أدب الطف الجزء ١

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 351

  • البداية
  • السابق
  • 351 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28398 / تحميل: 7289
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

وفي ارض باخمرا مصابيح قد ثوت

متربة الهامات حمر الترائب

وغادر هاديكم بفخ طوائفاً

يغاديهم بالقاع بقع النواعب

وهارونكم أودى بغير جريرة

نجوم تقى مثل النجوم الثواقب

ومأمونكم سمّ الرضا بعد بيعة

تهدّ ذرى شمّ الجبال الرواسب

فهذا جواب للذي قال: مالكم

غضاباً على الاقدار يا آل طالب

واليكم قصيدة الشاعر صفي الدين من شعراء القرن الثامن وستأتي ترجمته في هذه الموسوعة، والقصيدة من غرر الشعر:

الشاعر صفي الدين الحلي المولود سنة 677 والمتوفي 752 يردّ على قصيدة ابن المعتز العباسي التي أولها:

ألا من لعين وتسكابها

تشكّي القذا وبكا هابها

ترامت بنا حادثات الزمان

ترامي القسي بنشابها

ويارب ألسنة كالسيوف

تقطّع ارقابَ اصحابها

ويقول فيها:

ونحن ورثنا ثياب النبي

فكم تجذبون بأهدابها

لكم رحم يابني بنته

ولكن بنو العم أولى بها

ومنها:

قتلنا امية في دارها

ونحن أحق بأسلابها

إذا ما دنوتم تلقّيتم

زبونا أقرت بجلابها

  فأجابه الصفي بقوله:

ألا قل لشر عبيد الإله

وطاغي قريش وكذّابها

وباغي العباد وباغي العناد

وهاجي الكرام ومغتابها

٣٢١

أأنت تُفاخر آل النبي

وتجحدها فضل أحسابها؟

بكم باهل المصطفى أم بهم

فردّ العداة بأوصابها؟

أعنكم نفي الرجس أم عنهم

لطهر النفوس وألبابها؟

أما الرجس والخمر من دأبكم

وفرط العبادة من دابها

وقلت: ورثنا ثياب ( النبي )

فكم تجذبون بأهدابها؟

وعندك لايُوَرثُ الأنبيا

فكيف حظيتم بأثوابها؟

فكذبت نفسك في الحالتين

ولم تعلم الشّهد من صابها

أجَدَّك يرضى بمآ قلته؟

وما كأن يوماً بمرتابها

وكان بصفين من حزبهم

لحربِ الطغاة وأحزابها

وقد شمّر الموت عن ساقه

وكشّرت الحرب عن نابها

فأقبل يدعو إلى ( حيدر )

بارغابها وبارهابها

وآثر أن ترتضيه الأنام

من الحكمين لأسبابها

ليعطي الخلافة أهلاً لها

فلم يرتضوه لايجابها

وصلى مع الناس طول الحياة

و ( حيدر ) في صدر محرابها

فهلا تقمصها جدّكم

إذا كأن إذ ذاك أحرى بها؟

إذا جعل الأمر شورى لهم

فهل كأن من بعض أربابها؟

أخامسهم كأن أم سادساً؟

وقد جليت بين خطـّابها

وقولك: أنتم بنو بنته

ولكن بنو العم أولى بها

بنو البنت ايضا بنو عمه

وذلك أدنى لأنسابها

فدع في الخلافة فصل الخلاف

فليست ذلولاً لركأبها

وما أنتَ والفحص عن شأنها

وما قمّصوك بأثوابها

وما ساورتك سوى ساعة

فما كنتَ أهلاً لأسبابها

وكيف يخصّوك يوما بها؟

ولم تتأدّب بآدابها

وقلت: بأنكم القاتلون

أُسود أُمية في غابها

٣٢٢

كذبتَ وأسرفت فيما أدّعيت

ولم تنهَ نفسك عن عابها

فكم حاولتها سُراةُ لكم

فردّت على نكص أعقابها

ولولا سيوف أبي مسلم

لعزت على جهد طلابها

وذلك عبدُ لهم لا لكم

رعى فيكم قرب أنسابها

وكنتم اسارى ببطن الحبوس

وقد شفكم لثم أعتابها

فأخرجكم وحباكم بها

وقمّصكم فضل جلبابها

فجازيتموه بشرِّ الجزاء

لطغوى النفوس وإعجابها

فدع ذكر قوم رضوا بالكفاف

وجاؤا الخلافة من بابها

هم الزّاهدون هم العابدون

هم الساجدون بمحرابها

هم الصائمون هم القائمون

هم العالمون بآدابها

هُم قطب ملة دين الاله

ودور الرحى حول أقطابها

عليك بلهوكَ بالغانيات

وخلّ المعالي لأصحابها

ووصف العذارى وذات الخمار

ونعت العقار بألقابها

وشعربك في ومدح ترك الصلاة

وسعي السّقاة بأكوابها

فذلك شأنك لا شأنهم

وجري الجياد بأحسابها

ومن شعره:

بلوتُ أخلاء هذا الزمان

فاقللت بالهجر منهم نصيبي

وكلهم إن تصفحتهم

صديق العيان عدو المغيب

  ويقول:

يقولون لي، والبعد بيني وبينها

نأت عنك شرُ، وانطوى سببُ القرب

فقلت لهم، والسر يظهره البكا

لئن فارقت عيني، فقد سكنت قلبي

٣٢٣

وقوله:

أهدت إليّ صحيفة مكتوبة

أرضت بها سخط الضمير العاتبِ

يا ليتني ضمنت طيّ جوابها

حتى أقبل كف ذاك الكأتبِ

  وقوله:

أيا من حسنه عذر اشتياقي

ويحسن سوء حالي في سواهُ

أعنّي بالوصال فدتك نفسي

فقد بلغ الهوى بي منتهاه

٣٢٤

6 - الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس ابن علي بن ابي طالب عليه‌السلام :

قال وهو يرثي جده العباس بن علي (ع):

أني لأذكر للعباس موقفه

بكربلاءَ وهام القوم تُختطفُ

يحمي الحسين ويسقيه على ظمأ

ولا يَولّي ولا يثنى ولا يقف

ولا أرى مشهداً يوماً كمشهده

مع الحسين عليه الفضل والشرف

أكرم به مشهداً بانت فضيلته

وما أضاع له افعاله خلف (1)

وفي معجم الشعراء للمرزباني ص 184:

أكرم به سيداً بانت فضيلته

وما أضاع له كسب العلا خلف

  وقال ابو الحسن العمري في المجدي: وجدت ابيات لأبي العباس الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين في جده العباس وهي: إني لأذكر للعباس موقفه.

وقال المرزباني في معجم الشعراءص 184:

الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي ابن ابي طالب شاعر مقل متوكلي ( اي معاصر للمتوكل ). وقال هو وغيره:

__________________

1 - اعيان الشيعة ج 42 ص 282.

٣٢٥

شاعر مقل، وكان يشبه بعلي بن ابي طالب رضي الله عنه وهوالقائل بفخر بجده العباس بن علي ( إني لأذكر للعباس موقفه ) الابيات.

وقال السيد الامين في الاعيان ج 1 ص 379: كان شاعراً في اواسط المائة الثالثة. اقول ويكنى بأبي العباس وكان خطيباً شاعراً وقع عقبه الى قم وطبرستان، قال الشيخ عبد الواحد المظفر في كتابه البطل العلقمي: الفضل بن محمد الشاعر الفصيح وهو من الشعراء المجيدين في الدولة العباسية، وجلَّ شعره بمفاخر اسلافه ومجد اُسرته.

وقال الداودي في عمدة الطالب: فمن ولد محمد بن الفضل بن الحسن ابن عبيد الله: هو ابو العباس الفضل بن محمد الخطيب الشاعر له ولد.

اقول اما ابوه محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله فقد كان شاعراً مجيداً ولكنه مقلّ، وكان معاصراً للمأمون وأدرك عصر المتوكل وكان له قدر وجلالة عندهما. قال ابو نصر البخاري في سر السلسلة العلوية: محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله، أُمه جعفرية وكان مشهوراً بالجمال. وقال المأمون ما رأيت ذكراً أتم جمالاً من محمد ابن الفضل بن الحسن.

* * *

اقول واذا كان المترجم له من المعاصرين للمتوكل فان المتوكل مات سنة 247 هـ اي في اواسط القرن الثالث فكان الانسب ان يكون من شعراء هذا القرن.

٣٢٦

7 - البسامي علي بن محمد:

قال ابن خلكان لما هدم المتوكل قبر الحسين بن علي عليه‌السلام في سنة 226 قال البسامي:

تالله إن كانت اُمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتاه بنو أبيه بمثله

هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا

في قتله فتتبعوه رميمآ

  واورد الطوسي في الامالي ص 209 عن عبد الله بن دانية الطوري قال: حججت سنة 247 سبع واربعين ومائتين فلما صدرت من الحج وصرت الى العراق زرت أمير المؤمنين علي بن ابي طالب على حال خيفة من السلطان ثم توجهت الى زيارة الحسين فإذا هو قد حرث ارضه وفجر فيها الماء وأرسلت الثيران والعوامل في الارض فبعيني وبصري كنت ارى الثيران تساق في الارض فتنساق لهم حتى اذا حاذت القبر حادت عنه يميناً وشمالاً فتضرب بالعصى الضرب الشديد فلا ينفع ذلك ولا تطأ القبر بوجه فما امكنني الزيارة فتوجهت الى بغداد وانا اقول - تالله ان كانت امية قد اتت - الابيات.

٣٢٧

الشاعر

في الكنى ابن بسام هو ابو الحسن علي بن محمد بن نصر بن منصور ابن بسام البغدادي المعروف بالبسامي الشاعر المشهور توفي سنة 303 وفي الجزء الاول من اعيان الشيعة ان وفاته سنة 302 وفي الاعيان ج 42 ان عمره ينيف على السبعين ومن شعره:

إنّ عليا لم يزل محنةً

لرابح الدين ومغبونِ

أنزله من نفسه المصطفى

منزلة لم تك بالدون

فارجع الى الاعراف حتى ترى

ما صنع الناس بهارون

  وقال ياقوت الحموي: كان حسن البديهة شاعراً ماضياً أديباً، وكان مع فصاحته وبيانه لاحظّ له في التطويل، إنما تحسن مقطعاته وتنذر أبياته وهو من أهل بيت الكتابة، كان جدّه نصر بن منصور يتولى ديوان الخاتم والنفقات والازمة في ايام المعتصم.

وفي انساب السمعاني ج 2 ص 219.

البسّامي. بفتح الباء الموحدة والسين المهملة المشددة بعدها الالف وفي آخرها الميم، هذه النسبة الى بسام، وهو اسم لجد ابي الحسن علي بن محمد بن منصور بن نصر بن بسام الشاعر البسامي، من اهل بغداد سائر الشعر مشهور عند اهل الأدب، روى عنه محمد بن يحيى الصولي وابو سهل احمد بن محمد بن زياد القطان وغيرهما، وقيل طلب البسامي من بعض جيرانه دابة عارية فمنعها فكتب إليه:

بخلت عنا بأدهم عجف

لست تراني ما عشت أطلبه

فلا تقل صنته فما خلق الله

مصونا وانت تركبه

  مات البسامي في صفر سنة اثنتين وثلاثمائة. قال ياقوت في معجم الادباء: وعلي بن بسام القائل يمدح النحو:

رأيت لسان المرء وافدَ عقله

وعنوانَه فانظر بمآذا تُعنونُ

٣٢٨

فلا تعدُ اصلاح اللسان فانه

يخبّر عما عنده ويبين

ويعجبني زيُّ الفتى وجمآله

فيسقط من عيني ساعة يَلحَن

على أنّ للاعراب حدّاً وربما

سمعت من الاعراب ما ليس يحسن

ولا خير باللفظ الكريه استماعه

ولا في قبيح اللحن والقصد أزين

قال الحصري القيرواني في زهر الآداب:

علي بن منصور بن بسام، مليح المقطعات، كثير الهجاء خبيثة، وله حظ التطويل وهو القائل:

ولكم قطعت الياء في ديمومةٍ

نُطف المياه بها سودا الناظر

في ليلة فيها السماء مزادة

سوداء مظلمة كقلب الكافر

والبرق يخفق من خلال سحابه

خفق الفؤاد مواعداً من زائر

والقطر منهمل يسحُّ كأنه

دمع الدموع بإثر إلفٍ سائر

  وقال في العباس لما وزر للمكتفي:

وزارة العباس من نحسها

ستقلع الدولة من أُسّها

شبهته لما بدا مقبلا

في حلل يخجل من لُبسها

جارية رعناء قد قدّرت

ثياب مولاها على نفسها

  وقال في علي بن يحيى المنجم يرثيه:

قد زرت قبرك يا علي مسلماً

ولك الزيارة من أقلّ الواجب

ولو استطعت حملت عنك ترابه

فلطالما عني حملت نوائبي

  وكان مولعاً بهجاء أبيه وفيه يقول وقد ابتنى دارا:

شدت داراً خلتها مكرمةً

سلّط الله عليها الغرقا

وأرانيك صريعاً وسطها

وأرانيها صعيدا زلقا

٣٢٩

ذكر ابو الفداء في البداية والنهاية ان الماء لما أُجري على قبر الحسين عليه‌السلام ليمحي اثره جاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمها حتى وقع على قبر الحسين فبكى وقال: بأبي أنت وأمي ما كان أطيبك وأطيب تربتك، ثم أنشأ يقول:

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه

وطيب تراب القبر دلّ على القبر

  وقريب منه قول المهيار الديلمي:

كأن ضريحك زهر الربيع

مرّ عليه نسيم الخريف

أنشرك ما حمل الزائرون

أم المسك خالط ترب الطفوف

٣٣٠

8 - الصقر الموصلي:

لا تذكرنّ لي الديار بلا قعا

أخشى على قلبي يسيل مدامعا

ومرابعا أقوت وكأنت للورى

مأوى النزيل مصايفاً ومرابعا

أودى الزمآن بها وودت مهجتي

منها وفيها لو تقيم أضالعا

يا من به امتحن الإله عباده

مَن كان منهم عاصيا أو طائعا

اني لاعجب من معاشر عصبةٍ

جعلوك في عدد الخلافة رابعا

  ومنها خطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

لو أن عينك عاينت بعض الذي

ببنيك حلّ اذاً رأيت فظائعا

أما ابنك الحسن الزكي فانه

لما مضيت سقوه سماً ناقعا

هروا به كبداً لديك كريمة

منه واحشاءً به وأضالعا

وسقوا حسيناً بالطفوف على ظماء

كأس المنية فاحتساها جارعا

قتلوه عطشانا بعرصة كربلاء

وسبوا حلائله وخُلّف ضائعا

جسدا بلا رأس يمد على الثرى

رجلا له ويلم اُخرى فازعا

  ابو العباس محمد بن احمد الصقر الموصلي:

توفي في حدود 305 في الموصل. ذكره في المعالم بعنوان ابي الصقر وفي المناقب بعنوان: الصقر كما في معجم الادباء.

٣٣١

9 - القاسم بن يوسف الكاتب:

سلّم على قبر الحسين وقل له

صلى الإله عليك من قبرِ

وسقاك صوب الغاديات ولا

زالت عليك روائح تسري

يابن النبي وخير أمته

بعد النبي مقال ذي خبر

أصبحت مغتربا بمختلف

للرامسات وواكفٍ القطر

ونأيت عن دار الاحبة

واستوطنتَ دار البعد والقفر

بل جنة الفردوس تسكنها

جار النبي ورهطه الزهر

مآذا تحمل قاتلوك من

الآصار والاعباء والوزر

خرجوا من الاسلام ضاحية

واستبدلوا بدلا من الكفر

كتبوا اليك وأرسلوا رسلاً

تترى بما وعدوا من النصر

أعطوك بيعتهم وموثقهم

بالله بين الركن والحجر

حتى اذا أصرختَ دعوتهم

طلباً لوجه الله والاجر

وخرجت محتسباً لتحيي ما

قدمات من سنن الهدى الدثر

ختروا مواثقهم وعهدهم

لا يرهبون عواقب الختر

ركنوا الى الدنيا فلم يئلوا

فيها الى حظٍّ ولا وفر

جعلوا سمية منكم خلفاً

وبنى أمية حاملي الإصر

قتلوك واتخذوهم ستراً

ما دون علم الله من ستر

فأبادهم سيف الفناء بأ

الظالمين بذلك الوتر يدي

يجدون بالمرصاد ربهم

بعدا لأهل النكث والغدر

أبني سمية أنتم نفر

ولدُ البغايا غير ما نكر

٣٣٢

قلتم عبيد لا نقرُّ به

ونقرّ بالعيّاب والعهر

منكم بشط الزاب مجترز

للغاسلات العبس والبسر

ولكم مصارع مثل مصرعه

ما حَنّ ذو وكر الى وكر

وبنو أُمية سومروا تلفاً

بالمشرفية والقنا السمر

هشموا بها شمة وحاق بهم

ما قدموا من سيء المكر

ولهم فلا فوت ولا عجلُ

أمثالها في غابر الدهر

في محكمات الذكر لعّنهم

فيها روى العلماء من ذكر

منهم معاوية اللعين ومروان

الضنين وشارب الخمر

والابتر السهمي رابعهم

عمرو وكل الشر في عمر

إني لأرجو أن تنالهم

مني يدُ تُشفي جوى الصدر

بالقائم المهدي إن عاجلاً

أو آجلا إن مدّ في العمر

أو ينقضي من دونه أجلي

فالله أولى فيه بالغدر

ولكل عبد غيب نيَّته

في الخير مسطور وفي الشر

ما تنقضي حسرات ذي ورعٍ

ودمُ الحسين على الثرى يجري

ودمآء إخوته وشيعته

مستلحمون بجانب النهر

خذلوا وقل هناك ناصرهم

فاستعصموا بالله والصبر

مستقدمين على بصائرهم

لا ينكصون لروعة الذعر

يأبون أن بعطوا الدنيَّة أو

يرضوا مهادنةً على قسر

البرُّ ذخرهم وكنزهم

خير الكنوز وأفضل الذخر

آل الرسول وسر أُسرته

والطاهرون لطيّبٍ طهر

حلو الشرف اليفاع على

علياء بين الغفر والنسر

فابكِ الحسين بمضمر فرح

وابكٍ الحسين بمدمع غزر

حق البكاء له وحق له

حسن الثناء وطيّب النشر

٣٣٣

لايبلغ المثنى مداه ولا

يحويى المديح مقالة المطري

مأوى اليتامى والأرامل

والأضياف في اللزبات والعسر

لا مانعاً حق الصديق ولا

يخفى عليه مبيت ذي الفقر

كم سائلٍ أعطى وذي عُدُم

أغنى وعان فكَّ من أسر

وتخال في الظلمآء سنَّته

قمراً توسط ليلة البدر

لا تنطق العوراء حضرته

عفّ يعاف مقالة الهجر

ومبرأ من كل فاحشةٍ

برّ السريرة طاهر الجهر

٣٣٤

الشاعر

هو ابو محمد القاسم بن يوسف بن القاسم بن صبيح القبطي الأصل مولى بني عجل من أهل الكوفة جاء في ص 163 من اوراق الصولي قسم الشعراء: كان القاسم بن يوسف أسنَّ من أخيه أبي جعفر أحمد بن يوسف واكثر شعراً منه وأفصح في شعره وأشعر في فنه الذي أعجبه من مراثي البهائم من جميع المحدثين حتى أنه لرأس فيه متقدم جميع من نحاه وما ينبغي أن يسقط شيء من شعره لأنه كله مختار وللناس فيه فائدة ولا يوجد مجموعاً كما نورده وأنا أذكره على القوافي. وكان القاسم جميل المذهب أحد متكلمي الشيعة. وفي ص 206 قال: لما تولى الوزارة للمأمون أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح ولى اخاه القاسم بن يوسف خراج السواد فجباه فضلاً مما جباه غيره في أيام المأمون.

وفي معجم الشعراء للمرزباني 335 القاسم بن يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب القبطي مولى بني عجل وأخوه أحمد بن يوسف الكاتب وزير المأمون، والقاسم شاعر حسن الافتنان في القول وهو أشعر من أخيه أحمد وأكثر شعراً.

وفي تاريخ بغداد للخطيب ج 5 ص 216 أحمد بن يوسف بن القاسم ابن صبيح من أفاضل كتاب المأمون، مات سنة 213 هـ. يقول الصولي في الأوراق ورثاه أخوه القاسم بن يوسف (1) . أقول فالمترجم له أكبر

__________________

1 - ذكر صاحب معجم الأدباء بعض مرثية القاسم لأخيه أحمد، منها:

رماك الدهر بالحدث الجليل

فعز النفس بالصبر الجميل

أترجو سلوة وأخوك ثاو

ببطن الأرض تحت ثرى مهيل

ومثل أخيك فلتبك البواكي

لمعضلة من الخطب الجليل

٣٣٥

من أخيه أحمد وعاش أكثر من أخيه ورثاه بقصيدة، ولم نقف على تاريخ وفاته ولكنه عاش في أواخر القرن الثاني واوائل القرن الثالث كما أن السيد الأمين قد فاته ترجمة هذا الرجل في الأعيان ولكنه عندما ذكر مراثر الحسين عليه‌السلام في الجزء الرابع ذكر أبياتاً من قصيدته التي ذكرناها وقال: وممن رثاه من قدماء الشعراء القاسم بن يوسف الكاتب أحد متكلمي الشيعة وشعرائهم، ذكره المرزباني فقال من قصيدة طويلة انتهى.

نعم ذكر السيد الأمين ترجمة مطولة لأخيه أحمد بن يوسف بن صبيح الكاتب في الجزء 10 من الأعيان ص 355.

و من شعره كما رواه الصولي في الأوراق ص 180:

أيها السائل عن خير الورى

خير من تحت السماوات نزار

وقريش ذروة المجد وفي

هاشم أرست فمثوى وقرار

مغرس طاب فأثرى محتداً

واستطال الفرع والعود نضار

هاشم فخر قصيّ كلها

أين تيم وعدي والفخار

لهم أيد طوال في العلى

ولمن سامآهم أيد قصار

لهم الوحي وفيهم بعده

آمر الحق وفي الحق منار

وهم أولى بأرحامهم

في كتاب الله إن كأن إعتبار

ما بعيد كقريب نسبا

لا ولا يعدل بالطرف الحمآر

إنما تجري على أحسابها

عنق الخيل وللغير الغبار

ليس من أخره الله كمن

قدَّم الله، ولله الخيار

ما الموالي كمواليهم وإن

أنبت الدهر لهم ريشاً فطاروا

خسر الآخذ ما ليس له

عمد عين والشريك المستشار

ولفيف ألّفوا بينهم

بيعة فيها اختلاط وانتشار

ورسول الله لم يدفن فما

القوم اعتمام وانتظار

٣٣٦

10 - علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف:

قال علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، يرثي شهداء الطف (1) :

إن الكرام بني النبي محمدٍ

خير البرية رائح أو غادِ

قوم هدى الله العباد بجدهم

والمؤثرون الضيف بالأزواد

كأنوا إذا نهل القنا بأكفهم

سكبوا السيوف أعالي الأغماد

ولهم بجنب الطف أكرم موقف

صبروا على الريب الفظيع العادي

حول الحسين مصرعين كأنما

كانت مناياهم على ميعاد

__________________

1 - عن معجم الشعراء المرزباني ص 139.

٣٣٧

قال المرزباني في معجم الشعراء ص 139:

علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب هو القائل لعلي بن عبد الله الجعفري - وكان عمر بن فرج الرُخجي حمله من المدينة.

صبراً أبا حسن فالصبرُ عادتكم

إن الكرام على ما نابهم صبر

أنتم كرام وأرضى الناس كلهم

عن الإله بما يجري به القَدر

واعلم بأنك محفوظ إلى أجلٍ

فلن يضرّك ما سدّى به عُمر

  و ذكر الداودي في عمدة الطالب في سلسلة النسب فقال:

أما أبو الحسن علي العسكري بن الحسن بن علي الاصغر وفي ولده البيت والعدد فأعقب من ثلاثة رجال: أبو علي أحمد الصوفي - لأنه كان يلبس الصوف - الفاضل المصنف، وأبو عبد الله الحسين الشاعر المحدث، وأبو محمد الحسن الناصر الكبير الاطروشي وهو إمام الزيدية ملك الديلم، صاحب المقالة، اليه ينتسب الناصرية من الزيدية، وكان مع محمد بن زيد الداعي الحسني بطبرستان، توفي بآمل سنة أربع وثلثمائة.

أقول ولما كان الولد قد توفي بعد القرن الثالث بقليل جاز لنا أن نعتبر الوالد من القرن الثالث.

٣٣٨

11 - محمد بن علي الجواليقي الكوفي:

قال المرزباني: في المعجم ص 405 كان يتشيع، قال يرثي الحسين بن علي:

أمن رسوم المنازل الدُرُس

وسجعُ ورقٍ سجعن في الغلس

هتكت سجف العزاء عن طربٍ

شاقتك معتاده إلى أنسِ

  وفيها يقول:

أبك حسيناً ليوم مصرعه

بالطف بين الكتائب الخُرُس

تعدو عليه بسيف والده

أيد طوال لمعشرٍ نكس

تالله ما إن رأيت مثلهم

في يوم ضَنْك قماطر عبس

أحسنَ صبراً على البلاء وقد

ضيّقت الحربُ مجرع النفس

أضحى بنات النبي إذ قتلوا

في مأتم والسباع في عرس

توفي سنة 384.

٣٣٩

٣٤٠