايات وكلام الاصحاب وابن بكير اعلم ان الهدم جاء بمعنيين احدهما انه إذا طلق مرة أو مرتين ثم تزوجت زوجا غيره فانه يهدم الطلقة أو الطلقتين وتبقى معه على ثلاث تطليقات لانه إذا هدم المحلل الثلث فيهدم الاقل بطريق اولى، وهذا رواية رفاعة. والثانى ان استيفاء العدد في

١٤٨

طلاق السنة بالمعنى الاخص يهدم المحلل، وابن بكير قاس هذا الهدم بذلك كما ذكره الاصحاب..

وفيه اولا ان ابن بكير وان كان فطحيا الا انه ليس من اهل القياس وثانيا ليس قوله في جواب من اعترض عليه بان رفاعة روى انه إذا دخل بينهما زوج (زوج وغير زوج عندي سواء) قياسا، كما سيأتي بيانه مع انه لو سلم فهو قياس مع الفارق فلاحظ.

رابعها: ما خلج ببالى القاصر من انه من الاخذ بالمتيقن مما دلت عليه الكتاب والسنة لا ختصاص ادلة حصر الطلاق بالمرتين ولزوم المحلل بالتزويج بالغير بعد الثالث كتابا وسنة بالطلاق العدى الذى رجع فيه الزوج في عدة المطلقة ويؤيده روابات مفصلة بين الطلاق العدى والسنى بالمعنى الاخص كما نشير إليها، واما الاخبار المؤكدة للاطلاق مثل صحيح ابى بصير وغيره، فاما لم تصل إلى ابن بكير أو اعتقد تعارضها مع غيرها مع عدم ترجيح لها، فرجع إلى الاصل الاولى وهو جواز نكاح الرجل لزوجته التى طلقها بلاحد حاضر كساير الخطابات، مع عدم اطلاق لدليل الحصر كما سيأتي وليس ذلك من الهدم ولا من قياس مورد رواية بمورد رواية اخرى فانتظر.

الامر الثالث - الظاهر حسب ما يقتضيه التحقيق في المسألة أن أصحابنا الامامية رضوان الله عليهم انما افتوا بالتساوى بين الطلاق العدى والسنى بالمعنى الاخص في حرمة المطلقة على الزوج ابدا بعد الطلاق الثالث عولا منهم على اطلاق ادلة حصر الطلاق بالمرتين ولزوم المحلل وشمولها للطلاق السنى ايضا. قال الشيخ في الاستبصار ج 3 - 269 والتهذيب ج 8 - 28 بعد ذكر صحيح ابى بصير الدال على التساوى ما لفظه: الذى تضمن

١٤٩

هذا الخبر من انه إذا طلقها ثلاث تطليقات للسنة لا تحل حتى تنكح زوجا غيره، هو المعتمد عندي والمعول عليه لانه موافق لظاهر الكتاب قال الله تعالى (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) ولم يفصل بين طلاق السنة وطلاق العدة فينبغي ان تكون الاية على عمومها، ويكون الخبر مؤكدا لها، ويدل عليه ايضا ما رواه..

قلت: ثم ذكر صحيح الفضلاء عن أبى جعفر عليه‌السلام ، وصحيح عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه‌السلام ، ثم ناقش فيما يدل بظاهره على التفصيل بين العدى والسنى من الاخبار بصورها دلالة أو سندا فلاحظ. إذا عرفت هذا فنقول: يمكن الانتصار لعبدالله بن بكير تارة بالمناقشة فيما عول عليه الاصحاب من اطلاق الكتاب وجملة من الروايات، واخرى بتتميم الاستدلال بالروايات المفصلة بين الطلاق العدى والسنى وبالله الاعتصام.

اما الاولى وهو المناقشة في اطلاق الكتاب فان الدليل المخرج عن: اصالة جواز الطلاق اكثر من مرة بعد عموم قوله تعالى ( الرجال قوامون على النساء ) ، وعن اصالة تملك المرأة امرها بالطلاق، وعن اصالة جواز التزويج بها جديدا بعد سد ابواب الطلاق وحصرها بالطلاق العدى في قوله تعالى ( يا ايها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) انما هو هذه الايات: ( وا ن عزموا الطلاق فان الله سميع عليم والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن... وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم - الطلاق مرتان

١٥٠

فامساك بمعروف أو تسريح باحسان ولا يحل لكم أو تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا ان يخافا الا يقيما حدود الله فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فاولئك هم الظالمون فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ان ظنا ان يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون وإذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا.. وإذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف...) 232 البقرة. وقوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا. ) الاحزاب 49.

وهذه الايات كما لا يخفى على المتأمل، تختص بالطلاق العدى وقد دلت على تخصيص الاصل الاول بحصر الطلاق العدى بالمرتين (الطلاق مرتان) والملفق من العدى والسنى بالمعنى الاخص، بالثلثة (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) واطلاقها يشمل ما إذا كانت المرتان أو الثلثة قبل النكاح برجل آخر أو بعده قبل التسعة مرات.

واما الطلاق السنى المحض بالمعنى الاخص فلا تدل على حصره لا بالنص كما هو واضح ولا بالاطلاق لاختصاصها بالعدى.

كما دلت ايضا على تخصيص الاصل الثاني باولوية الرجل بردها في العدة: ( والمطلقات يتربصن بانفسهن.. وبعولتهن احق بردهن.. وإذا طلقتم النساء فبلغهن اجلهن فامسكوهن بمعروف.. ثم طلقتموهن

١٥١

من قبل ان تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ) .

وكما دلت ايضا على تخصيص جواز تجديد الزواج بها بما إذا لم يطلقها ثلاث مرات بينهن رجوعان في العدة والا فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. ولاختصاصها بالمطلقات بالعدة والرجوع، لا ينعقد لها ظهور اطلاق لتحريم النكاح بعد ثلث تطليقات بالطلاق السنى. وبالجملة مع ان التسريح باحسان هو الطلاق السنى يكون المراد من (الطلاق مرتان) هو الطلاق العدى، وايضا مع التأمل في هذه الآيات واختصاص احكامها بالعدى، يظهر ان الاطلاق فيها للطلاق السنى بالمعنى الاخص كما هو مدعى المشهور محل نظر ومنع وما ذكره ابن بكير ظاهر الوجه فلا تغفل.

واما الثانية وهى النظر في الروايات فان الاخبار في المسألة على طوائف: الاولى ما دلت على مذهب ابن بكير من التفصيل بين العدى والسنى.

1 - فمنها ما رواه الكليني في الكافي ج 2 - 103، والشيخ في التهذيب ج 8 33 - 17، والاستبصار ج 3 - 274 في الموثق عن ابى بصير قال قلت لابي عبدالله عليه‌السلام المرأة التى لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره قال هي التى تطلق، ثم تراجع، ثم تطلق، ثم تراجع، ثم تطلق الثالثة، فهى التى لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ويذوق عسيلتها.

2 - ومنها ما رواه في التهذيب ج 8 - 25 عن الكافي ج 2 - 99 باسناد صحيح عن ابن مسكان عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام قال... وان اراد ان يراجعها اشهد على رجعتها قبل ان تمضى اقراؤها فتكون عنده على التطليقة الماضية. قال وقال أبو بصير عن ابى عبدالله عليه‌السلام : هو قول الله عزوجل: ( الطلاق

١٥٢

مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان ) التطليقة الثالثة: التسريح باحسان.

3 - ومنها ما رواه ص 29 وفي الاستبصار ج 3 - 270 عن الكافي ج 2 - 103 باسناد صحيح إلى معلى بن خنيس عن ابى عبدالله عليه‌السلام عن رجل طلق امرأته ثم لا يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض، ثم تزوجها، ثم طلقها فتركها حتى حاضت ثلث حيض من غير ان يراجعها، يعنى: يمسها، قال: له ان يتزوجها أبدا ما لم يراجع ويمس.

قلت: وحمله الشيخ على ما إذا تزوجت زوجا آخر ثم فارقها بموت أو طلاق. وهو ضعيف لانه ينافيه التقييد في الجواب (ما لم يراجع ويمس) كما هو واضح.

4 - ومنها مرسل الصدوق (الوسائل ج 15 - 347 خبر 8 من باب كيفية طلاق السنة) قال: روى عن الائمة ع ان طلاق السنة هو إذا اراد الرجل ان يطلق امرأته تربص بها حتى تحيض وتطهر ثم يطلقها في قبل عدتها بشاهدين عدلين.. فإذا مضت لها ثلاثة اطهار فقد بانت وهو خاطب من الخطاب، والامر إليها ان شاءت تزوجته وان شاءت فلا، فان تزوجها بعد ذلك تزوجها بمهر جديد، فان اراد طلاقها طلقها للسنة على ما وصفت ومتى طلقها طلاق السنة فجائز له ان يتزوجها بعد ذلك، وسمى طلاق السنة: طلاق الهدم، متى استوفت قروءها وتزوجها ثانية هدم الطلاق الاول..

5 - ومنها ما رواه الشيخ في التهذيب ج 8 - 35 - 26 والاستبصار ج 3 276، في الصحيح عن ابن محبوب عن عبدالله بن بكير عن زرارة بن أعين قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول: الطلاق الذى يحبه الله، والذى يطلق الفقيه، وهو العدل بين المرأة والرجل، ان يطلقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين وارادة من القلب ثم يتركها حتى يمضى ثلاثة قروء، فإذا رأت الدم في اول قطرة من

١٥٣

الثالثة، وهو آخر القروء لان الاقراء هي الاطهار - فقد بانت منه، وهى املك بنفسها، فان شاءت تزوجت وحلت له بلا زوج، فان فعل هذا بها مأته مرة هدم ما قبله وحلت بلا زوج، وان راجعها قبل ان تملك نفسها ثم طلقها ثلاث مرات يراجعها ويطلقها لم تحل له الا بزوج.

قلت: وهذه الرواية هي التى اوجب طعن الشيخ في ابن بكير بقوله هذه الرواية آكد شبهة الخ. وتقدم بالفاظه في ص 140 فلاحظ.

6 - ومنها ما رواه في الكافي ج 2 - 99 وفي التهذيب ج 8 - 26 عنه باسنادين صحيحين عن ابن محبوب عن على بن رئاب عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام انه قال كل طلاق لا يكون على السنة أو على طلاق العدة فليس بشئ، قال زرارة قلت لابي جعفر عليه‌السلام : فسر لي طلاق السنة وطلاق العدة؟ فقال: اما طلاق السنة فإذا اراد الرجل تطليق امرأته فلينتظر بها حتى تطمث وتطهر، فإذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع ويشهد شاهدين على ذلك ثم يدعها حتى تطمث طمثين فتنقضى عدتها بثلاث حيض وقد بانت منه ويكون خاطبا من الخطاب ان شاءت تزوجته وان شاءت لم تزوجه، وعليه نفقتها والسكنى ما دامت في عدتها وهما يتوارثان حتى تنقضي العدة.

قال: واما طلاق العدة التى قال الله تعالى (فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة) فإذا اراد الرجل منكم ان يطلق امرأته طلاق العدة فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضها، ثم يطلقها تطليقة من غير جماع ويشهد شاهدين عدلين، ويراجعها من يومه ذلك ان احب أو بعد ذلك بأيام قبل ان تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها، وتكون معه حتى تحيض، فإذا حاضت وخرجت من حيضها طلقها تطليقة اخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ثم يراجعها ايضا متى شاء

١٥٤

قبل ان تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى ان نحيض الحيضة الثالثة، فإذا خرجت من حيضتها طلقها الثالثة بغير جماع ويشهد على ذلك، فإذا فعل ذلك، فقد بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قيل له: فانكانت ممن لا تحيض؟ قال فقال: مثل هذه تطلق طلاق السنة.

قلت: وهذه الرواية صريحة في التفصيل بين العدى والسنى وانه في العدى تحرم في الثالثة دونها في الطلاق السنى، والظاهر اتحادها مع سابقتها مع اختلاف بينهما في الجملة سندا ومتنا. وبالتأمل فيهما يظهر ضعف مناقشات الشيخ على ابن بكير على ما في سند سابقتها فتدبر.

7 - ومنها صحيح محمد بن مسلم (فيما رواه في الكافي ج 2 - 99 والتهذيب ج 8 - 25 عنه) عن ابى جعفر عليه‌السلام قال طلاق السنة يطلقها تطليقة، يعنى على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين، ثم يدعها حتى تمضى اقراؤها، فإذا مضت اقراؤها، فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب ان شاءت نكحته وان شاءت فلا وان اراد ان يراجعها اشهد على رجعتها قبل ان تمضى اقراؤها فتكون عنده على التطليقة الماضية الحديث فقد دل على اشتراك السنى والعدى في الشرائط وافتراقهما موضوعا في الثاني بالرجوع إليها قبل انقضاء العدة وحكما بابقاء الزوجية واحكامها بالرجوع، وبابقاء أثرا التطليقة في اثر حصر العددى، وذلك لقوله (فيكون عنده على التطليقة الماضية) فانه يفيد أثرا زائدا خاصا بالطلاق العدى ولو كان الطلاق السنى ايضأ محدودا بالثلث والتحليل بعده موقوفا على نكاح الغير لما صح هذا التقابل فلاحظ وتدبر.

8 - ومنها ما رواه في التهذيب ج 8 - 28 والاستبصار ج 3 - 270 في الصحيح عن عمر بن اذينة عن زرارة وبكير ابني اعين، ومحمد بن مسلم، ويريد بن معاوية العجلى، والفضيل بن يسار، واسماعيل الازرق، ومعمر بن يحيى بن سام

١٥٥

كلهم سمعه عن ابى جعفر عليه‌السلام ومن ابنه بعد أبيه عليهما‌السلام بصفة ما قالوا وان لم احفظ حروفه غير انه لم يسقط جمل معناه: ان الطلاق الذى امر الله به في كتابه وسنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : انه إذا حاضت المرأة وطهرت من حيضها أشهد رجلين عدلين قبل ان يجامعها على تطليقه، ثم هو أحق برجعتها ما لم تمض لها ثلاثة قروء، فان راجعها كانت عنده على تطليقتين، وان مضت ثلاثة قروء قبل ان يراجعها فهى أملك بنفسها، فان اراد ان يخطبها مع الخطاب خطبها، فان تزوجها كانت عنده على تطليقتين، وما خلا هذا فليس بطلاق.

قلت: دلالة هذه الصحيحة على اشتراك الطلاق العدى والسنى في الحصر بالثلاث والحاجة إلى المحلل عول على قوله (فان تزوجها كانت عنده على تطليقتين) حيث ان التزويج بالزوج لم يهدم اثر التطليقة الاولى مع انها كانت سنية، وقد حدود امكان الطلاق بمرتين.

ولا يصح التعويل عليه: أو لا لانه بمنزلة المفهوم المصرح به لقوله (فان راجعها كانت عنده على تطليقتين) حيث اشترك السنى مع العدى فيما ذكره قبل ذلك وانما افترقا بما ذكره في هذه الشرطية ومفهومها (ان لم يراجعها لم يكن على تطليقتين) أي يستأنف الطلاق ولا تحتسب التطليقه الاولى، ومن الواضح ان قوله بعد ذلك (فان تزوجها كانت عنده على تطليقتين) بمنزلة المفهوم لهاو اشتراك المفهوم والمنطوق في الحكم فساده واضح.

وثانيا فان الرواية منقولة بالمعنى كما صرح به فيها والجملة الاخيرة لا يلائم مع رواية غير واحد من هؤلاء الفضلاء المسمين فيها كما تقدمت فلا يصح التعويل عليها فتدبر.

9 - ومنها صحيح عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال قال:

١٥٦

أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا أراد الرجل الطلاق طلقها في قبل عدتها (أي عادتها) في غير جماع، فانه إذا طلقها واحدة ثم تركها حتى يخلوا أجلها (ان شاء ان يخطب مع الخطاب فعل فان راجعها قبل ان يخلو أجلها أو بعده فهى عنده على تطليقة، فان طلقها الثانية وشاء ان يخطبها مع الخطاب ان كانت تركها حتى خلا أجلها وان شاء راجعها قبل ان ينقضى أجلها، فان فعل فهى عنده على تطليقتين، فان طلقها ثلاثا فلا تحل له حتى تنكح زوجها غيره، وهى ترث وتورث ما دامت في التطليقتين الاوليين. رواه في التهذيب ج 8 - 29 والاستبصار ج 3 - 270 باسناد صحيح عنه وفي الكافي ج 2 - 101 باسناد موثق عنه مع تفاوت يسير.

قلت: والظاهر من قوله (فان فعل فهى عنده) هي الرجوع خصوصا بقرينة الصدر على ما في الكافي والاستبصار و (ح) فعد الطلاق وحصره مخصوص بالعدى، فيوافق روايتيه الاخريين كما فلاحظ.

الطائفة الثانيه ما دلت على التساوى بين الطلاق العدى والسنى في الحصر ولزوم المحلل بعد الثالث.

وهو ما رواه في الكافي ج 2 - 100 وفي التهذيب ج 8 - 27 والاستبصار ج 3 268 عنه عن على بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير (نجران - الكافي) أو غيره عن ابن مسكان عن ابى بصير عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال سألته عن طلاق السنة فقال طلاق السنة إذا اراد الرجل ان يطلق امرأته ثم يدعها ان كان قد دخل بها حتى تحيض ثم تطهر، فإذا طهرت طلقها واحدة بشهادة شاهدين ثم يتركها حتى تعتد ثلاثة قروء، فإذا مضت ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة، وكان زوجها خاطبا من الخطاب ان شاءت تزوجته وان شاءت لم تفعل، فان تزوجها بمهر جديد كانت عنده على اثنتين باقيتين وقد مضت الواحدة فان هو طلقها واحدة اخرى على طهر بشهادة شاهدين ثم يتركها حتى تمضى اقراؤها من قبل ان يراجعها فقد بانت منه

١٥٧

بالثنتين وملكت امرها وحلت للازواج وكان زوجها خاطبا من الخطاب ان شاءت تزوجته وان شاءت لم تفعل فان هو تزوجها تزويجا جديدا بمهر جديد كانت معه على واحدة باقية وقد مضت ثنتان، فان اراد ان بطلقها طلاقا لا يحل له حتى تنكح زوجا غيره تركها حتى إذا حاضت وطهرت أشهد على طلاقها تطليقة واحدة ثم لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، واما طلاق العدة فان يدعها حتى تحيض الحديث.

قلت: هذه هي الرواية الواضحة دلالة على التساوى بينهما وقال الشيخ بعد تمامها: الذى تضمن هذا الحديث من انه إذا طلقها ثلاث تطليقات لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، هو المعتمد عندي والمعمول عليه لانه موافق لظاهر كتاب الله عزوجل، الخ ما تقدم من كلامه.

والخبر قاصر سندا بالارسال، مع مخالفته لما روى عنه بطريق معتبر الصريح في اختصاص الحكم بالعدى الذى رجع إليها الزوج وذاق عسيلتها كما تقدم.

الطائفة الثالثة: الاخبار التى وردت في طلاق التى لم يدخل بها رواها الشيخ في التهذيب ج 8 - 65 والاستبصار ج 3 - 297. فمنها صحيح عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله عليه‌السلام في امرأة طلقها زوجها ثلاثا قبل ان يدخل بها قال لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. ومنها صحيح الحلبي عنه عليه‌السلام في رجل طلق امرأته ثم تركها حتى انقضت عدتها، ثم تزوجها ثم طلقها من غير ان يدخل بها حتى فعل ذلك بها ثلاثا قال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

ومنها خبر محمد بن مسلم عنه عليه‌السلام في رجل طلق امرأته الحديث نحو صحيح الحلبي.

١٥٨

ومنها خبر طربال قال سألت ابا عبدالله عليه‌السلام عن رجل طلق امرأته تطليقة قبل ان يدخل بها واشهد على ذلك والمها؟ قال: قد بانت عنه ساعة طلقها وهو خاطب من الخطاب، قلت: فان تزوجها ثم طلقها تطليقة اخرى قبل ان يدخل بها قال: قد بانت منه ساعة طلقها، قلت فان تزوجها من ساعته ايضا ثم طلقها تطليقة قال: قد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

ومنها صحيح محمد بن اسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه‌السلام قال: البكر إذا طلقت ثلاث مرات وتزوجت من غير نكاح فقد بانت ولا تحل، لزوجها حتى تنكح زوجا غيره.

قال في التهذيبين بعد هذه الروايات: قال محمد بن الحسن: وهذه الاخبار دالة على ما قلناه من ان من طلق امرأته ثلاثا للسنة لا تحل حتى تنكح زوجا غيره لان طلاق العدة لا يتأتى في البكر وغير المدخول بها، وقد بينا ان من شرط طلاق العدة المراجعة والمواقعة بعدها وجميعا لا يتأتى في غير المدخول بها على ما بناه.

اقول: ليست هذه الاخبار دالة على ان حصر الطلاق بالثلث معلول عن كونه سنيا، بل لعله مسبب عن طلاقها قبل ذوقه من عسيلتها، وهو حط لكرامتها وتجر من الرجل على شرف المرأة وهذل بها دون ان يتمتع بها، إذ هي ريحانة، وليست بقهرمانه، كما في الحديث. كما ان تخصيص الطلاق الذى لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره بالعدى في الحامل في جملة من الروايات لعدم امكان السنى ثلاث مرات لاعتبار انقضاء العدة وهى الوضع، فلاحظ روايات اسحاق بن عمار، ويزيد الكناسى وابن بكير في التهذيب ج 8 - 71 إلى 73.

الطائفة الرابعة - ما وردت في هدم نكاح الغير للتطليقات، وهى على وجوه:

١٥٩

الاول: ما ورد في هدم نكاح الغير بعد ثلث تطليقات من الزوج الاول، وهذه الاخبار مع كثرتها وصحة أسانيد غير واحد منها، كما تقدم بعضها متطابقة لمورد الاية المباركة: (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان فان طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره) والتعميم لصوره نكاح الغير بعد التطليقه الاولى أو الثانية، انما هو بالاولوية القطعية ومفهوم الموافقة، لا بد لالة اللفظ كما لا يخفى.

الثاني: ما دل صريحا على ان نكاح الغير لا يهدم التطليقة والتطليقتين، وانما يوجب الهدم فيما حرمت المطلقة على الزوج وهو بعد الثالث. فمنها صحيح الحلبي قال سألت ابا عبدالله عليه‌السلام عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة ثم تركها حتى مضت عدتها فتزوجت زوجا غيره، ثم مات الرجل أو طلقها، فراجعها زوجها الاول؟ قال: هي عنده على تطليقتين باقيتين.

ومنها صحيح منصور عن ابى عبدالله عليه‌السلام في امرأة طلقها زوجها واحدة أو اثنتين ثم تركها حتى تمضى عدتها، فتزوجها غيره، فيموت أو يطلقها، فتزوجها الاول، قال قال هي عنده على ما بقى من الطلاق.

ومنها صحيح محمد الحلبي عن ابى عبدالله عليه‌السلام مثله.

ومنها صحيح زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام ان عليا عليه‌السلام كان يقول في رجل يطلق امرأته تطليقة ثم يتزوجها بعد زوج: انها عنده على ما بقى من طلاقها.

ومنها خبر عبدالله بن محمد قال قلت له روى عن ابى عبدالله عليه‌السلام في الرجل يطلق امرأته على الكتاب والسنة وتبين منه بواحدة وتزوج زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها فترجع إلى زوجها الاول انها تكون عنده على تطليقتين وواحدة قد مضت، فكتب: صدقوا.

١٦٠