مسند الرضا عليه السلام

مسند الرضا عليه السلام0%

مسند الرضا عليه السلام مؤلف:
المحقق: السيد محمد جواد الحسيني الجلالي
تصنيف: مكتبة الحديث وعلومه
الصفحات: 220

مسند الرضا عليه السلام

مؤلف: داود بن سليمان بن يوسف الغازي
المحقق: السيد محمد جواد الحسيني الجلالي
تصنيف:

الصفحات: 220
المشاهدات: 39859
تحميل: 6137

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39859 / تحميل: 6137
الحجم الحجم الحجم
مسند الرضا عليه السلام

مسند الرضا عليه السلام

مؤلف:
العربية

[31]

قول رسول الله (ص)

(النظر في ثلاثة أشياء عبادة، في وجه الوالد (1) ، وفي المصحف، وفي البحر).

ورد هذا الحديث في الاربعين حديثا المستدركة لصحيفة الامام الرضا عليه السلام بالرقم 18، ورواه العلامة المجلسي في البحار 10: 368، الحديث 10، وروى معناه الشيخ الكليني في الكافي 4: 240، الباب 249، الحديث الاول، وروى معناه أيضا وبصورة متفرقة الشيخ الطوسي في الامالي 2: 468، الباب 16، الحديث 21 و 22.

ورواه من العامة:

المتقي الهندي في كنز العمال متفرقا في الحديث 45536 وبلفظ: (النظر في وجه الابوين). وفي الحديث 34714. كما رواه الديلمي في الفردوس: 6873.

فقه الحديث:

إن الله سبحانه يحب أن يهب الخير والثواب للانسان بكل ما يمكن وحيث إن الثواب مشروط بالطاعة والتكليف، فهو يدلنا على طريق تحصيله على لسان النبي والائمة عليهم السلام.

ومن جملة ما جعل الله فيه الثواب هو ما ورد في هذا الحديث الشريف من النظر إلى وجه الوالد أو الوالدين، فإن حبهما والكون بقربهما مما يوجب فرحهما وسرورهما، والله أوصى الابناء برعاية هذا الجانب النسبة إلى الابوين فقال: ( وبالوالدين إحسانا ) (2) وجعل مجرد النظر إليهما عبادة.

__________________

(1) في صحيفة الرضا عليه السلام والبحار: (الوالدين).

(2) البقرة 2 / 83، والنساء 4 / 36 والانعام 6 / 151 والاسراء 17 / 23.

١٢١

[32]

قول رسول الله (ص)

(جعلت البركة (1) في العسل، وفيه شفاء من الاوجاع،

وقد بارك عليه سبعون نبيا).

ورد هذا الحديث في الاربعين حديثا المستدركة لصحيفة الامام الرضا عليه السلام بالرقم 15، ورواه العلامة المجلسي في البحار 66: 94، الحديث 18، عن مكارم الاخلاق: 167، وأورده الراوندي في الدعوات: 151، الحديث 406.

فقه الحديث:

للعسل خواص كثيرة ذكرها الاطباء والمتخصصون في معرفة الادوية، إضافة إلى أنها علامة وآية من آيات الله سبحانه، وقد أشار إليها بقوله: ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ) (2) .

فالنحلة تطوى عشرات الكيلومرات لتصل إلى الازهار المختلفة في السهول والهضاب، وتمتص رحيق الازهار وتحولها بقدرة الله تعالى إلى عسل.

وللنحل عالم غريب اشير إلى بعض جوانبه في البحار 64: 234 - 236.

وأما العسل، فقد ورد فيه أحاديث عديدة. منها: ما في العيون (2: 35، الحديث 83): وبهذا الاسناد، قال رسول الله (ص): (إن يكن في شئ شفاء ففي شرطة حجام أو شربة عسل).

__________________

(1) في صحيفة الرضا عليه السلام والبحار: (إن الله جعل البركة).

(2) النحل: 16 / 68 و 69.

١٢٢

[33]

قول رسول الله (ص): (لو علم العبد ما له في حسن الخلق. لعلم أنه يحتاج أن يكون له خلق حسن

فإن حسن الخلق يذيب [الخطيئة] (1) كما يذيب الماء الملح).

أورد صدر الحديث في صحيفة الامام الرضا عليه السلام، الحديث 85، وعنه البحار 71: 392، الحديث 58، كما رواه العلامة المجلسي في البحار 10: 369 الحديث 20، وأما ذيله فقد أورد معناه العلامة المجلسي في البحار 71: 395، الحديث 74 بلفظ: (إن حسن الخلق يذيب الخطيئة كما يذيب الشمس الجليد). وفي البحار 75: 321، الحديث 5، وفيه: (يذيب السيئة).

فقه الحديث:

حسن الخلق سيد الاخلاق وأميرها، ومن كان على جانب من هذه الصفة فإنه يغطي علي كثير من عيوبه، كما نص عليه هذا الحديث.

ومن هنا فإن من لم يتصف بهذه الصفة لو تأمل مدى فائدتها لكدح في اكتسابها والتجمل بها سترا على عيوبه التي لا يخلو منها إنسان.

وفي هذا تأكيد على التخلق بأخلاق الانبياء والصالحين، وورد في مدح حسن الخلق والبر بأنهما يعمران الديار ويزيدان في الاعمار (البحار 71: 395). وعن أمير المؤمنين عليه السلام: (روضوا أنفسكم على الاخلاق الحسنة، فإن العبد المسلم يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم) (2) .

__________________

(1) من البحار 71: 395، وموضعها في النسخة بياض، ولعلها: (السيئة) كما في البحار 75: 321.

(2) البحار 10: 99.

١٢٣

[34]

قول رسول الله (ص)

(من ترك معصية (1) مخافة الله

أرضاه الله يوم القيامة (2) ).

ورد هذا الحديث في الاربعين حديث المستدركة لصحيفة الامام الرضا عليه السلام بالرقم 17، ورواه الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 30، الحديث 34. والخصال: 208: الباب 4، الحديث 28. والاختصاص: 249، الحديث 126، كما رواه الشيخ الكليني في الكافي 3: 81، الباب 39، الحديث 6، والعلامة المجلسي في البحار 10: 368، الحديث 11.

ورواه من العامة:

المتقي الهندي في كنز العمال، الحديث 5914، وروى معناه البخاري في التأريخ الكبير 3: 2، الحديث 101.

فقه الحديث:

مخالفة النفس لها أجر عظيم، قال الله سبحانه: ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوي ) . (النازعات: 79 / 40 - 41).

وكان امير المؤمنين عليه السلام إذا رجع من جهاد الكفار يقول: (رجعنا من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الاكبر)، يعني: مجاهدة النفس والهوى (3) .

__________________

(1) في الكافي وكنز العمال: (معصية لله).

(2) لم ترد (يوم القيامة) في كنز العمال.

(3) نور الحقيقة ونور الحديقة: 49.

١٢٤

[35]

قول رسول الله (ص):

(أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا

وإنما المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).

روى هذا الحديث الشيخ الكليني في الكافي 2: 99، الحديث 1. والعلامة المجلسي في البحار 1: 151، الحديث 30 و 71: 372، الحديث 1، و 389 الحديث 44 و 47 و 77: 153، الحديث 1، و 78: 310، الحديث 1، و 103: 226، الحديث 15.

كما رواه الشيخ العاملي في الوسائل 8: 503، الباب 104 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 1، و 509 الباب 104 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 34 و 35.

والعلامة النوري في المستدرك 8: 447، الباب 87 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 9955.

وأما ذيل الحديث وهو قوله (ص): المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، فقد أورده الشيخ الكليني في الكافي 2: 233، الحديث 12، و 235، الحديث 19.

كما أورده العلامة المجلسي في البحار 1: 113، الحديث 2، و 67: 302، الحديث 31، و 321، الحديث 56 و 69: 121، الحديث 30، و 77: 53، الحديث 3.

والشيخ العاملي في الوسائل 8: 596، الباب 152 من أبواب أحكام العشرة، الحديث 1.

١٢٥

ورواه من العامة:

المتقي في كنز العمال 1: 38، الحديث 77، كما أورده صدره أحمد بن حنبل في مسنده 2: 250، 472 و 6: 47 و 99، والدارمي في سننه 2: 323 وأبي داود في سننه 2: 409، والترمذي في سننه 2: 315 و 4: 122، والحاكم في المستدرك 1: 3 و 53، والبيهقي في السنن الكبرى 10: 192، والمتقي الهندي في كنز العمال 5130 و 5131 و 5155 و 5179 و 5183 و 5202 و 5203 و 5241، والهيثمي في مجمع الزوائد 1: 58 و 4: 303 وبلفظ (أحاسنهم) في مجمع الزوائد 8: 21 و 8: 22.

وإما ذيل الحديث فقد أورده النسائي في سننه 8: 107، وأحمد بن حنبل في مسنده 2: 191 و 206 و 215 و 3: 392 و 4: 385، والبخاري في صحيحه 1: 9 ومسلم في صحيحه 1: 48، والترمذي في سننه 4: 71 و 128 و 129، والحاكم في المستدرك 3: 626، والبيهقي في السنن الكبرى 10: 243، والمتقي في كنز العمال، الاحاديث: 63 و 64 و 750 و 751 و 1400 و 7846 و 38528 و 39619 و 43427 والهيثمي في مجمع الزوائد 1: 54 و 56 و 61 و 5: 291 و 10: 294.

فقه الحديث:

أما بالنسبة إلى صدر الحديث فقد سبق بيان أثر حسن الخلق في الحديث [33]، وأما بالنسبة إلى ذيل الحديث، فإن النبي (ص) يفسر الاسلام بما ينبغي أن يتصف به المسلم الحقيقي، وهو أن يأمن المسلمون من ناحيته عموما، فلا يتعرض لاذى أحد من المسلمين لا بيد ولا بلسان، فإن لم يكن بهذه المثابة فليس هو بمسلم، خصوصا وإن الحديث مصدر بأداة الحصر (إنما).

١٢٦

[36]

قول رسول الله (ص):

(إذا كان يوم القيامة لم تزل قدم (1) عبد حتى يسأل عن اربع

عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن مال اكتسبه من أين اكتسبه وفي ماذا أنفقه (2)

وعن حبنا أهل البيت).

رواه العلامة المجلسي في البحار 7: 258 و 259 و 77: 162، الحديث 162. وعقد في البحار 27: 311 بابا في السؤال عن حب أهل البيت يوم القيامة.

روى معناه في البحار 7: 258، الحديث الاول و 7: 259، الحديث 3 و 4 و 7: 261، الحديث 11، و 27: 103 الحديث 70، و 27: 311، الحديث الاول و 36: 79، الحديث 5، و 39: 299، الحديث 108، و 71: 180، الحديث 33، و 103: 11، الحديث 47.

ونقل في البحار 39: 299، الحديث 108 و 77: 160 عن الامالي زيادة ما يلي: فقال له رجل من القوم: وما علامة حبكم يا رسول الله؟ فقال: محبة هذا - ووضع يدهه على رأس علي بن أبي طالب -.

وفي البحار 73: 69 - أيضا - فيما وعظ به لقمان ابنه: (... اعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عزوجل عن أربع: شبابك فيما أبليته، وعمرك فيما أفنيته، ومالك مم اكتسبته، وفيما أنفقته، فتأهب لذلك وأعد له جوابا).

ورواه من العامة:

الهيثمي في مجمع الزوائد 10: 346، كما نقل الهيثمي معنى ما نقلناه عن البحار

__________________

(1) في البحار: (قدما).

(2) في البحار (فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه، وعما اكتسبه من أين اكتسبه وفيم أنفقه).

١٢٧

في حديث آخر، وفيه: (قيل يا رسول الله، وما علامة حبكم؟ فضرب بيده على منكب علي رضي الله عنه).

كما روى معنى هذا الحديث مع عدم ذكر (وعن حبنا أهل البيت) وإبداله ب‍ (وماذا عمل فيما علم) أو (وعن علمه ما فعل فيه) الترمذي في سننه 4: 35 و 36 والمتقي الهندي في كنز العمال، الحديث 38982 و 38983 والدارمي في سننه 1: 135، والهيثمي في مجمع الزوائد 10: 346.

فقه الحديث:

في هذا الحديث تحريض على المراقبة والمحاسبة في شؤون الحياة، فإن الانسان وإن غفل فليس بمغفول عنه (1) وعن رسول الله (ص): (لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه؟ ومن أين مشربه؟ ومن أين ملبسه؟ أمن حل ذلك أم من حرام) (2) .

وقد أرشدنا أمير المؤمنين عليه السلام إلى طريق المحاسبة عند ما سئل: كيف يحاسب الرجل نفسه؟ قال: (إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال: يا نفس! إن هذا يوم مضى عليك، لا يعود إليك أبدا، والله سائلك عنه فيما أفنيته، فما الذي عملت فيه؟ أذكرت الله أم حمدتيه؟ أقضيت حق أخ مؤمن؟ أنفست عنه كربته؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه، أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك، وأعنت مؤمنا؟ ما الذى صنعت فيه؟!).

__________________

(1) البحار 77: 130.

(2) البحار 77: 16.

١٢٨

[37]

قول رسول الله (ص):

(من عرف فضل كبير السن آمنه الله تعالى من الفزع الاكبر)

رواه الشيخ الصدوق في ثواب الاعمال 1: 224، الباب 436، الحديث الاول، وفيه: (فضل شيخ كبير فوقرة لسنة).

وروى معناه العلامة النوري في مستدرك الوسائل 8: 391، الحديث 9768، عن الجعفريات: 196، وفيه: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد ابن محمد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه عن جده جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه علي ابن ابي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله (ص): (من وقر ذا شيبة لشيبته آمنه الله عزوجل من فزع يوم القيامة).

وعن الجعفريات: 197، بهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): (من عرف فضل كبير لشيبته فوقره، آمنه الله تعالى من فزع يوم القيامة).

وفي المستدرك 1: 413 - أيضا - عن الجعفريات: 165، ودعائم الاسلام 1: 125، عن رسول الله (ص) أنه قال: (من عرف فضل شيبه فوقره، آمنه الله من فزع يوم القيامة).

ورواه من العامة:

ابن عدي في الكامل 6: 2303.

فقه الحديث:

إن احترام ذي الشيبة لكبره أمر اجتماعي حسن، والاسلام يجعل هذا الامر مستحبا لما فيه من الانسانية والادب الاسلامي في ممارسته وإفشائه، فيجعل الامن من فزع يوم القيامة لمن يقوم باحترام ذوي الشيبة والطاعنين في السن.

١٢٩

[38]

قول رسول الله (ص):

(من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم،

فهو ممن كملت مروته، وظهرت عدالته، ووجبت اخوته (1) وحرمت غيبته).

ورد هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم 31، ورواه الشيخ الصدوق في العيون 2: 30، الحديث 34. والخصال: 208، باب الاربعة، الحديث 28 و 29 والشيخ الكليني في الكافي 2: 239، الباب 99، الحديث 8، وابن زهرة في الاربعين حديثا: 58 الحديث 9، بطريقين، وابن فهد الحلي في عدة الداعي: 175، مرفوعا عن النبي (ص)، والديلمي في إعلام الدين: 60، عن الصادق عليه السلام.

ورواه العلامة المجلسي في البحار 80: 1 الحديث 1 و 2، عن الخصال والعيون وصحيفة الرضا عليه السلام. و 75: 92، الحديث 4: عن المصادر المتقدمة وفي 75: 236، عن الكافي. وفي 75: 252، الحديث 76، عن المصادر المتقدمة. وفي 77: 162، الحديث 163. وفي 88: 35، عن الخصال والعيون.

ورواه الشيخ المحدث العاملي في الوسائل 5: 393، الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 9. وفي 8: 597، الباب 152، من أبواب أحكام العشرة، الحديث 2. وفي 18: 293، الباب 18 من أبواب الشهادات، الحديث 15، عن الخصال والعيون. وفي الحديث 16، عن الخصال ورواه العلامة النوري في المستدرك 17: 441، الحديث 21808.

فقه الحديث:

لا يصل الانسان إلى الكمال إلا بالتزكية واكتساب مكارم الاخلاق

__________________

(1) في نسختنا: (ووجب أجره)، وفي هامش الصحيفة، عن بعض النسخ: (محبته).

١٣٠

وترويض النفس على ترك الهوى والعمل بما رسمته الشريعة له.

وما الانسان لولا ذلك إلا كالانعام بل أضل، كما ورد في القرآن الكريم (1) .

ومن هنا فإن جميع رسالات السماء جاءت لتخطط طريق الكمال للانسان لمنعه من الانحراف والانزلاق في مهاوي الضلال.

ونبي الاسلام (ص) - وهو خاتم الانبياء - جاء لتكميل هذا المخطط بإيصال الانسان إلى أعلى المراتب فقال: (إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) (2) ، وحث المسلمين على أفضل سبل المعاشرة والسلوك مع بني نوعهم للوصول إلى حياة الفضلى.

وهو في هذا الحديث يبين الخصال التي تجعل من الفرد إنسانا كاملا وتؤهله للامانة والاعتماد والثقة. ويحصر اصول ذلك في ثلاثة امور:

1 - أن لا يتعدى الحد المتعارف شرعا في معاملة الناس، وهو ما يعبر عنه ب‍ (الظلم).

2 - أن يكون صادقا في ما ينفل إليهم من الاحاديث والاخبار، لكي يبقى مورد ثقة الناس واطمئنانهم.

3 - أن يفي بما يقطعه على نفسه من المواعيد ولا يضمر في نفسه خلفا لها.

فإذا اتصف بهذه الخصال الثلاث فقد حصل في قبالها على أربعة: أن يكون كامل المروءة، وعادلا، وأخا لابد أن يضمر له الود والاخاء، ولا يجوز لاحد أن يتكلم عنه بما لا يرضى.

__________________

(1) الاعراف 7: 179.

(2) مستدرك الوسائل 11: 187، الباب 6 من أبواب جهاد النفس، الحديث الاول.

١٣١

[39]

قول رسول الله (ص):

(إن موسى بن عمران صلوات الله عليه (1) سأل ربه ورفع يديه فقال:

يا رب أبعيد أنت (2) فاناديك أم قريب (3) فاناجيك؟

فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى بن عمران، إنا جليس من ذكرني (4)

فقال: يا رب إني حيثما ذهبت لا انصر واخذل (5) ؟!

فأوحى اله تعالى [إليه] (6) : إن في عسكرك غمازا.

فقال: يا رب دلني عليه. قال: يا موسى (7) إني ابغض الغماز، فكيف أغمز (8) ؟!).

ورد صدر هذا الحديث في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم 32، وورد ذيله بالرقم 68، وروى صدره الشيخ الصدوق في العيون 1: 104، الحديث 22. و 2: 32 الباب 31، الحديث 47 ويراجع الامالي: 265، الباب 52، الحديث

__________________

(1) لم ترد (صلوات الله عليه) في صحيفة الرضا عليه السلام. ولم ترد (ابن عمران) في البحار.

(2) في هامش صحيفة الرضا عليه السلام، عن (ن): (بعيد أنت يا رب).

(3) في البحار: (قريب أنت).

(4) إلى هنا ورد في صحيفة الرضا عليه السلام بالرقم 32، وباقي الحديث ورد بالرقم 68.

(5) في صحيفة الرضا عليه السلام: 68، والبحار 75: 293، وبإسناده، (قال: قال رسول الله (ص): إن موسى بن عمران سأل ربه ورفع يديه فقال: يا رب، أين ذهبت اوذيت). وفي هامش الصحيفة، عن بعض النسخ: (يا الهي أين ذهبت اوذيت). وعن بعض النسخ: (إلهي أينما ذهبت اوذيت). وفي بعض النسخ: (يا رب أينما ذهبت اوذى).

(6) من صحيفة الرضا عليه السلام.

(7) في صحيفة الرضا عليه السلام: (فأوحى الله تعالى إليه).

(8) في هامش الصحيفة، عن بعض النسخ: (أن أغمز).

١٣٢

11. وكمال الدين 2: 460، الباب 43، الحديث 21. والتوحيد 182، الحديث 17. ومن لا يحضره الفقيه 1: 28، الحديث 58، وزاد فيه: (فقال موسى عليه السلام: إني أكون في حال اجلك أن أذكرك فيها. فقال: يا موسى، اذكرني على كل حال). ورواه العلامة المجلسي في البحار 3: 329، الحديث 29، عن التوحيد. و 13: 345، الحديث 29، عن العيون. و 93: 322، الحديث 34.

وأما ذيله فقد رواه العلامة المجلسي في البحار 13: 12، الحديث 18. و 75: 293، الحديث الاول، مع اختلاف الذي أوردناه في الهامش.

فقه الحديث:

إن الله سبحانه وتعالى لا يحويه مكان، ولا يشار إليه ببنان، لان كل من يحويه المكان فهو مفتقر إلى المكان، فيكون ممكنا، والله غني عن كل شئ.

وكل ما يشار إليه ببنان فهو ذو جهة، وكل ما كان ذو حهة خاصة فإنه لابد وأن تخلو منه الجهات الاخرى، فيكون محدودا، والله لاحد له.

وأما ما ذكره موسى عليه السلام في مناجاته فهو لتعليم أن الله لا مكان له، ولا جهة له، بل هو مع كل شئ، لا مخالطة، وغير كل شئ لا بمزايلة، قال تعالى: ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) (المجادلة: 58 / 7).

وأما ذيل الحديث فهو نهي عن النميمة وأنه بالاضافة إلى الاضرار المادية التي يورثها النميمة في إيجاد التفرقة بين أفراد المجتمع، والبغضاء والتشاحن بين المؤمنين، فإنه سبب لاثار معنوية تترتب على هذه الاثار، وهي حرمان الامة بأجمعها من نصر الله.

وقد وردت نصوص كثيرة في ذم النميمة، قال تعالى: ( ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم ) . (القلم: 68 / 10 و 11)

١٣٣

[40]

قول رسول الله (ص):

(إياكم والظلم، فإنه مخرب الدور).

ورد هذا الحديث في صحيفة الامام الرضا عليه السلام (1) بالرقم 33، ورواه الشيخ الصدوق في الخصال: 176، الحديث 235، والعلامة المجلسي في البحار 75: 315، الحديث 34، بلفظ: (إياكم والظلم فإنه يخرب قلوبكم).

وكذا رواه العلامة النوري في المستدرك: 12، الحديث 13635.

ورواه من العامة:

الديلمي في الفردوس: 1552، والسيوطي في جمع الجوامع: 9375، بلفظ: (يخرب قلوبكم).

فقه الحديث:

الظلم إلحاد، وام الرذائل، وبئس الزاد إلى المعاد، وأكبر المعاصي، وهو ظلمات يوم القيامة و... كما جاء في أحاديث متفرقة (2) .

وهذا الحديث يلوح إلى الاثر الدنيوي للظلم وهو خراب الدور من العمران، وهو إما أن يكون بالانهدام، أو بالشقاء الذي يخيم على بيت الظالم فتنقلب سعادته إلى شقاء.

__________________

(1) في صحيفة الرضا عليه السلام: (فإنه يخرب قلوبكم كما يخرب الدور). وفي هامش الصحيفة: إن عبارة (كما يخرب الدور) من بعض النسخ.

(2) انظر الكافي 2: 332. والبحار 77: 239 وغيرهما.

١٣٤

المستدرك

١٣٥

١٣٦

مستدرك

بالاحاديث المنتهية أسنادها إلى ابن مهرويه،

عن المؤلف، عن الامام الرضا عليه السلام

في مختلف مصادر التراث (1)

[1] العيون: الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان الفراء، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال:

(إن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: أخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله، وعما لا يعلمه الله؟

__________________

(1) ملاحظة: أورد الشيخ الصدوق 186 حديثا بطرق ثلاثة منها بسنده إلى ابن مهرويه عن داود بن سليمان الفراء عن الامام الرضا عليه السلام، في كتابه (عيون أخبار الرضا عليه السلام)، الجزء 2، الصفحة 25 - 49 ولم نورد هنا إلا ما أشار إليه العلامة المجلسي في البحار.

١٣٧

فقال علي عليه السلام: أما لا يعلمه الله، فهو قولكم يا معشر اليهود: إن عزيزا ابن الله، والله تعالى لا يعلم له ولدا، وأما قولك: ما ليس لله، فليس لله شريك. وأما قولك: ما ليس عند الله تعالى، فليس عند الله ظلم للعباد.

فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله (ص)) (1) .

[2] العيون: بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا عليه السلام مثله (2) .

[3] صحيفة الرضا عليه السلام: عنه عليه السلام، مثله (3) .

[4] التدوين: حدثني علي بن موسى الرضا، حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين بن على، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (ص): (يقول الله تعالى: يابن آدم، ما تنصفني؟ اتحبب إليك بالنعم وتمقت إلي بالمعاصي، خيري إليك منزل وشرك إلى صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عند كل يوم وليلة بعمل قبيح، يابن آدم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته) (4) .

__________________

(1) البحار 10: 11.

(2) و (3) البحار 10: 11.

(4) التدوين 3: 4.

١٣٨

[5] كنز الكراجكي: عن المفيد، عن عمر بن محمد المعروف بابن الزيات، عن علي بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله (ص):

( يقول الله عزوجل: يا ابن آدم، ما تنصفني؟ أتحبب إليك بالنعم، وتتبغض إلى بالمعاصي، خيري إليك نازل، وشرك إلي صاعد. أفي كل يوم يأتيني عنك ملك كريم بعمل غير صالح؟ يا ابن آدم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت تدري من الموصوف لسارعت إلى مقته ) (1) .

[6] العيون: بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا عليه السلام: أن أباه عليه السلام قال:

( قال رسول الله (ص): يقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، ما تنصفني؟ أتحبب إليك بالنعم وتتمقت إلي بالمعاصي. خيري عليك منزل وشرك إلي صاعد ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح. يا ابن آدم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته ) (2) .

[7] أمالي المفيد: عن المفيد، عن عمر بن الزيات، عن علي بن مهرويه عن داود بن سليمان، عن الرضا عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي (ص): مثله. وفيه: ( في كل يوم بعمل غير صالح ) (3) .

[8] العيون، بالاسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال

__________________

(1) و (2) البحار 77: 19.

(3) البحار 77: 19.

١٣٩

رسول الله (ص):

( يقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، ما تنصفني؟ أتحبب إليك بالنعم، وتتمقت إلي بالمعاصي. خيري إليك منزل، وشرك إلي صاعد. ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح. يا ابن آدم، لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف، لسارعت إلى مقته ) (1) .

[9] صحيفة الرضا عليه السلام: عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام: مثله (2) .

[10] أمالي الطوسي: المفيد، عن عمر بن محمد الزيات، عن علي ابن مهرويه، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام: مثله (3) .

[11] أمالي المفيد: جماعة، عن أبي المفضل، عن ابن مهرويه: مثله (4) .

[12] أمالي الطوسي: المفيد، عن عمر بن محمد، عن علي بن مهرويه، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه، عن امير المؤمنين عليهم السلام، قال: قال رسول الله (ص):

(قال الله عزوجل: يا بني آدم، كلكم ضال إلا من هديت، وكلكم عائل إلا من أغنيت، وكلكم هالك إلا من أنجيت. فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم.

إن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفاقة، ولو أغنيته لافسده ذلك،

__________________

(1) و (2) و (3) و (4) البحار 73: 352.

١٤٠