مسند الرضا عليه السلام

مسند الرضا عليه السلام0%

مسند الرضا عليه السلام مؤلف:
المحقق: السيد محمد جواد الحسيني الجلالي
تصنيف: مكتبة الحديث وعلومه
الصفحات: 220

مسند الرضا عليه السلام

مؤلف: داود بن سليمان بن يوسف الغازي
المحقق: السيد محمد جواد الحسيني الجلالي
تصنيف:

الصفحات: 220
المشاهدات: 39878
تحميل: 6149

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39878 / تحميل: 6149
الحجم الحجم الحجم
مسند الرضا عليه السلام

مسند الرضا عليه السلام

مؤلف:
العربية

الكتاب والمؤلف

هذا الكتاب يرى النور لاول مرة في عالم المطبوعات، بالرغم من كثرة الروايات عن المؤلف في كتب الحديث، وقدر له أن تحفظ نسخة منه ضمن مجموعة في مكتبة منار الطائفة السيد المرعشي (ت / 1411) قدس الله تربته، وهذه خطوة متواضعة في سبيل إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام، الذي كاد أن يضيع بين يقظه الاعداء وغفلة الاصدقاء.

لمحة عن حياة الامام عليه السلام

عاصر الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام - ثامن أئمة أهل البيت عليهم السلام [148 - 203 ه‍] - خلفاء عباسيين اشتهروا بالكيد ضد العلويين بكل ما اوتوا من قوة ومكر ودهاء، وكان الله لهم بالمرصاد، وكان موقف الامام عليه السلام من أصعب المواقف للسير على الاسس الاسلامية القويمة في قيادة حركة التصحيح التي قام بها في حياته إبان حكمهم، والخلفاء هم:

1 - المنصور العباسي (137 ه‍ - 159 ه‍:

أسس أبو جعفر المنصور عاصمته الجديدة ببغداد عام 145 ه‍، وأسماها

٢١

مدينة السلام، وفي نفس العام أخمد ثورة العلويين في خراسان، بعد مقاومة باسلة أبداها العلويون في وجه الطغاة، وجلد مالك بن أنس لتعاطفه مع الثوار من العلويين، وسجن أبا حنيفة لتعاطفه مع الثوار العلويين في البصرة.

وفي عام 147 ه‍ - ولاول مرة في الاسلام - ابتدع وطيفة (الجلاد) في البلاط العباسي، لتنفيذ أوامر الاعدام فور صدورها.

والامام عليه السلام عاش هذه الحوادث وهو ابن أحد عشر عاما.

2 - المهدي بن أبي جعفر المنصور (159 ه‍ - 169 ه‍:

أخمد المهدي ثورة المقنع [162 ه‍ - 164 ه‍] بإحراقه وجميع أتباعه وزوجاته في قلعة سنام.

وفي عام 167 ه‍ - ولاول مرة في تاريخ الاسلام - أظهر علنا وظيفة (العريف) في الخلافة العباسية، ومهمة العريف: محاربة المعارضة وقمع عناصرها في المهد، وهو ما يعرف في عصرنا الحاضر بالمخابرات.

والامام عليه السلام عاش هذه الظروف عشر سنين من عمره الشريف، وانتهت حكومة المهدي وهو ابن إحدى وعشرين سنة.

3 - موسى الهادي بن المهدي بن أبي حعفر المنصور (169 ه‍ - 170 ه‍):

وفي خلال عام واحد اشتد الصراع الداخلي في البلاط العباسي بين موسى هذا، وامه الجارية ((خيزران) التي كانت تتحكم في السلطة إبان حكم زوجها المهدي، وبالتالي خططت لقتل ابنها (موسى) ليخلفه ابنها الاخر (هارون).

4 - هارون الرشيد (170 ه‍ - 194 هـ):

بلغت الخلافة العباسية في عصره عصرها الذهبي بعد القضاء على كل من حلم بالمعارضة.

٢٢

ففي عام 183 ه‍: أمر ابراهيم بن الاغلب بإخماد الثورة في شمال أفريقيا.

وفي عام 188 ه‍: أمر بقتل جعفر بن يحيى البرمكي والتمثيل بجسده، وسجن أهله وصادر أموالهم.

وفي عام 193 ه‍: منح امتيازات خاصة للافرنج في البلاد الاسلامية، وخصوصا الاماكن المقدسة.

وفي النهاية خرج لقتال رافع بن ليث عام 194 ه‍، ومات في طريقه إلى خراسان، واستشهد الامام موسى بن جعفر الكاظم مسموما في سجنه ببغداد.

5 - المأمون (194 ه‍ - 218 ه‍):

وفي عام 195 ه‍: قاتل أخاه (محمد الامين) الذي تزعم خلافة أبيه.

وفي عام 198 ه‍: استسلم الامين، ولكن المأمون أو عز إلى قائد قواته (طاهر) وجنده باغتيال الامين.

وفي عام 200 ه‍: أرسل هرثمة لقتل محمد بن إبراهيم طباطبا، وبعد ذلك بعام - أي 201 ه‍ - قتل هرثمة خشية افتتان الناس به.

وفي عام 202 ه‍: عقد ولاية العهد للامام الرضا عليه السلام، وعقد قران ابنته على ابنه الامام الجواد عليه السلام، ولكن العراقيين من العباسيين رفضوا ذلك، واستخلفوا ابراهيم المهدي، ثم إنه في نفس العام سم الامام الرضا عليه السلام وتوفى عليه السلام مسموما بخراسان، ودخل المأمون بغداد فبايعه كل من عارضه من العباسيين.

وليس من الغريب الصلة بين عقد الولاية للامام الرضا عليه السلام وبين إخماد ثورات العلويين المتعاقبة، والصلة بين وفاة الامام وبين مبايعة المعارضة العباسة له ببغداد.

وهنا سؤال يطرح نفسه، وهو: هل خفي ذلك على الامام الرضا عليه السلام؟

٢٣

نكتفي في الاجابة على ذلك بكلام الامام نفسه، الذي رواه عبد الكريم الرافعي في كتابه (التدوين). فإن هذا النص يلقي الضوء على مدى وعي الامام عليه السلام للظروف السائدة والاسلوب الذي اتخذه لموقفه الحكيم، قال الرافعي (لما جعل المأمون العهد إلى الرضا عليه السلام، كتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الفعال لما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، يعلم خائنه الاعين وما تخفي الصدور. وصلاته على نبيه محمد في الاولين والاخرين وآله الطيبين.

أقول - وأنا علي بن موسى بن جعفر ين محمد بن علي ابن الحسين -: إن امير المؤمنين - عضده الله بالسداد، ووقفه للرشاد - عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، وأمن أنفسا فزعت، بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذا صفرت، مبتغيا رضا رب العالمين، لا يريد جزاء إلا من عنده، وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين.

إنه جعل إلى عهده والامرة الكبري إن بقيت بعده، فمن (1) حل عقدة أمر الله بشدها، وفصم عروة أحب الله إثباتها، فقد أباح حريمة وأحل محرمة، أذ كان بذلك زاريا على الامام، منتهكا حرمة الاسلام.

وقد جعلت لله على نفسي إن استرعاني أمر المسلمين

__________________

(1) في التدوين: (ممن).

٢٤

وقلدني خلافته، العمل فيهم بطاعته وسنة نبيه (ص) [و] (1) أن لا أسفك دما حراما، ولا ابيح فرجا، ألا ما سفكه حدوده وأباحته فرائضه، وأن أتخير الكفاة جهدي وطاقتي، وجعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني عنه، فإنه يقول (وأفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)، فإن حدت أو غيرت أو بدلت كنت للعن مستحقا، وللنكال متعرضا.

أعوذ بالله من سخطه، وإليه أرغب في تسهيل سبيلي إلى طاعته، والحول بيني وبين معصيته، في عافية لي وللمسلمين، إن الله على كل شئ قدير، والجفر يدل على الضد من ذلك، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ( إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين ) (2) ، لكني امتثلت [أمر] (3) أمير المؤمنين وآثرت رضاه، والله يعصمني وإياه وهو حسبي وحسبه ونعم الوكيل.

وكتبت بخطي في محرم سنة اثنتين ومائتين) (4) .

وفي هذا النص نجد أن الامام يجدد ما اشترط جده الامام امير المؤمنين علي عليه السلام من العمل بطاعة الله وسنة نبيه فقط، من دون أن يجعل للتشريع أي مصدر ثالث ثم أشار إلي الظروف التي فرضت عليه بقوله: (عافية لي

__________________

(1) و (3) الزيادة اقتضاها السياق.

(2) الانعام: 6 / 57.

(4) التدوين 3: 425 - 426.

٢٥

وللمسلمين) وصرح ب‍ (لا أدري ما يفعل بي)، وهذه ليست عبارات من يرغب في خلافة أو ولاية، بل هي تشير إلى الظروف، وكأني به عليه السلام يقول للمأمون: إن الله يعلم ما تخفي في صدورك، إنك جعلت ولاية عهدك إلي إن بقيت بعدك والله يعلم أنك لا تريد أن أبقى بعدك، إذ لو كنت صادقا في استحقاقي الخلافة فلماذا لا تتنازل عنها وتوليها من هو أحق بك، وما هذا التناقض بين استبقاء الخلافة لنفسك وولاية العهد لغيرك؟

وأشار إلى أنها ولاية مفروضة بقوله عليه السلام: « ولكني امتثلت [أمر] أمير المومنين وآثرت رضاه ».

ويصدق كل ذلك: الاحداث اللاحقة، فإنه لم يكن بين تأريخ ولاية العهد في محرم سنة 202 ه‍ وبين وفاة الامام عليه السلام بالسم في 21 رمضان سنة 203 إلا عام وثمانية أشهر، وأستنفذ المأمون طاقاته في ضرب العلويين الثائرين بفرض الولاية على الامام، ورفع شعار الخضرة، لاغفال الجمهور، وبعد ذلك لعب دوره في استرضاء العباسيين الناقمين، بقتل الامام عليه السلام.

ونكتفي في حياة الامام عليه السلام بما حكاه الرافعي عن الحسن بن هاني أبو نؤاس الشاعر:

قيل لي: أنت واحد الناس في

كل كلام من المقال بديه

لك في جوهر الكلام بديع

يثمر الدر في يدي مجتنيه

فعلى م تركت مدح ابن موسى

بالخصال التي تجمعن فيه

قلت: لا أهتدي لمدح إمام

كان جبرئيل خادما لابيه (1)

__________________

(1) سير أعلام النبلاء 9: 389.

٢٦

ترجمة المؤلف

كل ما نعرف عن حياة المؤلف أنه كان قزويني الاصل، وإنه باشر الغزو في سبيل الله، ويعني ذلك أنه كان فارس ميدان الحرب، وأنه استضاف الامام الرضا عليه السلام، وروى هذه الاحاديث مسندة إلى الرسول الله (ص).

وأوسع من ترجم له هو عبد الكريم الرافعي، حيث قال (داود بن سليمان ابن يوسف الغازي، أبو أحمد القزويني، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، ويقال: إن عليا كان مستخفيا في داره مدة مكثه بقزوين، وله نسخة عنه يرويه أهل قزوين عن داود، كإسحاق بن محمد، وعلي بن محمد مهرويه وغيرهما، أنبأنا غير واحد عن أبي القاسم الشحامي، أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن ابن محمد بن أحمد بن فوران الامام، حدثنا أبو الحسن علي ابن عبد الله الطيسفوني، حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عبد الرحيم، حدثنا علي ابن محمد بن مهرويه القزويني بنهاوند، حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان القزويني) (1) .

وقال في ترجمة الامام عليه السلام: (قد اشتهر اجتياز علي بن موسى الرضا عليه السلام بقزوين، ويقال إنه كان متخفيا في دار داود بن سليمان الغازي، روي عنه النسخة المعروفة، روى عنه إسحاق بن محمد، وعلي بن محمد بن مهروية وغيرهما، قال الخليل: وابنه المدفون في مقبرة قزوين، يقال: إنه كان ابن ستين أو أصغر وتوفي الرضا رضي الله عنه سنة ثلاث ومائتين) (2) .

__________________

(1) التدوين 3: 3.

(2) التدوين 3: 428.

٢٧

والنسخة المخطوطة من التدوين (الصحفة 188 / ب - السطر 9) يمكن قراءة الكلمة فيها (مستخبئا) أي حط رحله في خباء له، وهو ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن المؤقت دون الدائم، ولا يبعد أن يكون الامام عليه السلام قد مر في مسيره بأرض الغازي المذكور، وضرب الخباء فيه لفترة مؤقتة، واستضاف الامام فيها، ويظهر أن الامام عليه السلام كان شديد الحذر من خطط الاعداء فلم ينزل في دار مغلقة تفصله عن الجمهور، بل سكن في خباء ليتيسر للعامة اللقاء به ويظهر ما تخططه السلطة لاكثر عدد من الشهود.

وهل هذه الارض كانت من خطط قزوين، أو كانت مملوكة لصاحبها القزويني، فهو أمر يحتاج إلى مزيد تحقيق جغرافي لمسير الامام عليه السلام.

لقب المؤلف:

لا يصح في لقب المؤلف سوى (الغازي) ولكن أسانيد أحاديثه تشتمل على ألقاب يظهر أنها تصحيفات وهي:

1 - (القزاز)، كذا جاء في سند الحافظ أبي نعيم الاصبهاني (ت / 430) (1) .

2 - (الرازي)، كذا جاء في سند الحافظ أبي القاسم علي بن عساكر (ت / 571) (2) .

3 - (القاري)، كذا جاء في سند الشهيد الاول محمد بن مكي العاملي (ت / 786) (3) .

__________________

(1) حلية الاولياء 3: 192.

(2) الاكتفاء: 417.

(3) الاربعين: 2، وتهذيب التهذيب 7: 387.

٢٨

4 - (المغازي)، كذا جاء في سند العلامة المجلسي (ت / 111) (1) .

5 - (الفراء)، كذا جاء في أسانيد أحد عشر حديثا في بحار الانوار نقلا عن مصادر مختلفة (2) .

6 - (الغزاء)، كذا جاء في سند الشيخ الصدوق (ت / 381) (3) .

هذا وأصر محقق كتاب التوحيد على صحة هذا اللقب قائلا: (الغزاء - بالغين المعجمة والزاي المعجمة، مبالغة (الغازي) -، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام... الخ، وهذا هو الصحيح، وهذا الرجل هو أبو أحمد الغازي المذكور في الحديث التاسع، ولا يبعد أن يكون ملقبا بالغزاء والغازي معا، ولا يخفى أن الرجل مذكور في الحديث الرابع والعشرين من الباب الثاني، والحديث السابع عشر من الباب الثامن والعشرين بلقب الفراء - بالفاء والراء المهملة - ولا شبهة أنه تصحيف: الغزاء، ونحن أبقيناه عليه لاتفاق النسخ عليه، وقال في قاموس الرجال: داود بن سليمان بن وهب الغازي، روى عن الرضا عليه السلام حديث الايمان كما يظهر من لالي السيوطي، وروى الخصال عنه حديث رواية أربعين حديثا، إلا أن النساخ صحفوا الغازي فيه بالغزاء، أقول: الاقرب أنهم صحفوا الغزاء به كما قلنا) (4) .

__________________

(1) بحار الانوار 107: 166

(2) البحار 3: 240، 10: 11، 13: 347 و 92، 66: 36 و 147، 69: 63، 80: 176 و 303، 92: 211 و 308.

(3) التوحيد: 377

(4) هامش التوحيد: 377.

٢٩

وإذا جاز الترجيح في الالقاب بمجرد الاحتمال لاحتمال التصحيف في الكتابة، فهناك احتمال ثالث لم يذكر، وهو ضبط (القراء) بقاف مضمومة، فقد عد الذهبي (ت / 748) جماعة بهذا العنوان، منهم: أبو منصور علي القزويني (ت / 516) يعرف بابن القراء (1) .

وأسانيد رواياته الاخرى، إما مطلقة أو بلقب الغازي، ومن موارد ذلك في البحار 2: 29 و 48، 5: 29، 10: 369، 14: 68 و 79 و 92، 107: 190 108: 47.

7 - (الجرجاني) كذا لقبة محمد بن أحمد الذهبي (ت / 748) في ميزان الاعتدال 1: 8: وفي المغني في الضعفاء 1: 218، وتبعه أحمد بن حجر العسقلاني (ت / 852) في لسان الميزان 2: 417.

وقد عرفت تلقيب الرافعي القزويني إياه بالغازي، وأهل البيت أدرى بما في البيت، ومن الواضح أن النسبة إلى الغزو والجهاد، فاستساغ بعض النساخ صيغة المبالغة فيه: فلقبه بالغزاء، وفيه دلالة واضحة على صلته بالحكام بحكم عمله وربما بحكم وظيفته.

وتكاد مصادر الشيعة تتفق على أن المؤلف كان شيعيا إماميا، وأقدم هذه المصادر: كتاب الارشاد للشيخ محمد بن محمد النعمان المفيد (ت / 413) حيث عد المؤلف - حسب لفظه -: (ممن روى النص على الرضا عليه السلام من أبيه عليه السلام من خاصته وثقاته وأهل العلم والورع والفقه من شيعته) (2) .

__________________

(1) تبصير المتنبه 3: 1098.

(2) الارشاد: 304.

٣٠

وأورد الشيخ أبو العباس النجاشي (ت / 455) ترجمة، هذا نصها: (داود ابن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني، ذكره ابن نوح في رجاله، له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرني محمد بن جعفر النحوي، قال: حدثنا الحسين بن محمد الفرزدق القطعي، قال: حدثنا أبو حمزة بن سليمان، قال: نزل أخي داود بن سليمان وذكر النسخة...) (1) .

ومنها يظهر أن للمؤلف أخ يكني بأبي حمزة، وابن نوح هو أبو العباس أحمد ابن محمد السيرافي (ت / بعد 408).

واكتفى زكى الدين عناية الله القهپاني (ت / 1016) بترجمة النجاشي له.

وترجمة الشيخ الطوسي (ت / 460) في أصحاب الرضا عليه السلام قائلا: (داود بن سليمان بن يوسف، أبو أحمد القاري، أسند عنه، روى عنه ابن مهرويه) (2) .

وذكره ابن داود الحلي (ت / بعد 707) في القسم الاول من كتابه في الممدوحين (3) .

ولم يزد محمد علي الاردبيلي (ت / 1101) شيئا على كلام النجاشي (4) .

ونقل التفريشي (ت / بعد 1015) كلام النجاشز أيضا (5) والشيخ طه نجف (ت / 1323) ترجمة كذلك في الثقات من كتابه إتقان

__________________

(1) رجال النجاشي: 116.

(2) رجال الطوسي: 375.

(3) رجال ابن داود: 90.

(4) انظر جامع الرواة 1: 304.

(5) انظر نقد الرجال: 128.

٣١

المقال (1) .

وقال المامقاني (ت / 1351): (داود بن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني، إمامي لا يبعد حسنه)، ونقل كلام النجاشي وعقبه بقوله: (وظاهره كونه إماميا) واستظهر الوحيد من عبارة الجنابذي كونه عاميا، واستشهد لذلك بكون عادته وصل سنده إلى رسول الله (ص)، يعني أنه يروي عن الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي، عن رسول الله (ص)، وأنت خبير بأن مجرد نقل الجنابذي كونه ممن يروي عن الرضا عليه السلام، لا يدل على كونه عاميا، مع أن الموجود في عبارة الجنابذي - كما تسمعها في ترجمة عبد الله بن العباس القزويني - إنما هو سليمان ابن داود، لا داود بن سليمان، فسهى قلم الوحيد رحمه الله في النسبة.

وأما صلة السند إلى رسول الله (ص) فلا يدل على كونه عاميا، إذ لعله لالقاء الحجة على الخصم، وإلا فالعامي الذي لا يقول بإمامتهم، لا يعتمد غالبا على رواياتهم أيضا.

وبالجملة، فلا يرفع اليد عن ظاهر كلام النجاشي - الذي أصلناه في الفائدة التاسعة عشر - دلالة عنوانه للرجل من دون غمز في مذهبه، على كونه إماميا مثل هذه الاوهام، نعم لم يرد في الرجل ما يلحقه بالحسان، نعم في المشتركات: أنه ممدوح) (2) .

وقال التستري في قاموسه - بعد نقل كلام النجاشي -: (إن عدم عنوان

__________________

(1) إتقان المقال: 59.

(2) تنقيح المقال 1: 410.

٣٢

رجال الشيخ والفهرست لصاحب الترجمة غفلة) (1) ، وهذا غريب منه دام فضله، فإن المترجم مذكور في رجال الشيخ وخاصة النسخة المطبوعة كما تقدم.

وعنون سيدنا الاستاذ الخوئي رحمه الله (داود بن سليمان) مطلقا وقال: (من خاصة أبي الحسن [الامام الرضا] عليه السلام وثقاته وأهل الورع والعلم من شيعته، ذكره الشيخ المفيد في إرشاده في فصل من روى النص على الرضا علي ابن موسى عليه السلام بالامامة من الله، والاشارة إليه منه بذلك. أقول: لم يظهر لنا تعيين هذا الرجل فيحتمل: انطباقه على كل من المذكورين بعد ذلك ممن له كتاب والله العالم) (2) .

وأسانيد رواياته تعين طبقته وطبقة الرواة عنه كما سيأتي، كما إن رواياته التي تتجاوز الخمسين تدل على صلته الوثيقة بالامام، ولولاها لما تيسرت له هذه الروايات مهما كانت أسباب هذه الصلة.

وفي عد الشيخ المفيد إياه من خاصة الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام أو ابنه الرضا عليهما السلام وثقاته، ومن أهل العلم والورع والفقه من شيعته، ما يكفي دلالة على جلاله قدره.

هل المؤلف ثقة؟

ما أكثر الاتهامات بالتضعيف والتسفيق وحتى التكفير في تراثنا الاسلامي، لا لشئ سوى الاختلاف في العقيدة، وقلما نجد روايا في سلسلة الاحاديث يسلم

__________________

(1) قاموس الرجال 4: 53

(2) معجم رجال الحديث 7: 110.

٣٣

من التضعيف ممن لا يوافقه في العقيدة أو ينافسه في الحياة، وهذا يدعونا إلى تأصيل قاعدة بعيدة عن التعصب في قدح الرواة من دون دليل.

وإني أرى - والله العالم - أن الحكم بالتوثيق والتضعيف يجب أن يستنبط ويستخرج من روايات الرجل، فإن كان للروايات التي يرويها متابعات ومؤيدات فيحكم بوثاقته، وإن لم يكن كذلك فلا ينفعه ألف توثيق، وقد شرحت ذلك في الدراية، فليراجع.

ولم يسلم المؤلف من القدح في مصادر العامة، فقد عنون عبد الرحمن الرازي (ت / 327 ه‍) داود بن سليمان الجرجاني، وقال (هو مجهول) (1) وإنما ترجم لداود بن سليمان أو سليمان الاستر ابادي الصوفي، ولعله هو.

وعنون ابن الجوزي (ت / 597 ه‍) داود بن سلمان أو سليمان الجرجاني وقال: (قال يحيى بن معين: كذاب: وقال الرازي: مجهول) (2) .

وذكره الذهبي (ت / 748 ه‍) قائلا: (داود بن سليمان الجرجاني معاصر لابن المديني، قال ابن معين: كذاب وله عن علي بن موسى الرضا عليه السلام... إلى أن قال: داود بن سليمان الغازي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام لا شئ) (3) .

وعليه، فإن الذهبي يرى تعدد الرجلين، هذا وزاد الذهبي في ميزان الاعتدال قوله: (داود بن سليمان الجرجاني الغازي عن علي بن موسى الرضا عليه السلام وغيره، كذبه يحيى بن معين، ولم يعرفه أبو حاتم، وبكل حال فهو شيخ كذاب، له نسخة

__________________

(1) تأريخ جرجان: 613.

(2) كتاب الضعفاء: 262.

(3) المغني في الضعفاء: 218.

٣٤

موضوعة عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، رواها علي بن محمد بن مهرويه القزويني الصدوق عنه) (1) .

وقال السيوطي (ت / 911 ه‍): (داود بن سليمان بن وهب الغازي وهو مجهول) (2) .

وما أقرب كلام تاج الدين السبكي (ت / 771 ه‍) في التعصب المستولي على اقلام هؤلاء، إلى الواقع الذي تعيشه الامة ولا تزال تعاني منه، حيث قال: (... قل أن أرايت تأريخا خاليا من ذلك، وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر الله له، فإنه - على حسنه وجمعه - مشحون بالتعصب المفرط، لا يؤاخذه الله عليه فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين...) (3) .

وما أحسن السيد الامين (ت / 1371 ه‍) حيث قال: (إن تكذيب الذهبي - المعلوم حاله - له إنما هو لروايته من الفضائل ما لا يقبله عقولهم، مع أنه ليس فيما نقلوه من الروايات عنه نكارة، ولا ما يوجب الجزم بكذبه، وقول ابن حجر عن بعضها: أنه ركيك اللفظ، لعله من هذا القبيل، والاحاديث لم تنقل لبيان الفصاحة والبلاغة ولو جاءت هذه الاحاديث لبيان ما يوافق الهوى لم يلتفت إلى أنها ركيكة أو قوية) (4) .

__________________

(1) ميزان الاعتدال: 8، ولسان الميزان 2: 417 وانظر الحديث 35 في المستدرك.

(2) اللالي المصنوعة: 34

(3) قاعدة في الجرح والتعديل: 69.

(4) أعيان الشيعة 6: 273.

٣٥

الكتاب وأسانيده:

ذكر شهاب الدين بن حجر العسقلاني (ت / 852) جملة من الرواة عن الامام الرضا عليه السلام وخص أربعة منهم بأن لهم نسخة عنه، قال (علي بن مهدي ابن صدقة، له عنه نسخة، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف القاري القزويني، له عنه نسخة، وعامر بن سليمان الطائي له عنه نسخة كبيرة) (1) .

وذكر هذا الكتاب بالذات الشيخ أبو العباس النجاشي (ت / 450) بسنده قائلا: (له كتاب عن الرضا عليه السلام، أخبرني محمد بن جعفر النحوي - ثم ذكر سنده - قال: حدثنا الحسين بن محمد الفرزدق القطعي، قال: حدثنا أبو حمزة بن سليمان، قال: نزل أخي داود بن سليمان وذكر النسخة) (2) .

فإن مراد النجاشي هو هذا الكتاب، إذ لا يعهد للغازي كتاب آخر.

وذكر الشيخ الطوسي (ت / 460 ه‍) ناسبا إياه لراوي الكتاب حيث قال: (علي بن مهرويه القزويني له كتاب رواه أبو نعيم عنه) (3) .

فإن مراد الطوسي هو هذا الكتاب، إذ لا يعهد لابن مهرويه الراوي للكتاب كتابا آخر، بل وحيث إنه قد تجاوزت رواية ابن مهروية عنه الخمسين رواية ظنه الطوسي تأليفا له، مع إنه ليس كذلك، والعصمة لاهلها.

وقل رواية غير ابن مهرويه عن المؤلف، ومن هؤلاء القلة:

__________________

(1) تهذيب التهذيب 7: 387.

(2) رجال النجاشي: 161

(3) الفهرست: 124.

٣٦

1 - إبراهيم بن هاشم القمي (1) .

2 - جعفر ابن إدريس القزويني (2) .

3 - علي بن عبد الله (3) .

4 - أبو حمزة [بن سليمان] (4) .

5 - جعفر بن سليمان (5) .

6 - مسلمة بن عبد الملك (6) .

7 - أحمد بن عبدون (7) .

8 - علي بن محمد [بن مهرويه] (8) .

ودراسة أسانيد الروايات للمؤلف تفيد أن للكتاب - على الاقل - أربعة نسخ بأسانيد مختلفة، كلها تلتقي بعلي بن محمد بن مهرويه القزويني الراوي عن المؤلف، وقد تناقلها كبار المحدثين، والنسخ هي:

1 - نسخة بلخ:

يعتمد عليها الشيخ الصدوق (ت / 381)، حيث يكثر رواياته قائلا: (حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن محمد مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان، عن علي بن موسى

__________________

(1) البحار 14: 35 و 75: 16.

(2) البحار 69: 68.

(3) البحار 27: 77.

(4) و (5) و (6) البحار 5: 118.

(7) و (8) البحار 38: 128.

٣٧

الرضا عليه السلام. (1)

ولكثرة تكرر هذا الاسناد في الروايات جمع العلامة المجلسي (ت / 1111) بين هذا الاسناد وإسناد الطائي والشيباني، وعبر عنها ب‍ (الاسانيد الثلاثة) رعاية للاختصار. (2)

__________________

(1) أورد الشيخ الصدوق رحمه الله سند هذا المسند بطرق ثلاثة وتبلغ أحاديث ما أورده بهذه الطرق 187 حديثا، أوردها في عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 25 - 49.

وقد ذكر في أولها الاسانيد الثلاثة هكذا:

حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي (المرورودي - خ ل) بمرو الرود في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيشابوري، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله ابن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة، قال: حدثنا أبي في سنة ستين ومأتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام سنة أربع وتسعين ومائة.

وحدثنا أبو منصور أحمد بن محمد الخوري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن علي بن موسى عليهم السلام.

وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي ابن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفرا، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام عن رسول الله (ص).

(2) راجع البحار 1: 51.

٣٨

2 - نسخة بغداد

نقل الرافعي عن الخطيب: (إن مهرويه حدث ببغداد سنة 322، وروى عنه أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين، وانتخب عنه ابن عقدة ثلاثة أجزاء) (1) .

وإلى هذه النسخة البغدادية ينتهي روايات الشيخ المفيد البغدادي (ت / 413) حيث يرويها غالبا عن عمر بن محمد المعروف بابن الزيات [الصيرفي] عن ابن مهرويه (2) والطبقة تساعده هذه الرواية.

كما أن المفيد يروي أيضا عن ابن الصلت عن ابن عقدة عن ابن مهرويه، فيظهر أنه اعتمد أحيانا منتخب ابن عقدة التي كانت في ثلاثة أجزاء (3) .

وللشيخ النجاشي البغدادي (ت / 450) نسخة يظهر أنها عائلية، حيث قال في سندها: (أخبرني محمد بن جعفر النحوي، قال: حدثنا الحسين بن محمد الفرزدق القطعي، قال: حدثنا أبو حمزة بن سليمان، قال: نزل أخي داود بن سليمان... وذكر النسخة) (4) .

3 - نسخ بخارى:

قال الحافظ عبد الغافر الفارسي (ت / 529) في المنتخب من السياق، (علي بن محمد بن أبي الاسود بن أبي منصور الوراق البخاري، أبو الحسن،

__________________

(1) التدوين 3: 417.

(2) يراجع موارد: منها 1: 49 و 165 و 76 و 125 و 125 و...

(3) يراجع البحار 7: 126 و 234، 37: 126.

(4) رجال النجاشي: 161.

٣٩

قدم نيسابور حاجا في شهر رمضان سنة 405، فحدث بصحيفة الرضا عليه السلام، عن ابراهيم البخاري، عن ابن مهرويه) (1) .

وأورد العلامة المجلسي (ت / 1111) نسخة بخارية في 23 حديثا، وجدها بخط الشيخ محمد بن علي الجياني [تصحيف الجباعي، جد الشيخ البهائي] وصورة سندها:

(يروي السيد الفقيه الاديب النسابة شمس الدين أبو علي فخار بن معد جزءا فيه أحاديث مسندة عن علي بن موسى الرضا عليه السلام الامام المعصوم عليه الصلاة والسلام، قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي الواسطي، وأنهاه في ذي الحجة سنة أربع عشر وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط، ورأيت خطه له بالاجازة وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن علي بن أبي سعد محمد بن إبراهيم الخباز الازجي (2) بقرائته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلال بقراءة غيره عليه وهو يسمع في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمس مائة، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمد الهروي بهرات، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن يزداد بن علي بن عبد الله الرازي ثم البخاري ببخارى، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة. قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني بقزوين، قال: حدثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي، قال: حدثني علي بن موسى عليه السلام،

__________________

(1) تاريخ نيسابور: 570.

(2) منسوب إلى باب الازج ببغداد. (هامش البحار).

٤٠