مفاتيح الجنان

مفاتيح الجنان4%

مفاتيح الجنان مؤلف:
المحقق: الشيخ علي آل كوثر
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 905

مفاتيح الجنان
  • البداية
  • السابق
  • 905 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 1112443 / تحميل: 13229
الحجم الحجم الحجم
مفاتيح الجنان

مفاتيح الجنان

مؤلف:
الناشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

عائدات من الشام وهو يوم ورود جابر بن عبد الله الأنصاري كربَلاءِ لزيارة الحسين وهو أول من زاره عليه‌السلام ويستحب فيه زيارته عليه‌السلام وعن الإمام العسكري عليه‌السلام قال: علامات المؤمن خمس: صلاة احدى وخمسين الفرائض والنوافل اليومية، وزيارة الأَرْبعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (١) .

وقد روى الشيخ في (التهذيب) و (المصباح) زيارة خاصة لهذا اليوم عن الصادق عليه‌السلام سنوردها في باب الزيارات إن شاء الله.

اليوم الثامن والعشرون: من سنة إحدى عشرة يوم وفاة خاتم النبيين صلوات الله عليه وآله وقد صادفت يوم الاثنين من أيام الأسبوع باتفاق الآراء وكان له عندئذ من العمر ثلاث وستون سنة هبط عليه الوحي وله أربعون سنة ثم دعا الناس إلى التوحيد في مكة مدة ثلاث عشرة سنة ثم هاجر إلى المدينة وقد مضى من عمره الشريف ثلاث وخمسون سنة وتوفي في السنة العاشرة من الهجرة، فبدأ أمير المؤمنين عليه‌السلام في تغسيله وتحنيطه وتكفينه ثم صلى عليه ثم كان الأصحاب يأتون أفواجاً فيصلون عليه فرادى من دون إمام يأتمون به وقد دفنه أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الحجرة الطاهرة في الموضع الذي توفي فيه (٢) .

عن أنس بن مالك قال: لما فرغنا من دفن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أتت إلى فاطمة عليها‌السلام فقالت: كيف طاوعتكم أنفسكم على أن تهيلوا التراب على وجه رسول الله ثم بكت وقالت: يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه يا أبتاه من ربه ما أدناه.. الخ (٣) . وعلى رواية معتبرة أنها أخذت كفّا من تراب القبر الطاهر فوضعته على عينيها وقالت:

ماذا على المُشتَمِّ تُربَة أحمدَ

أن لايَشَمَّ مَدى الزَّمانِ غَوالِيا

صُبَّتْ عَلَيَّ مَصائِبُ لَوْ أَنَّها

صُبَّتْ عَلى الأيامِ صِرْنَ لَيالِيا (٤)

وروى الشيخ يوسف الشّامي في كتاب الدّرّ النظيم أنها قالت في رثاء أبيها:

قُلْ لِلمُغَيَّبِ تَحْتَ أَثْوابِ (٥) الثَّرى

إن كُنْتَ تَسْمَعُ صَرخَتي ونِدائِيا

صُبَّت عَليَّ مَصائِبُ لَو أَنَّها

صُبَّتْ على الاَيامِ صِرْنَ لَيالِيا

_________________

١ - مصباح المتهجّد: ٧٨٧.

٢ - الارشاد ١ / ١٨٩ وانظر البحار ٢٢ / ٥٠٣ عن كشف الغمّة.

٣ - رواه الحاكم في المستدرك ١ / ٣٨٢ مع اختلاف في الالفاظ.

٤ - رواه الشهيد الثاني في مسكّن الفؤاد المطبوع ضمن المصنّفات الاربعة: ٩٥، فصل في النوح. وفيه: ماذا على من شمّ.

٥ - أطباق: خ.

٣٨١

قَد كُنْتُ ذاتَ حِمىً بظِلِّ مُحَمَّدٍ

لا أخشَ من ضَيمٍ وكانَ حِمالِيا (١)

فَاليومَ أَخضعُ لِلذَّلِيلِ وأتَّقي

ضَيمِي وَأَدفعُ ظالِمي بِردائِيا

فَإذا بَكتْ قَمَريّةٌ في لَيلِها

شَجَنا على غُصنٍ بَكيتُ صَباحِيا

فَلاجعَلَنَّ الحُزنَ بَعدَكَ مُؤنِسي

ولا جعَلنَّ الدَّمعَ فِيكَ وِشاحِيا (٢)

اليوم الأخير من الشهر: فيه في سنة ثلاث ومائتين على رواية الطبرسي وابن الأثير استشهد الإمام الرضا عليه‌السلام بعنب دس فيه السم وكان له من العمر خمس وخمسون سنة (٣) وقبره الشريف في بيت حميد بن قحطبة في قرية سناباد بأرض طوس وفي ذلك البيت دفن الرشيد أيضاً (٤) .

الفصل التاسع

في شهر ربيع الأول

الليلة الأولى: فيها في السنة الثالثة عشرة من البعثة هاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة إلى المدينة المنورة فاختبأ هذه الليلة في غار ثور وفاداه أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ بنفسه فنام في فراشه غير مجانب سيوف قبائل المشركين وأظهر بذلك على العالمين فضله ومواساته وإخاءه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت فيه الآية: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرضاةِ اللهِ ) (٥) .

اليوم الأول: قال العلماء يستحب فيه الصيام شكراً لله على ماأنعم من سلامة النبي وأمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِما، ومن المناسب زيارتهما عليهما‌السلام في هذا اليوم (٦) .

وقد روى السيد في (الاقبال) دعاءً لهذا اليوم (٧) وفيه كانت وفاة الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام على قول الشيخ والكفعمي (٨) والمشهور على أنّها في اليوم الثامن (٩) . ولعل في هذا اليوم كان بدء مرضه عليه‌السلام .

اليوم الثامن: سنة مائتين وستين توفي الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام فنصب صاحب

_________________

١ - في المصدر: جماليا.

٢ - الدر النظيم: ١٩٨.

٣ - أعلام الورى: ٣٢٨، الكامل في التاريخ ٦ / ٣٥١.

٤ - رواه المفيد في الارشاد ٢ / ٢٧١.

٥ - زاد المعاد: ٤٠٣.

٦ - زاد المعاد: ٤٠٤.

٧ - الاقبال ٣ / ١١١ فصل ٢ من باب ٤. أوّله: اللّهمّ لا اله إلّا أنت...

٨ - مصباح المتهجّد: ٧٩١، ومصباح الكفعمي: ٥١٠، فصل ٤٢.

٩ - زاد المعاد: ٤٠٤.

٣٨٢

الأمر عليه‌السلام إماماً على الخلق ومن المناسب زيارتهما عليهما‌السلام في هذا اليوم (١) .

اليوم التاسع: عيد عظيم وهو عيد البقر وشرحه طويل مذكور في محله (٢) .

وروي أن من أنفق شَيْئاً في هذا اليوم غفرت ذنوبه. وقيل يستحب في هذا اليوم إطعام الاخوان المؤمنين وإفراحهم والتوسُّع في نفقة العيال ولبس الثياب الطيِّبة وشكر الله تعالى وعبادته. وهو يوم زوال الغموم والأحزان وهو يوم شريف جداً (٣) ، واليوم الثامن من الشهر كان يوم وفاة الامام الحسن العسكري عليه‌السلام ، فهذا اليوم يكون أوّل يوم من عصر امامة صاحب العصر أرواح العالمين له الفداء، وهذا ممّا يزيد اليوم شرفاً وفضلاً (٤) .

اليوم الثاني عشر: ميلاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله علي رأي الكليني والمسعودي وهو المشهور لدى العامة ويستحب فيه الصلاة ركعتان في الأولى بعد الحمد، ( قل يا أيُّها الكافرون ) ثلاثاً، وفي الثانية التوحيد ثلاثاً. وفي هذا اليوم دخل صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة مهاجراً من مكة (٦) .

وقال الشيخ إن في مثل هذا اليوم في سنة اثنتين وثلاثين ومائة انقضت دولة بني مروان (٧) .

اليوم الرابع عشر: سنة أربع وستين مات يزيد بن معاوية فأسرع إلى دركات الجحيم (٨) وفي كتاب (اخبار الدول) أنه مات مصاباً بذات الجنب في حوران فأتي بجنازته إلى دمشق ودفن في الباب الصغير وقبره الان مزبلة وقد بلغ عمره السابعة والثلاثين ودامت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر انتهى (٩) .

الليلة السابعة عشرة: ليلة ميلاد خاتم الأنبياء (صلوات الله عليه) وهي ليلة شريفة جداً وحكى السيد قولاً بأن في مثل هذه الليلة أيضاً كان معراجه قبل الهجرة بسنة واحدة (١٠) .

اليوم السابع عشر: ميلاد خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على المشهور بين الإمامية والمعروف أن ولادته كانت في مكة المعظمة في بيته عند طلوع الفجر من يوم الجمعة في عام الفيل (١١) في عهد أنوشروان العادل. وفي هذا اليوم الشريف أيضاً في سنة ثلاث وثمانين ولد الإمام

_________________

١ - زاد المعاد: ٤٠٤، الارشاد ٢ / ٣٣٦، تاريخ مواليد الائمّة ووفياتهم لابن الخشاب: ٤٢ ضمن مجموعة نفيسة.

٢ - انظر زاد المعاد: ٤٠٤.

٣ - زاد المعاد: ٤١١.

٤ - الاقبال ٣ / ١١٤ فصل ٣ من باب ٤.

٥ - الكافي ١ / ٤٣٩. أمّا المسعودي في مروج الذهب ٢ / ٢٧٤ قال: كان مولده عليه الصلاة والسلام لثمان خلون من ربيع الاوّل.

٦ - الاقبال ٣ / ١١٦ فصل ٦ من باب ٤.

٧ - مصباح المتهجّد: ٧٩١.

٨ - مصباح المتهجّد: ٧٩١.

٩ - أخبار الدول وآثار الأول ٢ / ١٤.

١٠ - الاقبال ٣ / ١١٨ فصل ٩ من باب ٤.

١١ - الاقبال ٣ / ١٢٢ فصل ١١ من باب ٤.

٣٨٣

جعفر الصادق عليه‌السلام فزاده فضلاً وشرفاً (١) . والخلاصة أن هذا اليوم يوم شريف جداً وفيه عدة أعمال:

الأول: الغسل (٢) .

الثاني: الصوم وله فضل كثير وروي أن من صامه كتب له صيام سنة (٣) . وهذا اليوم هو أحد الأيام الأَرْبعة التي خصّت بالصيام بين أيام السنة.

الثالث: زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قرب أو عن بعد (٤) .

الرابع: زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام بما زار به الصادق عليه‌السلام وعلمه محمد بن مسلم من ألفاظ الزيارة، وستأتي في باب الزيارات إن شاء اللهِ ص ٤٦٩.

الخامس: أن يصلي عند ارتفاع النهار ركعتين يقرأ في كل ركعة بعد الحمد سورة ( إنا أنزلناه ) «عشر مرات» والتوحيد «عشر مرات»، ثم يجلس في مصلاه ويدعو بالدعاء: اللّهُمَّ أَنْتَ حَيُّ لاتَمُوتُ ... الخ وهو دعاء مبسوط لم أجده مسنداً إلى المعصوم لذلك رايت أن أتركه رعاية للاختصار فمن شاء فليطلبه من زاد المعاد (٥) .

السادس: أن يعظم المسلمون هذا اليوم ويتصدقون فيه ويعملوا الخير ويسرّوا المؤمنين ويزوروا المشاهد الشريفة (٦) . والسيد في الاقبال قد بسط القول في لزوم تعظيم هذا اليوم وقال وجدت النّصارى وجماعة من المسلمين يعظّمون مولد عيسى عليه‌السلام تعظيماً لا يعظمون فيه احداً من العالمين وتعجبت كيف قنع من يعظم ذلك المولد من أهل الإسلام كيف يقنعون أن يكون مولد نبيهم الذي هو أعظم من كل نبي دون مولد واحد من الأنبياء (٧) .

الفصل العاشر

في شهر ربيع الثاني، وجمادى الأولى، وجمادى الآخِرة

قد خص السيد ابن طاووس غُرَّة كل من هذه الشهور الثلاثة بدعاء (٨) ، وقال الشيخ

_________________

١ - اعلام الورى: ٢٦٦.

٢ - زاد المعاد: ٤١٣.

٣ - زاد المعاد: ٤١٣.

٤ - زاد المعاد: ٤١٣.

٥ - زاد المعاد: ٤٣٢.

٦ - الاقبال ٣ / ١٢٢ فصل ١١ من باب ٤.

٧ - الاقبال ٣ / ١٤٢ فصل ١٤ من باب ٤.

٨ - الاقبال ٣ / ١٤٥ و ١٥١ و ١٥٧ في فصل ١ من ابواب ٥ و ٦ و ٧.

٣٨٤

المفيد رحمه‌الله إن في اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني سنة مائتين واثنتين وثلاثين ولد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام وهو يوم شريف جداً ويستحب فيه الصيام شكراً لله على هذه النعمة العظمى (١) . والمناسب في الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، من جمادى الأولى زيارة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وإقامة مأتمها فقد روي بسند صحيح أنها عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً وقد كانت وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الثامن والعشرين من صفر على المشهور فيلزم أن تكون وفاتها عليها‌السلام في أحد هذه الأيام الثلاثة (٢) .

وفي يوم النصف منه سنة ست وثلاثين فتح أمير المؤمنين عليه‌السلام البصرة وفيه كانت ولادة الإمام زين العابدين عليه‌السلام وزيارة هذين الإمامين عليهما‌السلام في هذا اليوم مناسبة (٣) .

وأما اعمال شهر جمادي الآخِرة فهي: أن يصلي كما روى السيد بن طاووس: أربع ركعات أي بسلامين في أي وقت شاء من الشهر يقرأ الحمد في الأولى مرّة وآية الكرسي مرّة و (إنا أنزلناه) خمساً وعشرين مرة وفي الثانية الحمد مرة و ( ألهاكم التكاثر ) مرة و ( قل هو الله أحد ) خمساً وعشرين مرة، وفي الثالثة الحمد مرة و ( قل يا أيّها الكافرون ) مرة و ( قل أعوذ برب الفلق ) خمساً وعشرين مرة وفي الرابعة الحمد مرة و ( إذا جاء نصر الله والفتح ) مرة و ( قل أَعوذ برب الناس ) خمساً وعشرين مرة، ويقول بعد السلام من الرابعة سبعين مرة: سُبحانَ الله وَالحَمْدُ لله وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ ، وسبعين مرة: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، ثم يقول ثلاثاً: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ . ثم يسجد ويقول في سجوده ثلاث مرات: يا حَيُّ يا قَيُّومُ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ يا رَحْمنُ يا رَحِيمُ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، ثم يسأل الله حاجته يصان من فعل ذلك في نفسه وماله وأهله وولده ودينه ودنياه إلى مثلها في السنة القادمة، وإن مات في تلك السنة مات على الشهادة أي كان له ثواب الشهداء (٤) .

اليوم الثالث من الشهر سنة إحدى عشرة توفيت فاطمة صلوات الله عليها فينبغي أن يقيم الشيعة عزاءها ويزوروها ويلعنوا ظالميها وغاصبي حقها وان السيد ابن طاووس في (الاقبال) قد ذكر وفاتها في هذا اليوم ثم ذكر لها هذه الزيارة: السَّلامُ عَليكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلى النّاسِ أَجْمَعِينَ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ

_________________

١ - حدائق الرياض للمفيد كما عنه السيّد في الاقبال ٣ / ١٤٩ فصل ٢ من باب ٥.

٢ - زاد المعاد: ٤٥٥.

٣ - زاد المعاد: ٤٥٥ عن المفيد والطوسي.

٤ - زاد المعاد: ٤٥٦، الاقبال ٣ / ١٦٠ فصل ٢ من باب ٧.

٣٨٥

المَمْنُوعَةُ حَقَّها . ثم يقول: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ المُكَرَّمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّماوات وَأَهْلِ الأَرْضِينَ . فقد روي أن من زارها بهذه الزيارة وإستغفر الله غفر الله له وأدخله الجنة (١) . أقول: قد أورد هذه الزيارة نجل السيد ابن طاووس أيضاً في كتاب زوائد الفوائد وقال: إنها تخص يوم وفاتها عليها‌السلام وهو الثالث من جمادى الآخِرة . وقال في كيفية الزيارة تصلي صلاة الزّيارة أو صلاتها عليها‌السلام وهي ركعتان تقرأ في كل منهما بعد الحمد سورة (قل هو الله أحد) ستين مرة فإن لم تقدر فاقرأ بعد الحمد في الأولى ( قل هو الله أحد ) وفي الثانية: ( قل يا أيّها الكافرون ) فإذا سلمت فقل: السَّلامُ عَلَيْكِ. .. إلى آخر الزيارة (٢) .

اليوم العشرون: ولدت فيه فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بعد البعثة بخمس سنين أو سنتين (٣) ويناسب فيها عدّة أعمال:

الأول: الصيام (٤) .

الثاني: الخيرات والصَّدقات على المؤمنين (٥) .

الثالث: زيارة سيدة نساء الدنيا والآخِرة وستأتي صفة زيارتها عليها‌السلام ص ٤٠٧.

الفصل الحادي عشر

في اعمال عامة الشهور، وأعمال النيروز،

وأعمال الأشهر الرومية

وأمّا أعمال عامة الشهور فعديدة:

أولها: الدعاء عند رؤية الهلال بالأدعية المأثورة وأفضلها الدعاء الثالث والأَرْبعون من الصحيفة الكاملة المذكور في خلال أعمال غرة شهر رمضان ص ٢٩٠.

الثاني: قراءة الحمد سبع مرات لدفع وجع العين (٦) .

_________________

١ - الاقبال ٣ / ١٦١ فصل ٣ من باب ٧.

٢ - الاقبال ٣ / ١٦٦ فصل ٦ من باب ٧ وفيه: فاذا سلّمت قلت: اللّهمّ إنّي أتوجّه اليك...

٣ - مصباح المتهجّد: ٧٩٣.

٤ - زاد المعاد: ٤٥٧.

٥ - مسارّ الشيعة: ٥٤.

٦ - انظر البحار ٩٢ / ٢٣١ ح ١٣ و ٢٥٧ ح ٥٠.

٣٨٦

الثالث: أكل شي من الجبن وروي أن من يعتد أكله رأس الشّهر أو شك أن لاتردّ له حاجة (١) .

الرابع: أن يصلِّي في الليلة الأولى من الشهر ركعتين يقرأ بعد الحمد في كل منهما سورة الأنعام ويسأل الله أن يكفيه كل خوف ووجع وأن لا يرى في ذلك الشهر ما يكرهه (٢) .

الخامس: أن يصلي في أول يوم من الشهر ركعتين يقرأ في الأولى بعد الحمد، التوحيد ثلاثين مرّة وفي الثانية بعد الحمد، القدر ثلاثين مرة ثم يتصدق بما تيسر فإذا فعل ذلك فقد اشترى السَّلامة في ذلك الشهر. وزاد في بعض الرّوايات وتقول إذا فرغت من الرّكعتين:

( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَما مِنْ دابَةٍ فِي الأَرْضِ إِلاّ عَلى الله رِزْقُها وَيَعلَمُ مُستَقرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌ فِي كتابٍ مُبينٍ ) (٣) .

( بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَإِن يَمسَسْكَ الله بِضُرٍ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٤) . بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً. ماشاءَ الله لاقُوَّةَ إِلاّ بِالله حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلى الله إِنَّ الله بَصِيرٌ بِالعِبادِ، لا إلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلى مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، رَبِّ لاتَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الوارِثِينَ.

وأمّا أعمال يوم النيروز فهي: ماعلّمها الصادق عليه‌السلام معلى بن خنيس قال: إذا كان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك وتكون ذلك اليوم صائماً فإذا صليت النوافل والظهر فصل بعد ذلك أربع ركعات أي بسلامين تقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب وعشر مرات إنا أَنزلناه وفي الثانية فاتحة الكتاب وعشر مرات ( قل يا أَيّها الكافرون ) وفي الثالثة فاتحة الكتاب وعشر مرات ( قل هو الله أحد ) وفي الرابعة فاتحة الكتاب وعشر مرات ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) وتسجد بعد فراغك من الركعات

_________________

١ - بحار الانوار ٩٧ / ١٣٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف قليل لفظي.

٢ - بحار الانوار ٩٧ / ١٣٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اختلاف قليل لفظي.

٣ - هود: ١١ / ٦.

٤ - يونس: ١٠ / ١٠٧.

٥ - بحار الانوار ٩٧ / ١٣٣ عن الجواد عليه‌السلام .

٣٨٧

فتقول:

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الأَوْصِياء المَرْضِيِّينَ وَعَلى جَمِيعِ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ وَبارِكْ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ بَرَكاتِكَ وَصَلِّ عَلى أَرْواحِهِمْ وَاجْسادِهِمْ، اللّهُمَّ بارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ لَنا فِي يَوْمِنا هذا الَّذِي فَضَّلْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ وَعَظَّمْتَ خَطَرَهُ، اللّهُمَّ بارِكْ لِي فِيما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ حَتّى لاأَشْكُرَ أَحَداً غَيْرَكَ وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِي يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، اللّهُمَّ ماغابَ عَنِّي فَلا يَغِيبَنَّ عَنِّي عَوْنُكَ وَحِفْظُكَ وَما فَقَدْتُ مِنْ شَيْءٍ فَلا تُفْقِدْنِي عَوْنَكَ عَلَيْهِ حَتّى لا أتَكَلَّفَ مالا أَحْتاجُ إِلَيْهِ، يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ . يغفر لك ذنوب خمسين سنة وتكثر من قولك: يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ (١) (٢) .

وأما أعمال الشهور الرومية فنقتصر منها هنا على ما في كتاب زاد المعاد : روى السيد الجليل علي بن طاووس (رض) أن قوماً من الأصحاب كانوا جلوساً إذ دخل عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلم عليهم فردوا عليه‌السلام . فقال: ألا أعلّمكم دواءً علمني جبرائيل عليه‌السلام حيث لا أحتاج إلى دواء الأطباء؟ وقال علي عليه‌السلام وسلمان وغيرهم: وما ذلك الدواء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : تأخذ من ماء المطر بنيسان وتقرأ عليه كلاًّ من فاتحة الكتاب وآية الكرسي و ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) و ( قل يا أيها الكافرون ) سبعين مرة، وزادت رواية أخرى سورة ( إنا أنزلناه ) أيضاً سبعين مرة والله أكبر سبعين مرة ولا إِلهَ إِلاّ الله سبعين مرة وتصلي على محمد وآل محمد سبعين مرة وتشرب من ذلك الماء غدوة وعشية سبعة أيام متواليات. والذي بعثني بالحق نبياً إنّ جبرائيل عليه‌السلام قال: إن الله يرفع عن الذي يشرب هذا الماء كل داء في جسده ويعافيه ويخرج من جسده وعظمه وجميع أعضائه ويمحو ذلك من اللّوح المحفوظ. والذي بعثني بالحق نبياً إن لم يكن له ولد بعد فشرب من ذلك الماء كان له ولد وإن كانت المراة عقيما وشربت من ذلك الماء رزقها الله ولداً وإن أحببت أن تحمل بذكر أو أنثى

_________________

١ - روي في كتب غير مشهورة استحباب الاكثار من هذا الدعاء ساعة تحوّل الشمس الى برج الحمل، وقيل: يقرأ ٣٦٦ مرّة: يا محوّل الحول والاحوال حوّل حالنا الى احسن الحال. وعلى رواية اخرى: يا مقلّب القلوب والابصار، يا مدبّر الليل والنهار، يا محوّل... الخ، كذا في زاد المعاد: ص ٥٣١. (منه).

٢ - زاد المعاد: ٥٣٠.

٣٨٨

حملت وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: ( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرانا وإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً ) (١) . ثم قال عليه‌السلام : وإن كان به صداع فشرب من ذلك يسكن عنه الصداع بإذن اللهِ، وإن كان به وجع العين يقطر من ذلك الماء في عينيه ويشرب منه ويغسل به عينه، ويشدّ أصول الأسنان ويطيب الفم ولايسيل من أصول الأسنان اللعاب ويقطع البلغم ولايتخم إذا أكل وشرب ولايتأذى بالريح (من القولنج وغيره) ولايشتكي ظهره ولاينجع بطنه ولا يخاف من الزكام ووجع الضّرس ولايشتكي المعدة ولا الدُّود ولا يحتاج إلى الحجامة ولايصيبه البواسير ولايصيُبه الحكة ولا الجدري ولا الجنون ولا الجذام ولا البرص ولا الرعاف ولا القي ولايصيبه عمىً ولا بكمٌ ولا خرسٌ ولا صممٌ ولا مقعد ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه ولايصيبه داء يفسد عليه صومه وصلاته ولايتأذى بوسوسة الجن ولا الشياطين .

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال جبرائيل عليه‌السلام : إنه من شرب من ذلك ثم كان به جميع الأوجاع التي تصيب الناس فإنه شفاء له من جميع الأوجاع فقال جبرائيل عليه‌السلام والذي بعثك بالحق من يقرأ هذه الآيات على هذا الماء فيشرب منه ملأ الله تعالى قلبه نوراً وضياءً ويُلقي الالهام في قلبه ويجري الحكمة على لسانه ويحشو لُبَّه من الفهم والبصيرة وأعطاه من الكرامات مالم يعط أحداً من العالمين ويرسل عليه ألف مغفرة وألف رحمة ويخرج الغش والخيانة والغيبة والحسد والبغي والكبر والحرص والغضب من قلبه والعداوة والبغضاء والنميمة والوقيعة في الناس، وهو الشفاء من كل داء.

أقول: هذه الرواية المشهورة ينتهي سندها إلى عبد الله بن عمر ولأجل ذلك يكون السند ضعيفاً وإنّي قد وجدت هذه الرواية بخط الشيخ الشهيد مروية عن الصادق عليه‌السلام بنفس هذه الآثار ولكن ترتيب الآيات فيها كما يلي: تقرأ على ماء المطر في نيسان فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، و ( قل يا أيّها الكافرون ) ، و ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، و ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) ، وقل هو الله أحد كلا منها سبعين مرة، وتقول: سبعين مرة: لا إِلهَ إِلاّ اللهِ ، وسبعين مرة: الله أَكْبَرُ، وسبعين مرة: اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وسبعين مرة: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ ، وقد ذكر فيها في آثاره أنه إذا كان مسجوناً فشرب من ذلك الماء نجا من السجن وأنه لم يغلب على طبعه البرودة،

_________________

١ - الشورى: ٤٢ / ٥٠.

٣٨٩

وقد وردت في هذه الرواية أيضاً أكثر تلك الآثار المذكورة في الرّواية السالفة . وماء المطر ماء مبارك ذو منافع سواء مطر في نيسان أو في غيره من الشهور كما في الحديث المعتبر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: إشربوا من ماء السماء فإنه مطهر لأبدانكم ومزيل للداء كما قال تعالى: ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماء ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاَقْدامَ ) (١) . وإذا اجتمع قوم لهذا الدعاء فالأحسن أن يستوفي كل واحد منهم قراءة كل من تلك السورة والأذكار سبعين مرة والنَّفع لمن قرأها بنفسه أَعظم والأجر أوفر، وشهر نيسان يبدأ في هذه السنين عند مضي ثلاثة وعشرين يوماً تقريباً من النيروز وهو ثلاثون يوماً .

وعن الصادق عليه‌السلام قال: لا تدع الحجامة في سبع حزيران فإن فاتك فالأَرْبع عشرة، ويبدأ شهر حزيران عند مضي أربعة وثمانين يوماً تقريباً من النيروز وهو أيضاً ثلاثون يوماً وهو شهر نحس كما روي أن الصادق عليه‌السلام ذكر عنده حزيران فقال: هو الشهر الذي دعا فيه موسى عليه‌السلام على بني إسرائيل فمات في يوم وليلة من بني إسرائيل ثلاثمائة ألف من الناس.

وأيضاً بسند معتبر عنه عليه‌السلام قال: إن الله تعالى يقرب الآجال في شهر حزيران أي يكثر فيه الموت.

واعلم أنّ الشهور الرومية شهور شمسية يؤخذ حسابها من مسير الشمس وهي اثنا عشر شهراً كما يلي: تشرين الأول، تشرين الثاني، كانون الأول، كانون الثاني، شباط، آذار، نيسان، أيّار، حزيران، تموز، آب، أيلول. وهم يعتبرون كلاًّ من الشهور الأَرْبعة: (تشرين الثاني) و (نيسان) و (حزيران) و (أيلول) ثلاثين يوماً والشهور الباقية كلاًًّ منها واحداً وثلاثين يوماً سوى شهر شباط الذي يختلف عدد أيّامه فيعتبر ذا ثمانية وعشرين يوماً في ثلاث سنين متوالية وفي السنة الرابعة وهي سنة كبيستهم (٢) يُحسب له تسعة وعشرون يوماً وسنتهم ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم، وغرة تشرين الأول وهي مبدأ سنتهم توافق في هذه السنين يوم اجتياز الشمس الدرجة التاسعة عشرة من برج الميزان. وتفصيل ذلك في كتاب (بحار الأنوار) ونحن قد أوردنا هذا الموجز لكون هذه الشهور مذكورة في الاخبار انتهى (٣) .

_________________

١ - الانفال: ٨ / ١١.

٢ - لمعرفة السنة الكبيسة تقسّم عدد السنين التي أنت فيها على الرقم ٤ فإن خرج حاصل القسمة دون باقٍ فالسنة كبيسة، وإن بقي شيء فالسنة عادية مثلاً: ١٩٨٤ تقسيم ٤ يكون الخارج ٤٩٦ دون باقٍ، فالسنة كبيسة، وشباط فيها ٢٩ يوماً.

٣ - زاد المعاد: ٥٣٢ - ٥٣٥.

٣٩٠

الباب الثالث

في الزيارات

ويحتوي على مقدمة وفصول وخاتمة:

المقدمة في آداب السفر

إذا أردت الخروج إلى السفر فينبغي لك أن تصوم الأَرْبعاء والخميس والجمعة، وأن تختار من أيام الأسبوع يوم السبت أو يوم الثلاثاء أو يوم الخميس، واجتنب السفر في يوم الاثنين والأَرْبعاء، وقبل الظهر من يوم الجمعة.

هفت روزي نحس باشد در مهى

زان حذر كن تا نيابي هي چ رنج

سه وپنج وسيزده با شانزده

بيست ويك با بيست و چار وبيست وپنج

واجتنب السفر في اليوم الثالث من الشهر والخامس منه والثالث عشر والسادس عشر والحادي والعشرين (١) والرابع والعشرين والخامس والعشرين، ولا تسافر في محاق الشهر ولا إذا كان القمر في برج العقرب وإن دعت ضرورة إلى الخروج في هذه الأحوال والأوقات فليدع المسافر بدعوات السفر ويتصدق ويخرج متى شاء (٢) .

وروي أن رجلاً من أصحاب الباقر عليه‌السلام أراد السفر فأتاه ليودعه فقال له: إنّ أبي علي بن الحسين عليه‌السلام كان إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عزَّ وجلَّ بما تيسر، أي بالصدقة بما تيسر له ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب وإذا سلمه الله وعاد من سفره حمد الله وشكره أيضاً بما تيسر له فودعه الرجل ومضى ولم يعمل بما وصاه الباقر عليه‌السلام فهلك في الطريق فأتى الخبر الباقر عليه‌السلام فقال: قد نُصح الرجل لو كان قَبِلَ (٣) .

وينبغي أن تغتسل قبل التّوجه ثم تجمع أهلك بين يديك وتصلي ركعتين وتسأل الله الخيرة وتقرأ آية الكرسي وتحمد الله وتثني عليه وتصلي على النبي وآله (صَلَواتُ الله عَليَهم) وتقول:

اللّهُمَّ إِنِّي اسْتَوْدِعُكَ اليَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي وَمَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلِ الشَّاهِدَ

_________________

١ - وفي بعض الروايات أنّه يحسن السفر في اليوم الحادي والعشرين من الشهر ولا يحسن في الثامن منه ولا في الثالث والعشرين منه. رواه ابن طاووس في مصباح الزائر: ٢٧.

٢ - مصباح الزائر لابن طاووس: ٢٦ - ٢٧ فصل ١.

٣ - المحاسن البرقي ٢ / ٨٦ ح ١٢٢٦ - ١٢٢٧.

٣٩١

مِنْهُمْ وَالغائِبَ، اللّهُمَّ احْفَظْنا بِحِفْظِ الإيْمانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا، اللّهُمَّ اجْعَلْنا (١) فِي رَحْمَتِكَ وَلاتَسْلُبْنا فَضْلَكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ، اللّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعَثاءِ (٢) السَّفَرِ وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ وَسُوءِ المَنْظَرِ فِي الأهْلِ وَالمالِ وَالوَلَدِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ هذا التَّوجُّهِ طَلَباً لِمَرْضاتِكَ وَتَقَرُّباً إِلَيْكَ اللهم (٣) فَبَلِّغْنِي مااُؤَمِّلُهُ وَأَرْجُوهُ فيكَ وَفِي أَوْلِيائِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .

ثم ودع أهلك وانهض وقف بالباب فسبح الله بتسبيح الزهراء عليها‌السلام وإقرأ سورة الحمد أمامك وعن يمينك وعن شمالك وكذلك آية الكرسي وقل:

اللّهُمَّ إِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي وَعَلَيْكَ خَلَّفْتُ أَهْلِي وَمالِي وَماخَوَّلْتَنِي وَقَدْ وَثِقْتُ بِكَ فَلا تُخَيِّبْنِي يا مَنْ لايُخَيِّبُ مَنْ أَرادَهُ وَلايُضَيِّعُ مَنْ حَفِظَهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاحْفَظْنِي فيما غِبْتُ عَنْهُ وَلاتَكِلْنِي إِلى نَفْسِي يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، الدعاء. ثم اقرأ سورة ( قل هو الله أحد ) إحدى عشرة مرة (٤) وسورة ( إنا أَنزلناه ) وآية الكرسي وسورة ( قل أعوذ برب الناس ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) ثم أمرر بيدك على جميع جسدك وتصدق بما تيسر وقل: اللّهُمَّ إِنِّي اشْتَرَيْتُ بِهِذِهِ الصَّدَقَةِ سَلامَتِي وَسَلامَةَ سَفَرِي وَمامَعِي اللّهُمَّ احْفَظْنِي وَاحْفَظْ مامَعِي وَسَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مامَعِي وَبَلِّغْنِي وَبَلِّغْ مامَعِي بِبَلاغِكَ الَحَسَن الجَمِيلِ . وتأخذ معك عصاً من شجر اللوز المر فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: من خرج إلى السفر ومعه عصى لوز مر وتلا قوله تعالى: ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ... إلى... وَالله عَلى مانَقُولُ وَكِيلٌ ) وهو في سورة القصص (٥) ، آمّنه الله تعالى من كل سبعٍ ضارٍ ومن كل لصٍ عادٍ ومن كل ذات حمةٍ حتى يرجع إلى منزله وكان معه سبع وسبعون من المعقبات الملائكة يستغفرون له حتى يرجع ويضعها (٦) .

ويستحب أن يخرج معتما متحنكا لكي لايصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق وتأخذ معك شَيْئاً من تربة الحسين عليه‌السلام وقل إذا أخذتها: اللّهُمَّ هذِهِ طِينَةُ قَبْرِ الحُسَيْنِ عليه‌السلام وَلِيِّكَ

_________________

١ - اجمعنا - خ -.

٢ - الوعثاء: التعب.

٣ - اللّهمّ: خ.

٤ - في مصباح الزائر: عشر مرّات.

٥ - القصص: ٢٨ / ٢٢ - ٢٨.

٦ - مصباح الزائر: ٢٨ - ٣٣ مع اضافات.

٣٩٢

وَابْنِ وَلِيِّكَ اتَّخّذْتُها حِرْزاً لِما أَخافُ وَما لاأَخافُ (١) . وخذ معك خاتم العقيق والفيروزج، والأحسن أن يكون العقيق أصفر منقوشاً على أحد وجهيه: ماشاءَ الله لاقُوَّةَ إِلاّ بِالله أسْتَغْفِرُ اللهِ ، وعلى الوجه الثاني: مُحَمَّد وَعلي .

روى السيد ابن طاووس في أمان الاخطار عن أبي محمد قاسم بن علا عن الصافي خادم الإمام علي النقي عليه‌السلام قال: استأذنته في الزيارة إلى طوس فقال لي: يكون معك خاتم فصة عقيق أصفر عليه: ما شاءَ الله لا قُوَّةَ إِلاّ بالله أستغفرُ اللهِ ، وعلى الجانب الآخِر: محمد وعلي ، فإنه أمان من القطع وأَتم للسلامة وأصون لدينك. قال فخرجت وأخذت خاتما على الصفة التي أمرني بها ثم رجعت إليه لوداعه فودعته وانصرفت فلما بعدت أمر بردي فرجعت إليه فقال: يا صافي فقلت: لبيك يا سيدي قال: ليكن معك خاتم آخر من فيروزج فآنه يلقاك في طريقك أسد بين طوس ونيشابور فيمنع القافلة من المسير فتقدم إليه وأره الخاتم وقل له: مولاي يقول لك تنح عن الطريق، ثم قال ليكن نقشه: الله الملك ، وعلى الجانب الآخِر: المُلكُ للهِ الواحِدِ القَهَّارِ ، فإنه خاتم أمير المؤمنين عليه‌السلام كان عليه: الله المَلِكُ ، فلما ولي الخلافة نقش على خاتمه: المُلكُ للهِ الواحد القهار ، وكان فصه فيروزج: وهو أمان من السباع خاصة وظفر في الحرب.

قال الخادم فخرجت في سفري ذلك فلقيني والله السبع فقلت ما أُمرت به فلما رجعت حدثته فقال لي بقيت عليك خصلة لم تحدثني بها إن شئت حدثتك بها فقلت يا سيدي أذكر عَلَيَّ لعلّي نسيتها فقال: نعم بتَّ ليلة بطوس عند القبر فصار إلى القبر قوم من الجن لزيارته فنظروا إلى الفص في يدك وقرأوا نقشه فأخذوه عن يدك وصاروا به إلى عليل لهم وغسلوا الخاتم بالماء وسقوه ذلك الماء فبري، وردوا الخاتم إليك وكان في يدك اليمنى فصيروه في يدك اليسرى فكثر تعجبك من ذلك ولم تعرف السبب فيه ووجدت عند رأسك حجراً يا قوتاً فأخذته وهو معك فاحمله إلى السوق فإنك ستبيعه بثمانين ديناراً وهو هدية القوم إليك فحملته إلى السوق فبعته بثمانين ديناراً، كما قال سيدي عليه‌السلام (٢) .

وعن الصادق عليه‌السلام قال من قرأ آية الكرسي في السفر في كل ليلة سَلِمَ وسَلِمَ ما معه (٣) ويقول: اللّهُمَّ اجْعَلْ مَسِيري عِبَراً وَصَمْتِي تَفَكُّراً وَكَلامِي ذِكْراً (٤) .

_________________

١ - مصباح الزائر: ٣٤.

٢ - الامان: ٤٨، فصل ٣.

٣ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٧٧ باب ٧٢.

٤ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٧٤ باب ٧٤ عن أحدهما عليهما‌السلام ح ٢٤٢١.

٣٩٣

وعن الإمام زين العابدين عليه‌السلام قال: لا أبالي إذا قلت هذه الكلمات أن لو اجتمع عليَّ الجن والإنس: بِسْمِ الله وَبِالله وَمِنَ الله وَإِلى الله وَفِي سَبِيلِ اللهِ، اللّهُمَّ إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي وَإِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي فَاحْفَظْنِي بِحِفْظِ الإيْمانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي وَمِنْ تَحْتِي، وَادْفَعْ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ فَإِنَّهُ لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ (١) .

أقول: دعوات السفر وآدابه كثيرة، ونحن هنا نقتصر بذكر عدّة آداب: -

الأول: ينبغي للمر أن لا يترك التسمية عند الركوب (٢) .

الثاني: أن يحفظ نفقته في موضع مصُون. فقد روي أنَّ من فقه المسافر حفظُ نفقته (٣) .

الثالث: أن يساعد أصحابه في السفر ولايحجم عن السعي في حوائجهم كي ينفس الله عنه ثلاثاً وسبعين كربة ويجيره في الدنيا من الهم والغم وينفس كربه العظيم يوم القيامة (٤) .

وروي أنَّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام كان لا يسافر الاّ مع رفقة لا يعرفونه ليخدمهم في الطريق فإنهم لو عرفوه منعوه عن ذلك (٥) ، ومن الاخلاق الكريمة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان مع صحابته في بعض الأسفار فأرادوا ذبح شاة يقتاتون بها فقال أحدهم: عليَّ ذبحها، وقال آخر: عليَّ سلخ جلدها، وقال الآخِر: عليَّ طبخها فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليَّ الإحتطاب، فقالوا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نحن نعمل ذلك فلا تتكلّفه أنت فأجاب: أنا اعلم أنّكم تعملونه ولكن لايسرني أن أمتاز عنكم فإن الله يكره أن يرى عبده قد فضّل نفسه على أصحابه (٦) .

وأعلم أنّ أثقل الخلق على الأصحاب في السفر من تكاسل في الاعمال وهو في سلامة من أعضائه وجوارحه فهو لايؤدِّي شَيْئاً من وظائفه مرتقباً رفقته يقضون له حوائجه.

الرابع: أن يصاحب الرجل من يماثله في الأنفاق (٧) .

الخامس: أن لا يشرب من ماء أي منزل يرده إِلاّ بعد ان يمزجه بماء المنزل الذي سبقه (٨) .

_________________

١ - مصباح الزائر: ٣٨.

٢ - الكافي ٤ / ٢٨٥ ح ٢ عن الصادق عليه‌السلام .

٣ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٨٠ باب ٨١ عن الصادق عليه‌السلام ح ٢٤٤٨.

٤ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٩٣ ح ٢٤٩٧ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ - رواه الصدوق في عيون اخبار الرضا عليه‌السلام ٢ / ١٥٦ باب ٤٠ ح ١٣ عن الصادق عليه‌السلام مع اضافات.

٦ - مكارم الاخلاق ١ / ٥٣٦ ح ١٨٦٦.

٧ - انظر الكافي ٤ / ٢٨٦ - ٢٨٧.

٨ - بحارالانوار ٦٢ / ٣٢٦ عن الرسالة الذهبيّة في الطب التي بعث بها الامام الرضا عليه‌السلام الى المأمون.

٣٩٤

ومن اللازم أن يتزود المسافر من تربة بلده وطينته التي ربّي عليها، وكلما ورد منزلاً طرح في الأناء الذي يشرب منه الماء شَيْئاً من الطين الذي تزوده من بلده ويشوب الماء والطين في الآنية بالتحريك ويؤخر شربه حتى يصفو (١) .

السادس: أن يحسن أخلاقه ويتزين بالحلم (٢) وسيأتي في آداب زيارة الحسين عليه‌السلام ما يناسب المقام ص ٥١٠.

السابع: أن يتزود لسفره، ومن شرف المرء أن يطيِّب زاده لا سيما في طريق مكة (٣) ، نعم لايستحسن في سفر زيارة الحسين عليه‌السلام أن يتخذ زاداً لذيذاً كاللحم المشوي والحلويات وغير ذلك كما سيأتي في آداب زيارته عليه‌السلام وقال ابن الأعسم:

مِنْ شَرَفِ الإنْسانِ فِي الأسْفارِ

تَطْييبُهُ الزَّادَ مَعَ الاِكْثارِ

وَلْيُحْسِنِ الإنْسانُ فِي حالِ السَّفَرِ

أخْلاقَهُ زِيادَةً عَلى الحَضَرِ

وَلْيَدْعُ عِنْدَ الوَضْعِ لِلْخِوان‌ِ

مَنْ كانَ حاضِراً مِنَ الاخْوانِ

وَلْيُكْثِرِ المَزْح مَعَ الصَّحْبِ إِذا

لَمْ يُسْخِطِ الله وَلَمْ يَجْلِبْ أَذى

مَنْ جاءَ بلدةً فَذا ضَيْفٌ عَلى

اخْوانِهِ فِيها إِلى أَنْ يَرْحَلا

يُبَرُّ لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ لِيَأْكُل‌َ

مِنْ أَكْلِ أَهْلِ البَيْتِ فِي المُسْتَقْبَلِ

الثامن: من أهم الأشياء في السفر المحافظة على الفرائض بشرائطها وحدودها، وأداؤها في بد أوقاتها فما أكثر ما يشاهد الحجاج والزوار في الأسفار يضيعون الفرائض بتأخيرها عن أوقاتها أو بأدائها راكبين أو في المحامل أو متيممين بلا وضوء أو مع نجاسة البدن أو الثياب أو غيرها من أشباهها. فهذه كلها تنشأ عن استخفافهم بشأن الصلاة وعدم مبالاتهم بها. وقد روي في الحديث عن الصادق عليه‌السلام قال: صلاة الفريضة أفضل من عشرين حجة، وحجة واحدة أفضل من دار ملئت ذهباً يتصدق به حتى تفرغ (٤) .

ولا تدع بعد الصلاة المقصورة أن تقول ثلاثين مرّة: سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ، فهو من السنن المؤكدة (٥) .

_________________

١ - بحارالانوار ٦٢ / ٣٢٦ عن الرسالة الذهبيّة في الطب التي بعث بها الامام الرضا عليه‌السلام إلى المأمون.

٢ - انظر مكارم الاخلاق ١ / ٥٣٦ ح ١٨٦٤.

٣ - من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٨٤ باب ٨٤.

٤ - وسائل الشيعة ٤ / ٤٠ مع اختلاف لفظي.

٥ - العروة الوثقى: المسئلة ١٥ من احكام صلاة المسافر.

٣٩٥

الفصل الأول

في آداب الزيارة

وهي عديدة نقتصر منها على أمور:

الأول: الغسل قبل الخروج لسفر الزيارة (١) .

الثاني: أن يتجنب في الطريق التكلم باللغو والخصام والجدال.

الثالث: أن يغتسل لزيارة الأئمة عليهم‌السلام (٢) وأن يدعو بالماثورة من دعواته. وستذكر في أول زيارة الوارث ص ٥٢٥.

الرابع: الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر (٣) .

الخامس: أن يلبس ثياباً طاهرة نظيفة جديدة ويحسن أن تكون بيضاء (٤) .

السادس: أن يقصِّر خطاه إذا خرج إلى الروضة المقدسة وأن يسير وعليه السكينة والوقار وأن يكون خاضعاً خاشعاً وأن يطأطئ رأسه فلا يلتفت إلى الاعلى ولا إلى جوانبه (٥) .

السابع: أن يتطيَّب بشي من الطيب فيما عداً زيارة الحسين عليه‌السلام (٦) .

الثامن: أن يشغل لسانه وهو يمضي إلى الحرم المطهر بالتكبير والتسبيح والتهليل والتمجيد ويعطر فاه بالصلاة على محمد وآله عليهم‌السلام (٧) .

التاسع: أن يقف على باب الحرم الشريف ويستأذن ويجتهد لتحصيل الرقة والخضوع والانكسار والتفكير في عظمة صاحب ذلك المرقد المنور وجلاله، وأنه يرى مقامه ويسمع كلامه ويرد سلامه كما يشهد على ذلك كله عندما يقرأ الاستئذان، والتدبر في لطفهم وحبهم لشيعتهم وزائريهم والتأمل في فساد حال نفسه وفي جفائه عليهم برفضه ما لا يحصى من تعاليمهم وفيما صدر عنه نفسه من الأذى لهم أو لخاصتهم وأحبابهم وهو في المال أذى راجع إليهم عليهم‌السلام فلو التفت إلى نفسه التفات تفكير وتدقيق لتوقفت قدماه عن المسير وخشع قلبه ودمعت عينه وهذا هو لبُّ آداب الزيارة كلها (٨) .

_________________

١ - الامام للسيد ابن طاووس: ٣٤.

٢ - المقنعة للمفيد: ٤٩٤.

٣ - المقنعة: ٤٩٤.

٤ - مصباح الزائر لابن طاووس: ١٩٧.

٥ - مصباح الزائر لابن طاووس: ١٩٧.

٦ - انظر مصباح الزائر لابن طاووس: ١٤٠.

٧ - مصباح الزائر لابن طاووس: ١٩٧.

٨ - انظر الدروس ٢ / ٢٣.

٣٩٦

وينبغي لنا هنا ان نورد أبيات السخاوي والحديث الذي رواه العلامة المجلسي (رض) في البحار نقلا عن كتاب عيون المعجزات. أما أبيات السخاوي وهي ما ينبغي أن يتمثل به في تلك الحالة فهي:

قالُوا غَداً نَأْتِي دِيارَ الحِمى

وَيَنْزِلُ الرَّكْبُ بِمَغْناهُمُ

فكُلُّ مَنْ كانَ مُطيعاً لَهُم

أَصْبَحَ مَسْرُوراً بِلُقْياهُمُ

قُلْتُ فَلِي ذَنْبٌ فَما حِيلَتِي

بِأَيّ وَجْهٍ أَتَلَقَّاهُمُ

قالُوا أَلَيْسَ العَفْوُ مِنْ شَأْنِهِم

لاسِيَّما عَمَّنْ تَرَجَّاهُمُ

فَجِئْتُهُمْ أَسْعى إِلى بابِهِم

أَرْجُوهُمُ طَوْراً وَأَخْشاهُمُ (١)

وينبغي أن يتمثّل بهذه الابيات:

ها عبدك واقف ذليل

بالباب يمدّ كفّ سائل

قد عزّ عليّ سوء حالي

ما يفعل ما فعلت عاقل

يا أكرم من رجاه راج

عن بابك لا يردّ سائل (٢)

وأما الرواية الشريفة فهي أنه استأذن إبراهيم الجمّال وكان من الشيعة على علي بن يقطين وهو وزير هارون الرشيد فحجبه لأنه جمّال. فحج علي بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على موسى بن جعفر عليه‌السلام فحجبه فرآه ثاني يومه خارج الدار فقال علي بن يقطين: يا سيدي ما ذنبي؟ فقال: حجبتك لأنك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال، وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال. قال علي: فقلت يا سيدي ومولاي من لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة فقال إذا كان الليل فامض إلى إلبقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك وتجد نجيباً هناك مسرَجاً فاركبه وامض إلى الكوفة. فوافى البقيع وركب النجيب ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمال بالكوفة (في مدة قصيرة). فقرع الباب وقال: أنا عليّ بن يقطين. فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدّار: وما يعمل عليّ بن يقطين الوزير ببابي؟

_________________

١ - البداية والنهاية لابن كثير ١٣ / ١٨١، في وقائع سنة ٦٤٣.

٢ - وبعدها أشعار بالفارسيّة:

شاها چه ترا سگى ببايد

گر من بود آن سگ تو شايد

  هستم سگكى زحبس جتسه

بر شاخ گل هوات بسته

خود را بخودى كشيده داخل

پيش تو كشيده از سر ذل

  افكن نظري بر اين سگ خويش

سنگم مزن ومرانم از پيش

منه رحمه‌الله .

٣٩٧

فقال عليّ بن يقطين ما هذا إن أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له . فلما دخل قال: يا إبراهيم إن المولى عليه‌السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي فقال: يغفر الله لك فآلى علي بن يقطين على إبراهيم الجمال أن يطأ خده فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانياً ففعل فلم يزل إبراهيم يطأ خدَّه وعلي بن يقطين يقول: اللهم إشهد . ثم انصرف وركب النجيب ورجع إلى المدينة من ليلته وأناخه بباب المولى موسى بن جعفر عليه‌السلام فأذن له ودخل عليه فقبله (١) .

من هذا الحديث يعرف مبلغ حقوق الاخوان.

العاشر: تقبل العتبة العالية المباركة. قال الشيخ الشهيد (رض) ولو سجد الزائر ونوى بالسجدة الشكر للهِ تعالى على بلوغه تلك البقعة كان أولى (٢) .

الحادي عشر: أن يقدم للدخول رجله اليمنى ويقدم للخروج رجله اليسرى كما يصنع عند دخول المساجد والخروج منها (٣) .

الثاني عشر: أن يقف على الضريح بحيث يمكنه الالتصاق به وتوهم العبد أن البعد أدب وهم فقد نص على الاتكاء على الضريح وتقبيله (٤) .

الثالث عشر: أن يقف للزيارة مستقبلاً القبر مستدبراً القبلة وهذا الأدب ممّا يخص زيارة المعصوم على الظاهر فإذا فرغ من الزيارة فليضع خده الأيمن على الضريح ويدعو الله بتضرع ثم ليضع الخد الأيسر ويدعو الله بحق صاحب القبر أن يجعله من أهل شفاعته ويبالغ بالدعاء والالحاح ثم يمضي إلى جانب الرأس فيقف مستقبل القبلة فيدعو الله تعالى (٥) .

الرابع عشر: أن يزور وهو قائم على قدميه إلاّ إذا كان له عذر من ضعف أو وجع في الظهر أو في الرجل، أو غير ذلك من الاعذار.

الخامس عشر: أن يكبر إذا شاهد القبر المطهر قبل الشروع في الزيارة. وفي رواية أن من كبر أمام الإمام عليه‌السلام وقال: لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، كتب له رضوان الله الأكبر (٦) .

السادس عشر: أن يزور بالزيارات المأثورة المروية عن سادات الأنام عليه‌السلام ويترك الزيارات المخترعة التي لفقها بعض الأغبياء من عوام الناس إلى بعض الزيارات فأشغل بها الجهال. روى الكليني رحمه‌الله عن عبد الرحيم القصير قال: دخلت على الصادق عليه‌السلام فقلت: جعلت فداك قد

_________________

١ - بحار الانوار ٤٨ / ٨٥ ح ١٠٥ عن عيون المعجزات للشيخ حسين بن عبدالوهاب: ١٠٣.

٢ - الدروس ٢ / ٢٥.

٣ - الدروس ٢ / ٢٣.

٤ - الدروس ٢ / ٢٣.

٥ - الدروس ٢ / ٢٣.

٦ - البحار ٢٤ / ٣٩٦ عن بصائر الدرجات.

٣٩٨

اخترعت دعاءً من نفسي . فقال عليه‌السلام : دعني عن اختراعك، إذا عرضتك حاجة فَلُذْ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصل ركعتين وأهدهما إليه. .. إلخ (١) .

السابع عشر: أن يصلي صلاة الزيارة وأقلها ركعتان. قال الشيخ الشهيد فإن كانت الزيارة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فليصل الصلاة في الروضة، وإن كانت لاحد الأئمة فعند الرأس ولو صلاها بمسجد المكان أي مسجد الحرم جاز (٢) .

وقال العلامة الجلسي رحمه‌الله : إن صلاة‌الزيارة وغيرها فيما أرى يفضل أن تؤتى خلف القبر أو عند الرأس الشريف (٣) . وقال أيضاً العلامة بحر العلوم في الدّرة:

وَمِنْ حَدِيثِ كَرْبَلاءِ وَالكَعْبَة‌ِ

لِكَرْبَلاءِ بانَ عُلُوُّ الرُّتْبَةِ

وَغَيْرُها مِنْ سائِرِ المَشاهِدِ

أَمْثالُها بِالنَّقْلِ ذِي الشَّواهِدِ

وَراعِ فِيهِنَّ اقْتِرابَ الرَّمْس‌ِ

وَآثِرِ الصَّلاةَ عِنْدَ الرَّأْسِ

وَصَلِّ خَلْفَ القَبْرِ فَالصَّحِيح

كَغَيْرِهِ فِي نَدْبِها صَريحُ

وَالفَرْقُ بَيْنَ هذِهِ القُبُورِ

وَغَيْرِها كَالنُّورِ فَوْقَ الطُّورِ

فَالسَّعْيُ لِلصَّلاةِ عِنْدَها نُدِب‌َ

وَقُرْبُها بَلِ اللّصُوقُ قَدْ طُلِبَ (٤)

الثامن عشر: تلاوة سورة يَّس في الركعة الأولى وسورة الرحمن في الثانية إن لم تكن صلاة الزيارة التي يصليها مأثورة على صفة خاصَّة وأن يدعو بعدها بالمأثور أو بما سنح له في أمور دينه ودنياه وليعمِّم الدُّعاء فإنه أقرب إلى الإجابة (٥) .

التاسع عشر: قال الشهيد رحمه‌الله : ومن دخل المشهد والإمام يصلي بدأ بالصلاة قبل الزيارة. وكذلك لو كان قد حضر وقتها وإِلاّ فالبد بالزيارة أولى لأنها غاية مقصده ولو أقيمت الصلاة استحب للزائرين قطع الزيارة والاقبال على الصلاة ويكره تركه وعلى ناظر الحرم أمرهم بذلك (٦) .

العشرون: عد الشهيد رحمه‌الله من آداب الزيارة تلاوة شي من القرآن عند الضريح وإهداءه إلى المزور والمنتفع بذلك الزائر وفيه تعظيم للمزور (٧) .

الحادي والعشرون: ترك اللغو ومالا ينبغي من الكلام وترك الاشتغال بالتكلم في أمور

_________________

١ - الكافي ٣ / ٤٧٦.

٢ - الدروس ٢ / ٢٣.

٣ - بحارالانوار ١٠٠ / ١٣٤.

٤ - الدرّة النجفية: ١٠٠ في عنوان المشاهد.

٥ - الدروس ٢ / ٢٣.

٦ - الدروس ٢ / ٢٥.

٧ - الدروس ٢ / ٢٣.

٣٩٩

الدنيا فهو مذموم قبيح في كل زمان ومكان وهو مانع للرزق ومجلبة للقساوة لا سيما في هذه البقاع الطاهرة والقباب السامية التي أخبر الله تعالى بجلالها وعظمتها في سورة النور: ( في بيوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ ) الآية (١) .

الثاني والعشرون: أن لا يرفع صوته بما يزور به كما نبهت عليه في كتاب (هدية الزائر).

الثالث والعشرون: أن يودع الإمام عليه‌السلام بالمأثور أو بغيره إذا أراد الخروج من البلد (٢) .

الرابع والعشرون: أن يتوب إلى الله ويستغفر من ذنوبه وأن يجعل أعماله وأقواله بعد الزيارة خيراً منها قبلها (٣) .

الخامس والعشرون: الانفاق على سدنة المشهد الشريف وينبغي لهؤُلاءِ أن يكونوا من أهل الخير والصلاح والدين والمرؤة وأن يحتملوا ما يصدر من الزوار فلا يصبّوا سخطهم عليهم ولا يحتدموا عليهم، قائمين بحوائج المحتاجين مرشدين للغرباء إذا ضلّوا وبالاجمال فالخدم ينبغي أن يكونوا خدّاماً حقاً قائمين بما لزم من تنظيف البقعة الشريفة وحراستها والمحافظة على الزائرين وغير ذلك من الخدمات (٤) .

السادس والعشرون: الانفاق على المجاورين لتلك البقعة من الفقراء والمساكين المتعففين والاحسان إليهم لا سيما السادة وأهل العلم المنقطعين الذين يعيشون في غربة وضيق وهم يرفعون لواء التعظيم لشعائر الله وقد اجتمعت فيهم جهات عديدة تكفي إحداها لفرض إعانتهم ورعايتهم (٥) .

السابع والعشرون: قال الشهيد: إن من جملة الآداب تعجيل الخروج عند قضاء الوطر من الزيارة لتعظيم الحرمة وليشتدَّ الشوق. وقال أيضاً: والنساء إذا زُرن فليكنَّ منفردات عن الرجال والأولى أن يزرن ليلا وليكنَّ متنكرات أي يبدلن الثياب النفيسة بالدّانية الرّخيصة لكي لايعرفن وليبرزن متخفيات متسترات. ولو زرن بين الرجال جاز وإن كره (٦) .

أقول: من هذه الكلمة يعرف مبلغ القبح والشناعة في ما دأبت عليه النسوة في زماننا من أن يتبرجن للزيارة فيبرزن بنفايس الثياب فيزاحمن الأجانب من الرجال في الحرم الطاهر ويضاغطنهم بابدانهنّ مقتربات من الضرايح الطاهرة أو يجلسن في قبلة المصلين من الرجال

_________________

١ - النور: ٢٤ / ٣٦.

٢ - الدروس ٢ / ٢٤.

٣ - الدروس ٢ / ٢٤.

٤ - الدروس ٢ / ٢٤ مع اختلاف لفظي.

٥ - انظر الدروس ٢ / ٢٤.

٦ - الدروس ٢ / ٢٤ و ٢٥.

٤٠٠

ليقرأن الزيارة فيلفتن الخواطر ويصدُّن القائمين بالعبادة في تلك البقعة الشريفة من المصلين والمتضرعين والباكين عن عباداتهم فيكنَّ بذلك من الصادات عن سبيل الله إلى غير ذلك من التبعات وأمثال هذه الزيارات ينبغي حقاً أن تعد من منكرات الشرع لا من العبادات وتحصى من الموبقات لا القربات .

وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لأهل العراق: يا أهل العراق نبئت أن نساءكم يوافين الرجال في الطريق أما يستحيون؟ وقال: لعن الله من لا يغار (1) .

وفي الفقيه روى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الأزمنة نسوة كاشفات عاريات متبرجات من الدين خارجات، داخلات في الفتن مائلات إلى الشهوات مسرعات إلى اللذات مستحلاتٍ للمحرمات في جهنم خالدات (2) .

الثامن والعشرون: ينبغي عند ازدحام الزائرين للسابقين إلى الضريح أن يخففوا زياراتهم وينصرفوا ليفوز غيرهم بالدنوِّ من الضريح الطاهر كما كانوا هم من الفائزين. أقول: لزيارة الحسين صلوات الله عليه آداب خاصة سنذكرها في مقام ذكر زيارته عليه‌السلام .

الفصل الثاني

في ذكر الاستئذان للدخول في كل من الروضات الشريفة

وهنا نثبت استئذانين: الأول: قال الكفعمي: إذا أردت دخول مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو أحد المشاهد الشريفة لاحد الأئمة عليهم‌السلام فقل:

اللّهُمَّ إِنِّي وَقَفْتُ عَلى بابٍ مِنْ أَبْوابِ بُيُوتِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَقَدْ مَنَعْتَ النَّاسَ أَنْ يَدْخُلُوا إِلاّ بِإِذْنِهِ فَقُلْتَ: ( يا أيُّهاالَّذِينَ آمَنُوا لاتَدْخُلُوا بُيُوتَ النَبِيِّ إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (3) ، اللّهُمَّ إِنِّي أَعْتَقِدُ حُرْمَةَ صاحِبِ هذا المَشْهَدِ الشَّرِيفِ فِي غَيْبَتِهِ كَما أَعْتَقِدُها فِي حَضْرَتِهِ، وَأَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَكَ وَخُلَفائَكَ عليهم‌السلام أَحْياءٌ عِنْدَكَ يُرْزَقُونَ يَرَوْنَ

_________________

1 - المحاسن للبرقي 1 / 204 ح 356.

2 - من لا يحضره الفقيه 3 / 390 ح 4374.

3 - الأحزاب: 33 / 53.

٤٠١

مَقامِي وَيَسْمَعُونَ كَلامِي وَيَرُدُّونَ سَلامِي، وَأَنَّكَ حَجَبْتَ عَنْ سَمْعِي كَلامَهُمْ وَفَتَحْتَ بابَ فَهْمِي بِلَذِيذِ مُناجاتِهِمْ وَإِنِّي أَسْتأْذِنُكَ يا رَبِّ أَوَّلاً وَأَسْتَأْذِنُ رَسُولِكَ صلى‌الله‌عليه‌وآله ثانِياً وَأَسْتَأْذِنُ خَلِيفَتَكَ الإمام المُفْرُوضَ (1) عَلَيَّ طاعَتُهُ فُلانَ بْنِ فُلانٍ، واذكر اسم الإمام الذي تزوره واسم أبيه . فقل في زيارة الحسين عليه‌السلام مثلاً: الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه‌السلام . وفي زيارة الإمام الرضا عليه‌السلام : عَلِيّ بْنَ مُوسى الرِّضا عليه‌السلام وهكذا . ثم قل: وَالمَلائِكَةَ المُوَكَّلِينَ بِهِذِهِ البُقْعَةِ المُبارَكَةِ ثالِثاً أَأَدْخُلُ يا رَسُولَ الله أَأَدْخُلُ يا حُجَّةَ الله أَأَدْخُلُ يا مَلائِكَةَ الله المُقَرَّبِينَ المُقَيمِينَ فِي هذا المَشْهَدِ فَأْذَنْ لِي يا مَوْلايَ فِي الدُّخُولِ أَفْضَلَ ما أَذِنْتَ لاحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِكَ، فَإِنْ لَمْ أَكُنْ أَهْلاً لِذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذلِكَ (2) .

ثم قبل العتبة الشريفة وادخل وقل: بِسْمِ الله وَبالله وَفِي سَبِيلِ الله وَعَلى مِلَّةِ رَسُولِ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اللّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (3) .

الثاني: الاستئذان الذي رواه المجلسي قدّس الله سرّه عن نسخة قديمة من مؤلفات الأصحاب للدخول في السرداب المقدس وفي البقاع المنورة للأئمة عليهم‌السلام وهو هذا تقول:

اللّهُمَّ إِنَّ هذِهِ بُقْعَهٌ طَهَّرْتَها وَعَقْوَةٌ شَرَّفْتَها وَمَعالِمٌ زَكَّيْتَها حَيْثُ أَظْهَرْتَ فيها أَدِلَّةَ التَّوْحِيدِ وَأَشْباحَ العَرْشِ المَجِيدِ، الَّذِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ مُلُوكا لِحِفْظِ النِّظامِ وَاخْتَرْتَهُمْ رُؤساءَ لِجَمِيعِ الأنامِ وَبَعَثْتَهُمْ لِقيامِ القِسْطِ فِي ابْتِداءِ الوُجُودِ إِلى يَوْمِ القِّيامَة، ثُمَّ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ بِاسْتِنابَةِ أَنْبِيائِكَ لِحِفْظِ شَرائِعِكَ وَأَحْكامِكَ فَأَكْمَلْتَ بِاسْتِخْلافِهِمْ رِسالَةَ المُنْذِرِينَ كَما

_________________

1 - المفترض - خ -.

2 - أهلٌ له - خ -.

3 - البلد الامين: 276.

٤٠٢

أوْجْبْتَ رِئاسَتَهُمْ فِي فِطَرِ المُكَلَّفِينَ، فَسُبْحانَكَ مِنْ إِلهٍ ما أَرْأَفَكَ وَلا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ مِنْ مَلِكٍ ما أَعْدَلَكَ حَيْثُ طابَقَ صُنْعُكَ ما فَطَرْتَ عَلَيْهِ العُقُولَ وَوافَقَ حُكْمُكَ ما قَرَّرْتَهُ فِي المَعْقُولِ وَالمَنْقُولِ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى تَقْدِيرِكَ الحَسَنِ الجَمِيلِ وَلَكَ الشُّكْرُ عَلى قَضائِكَ المُعَلَّلِ بِأَكْمَلِ التَّعْلِيلِ . فَسُبْحانَ مَنْ لايُسْأَلْ عَنْ فِعْلِهِ وَلايُنازَعُ فِي أَمْرِهِ وَسُبْحانَ مَنْ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ قَبْلَ ابْتِداءِ خَلْقِهِ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنا بِحُكّامٍ يَقُومُونَ مَقامَهُ لَو كانَ حاضِراً في المَكانِ، وَلا إِلهَ إِلاّ الله الَّذِي شَرَّفَنا بِأَوْصِياء يَحْفَظُونَ الشَّرائِعَ فِي كُلِّ الاَزْمانِ، وَالله أَكْبَرُ الَّذِي أَظْهَرَهُمْ لَنا بِمُعْجِزاتٍ يَعْجُزُ عَنْها الثَّقَلانِ . لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ الَّذِي آجَرَنا عَلى عَوائِدِهِ الجَمِيلَة فِي الاُمَمِ السَّالِفِينَ، اللّهُمَّ فَلَكَ الحَمْدُ وَالثَّناءُ العَلِيُّ كَما وَجَبَ لِوَجْهِكَ البَقاءُ السَّرْمَدِيُّ وَكَما جَعَلْتَ نَبِيَّنا خَيْرَ النَّبِيِّينَ وَمُلُوكَنا أَفْضَلَ المَخْلُوقِينَ وَاخْتَرْتَهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلى العالَمِينَ؛ وَفِّقْنا لِلْسَّعِي إِلى أَبْوابِهِمْ العامِرَةِ إِلى يَوْمِ الدِّينِ وَاجْعَلْ أَرْواحَنا تَحِنُّ إِلى مَوْطِيِ أَقْدامِهِمْ وَنُفُوسَنا تَهْوِي النَّظَرَ إِلى مَجالِسِهِمْ وَعَرَصاتِهِمْ حَتّى كَأنَّنا نُخاطِبُهُمْ فِي حُضُورِ أَشْخاصِهِمْ، فَصَلّى الله عَلَيْهِمْ مِنْ سادَةٍ غائِبِينَ وَمِنْ سُلالَةٍ طاهِرِينَ وَمِنْ أَئِمَّةٍ مَعْصُومِينَ . اللّهُمَّ فَأْذَنْ لَنا بِدُخُولِ هذِهِ العَرَصاتِ الَّتِي اسْتَعْبَدْتَ بِزِيارَتِها أَهْلَ الأَرضِينَ وَالسَّماواتِ، وَأَرْسِلْ دُمُوعَنا بِخُشُوعِ المَهابَةِ وَذَلِّلْ جَوارِحَنا بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ وَفَرْضِ الطَّاعَةِ حَتّى نُقِرَّ بِمايَجِبُ لَهُمْ مِنَ الاَوْصافِ وَنَعْتَرِفَ بِأَنَّهُمْ شُفَعاءُ الخَلائِقِ إِذا نُصِبَتْ المَوازِينُ فِي يَوْمِ الاَعْرافِ، وَالحَمْدُ للهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ . ثم قبل العتبة وادخل وأنت خاشع باكٍ فذلك إذن منهم صَلوات الله عَلَيْهم أجمَعين (1) .

_________________

1 - بحار الانوار 102 / 115.

٤٠٣

الفصل الثالث

في زيارة النبي والزهراء عليها‌السلام

والأئمة بالبقيع (صَلوات الله عَلَيْهم أجمَعين) في المدينة الطيبة

إعلم أنّه يستحب استحباباً أكيداً لكافة الناس ولاسيّما للحجاج أن يتشرفوا بزيارة الروضة الطاهرة والعتبة المنورة لمفخرة الدهر مولانا سيد المرسلين محمد بن عبد الله صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ، وترك زيارته جفاءٌ في حقه يوم القيامة. وقال الشهيد (رض): فإن ترك الناس زيارته فعلى الإمام ان يجبرهم عليها فإن ترك زيارته جفاء محرم (1) .

روى الصدوق عن الصادق عليه‌السلام : إذا حجّ أحدكم فليختم حجه بزيارتنا لان ذلك من تمام الحج (2) .

وروي أيضاً عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال: أتموا بزيارة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجّكم، فإن تركه بعد الحج جفاء. وبذلك أمرتم بالقبور التي ألزمكم الله عزَّ وجلَّ حقّها وزيارتها واطلبوا الرزق عندها (3) .

وروي أيضاً عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا عليه‌السلام : يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة ويعني الراوي بسؤاله ان الرواية ان صحت فما معناها وهي بظاهرها تحتوي على ما لا يستقيم مع الاعتقاد الحق. فأجابه عليه‌السلام فقال: يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته ومبايعته مبايعته وزيارته زيارته فقال الله عزَّ وجلَّ: ( مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهِ ) (4) ، وقال: ( إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (5) .

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني في حياتي أو بعد مماتي فقد زار الله تعالى... الخ (6) .

وروى الحميري في (قرب الإسناد) عن الصادق عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من زارني حياً

_________________

1 - الدروس 2 / 5.

2 - عيون الاخبار 2 / 292 باب 66 ح 28 وباب 221 ح 1.

3 - الخصال للصدوق 2 / 616 باب 400 ح 10.

4 - النساء: 4 / 80.

5 - الفتح: 48 / 10.

6 - أمالي الصدوق: المجلس 70 ح 7.

٤٠٤

وميتاً كنت له شفيعاً يوم القيامة (1) .

وفي الحديث: إنه شهد الصادق عليه‌السلام عيداً بالمدينة فانصرف فدخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسلم عليه ثم قال لمن حضره أمّا لقد فضلنا على أهل البلدان كلهم مكة فمن دونها لسلامنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (2) .

وروى الطوسي (رض) في (التهذيب) عن يزيد بن عبد الملك عن أبيه عن جده أنه قال: دخلت على فاطمة سلام الله عليها فبدأتني بالسلام ثم قالت: ما غداً بك؟ قلت: طلب البركة. قالت: أخبرني أبي وهو ذا هو، أنه من سلم عليه وعليّ ثلاثة أيّام أوجب الله له الجنة. قلت لها: في حياته وحياتك؟ قالت: نعم وبعد موتنا (3) . قال العلامة المجلسي (رض): روي في حديث معتبر عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من زار الحسن عليه‌السلام بالبقيع ثبت قدمه على الصراط يوم تزول فيه الاقدام (4) .

وفي (المقنعة) عن الصادق عليه‌السلام من زارني غُفرت له ذنوبه ولم يمت فقيراً (5) .

وروى الطوسي في (التهذيب) عن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام قال: من زار جعفر الصادق وأباه لم يشك عينه ولم يصبه سقم ولم يمت مبتلىً (6) .

وروى ابن قولويه في الكامل في حديث طويل عن هشام بن سالم عن الصادق عليه‌السلام أنه أتاه رجل فقال هل يزار والدك فقال: نعم. قال: فما لمن زاره؟ قال: الجنة إن كان يأتم به. قال: فما لمن تركه رغبة عنه قال: الحسرة يوم الحسرة... الخ (7) ، والأحاديث في ذلك كثيرة حسبنا منها ما ذكرناه.

وأما كيفية زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فهي كما يلي: إذا وردت إن شاء الله تعالى مدينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاغتسل للزيارة فإذا أردت دخول مسجده صلى‌الله‌عليه‌وآله فقف على الباب واستأذن بالإستئذان الأول مما ذكرناه وادخل من باب جبرائيل عليه‌السلام وقدم رجلك اليمنى عند الدخول ثم قل: الله أَكْبَرُ مائة مرة، ثم صل ركعتين تحية المسجد ثم إمض إلى الحجرة الشريفة. فإذا بلغتها فاستلمها بيدك وقبّلها وقل:

_________________

1 - قرب الاسناد للحميري: 65، ح 205.

2 - كامل الزيارات: 547 رقم 838 ب 108 ح 10.

3 - التهذيب 6 / 9 باب 3 ح 11.

4 - البحار 28 / 39 باب 2 ح 1 عن أمالي الصدوق في المجلس 24 ذيل ح 2.

5 - المقنعة: 474، باب 20.

6 - تهذيب الاحكام 6 / 78 باب 26 ح 2.

7 - الكامل: 239، باب 44، ح 2 مع اضافات.

٤٠٥

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ الرِّسالَةَ وَأَقَمْتَ الصَّلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكاةَ وَأَمَرْتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ المُنْكَرِ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ فَصَلَواتُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ (1) .

ثُمَّ قف عند الأسطوانة المقدّمة مِنْ جانب القبر الأيمن مستقبل ومنكبك الأيسر إِلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وَقل:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِله‌َإِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ (2) أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله وَأَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لاِ مَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ الله وَعَبَدْتَ الله حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ (3) بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَأَدَّيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ مِنَ الحَقِّ، وَأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالمُؤْمِنِينَ وَغَلُظْتَ عَلى الكافِرِينَ فَبَلَّغَ الله بِكَ أَفْضَلَ شَرَفِ مَحَلِّ المُكَرَّمِينَ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالَةِ، اللّهُمَّ فَاجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ المُرْسَلِينَ وَعِبادِكَ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرضِينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَأَمِينِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَصَفِيِّكَ وَخاصَّتِكَ وَصَفْوَتِكَ وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ أعْطِهِ الدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَآتِهِ الوَسِيلَةَ مِنَ الجَنَّةِ وَابْعَثْهُ مَقاما مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا الله تَوَّاباً رَحِيماً ) (4) ؛ وَإِنِّي أَتَيْتُكَ مُسْتَغْفِراً تائِباً مِنْ ذُنُوبِي وَإِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى الله

_________________

1 - مصباح الزائر لابن طاووس: 45، الفصل 3.

2 - في المصدر وخ: وأنّ محمّداً.

3 - في المقنعة: وعبدت الله مخلصاً حتّى أتاك اليقين ودعوت الى سبيل ربّك بالحكمة.

4 - النساء: 4 / 64.

٤٠٦

ربي وربّك لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي . فإن كانت لك حاجة فاجعل القبر الطاهر خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يدك وسل حاجتك فإنه أحرى أن تقضى إن شاء الله تعالى (1) .

وروى ابن قولويه بسند معتبر عن محمد بن مسعود قال: رأيت الصادق عليه‌السلام انتهى إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوضع يده عليه وقال: أَسْأَلُ الله الَّذِي اجْتَباكَ واخْتارَكَ وَهَداكَ وَهَدى بِكَ أَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ ، ثم قال: ( إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَبِيِّ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيماً ) (2) (3) .

وقال الشيخ في (المصباح) فإذا فرغت من الدعاء عند القبر فأتِ المنبر وامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلاوان وامسح وجهك وعينيك به فإن فيه شفاء للعين، وقم عنده واحمد الله واثن عليه وسل حاجتك فإنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على ترعة من ترع (4) الجنة. ثم تأتي مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتصلي فيه ما بداً لك وأكثر الصلاة في مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن الصلاة فيه بألف صلاة، وإذا دخلت المسجد أو خرجت منه فصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصل في بيت فاطمة عليها‌السلام وأتِ مقام جبرائيل عليه‌السلام وهو تحت الميزاب فإنّه كان مقامه إذا استأذن على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وقل: أَسْأَلُكَ أَيْ جَوادُ أَيْ كَرِيمُ أَيْ قَرِيبُ أَيْ بَعِيدُ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ (5) .

ثم زر فاطمة عليها‌السلام من عند الروضة: واختلف في موضع قبرها فقال قوم هي مدفونة في الروضة أي ما بين القبر والمنبر، وقال آخرون في بيتها، وقالت فرقة ثالثة: إنها مدفونة بالبقيع. والذي عليه أكثر أصحابنا أنها تزار من عند الروضة ومن زارها في هذه الثلاثة مواضع كان أفضل. وإذا وقفت عليها للزيارة فقل:

يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الله الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِما امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا أَنَّا لَكِ أَوْلِياء وَمُصَدِّقُونَ (6) وَصابِرونَ لِكُلِّ ما أَتى بِهِ أَبُوكِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَإِنَّا نَسْأَلَكِ إِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إِلاّ أَلْحَقْتِنا بِتَصْدِيقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ

_________________

1 - مصباح المتهجّد: 709، ومن لا يحضره الفقيه 2 / 566.

2 - الاحزاب: 33 / 56.

3 - كامل الزيارات: 53، باب 3، ح 4.

4 - أي باب من أبواب.

5 - مصباح المتهجّد: 710.

6 - مصدّقون: خ.

7 - وأتانا - خ -.

٤٠٧

أَنْفُسَنا بِأَنَّا قَدْ طَهُرْنا بِوِلايَتِكِ . وَيستحب أيضاً ان تقول:

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ نَبِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ حَبِيبِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَلِيلِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ صَفِيِّ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَمِينِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ خَلْقِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَفْضَلِ أَنْبِياءِ الله وَرُسُلِهِ وَمَلائِكَتِهِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ البَرِيَّةِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ وَلِيِّ الله وَخَيْرِ الخَلْقِ بَعْدَ رَسُولِ الله السَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها الرَّضِيَّةُ المَرْضِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الفاضِلَةُ الزَّكِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها الحَوْراءُ الاِنْسِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المُحَدَّثَةُ العَلِيمَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المَظْلُومَةُ المَغْصُوبَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيَّتُها المُضْطَهَدَةُ المَقْهُورَةُ السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ. صَلَّى الله عَلَيْكِ وَعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ أَشْهَدُ أَنَّكِ مَضَيْتِ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكِ وَأَنَّ مَنْ سَرَّكِ فَقَدْ سَرَّ رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمَنْ جَفاكِ فَقَدْ جَفا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ آذاكِ فَقَدْ آذى رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمَنْ وَصَلَكِ فَقَدْ وَصَلَ رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (1) وَمَنْ قَطَعَكِ فَقَدْ قَطَعَ رَسُولَ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لاَنَّكِ بِضْعَةٌ مِنْهُ وَرُوحُهُ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ (2) ، أُشْهِدُ الله وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ أَنِّي راضٍ عَمَّنْ رَضِيتِ عَنْهُ ساخِطٌ عَلى مَنْ سَخَطْتِ عَلَيْهِ مُتَبَرِّيٌ مِمَّنْ تَبَرَّئْتِ مِنْهُ مُوالٍ لِمَنْ وَالَيْتِ مُعادٍ لِمَنْ عادَيْتِ مُبْغِضٌ لِمَنْ أَبْغَضْتِ مُحِبُّ لِمَنْ أَحْبَبْتِ وَكَفى بِالله شَهِيداً وَحَسِيباً وَجازِياً وَمُثِيباً . ثم تصلي على النبيّ والأئمة الأطهار عليهم‌السلام (3) .

_________________

1 - قوله: «ومن أذاک» الى هنا في نسخة من المصدر.

2 - بين جنبيه كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نسخة.

3 - مصباح المتهجّد: 711.

٤٠٨

أقول: قد ذكرنا في اليوم الثالث من شهر جمادى الآخِرة زيارة أخرى لها صَلَواتُ الله عَلَيها ص 385.

وقد أورد العلماء لها صَلَواتُ الله عَلَيها زيارة مبسوطة تتفق في ألفاظها مع هذه الزيارة التي نقلناها عن الشيخ من أوّلها وهي:

السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ - إلى - أُشْهِدُ الله وَرُسُلَهُ وَمَلائِكَتَهُ ، وتختلف عنها هنا فتكون: أُشْهِدُ الله وَمَلائِكَتَهُ أَنِّي وَلِيُّ لِمَنْ وَالاكِ وَعَدُوُّ لِمَنْ عاداكِ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكِ، أَنا يا مَوْلاتِي بِكِ وَبِأَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَالأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكِ مُوقِنٌ وَبِوِلايَتِهِمْ مُؤْمِنٌ وَلِطاعَتِهِمْ مُلْتَزِمٌ. أَشْهَدُ أَنَّ الدِّينَ دِينُهُمْ وَالحُكْمَ حُكْمُهُمْ وَهُمْ قَدْ بَلَّغُوا عَنِ الله عَزَّوَجَلَّ وَدَعَوا إِلى سَبِيلِ الله بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، لاتَأْخُذُهُمْ فِي الله لَوْمَةَ لائِمٍ، وَصَلَواتُ الله عَلَيْكِ وَعَلى أَبِيكِ وَبَعْلِكِ وَذُرِّيَّتِكِ الأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلى البَتُولِ الطَّاهِرَةِ الصِّدِّيقَةِ المَعْصُومَةِ التَّقِيَّةِ النَّقِيَّةِ الرَّضِيَّةِ الزَّكِيَّةِ الرَّشِيدَةِ المَظْلُومَةِ المَقْهُورَةِ المَغْصُوبَةِ حَقُّها المَمْنُوعَةِ إِرْثُها المَكْسُورَةِ ضِلْعُها (1) المَظْلُومِ بَعْلُها المَقْتُولِ وَلَدُها، فاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِكَ وَبَضْعَةِ لَحْمِهِ وَصَمِيمِ قَلْبِهِ وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ والنُّخْبَةِ (2) مِنْكَ لَهُ وَالتُّحْفَةِ، خَصَصْتَ بِها وَصِيَّهُ وَحَبِيبَهِ (3) المُصْطَفَى وَقَرِينَةِ المُرْتَضى، وَسَيِّدَةِ النِّساءِ ومُبشِّرةِ الأوْلِياءِ حَلِيفَةِ الوَرَعِ وَالزُّهْدِ وَتُفّاحَةِ الفِرْدَوْسِ وَالخُلْدِ الَّتِي شَرَّفْتَ مَوْلِدَها بِنِساءِ الجَنَّةِ وَسَلَلْتَ مِنْها أَنْوارَ الأَئِمَّةِ وَأَرْخَيْتَ دُونَها حِجابَ النُّبُوَّةِ، اللّهُمَّ صَلِّ صَلاةً تَزِيدُ فِي مَحَلِّها عِنْدَكَ وَشَرَفِها لَدَيْكَ وَمَنْزِلَتِها مِنْ رِضاكَ وَبَلِّغْها مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي حُبِّها

_________________

1 - المغضوب حقّها... الممنوع ارثها... المكسور ضلعها - خ -.

2 - والتحيّة - خ -.

3 - وحبيبه: خ.

٤٠٩

فَضْلاً وإِحْساناً وَرَحْمَةً وَغُفْرانا إِنَّكَ ذُو الَعْفِو الكَرِيمِ (1) .

أقول: قال الشيخ في التهذيب إنَّ ما روى في فضل زيارتها صلوات الله عليها أكثر من أن يحصى (2) . وروى العلامة المجلسي عن كتاب (مصباح الأنوار) عن الزهراء (صَلَواتُ الله عَلَيها) قالت: قال لي أبي من صلى عليك غفر الله عزَّ وجلَّ له وألحقه بي حيثما كنت من الجنة (3) .

زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من البعد

قال العلامة المجلسي (رض) في (زاد المعاد) في أعمال عيد الميلاد، وهو اليوم السابع عشر من ربيع الأول: قال الشيج المفيد والشهيد والسيّد ابن طاووس رحمهم‌الله : إذا أردت زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في ما عداً المدينة الطيبة من البلاد فاغتسل ومثل بين يديك شبه القبر واكتب عليه اسمه الشريف ثم قف وتوجه بقلبك إليه وقل:

أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ الله وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّهُ سَيِّدُ الآوَّلِينَ وَالآخِرينَ وَأَنَّهُ سَيِّدُ الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الأَئِمَّةِ الطَيِّبِينَ . ثم قل:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَلِيلَ الله السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا صَفِيَّ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَحْمَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَجِيبَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خاتَمَ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيِّدَ المُرْسَلِينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا قائِما بِالقِسْطِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا فاتِحَ الخَيْرِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَعْدِنَ الوَحْي وَالتَّنْزِيلِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَلِّغا عَنْ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُبَشِّرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَذِيرُ (4) ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُنْذِرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ الله الَّذِي يُسْتَضاءُ بِهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ

_________________

1 - الاقبال 3 / 164 باب 7 فصل 6 مع اضافة قليلة في وسط الزيارة.

2 - تهذيب الاحكام 6 / 9 باب 3 في آخر ح 10.

3 - البحار 100 / 194 ح 10 عن مصباح الانوار.

4 - السلام عليك يا نذير: نسخة.

٤١٠

بَيْتِكَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ الهادِينَ المَهْدِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى جَدِّكَ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَعَلى أَبِيكَ عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلى اُمِّكَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهَبٍ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ حَمْزَةَ سَيِّدِ الشُّهداء، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، السَّلامُ عَلى عَمِّكَ وَكَفِيلِكَ أَبِي طالبٍ، السَّلامُ عَلى ابْنِ عَمِّكَ جَعْفَرٍ الطَيَّارِ فِي جِنانِ الخُلْدِ . السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أحْمَدُ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ الله عَلى الأوَّلِينَ وَالآخِرينَ وَالسَّابِقَ (1) إِلى طاعَةِ رَبِّ العالَمِينَ وَالمُهَيْمِنِ عَلى رُسُلِهِ وَالخاتِمَ لاَنْبِيائِهِ وَالشَّاهِدَ عَلى خَلْقِهِ وَالشَّفِيعَ إِلَيْهِ وَالمَكِينَ لَدَيْهِ وَالمُطاعَ فِي مَلَكُوتِهِ الاَحْمَدَ مِنَ الاَوْصافِ المُحَمَّدَ لِسائِرِ الاَشْرافِ الكَرِيمَ عِنْدَ الرَّبِّ وَالمُكَلَّمَ مِنْ وَراءِ الحُجُبِ الفائِزَ بِالسِّباقِ وَالفائِتَ عَنِ اللحاقِ؛ تَسْلِيمَ عارِفٍ بِحَقِّكَ مُعْتَرِفٍ بِالتَّقْصِيرِ فِي قِيامِهِ بِواجِبِكَ غَيْرِ مُنْكِرٍ ما انْتَهى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِكَ مُوقِنٍ بِالمَزِيداتِ مِنْ رَبِّكَ مُؤْمِنٍ بِالكِتابِ المُنَزَّلِ عَلَيْكَ مُحَلِّلٍ حَلالَكَ مُحَرِّمٍ حَرامَكَ. أَشْهَدُ يا رَسُولَ الله مَعَ كُلِّ شاهِدٍ وَأَتَحَمَّلُها عَنْ كُلِّ جاحِدٍ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لاِ مَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سَبِيلِ رَبِّكَ وَصَدَعْتَ بِأَمْرِهِ وَاحْتَمَلْتَ الاَذى فِي جَنْبِهِ وَدَعَوْتَ إِلى سَبِيلِهِ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَأَدَّيْتَ الحَقَّ الَّذِي كانَ عَلَيْكَ، وَأَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالمُؤْمِنِيينَ وَغَلُظْتَ عَلى الكافِرِينَ وَعَبَدْتَ الله مُخْلِصاً حَتّى أَتاكَ اليَّقِينُ، فَبَلَغَ الله بِكَ أَشْرَفَ مَحَلِّ المُكْرَمِينَ وَأَعْلى مَنازِلَ المُقَرَّبِينَ وَأَرْفَعَ دَرَجاتِ المُرْسَلِينَ حَيْثُ لايَلْحَقُكَ لاحِقٌ وَلايَفُوقُكَ فائِقٌ وَلايَسْبِقُكَ سابِقٌ وَلايَطْمَعُ فِي ادْراكِكَ طامِعٌ. الحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الهَلَكَةِ وَهَدانا بِكَ مِنَ الضَّلالَةِ وَنَوَّرّنا بِكَ مِنَ الظُّلْمَةِ، فَجَزاكَ الله يا رَسُولَ الله مِنْ مَبْعُوثٍ أَفْضَلَ ما جازى (2) نَبِيّا عَنْ اُمَّتِهِ وَرَسُولاً عَمَّنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، بِأَبِي

_________________

1 - السابق: خ.

2 - أفضل ما جزى - خ -.

٤١١

أَنْتَ وَاُمِّي يا رَسُولَ الله زُرْتُكَ عارِفاً بِحَقِّكَ مُقِراً بِفَضْلِكَ مُسْتَبْصِراً بِضَلالَةِ مَنْ خالَفَكَ وَخالَفَ أَهْلَ بَيْتِكَ عارِفاً بِالهُدى الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي ومالِي وَوَلَدِي أَنا أُصَلِّي عَلَيْكَ كَما صَلّى الله عَلَيْكَ وَصَلّى عَلَيْكَ مَلائِكَتُهُ وأَنْبِياؤُهُ وَرُسُلُهُ صَلاةً مُتَتابِعَةً وَافِرَةً مُتَواصِلَةً لا انْقِطاعَ لَها وَلا أَمَدَ وَلا أَجَلَ، صَلّى الله عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ كَما أَنْتُمْ أَهْلَهُ . ثم ابسط كفّيك وَقل:

اللّهُمَّ اجْعَلْ جَوامِعَ صَلَواتِكَ وَنَوامِي بَرَكاتِكَ وَفَواضِلَ خَيْراتِكَ وَشَرائِفَ تَحِيَّاتِكَ وَتَسْلِيماتِكَ وَكَراماتِكَ وَرَحَماتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِكَ المُرْسَلِينَ وأَئِمَّتِكَ المُنْتَجَبِينَ وَعِبادِك الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرَضِينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَشاهِدِكَ وَنَبِيِّكَ وَنَذِيرِكَ وَأَمِينِكَ وَمَكِينِكَ وَنَجِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخَلِيلِكَ وَصَفِيِّكَ وَصَفْوَتِكَ وَخاصَّتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَخَيْرِ خِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَخازِنِ المَغْفِرَةِ وَقائِدِ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ وَمُنْقِذِ العِبادِ مِنَ الهَلَكَةِ بِإِذْنِكَ وَداعِيهُمْ إِلى دِينِكَ القَيِّمِ بِأَمْرِكَ، أَوَّلِ النَبِيِّينَ مِيثاقاً وَآخِرِهِمْ مَبْعَثاً الَّذِي غَمَسْتَهُ فِي بَحْرِ الفَضِيلَةِ وَالمَنْزِلَةِ الجَلِيلَةِ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَالمَرْتَبَةِ الخَطِيرَةِ وَأَوْدَعْتَهُ الاَصْلابَ الطَّاهِرَةَ وَنَقَلْتَهُ مِنها إِلى الأَرحامِ المُطَهَّرَةِ لُطْفاً لَهُ وَتَحَنُّنا مِنْكَ عَلَيْهِ، إِذْ وَكَّلْتَ لِصَوْنِهِ وَحِراسَتِهِ وَحِفْظِهِ وَحِياطَتِهِ مِنْ قُدْرَتِكَ عَيْنا عاصِمَةً حَجَبْتَ بِها عَنْهُ مَدانِسَ العُهْرِ وَمَعائِبَ السِّفاحِ حَتّى رَفَعْتَ بِهِ نَواظِرَ العِبادِ وَأَحْيَيْتَ بِهِ مَيْتَ البِلادِ بِأَنْ كَشَفْتَ عَنْ نُورِ وِلادَتِهِ ظُلَمَ الأسْتارِ وَأَلْبَسْتَ حَرَمَكَ بِهِ حُلَلَ الأنْوارِ. اللّهُمَّ فَكَما خَصَصْتَهُ بِشَرَفِ هذِهِ المَرْتَبَةِ الكَرِيمَةِ وَذُخْرِ هذِهِ المَنْقَبَةِ العَظِيمَةِ صَلِّ عَلَيْهِ كَما وَفى بِعَهْدِكَ وَبَلَّغَ رِسالاتِكَ وَقاتَلَ أَهْلَ الجُحُودِ عَلى تَوْحِيدِكَ وَقَطَعَ رَحِمَ الكُفْرِ فِي إِعْزازِ دِينِكَ وَلَبِسَ ثَوْبَ البَلْوى فِي

٤١٢

مُجاهَدَةِ أَعْدائِكَ، وَأَوْجَبْتَ لَهُ بِكُلِّ أَذىً مَسَّهُ أَوْ كَيْدٍ أَحَسَّ بِهِ مِنْ الفِئَةِ الَّتِي حاوَلَتْ قَتْلَهُ فَضِيلَةً تَفُوقُ الفَضائِلَ وَيَمْلِكُ بِها الجَزِيلَ مِنْ نَوالِكَ، وَقَدْ (1) أَسَرَّ الحَسْرَةَ وَأَخْفى الزَّفْرَةَ وَتَجَرَّعَ الغُصَّةَ وَلَمْ يَتَخَطَّ ما مَثَّلَ لَهُ وَحْيُكَ (2) ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ صَلاةً تَرْضاها لَهُمْ وَبَلِّغْهُمْ مِنّا تَحِيَّةً كَثِيرَةً وَسَلاما وَآتِنا مِنْ لَدُنْكَ فِي موالاتِهِمْ (3) فَضْلاً وَإِحْسانا وَرَحْمَةً وَغُفْرانا إِنَّكَ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ. ثم صلّ أربع ركعات صلاة الزيارة بسلامين واقرأ فيها ما شئت من السور، فإذا فرغت فسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام وقل:

اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ لِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُوكَ فاسْتَغْفَرُوا الله وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدوا الله تَوَّاباً رَحِيماً ) (4) ، وَلَمْ أَحْضُرْ زَمانَ رَسُولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ؛ اللّهُمَّ وَقَدْ زُرْتُهُ راغِباً تائِباً مِنْ سَيِِّ عَمَلِي وَمُسْتَغْفِراً لَكَ مِنْ ذُنُوبِي وَمُقِرّا لَكَ بِها وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِها مِنِّي وَمُتَوَجِّها إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَاجْعَلْنِي اللّهُمَّ بِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عِنْدَكَ وَجِيها فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ وَمِنْ المُقَرَّبِينَ. يا مُحَمَّدُ يا رَسُولَ الله بِأَبِي أَنْتَ وَاُمِّي يا نَبِيَّ الله يا سَيِّدَ خَلْقِ الله إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلى الله رَبِّكَ وَرَبِّي لِيَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وَيَتَقَبَّلَ مِنِّي عَمَلِي وَيَقْضِي لِي حَوائِجي، فَكُنْ لِي شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي فَنِعْمَ المَسْؤُولُ المَوْلى رَبِّي وَنِعْمَ الشَّفِيعُ أَنْتَ يا مُحَمَّدُ عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِكَ السَّلامُ، اللّهُمَّ وَأَوْجِبْ (5) لِي مِنْكَ المَغْفِرَة وَالرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ الواسِعَ الطَيِّبَ النافِعَ كَما أَوْجَبْتَ لِمَنْ أَتى نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهُوَ حَيُّ فَأَقَرَّ لَهُ بِذُنُوبِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ رَسُولُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ فَغَفَرْتَ لَهُ بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللّهُمَّ وَقَدْ أَمَّلْتُكَ وَرَجَوْتُكَ وَقُمْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ

_________________

1 - فلقد - خ -.

2 - ما مثّل من وحيك - خ -.

3 - من موالاتهم - خ -.

4 - النساء: 4 / 64.

5 - أوجب: خ.

٤١٣

وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ عَمَّنْ سِواكَ وَقَدْ آمَّلْتُ جَزِيلَ ثَوابِكَ وَإِنِّي لَمُقِرُّ (1) غَيْرُ مُنْكِرٍ وَتائِبٌ إِلَيْكَ مِمَّا اقْتَرَفَتُ وَعائِذٌ بِكَ فِي هذا المَقامِ مِمَّا قَدَّمْتَ مِنَ الاَعْمالِ الَّتِي تَقَدَّمْتَ إلى فِيها وَنَهَيْتَنِي عَنْها وَأَوْعَدْتَ عَلَيْها العِقابَ، وَأَعُوذُ بِكَرَمِ وَجهِكَ أَنْ تُقِيمَنِي مَقامَ الخِزْيِ وَالذُّلِّ يَوْمَ تُهْتَكُ فِيهِ الأسْتارُ وَتَبْدُو فِيهِ الأسْرارُ وَالفَضائِحُ وَتَرْعَدُ فِيه الفَرائِصُ يَوْمَ الحَسْرَةِ وَالنَّدامَةِ يَوْمَ الافِكَةِ يَوْمَ الازِفَةِ يَوْمَ التَّغابُنِ يَوْمَ الفَصْلِ يَوْمَ الجَزاءِ يَوْما كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، يَوْمَ النَّفْخَةِ يَوْمَ تَرجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُها الرَّادِفَةُ يَوْمَ النَّشْرِ يَوْمَ العَرْضِ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ يَوْمَ يَفِرُّ المَرُْ مِنْ أَخِيهِ وَأَمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرضُ وَأَكْنافُ السَّماء يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى الله فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ لايُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاّ مَنْ رَحِمَ الله إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمِ يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يَوْمَ يُرَدُّونَ إِلى الله مَوْلاهُمْ الحَقِّ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الاَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ وَكَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلى الدَّاعي‌إِلى الله يَوْمَ الواقِعَةِ يَوْمَ تُرَجُّ الأَرضُ رَجّا يَوْمَ تَكُونُ السَّماء كَالمُهْلِ وَتَكُونُ الجِبالُ كَالعَهْنِ وَلايَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يَوْمَ الشَّاهِدِ وَالمَشْهُودِ يَوْمَ تَكُونُ المَلائِكَةُ صَفّاً صَفّاً. اللّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفِي فِي ذلِكَ اليَوْمِ بِمَوْقِفِي فِي هذا اليَوْمِ وَلاتُحْزِنِّي فِي ذلِكَ المَوْقِفِ (2) بِما جَنَيْتُ عَلى نَفْسِي، وَاجْعَلْ يا رَبِّ فِي ذلِكَ اليَوْمِ مَعَ أوْلِيائِكَ مُنْطَلَقِي وَفِي زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عليهم‌السلام مَحْشَرِي، وَاجْعَلْ حَوْضَهُ مَوْرِدِي وَفِي الغُرِّ الكِرامِ مَصْدَرِي وَأَعْطِنِي كِتابِي فِي يَمِينِي حَتّى أَفُوزَ بِحَسناتِي وَتُبَيِّضَ بِهِ وَجْهِي وَتُيَسِّرَ بِهِ حِسابِي وَتُرَجِّحَ بِهِ مِيزانِي وَأَمْضِي مَعَ الفائِزِينَ مِنْ عِبادِكَ الصَّالِحِينَ إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ إِلهَ العالَمِينَ، اللَّهُمَّ

_________________

1 - مقرّ - خ -.

2 - اليوم - خ -.

٤١٤

إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَفْضَحَنِي فِي ذلِكَ اليَوْمِ بَيْنَ يَدَي الخَلائِقِ بِجَرِيرَتِي أوْ أَنْ أَلْقى الخِزْيَ وَالنَّدامَةَ بِخَطِيئَتِي أوْ أَنْ تُظْهِرَ فِيهِ سَيِّئاتِي عَلى حَسناتِي أَوْ أَنْ تُنَوِّهَ بَيْنَ الخَلائِقِ بِاسْمِي، يا كَرِيمُ يا كَرِيمُ العَفْوَ العَفْوَ السَّتْرَ السَّتْرَ، اللّهُمَّ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي ذلِكَ اليَوْمِ فِي مواقِفِ الاَشْرارِ مَوْقِفِي أوْ فِي مَقامِ الاَشْقِياءِ مَقامِي، وَإِذا مَيَّزْتَ بَيْنَ خَلْقِكَ فَسُقْتَ كُلاّ بِأَعْمالِهِمْ زُمَراً إِلى مَنازِلِهِمْ فَسُقْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ وَفِي زُمْرَةِ أَوْلِيائِكَ المُتَّقِينَ إِلى جَنَّاتِكَ يا رَبَّ العالَمِينَ . ثم ودعه وقل:

السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها البَشِيرُ النَّذِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السِّراجُ المُنِيرُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها السَّفِيرُ بَيْنَ الله وَبَيْنَ خَلْقِهِ، أَشْهَدُ يا رَسُولَ الله أَنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الاَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَالأَرحامِ المُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجِّسْكَ الجاهِلِيَّةُ بِأَنْجاسِها وَلَمْ تُلْبِسْكَ مِنْ مُدْلَهِماتِ ثِيابِها، وَأَشْهَدُ يا رَسُولَ الله أَنِّي مُؤْمِنٌ بِكَ وَبِالأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ مُوقِنٌ بِجَمِيعِ ماأَتَيْتَ بِهِ راضٍ مُؤْمِنٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ أَعْلامُ الهُدى وَالعُرْوَةُ الوُثْقى وَالحُجَّةُ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا، اللّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِنْ زِيارَةِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ، وَإِنْ تَوَفَيْتَنِي فَإِنِّي أَشْهَدُ فِي مَماتِي عَلى ماأَشْهَدُ عَلَيْهِ فِي حَياتِي أَنَّكَ أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاشَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَأَنَّ الأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْلِياؤُكَ وَأَنْصارُكَ وَحُجَجُكَ عَلى خَلْقِكَ وَخُلَفاؤكَ فِي عِبادِكَ وَأَعْلامُكَ فِي بِلادِكَ وَخُزَّانُ عِلْمِكَ وَحَفَظَةُ سِرِّكَ وَتَراجِمَةُ وَحْيِكَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَلِّغْ رُوحَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي ساعَتِي هذِهِ وَفِي كُلِّ ساعَةٍ تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ لا جَعَلَهُ الله آخِرَ تَسْلِيمِي عَلَيْكَ (1) .

_________________

1 - زاد المعاد: 413 - 424، الاقبال 3 / 123 باب 4 فصل 12، المزار للشهيد الاوّل: 49، فصل 1.

٤١٥

قال الشيخ في (المصباح) والسيد في (جمال الأسبوع) في ضمن أعمال يوم الجمعة: إعلم أنّه يستحب في يوم الجمعة زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة عليهم‌السلام . وروي عن الصادق عليه‌السلام أن من أراد أن يزور قبر رسول الله وقبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وقبور الحجج عليهم‌السلام وهو في بلدة فليغتسل في يوم الجمعة وليلبس ثوبين نظيفين وليخرج إلى الفلاة من الأَرض. وعلى رواية أخرى: وليصعد سطحا ثم يصلّي أربع ركعات يقرأ فيهن ماتيسّر من السّور. فإذا تشهد وسلم فليقم مستقبل القبلة وليقل:

السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَبِيُّ المُرْسَلُ وَالوَصِيُّ المُرْتَضَى وَالسَّيِّدَةُ الكُبْرى وَالسَّيِّدَةُ الزَّهْراءُ وَالسِبْطانِ المُنْتَجَبانِ وَالأوْلادُ الأعْلامُ وَالاُمَناءُ المُنْتَجَبُونَ (1) جِئْتُ انْقِطاعاً إِلَيْكُمْ وَإِلى آبائِكُمْ وَولدِكُمْ الخَلَفِ عَلى بَرَكَةِ الحَقِّ، فَقلْبِي لَكُمْ مُسْلِمٌ وَنُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتّى يَحْكُمَ الله بِدِينِهِ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ، إِنِّي لَمِنَ القائِلِينَ بِفَضْلِكُمْ مُقِرُّ بِرَجْعَتِكُمْ لا أُنْكِرُ للهِ قُدْرَةً وَلا أَزْعَمُ إِلاّ ماشاءَ اللهِ، سُبْحانَ الله ذِي المُلْكِ وَالمَلَكُوتِ يُسَبِّحُ الله بِأَسْمائِهِ جَمِيعُ خَلْقِهِ وَالسَّلامُ عَلى أَرْواحِكُمْ وَأَجْسادِكُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةَ الله وَبَرَكاتُهُ (2) .

أقول: في روايات عديدة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يبلغه سلام المُسَلِّمِينَ عليه وصلوات المصلين عليه حيثما كانوا (3) . وفي الحديث أن ملكا من الملائكة قد وكّل على أن يرد على من قال من المؤمنين: صَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فيقول في جوابه: وعليك. ثم يقول الملك: يا رسول الله إن فلانا يقرأك السلام. فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وعليه السلام (4) . وفي رواية معتبرة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من زار قبري بعد وفاتي كان كمن هاجر إلى في حياتي فإن لم تستطيعوا أن تزوروا قبري فابعثوا إلى السلام فإنَّه يبلغني (5) . وقد وردت لهذا المعنى أخبار جمّة ونحن قد أثبتنا له صلوات الله عليه زيارتين

_________________

1 - المستخزنون - خ -.

2 - مصباح المتهجّد: 288، جمال الاسبوع: 231، فصل 26.

3 - تهذيب الاحكام 6 / 7 باب 3 ح 4.

4 - أمالي الطوسي: المجلس 37، ح 16 مع اضافات.

5 - تهذيب الاحكام 6 / 3 باب 2 ح 1.

٤١٦

اثنتين في يوم الاثنين عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة في أيام الأسبوع فراجعها إن شئت وفز بفضل الزيارة بهما (1) وينبغي أن يصلى عليه بما صلّى به أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه في يوم الجمعة كما في كتاب الروضة من الكافي :

إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَبِيِّ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتَحَنَّنْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللّهُمَّ اعْطِ مُحَمَّداً الوَّسِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالفَضِيلَةَ وَالمَنْزِلَةَ الكَرِيمَةَ، اللّهُمَّ اجْعَلْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ أَعْظَمَ الخَلائِقِ كُلِّهِمْ شَرَفاً يَوْمَ القِيامَةِ وَاقْرَبَهُمْ مِنْكَ مَقْعَداً وَأَوْجَهَهَمْ عِنْدَكَ يَوْمَ القِيامَةِ جاهاً وَأَفْضَلَهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلَةً وَنَصِيباً، اللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّداً أَشْرَفَ المَقامِ وَحِباءَ السَّلامُ وَشَفاعَةَ الإسلامِ، اللّهُمَّ وَأَلْحِقْنا بِهِ غَيْرَ خَزايا وَلا ناكِثِينَ وَلا نادِمِينَ وَلا مُبَدِّلِينَ إِلهَ الحَقِّ آمِّينَ (2) .

وستأتي في آخر باب الزيارات صلاة يصلى بها عليه وعلى آله عليهم‌السلام .

زيارة أئمة البقيع

أي الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق عليهم‌السلام . إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من أداب الزيارة من الغسل والكون على الطهارة ولبس الثياب الطاهرة النظيفة والتطيب والاستئذان للدخول ونحو ذلك وقل أيضاً:

يا مَوالِيَّ يا أَبْناءَ رَسُولِ اللهِ، عَبْدُكُمْ وَابْنُ أَمَتِكُمْ الذَّلِيلُ بَيْنَ أَيْدِيَكُمْ وَالمُضْعِفُ (3) فِي عُلُوِّ قَدْرِكُمْ وَالمُعْتَرِفُ بِحَقِّكُمْ جأَكُمْ مُسْتَجِيراً بِكُمْ قاصِداً إِلى حَرَمِكُمْ مُتَقَرِّباً إِلى مَقامِكُمْ مُتَوَسِّلاً إِلى الله تَعالى بِكُمْ، أَأَدْخُلُ يا مَوالِيَّ أَأَدْخُلُ يا أوْلِياَء الله أَأَدْخُلُ يا

_________________

1 - وسيأتي عند ذكر الاستئذان لدخول الرواق الطاهر لمرقد الامير عليه‌السلام ، زيارة وجيزة للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، منه.

2 - الروضة من الكافي: 175، ذيل خطبته عليه‌السلام برقم 194.

3 - والمضعف - خ -.

٤١٧

مَلائِكَةَ الله المُحْدِقِينَ بِهذا الحَرَمِ المُقِيمِينَ بِهذا المَشْهَدِ . وادخل بعد الخشوع والخضوع ورقة القلب وقدِّم رجلك اليُمنى وقل: الله أَكْبَرُ كَبِيراً وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً وَسُبْحانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَالحَمْدُ للهِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الماجِدِ الاَحَدِ المُتَفَضِّلِ المَنَّانِ المُتَطَوِّلِ الحَنَّانِ الَّذِي مَنَّ بِطَوْلِهِ وَسَهَّلَ زِيارَةَ ساداتِي بِإِحْسانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيارَتِهِمْ مَمْنُوعاً بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ (1) . ثم اقترب من قبورهم المقدَّسة واستقبلها واستدبر القبلة وقل: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ (2) التَّقْوى، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها الحُجَجُ عَلى أَهْلِ الدُّنْيا، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَيُّها القُوَّامُ فِي البَرِيَّةِ بِالقِسْطِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الصَّفْوَةِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ آلَ رَسُولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ النَّجْوى، أَشْهَدُ أَنَّكُمْ قَدْ بَلَّغْتُمْ وَنَصَحْتُمْ وَصَبَرْتُمْ فِي ذاتِ الله وَكُذِّبْتُمْ وَأُسِيَ إِلَيْكُمْ فَغَفَرْتُمْ، وَأَشْهَدُ أَنَّكُمْ الأَئِمَّةِ الرَّاشِدُونَ المُهْتَدُونَ وَأَنَّ طاعَتَكُمْ مَفْرُوضَةٌ وَأَنَّ قَوْلَكُمْ الصِّدْقُ وَأَنَّكُمْ دَعَوْتُمْ فَلَمْ تُجابُوا وَأَمَرْتُمْ فَلَمْ تُطاعُوا، وَأَنَّكُمْ دَعائِمُ الدِّينِ وَأَرْكانُ الأَرضِ لَمْ تَزالُوا بِعَيْنِ الله يَنْسَخُكُمْ مِنْ أَصْلابِ كُلِّ مُطَهّر وَيَنْقُلُكُمْ مِنْ أَرْحامِ المُطَهَّراتِ، لَمْ تُدَنِّسْكُمْ الجاهِلِيَّةُ الجَهْلاُ وَلَمْ تُشْرِكْ فِيكُمْ فِتَنُ الاَهْواءِ. طِبْتُمْ وَطابَ مَنْبَتُكُمْ مَنَّ بِكُمْ عَلَيْنا دَيّانُ الدِّينِ فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ. وَجَعَلَ صَلاتَنا عَلَيْكُمْ رَحْمَةً لَنا وَكُفَّارَةً لِذُنُوبِنا إِذْ اخْتارَكُمْ الله لَنا وَطَيَّبَ خَلْقَنا بِما مَنَّ عَلَيْنا مِنْ وِلايَتِكُمْ وَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَمِّينَ بِعِلْمِكُمْ مُعْتَرِفِينَ بِتَصْديقِنا إِيَّاكُمْ وَهذا مَقامُ مَنْ أَسْرَفَ وَأَخْطَأَ وَاسْتَكانَ (3) وَأَقَرَّ بِما جَنى وَرَجا بِمَقامِهِ الخَلاصَ وَأَنْ يَسْتَنْقِذَهُ بِكُمْ مُسْتَنْقِذُ الهَلْكى مِنَ الرَّدى، فَكُونُوا لِي شُفَعاء فَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكُمْ إِذْ رَغِبَ عَنْكُمْ أَهْلُ الدُّنْيا وَاتَّخَذُوا آياتِ الله هُزُوا وَاسْتَكْبَرُوا

_________________

1 - المزار الكبير للمشهدي: 88.

2 - في كامل الزيارات: «أهل البر والتقوی».

3 - استكان: أي تضرّع.

٤١٨

عَنْها، (ثم ارفع هنا رأسك إلى السماء وقل:) يا مَنْ هُوَ قائِمٌ لايَسْهُو وَدائِمٌ لايَلْهُو وَمُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ لَكَ المَنُّ بِما وَفَّقْتَنِي وَعَرَّفْنَيِ بِما أَقَمْتَنِي عَلَيْهِ إِذْ صَدَّ عَنْهُ عِبادُكَ وَجَهِلُوا مَعْرِفَتَهُ وَاسْتَخَفُوا بِحَقِّهِ وَمالُوا إِلى سِواهُ، فَكانَتْ المِنَّةُ مِنْكَ عَلَيَّ مَعَ أَقْوامٍ خَصَصْتَهُمْ بِما خَصَصْتَنِي بِهِ فَلَكَ الحَمْدُ إِذْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي مَقامِي هذا مَذْكُوراً مَكْتُوباً فَلا تَحْرِمْنِي ما رَجَوْتُ وَلاتُخَيِّبْنِي فِيما دَعَوْتُ بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَلّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . ثم ادع لنفسك بما تريد (1) .

وقال الطوسي (رض) في (التهذيب) ثم صل صلاة الزيارة ثماني ركعات أي صلِّ لكل إمام ركعتين. وقال الشيخ الطوسي والسيد ابن طاووس: إذا أردت أن تودعهم عليهم‌السلام فقل: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ، أَسْتَوْدِعُكُمْ الله وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلامَ، آمَنَّا بِالله وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ اللّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ .

ثم أكثر من الدعاء وسل الله العود وأن لا تكون هذه آخر عهدك من زيارتهم (2) .

والعلامة المجلسي (رض) قد أورد في (البحار) زيارة مبسوطة لهم عليهم‌السلام (3) ، ونحن هنا قد اقتصرنا على ما مضى من زيارتهم فإنَّ أفضل الزيارات لهم عليهم‌السلام هي الزيارة الجامعة الآتية على ما صرح به المجلسي (4) وغيره.

وفي الباب الأول من الكتاب عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة موزعة على أيام الأسبوع قد أثبتنا زيارة للحسن عليه‌السلام ، وزيارة أخرى للأئمة الثلاثة الآخِرين بالبقيع فلا تغفل عنها ص 109.

وإعلم أنا نورد لكل من الحجج الطّاهرين عند ذكر زيارته كيفية الصلاة عليه سوى أئمة البقيع حيث اقتصرنا في‌الصلاة عليهم بما سيذكر في آخر باب الزيارات فلاحظها هناك وثقل ميزان حسناتك بالصلاة عليهم.

وإعلم أيضاً أن شدة شوقي أنا المهجور الكسير إلى تلك المشاهد الشريفة تبعثني على أن أشغل خاطري بإيراد عدة أبيات تناسب المقام من القصيدة الهائية للفاضل الأوحد مادح آل أحمد حضرة الشيخ الآزري (رضوان الله عليه) وكان شيخ الفقهاء العظام خاتم المجتهدين الفخام الشيخ

_________________

1 - كامل الزيارات لابن قولويه: 118، باب 15.

2 - تهذيب الاحكام 6 / 80 باب 27 و 28، مصباح الزائر لابن طاووس: 376، فصل 11.

3 - البحار 100 / 207 عن نسخة قديمة من مؤلفات أصحابنا.

4 - زاد المعاد: 476.

٤١٩

محمد حسن صاحب الجواهر يتمنى على ما يروى عنه أن تكتب له القصيدة في ديوان أعماله ويسجل كتاب الجواهر في ديوان أعمال الآزري قال (رض):

إِنَّ تِلْكَ القُلُوب أَقْلَقَها الوَجْدُ

وَأَدْمى تَلْكَ العُيُونَ بُكاها

كانَ أَنْكى الخُطُوبِ لَمْ يُبْكِ مِنِّي

مُقْلَةً لكِنَّ الهَوى أَبْكاها

كُلَّ يَوْمٍ لِلْحادِثاتِ عَوادٍ

لَيْسَ يَقْوى رَضْوى عَلى مُلْتَقاها

كَيْفَ يُرْجى الخَلاصُ مِنْهُنَّ إِلاّ

بِذِمامٍ مِنْ سَيِّدِ الرُّسْلِ طه

مَعْقِلُ الخائِفِينَ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ

أَوْفَرُ العُرْبِ ذِمَّةً أَوْفاها

مَصْدَرُ العِلْمِ لَيْسَ إِلاّ لَدَيْهِ

خَبَرُ الكائِناتِ مِنْ مُبْتَداها

فاضَ لِلْخَلْقِ مِنْهُ عِلْمٌ وَحِلْمٌ

أَخَذَتْ مِنْهُما العُقُولُ نُهاها

نَوَّهَتْ بِاسْمِهِ السَّماواتُ وَالأرْضُ

كَما نَوَّهَتْ بِصُبْحٍ ذُكاها

وَغَدَتْ تَنْشُرُ الفَضائِلَ عَنْهُ

كُلُّ قَوْمٍ عَلى اخْتِلافِ لُغاها

طَرِبَتْ لاسْمِهِ الثَّرى فَاسْتَطالَتْ

فَوْقَ عُلْوِيَّةِ السَّماء سُفْلاها

جازَ مِنْ جَوْهَرِ التَّقْدُّسِ ذاتاً

تاهَتِ الأَنْبِياءِ فِي مَعْناها

لاتُجِلْ فِي صِفاتِ أَحْمَدَ فِكْراً

فَهِي الصُّورَةُ الَّتِي لَنْ تَراها

أَيُّ خَلْقٍ للهِ أَعْظَمُ مِنْهُ

وَهُوَ الغايَةُ الَّتِي اسْتَقْصاها

قَلَّبَ الخافِقِيْنِ ظَهْراً لِبَطْنٍ

فَرَأى ذاتَ أَحْمَدَ فَاجْتَباها

لَسْتُ أَنْسى لَهُ مَنازِلَ قُدْسٍ

قَدْ بَناها التُّقى فَأَعْلى بِناها

وَرِجالاً أَعِزَّةً فِي بُيُوتٍ

أَذِنَ الله أَنْ يُعَزَّ حِماها

سادَةٌ لاتُريدُ إِلاّ رِضىَ اللهِ

كَما لايُريدُ إِلاّ رِضاها

خَصَّها مِنْ كَمالِهِ بِالمعانِي

وَبِأَعْلى أَسْمائِهِ سَمَّاها

لَمْ يَكُونُوا لِلْعَرْشِ إِلاّ كُنُوزاً

خافِياتٍ سُبْحانَ مَنْ أَبْداها

كَمْ لَهُمْ أَلْسُنٌ عَنْ الله تُنْبِي

هِيَ أَقْلامُ حِكْمَةٍ قَدْ بَراها

وَهُمُ الاَعْيُنُ الصَّحِيحاتُ تَهْدِى

كُلَّ عَيْنٍ مَكْفُوفَةٍ عَيْناها

عُلَماءٌ أَئِمَّةٌ حُكَماءٌ

يَهْتَدِي النَّجْمُ بِاتِّباعِ هُداها

قادَةً عِلْمُهُمْ وَرأيُ حِجاهُمْ

مَسْمَعاً كُلِّ حِكْمَةٍ مَنْظَراها

ما أُبالِي وَلَوْ أُهِيلَتْ عَلى

الأرْضِ السَّماواتُ بَعْدَ نَيْلِ وِلاها (1)

_________________

1 - الازرية للشيخ الازري: 30 مع اضافات.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905