شبكة الإمامين الحسنين عليهما السلام الثقافية

مثير الأحزان

فما تريد ان تسقيه قال فظننت انه يريد ان يتنحى ولا يشهد القتال وكره ان اراه يضع ذلك فارفعه عليه وانا منطلق ساسقيه واعتزل الحر المكان الذي فيه ولو اطلعني على سره لخرجت معه الى الحسين (ع)

[ التحاق الحر في معسكر الحسين وطلبه للتوبة ]

واخذ يدنو قليلا فقال له المهاجرين أو تريد ان تحمل فسكت فاخذته الرعدة ثم لحق بالحسين (ع) وقال له جعلني الله فداك يا بن رسول الله انا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك الى هذا المكان وما ظننت ان القوم يبلغون منك هذه المنزلة فهل لي توبة قال نعم يتوب الله عليك.

ثم قال يا أهل الكوفة لامكم الهبل (1) دعوتموه حتى إذا اتاكم خرجتم تقاتلونه وتمنعونه الماء الذي تشربه الكلاب والخنازير لا سقاكم الله الماء [ قال له الحسين انزل ] (2) فقال (3) : انا لك فارسا خير من ان اكون راجلا والى النزال (4) آخر امرى (5) .

ثم حمل على القوم وهو يتمثل بقول عنترة :

[ حديث للحر مع الحسين ]

ورويت باسنادى انه قال للحسين (ع) : [لما] (7) وجهنى عبيد الله اليك خرجت

__________________

1 ـ الهبل : الثكل.

2 ـ من النسخة الحجرية.

3 ـ في النسخة الحجرية : (فقاتل).

4 ـ في النسخة الحجرية خ ل : (نزول).

5 ـ أخرجه في البحار : 45 / 10 عن ارشاد المفيد : ص 263.

6 ـ أخرجه في ارشاد المفيد : ص 265.

7 ـ من النسخة الحجرية.

من القصر فنوديت من خلفي ابشر يا حر بخير فالتفت فلم ار احدا فقلت والله ما هذه بشارة وانا اسير الى الحسين عليه السلام وما احدث نفسي باتباعك فقال عليه السلام لقد اصبت اجرا وخيرا (1) .

ثم خرج الى القتال فبرز إليه زيد بن سفيان فقتله الحر ثم بعث عمر بن سعد بعض الرماة فعقر فرس الحر فكان يقاتل ويقول :

فلم يزل يقاتل الى ان قتل رحمه الله (2) .

فقال عبيد الله بن عمرو البذائى من بني البذاء وهم من كندة :

[ خروج نافع بن هلال ]

وخرج نافع بن هلال المرادى فبرز إليه واجم بن حريث الرشدى فتطاعنا فقتل نافع واجما فقال عمرو بن الحجاج يا حمقى اتدرون من تقاتلون مبارزة فرسان الحر (4) وقوما مستميتين فصاح عمر بن سعد فرجعوا الى مواقفهم (5) .

[ موقف عمر بن أبي قرطة الانصاري ودفاعه عن الحسين (ع) ]

وقاتل عمرو بن أبي قرظة الانصاري دون الحسين (ع) وهو يقول :

__________________

1 ـ عنه البحار : 45 / 15.

2 ـ أخرجه في ارشاد المفيد : 266.

3 ـ أخرجه في نفس المهموم ص 273.

4 ـ في النسخة الحجرية خ ل : (المصر).

5 ـ أخرجه في البحار : 45 / 19 عن ارشاد المفيد : ص 265.

قوله ودارى اشار الى عمر بن سعد لما التمس الحسين (ع) المهادنة قال تهدم دارى.

فقاتل قتال الباسل وصبر على الخطب الهائل وكان يلتقى السهام بمهجته فلم يصل الى الحسين (ع) سوء حتى اثخن بالجراح فقال له (ع) اوفيت؟

قال نعم أنت امامى في الجنة فاقرا رسول الله صلى الله عليه وآله السلام واعلمه انى في الاثر فقتل (1) .

وخرج برير بن خضير وكان زاهدا يقال له سيد القراء.

فخرج إليه يزيد بن المعقل (2) فاتفقا على المباهلة الى الله تعالى في ان يقتل المحق منهما المبطل فقتله برير فلم يزل يقاتل حتى قتل (3) .

[ خروج يزيد بن المهاجر وقتله لعدد من أصحاب عمر ]

وخرج يزيد بن المهاجر فقتل خمسة من أصحاب عمر بالنشاب وصار (4) مع الحسين وهو يقول :

وكان يكنى أبا الشعثاء من بني بهدلة من كندة (7) .

__________________

1 ـ اخرج نحوه في البحار : 45 / 22 عن المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 253.

2 ـ في نسختي الاصل : (المغفل) وما أثبتناه من الكامل في التاريخ.

3 ـ أخرجه في الكامل في التاريخ : 4 / 66.

4 ـ في نسختي الاصل : وسار.

5 ـ الغيل : بالكسر موضع الاسد.

6 ـ الكامن.

7 ـ عنه في البحار : 45 / 30.

[ موقف حبيب بن مظاهر وقتاله بجانب الحسين (ع) ]

وبرز حصين بن نمير (1) فخرج إليه حبيب بن مظاهر فضرب وجه فرسه بالسيف فوقع عليه اصحابه فاستنقذوه ثم شدوا على حبيب فقتل رجلا منهم وهو يقول :

حقا واتقى منكم واعذر (2)

[ خروج وهب بن حباب للقتال وحديثه مع امرأته ووالدته ]

وخرج وهب بن حباب (3) الكلبى واحسن في القتال وصبر على الم النصال ومعه امراته ووالدته فرجع اليهما وقال : [ يا] (4) امه ارضيت ام لا قالت ما رضيت حتى تقتل بين يدى الحسين قالت امراته بالله لا تفجعني بنفسك.

وقد اجبتها انا بلسان حاله متمثلا لا بلسان مقاله :

فقالت له امه يا بني اعزب عن قولها وقاتل بين يديه لتنال شفاعة جده يوم القيامة فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه فاخذت امراته عمودا واقبلت نحوه وقالت فداك أبي وامى قاتل دون الطيبين حرم رسول الله فاقبل يردها فامتنعت فقال (ع) جزيتم من أهل البيت خيرا ارجعي فرجعت ولم يزل يقاتل ثم قتل (5) .

__________________

1 ـ وقد مر ذكره.

2 ـ اخرج نحوه في البحار : 45 / 26 عن المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 252.

3 ـ في النسخة النجفية : جناب وهو تصحيف ، كما في كتب التواريخ.

4 ـ من النسخة الحجرية.

5 ـ عنه في البحار : 45 / 16 وعن المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 250.

[ خروج أنس بن الحارث ]

ثم خرج انس بن الحارث الكاهلى وهو يقول :

وآل حرب شيعة الشيطان (1)

[ خروج مسلم بن عوسجة ]

وخرج مسلم بن عوسجة فبالغ في الجهاد وصبر على الجلاد حتى سقط وبه رمق فرق له الحسين وقال رحمك الله يا مسلم.

فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا عز على مصرعك.

يا مسلم ابشر بالجنة فقال له قولا ضعيفا بشرك الله بخير.

فقال حبيب لولا انى في الاثر لاحببت ان توصى الى بما يهمك فقال اوصيك بهذا يعنى الحسين (ع) (2) .

[ خروج « جون » مولى أبي ذر ]

ثم تقدم جون مولى أبي ذر وكان عبدا اسودا فقال له (ع) أنت في اذن منى فانما تبعتنا للعافية فلا تبتل بطريقنا فقال يا بن رسول انا في الرخاء الحس قصاعكم وفي الشدة اخذلكم والله ان ريحى لمنتن وحسبي للئيم ولوني لاسود فتنفس علي بالجنة فيطيب ريحى ويشرف حسبى ويبيض وجهى لا والله لا افارقكم حتى يختلط هذا الدم الاسود مع دمائكم ثم قاتل حتى قتل (3) .

__________________

1 ـ أخرجه في البحار : 44 / 320 عن أمالي الصدوق : 137.

2 ـ أخرجه في اللهوف : 45.

3 ـ أخرجه في البحار : 45 / 22 عن اللهوف : 45.

[ ابن الاشعث أساء الادب والامام دعا عليه ]

وجاء رجل فقال اين الحسين فقال ها انا ذا قال ابشر بالنار تردها الساعة قال : [بل] (1) ابشر رب رحيم وشفيع مطاع من أنت؟

قال انا محمد بن الاشعث.

قال اللهم ان كان عبدك كاذبا فخذه الى النار واجعله اليوم آية لاصحابه فما هو إلا ان ثنى عنان فرسه فرمى به وثبتت رجله في الركاب فضربه حتى قطعه ووقعت مذاكيره في الارض فوالله لقد عجبنا (2) من سرعة (اجابة) (3) دعائه (ع).

ثم جاء آخر فقال اين الحسين فقال ها انا ذا قال ابشر بالنار قال ابشر برب رحيم وشفيع مطاع من انت قال انا شمر بن ذى الجوشن.

قال الحسين (ع) الله اكبر قال رسول الله صلى الله عليه وآله رايت كان كلبا ابقع يلغ [ف ي ] (4) دماء أهل بيتى.

[ رؤية الحسين (ع) وتمثيله للشمر بالكلب الابقع ]

وقال الحسين (ع) رايت كان كلابا تنهشني وكان فيها كلبا ابقع كان اشدهم على وهو أنت وكان ابرص.

ونقلت عن الترمذي قيل للصادق (ع) كم تتأخر الرؤيا فذكر منام رسول الله صلى الله عليه وآله فكان التأويل بعد ستين سنة (5) .

[ خروج عمرو بن خالد ]

وبرز عمرو ابن خالد الصيداوى (6) فقاتل فقال له (ع) تقدم فانا لاحقون بك عن ساعة فتقدم فقتل.

__________________

1 ـ زيادة من البحار.

2 ـ في البحار : عجبت.

3 ـ ليس في البحار.

4 ـ من النسخة الحجزية.

5 ـ عنه في البحار : 45 / 31.

6 ـ في نسختي الاصل : الصيدائي ، وما اثبتناه كما في كتب التواريخ.

[ خروج حنظلة]

وجاء حنظلة بن اسعد الشامي (1) فوقف يدى الحسين (ع) يقيه الرماح والسهام والسيوف بوجهه ونحره ثم التفت الى الحسين (ع).

فقال افلا نروح الى ربنا ونلحق فقال رح الى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها فقاتل قتال الشجعان وصبر على مضض الطعان حتى قتل والحقه الله بدار الرضوان (2) .

[ قتال زهير وسعيد وتقدمهما بين يدي الامام لاقامة صلاة الخوف ]

وتقدم زهير بن القين فقاتل بين يدى الحسين وهو ويقول :

قال وحضرت صلاه الظهر فامر عليه السلام لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي ان يتقدما امامه بنصف من تخلف معه وصلى بهم صلاة الخوف بعد ان طلب منهم الفتور عن القتال لاداء الفرض.

قال ابن حصين انها لا تقبل منك (4) قال حبيب بن مظاهر لا يقبل من آل رسول الله وانصارهم وتقبل منك وأنت شارب الخمر (5) ؟!

[ مقتل زهير بن القين ]

وقيل صلى الحسين (ع) واصحابه فرادى بالايماء وقاتل زهير قتالا شديدا حتى قتل (6) .

__________________

1 ـ في نسختي الاصل : الشامي وفي خ ل : الشبامي. وما أثبتناه من البحار وتاريخ الطبري : 4 / 337 والكامل في التاريخ : 4 / 72 والشبآم : بطن من همدان وله معاني آخر : معجم البلدان.

2 ـ أخرجه في البحار : 45 / 23 عن اللهوف : 46.

3 ـ أخرجه في البحار : 45 / 25 عن المناقب لابن شهرآشوب : 3 / 252.

4 ـ في النسخة الحجرية : خ ل «منکم».

5 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 21 عن كتاب محمد بن أبي طالب.

6 ـ عنه في البحار : 45 / 22.

[ الحنفي ينصر الحسين (ع) ]

ولما وصل القتال إليه (ع) تقدم امامه رجل من بني حنيفة يقيه بنفسه حتى سقط بين يدى الحسين (ع).

فقال الحنفي اللهم لا يعجزك شئ تريده فابلغ محمدا صلى الله عليه وآله نصرتي ودفعي عن الحسين وارزقني مرافقته في دار الخلود (1) .

ووجه عمر بن سعد [ عمرو بن سعيد ] (2) في جماعة الرماة فرموا من تخلف من اصحاب الحسين (ع) فعقروا خيولهم وبقى الحسين (ع) وليس معه فارس ولسان حاله يقول :

[ خروج سيف بن أبي الحارث ومالك الجابريان ]

وتقدم سيف بن أبي الحرث بن سريع ومالك بن عبد الله بن سريع الجابريان بطن من همدان يقال لهم بنو جابر امام الحسين ثم التقيا فقالا عليك السلام يا بن رسول الله فقال وعليكم السلام ثم قاتلا حتى قتلا (3) .

[ خروج عابس الشاكري ]

وجاء عابس بن أبي شبيب الشاكرى مولى بني شاكر فقال له الحسين يا أبا شوذب ما في نفسك قال اقاتل معك فدنا من الحسين وقال لو قدرت ان ارفع عنك بشئ هو اعز من نفسي لفعلت ثم تقدم فلم يقدم عليه أحد.

فقال زياد بن الربيع بن أبي تميم الحارثى هذا ابن شبيب الشاكرى القوى لا يخرجن إليه أحد ارموه بالحجارة فرموه حتى قتل (4) .

__________________

1 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 21.

2 ـ من النسخة الحجرية.

3 ـ عنه في البحار : 45 / 31.

4 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 28.

وتقدم سويد بن أبي المطاع فقاتل قتالا شديدا حتى سقط بين القتلى فسمع الناس يقولون قتل الحسين فتحامل واخرج من خفه سكينا فقاتلهم حتى قتل رضوان الله عليه (1) .

[ تسابق أصحاب الحسين (ع) للقتال ]

وكان اصحاب الحسين (ع) يتسابقون الى القتال بين يديه وكانوا كما قلت شعرى :

[ مقتل عبدالله بن مسلم وعون وابن الحسن بن علي ]

ثم رمى عمرو (3) بن صبيح عبيد الله (4) بن مسلم بن عقيل بسهم ثم طعنه اخرى في قلبه فقتله.

وحمل عبد الله بن قطنة (5) الطائى على عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتله.

وشد عثمان بن خالد الهمداني على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب

__________________

1 ـ أخرجه في البحار : 45 / 24 عن اللهوف : 47.

2 ـ البئر : ماء معروف بذات عرق «مراصد الاطلاع 1 / 162 ».

3 ـ في نسختي الاصل : عمر ، وما أثبتناه من البحار والكامل في التاريخ.

4 ـ في نسختي الاصل : عبيد ، وما أثبتناه من البحار والكامل في التاريخ.

5 ـ في نسختي الاصل : قطنة ، وما أثبتناه من البحار والكامل في التاريخ : ج 4 ص 74.

فقتله (1) .

ورمى عبد الله بن عقبة أبا بكر بن الحسن بن على بن أبي طالب فقتله (2) .

[ خروج اخوة العباس بن علي ومقتلهم ]

فلما راى العباس بن على (ع) كثرة القتلى في اهله قال لاخوته من امه وهم عبد الله وجعفر وعثمان بابى انتم وامى تقدموا حتى اراكم قد نصحتم لله ولرسوله فانه لا ولد لكم فاقدموا على عسكر عمر ابن سعد اقدام الشجعان واملاؤا صدورهم ووجوههم بالضرب والرمى والطعان (3) .

فكانوا كما قال ابن نباتة السعدى :

وجدوا في القتال حتى قتلوا.

[ خروج علي بن الحسين (ع) ومقتله ]

فلما لم يبق معه الا الاقل من أهل بيته خرج على بن الحسين (ع) وكان من احسن الناس وجها وله يومئذ اكثر من عشر سنين فاستاذن اباه في القتال فاذن له ونظر إليه وارخى عبرته ثم قال اللهم اشهد انه قد برز إليهم غلام يشبه رسول الله خلقا وخلقا ومنطقا فقاتل وهو يقول :

والله لا يحكم فينا ابن الدعى

فقاتل قتالا شديدا وقتل جمعا كثيرا.

__________________

1 ـ عنه في البحار : 45 / 44 وعن ارشاد المفيد : 268.

2 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 36 عن مقاتل الطالبين : 57.

3 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 38 عن مقاتل الطالبين : 54.

ثم رجع الى الحسين (ع) وقال يا ابه العطش قتلني وثقل الحديد قد اجهدني (1) فبكى وقال واغوثاه قاتل قليلا فما اسرع الملتقى بجدك محمد صلى الله عليه وآله ويسقيك بكاسه الاوفى فرجع الى موقف نزالهم ومازق مجالهم فرماه منقذ بن مرة العبدى فصرعه واحتويه القوم فقطعوه فوقف (ع) [ عليه ] (2) وقال قتل الله قوما قتلوك فما اجراهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول واستهلت عيناه بالدموع ثم قال على الدنيا بعدك العفاء.

وخرجت زينب اخت الحسين تنادى يا حبيباه وجاءت فاكبت عليه فاخذها الحسين فردها الى الفسطاط.

وكانت عترة (3) الحسين في طعانهم ونجابتهم والاقدام على الكماة وشجاعتهم (4) كما قال الشاعر ابن حيوس :

[ خروج القاسم بن الحسن (ع) ومقتله ]

قال حميد بن مسلم وخرج غلام كان وجهه شقة قمر فقال لي عمرو ابن سعيد بن نفيل الازدي لاشدن عليه فقلت وماذا تريد منه فشد عليه وضربه فوقع الغلام على وجهه ونادى يا عماه فجلى الحسين عليه كما يجلى الصقر وضربه بالسيف فاتقاه بالساعد فابانها من المرفق فصاح صيحة سمعها أهل العسكر ثم تنحى عنا الحسين (ع) وحملت خيول أهل الكوفة ليستنقذوه فوطاته بارجلها حتى مات.

ورايت الحسين (ع) قائما على راس الغلام وهو يفحص برجله وهو يقول بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك ثم قال عز والله على عمك ان تدعوه

__________________

1 ـ في النسخة الحجرية : جهدني.

2 ـ من النسخة الحجرية.

3 ـ في النسخة الحجرية : عمرة.

4 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 43 عن مقاتل الطالبين : 76.

فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك صوت والله كثر واتره وقل ناصره ثم حمله على صدره والقاه بين القتلى من اهله (1) .

قال الراوى فسالت عنه فقيل القاسم بن الحسن بن على بن أبي طالب فلما راى (ع) انه لم يبق من عشيرته واصحابه إلا القليل فقام ونادى هل من ذاب عن حرم رسول الله هل من موحد هل من مغيث هل من معين فضج الناس بالبكاء (2) .

[مقتل عبدالله الرض يع ]

ثم تقدم الى باب الفسطاط ودعا بابنه عبد الله [وهو طفل] (3) فجئ به ليودعه فرماه رجل من بني اسد سهم فوقع في نحره فذبحه فتلقى الحسين عليه السلام الدم بكفيه حتى امتلاتا ورمى بالدم نحو السماء ثم قال رب ان كنت حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير وانتقم (4) لنا من هؤلاء الظالمين (5) .

قال الباقر (ع) فلم تسقط من الدم قطرة الى الأرض ثم حمله فوضعه مع قتلى أهل بيته (6) .

[ اشتداد العطش وتحريم الماء على الحسين (ع) وأصحابه ]

ولما اشتد بالحسين عليه السلام واصحابه العطش وبلغ منه اللغوب.

فرويت الى القسم بن اصبغ بن نباتة قال حدثني من شاهد الحسين عليه السلام وقد لزم المسناة يريد الفرات والعباس بين يديه فجاء كتاب عبيد الله بن زياد الى عمر بن سعد ان حل بين الحسين واصحابه وبين الماء فلا يذوقوا منه قطرة فبعثه لعمرو بن الحجاج بخمسمائة فارس فنزلوا على الشريعة ومنعوهم الماء.

__________________

1 ـ أخرجه في البحار : 45 / 35 عن مقاتل الطالبين ص 58.

2 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 46 عن مقاتل الطالبين 59.

3 ـ من النسخة الحجرية.

4 ـ في النسخة الحجرية : ولنتقم.

5 ـ أخرج نحوه في البحار : 45 / 46 عن ارشاد المفيد : 269.

6 ـ أخرجه في البحار : 45 / 46 عن اللهوف : 49.

فناداه عبد الله بن حصين الازدي يا حسين الا تنظر الى الماء كانه كبد السماء (1) والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا أنت واصحابك.

فقال زرعة بن ابان بن دارم حولوا بينه وبين الماء ورماه بسهم فاثبته في حنكه فقال (ع) اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له ابدا وكان قد اتى بشربة فحال الدم بينه وبين الشرب فجعل يتلقى الدم ويقول هكذا الى السماء (2) .

[ عبدالله بن الحصين ودعاء الحسين (ع) عليه ]

ورويت عن الشيخ عبد الصمد عن الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن [ بن جوزي ] (3) ان الابانى كان بعد ذلك يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره وبين يديه المراوح والثلج وخلفه الكانون وهو يقول اسقوني اهلكني العطش فيؤتى بالعس فيه الماء واللبن والسويق يكفى جماعة فيشربه ثم يقول اسقوني فما زال كذلك حتى انقدت بطنه كانقداد البعير (4) .

[ مقتل العباس بن علي (ع) ]

ثم (اقتطعوا العباس) (5) عنه واحاطوا به من كل جانب وقتلوه فبكى الحسين (ع) لقتله بكاءاً شديداً.

وقد قلت هذه الابيات حين فرق بينهما سهم الشتات :

__________________

1 ـ في النسخة الحجرية : خ ل : « يمسك ».

2 ـ عنه في البحار : 45 / 50 وعن ارشاد المفيد : 269 وعن اللهوف : 49.

3 ـ من النسخة الحجرية.

4 ـ أخرجه في نفس المهموم : 332.

5 ـ عنه في البحار : 45 / 50 وعن ارشاد المفيد : 269 وعن اللهوف : 49.

ثم انه (ع) دعا الناس الى البراز فتهافتوا إليه وانثالوا عليه فلم يزل يقتل كل من برز إليه حتى اثر في ذلك الجيش الجم [ قتله ] (1) وهو يقول :

قال عبد الله بن عمار بن عبد يغوث ما رايت مكثورا (2) قط قد قتل ولده وأهل بيته اربط جاشا منه وان كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى شد فيها السبع وكانوا ثلاثين الفا فيحمل عليهم فينهزمون كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع الى مقامه (3) .

فكان عليه السلام كما قال الشاعر :

ولم يزل يقاتل حتى جاء شمر بن ذي الجوشن فحال بينه وبين رحله.

فقال (ع) رحلى لكم عن ساعة مباح فامنعوه جهالكم وطغاتكم وكونوا في الدنيا احرارا ان (4) لم يكن لكم دين.

ويعز على محبى العترة الطاهرة كيف تصير اموالهم فيئا للامة الفاجرة والى المعني اشرت بشعري المقول في آل الرسول :

__________________

1 ـ من النسخة الحجرية.

2 ـ مغلوباً أو الذي كثر عليه الناس فقهروه.

3 ـ أخرجه في البحار : 45 / 50 عن اللهوف : 49.

4 ـ في النسخة الحجرية : خ ل « اذا ».

[ خروج الحسين (ع) للقتال وبروز الشمر له ]

فقال له شمر ما تقول يا بن فاطمة؟

قال اقول انى اقاتلكم وتقاتلوني والنساء ليس عليهن جناح.

قال لك ذلك ثم قصدوه (ع) بالحرب وجعلوه شلوا من كثرة الطعن والضرب وهو يستقى شربة من ماء فلا يجد وقد اصابته اثنتان وسبعون جراحه.

فوقف وقد ضعف عن القتال اتاه حجر على جبهته هشمها ثم اتاه سهم له ثلاث شعب مسموم فوقع على قلبه.

فقال بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم رفع راسه الى السماء وقال الهى تعلم انهم يقتلون ابن بنت نبيهم.

ثم ضعف من كثرة انبعاث الدم بعد اخراج السهم من وراء ظهره وهو ملقى في الأرض.

فكلما جاءه رجل انصرف عنه كراهية ان يلقى الله بدمه فجاء مالك بن النسير (1) فسبه وضربه بالسيف على راسه فقطع القلنسوة ووصل الى راسه فامتلات دما.

فقال (ع) لا اكلت بيمينك وحشرك الله مع الظالمين واستدعى قلنسوة فلبسها فلبثوا قليلا ثم كروا عليه.

[ نجدة عبدالله بن الحسن لعمه وشهادته ]

فخرج إليه عبد الله بن الحسن وهو غلام لم يراهق من عند النساء يشتد حتى وقف الى جنب الحسين (ع) فلحقته زينب بنت علي (ع) لتحبسه فامتنع امتناعا شديدا وقال لا افارق عمي فاهوى بحر (2) بن كعب وقيل حرملة بن كاهل الى الحسين

__________________

1 ـ في الاصل : النثر ، وفي البحار : اليسر ، وفي اللهوف : النسر ، وفي مقتل أبي مخنف ص 90 : الكندي. وما أثبتناه من الكامل : 4 ص 75 والطبري : 4 ص 342 ومقتل الحسين للغامدي : 171.

2 ـ في النسخة الحجرية : خ ل : « أبجر ».

فقال له الغلام ويلك يا بن الخبيثة اتقتل عمي فضربه بالسيف فاتقاها بيده فبقيت على الجلد معلقة فنادي يا عماه فاخذه وضمه إليه وقال يا بن اخى اصبر ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير فإن الله يلحقك بابائك الصالحين.

فرماه حرملة فذبحه.

[ دعوة الحسين (ع) على القوم بعد مصرع عبدالله ]

فقال الحسين (ع) اللهم ان متعتهم الى حين ففرقهم فرقا واجعلهم طرائق قددا ولا ترض عنهم ابدا (1) .

وحمل الرجالة يمينا وشمالا على من بقى معه فقتلوهم فلم يبق معه سوى ثلاثة نفر.

فلما راى ذلك دعا بسراويل يلمع فيه البصر ففزره لئلا يسلب بعد قتله.

فلما قتل سلبها بحر بن كعب فكانت يداه تيبسان في الصيف كأنهما عودا وتترطبان في الشتاء فتنضحان دما وقيحا الى ان هلك (2) .

وجدير بهذه الامة لاخذهم على هذه المصيبة الغراء وان يكثر لها البكاء وانا مورد ما سمحت به قريحتي من الشعر لعلمي بالمكافاة يوم الحشر بغلو السعر :

[ استشهاد الحسين (ع) على يد سنان بن أنس ]

ولما اثخن بالجراح ولم يبق فيه حراك أمر شمر ان يرموه بالسهام وناداهم

__________________

1 ـ عنه في البحار : 45 / 53 عن اللهوف : 51 وعن ارشاد المفيد : 270.

2 ـ البحار 45 / 54 عن اللهوف : 52.

3 ـ في النسخة الحجرية : خ ل « ضاق ».

4 ـ البيداء المخيفة.

5 ـ الناقة الطويلة القوائم.

عمر بن سعد ما تنتظرون بالرجل وأمر سنان (1) بن انس ان يحتز راسه فنزل [ يمشى إليه] (2) وهو يقول امشى اليك واعلم انك سيد القوم (3) وانك خير الناس أبا واما فاحتز رأسه ورفعه الى عمر بن سعد فاخذه فعلقه في لبب فرسه وفي ذلك قلت :

[ ما وقع لسنان على يد المختار ]

وهذا سنان اخذه المختار فقطع يديه ورجليه واغلى قدرا ملئت زيتا وطرحه فيه وهو حى (4) .

[ وصف هلال بن نافع للحسين (ع) قبيل مقتله ]

قال هلال بن نافع انى لواقف في عسكر عمر بن سعد إذ صرخ صارخ ابشر ايها الامير قد قتل الحسين فبرزت بين الصفين وانه ليجود بنفسه فوالله ما رايت احسن منه ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيبته (5) عن الفكرة في قتله.

وطلب منهم ماء فقال له رجل والله لا تذوقه حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها فقال بل ارد على جدي رسول الله واسكن معه في مقعد صدق عند مليك مقتدر واشرب من ماء غير آسن واشكو إليه ما ارتكبتم مني وفعلتم بى.

فغضبوا باجمعهم حتى كأن الرحمة سلبت من قلوبهم.

ورويت ان غاضرة بن فرهد قال ان أبا بكر الهذلى لما قتل الحسين (ع) بكى حتى اختلج منكباه وقال واذلاه لامة قتل ابن دعيها ابن نبيها.

__________________

1 ـ في النسخة الحجرية : لسنان.

2 ـ من النسخة الحجرية.

3 ـ في النسخة الحجرية : السيد المقدم.

4 ـ البحار 45 / 54 عن اللهوف : 52.

5 ـ في النسخة الحجرية : هيئة.

[ سلب الحسين (ع) بعد قتله]

ولما قتل مال الناس الى سلبه ينهبونه.

فاخذ قطيفته قيس بن الاشعث فسمي قيس القطيفة.

واخذ عمامته جابر بن يزيد وقيل اخنس بن مرثد (1) ابن علقمة الحضرمي فاعتم بها فصار معتوها.

واخذ برنسه مالك بن بشير الكندي وكان من خز واتى امراته فقالت له اسلب الحسين (ع) يدخل بيتى واختصما قيل لم يزل فقيرا حتى هلك.

واخذ قميصه اسحاق بن حوية فصار ابرص.

وروي انه وجد في القميص مائة وبضع عشر ما بين رمية وطعنة وضربة.

قال الصادق (ع) وجد به ثلاث وثلاثون طعنة واربع وثلاثون ضربة.

واخذ درعه البتراء عمر بن سعد.

واخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبى وقطع اصبعه واخذ سيفه الفلافس (2) النهشلي وقيل جميع بن الحلق الاودى.

ثم اشتغلوا بنهب عيال الحسين ونسائه حتى تسلب المراة مقنعتها من راسها أو خاتمها من اصبعها أو قرطها من اذنها وحجلها من رجلها.

وجاء من سنبس الى ابنة الحسين (ع) وانتزع ملحفتها من راسها وبقين عرايا تراوجهن رياح النوائب وتعبث بهن اكف المصائب قد غشيهن القدر النازل وساورهن الخطب الهائل.

ولما بلين بكل كفور سفاك وظلوم فتاك وغشوم افاك حسن الاستشهاد بشعر الحسن بن الضحاك :

__________________

1 ـ في نسختي الاصل : مريد وما أثبتناه من البحار واللهوف.

2 ـ في نسختي الاصل : الفلافس وما أثبتناه من البحار وفي اللهوف : القلانس.

ولما رات امرأة من بني بكر بن وايل وقد توزعوا سلب النساء قالت يا آل بكر اتسلب بنات رسول الله لا حكم الا لله يا لثارات المصطفى فردها زوجها.

وخرج بنات سيد الانبياء وقرة عين الزهراء حاسرات مبديات للنياحة والعويل يندبن على الشباب والكهول واضرمت النار في الفسطاط فخرجن هاربات وهن كما قال الشاعر :

[ مرور النساء على جسد الحسين (ع) ]

ومررن على جسد الحسين (ع) وهو معفر بدمائه مفقود من احبائه فندبت عليه زينب بصوت مشج وقلب مقروح يا محمداه صلى عليك مليك السماء هذا حسين مرمل بالدماء مقطع الاعضاء وبناتك سبايا الى الله المشتكى والى علي المرتضى والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيد الشهداء هذا حسين بالعراء تسفي عليه الصبا قتيل اولاد الادعياء واحزناه واكرباه اليوم مات جدي رسول الله يا اصحاب محمداه هذا ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا فاذابت القلوب القاسية و [ هدت] (2) الجبال الراسية

__________________

1 ـ خدرها.

2 ـ من النسخة الحجرية.

قال الهروي الكاتب سمعت منصور بن مسلمة الهروي (1) ينشد ببغداد في شهر رمضان سنة احدى عشر وثلثمائة شعرا من جملته :

[ عشرة يطئون جسد الحسين (ع) ]

ثم نادى عمر بن سعد من ينتدب الحسين فيوطئ الخيل ظهره فانتدب منهم عشرة :

وهم اسيد بن مالك وهانى بن ثبت الحضرمي وواخط ابن ناعم وصالح بن وهب الجعفي وسالم بن خثيمة الجعفي ورجاء بن منقذ العبدي وعمر بن صبيح الصيداوي وحكيم بن الطفيل السنبسى واخنس ابن مرثد واسحاق بن حوية.

فوطاته خيولهم حتى رضوه.

وقال بعض الشعراء :

فلما دخلوا على عبيد الله قال أحد العشرة :

قال من انتم قالوا نحن وطانا بخيولنا ظهر الحسين حتى طحنا حناجر صدره فامرهم بشئ يسير.

ويحق لي ان اترنم بابياتى هذه ترنم الفاقدة الثكول على بني الزهراء البتول :

__________________

1 ـ في النسخة الحجرية : خ ل «النمر ي ».

2 ـ الفرس السريع الطويل.

3 ـ خالية.

4 ـ أعالي الشيء.