موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٢

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام13%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
المحقق: باقر شريف القرشي
المترجم: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: 287

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 287 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 147647 / تحميل: 5362
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٩٤٣٨٨-٦-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( أحكام الصلاة )

الصلوات الواجبة في زمان غيبة امام العصر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ خمسة انواع :

(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي.

(2) صلاة الآيات.

(3) صلاة الطواف الواجب.

(4) الصلاة الواجبة بالاجارة والنذر ، والعهد واليمين ونحو ذلك.

(5) الصلاة على الميت ، وتضاف إلى هذه : الصلاة الفائتة عن الوالد فان ـ الأحوط وجوباً ـ ان يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.

١٠١

( صلاة الجمعة )

وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتجب قبلها خطبتان يلقيهما الإمام ففي الأولى : منهما يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ـ والأحوط استحباباً ـ أن يضم إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.

( مسألة 176 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ إتيان الحمد والصلاة من الخطبة باللغة العربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ فيما إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.

( مسألة 177 ) : صلاة الجمعة واجبة تخييراً ، ومعنى ذلك ان المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شروطها الآتية ، وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل ، فإذا أتى بها بشروطها أجزأت عن الظهر.

( مسألة 178 ) : تعتبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة ، فلا تصح فرادى.

( مسألة 179 ) : يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر

١٠٢

أحدهم الامام ، فلا تصح الجمعة ما لم يكن المجتمعون خمسة نفر من المسلمين أحدهم الإمام.

( مسألة 180 ) : يشترط في صحة صلاة الجمعة استجماعها للأمور الآتية المعتبرة في صلاة الجماعة ، ومنها ان يكون الإمام جامعاً لشروط الإمامة من العدالة وغيرها ، فلا تصح الجمعة إذا لم يكن الامام جامعاً للشروط.

( مسألة 181 ) : تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها وبين جمعة اخرى اقل من فرسخ ( ½5 كم تقريباً ) ، فلو اقيمت جمعة اخرى فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت أحداهما سابقة على الاُخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.

( مسألة 182 ) : اقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة اخرى في تلك المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط ، وأما إذا لم تكن واجدة لها فلا تمنع عن ذلك.

( مسألة 183 ) : إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامامعليه‌السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها.

( مسألة 184 ) : لا يجب الحضور على المرأة ولا على المسافر ـ وإن كانت وظيفته الاتمام ـ ولا على المريض ، ولا على الأعمى ، ولا على الشيخ الكبير ، ولا على من كان بينه وبين الجمعة اكثر من فرسخين ( 11 كم تقريباً ) ولا على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر ، أو برد شديد ، أو نحوهما ، فهؤلاء جميعاً لا يجب عليهم الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها تعييناً الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة.

١٠٣

( النوافل اليومية )

يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة : ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها ، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة ، وثمان ركعات نافلة الليل ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها بعد منتصف الليل والأفضل اداؤها قريباً من الفجر الصادق ، وركعتا الشفع بعد صلاة الليل ، وركعة الوتر بعد الشفع ، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته ، ولا يبعد ان يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل ـ بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها ـ ويمتد إلى قبيل طلوع الشمس.

( مسألة 185 ) : النوافل ركعتان ركعتان ـ إلاّ صلاة الوتر فإنها ركعة واحدة ويجوز الاتيان بها متصلة بالشفع أيضاً ـ ويستحب فيها القنوت ولكن يؤتى به في صلاة الشفع رجاءً ، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة ، كما يجوز الاكتفاء ببعض انواعها دون بعض ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر بل على الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل ركعتين ، وإذا اريد التبعيض في غير هذه الموارد ـ فالأحوط لزوماً ـ الاتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.

والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي : « لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ

١٠٤

الكَريم ، لا إله إلاّ اللهُ العَليّ العَظيم ، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ السمواتِ السَبْع ، وَربّ الأرضينَ السبع ، وَما فيهن وما بَيْنَهُنّ ، وَرَبُّ العَرش العَظيم ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين » ، وان يدعو لأربعين مؤمناً ، وان يقول : « أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إليه » سبعين مرة ، وأن يقول : « هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّار » سبع مرات ، وأن يقول : « العفو » ثلاثمائة مرة.

( مسألة 186 ) : تسقط ـ في السفر ـ نوافل الظهر والعصر بل والعشاء أيضاً ، ولا تسقط بقية النوافل ، ويجوز أن يأتي بنافلة العشاء رجاءً.

( مسألة 187 ) : صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء ، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد( وَذَا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَليه ، فَنَادى في الظُّـلُماتِ اَنْ لا إلهَ إلاّ أنت سُبْحانَك إنّي كُنْتُ من الظّالِمين ،فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجّيْناهُ مِنَ الغَمّ وَكَذَلِكَ نُنْجي المُؤمِنين ) ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعْلَمُها إلاّ هو ،وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والبَحرِ ،وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها ،ولا حَبّةٍ في ظُلُماتِ الأرضِ ،ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتَابٍ مُبِين ) ثم يقنت فيقول : « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيبِ التي لا يَعْلَمُها إلاّ أَنْتَ أنْ تُصلي عَلى مُحمد وَآل مُحمد » ويطلب حاجته ويقول : « اللّهم أنت وَليّ نِعْمَتي والقادِرُ على طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي فَاسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي » ويجوز أن يأتي بهاتين الركعتين بقصد نافلة المغرب أيضاً فتجزى عنهما جميعاً.

١٠٥

( مقدمات الصلاة )

مقدمات الصلاة خمس :

1 ـ الوقت

( مسألة 188 ) : وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب ، وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص صلاة العصر من آخره بمقدار ادائها ، ولا تزاحم كل منهما الاُخرى وقت اختصاصها ، ولو صلى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته ، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ إتمامها وإعادتها.

( مسألة 189 ) : يعتبر الترتيب بين الصلاتين ، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر عمداً ، نعم إذا صلى العصر قبل ان يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت صلاته ، فإن التفت في اثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته وإن التفت بعد الفراغ صحت عصراً وأتى بالظهر بعدها.

( مسألة 190 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس ، نعم مع الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالأبنية ونحوها يجوز التأخير والاتيان بهما قبل زوال الحمرة المشرقية.

( مسألة 191 ) : وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى نصف الليل ( منتصف ما بين غروب الشمس والفجر ) وتختص صلاة

١٠٦

المغرب من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم في الظهرين ، وأما المضطر لنوم أو نسيان ، أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، ويعتبر الترتيب بينهما ، ولكنه لو صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت صلاته ، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص بالعشاء.

( مسألة 192 ) : لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط قرص الشمس واحتمال استتاره بحاجب كالجبال ، والأبنية والأشجار بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقديمها عليه حتى مع العلم بسقوط القرص ، والأولى عدم تأخيرها عن ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية.

( مسألة 193 ) : إذا دخل في صلاة العشاء ، ثم تذكر انه لم يصلّ المغرب عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل ان يدخل في ركوع الركعة الرابعة ، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءً ويأتي بعدها بصلاة المغرب ، وقد مرّ آنفاً حكم التذكر بعد الصلاة.

( مسألة 194 ) : إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء إختياراً حتى انتصف الليل ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة ، من دون نية الأداء أو القضاء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب ـ احتياطاً وجوبياً ـ.

( مسألة 195 ) : وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ، ويعرف الفجر باعتراض البياض في الاُفق المتزايد وضوحاً وجلاءً ويسمى بالفجر الصادق.

١٠٧

( مسألة 196 ) : وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.

( مسألة 197 ) : يعتبر في جواز الدخول في الصلاة ان يستيقن بدخول الوقت ، أو تقوم به البينة ، ويجتزأ بالاطمينان الحاصل من اذان الثقة العارف بالوقت ، أو من اخباره أو من سائر المناشىء العقلائية ، ولا يكتفى بالظن وان كان للمكلف مانع شخصي عن معرفة الوقت ، كالعمى والحبس ، بل وان كان المانع نوعياً ـ كالغيم ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ فلا بد في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان لدخول الوقت.

( مسألة 198 ) : إذا صلى معتقداً دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته ، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء لم تصح ولزمه اعادتها.

( مسألة 199 ) : لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً ، ولا بد من الاتيان بجميعها في الوقت ، ولكنه لو أخرها عصياناً أو نسياناً حتى ضاق الوقت وتمكن من الاتيان بها فيه ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة اداءً.

( مسألة 200 ) : يجوز التنفّل في وقت الفريضة ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بالفريضة أوّلاً في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.

2 ـ القبلة وأحكامها

( مسألة 201 ) : يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض

١٠٨

وتوابعها من الأجزاء المنسية ، وصلاة الاحتياط ، دون سجدتي السهو ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي أو الركوب ـ والأحوط وجوباً ـ اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بمحاذاة عينه مع التمكن من تمييزها ، والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.

( مسألة 202 ) : ما كان من الصلوات واجبة زمان حضور الامامعليه‌السلام كصلاة العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وان كانت مستحبة فعلاً ، وأما ما عرض عليه الوجوب بنذر وشبهه فلا يعتبر فيه الاستقبال حال المشي والركوب.

( مسألة 203 ) : يجب العلم باستقبال القبلة ، وتقوم البينة مقامه إذا كانت مستندة إلى المبادىء الحسية أو ما بحكمها ، كالاعتماد على الآلات المستحدثة لتعيين القبلة ، والظاهر حجيّة قول الثقة من أهل الخبرة في تعيين القبلة ، وان لم يفد الظن حتى مع التمكن من تحصيل العلم بها ، ومع عدم التمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه يجب ان يبذل المكلف جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع عدم التمكن منه أيضاً يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه ـ والأحوط استحباباً ـ ان يصلي إلى أربع جهات.

( مسألة 204 ) : إذا ثبت له بوجه شرعي ان القبلة في جهة فصلى إليها ، ثم إنكشف له الخلاف فان كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف اثناء الصلاة ، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الاعادة ، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى دبر القبلة ، فان كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها ،

١٠٩

ولا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت وان كان ـ أحوط استحباباً ـ.

3 ـ الطهارة في الصلاة

( مسألة 205 ) : تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر وطهارة اللباس ، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس كالقلنسوة ، والتكة ، والجورب ، بشرط أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة ، ولا نجس العين ، كالكلب على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس بحمل النجس والمتنجس في الصلاة كان يضع منديله المتنجس في جيبه.

( مسألة 206 ) : لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء ، ولا سيما إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً نوعاً ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار ، وأما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها إلاّ فيما سيأتي.

( مسألة 207 ) : لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان اقل من الدرهم ـ أي ما يساوي عقد الابهام ـ بلا فرق بين اللباس والبدن ، ولا بين اقسام الدم ، ويستثنى من ذلك دم الحيض ، ويلحق به ـ على الأحوط لزوماً ـ دم نجس العين والميتة والسباع ، بل مطلق غير مأكول اللحم ، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً ، وإذا شك في دم انه أقل من الدرهم أم لا بنى على العفو عنه ، إلاّ إذا كان مسبوقاً بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، وإذا علم انه اقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.

١١٠

( مسألة 208 ) : إذا صلى جاهلاً بنجاسة البدن أو اللباس ، ثم علم بها بعد الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكاً فيها قبل الصلاة ، أو شك وفحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص ـ فالأحوط لزوماً ـ فيما إذا وجد النجاسة بعد الصلاة ان يعيدها في الوقت ويقضيها في خارجه ، وإذا علم بالنجاسة في الأثناء فان احتمل حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير ، أو النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شيء عليه ، وان لم يتمكن منه فان كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان ضيقاً اتمها مع النجاسة ولا شيء عليه ، وإن علم ان النجاسة كانت قبل الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ استينافها مع سعة الوقت ، وأما مع ضيقه حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة بالتبديل أو التطهير أو النزع ، من غير لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة ، وإلاّ صلى معها وتصح صلاته.

( مسألة 209 ) : إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى ، فان كان نسيانه ناشئاً عن الاهمال وعدم التحفظ ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيد الصلاة ، سواءً تذكر في اثنائها أم بعد الفراغ منها ، وهكذا لو تذكر بعد مضي الوقت ، وأما إذا لم يكن منشأ نسيانه الاهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.

( مسألة 210 ) : تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.

4 ـ مكان المصلي

( مسألة 211 ) : يعتبر في مكان المصلي اباحته ، فلا تصح الصلاة في

١١١

المكان المغصوب على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان الركوع والسجود بالإيماء ، ويختص هذا الحكم بالعالم العامد ، فلو صلى من المغصوب غافلاً أو جاهلاً بغصبيته ، أو ناسياً لها ولم يكن هو الغاصب صحت صلاته.

( مسألة 212 ) : إذا أوصى الميت بصرف الثلث من تركته في مصرف ما وعيّن الثلث من دار أو بستان أو دكان ونحوها لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث ، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ، أو الصلاة في ذلك المكان.

( مسألة 213 ) : إذا كان الميت مشغول الذمة بدين أو زكاة أو نحوهما من الحقوق المالية ـ عدا الخمس ـ لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها ، سواء أكان مستوعباً لها أم لا ، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه باذن الورثة. وإذا كان مشغول الذمة بالخمس فان كان ممن يدفع الخمس جرى عليه ما تقدم ، وان كان ممن لا يدفعه ـ عصياناً أو اعتقاداً منه بعدم وجوبه ـ لم يجب على وارثه المؤمن ابراء ذمته وجاز له التصرف في التركة.

( مسألة 214 ) : لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلاّ برضاه وطيب نفسه ، وهو يستكشف بوجوه :

(1) الإذن الصريح من المالك.

(2) الإذن بالفحوى ، فلو أذن له بالتصرف في داره ـ مثلاً ـ بالجلوس والأكل والشرب والنوم فيها ، وقطع بكونه ملازماً للاذن بالصلاة جاز له أن يصلي فيها ، وان لم يأذن للصلاة صريحاً.

(3) شاهد الحال ، وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في ماله ولو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً لنوم أو غفلة بحيث يعلم او يطمأن بانّه

١١٢

لو التفت لأذن.

( مسألة 215 ) : لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً ، كما لا بأس بالوضوء من مائها وان لم يعلم رضا المالك به ، بل وان علم كراهته ـ سواء أكان كاملاً أم قاصراً ، صغيراً أم مجنوناً ـ وبحكمها أيضاً الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، نعم إذا علم كراهته أو كان قاصراً ـ فالأحوط لزوماً ـ الاجتناب عنها ، ولا بأس أيضاً بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم يحرز كراهة المالك ، وتلك البيوت بيوت الأب والأم ، والأخ والاخت ، والعم والعمة ، والخال والخالة والصديق ، والبيت الذي يكون مفتاحه بيد الانسان.

( مسألة 216 ) : الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الأرض مغصوباً ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 217 ) : الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر التصرفات ، إذا لم يأذن جميع الشركاء ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 218 ) : العبرة في الأرض المستأجرة باجازة المستأجر دون المؤجر.

( مسألة 219 ) : إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه ـ كحق السكنى ـ فلا بد في جواز التصرف فيها من اجازة المالك وذي الحق معاً.

( مسألة 220 ) : المحبوس في الأرض المغصوبة ـ إذا لم يتمكن من

١١٣

التخلص من دون ضرر أو حرج ـ تصح صلاته فيها ، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفاً زائداً على الكون فيها على الوجه المتعارف ، وإلاّ صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.

( مسألة 221 ) : يعتبر في مكان المصلي ان لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها ، ومع عدم السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها ، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما سيأتي.

( مسألة 222 ) : لا يجوز استدبار قبور المعصومين : في حال الصلاة وغيرها إذا عدّ هتكاً لحرمتهم واساءة للأدب معهم.

( مسألة 223 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقدم المرأة على الرجل ولا محاذاتهما في الصلاة في مكان واحد فيلزم ، تأخرها عنه ـ ولو بمقدار يكون مسجد جبهتها محاذياً لركبتيه في حال السجود ـ أو يكون بينهما حائل ، أو مسافة أكثر من عشرة اذرع بذراع اليد ( ½4 متراً تقريباً ).

( مسألة 224 ) : تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء ، وان كان الأفضل للمرأة ان تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.

5 ـ لباس المصلي

( مسألة 225 ) : يعتبر في الصلاة ستر العورة ، وهي في الرجل القبل ( القضيب والبيضتان ) والدبر ، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه ـ بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ واليدين إلى الزند ، والرجلين إلى أول جزء من الساق ، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في

١١٤

صلاة غير البالغة.

( مسألة 226 ) : يكفي في الساتر الصلاتي في حال الإختيار مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً ، كالورق والحشيش ، والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.

( مسألة 227 ) : إذا انكشف له اثناء الصلاة ان عورته لم تستر فعلاً وجبت المبادرة إلى سترها ـ مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة في حال الانكشاف على ـ الأحوط لزوماً ـ وتصح صلاته ، كما تصح أيضاً إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.

( مسألة 228 ) : إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميِّز ـ إما لعدم وجوده أو لظلمة ـ أو نحوها ـ اتى بها كذلك ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدوّ سوءته ترك القيام والركوع والسجود صلى جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه واتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ، ويجلس بدلاً عن القيام ، ـ والأحوط لزوماً ـ للعاري ستر السوأتين ببعض اعضائه كاليد في حال القيام ، والفخذين في حال الجلوس.

١١٥

( شروط لباس المصلي )

يشترط في لباس المصلي أمور :

( الأوّل ) : الطهارة وقد مرّ تفصيله في المسألة (205) وما بعدها.

( الثاني ) : اباحته على ـ الأحوط لزوماً ـ فيما كان ساتراً للعورة فعلاً واستحباباً في غيره.

( مسألة 229 ) : إذا صلى في ثوب جاهلاً بغصبيته ثم انكشف له ذلك صحت صلاته ، وكذلك إذا كان ناسياً وتذكر بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ إعادتها.

( مسألة 230 ) : إذا اشترى ثوباً بما فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة فلا يلحقه حكمه كما سيأتي في المسألة (551).

( الثالث ) : أن لا يكون من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، ويختص هذا الحكم بالميتة النجسة وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضاً ، وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه ـ كالشعر والصوف ـ فلا بأس بالصلاة فيه.

( مسألة 231 ) : يجوز حمل ما تحله الحياة من اجزاء الميتة النجسة في الصلاة وان كان ملبوساً ، كأن يضع الثوب المتخذ من جلد الميتة في جيبه.

١١٦

( مسألة 232 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه بالتذكية ويجوز اكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يوجد في سوق المسلمين إذا لم يعلم ان المأخوذ منه غير مسلم ، وأما ما يوجد مطروحاً في أرضهم فيحكم بطهارته ولا يحكم بحليته على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ مع الاطمينان بسبق احد الأمور الثلاثة.

( مسألة 233 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد الكافر أو المجهول إسلامه ، وما وجد في بلاد الكفر ، وما اخذ من يد المسلم مما علم انه قد أخذه من يد الكافر ولم يحرز تذكيته لا يجوز أكله ، ولكن يجوز بيعه ويحكم بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل ان يكون مأخوذاً من الحيوان المذكى.

( مسألة 234 ) : تجوز الصلاة في ما لم يحرز انه جلد حيوان ، وان اخذ من يد الكافر.

( مسألة 235 ) : إذا صلى في ثوب ثم علم بعد الصلاة أنه كان متخذاً من الميتة النجسة صحت صلاته ، إلاّ اذا كان شاكاً ولم يفحص قبل الدخول في الصلاة حسبما تقدم في المسألة (208) ، واما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ إعادتها ـ سواء أكان الثوب مما تتم فيه الصلاة أم لا ـ إذا كان نسيانه ناشئاً من اهماله وعدم تحفظه وإلاّ فلا شيء عليه.

( الرابع ) : ان لا يكون من اجزاء السباع ، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على ـ الأحوط وجوباً ـ ويختص المنع بما تتم الصلاة فيه وان كان الاجتناب عن غيره أيضاً ـ أحوط استحباباً ـ وتجوز الصلاة في جلد

١١٧

الخز والسنجاب ووبرهما وإن كانا من غير مأكول اللحم.

( مسألة 236 ) : لا بأس بالصلاة في شعر الانسان ، سواء أكان من نفس المصلي أو من غيره.

( مسألة 237 ) : لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل ، والحرير غير الخالص ودم البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.

( مسألة 238 ) : لا بأس بالصلاة في ما يحتمل انه من غير مأكول اللحم ، وكذلك ما لا يعلم انه من أجزاء الحيوان. وما لا يعلم كون الحيوان المتخذ منه ذا لحم عرفاً.

( مسألة 239 ) : إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلاً أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحت صلاته إلاّ إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير فانه تجب عليه الاعادة.

( الخامس ) : ان لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص ، أو المغشوش دون الممّوه والمطّلي الذي يعد الذهب فيه لوناً محضاً ، والمراد باللباس هنا كل ما يطلق على استعماله عنوان ( اللبس ) عرفاً وان لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة ، والساعة اليدوية ، نعم لا بأس بحمل الذهب في الصلاة ، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.

( مسألة 240 ) : يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً ، والأحوط لزوماً ترك التزيُّن به مطلقاً حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفاً كجعل ازرار اللباس من الذهب ، أو جعل مقدم الاسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.

١١٨

( مسألة 241 ) : إذا شك في فلزّ ولم يعلم انه من الذهب جاز لبسه في نفسه ولا يضر بالصلاة.

( مسألة 242 ) : لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً أو لا.

( مسألة 243 ) : إذا صلى في فلزّ لم يعلم انه من الذهب أو نسيه ثم التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.

( السادس ) : ان لا يكون لباس الرجل الذي تتم فيه الصلاة من الحرير الخالص ، وأما إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.

( مسألة 244 ) : لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير الخالص ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يزيد عرضه على أربعة اصابع مضمومة.

( مسألة 245 ) : لا بأس بحمل الحرير في الصلاة ، وان كان مما تتم الصلاة فيه.

( مسألة 246 ) : لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال الصلاة أيضاً ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض ونحوهما ، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه أيضاً.

( مسألة 247 ) : إذا صلى في الحرير جهلاً أو نسياناً ، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.

( مسألة 248 ) : إذا شك في لباس ولم يعلم انه من الحرير ، جاز لبسه والصلاة فيه.

١١٩

( مسألة 249 ) : تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ـ كما تقدم ـ ولا بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها ، وكذلك الأطفال الذكور فيجوز للولي ان يلبسهم الذهب والحرير وتصح صلاتهم فيهما.

( مسألة 250 ) : يحرم لبس لباس الشهرة ، وهو اللباس الذي يظهر المؤمن في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس ، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله اياها.

( مسألة 251 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان لا يتزيّ اي من الرجل والمرأة بزيّ الآخر في اللباس ، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر ـ وكذا العكس ـ فلا بأس به ، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقاً وإن كان ساتراً له حالها.

( مسألة 252 ) : إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير ، أو الذهب أو السباع صلى عارياً ، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من الحيوان ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً ، وإذا انحصر في النجس جاز الصلاة فيه.

( مسألة 253 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل حصوله عليه في آخر الوقت ، أما لو يئس عن حصوله عليه فله ان يصلي عارياً ولا تلزمه اعادتها لو صادف فحصل على الساتر في الوقت.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ليكون بمنجاة من شرور الأمويّين.

كلمة الإمام الحسن :

وبادر ريحانة رسول الله ٦ الإمام الحسن ٧ فصافح عمّه أبا ذرّ وألقى عليه هذه الكلمات :

« يا عمّاه ، لو لا أنّه ينبغي للمودّع أن يسكت ، وللمشيّع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف ، وقد أتى القوم إليك ما ترى ، فضع عنك الدّنيا بتذكّر فراغها ، وشدّة ما اشتدّ منها برجاء ما بعدها ، واصبر حتّى تلقى نبيّك وهو عنك راض ».

وألمّت هذه الكلمات بما يحمل الإمام الحسن من أسى بالغ على ما حلّ بعمّه أبي ذرّ من الخطوب التي كانت من أجل إحقاق الحقّ ورفع كلمة الإسلام.

كلمة الإمام الحسين :

و ألقى الإمام الحسين ٧ نظرة الوداع على أبي ذرّ وخاطبه بهذه الكلمات :

« يا عمّاه ، إنّ الله تبارك وتعالى قادر أن يغيّر ما قد ترى ، إنّ الله كلّ يوم هو في شأن ، وقد منعك القوم دنياهم ، ومنعتهم دينك ، فما أغناك عمّا منعوك ، وأحوجهم إلى ما منعتهم ، فاسأل الله الصّبر ، واستعذ به من الجشع والجزع ، فإنّ الصّبر من الدّين والكرم ، وإنّ الجشع لا يقدّم رزقا ، والجزع لا يؤخّر أجلا ».

وألقت هذه الكلمات الأضواء على ثورة أبي ذرّ التي كانت من أجل الصالح العامّ ، وحكت خوف الأمويّين منه ، فقد خافوه على مناصبهم ، وخافوه على الأموال التي اختلسوها من المسلمين.

كلمة عمّار :

وتقدّم الصحابي العظيم الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر وعيناه تفيض من الدموع ، فخاطب صاحبه وخليله أبا ذرّ بهذه الكلمات :

٢٦١

« لا آنس الله من أوحشك ، ولا آمن من أخافك ، أما والله! لو أردت دنياهم لآمنوك ، ولو رضيت أعمالهم لأحبّوك وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلاّ الرضا بالدنيا والجزع من الموت ، ومالوا إلى سلطان جماعتهم عليه ، والملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم ، ومنحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا والآخرة ألا ذلك هو الخسران المبين ».

كلمة أبي ذرّ :

وقابل أبو ذرّ الاسرة النبوية وعيناه تفيضان دموعا ، وخاطبهم بهذه الكلمات قائلا :

« رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة! إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله ٦ ، ما لي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم ، إنّي ثقلت على عثمان بالحجاز ، كما ثقلت على معاوية بالشام ، وكره أن اجاور أخاه وابن خاله بالمصرين ـ الكوفة والبصرة ـ فأفسد الناس عليهما ، فسيّرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلاّ الله ، والله! ما اريد إلاّ الله صاحبا وما أخشى مع الله وحشة ».

وتحرّكت راحلة أبي ذرّ تطوي البيداء حتى انتهت إلى الربذة ليموت فيها جوعا وفي يد عثمان ذهب المسلمين يصرفه على بني أميّة وآل أبي معيط ، ويحرمه على أبي ذرّ المصلح العظيم ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

غضب عثمان على الإمام :

ولمّا قفل الإمام ٧ راجعا من توديع أبي ذرّ استقبلته جماعة من الناس فأخبروه بغضب عثمان لأنّه خالف أوامره التي حرّم فيها توديع أبي ذرّ ، فأجابهم الإمام : « غضب الخيل على اللّجم » (١) ، وبادر عثمان فصاح بالإمام :

__________________

(١) يضرب مثلا لمن يغضب غضبا لا ينتفع به.

٢٦٢

ما حملك على ردّ رسولي؟ ..

« أمّا مروان فإنّه استقبلني يردّني فرددته عن ردّي ، وأمّا أمرك فلم أردّه ».

أولم يبلغك أنّي قد نهيت الناس عن تشييع أبي ذرّ؟

« أو كلّ ما أمرتنا به من شيء يرى طاعة الله والحقّ في خلافه اتّبعنا فيه أمرك؟!! ».

أقد مروان ..

« وما أقيده؟ ».

ضربت بين اذني راحلته ..

« أمّا راحلتي فهي تلك ، فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل ، وأمّا أنا فو الله! لئن شتمني لأشتمنّك أنت بمثلها ، لا أكذب فيه ولا أقول إلاّ حقّا ».

ولم لا يشتمنّك إذ شتمته ، فو الله! ما أنت عندي بأفضل منه ..

وتألّم الإمام من عثمان الذي ساوى بينه وبين الوزغ ابن الوزغ مروان بن الحكم ، ونسي جهاد الإمام ومنزلته من النبيّ وأنّه منه بمنزلة هارون من موسى ، وردّ الإمام على عثمان بأعنف القول قائلا له :

« إليّ تقول هذا القول ، وبمروان تعدلني؟ فأنا والله! أفضل منك ، وأبي أفضل من أبيك ، وأمّي أفضل من امّك ، وهذه نبلي قد نثلتها » (١) .

وسكت عثمان ولم يطق جوابا ، وتركه الإمام يموج في تيارات من الغضب ، قد ورم أنفه وانتفخت أوداجه.

٣ ـ عبد الله بن مسعود :

وعبد الله بن مسعود القارئ من ألمع الصحابة ومن خيارهم ، وهو من الناقمين

__________________

(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٣٧٥ ـ ٣٧٧.

٢٦٣

على عثمان لمّا استقرض الوليد من بيت المال فطالبه ابن مسعود بردّ ما استقرضه ، فأبى الوليد وكتب إلى عثمان يخبره بذلك ، فغضب عثمان وكتب إلى ابن مسعود إنّما أنت خازن لنا ، وغاظ ذلك ابن مسعود وألقى المفاتيح وقفل راجعا إلى يثرب ، فلمّا انتهى إليها وجد عثمان على المنبر يخطب ، فلمّا رأى ابن مسعود قال يخاطب الحاضرين :

قدمت عليكم دويبة سوء من يمشي على طعامه يقيء ويسلح ..

وردّ عليه ابن مسعود قائلا :

لست كذلك ، ولكنّي صاحب رسول الله ٦ يوم بدر ويوم بيعة الرضوان ..

واندفعت عائشة منكرة على عثمان قائلة له :

أي عثمان ، أتقول هذا لصاحب رسول الله؟ ..

وأمر عثمان جلاوزته بإخراج ابن مسعود من الجامع إخراجا عنيفا ، وانبرى إليه أبو عبد الله بن زمعة فضرب به الأرض ، وقيل بل احتمله ( يحموم ) غلام عثمان فاحتمله ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فانكسر ضلعه ، و ثار الإمام ٧ فخاطب عثمان بعنف قائلا :

« يا عثمان ، أتفعل هذا بصاحب رسول الله بقول الوليد بن عقبة؟ ».

فقال عثمان :

ما بقول الوليد فعلت هذا ، ولكنّي وجّهت زبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة ، فقال له ابن مسعود : إن دم عثمان حلال ..

وأنكر عليه الإمام أن يأخذ بقول زبيد قائلا :

« أحلت عن زبيد على غير ثقة » (١) .

__________________

(١) أنساب الأشراف ٥ : ٣٦.

٢٦٤

وحمل الإمام ابن مسعود إلى منزله ، وقام برعايته حتى أبل من مرضه ، وقاطعه عثمان وهجره ، وفرض عليه الاقامة الجبرية في يثرب ، وقطع عنه عطاءه ..

ومرض ابن مسعود مرضه الّذي توفّي فيه فدخل عليه عثمان عائدا فقال له :

ما تشتكي؟

ذنوبي؟

ما تشتهي؟

رحمة ربّي.

أدعو لك طبيبا؟

الطبيب أمرضني.

آمر لك بعطائك؟

منعتني عنه وأنا محتاج إليه ، وتعطينيه وأنا مستغني عنه! يكون لولدك.

رزقهم على الله! استغفر لي يا أبا عبد الرحمن.

اسأل الله أن يأخذ لي منك بحقّي (١) .

وانصرف عثمان ولم يفز برضا ابن مسعود ولمّا ثقل حاله أوصى أن لا يصلّي عليه عثمان ، وأن يصلّي عليه صاحبه وخليله عمّار بن ياسر ولمّا توفّي قامت الصفوة من صحابة النبيّ ٦ بتجهيزه ودفنه ، ولم يعلموا عثمان بذلك ، فلمّا علم غضب ، وقال : سبقتموني؟ فردّ عليه عمّار :

إنّه أوصى أن لا تصلّي عليه ..

__________________

(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤.

٢٦٥

وقال ابن الزبير :

لأعرفنك بعد الموت تندبني

وفي حياتي ما زوّدتني زادي (١)

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض المعارضين لعثمان والناقمين عليه وكان من أهمّ ما نقموا عليه من أعماله ما يلي :

١ ـ استبداده بأموال الدولة وإنفاقها على اسرته وذويه في حين أنّ المجاعة والحرمان قد عمّتا البلاد.

٢ ـ منحه المناصب العالية في الدولة لبني أميّة وآل أبي معيط.

٣ ـ تنكيله بخيار الصحابة الذين طالبوه بالعدل والكفّ عن سياسته الملتوية ، ولم يستجب لهم وإنّما نكّل بهم أفظع التنكيل وأقساه ، كما ذكرنا ذلك.

الثورة على عثمان :

وكان من الطبيعي أن تندلع الثورة على عثمان بعد ما اقترفه من الأحداث الجسام ، ولم تكن عفوية ، وإنّما كانت نتيجة للنضج الاجتماعي وكانت إصلاحية إلى حدّ كبير ـ كما يقول العلاّمة العلائلي ـ :

لقد شاع التنافر في جميع الأوساط وأخذت الأندية والمجالس تتحدّث عن مظالم عثمان ، وسوء سياسته (٢) .

مذكرة المهاجرين لأهل مصر :

ورفع المهاجرون وخيار الصحابة مذكّرة لأهل مصر يستنجدون بهم للقيام بتغيير نظام الحكم القائم ، وهذا نصّ مذكّرتهم :

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٧ : ١٦٣. البداية والنهاية ٣ : ١٣.

(٢) الإمام الحسين ٧ : ٦٦.

٢٦٦

من المهاجرين الأوّلين وبقيّة الشورى إلى من بمصر من الصحابة والتابعين.

أمّا بعد ، أن تعالوا إلينا وتداركوا خلافة رسول الله ٦ قبل أن يسلبها أهلها ، فإنّ كتاب الله قد بدّل ، وسنّة رسوله قد غيّرت ، وأحكام الخليفتين قد بدّلت ، فننشد الله من قرأ كتابنا من بقيّة أصحاب رسول الله ٦ والتابعين بإحسان إلاّ أقبل إلينا ، وأخذ الحقّ لنا وأعطاناه ، فاقبلوا إلينا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، وأقيموا الحقّ على المنهاج الواضح الذي فارقتم عليه نبيّكم ، وفارقكم عليه الخلفاء ، غلبنا على حقّنا ، واستولى على فيئنا ، وحيل بيننا وبين أمرنا ، وكانت الخلافة بعد نبيّنا خلافة نبوة ورحمة ، وهي اليوم ملك عضوض ، من غلب على شيء أكله (١) .

وحفلت هذه المذكرة بالأخطاء التي ارتكبها عثمان وهي :

١ ـ تبديل كتاب الله وإلغاء أحكامه ونبذ نصوصه.

٢ ـ تغيير سنّة الرسول.

٣ ـ تبديل أحكام الخليفتين.

٤ ـ استئثار السلطة بالفيء.

٥ ـ صرف الخلافة الإسلامية عن مفاهيمها الخيرة إلى ملك عضوض (٢) .

وتحفّز المصلحون حينما انتهت إليهم هذه المذكّرة إلى إرسال وفد للاطّلاع على أوضاع الخليفة والتعرف عليها.

مذكرة أخرى لأهل الثغور :

وأرسل صحابة الرسول ٦ مذكّرة أخرى لأهل الثغور جاء فيها :

إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عزّ وجلّ تطلبون دين محمّد ٦ ،

__________________

(١) الإمامة والسياسة ١ : ٣٥.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٣٧٨ ـ ٣٨٠.

٢٦٧

فإنّ دين محمّد قد أفسده خليفتكم فأقيموه (١) .

كما أوفدت الجبهة المعارضة مذكّرة أخرى لأهل الأمصار ، وقد أشاعت النقمة والسخط على حكومة عثمان.

وفود الأمصار :

واستجابت الأمصار الإسلامية لنداء الصحابة ، فأرسلت وفودها إلى المدينة للاطّلاع على حال عثمان ، أمّا الوفود فهي :

١ ـ الوفد المصري :

وأرسلت مصر وفدا كبيرا قدّر بأربعمائة شخص ، وقيل بأكثر ، بقيادة المؤمن محمّد بن أبي بكر وعبد الرحمن بن عديس البلوي.

٢ ـ الوفد الكوفي :

وأرسلت الكوفة وفدا بقيادة الزعيم الكبير مالك الأشتر ، وزيد بن صوحان العبدي ، وزياد بن النضر الحارثي ، وعبد الله بن الأصمّ العامري ، وعمرو بن الأهثم.

٣ ـ الوفد البصري :

وأوفدت البصرة مائة رجل بقيادة حكيم بن جبلة ، ثمّ أوفدت خمسين رجلا وفيهم ذريح بن عباد العبدي وبشر بن شريح القيسي وغيرهم من الوجوه والأعيان (٢) .

واستقبلت الصحابة الوفود بمزيد من الحفاوة والتكريم وحرّضتها على استقالة عثمان والاطاحة بحكومته.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ١١٥. الكامل في التاريخ ٥ : ٧٠.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٣٨١ ـ ٣٨٢.

٢٦٨

مذكّرة المصريّين لعثمان :

ورفع الوفد المصري مذكّرة لعثمان يدعوه فيها إلى الاستقامة في سلوكه والتوازن في سياسته ، وهذا نصّها :

أمّا بعد ، فاعلم أنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم ، فالله الله ، ثمّ الله الله ، فإنّك على دنيا زائلة فاستقم معها ، ولا تنس نصيبك من الآخرة ، فلا تسوّغ لك الدنيا ، وأعلم أنّا لله ، ولله نغضب ، وفي الله نرضى ، وأنّا لا نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبة أو ضلالة مجلحة مبلجة (١) ، فهذه مقالتنا لك ، وقضيتنا إليك ، والله عذيرنا منك والسلام » (٢) .

وحوت هذه المذكّرة الدعوة إلى الاصلاح والاستقامة ، وقد قرأها عثمان بإمعان ، وحوله المصريّون قد أحاطوا به ، فبادر المغيرة بن شعبة فطلب منه أن يتكلّم مع المصريّين ، فأذن له ، ولمّا أراد أن يفتح معهم صاحوا جميعا :

يا أعور وراءك.

يا فاجر وراءك.

يا فاسق وراءك.

ورجع المغيرة خائبا لم تفلح وساطته ، ودعا عثمان عمرو بن العاص وطلب منه أن يكلّم القوم ، فبادر تجاههم وسلّم عليهم ، فلم يردّ أحد منهم ٧ لعلمهم بفسقه وصاحوا به :

ارجع يا عدوّ الله ..

ارجع يا ابن النابغة ، لست عندنا بأمين ولا مأمون ..

__________________

(١) مجلحة : هي الإقدام على الشيء. مبلجة : واضحة بيّنة.

(٢) تاريخ الطبري ٥ : ١١١. أنساب الأشراف ٥ : ٦٤ ـ ٦٥.

٢٦٩

ورجع ابن العاص خائبا في وفادته ، فقد قوبل بمزيد من الاستهانة.

استجارته بالإمام :

وسدّت على عثمان جميع الوسائل ، فلم ير هناك طريقا مفتوحا ليتخلّص به ممّا هو فيه من المحنة ، ورأى أنّه لا ملجأ له إلاّ الإمام أمير المؤمنين ٧ ، فاستغاث به ، فأجابه الإمام بعد أن شرط عليه أن يدعو القوم ويلتزم لهم بالسير على كتاب الله وسنّة نبيّه ، فأجابه إلى ذلك ، وانطلق الإمام صوب الثوّار وهو يحمل لهم الضمان والالتزام بجميع ما طلبوه ، فلمّا رأوا الإمام قالوا له :

وراءك؟

فأجابهم الإمام بالالتزام الكامل بجميع مطالبهم قائلا :

« تعطون كتاب الله ، وتعتبون من كلّ ما سخطتم عليه ».

أتضمن ذلك؟ ..

« نعم ».

رضينا.

وأقبل وجوه الوفد وأشرافهم مع الإمام فدخلوا على عثمان وعاتبوه على سياسته ، وطلبوا منه أن يغيّر سلوكه ويسير بين المسلمين بسياسة قوامها العدل الخالص والحقّ المحض ، فأجابهم إلى ذلك.

كتاب عثمان :

وكتب عثمان إلى الوفود التي أحاطت به هذا الكتاب والتزم بتنفيذ ما فيه ، وهذا نصّه : هذا كتاب من عبد الله عثمان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين ، إنّ لكم أن أعمل فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه ، يعطى المحروم ، ويؤمن الخائف ، ويردّ المنفي ، ولا يجمر في البعوث ، ويوفّر الفيء ، وعليّ بن أبي طالب

٢٧٠

ضمين للمؤمنين ، وعلى عثمان الوفاء بما في هذا الكتاب.

وشهد فيه كلّ من الزبير بن العوّام ، وطلحة بن عبيد الله ، وعبد الله بن عمر ، وزيد بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، وأبو أيّوب خالد بن زيد ، وكان توقيعه والشهادة عليه سنة ( ٣٥ ه‍ ) (١) .

واستلم الثوّار الكتاب ، وانصرفوا إلى جماعتهم ، وطلب الإمام من عثمان أن يخرج إلى الناس ويعلن لهم تنفيذ ما أرادوا ، ففعل عثمان ذلك ، وقد أعطاهم عهد الله وميثاقه أن يسير فيهم بكتاب الله وسنّة نبيّه ، ويوفّر لهم الفيء ولا يؤثر به أحدا من بني أميّة ، وقفل المصريون راجعين إلى بلادهم.

نقضه للعهد :

ومن المؤسف أنّ عثمان نقض ما قطعه على نفسه ولم يف للمسلمين بما عاهدهم عليه ، أمّا سبب ذلك فتعزوه مصادر التاريخ إلى مروان الذي كان وزيرا ومستشارا له ، فقد لامه على ما أعطاه للمصريّين من العهد وطلب منه نقض ذلك ، فامتنع من إجابته إلاّ أنّه أصر عليه ، فاستجاب له ، فخرج إلى الناس واعتلى المنبر وقال : أمّا بعد ، إنّ هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر ، فلمّا تيقّنوا أنّه باطل ما بلغهم رجعوا إلى بلادهم وقطع عليه ابن العاص كلامه وقال له :

اتّق الله يا عثمان! فإنّك قد ركبت نهابير (٢) وركبناها معك ، فتب إلى الله نتب معك.

فصاح به عثمان :

وإنّك هناك يا ابن النابغة! قملت والله! جبّتك منذ تركتك من العمل ..

__________________

(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٣٨٣ ـ ٣٨٤.

(٢) النهابير : المهالك.

٢٧١

وارتفعت أصوات الانكار من جميع جنبات المسجد وهي ذات لهجة واحدة :

اتّق الله يا عثمان! اتّق الله يا عثمان! (١) .

وانهار أمام هذا الحشد الهائل من الانكار ولم يدر ما يقول ، ولم يجد بدّا من إعلان التوبة مرّة ثانية ، فتاب وندم على ما فرّط في أمر نفسه.

استنجاده بمعاوية :

وأحاط الثوّار بعثمان لأنّه لم يقلع عن سياسته ، ولا يغيّر ولا يبدّل أي شيء منها ، وطالبوه بالاستقالة من منصبه فأبى ، ورأى أنّ خير وسيلة له أن يستنجد بابن عمّه معاوية ليبعث له قوّة عسكرية من أهل الشام تحميه من الثوّار ، فكتب إليه :

أمّا بعد ، فإنّ أهل المدينة قد كفروا ، وخلعوا الطاعة ونكثوا البيعة ، فابعث إليّ من قبلك مقاتلة أهل الشام على صعب وذلول (٢) .

وحمل الكتاب مسوّر بن مخرمة ، وأخذ يجدّ في السير حتى انتهى إلى معاوية ، فناوله الكتاب وقال له :

يا معاوية ، انّ عثمان مقتول ، فانظر فيما كتب به إليك.

وسخر منه معاوية وأجابه :

يا مسوّر ، إنّي مصرّح أنّ عثمان بدأ فعمل بما يحب الله ورسوله ويرضاه ، ثمّ غيّر فغيّر الله عليه ، أفيتهيّأ لي أن أردّ ما غيّر الله عزّ وجلّ (٣) ؟

__________________

(١) تاريخ الطبري ٥ : ١١٠. أنساب الأشراف ٥ : ٧٤.

(٢) الكامل في التاريخ ٥ : ٦٧. تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٠.

(٣) فتوح البلدان ٢ : ٢١٨.

٢٧٢

ولم يبد معاوية أي اهتمام بشأن عثمان ، وكان يترقّب قتله ليتّخذ من دمه ورقة رابحة يطلب بها المطالبة بدمه.

وقد تنكّر معاوية لعثمان ، ولم يستجب له في وقت محنته.

يقول الدكتور محمّد طاهر دروش :

وإذا كان هناك وزر في قتل عثمان فوزره على معاوية ودمه في عنقه ، ومسئوليّته عن ذلك لا تدفع ، فهو أولى الناس به ، وأعظم الرجال شأنا في دولته ، وقد دعاه فيمن دعا ، يستشيره في هذا الأمر ، وهو داهية الدهاة ، فما نهض إليه برأيه ، ولا دافع عنه بجنده ، وكأنّه قد استطال ـ كما استطال غيره ـ حياته ، فترك الأيام ترسم بيدها مصيره ، وتحدّد نهايته ، فإذا جاز لأحد أن يظنّ بعلي أو بطلحة والزبير تقصيرا في حقّ عثمان فمعاوية هو المقصّر ، وإذا جاز أن يلام أحد غير عثمان فيما جرى فمعاوية هو الملوم (١) .

وكتب عثمان رسائل أخرى إلى أهل الأمصار يستنجد بهم ويطلب منهم المعونة لرفع الحصار عنه ، إلاّ أنّه لم يستجب أي أحد منهم لعلمهم بالأحداث الجسام التي اقترفها ..

الحصار على عثمان :

وفرض الثوّار الحصار على عثمان ، وأحاطوا بداره وهم يهتفون بسقوطه ، ويطالبونه بالاستقالة من منصبه ، وفي أثناء تلك المحنة الحازية التي أحاطت بعثمان انبرى مروان إلى الثوّار فأشعل نار الثورة في نفوسهم ودفعهم إلى الاطاحة بحكم عثمان قائلا لهم :

ما شأنكم؟ كأنّكم قد جئتم لنهب ، شاهت الوجوه تريدون أن تنزعوا ملكنا

__________________

(١) الخطابة في صدر الإسلام ٢ : ٢٣.

٢٧٣

من أيدينا أخرجوا عنّا ..

وكانت هذه الكلمات الطائشة قد أشعلت فتيل الحرب على عثمان ، ونقلت إلى الإمام أمير المؤمنين ٧ ، فخفّ مسرعا إلى عثمان وقال له :

« أما رضيت من مروان ، ولا رضي منك إلاّ بتحرّفك عن دينك وعن عقلك ، مثل جمل الظّعينة يقاد حيث يشاء ربّه ، والله! ما مروان بذي رأي في دينه ولا في نفسه ، وأيم الله لأراه يوردك ولا يصدرك ، وما أنا عائذ بعد مقامي هذا لمعاتبتك ، أذهبت شرفك ، وغلبت على أمرك ».

وتركه الإمام وانصرف عنه ، والثوّار قد أحاطوا به ، والتفتت نائلة زوج عثمان إلى مروان وبني أميّة فقالت لهم :

أنتم والله! قاتلوه وميتّموا أطفاله ..

والتفتت إلى زوجها تحذّره من مروان قائلة له :

إنّك متى أطعت مروان قتلك ..

لقد كان مروان من أهمّ الأسباب التي أدّت إلى قتل عثمان ، فقد أطاعه عثمان إطاعة عمياء ، وهو يدفع به إلى مهالك من دون أن يحسّ عثمان بذلك.

يوم الدار :

واندلعت نيران الثورة فقد نفد صبر الثوّار ، فلم يستقل عثمان من منصبه ، وقد أحاطوا بداره ، وقد شهروا سيوفهم ، فخرج إليهم مروان مدافعا عنه ، فبرز إليه عروة بن شيم الليثي فضربه على قفاه بالسيف فخر لوجهه صريعا ، وقام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ، فأراد أن يقطع رأسه فعذلته فاطمة الثقيفة وقالت له :

إن كنت تريد قتله ، فقد قتلته ، فما تصنع بلحمه أن تبضعه ، فاستحى منها وتركه.

٢٧٤

وتسلّق الثوّار عليه الدار ، ولم يكن عنده أحد يدافع عنه ، فقد ورمت منه القلوب ، ومجّته النفوس ، ورماه الناس بالحجار ونادوه :

لسنا نرميك ، بل الله يرميك ..

واحتفّ به بعض الأمويّين يدافعون عنه وقد نشب بينهم وبين الثوّار قتال عنيف ، وقد فرّ وانهزم خالد بن عقبة بن أبي معيط من ساحة القتال ، وإليه يشير عبد الرحمن بن سيحان بقوله :

يلومونني في الدار إن غبت عنهم

وقد فرّ عنهم خالد وهو دارع

وقتل من أصحاب عثمان زياد بن نعيم الفهري ، والمغيرة بن الأخنس ، ونيار بن عبد الله الأسلمي وجماعة.

مصرع عثمان :

وانهزم بنو أميّة وآل أبي معيط وتركوا عثمان وحده ، فأجهز عليه جماعة من المسلمين في مقدّمتهم محمّد بن أبي بكر ، فقد قبض على لحيته وقال له :

أخزاك الله يا نعثل (١) .

فردّ عليه عثمان :

لست بنعثل ، ولكنّي عبد الله وأمير المؤمنين.

فقال له محمّد بعنف :

ما أغنى عنك معاوية وفلان وفلان ، وأخذ يعدّد بني أميّة ..

__________________

(١) نعثل : هو طويل اللحية ، وقيل : هو رجل من أهل الكتاب كان طويل اللحية ، وكان يشبه عثمان ، ولذلك سمّي به ، جاء ذلك في حاشية لطائف المعارف : ٣٥.

٢٧٥

وتضرّع عثمان إلى محمّد قائلا له :

يا ابن أخي ، دع عنك لحيتي ، فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت عليه ..

فأجابه محمّد بعنف :

ما أريد بك أشدّ من قبضي على لحيتك ..

وطعن محمّد جبينه بمشقص كان في يده ، ورفع كنانة بن بشر مشاقص كانت في يده فوجأ بها في أصل اذنه حتى دخلت في حلقه ، ثمّ علاه بالسيف ، ووثب عليه عمرو بن الحمق الخزاعي ، فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات ، وكسر عمير بن ضابئ ضلعين من أضلاعه ، وحاولوا حزّ رأسه ، فألقت زوجتاه نائلة وابنة شبيبة بن ربيعة بأنفسهما عليه ، فأمر ابن عديس بتركه لهما (١) .

وألقيت جثّة عثمان ملطّخة بدمه على الأرض لم يفزع إليه أحد من الأمويّين وآل أبي معيط لمواراته في مقرّه الأخير ، وقد بالغ الثوّار في إهانته ، فقد ألقوا جثمانه على المزيلة ثلاثة أيام (٢) مبالغة في توهينه وتحقيره ، وكلّم بعض خواصه الإمام ٧ أن يتوسّط إلى الثوّار فيواروه ، فكلّمهم الإمام فأذنوا له في دفنه ، ووصف جولد تسهير كيفيّة دفنه بقوله :

وبسط جثمانه دون أن يغسّل على باب ، فكان رأسه يقرع قرعا ، يقابل بخطوات سريعة من حامليه ، وهم يسرعون في ظلام الليل ، والأحجار ترشفه ، واللعنات تتبعه ، ودفنوه في حش كوكب (٣) ، ولم يسمح الأنصار بمواراته في مقابر المسلمين (٤) ، وأمّا غلاماه اللذان قتلا معه فقد سحبوهما وألقوهما على التلّة

__________________

(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ ٨ ١ : ٣٩٠.

(٢) تمام المتون ـ الصفدي : ٧٩.

(٣) حش كوكب : اسم بستان لليهود كانوا يدفنون موتاهم فيه.

(٤) العقيدة والشريعة في الإسلام : ٤٥.

٢٧٦

فأكلتهما الكلاب (١) .

وبذلك فقد انتهت حياة عثمان بهذه الصورة المروّعة ، وقد امتحن بها المسلمون كأشدّ وأقسى ما يكون الامتحان ، وأخلدت لهم الفتن والمصاعب ، وألقتهم في شرّ عظيم ، فقد ربح الأمويّون بقتله ، فقد طالبوا بدمه ، كما تذرّعت بالمطالبة بدمه القوى النفعية أمثال : طلحة والزبير وعائشة ، فقد رفعوه شعارا لهم ، وهم الذين أجهزوا عليه.

وعلى أي حال ، فقد مني العالم الإسلامي بحكومة عثمان وبمصرعه بمصاعب وفتن ، وقد تحدّثنا عنها في كتابنا ( حياة الإمام الحسين ٧ ) فلا نرى حاجة لإعادتها ، وقد اقتبسنا معظم هذه الفصول منه ، وذلك لأنّها ترتبط ببحثنا ارتباطا موضوعيا لا غنى عنها ، فإنّها وإن ذكرت في كتاب ( حياة الإمام الحسن ٧ ) وكتاب ( الإمام الحسين ٧ ) فهي على سبيل الاستطراد لأنّها تمثّل الحياة الاجتماعية والسياسية في عصر الإمامين ٨ ، أمّا ذكرها هنا فإنّها من صميم الموضوع.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٣ : ٢٤١. البداية والنهاية ٧ : ٢١٤.

٢٧٧

٢٧٨

المحتويات

مع النبيّ ٩

في جهاده وغزواته ٩

واقعة بدر : ١٢

استنجاد أبي سفيان بقريش : ١٢

رؤيا عاتكة : ١٢

نصيحة عتبة بن ربيعة : ١٣

سقاية الإمام للجيش : ١٤

دعاء النبيّ للأنصار : ١٥

دعاء النبيّ على قريش : ١٥

النبي مع أصحابه : ١٥

المعركة : ١٦

بسالة الإمام : ١٦

أسماء من قتلهم الإمام : ١٧

وقوف النبيّ على قتلى بدر : ١٩

الأسرى من قريش : ٢٠

حزن القرشيّين على قتلاهم : ٢٠

انتصار الإسلام : ٢١

واقعة أحد : ٢٢

الحرب : ٢٣

هزيمة المسلمين : ٢٤

مصرع الشهيد حمزة : ٢٥

٢٧٩

مصرع الشهيد مصعب : ٢٦

حماية الإمام للنبيّ : ٢٦

تشفّي هند : ٢٧

تشفّي أبي سفيان : ٢٨

حزن النبيّ : ٢٨

ملاحقة النبيّ للقرشيّين : ٣٠

سرور القرشيّين : ٣٠

واقعة الخندق : ٣٠

دور اليهود في المعركة : ٣١

النبيّ مع نعيم : ٣٢

حفر الخندق : ٣٣

مبارزة الإمام لعمرو : ٣٤

فتح خيبر : ٣٨

مبارزة الإمام لمرحب : ٤٠

غزوة بني قريظة : ٤١

نصيحة كعب لبني قريظة : ٤٢

نزولهم على حكم الرسول : ٤٣

تحكيم سعد : ٤٣

غزوة بني النضير : ٤٤

غزوة وادي القرى : ٤٥

الإمام وفتح اليمن : ٤٥

دعاء الإمام : ٤٥

إسلام همدان : ٤٦

فتح مكّة : ٤٧

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287