موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٢

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام26%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
المحقق: باقر شريف القرشي
المترجم: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: 287

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 287 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 147694 / تحميل: 5367
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٤٣٨٨-٦-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الأزهار وبادرت السيّدات من نساء المسلمين إلى عيادتها فقلن لها :

كيف أصبحت من علّتك يا بنت رسول الله؟ ..

فرمقتهنّ بطرفها ، وأجابتهنّ بصوت خافت مشفوع بالأسى والحسرات :

« أجدني كارهة لدنياكم ، مسرورة لفراقكنّ ، ألقى الله ورسوله بحسراتكنّ فما حفظ لي الحقّ ، ولا رعيت منّي الذّمّة ، ولا قبلت الوصيّة ، ولا عرفت الحرمة » (١) .

وحكت هذه الكلمات مدى آلامها وشجونها من تقصير القوم بحقّها ، فما حفظوا حقّها ولا رعوا وصيّة النبي فيها.

وبلغ من كراهتها لنساء القوم أنّهنّ طلبن حضورهنّ عند وفاتها فقلن لها :

يا بنت رسول الله ، صيّري لنا في حضور غسلك حظّا؟

فأبت وقالت بمرارة :

« أتردن أن تقلن فيّ كما قلتنّ في أمّي ، لا حاجة لي في حضوركنّ » (٢) .

الزهراء في ذمّة الخلود :

وطافت بزهراء الرسول موجات عاتية من الآلام على فقد أبيها وغصب حقّها ، فقد برح بها المرض وأضرّ الأسى بقلبها الرقيق المعذّب ، وقد فتكت بها الآلام ، ومشى إليها الموت سريعا وهي في فجر الصبا وروعة الشباب فقد حان موعد اللقاء بينها وبين أبيها الذي طلبت لقياه بفارغ الصبر.

وصيّتها :

ودعت زهراء الرسول الإمام ، فلمّا مثل عندها أوصته بأمور كان منها :

__________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٩٥.

(٢) حياة الإمام الحسن بن عليّ ٨ ١ : ١٨٢.

١٦١

١ ـ أن يواري جثمانها المقدّس في غلس الليل البهيم.

٢ ـ أن لا يحضر جنازتها أحد من الذين ظلموها وجحدوا حقّها فإنّهم أعداؤها وأعداء أبيها.

٣ ـ أن يعفي موضع قبرها ليكون رمزا لاستيائها على امتداد التاريخ.

٤ ـ أن يصنع لها نعشا يواري جثمانها المقدّس ؛ لأنّ الناس كانوا يضعون أمواتهم على سرير تبدو فيه الجثّة ، فكرهت ذلك ، وما أحبّت أن ينظر أحد إلى جثمانها.

وتعهّد الإمام لها بتنفيذ ذلك ، وانصرف عنها وهو غارق في البكاء ، قد استجاب لأحاسيس نفسه الولهى التي استوعبتها الهموم والآلام.

وفي اليوم الأخير من حياتها ظهرت عليها المسرّات ، فقد علمت أنّها ستلتحق بأبيها الذي كرهت الحياة من بعده ، وقد عمدت إلى ولديها السبطين فغسلتهما وصنعت لهما من الطعام ما يكفيهم يومهم ، وأمرتهما بالخروج لزيارة مرقد جدّهما ، وألقت عليهما نظرة الوداع الأخير ، وهي تذرف أحرّ الدموع وذاب قلبها من اللوعة والوجد عليهما.

وخرج الحسنان وقد هاما في تيارات مذهلة من الهواجس ، وأحسّا ببوادر مخيفة أغرقتهما بالأسى والشجون.

و التفتت وديعة النبي إلى أسماء بنت عميس ، وكانت هي التي تتولّى تمريضها وخدمتها فقالت لها :

« يا أمّاه ».

نعم ، يا حبيبة رسول الله.

« اسكبي لي غسلا ».

١٦٢

فانبرت أسماء ، وهيّأت لها الماء فاغتسلت فيه ثمّ قالت لها :

« ايتيني بثيابي الجدد ».

فناولتها ثيابها ، وهتفت بها ثانية :

« اجعلي فراشي في وسط البيت ».

وذعرت أسماء ومشت الرعدة بأوصالها ، فقد أحسّت أنّ وديعة النبيّ لا حقة بأبيها ، ووضعت أسماء الفراش لها فاضطجعت عليه ، واستقبلت القبلة ، و التفتت إلى أسماء فقالت لها بصوت خافت :

« يا أمّاه ، إنّي مقبوضة الآن ، وقد تطهّرت ، فلا يكشفني أحد » (١) .

وأخذت سيّدة النساء تتلو آيات من القرآن الكريم حتى فارقت الحياة ولسانها يلهج بذكر الله تعالى.

لقد سمت روحها العظيمة إلى الله تعالى شاكية إليه ما لاقته من الخطوب والكوارث ، لقد ارتفعت تلك الروح العظيمة إلى جنان الله ورضوانه تحفّها ملائكة الله ، ويستقبلها أنبياء الله. فما أظلّت سماء الدنيا في جميع مراحل الحياة مثل بضعة الرسول في قداستها وإيمانها ، لقد انقطع بموتها آخر من كان في دنيا الوجود من نسل رسول الله ٦ .

وقفل الحسنان إلى الدار بلهفة يسألان عن أمّهما فأخبرتهما أسماء بوفاتها ، وهي غارقة في العويل والبكاء ، فكان ذلك كالصاعقة عليهما فهرعا مسرعين إلى جثمانها فوقع عليها ا لحسن وهو يقول :

« يا أمّاه ، كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني ».

وألقى الحسين نفسه عليها وهو يقول بذوب روحه :

__________________

(١) حياة الإمام الحسن بن عليّ ٨ ١ : ١٨٢ ـ ١٨٥.

١٦٣

« يا أمّاه ، أنا ابنك الحسين كلّميني قبل أن ينصدع قلبي ».

وأخذت أسماء توسعهما تقبيلا وتعزّيهما ، وطلبت منهما أن يخبرا أباهما بوفاة أمّهما ، فانطلقا إلى مسجد رسول الله ٦ ، وهما غارقان في البكاء ، فاستقبلهما المسلمون بفزع قائلين لهما :

ما يبكيكما يا ابني رسول الله؟ لعلّكما نظرتما موقف جدّكما فبكيتما شوقا إليه؟ ..

فأجابا بلوعة :

« أو ليس قد ماتت أمّنا فاطمة؟ ».

واضطرب الإمام حينما سمع النبأ المؤلم وراح يقول :

« بمن العزاء يا بنت محمّد؟ كنت بك أتعزّى ففيم العزاء بعدك؟ ».

وخفّ مسرعا إلى الدار وهو يذرف أحرّ الدموع ، فلمّا انتهى إليها ألقى نظرة على جثمان حبيبة رسول الله ٦ ، وطافت به الآلام والهموم ، وأخذ ينشد :

« لكلّ اجتماع من خليلين فرقة

وكلّ الّذي دون الفراق قليل

وإنّ افتقادي فاطما بعد أحم

د دليل على أن لا يدوم خليل »

وارتفعت الصيحة في المدينة ، وهرع الناس من كلّ صوب نحو بيت الإمام ليفوزوا بتشييع جثمان وديعة نبيّهم الذين ما رعوا حقّها.

وعهد الإمام إلى سلمان المحمّدي أن يصرف الناس ويعرّفهم بتأجيل تشييع جنازتها ، فأخبرهم بذلك ، فانصرفوا ، وأقبلت عائشة نحو بيت الإمام لتلقي نظرة على الجثمان المقدّس فحجبتها أسماء وقالت لها :

لقد عهدت إليّ أن لا يدخل أحد عليها (١) ، ولمّا مضى من الليل شطره ،

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٦٥.

١٦٤

قام الإمام فغسّل الجسد الطاهر ومعه الحسنان وزينب وأسماء ، وقد أخذت اللوعة بمجامع قلوبهم ، وبعد أن أدرج جسدها في أكفانها دعا بأطفالها الذين لم ينتهلوا من حنان أمّهم ليلقوا عليها نظرة الوداع ، ومادت الأرض من كثرة صراخهم وبكائهم ، ثمّ عقد الرداء عليها. ولمّا حلّ الهزيع الأخير من الليل قام فصلّى عليها ومعه النخبة من أصحابه بحمل الجثمان المعظّم إلى مثواه الأخير ولم يخبر أحدا سواهم ، ثمّ أودع الجثمان في قبرها وأخفاه امتثالا لوصيّتها ، ووقف على حافّة القبر وهو يروي ثراه بدموع عينيه ، واندفع يؤبّنها بهذه الكلمات :

السّلام عليك يا رسول الله عنّي ، وعن ابنتك النّازلة في جوارك ، والسّريعة اللّحاق بك! قلّ يا رسول الله ، عن صفيّتك صبري ، ورقّ عنها تجلّدي ، إلاّ أنّ في التّأسّي لي بعظيم فرقتك ، وفادح مصيبتك ، موضع تعزّ ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك ، وفاضت بين نحري وصدري نفسك « فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ». فلقد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرّهينة! أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد ، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم. وستنبّئك ابنتك بتضافر أمّتك على هضمها ، فأحفها السّؤال ، واستخبرها الحال ؛ هذا ولم يطل العهد ، ولم يخل منك الذّكر ، والسّلام عليكما سلام مودّع ، لا قال ولا سئم ، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصّابرين (١) .

وحكت هذه الكلمات حزنه العميق وألمه الممضّ على فقده لوديعة رسول الله ، كما حكت ما تقدّم به من الشكوى لرسول الله ٦ على ما ألّم ببضعته من الكوارث التي تجرّعتها من القوم ، ويطلب منه أن يلحّ عليها في السؤال لتخبره بما جرى عليها تفصيلا من الظلم والضيم في تلك الفترة القصيرة التي عاشتها من بعده.

__________________

(١) نهج البلاغة ٢ : ١٨٢.

١٦٥

وعاد الإمام إلى داره وقد طافت به الأزمات يتبع بعضها بعضا ، فهو ينظر إلى أطفاله وهم غارقون في البكاء على أمّهم الرءوم التي اختطفتها يد المنون وهي في روعة الشباب ونضارة العمر ..

وينظر إلى إعراض القوم عنه ناسين جهاده في سبيل الإسلام وقربه من الرسول ، وقد أضافت إليه هموما قاسية وأحزانا مريرة.

وعلى أي حال فقد اعتزل الإمام القوم وأعرض عنهم ، وأعرضوا عنه ، وقد صمّموا على إبعاده عن الحياة السياسية وعدم مشاركته بأي شأن من شئون الدولة.

ومن الجدير بالذكر أنّ حكومة أبي بكر لم ترشّح أحدا لمناصب الدولة وله ميول مع الإمام ، فقد روى المؤرّخون أنّ أبا بكر عزل خالد بن سعيد بن العاص عن قيادة الجيش الذي بعثه لفتح الشام ، ولم يكن هناك موجب لعزله إلاّ ميله لعليّ يوم السقيفة ، وقد نبّهه لذلك عمر (١) ، كما أنّ أبا بكر لم يعهد لأي أحد من الهاشميّين بأي منصب من مناصب الدولة ، وقد تحدّث عمر مع ابن عبّاس عن سبب حرمانهم من أنّه يخشى إذا مات وأحد الهاشميّين وال على قطر من الأقطار الإسلامية أن يحدث في شأن الخلافة ما لا يحبّ (٢) .

وكان معظم ولاة أبي بكر من الأسرة الأموية ، وكان منهم ما يلي :

١ ـ يزيد بن أبي سفيان ، استعمله واليا على الشام (٣) ، وخرج مودّعا له إلى خارج يثرب ، وبعد وفاته أسندت ولاية الشام إلى أخيه معاوية.

٢ ـ عتاب بن اسيد بن أبي العاص ، استعمله واليا على مكّة (٤) .

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٣٥٢.

(٢) مروج الذهب ٥ : ١٣٥.

(٣) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٨٩.

(٤) الاصابة ٢ : ٤٤٤.

١٦٦

٣ ـ عثمان بن أبي العاص ، استعمله واليا على الطائف (١) .

٤ ـ أبو سفيان ، جعله عاملا على ما بين آخر حدّ الحجاز وآخر مكان من نجران (٢) .

وفي هذا الاجراء الذي اتّخذه قد برز نجم الأمويّين ، واحتلّوا مكانة مرموقة في الدولة الإسلامية ، وقد أبدى المراقبون لسياسة أبي بكر دهشتهم من هذه السياسة ، يقول العلائلي :

فلم يفز بنو تيم بفوز أبي بكر بل فاز الأمويّون وحدهم لذلك صبغوا الدولة بصبغتهم ، وأثروا في سياستها وهم بعيدون عن الحكم كما يحدّثنا المقريزي في رسالته « النزاع والتخاصم » (٣) .

وكان الأولى بأبي بكر أن يعهد بأمور المسلمين إلى السادة من الاسرة النبوية وإلى الأخيار المتحرّجين في دينهم من الأوس والخزرج ، وإبعاد الأمويّين عن كلّ منصب من مناصب الدولة ، وأن يعاملهم بالازدراء كما عاملهم الرسول ٦ ، وكما قابلهم المسلمون ، فقد كانوا ينظرون إليهم نظرة احتقار وامتهان لأنّهم خصوم الإسلام ، وإسلامهم لم يكن واقعيا وإنّما كان صوريا.

وفاة أبي بكر وعهده لعمر :

وقبل أن نطوي الحديث عن مؤتمر السقيفة وما رافقه من الأحداث الجسام نعرض إلى وفاة أبي بكر وعهده لعمر بن الخطّاب وليّا وخليفة من بعده.

ولم يطل سلطان أبي بكر ، فقد ألّمت به الأمراض بعد مضي سنتين من

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٨٩.

(٢) الإمام الحسين ٧ : ١٩١. فتوح البلدان ـ البلاذري : ١٠٣.

(٣) الإمام الحسين ٧ : ١٩١.

١٦٧

حكمه ، وقد صمّم وهو في الساعات الأخيرة من حياته على تقليد زميله عمر بن الخطّاب شئون الخلافة ؛ لأنّه هو الذي أقامه في منصبه.

ويقول المؤرّخون : أنّه لاقى معارضة كثيرة في ترشيحه لعمر خليفة من بعده ، فقد انبرى إليه طلحة بعنف قائلا :

ما ذا تقول لربّك وقد ولّيت علينا فظّا غليظا ، تفرق منه النفوس ، وتنفر منه القلوب (١) .

ووجم أبو بكر فلم يجبه إلاّ أنّ طلحة كرّر عليه إنكاره قائلا :

يا خليفة رسول الله ، إنّا كنّا لا نتحمّل شراسته وأنت حيّ تأخذ على يديه ، فكيف يكون حالنا معه وأنت ميّت وهو الخليفة؟ (٢) .

ولم يعن أبو بكر لإنكار طلحة ، ولم يقم له أي وزن ، كما أنّ أكثر المهاجرين اندفعوا إلى الانكار عليه قائلين :

نراك استخلفت علينا عمرا وقد عرفته وعلمت بوائقه فينا وأنت بين أظهرنا ، فكيف إذا ولّيت عنا ، وأنت لاق الله عزّ وجلّ فسألك فما أنت قائل؟ ..

فأجابهم أبو بكر :

لئن سألني الله لأقولنّ : استخلفت عليهم خيرهم في نفسي (٣) .

ويذهب الكثيرون إلى أنّ الأجدر بأبي بكر أن يستجيب لعواطف وآراء الأكثرية من المسلمين ، فلا يولّي عليهم أحدا إلاّ بعد رضاهم وإجراء عملية انتخابية أو يستشير أهل الحلّ والعقد إلاّ أنّه استجاب لعواطفه المترعة بالولاء والحبّ لابن

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٥٥.

(٢) المصدر السابق ٩ : ٣٤٣.

(٣) الإمامة والسياسة ١ : ١٩.

١٦٨

الخطّاب ، وقد طلب أبو بكر من بعض خواصه أن يخبره عن رأي المسلمين في ذلك فقال له :

ما يقول الناس في استخلافي عمر؟

كرهه قوم ورضيه آخرون ..

الذين كرهوه أكثر أم الذين رضوه؟ ..

بل الذين كرهوه (١) .

وإذا كانت الأكثرية الساحقة ناقمة على ولاية عمر من بعده ، فكيف فرضه عليهم ، ولم يمنح المسلمين الحرية في انتخاب من شاءوا لرئاسة الحكم.

ومهما يكن الأمر فإنّ عمر لازم أبا بكر في مرضه خوفا من التأثير عليه في العدول عن رأيه وكان يعزّز مقالته في انتخابه له قائلا :

أيّها الناس ، اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله ٦ (٢) .

وطلب أبو بكر من عثمان بن عفّان أن يكتب للناس عهده في تولية عمر من بعده ، وجعل أبو بكر يملي عليه وهو يكتب ، وهذا نصّه :

هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة ، آخر عهده في الدنيا نازحا عنها ، وأوّل عهده بالآخرة داخلا فيها إنّي استخلفت عليكم عمر بن الخطّاب ، فإن تروه عدل فيكم فذلك ظنّي به ، ورجائي فيه ، وإن بدّل وغير فالخير أردت ولا أعلم الغيب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (٣) .

ولم يقل أحد أنّ أبا بكر يهجر ، وما حالوا بينه وبين كتابته في النصّ على عمر ،

__________________

(١) الآداب الشرعية والمنح المرعية ١ : ٤٩.

(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٥٢.

(٣) الإمامة والسياسة ١ : ١٩.

١٦٩

كما حالوا بين النبيّ وبين ما رامه في الكتابة في حقّ الإمام ٧ وقالوا إنّه يهجر.

وعلى أيّ حال فقد وقع أبو بكر الكتاب فتناوله عمر ، وانطلق به يهرول إلى الجامع ليقرأه على الناس فاستقبله رجل ، وقد أنكر حالته فقال له :

ما في الكتاب يا أبا حفص؟ ..

فنفى عمر درايته بما فيه إلاّ أنّه أذعن لما يحتويه قائلا :

لا أدري ، ولكنّي أوّل من سمع وأطاع ..

فرمقه الرجل بطرفه ، وعرف واقع الحال ، فقال له :

ولكنّي والله! أدري بما فيه ، أمّرته عام أول ، وأمّرك العام (١) .

وانطلق عمر وهو يلوّح بالكتاب ويدعو الناس إلى استماع ما فيه ، فقرأه على الناس وبذلك تمّ له الأمر بسهولة من دون أن ينازعه أحد في ذلك.

موقف الإمام :

والتاع الإمام ٧ كأشدّ ما تكون اللوعة وأعرب عن أساه بعد حين من الزمن ، وذلك في خطبته الشقشقية ، قال ٧ :

فرأيت أنّ الصّبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى. وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ، حتّى مضى الأوّل لسبيله ، فأدلى بها إلى فلان ـ يعني عمر ـ بعده. ثمّ تمثّل بقول الأعشى :

شتّان ما يومي على كورها

ويوم حيّان أخي جابر

فيا عجبا!! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ـ لشدّ ما

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ : ٢٠.

١٧٠

تشطّرا ضرعيها! (١)

وحكت هذه الكلمات آلامه وأساه على ضياع حقّه وإزالته عن مركزه ومقامه ، فقد تناهبته الرجال فوضعوه في تيم مرّة وأخرى في عدي ، وتناسوا مكانته من رسول الله ٦ وجهاده المشرق في نصرة الإسلام.

وعلى أي حال فلم يلبث أبو بكر إلاّ زمانا قصيرا حتى وافاه الأجل المحتوم ، وانبرى صاحبه وخليله عمر إلى القيام بشئون جنازته فغسّله وأدرجه في أكفانه ، وصلّى عليه ، وواراه في بيت النبيّ ٦ وألصق لحده بلحده (٢) ، ويذهب المتكلّمون من الشيعة إلى أنّ البيت الذي دفن فيه إن كان من تركة النبيّ فهو لوارثته سيّدة نساء العالمين ، ومن بعده انتقل إلى زوجها وأولادها ، ولم يؤثر عن النبيّ ٦ أنّه وهبه لعائشة ، وعلى هذا فلا يحلّ دفنه فيه إلاّ بعد الإذن من ورثة النبيّ ، أمّا اذن عائشة فلا موضوعية له لأنّها لا ترث من الأرض وإنّما ترث من البناء ، حسبما ذكره الفقهاء في ميراث الزوجة.

وإن كان البيت النبوي خاضعا لعملية التأميم حسبما يرويه أبو بكر عن النبيّ أنّ الأنبياء لا يورّثون شيئا من متاع الدنيا وإنّما يورّثون الكتاب والحكمة ، وما تركوه فهو صدقة لعموم المسلمين ، وعلى هذا فلا بدّ من ارضاء الجماعة الإسلامية في دفنه في البيت ولم يتحقّق أي شيء من ذلك.

__________________

(١) نهج البلاغة ١ : ٣١ ـ ٣٢.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٢٨٢.

١٧١

١٧٢

خلافة عمر ومبدأ الشّورى

١٧٣

١٧٤

وتولّى عمر الخلافة بسهولة وسرور ولم يلق أي جهد أو عناء ، وقد قبض على الحكم بيد من حديد ، وساس الامّة بشدّة وعنف حتّى تحامى لقاءه أكابر الصحابة ، فقد كانت درّته ـ كما يقولون ـ أرهب من سيف الحجّاج ، حتى أنّ حبر الامّة عبد الله بن عباس لم يستطع أن يجهر برأيه في حلية المتعة إلاّ بعد وفاته ، وقد خافه وهابه ووصفه الإمام أمير المؤمنين ٧ في خطبته الشقشقية بالحوزة الخشناء التي يغلظ كلمها ويخشن مسّها.

وعلى أي حال فإنّا نعرض بصورة موجزة إلى بعض معالم سياسته الداخلية والخارجية حسب ما صرّحت به مصادر التاريخ وغيرها.

سياسته الداخلية :

واتّسمت سياسة عمر الداخلية بالعنف والشدّة ، وقد سيطر سيطرة تامّة على البلاد ، وقابل كلّ من كان يعتدّ بنفسه بالصرامة ، كان منهم من يلي :

سعد بن أبي وقّاص :

كان سعد بن أبي وقّاص شخصية مرموقة ، وبلاؤه في فتح فارس معروف ، وقد أقبل على عمر وكان يقسّم مالا بين المسلمين ، فزاحم الناس حتى خلص إلى عمر ، فلمّا رأى اعتداده بنفسه علاه بالدرة ، وقال : لم لم تهب سلطان الله في

١٧٥

الأرض ، فأردت أن اعلمك أنّ سلطان الله لا يهابك (١) ، وقد كسر شوكته وملأ أنفه ذلاّ وخنوعا.

جبلة بن الأيهم :

وجبلة من الشخصيات المرموقة في العالم العربيّ ، وقد أسلم هو وقومه ، وفرح المسلمون بإسلامه ، وحضر جبلة الموسم ، وبينما هو يطوف حول الكعبة إذ وطأ إزاره رجل من فزارة فحلّه ، فغضب جبلة وسارع إلى الفزاري فلطمه ، فبلغ عمر ذلك ، فاستدعى الفزاري ، وأمر جبلة أن يقيّده من نفسه أو يرضيه ، وضيّق عليه غاية التضييق ، فارتدّ جبلة ورفض الإسلام ، وولّى إلى هرقل فاحتفى به وأنزله منزلا كريما ، إلاّ أن جبلة أسف أشدّ الأسف على ما فاته من شرف الإسلام وقد نظم أساه وحزنه بهذه الأبيات :

تنصّرت الأشراف من أجل لطمة

وما كان فيها لو صبرت لها ضرر

فيا ليت أمّي لم تلدني وليتني

رجعت إلى القول الذي قاله عمر

وقد أراد عمر أن يقوده بأوّل بادرة تبدو منه ببرة (٢) محاولا بذلك إذلاله وإهانته (٣) .

ولم تكن شدّة عمر مقتصرة على رعيّته ، وإنّما كانت شاملة لأهله ، ويقول المؤرّخون إنّه إذا غضب على أحد من أهله لا يسكن غضبه حتى يعضّ على يده عضّا شديدا فيدميها (٤) .

__________________

(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٢٨٨.

(٢) البرة : حلقة من صفر توضع في أنف الجمل الشرود ، ويربط بها حبل.

(٣) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٢٨٩.

(٤) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٦ : ٣٤٢.

١٧٦

ووصف عثمان بن عفّان شدّة عمر حينما نقم عليه المسلمون بقوله : لقد وطئكم ابن الخطّاب برجله ، وضربكم بيده ، وقمعكم بلسانه ، فخفتموه ورضيتم به (١) .

ويقول المعنيّون في البحوث الإسلامية : إنّ هذه السياسة تجافي سيرة الرسول ٦ التي بنيت على الرفق واللين واجتناب جميع مظاهر العنف والشدّة ، وقد روى المؤرّخون صورا كثيرة من تواضعه كان منها أنّ رجلا جاءه فأخذته الرهبة منه وبدى عليه الرعب ، فنهره الرسول ٦ وقال له : « إنّما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد » (٢) ، وسار مع أصحابه سيرة الأخ مع أخيه ، وكره أن يتميّز على أحد منهم وقد شاركهم في العمل في بناء مسجده الأعظم ، وقد مدحه الله تعالى على سموّ أخلاقه قال تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٣) .

وعلى أي حال فإنّ الغلظة لا تتّفق بأي حال من الأحوال مع ما اثر عن الرسول ٦ من سموّ الأخلاق ومحاسن الآداب.

فرض الإقامة الجبرية على الصحابة :

ومن بنود السياسة العمرية فرض الإقامة الجبرية على الصحابة ، فلم يسمح عمر لهم بمغادرة يثرب إلاّ بعد أن يأذن لهم بذلك ، ويرى الباحثون في الشؤون الإسلامية أنّ هذا الإجراء يتنافى مع ما شرّعه الإسلام من منهج الحريات العامّة للناس جميعا ، فهم أحرار فيما يعملون ويقولون شريطة أن لا تكون مجافية للتعاليم الإسلامية ، وليس للسلطة أن تقف منهم موقفا سلبيا ، اللهمّ إلاّ إذا أحدثت الحرية أضرارا بالغير أو فسادا في الأرض.

__________________

(١) حياة الإمام الحسن بن عليّ ٨ ١ : ١٧٥.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٢٩٠.

(٣) القلم : ٤.

١٧٧

رأي طه حسين :

وبرّر الدكتور طه حسين ما اتّخذه عمر من فرض الحصار على الصحابة بقوله :

ولكنّه ـ أي عمر ـ خاف عليهم ـ أي على الصحابة ـ الفتنة ، فأمسكهم في المدينة لا يخرجون منها إلاّ بإذنه ، وحبسهم عن الأقطار المفتوحة ، لا يذهبون إليها إلاّ بأمر منه خاف أن يفتتن الناس بهم ، وخاف عليهم أن يغرهم افتتان الناس بهم ، وخاف على الدولة عواقب هذا الافتتان (١) .

وفيما أرى أنّ هذا التوجيه لا يحمل أي طابع من التحقيق فإنّ الصحابة الذين راموا السفر من يثرب إلى الأقطار والأقاليم التي فتحها الإسلام إن كانوا من الأخيار والمتحرّجين في دينهم فإنّهم بكلّ تأكيد يكونون مصدر هداية ومصدر خير وتهذيب إلى الشعوب المتطلّعة لهدي الإسلام ومعرفة أحكامه ، وهم ـ من دون شكّ ـ يشيعون الفضيلة ويعملون على تهذيب السلوك ونشر محاسن الأخلاق. وإنّ كانوا من الذين فتنتهم الدنيا ، وخدعتهم مظاهر الفتوحات الإسلامية فلعمر الحقّ في منعهم من السفر رسما لا شرعا حفظ لصالح الدولة ووقاية للناس من الفتنة بهم ، ولكن لم يؤثر عنه أنّه فرض الحصار على فريق من الصحابة دون فريق وإنّما فرضه على جميع الصحابة ، وبذلك فقد حال بينهم وبين حرياتهم.

ولاته وعمّاله :

والشيء البارز في سياسة عمر مع الولاة والعمّال أنّه لم يعهد بأي منصب من مناصب الدولة إلى أحد من الاسرة النبوية ، وإنّما أقرّ من ولاّهم أبو بكر في مناصبهم ، كما لم يعيّن أحدا من الصحابة البارزين أمثال طلحة والزبير ، وقيل له :

إنّك استعملت يزيد بن أبي سفيان وسعيد بن العاص وفلانا وفلانا من المؤلّفة

__________________

(١) الفتنة الكبرى ١ : ١٧.

١٧٨

قلوبهم من الطلقاء وأبناء الطلقاء وتركت أن تستعمل عليّا والعبّاس والزبير وطلحة؟

فقال : أمّا عليّ فأنبه من ذلك ، وأمّا هؤلاء النفر من قريش فإنّي أخاف أن ينتشروا في البلاد فيكثروا فيها بالفساد ...

وعلّق ابن أبي الحديد على هذا الكلام بقوله :

فمن يخاف من تأميرهم لئلا يطمعوا في الملك ، ويدّعيه كلّ واحد منهم لنفسه ، كيف لم يخف من جعلهم ستّة متساويين في الشورى مرشّحين للخلافة ، وهل شيء أقرب إلى الفساد من هذا (١) .

لقد رشّح طلحة والزبير وجعلهما من أعضاء الشورى ، وشهد بأنّ رسول الله ٦ توفّي وهو راض عنهما ، كيف يكونان ممّن ينشران الفساد في الأرض إذا أسند إليهما بعض مناصب الدولة.

مراقبة الولاة والعمال :

وكان عمر شديد المراقبة لعمّاله وولاته ، فلم يولّ عاملا إلاّ أحصى عليه حاله ، فإذا عزله أحصى عليه ما عنده من أموال ، فإن وجد عنده فرقا قاسمه ذلك الفرق ، فترك له شطرا وضمّ الشطر الآخر إلى بيت المال (٢) ، واستعمل أبا هريرة الدوسي واليا على البحرين ، وقد وافته الأنباء بأنّه استأثر بأموال المسلمين ، فدعاه ، فلمّا مثل عنده قال له : علمت أنّي استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين ، ثمّ بلغني أنّك ابتعت أفراسا بألف وستمائة دينار ...؟

فاعتذر أبو هريرة وقال له :

كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٩ : ٢٩ ـ ٣٠.

(٢) الفتنة الكبرى ١ : ٢٠.

١٧٩

فلم يحفل أبو حفص باعتذاره فزجره وصاح به :

قد حسبت لك رزقك ومؤونتك ، وهذا فضل فأدّه ...

وراوغ أبو هريرة قائلا :

ليس لك ذلك ..

وورم أنف عمر وصاح به :

بلى والله! وأوجع ظهرك ..

ثمّ علاه بالدّرة فضربه حتى أدماه ، ولم يجد أبو هريرة ملجأ أمام صرامة عمر وشدّته ، فأحضر الأموال التي انتهبها فردّها على عمر وقال له :

احتسبتها عند الله ..

فردّ عليه عمر قائلا :

ذلك لو أخذتها من حلال ، وأدّيتها طائعا ، أجئت بها من أقصى حجر البحرين يجبى الناس لك ، لا لله ولا للمسلمين ما رجعت بك أميمة (١) إلاّ لرعية الحمر (٢) ، ثمّ شاطره جميع أمواله التي اختلسها من بيت المال ، وكان الأجدر به أن يصادرها أجمع ، أمّا العمال الذين شاطرهم فهم :

١ ـ سمرة بن جندب.

٢ ـ عاصم بن قيس.

٣ ـ مجاشع بن مسعود.

٤ ـ جزء بن معاوية.

٥ ـ الحجّاج بن عتيك.

٦ ـ بشير بن المحتفز.

__________________

(١) أميمة : أمّ أبي هريرة.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٣ : ١٦٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

[٢٠٣] وبآخر ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[٢٠٤] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخذ بعضد عليعليه‌السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى الله من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت(١) ولي كل مسلم.

[٢٠٥] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي وليكم من بعدي.

[٢٠٦] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة الله عليه إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله عز وجل.

[٢٠٧] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان الله عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : والله يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا الله والى. الإقرار بأنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم الله فرضه من السماء؟

__________________

(١) وفي غاية المرام ص ٨٤ : أصبحت وأمسيت.

٢٢١

قال : فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل الله عز وجل فرضه من السماء(١) .

قال الأعرابي : فان كان الله عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول الله.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيلعليه‌السلام ، فقال : يا محمد إن الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيلعليه‌السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، الله تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل(٢) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر(٣) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

__________________

(١) وفي الفضائل لابن شاذان : ص ١٤٧ بل فرضه الله تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.

(٢) وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.

(٣) الفقير.

٢٢٢

طرفة عين.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) : ما خلق الله عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور(٢) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور(٣) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : يا أعرابي : إن الله عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيمعليه‌السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

__________________

(١) وفي بحار الأنوار ٢٧ / ١٢٩ : إنه ما أنزل الله كتابا ولا خلق الله ...

(٢) وفي الأصل : الطير.

(٣) وفي الفضائل ص ١٤٧ أضاف : وآدم سيد البشر.

٢٢٣

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ](١) .

[٢٠٨] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ الله خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعليعليه‌السلام والائمة من ذرّيته.

[٢٠٩] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص ١٤٧.

٢٢٤

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل الله عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قالعليه‌السلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار(١) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قالعليه‌السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي الله الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[٢١٠] أبو صالح ، عن عبد الله بن عباس ، إنه قال في قول الله عز وجل «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (٢) . قال : أتى عبد الله بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول الله ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا بالله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ انزل عليه : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ». فقرأها رسول الله صلّى الله

__________________

(١) الافتداء.

(٢) المائدة : ٥٥

٢٢٥

عليه وآله. فقالوا : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم ـ وأومى الى علي ـ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه(١) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الله أكبر(٢) .

[٢١١] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا علياعليه‌السلام فبشره بما أنزل الله فيه وما أوجب من ولايته.

[٢١٢] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا عليعليه‌السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة ـ وجمع المسبحتين من يديه جمعا ـ ولا أقول كهاتين ـ وجمع بين

__________________

(١) استلّه أي : استخرجه من إصبعه.

(٢) روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنينعليه‌السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة ـ وفضته خمسة مثاقيل ـ وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين ـ في الجهاد ـ وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة الغنائم وأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأخذ الخاتم.

قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود.

قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

٢٢٦

المسبحة والوسطى من يده اليمنى ـ وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا ـ وأشار الى المال ـ يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[٢١٣] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[٢١٤] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ، إنه قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمشي وعليعليه‌السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول الله هذا عبد لنبي الرياح(١) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعليعليه‌السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول الله ، ولكني أخبرك عنه إنه والله ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا والله أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فبها والله أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة(٢) يشيّعون جنازته.

__________________

(١) وفي البحار ٣٩ / ٢٨٩ : هذا رياح غلام آل النجار.

(٢) وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

٢٢٧

[٢١٥] وعن [ الحسين ](١) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي والله مفروضة.

[٢١٦] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن الله من ادعى الى غير أبيه ، ولعن الله من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[٢١٧] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : بينا عليعليه‌السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن الله تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الى قوله : «هُمُ

__________________

(١) وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة ـ ب ـ الحسين بن الحكم.

٢٢٨

الْغالِبُونَ » (١) .

[٢١٨] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد الله بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو آخذ بيد عليعليه‌السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه(٢) .

[٢١٩] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد الله ( جعفر بن محمد )عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (٣) .

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن عليعليه‌السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسينعليه‌السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن عليعليه‌السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له مثل

__________________

(١) الآيتين في سورة المائدة الآية ٥٥ و ٥٦( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .

(٢) ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى :

ثم دعاه بينهم إليه

وقال وهو رافع يديه

يا ربّ وال اليوم من والاه

وعاد يا ذا العرش من عاداه

(٣) الشعراء : ٢٠٤. ( الارجوزة المختارة ص ١٠٧ ).

٢٢٩

ذلك ، وانه قال لأبيه عليعليه‌السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول الله ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك الله عنا من نبي خيرا.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأنتم ، فجزاكم الله عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي الله عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم الله عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري(١) فقال : يا رسول الله أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول الله إلينا ، فقلنا لك : أعن الله ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض ـ وذكرت كل فريضة منها ـ فقلنا لك : أعن الله هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

__________________

(١) وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

٢٣٠

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فالله أمرك بهذا؟ قال : نعم والله عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ](١) .

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل الله عز وجل :( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (٢) .

[٢٢٠] وبآخر عيسى بن عبد الله بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر عليعليه‌السلام إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول الله أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعليعليه‌السلام .

__________________

(١) هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار ٣٧ / ١٧٦.

(٢) الشعراء : ٢٠٤.

٢٣١

[٢٢١] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت علياعليه‌السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اناشدكم الله من كانت لي عنده شهادة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له عليعليه‌السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال عليعليه‌السلام : اللهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو الله ما متّ حتى رأيتها نكتة(١) بين عينيه من برص أصابه.

[٢٢٢] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم(٢) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد عليعليه‌السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[٢٢٣] وبآخر ، محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أوصي من آمن

__________________

(١) النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.

(٢) وفي نسخة ـ ب ـ عن بريدة.

٢٣٢

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى الله ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله يوشك أن يأخذه عقاب.

[٢٢٤] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه إنه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا سيد الناس(١) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[٢٢٥] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قوله الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (٢) .

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٦] وقالعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (٣) .

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[٢٢٧] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله عز وجل : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (٤) .

قال : الدخول في الولاية.

«وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[٢٢٨] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله الله تعالى :

__________________

(١) وفي نسخة ـ أ ـ سيد البشر.

(٢) المؤمنون : ٧٤.

( ٣ ـ ٤ ) البقرة : ٢٠٨ و ٢٠١.

٢٣٣

  «وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (١) .

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٢٩] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً » (٢) .

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولدهعليهم‌السلام أجمعين.

[٢٣٠] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات الله عليهم أجمعين إنه قال ـ في قوله تعالى ـ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (٣) .

قال : ولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣١] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (٤) .

قال : ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذا رأوا ما أزلفه(٥) الله عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من الله جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايتهعليه‌السلام .

[٢٣٢] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال

__________________

(١) الصافات : ٢٤.

(٢) البقرة : ٩٠.

(٣) الأنفال : ٢٤.

(٤) الملك : ٢٧.

(٥) أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص ٢٧٣ ).

٢٣٤

في قول الله تعالى : «فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ »(١) .

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٣٣] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى :( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (٢) .

قال : هو وعد تواعد الله به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[٢٣٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : لما أنزل الله تعالى على رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله : «إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (٣) .

قال لعليعليه‌السلام : المجرمون ، ـ يا علي ـ المكذبون بولايتك.

[٢٣٥] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات الله عليهم إنه قال في قول الله عز وجل : «أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (٤) .

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[٢٣٦] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ تعالى ] : «أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (٥) .

قال : قد كذبوا والله فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[٢٣٧] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قوله الله تعالى : «أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (٦) .

__________________

(١) ص : ١٧.

(٢) المزمل : ١١.

(٣) المدثر : ٤٢.

(٤) البقرة : ٧٥.

(٥) البقرة : ٨٧.

(٦) البقرة : ١١٤.

٢٣٥

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[٢٣٨] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل «وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (١) .

قال : مسلمون بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٣٩] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (٢) قال : إن الله عز وجل أوحى الى نبيه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية عليعليه‌السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل الله تعالى قل : «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٤٠] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في عليعليه‌السلام ـ ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : أتدري أين هو من كتاب الله تعالى؟

__________________

(١) البقرة : ١٣٢

(٢) السبأ : ٤٦.

٢٣٦

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : «وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (١) .

[٢٤١] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (٢) .

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[٢٤٢] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ) ، إنه قال : في قول الله عز وجل : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (٣) .

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى الله تعالى.

[٢٤٣] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (٤) .

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياءعليهم‌السلام .

[٢٤٤] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام إنه قال في قول الله [ عز وجل ] : «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية عليعليه‌السلام .

«وَإِنْ تَكْفُرُوا ) ـ يعني بولايته ـ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً » (٥)

__________________

(١) السبأ : ٢٠.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) الأعلى : ١٠.

(٤) الأعلى : ٨.

(٥) النساء : ١٧٠.

٢٣٧

[٢٤٥] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (١) .

يعني الائمةعليهم‌السلام .

[٢٤٦] وعنهعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) .

قال : يعني الولاية.

[٢٤٧] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (٣) قال : يعني الولاية «لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم «وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[٢٤٨] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (٤) .

يقول : الى ولاية عليعليه‌السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية عليعليه‌السلام أجمع لأمركم.

[٢٤٩] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (٥) .

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) المائدة : ٦٨.

(٣) الأعراف : ٤٠.

(٤) الأنفال : ٢٤.

(٥) آل عمران : ١٠٣.

٢٣٨

[٢٥٠] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيلعليه‌السلام علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية : «فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً »(١) .

قال : بولاية عليعليه‌السلام .

[٢٥١] وبآخر ، عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (٢) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه الله تعالى عليه من ولايتنا.

«وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند الله سبحانه جناح بعوضة.

[٢٥٢] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (٣) .

قال : علم الله عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويختلفون ، فنهاهم الله عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمدعليهم‌السلام ولا يتفرقوا.

[٢٥٣] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله تعالى : «مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (٤) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

[٢٥٤] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله

__________________

(١) الإسراء : ٨٩.

(٢) عبس : ٥.

(٣) آل عمران : ١٠٣.

(٤) الأنعام : ١٦٠.

٢٣٩

تعالى : «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (١) .

قال : العروة الوثقى هي : ولاية عليعليه‌السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّدعليهم‌السلام .

[٢٥٥] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عليعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله عز وجل : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (٢) ، قال : الذين كفروا بولاية عليعليه‌السلام وأوصياء رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

[٢٥٦] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليه‌السلام ، إنه قال في قول الله تعالى : «هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (٣) ، قال : ولاية عليعليه‌السلام وولايتنا من بعده.

[٢٥٧] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنهعليه‌السلام ، إنه قال : في قول الله تعالى : «فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (٤) ، قال : في القول بالولاية.

[٢٥٨] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد الله ( جعفر بن محمدعليه‌السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أخذ بيد عليعليه‌السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

__________________

(١) البقرة : ٢٥٦.

(٢) البقرة : ٦.

(٣) الكهف : ٤٤.

(٤) التغابن : ١٦.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287