موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام12%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
المحقق: باقر شريف القرشي
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: 310

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 310 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 133897 / تحميل: 6469
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
ISBN: ٩٦٤-٩٤٣٨٨-٦-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل الثالث و الخمسون في الفتن و الشبه و البدع

١٦١

١ في أوّل الباب الثالث من النهج باب المختار

من حكم امير المؤمنينعليه‌السلام و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله و الكلام القصير الخارج في ساير أغراضه .

قالعليه‌السلام :

كُنْ فِي اَلْفِتْنَةِ كَابْنِ اَللَّبُونِ لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَ لاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ قول المصنّف : « باب المختار » هو القسم الأخير من كتابه « من حكم أمير المؤمنينعليه‌السلام » اقتصر عليه في ( المصرية ) و زاد ابن أبي الحديد و ابن ميثم : « و مواعظه » و هو الصحيح لأصحية نسختيهما لا سيما الأخير الذي نسخته بخط المصنف .

و لأنّ فيه مواعظ كثيرة و منها في العنوان ( ١٥٠ ) كلامهعليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه الذي قال المصنف فيه « و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة » .

١٦٢

و وصف الشعبي كلامهعليه‌السلام في الحكم و غيرها فقال : تكلّم أمير المؤمنينعليه‌السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة و أيتمن جواهر الحكمة و قطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منهن في الحكمة و ثلاث في المناجاة و ثلاث في الأدب ، أما اللائي في الحكمة فقال : قيمة كلّ امرى‏ء ما يحسنه ، و ما هلك امرؤ عرف قدره ، و المرء مخبوء تحت لسانه .

و أما اللائي في المناجاة فقال : اللّهم كفى بي عزّا أن أكون لك عبدا ، و كفى بي فخرا أن تكون لي ربا ، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب و أما اللائي في الأدب فقال : امنن على من شئت تكن أميره ، و استغن عمّن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره(١) .

« و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسألته » ترى أجوبة مسألته في العناوين ( ١٦ ) ( ٣٠ ) ( ٩٤ ) ( ١٢٠ ) ( ١٥٠ ) ( ٢٢٧ ) ( ٢٢٩ ) ( ٢٣٥ ) ( ٢٦٦ ) ( ٢٨٧ ) ( ٢٩٤ ) ( ٣٠٠ ) ( ٣١٨ ) ( ٣٥٦ ) ( ٤٧٠ ) .

« و الكلام القصير » كان حاجب هشام بن عبد الملك يأمر منتجعيه بالإيجاز في الكلام ، فقام أعرابي فقال : إنّ اللَّه تعالى جعل العطاء محبة و المنع مبغضة فلأن نحبك خير من أن نبغضك فأعطاه و أجزل له .

« الخارج في سائر أغراضه » أي باقي مقاصده ، و الأصل في ( الغرض ) الهدف و ( سائر ) يأتي بمعنى الجميع و معنى الباقي ، و الأخير هو المراد هنا .

قوله « كن في الفتنة » الأصل في « الفتنة » قولهم « دينار مفتون » فتن بالنار ، و كلّ شي‏ء ادخل النار فقد فتن ، و قالوا « الناس عبيد الفتانين » أي الدرهم و الدينار .

« كابن اللبون » ابن اللبون : ولد الناقة الذكر إذا دخل في الثالثة ، لأن امّه

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق : ١٨٦ .

١٦٣

وضعت غيره فصار لها لبن ، و الانثى بنت اللبون ، و يجمعان بنات اللبون .

« لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب » نظيره قول حاجب بن زرارة في القعقاع :

ما هو رطب فيعصر و لا يابس فيكسر .

و في المثل : لا تكن حلوا فتزدرد و لا مرّا فتلفظ .

و من الأمثال في الاعتزال قولهم : لا ناقة لي في هذا و لا جمل و قالوا : ان كنت من أهل الفطن فلا تدر حول الفتن .

ثم كما لا ينتفع بابن اللبون لصغره كذلك بالثلب لكبره ، و هو الذي انكسرت أنيابه من شدّة هرمه ، و إنما الانتفاع الكامل بالناب الذي في وسط الشباب ، قال بعضهم :

ألم تر أن الناب يحلب علبة

و يترك ثلب لا ضراب و لا ظهر

قال ابن أبي الحديد : أيام الفتنة هي أيام الخصومة بين رئيسين ضالين يدعوان كلاهما إلى ضلالة ، كفتنة عبد الملك و ابن الزبير و فتنة مروان و الضحاك و فتنة الحجاج و ابن الأشعث ، و أما إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين(١) .

قلت : إن جانبوا العصبية و أرادوا فهم الحقيقة فأول أيام الفتنة أيام أوّلهم ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مويهبة مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعث إليّ النبي من جوف الليل فقال : يا أبا مويهبة إنّي قد امرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال : السّلام عليكم أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم ممّا أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أوّلها ، الآخرة شرّ من الاولى إلى أن قال ثم انصرف فبدأ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

١٦٤

بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه الذي قبض فيه(١) .

و في ( بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) من رجالهم في ذكره خطبة سيّدة نساء العالمين باتفاق فرق المسلمين لما منعها أبو بكر فدك و في الخطبة : فأنقذكم اللَّه برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد اللتيا و التي ، و بعد ما مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب ، كلّما حشوا نارا للحرب أطفأها و نجم قرن للضلال و فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفي حتى يطأ صماخها بأخمصه و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللَّه قريبا من رسول اللَّه سيّدا في أولياء اللَّه ، و أنتم في بلهنية و ادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللَّه تعالى لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلّة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الآفلين و هدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين و للغرة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير أبلكم و أوردتموها غير شربكم ، هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجراح لما يندمل ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين(٢) .

و روى الإسكافي منهم في نقضه ( عثمانية الجاحظ ) عن أبي رافع قال :

أتيت أبا ذر بالربذة اودّعه ، فلما أردت الانصراف قال لي و لا ناس معي :

ستكون فتنة فاتقوا اللَّه و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه ، فإني سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له : أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة ، و أنت الصدّيق الأكبر ، و أنت الفاروق الذي تفرّق بين الحق و الباطل ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٣٢ .

( ٢ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ١٣ ١٤ .

١٦٥

و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين ، و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي(١) .

ثم ما قاله ابن أبي الحديد : من فتنة الحجاج و ابن الأشعث خلاف عقيدة أهل نحلته ، فإنّ عندهم كان قيام ابن الأشعث فتنة ، و أمّا الحجاج فكان عامل من بايعه جميع الناس و كان عندهم خليفة حقّا و أميرا للمؤمنين به .

و كذلك قوله « فتنة عبد الملك و ابن الزبير » غير صحيح عند أهل ملته ، فانّه عندهم كان ابتداء ابن الزبير ولي اللَّه و عبد الملك عدوّ اللَّه ، و لما غلب عبد الملك صار هو ولي اللَّه و ابن الزبير عدوّ اللَّه(٢) .

ففي ( كامل المبرد ) : خرج مصعب بن الزبير إلى باجميراء ، ثم أتى الخوارج خبر مقتله بمسكن و لم يأت المهلب و أصحابه ، فتواقفوا يوما على الخندق ، فناداهم الخوارج : ما تقولون في المصعب ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : ضالّ مضل فلما كان بعد يومين أتى المهلب قتل صعب و إنّ أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك ، و ورد عليه كتاب عبد الملك بولايته ، فلما تواقفوا ناداهم الخوارج : ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : لا نخبركم قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : يا أعداء اللَّه بالأمس ضال مضل و اليوم امام هدى ، يا عبيد الدّنيا عليكم لعنة اللَّه(٣) .

و الخوارج و إن طعنوا عليهم بكون ما عليهم خلاف العقل و خلاف الفطرة التي فطر الناس عليها ، إلاّ أنّه يقال لهم : إنّ ذلك لازم لكم أيضا بموافقة العامة في إمامة صديقهم و صديقه ، فلا يمكن القول بالملزوم و ترك اللازم .

____________________

( ١ ) نقض العثمانية لأبي جعفر الإسكافي : ٢٩٠ ملحقة بالعثمانية .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٣ : ١١٠١ ١١٠٢ .

١٦٦

و أما قوله « إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين » فأيضا أهل ملّته غير معترفين به ، فهذا ابن عبد البر من أئمتهم قال في سعد بن أبي وقاص الذي لم يشهد الجمل و صفين مع أمير المؤمنينعليه‌السلام :

كان ممّن قعد و لزم بيته في الفتنة و أمر أهله أن لا يخبروه من أخبار الناس بشي‏ء حتى تجتمع الامة على إمام(١) .

و قال في ترجمة ابن فاروقهم : قيل لنافع : ما بال ابن عمر بايع معاوية و لم يبايع عليّا ؟ فقال : كان ابن عمر لا يعطي يدا في فرقة و لا يمنعها من جماعة ، و لم يبايع معاوية حتى اجتمعوا عليه(٢) .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي يصير معاوية الذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعنه في غير موطن و عدوّ الدين أولى بالإمامة من أمير المؤمنينعليه‌السلام الذي جعله اللَّه تعالى في كتابه كنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله .( و أنفسنا و أنفسكم . ) (٣) و جعله النبي بمنزلة نفسه في المتواتر منه في قوله للناس : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه .

لا يقال : انّما قال « من كنت مولاه فعلي مولاه » لا ما قلت قلت : ما ذكرته ان لم يكن لفظه هو معناه ، ألم يكن قال تلك الجملة بعد قوله للناس « ألست بكم أولى من أنفسكم » و قول الناس له « بلى أنت أولى بنا من أنفسنا » فهل يصير معناها غير ما قلناه .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي هو خلاف ناموس الإنسانية ، حتى ان الحجاج الذي قال عمر بن عبد العزيز الذي هو أحد خلفائهم : لو أنّ جميع الامم جاءت

____________________

( ١ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٩٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ٦١ .

١٦٧

يوم القيامة كلّ واحدة منهم بشرارهم و جئناهم بالحجاج لغلبنا جميعهم لم يرضه ، فقال الاسكافي أحد أئمتهم في نقض ( عثمانيته ) : امتنع ابن عمر من بيعة عليعليه‌السلام و طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايع لعبد الملك كيلا يبيت تلك الليلة بلا إمام ، زعم لأنّه روي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « من مات و لا إمام له مات ميتة جاهلية »(١) و حتى بلغ من احتقار الحجاج له و استرذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال : اصفق بيدك عليها قال و رواه بعضهم و زاد : و لما خرج قال الحجاج : ما أحمق هذا يترك بيعة علي و يأتيني مبايعا في ليله .

٢ الخطبة ( ٩١ ) إِنَّ اَلْفِتَنَ

إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ يَحُمْنَ حَوْلَ اَلرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً أقول : رواه الثقفي في أول ( غاراته ) باسنادين عن زر بن حبيش عنهعليه‌السلام : الأول عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار بن القاسم عن المنصور بن عمرو عن ذر و الثاني عن أحمد بن عمران الأنصاري عن أبيه عن أبن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر قال : خطب عليعليه‌السلام بالنهروان إلى أن قال فقام إليه رجل آخر فقال لهعليه‌السلام : حدّثنا عن الفتن قال : ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت ، يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات ، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا و يخطئن اخرى(٢) .

« ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت » في ( نهاية الجزري ) : التشابه قسمان ، قسم إذا ردّ إلى المحكم يفهم معناه ، و قسم لا سبيل إلى معرفة

____________________

( ١ ) نقض العثمانية : ٣٠١ .

( ٢ ) الغارات للثقفي : ٧ .

١٦٨

حقيقته ، فالمتتبع له متتبع للفتنة ، لأنّه لا يكاد ينتهي إلى شي‏ء تسكن إليه نفسه ، و منه حديث ذكر فيه فتنة « تشبه مقبلة و تبين مدبرة » أي أنّها إذا أقبلت شبهت على القوم و أرتهم أنّهم على الحق حتى يدخلوا فيها و يركبوا منها ما لا يجوز ، فإذا أدبرت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنّه كان على الخطأ(١) .

« ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات » قد عرفت أنّ ( غارات الثقفي ) رواه « يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات » .

« يحمن حول الرياح » هكذا في ( المصرية )(٢) ، و الصواب : « حوم الرياح » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، مع أنّه لا معنى لما في ( المصرية ) ، فالفتن لا يدرن حول الرياح بل يدرن حول الناس دور الرياح ، من قولهم « حام الطائر حول الشي‏ء حوما » أي دار .

« يصبن بلدا و يخطئن اخرى » أي كما أن الرياح الشديدة تصيب بلدا و تخطى‏ء بلدا كذلك الفتن يصبن بلدا فيبتلى الناس بوخامتهن و يخطئن بلدا فيسلمون منها .

٣ الحكمة ( ٧٦ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَلْأُمُورَ إِذَا اِشْتَبَهَتْ اُعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا كان العباسيون يدّعون إجراء العدالة إذا ظهروا إلاّ انّه كان حالهم في الآخر معلومة من أوّلها .

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير للجزري ٢ : ٤٤٢ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٢٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٤٤ الخطبة ( ١٩٢ ) ، أمّا شرح ابن ميثم ٢ : ٣٨٨ ، بلفظ « حول » ، أما الخطبة ٧٤ بلفظ « حوم » .

١٦٩

و لما بايعت الأوس أبا بكر لئلا يصير الأمر إلى الخزرج و كانت بينهما رقابة من الجاهلية ، قال لهم المنذر بن الحباب : فعلتموها أما و اللَّه لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفّهم و لا يسقون الماء .

و صار كما قال(١) .

٤ الحكمة ( ٩٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ اَلْفِتْنَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ وَ لَكِنْ مَنِ اِسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ اَلْفِتَنِ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ١ ٧ ٨ : ٢٨ وَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ اَلسَّاخِطَ لِرِزْقِهِ وَ اَلرَّاضِيَ بِقِسْمِهِ وَ إِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ لَكِنْ لِتَظْهَرَ اَلْأَفْعَالُ اَلَّتِي بِهَا يُسْتَحَقُّ اَلثَّوَابُ وَ اَلْعِقَابُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ اَلذُّكُورَ وَ يَكْرَهُ اَلْإِنَاثَ وَ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ اَلْمَالِ وَ يَكْرَهُ اِنْثِلاَمَ اَلْحَالِ و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير « لا يقولن أحدكم اللّهم اني أعوذ بك من الفتنة » قال ابن بابويه في ( توحيده ) :

الفتنة على عشرة أوجه : فوجه الضلال ، و الثاني : الاختبار و هو قوله تعالى .( و فتناك فتونا ) .(٢) ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون ) (٣) و الثالث : الحجّة و هو قوله تعالى( ثم لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا

_ ___________________

( ١ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٦ .

( ٢ ) طه : ٤٠ .

( ٣ ) العنكبوت : ١ ٢ .

١٧٠

 و اللَّه ربنا ما كنّا مشركين ) (١) و الرابع : الشرك و هو قوله تعالى .( و الفتنة أشدّ من القتل ) .(٢) و الخامس : الكفر و هو قوله تعالى .( ألا في الفتنة سقطوا ) .(٣) و السادس : الإحراق بالنار و هو قوله تعالى( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ) . .(٤) و السابع : العذاب كقوله تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٥) ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ) (٦) .( و من يرد اللَّه فتنته فلن تملك له من اللَّه شيئا ) . .(٧) و الثامن : القتل كقوله تعالى .( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) .(٨) ( فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه على خوف من فرعون و ملئهم أن يفتنهم ) .(٩) و التاسع : الصدّ كقوله تعالى( و ان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا اليك ) .(١٠) و العاشر : شدّة المحنة كقوله تعالى .( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (١١) ، و قد زاد علي بن ابراهيم وجها آخر ، و هو المحبة كقوله تعالى .( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(١٢) و عندي أنّه المحنة بالنون لا المحبة بالباء لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « الولد مجبنة مبخلة »(١٣) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ٢٣ .

( ٢ ) البقرة : ١٩١ .

( ٣ ) التوبة : ٤٩ .

( ٤ ) البروج : ١٠ .

( ٥ ) الذاريات : ١٣ .

( ٦ ) الذاريات : ١٤ .

( ٧ ) المائدة : ٤١ .

( ٨ ) النساء : ١٠١ .

( ٩ ) يونس : ٨٣ .

( ١٠ ) الاسراء : ٧٣ .

( ١١ ) يونس : ٨٥ .

( ١٢ ) الأنفال : ٢٨ .

( ١٣ ) بحار الأنوار ١٠٤ : ٩٧ رواية ٦٠ ب ٢ .

١٧١

قلت : و المفهوم من الخليل أن الأصل في معناه الإحراق ، فقال : الفتن الإحراق(١) ، قال تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٢) ، و ورق فتين أي فضة محرقة و يقال للحرة فتين كأن حجارتها محرقة .

هذا ، و عن الأصمعي لا يقال أفتنته بل فتنته ، ورد عليه بقول أعشى همدان في سعيد بن جبير :

لئن أفتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلى كلّ مسلم(٣) و عن ام عمرو بنت الأهتم : مررنا بمجلس فيه سعيد بن جبير و نحن جوار و معنا جارية تغني بدف معها و تنشد البيت « لئن أفتنتني . » ، فقال سعيد : كذبتن كذبتن .

« لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة » و لو بالمال أو الولد ، و لأنّ سنته تعالى فتن عباده و لن تجد لسنته تبديلا ، قال تعالى( أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فَليعلمنَّ اللَّه الذين صدقوا و ليعلَمَنَّ الكاذبين ) (٤) .

« و لكن من استعاذ فليستعذ باللَّه من مضلاّت الفتن » كما في فتنة بني اسرائيل بالعجل الذي أضلّهم السامري به حتى تركوا هارون و أرادوا قتله .

و كما في فتنة المسلمين بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمثل فتنة بني اسرائيل بجعل الثاني الأول عجله حتى تركوا خليفة نبيّهم و أرادوا قتله ، و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم في المتواتر : لتتبعن بني إسرائيل حذوا بحذو حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه .

____________________

( ١ ) العين لأحمد الفراهيدي ٨ : ١٢٧ مادة ( فتن ) .

( ٢ ) الذاريات : ١٣ .

( ٣ ) العين للفراهيدي ٨ : ١٢٨ مادة ( فتن ) .

( ٤ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

١٧٢

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) في قصة السقيفة فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذن و اللَّه الذي لا إله إلاّ هو لضرب عنقك قال : إذن تقتلون عبد اللَّه و أخا رسوله قال عمر : أما عبد اللَّه فنعم و أما أخو رسوله فلا و أبو بكر ساكت لا يتكلّم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه ؟ فقال : لا اكرهه على شي‏ء ما كانت فاطمة إلى جنبه فلحق علي بقبر رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصيح و يبكي و ينادي : يابن امّ إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني إلى آخر ما ذكر(١) .

هذا ، و روى ( توحيد الصدوق ) أنّه تعالى قال : إنّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفّه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالفقر و لو أغنيته لأفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالغنى و لو أفقرته لأفسده ، و ان منهم لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالسقم و لو صححت جسده لأفسده ذلك ، و إنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالصحّة و لو أسقمته لأفسده ، و إنّي ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإنّي عليم خبير(٢) .

« فإنّ اللَّه سبحانه يقول( و اعلموا أنّما أموالكم و أولادكم فتنة و أن اللَّه عنده أجر عظيم ) (٣) .

« و معنى ذلك أنّه سبحانه » سقطت كلمة « سبحانه » من ( المصرية )(٤) مع وجودها في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية )(٥) .

____________________

( ١ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٩٨ ح ١ .

( ٣ ) الأنفال : ٢٨ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٦٧٧ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٤٨ ، و ابن ميثم ٥ : ٢٨٧ .

١٧٣

« يختبرهم » أي : يمتحنهم .

« بالأموال و الأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه » في الأموال .

« و الراضي بقسمه » في الأولاد .

« و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم » .( فليعلمن اللَّه الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) (١) .

« و لكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب و العقاب » لأن الجزاء على العمل لا مجرّد النيّة و مقتضى الطوية ، و إن كان هو تعالى يثيب على مجردهما تفضلا و لا يؤاخذ على صرفهما تكرّما .

« لأنّ بعضهم يحب الذكور و يكره الاناث » حتى قال تعالى( في مثلهم و إذا بُشّر أحدهم بالانثى ظلّ وجهه مسودّا و هو كظيم يتوارى عن القوم من سوء ما بُشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) (٢) .

قالوا : و لحب الناس الذكور و كراهتم للإناث و كان الواجب عليهم التسليم لمشيته تعالى شأنه قدّم عز و جل هبة الإناث على الذكور فقال .( يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور ) (٣) .

« و بعضهم يحبّ تثمير المال و يكره انثلام الحال » أي وقوع الخلل فيه ، قال تعالى( و إنّه لحبّ الخير لشديد ) (٤) و فسر الخير هنا بالمال .

و قال تعالى في امتحان عبيده بالمال و الولد و غيرهما( و لنبلونكم بشي‏ء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات

_ ___________________

( ١ ) العنكبوت : ٣ .

( ٢ ) النحل : ٥٨ ٥٩ .

( ٣ ) الشورى : ٤٩ .

( ٤ ) العاديات : ٨ .

١٧٤

 و بشّر الصابرين ) (١) .

« و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير » و لو كان قال ما روي عنهعليه‌السلام بدل ما سمع منهعليه‌السلام كان أحسن .

جعله من غريب التفسير لأنّ المتبادر من كون الأموال فتنة أنّ الانسان يطغى أن رآه استغنى ، و أنّ كثيرا من الناس يميل المال بهم إلى الشهوات كما أنّ كثيرا منهم يصعب عليهم إخراج الحقوق التي أوجب اللَّه تعالى عليهم في المال فيهلكون كما ان المتبادر من كون الأولاد فتنة أنّهم يصيرون سببا للتخلّف عن الجهاد ، و البخل عن الزكاة ، و تحصيل المال لهم من غير طريق المشروع لو ضاق عليه المشروع و لموافقة الآباء غالبا أهواء أبنائهم المهوية ، كما اتفق للزبير مع ابنه ، فقالعليه‌السلام : ما زال الزبير منّا حتى نشأ ابنه الميشوم .

و روت العامة في تفسير الآية عن بريدة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخطب فجاء الحسن و الحسينعليهما‌السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران ، فنزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهما فأخذهما و وضعهما في حجره على المنبر و قال : صدق اللَّه تعالى( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(٢) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما(٣) .

هذا ، و مما روي عنهعليه‌السلام من غريب التفسير غير ما مرّ أنّهعليه‌السلام قال :

الاستثناء في اليمين متى ما ذكر و لو بعد أربعين صباحا ثم تلا هذه الآية . و اذكر ربّك إذا نسيت .(٤) .

و أنّهعليه‌السلام قال : تستحب المقاربة مع أهله ليلة أول شهر الصيام لقوله

____________________

( ١ ) البقرة : ١٥٥ .

( ٢ ) التغابن : ١٥ .

( ٣ ) سنن الترمذي ٥ : ٦١٦ ح ٣٧٧٤ .

( ٤ ) الكافي ٧ : ٤٤٨ الرواية ٦ ، و الآية ٢٤ من سورة الكهف .

١٧٥

تعالى( اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) . .(١) .

٥ في الخطبة ( ١٤٣ ) منها :

وَ مَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ فَاتَّقُوا اَلْبِدَعَ وَ اِلْزَمُوا اَلْمَهْيَعَ إِنَّ عَوَازِمَ اَلْأُمُورِ أَفْضَلُهَا إِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا « و ما احدثت بدعة إلاّ ترك بها سنة » قال ابن أبي الحديد : البدعة كلّ ما لم يكن في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنها الحسن كصلاة التراويح و منها القبيح كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية و إن كانت قد تكلّفت الأعذار عنها(٢) .

قلت : صلاة التراويح أيضا من بدع ، قالعليه‌السلام ترك بها سنة ، و كيف تكون حسنة و كانت تشريعا في قبال الدين ، و إنما التشريع للَّه تعالى( ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيرون ) (٣) .

ما كان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشرّع شيئا من قبل نفسه إلاّ بوحي منه تعالى إليه ، فكيف كان لعمر الذي أفحمته مرأة في أنفها فطس في حظره جعل الصداق أكثر من خمسمائة درهم بأنّه تعالى قال .( و آتيتم إحداهن قنطاراً ) .(٤) فقال : كل الناس أفقه من عمر .

و روى سليم بن قيس الهلالي في كتابه أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه

____________________

( ١ ) البقرة : ١٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

( ٣ ) القلم : ٣٦ ٣٨ .

( ٤ ) النساء : ٢٠ .

١٧٦

ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها تفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي و قليل من شيعتي ، و اللَّه لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي يا أهل الاسلام لقد غيرت سنّة عمر نهينا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و قد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري(١) .

و روى محمد بن علي بن بابويه عن الباقر و الصادقعليهما‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان في جماعة بدعة ، و صلاة الضحى بدعة ، ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار(٢) .

و روى محمد بن يعقوب الكليني : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام مر برجل يصلّي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة و قال : نحرت صلاة الأوابين نحرك اللَّه(٣) .

و أما أعمال عثمان و لم قال كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية كنفيه أبا ذر و ضربه عمارا و نهبه بيت المال لأقاربه و توليته لهم حتى يصلّوا بالناس سكارى و يصلّوا الصبح أربعا و يغنوا في الصلاة و غيرها من نظائرها فشنائع ينكرها الموحد و الملحد و المسلم و الكافر .

و أما ما قاله من تكلّف الأعذار الذي نوريهم ، فالتكلّف لعدم منكرية عداوة أبي جهل مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرب إلى العقول منه .

ثم جعلها في عداد البدع كصلاة التراويح في غير محله .

____________________

( ١ ) سليم بن قيس ، لا وجود له في الطبعة النجفية ، لعل المؤلف أخذه من البحار حيث ذكر المجلسي في ٩٦ : ٢٠٣ الرواية ٢١ باب ٢٤ .

( ٢ ) الفقيه للصدوق ٢ : ١٣٧ الرواية ١٩٦٤ باب ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٤٥٢ رواية ٨ .

١٧٧

« فاتقوا البدع » روى ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام : من مشى إلى صاحب بدعة فوقرها فقد مشى في هدم الإسلام(١) .

« و الزموا المهيع » أي الطريق الواسع و هو طريق الاسلام ، قال تعالى( و إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) . .(٢) .

« إنّ عوازم الامور أفضلها » قال ابن أبي الحديد : عوازم ما تقادم منها من قولهم « عجوز عوزم » أي مسنّة ، و يجوز أن يكون جمع عازمة بمعنى مفعول أي معزوم عليها ، أي مقطوع معلوم بيقين صحتها ، و الأول أظهر لأن في مقابلته « و ان محدثاتها » و المحدث في مقابلة القدم(٣) .

قلت : بل الظاهر أن « عوازم » محرف « قدائم » جمع قديم للتشابه الخطي بينهما ، لأن العزم في مقابل الرخصة لا المحدث ، يقال عزائم القرآن و رخصه ، ثم جمع العوزم بالعوازم كما قاله غير معلوم .

٦ الخطبة ( ٥٠ ) و من كلام لهعليه‌السلام :

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ اَلْبَاطِلِ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا

____________________

( ١ ) الفقيه للصدوق ٣ : ٥٧٢ ح ٤٩٥٧ الباب ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

١٧٨

ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ ٢ ٤ ٢١ : ١٠١ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنى‏ ٦ ٦ ٢١ : ١٠١ أقول : رواه الكليني في ( بدع كافيه ) بإسنادين عن عاصم بن حميد عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : أيها الناس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللَّه ، يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، فهنا لك استحوذ الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(١) .

و رواه في ( روضته ) مع زيادات ، فروى عن سليم بن قيس قال : خطب عليعليه‌السلام فقال : إنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم اللَّه ، يتولى فيها رجال رجالا ، إنّ الحق لو خلص لم يكن اختلاف و لو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجللان معا ، فهنا لك يستولي الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم الحسنى ، إنّي سمعت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

كيف أنتم إذا لبستكم فتنة تربو فيها الصغير و يهرم فيها الكبير يجري الناس عليها و يتخذونها سنة ، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل قد غيّرت السنّة ، و قد أتى الناس منكرا ثم تشتدّ البلية و تسبى الذريّة و تدقهم الفتنة كما تدقّ النار الحطب و كما تدقّ الرحى بثفالها ، و يتفقهون لغير اللَّه و يتعلمون لغير العمل و يطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .

ثم أقبل بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصته و شيعته فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه ناقضين بعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها

____________________

( ١ ) الكافي ١ : ٥٤ رواية ١ و أيضا ٨ : ٥٨ الرواية ٢١ .

١٧٩

و الى ما كانت في عهد رسول اللَّه لتفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي أو مع قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللَّه و سنّة رسوله ، أرأيتم لو أمرت بمقام ابراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللَّه و رددت فدك إلى ذريّة فاطمة و رددت صاع رسول اللَّه كما كان و أمضيت قطائع أقطعها النبي لأقوام لم تمض لهم و لم تنفذ و رددت دار جعفر إلى ورثته و هدمتها من المسجد و رددت قضايا من الجور قضي بها و نزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن و استقبلت بهن الحكم ( في الفروج و الأحكام ) و سبيت ذراري بني تغلب و رددت ما قسم من أرض خيبر و محيت دواوين العطاء و أعطيت كما كان النبي يعطي بالسوية و لم أجعلها دولة بين الأغنياء و ألقيت المساحة و سويت بين المناكح و أنفذت خمس الرسول كما أنزل اللَّه عز و جل و فرضه و رددته إلى ما كان عليه و سددت ما فتح من الأبواب و فتحت ما سد منه و حرمت المسح على الخفين و حددت على النبيذ و أمرت باحلال المتعتين و أمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات و ألزمت الناس الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم و أخرجت من ادخل مع رسول اللَّه في مسجده ممن كان رسول اللَّه أخرجه و أدخلت من اخرج بعد رسول اللَّه و حملت الناس على حكم القرآن ( في ) الطلاق على السنّة و أخذت الصدقات على أصنافها و حدودها و رددت الوضوء و الغسل و الصلاة إلى مواقيتها و شرائعها و حدودها و رددت أهل نجران إلى مواضعهم و رددت سبايا فارس و سائر الامم إلى كتاب اللَّه و سنّة نبيّه ، إذن لتفرّقوا عني ، و اللَّه لقد أمرت الناس ألا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام غيّرت سنّة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و لقد خفت أن

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

كان الإمام عليه‌السلام يلجأ إلى الله تعالى في جميع اموره وشئونه ، ويحتجب به من كيد الأعداء ، وشرّ الأشرار وهذه بعض أدعيته في الاحتجاب والاعتصام.

دعاؤه عليه‌السلام

في الاحتجاب

وكان الإمام عليه‌السلام يحتجب بهذا الدعاء عن جميع ما ألمّ به من حوادث الزمن ، وخطوب الأيام ، وهذا نصّه :

اللهمّ مالك الملك ، تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممّن تشاء ، وتعزّ من تشاء ، وتذلّ من تشاء ، بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير. تولج اللّيل في النّهار ، وتولج النّهار في اللّيل ، وتخرج الحيّ من الميّت ، وتخرج الميّت من الحيّ ، وترزق من تشاء بغير حساب.

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، خضعت البرّيّة لعظمة جلاله أجمعون ، وذلّ لعظمة عزّه كلّ متعاظم منهم ، ولا يجد أحد منهم إليه مخلصا ، بل يجعلهم الله شاردين متمزّقين في عزّ طغيانهم هالكين ، بقل أعوذ بربّ الفلق * من شرّ ما خلق * ومن شرّ غاسق إذا وقب * ومن شرّ النّفّاثات في العقد * ومن شرّ حاسد

٢٠١

إذا حسد ، وبقل أعوذ بربّ النّاس * ملك النّاس. إله النّاس * من شرّ الوسواس الخنّاس. الّذي يوسوس في صدور النّاس * من الجنّة والنّاس ، انغلق عنّي باب المستأخرين منكم والمستقدمين ، فهم ضالّون مطرودون بالصّافّات ، بالذّاريات ، بالمرسلات ، بالنّازعات ، أزجركم عن الحركات كونوا رمادا لا تبسطوا إليّ ، ولا إلي مؤمن يدا ، اليوم نختم على أفواههم وتكلّمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ، هذا يوم لا ينطقون ، ولا يؤذن لهم فيعتذرون ، عميت الأعين ، وخرست الألسن ، وخضعت الأعناق للملك الخلاّق.

اللهمّ بالميم والعين والفاء والحاءين ، وبنور الأشباح ، وبتلألؤ ضياء الإصباح ، وبتقديرك لي يا قدير في الغدوّ والرّواح ، اكفني شرّ من دبّ ومشى ، وتجبّر وعتا ، الله الغالب ولا ملجأ منه لهارب ، نصر من الله وفتح قريب ، إن ينصركم الله فلا غالب لكم ، كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ الله قويّ عزيز ، أمن من استجار بالله ، لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٢٢٢.

٢٠٢

دعاؤه عليه‌السلام

في الاحتجاب عن خصومه

ومن أدعية الإمام عليه‌السلام في الاحتجاب عن كيد خصومه وأعدائه هذا الدعاء :

احتجبت بنور وجه الله القديم الكامل ، وتحصّنت بحصن الله القويّ الشّامل ، ورميت من بغى عليّ بسهم الله وسيفه القاتل.

اللهمّ يا غالبا على أمره ، ويا قائما فوق خلقه ، ويا حائلا بين المرء وقلبه ، حل بيني وبين الشّيطان ونزغه ، وبين ما لا طاقة لي به من أحد من عبادك ، كفّ عنّي ألسنتهم ، وأغلل أيديهم وأرجلهم ، واجعل بيني وبينهم سدّا من نور عظمتك ، وحجابا من قوّتك ، وجندا من سلطانك إنّك حيّ قادر.

اللهمّ أغش عنّي أبصار النّاظرين حتّى أرد الموارد ، وأغش عنّي أبصار النّور (١) ، وأبصار الظّلمة ، وأبصار المريدين بي السّوء ، حتّى لا أبالي عن أبصارهم ، يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ، يقلّب الله اللّيل والنّهار إنّ في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.

بسم الله الرّحمن الرّحيم كهيعص.

بسم الله الرّحمن الرّحيم حم عسق كماء أنزلناه من السّماء فاختلط به

__________________

(١) لعلّه أراد أن يكفيه الله شرّ من يكيده في غلس الليل وفي وضح النهار.

٢٠٣

نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرّياح. هو الله الّذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب والشّهادة هو الرّحمن الرّحيم. يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع ، علمت نفس ما أحضرت ، فلا أقسم بالخنّس الجوار الكنّس ، واللّيل إذا عسعس والصّبح إذا تنفّس ، ص والقرآن ذي الذّكر ، بل الّذين كفروا في عزّة وشقاق.

وكان يقول ثلاثا :

شاهت الوجوه ، وعميت الأبصار ، وكلّت الألسن ، جعلت خيرهم بين عينيهم ، وشرّهم تحت قدميهم ، وخاتم سليمان بين أكتافهم ، سبحان الله القادر القاهر ، الكافي فسيكفيكهم الله وهو السّميع العليم ، صبغة الله ، ومن أحسن من الله صبغة كهيعص ، اكفنا ، حمعسق ، احمنا وارحمنا ، هو الله القادر القاهر القويّ الكافي ، وجعلنا من بين أيديهم سدّا ومن خلفهم سدّا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ، أولئك الّذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ، واولئك هم الغافلون ، وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين الطّيّبين الطّاهرين ، إنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرّحمن الرّحيم ألاّ تعلوا عليّ وأتوني مسلمين. اللهمّ إنّي أسألك أن تقضي حاجتي ، وتغفر ذنوبي فإنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت برحمتك يا أرحم الرّاحمين ، وعنت الوجوه للحيّ القيّوم ، وقد خاب من حمل ظلما يا حيّ يا قيّوم ، يا ذا الجلال والإكرام (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية الثانية : ٥٢ ، نقلا عن الكلم الطيّب للسيّد عليخان المدني.

٢٠٤

دعاؤه عليه‌السلام

في الاعتصام بالله

واعتصم الإمام عليه‌السلام بالله تعالى كأعظم ما يكون الاعتصام ، وكان من دعائه في ذلك قوله :

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو ، الباعث ، الوارث.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو القائم على كلّ نفس بما كسبت.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الّذي قال للسّماوات والأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو ، لا تأخذه سنة ولا نوم.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الرّحمن على العرش استوى ، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو له ما في السّماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو يرى ولا يرى وهو بالمنظر الأعلى ، ربّ الآخرة والأولى.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الّذي ذلّ كلّ شيء لملكه

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الّذي خضع كلّ شيء لعظمته ، اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو في علوّه دان ، وفي دنوّه عال ، وفي سلطانه قويّ.

٢٠٥

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو البديع الرّفيع ، الحيّ الدّائم الباقي ، الّذي لا يزول.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الّذي لا تصف الألسن قدرته.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم لا تأخذه سنة ولا نوم.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الحنّان المنّان ذو الجلال والإكرام.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الواحد الأحد الفرد الصّمد الّذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو أكرم الأكرمين ، الكبير الأكبر ، العليّ الأعلى.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو بيده الخير كلّه ، وهو على كلّ شيء قدير.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو يسبّح له ما في السّماوات وما في الأرض ، كلّ له قانتون.

اعتصمت بالله الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ ، الحكيم ، السّميع ، العليم ، الرّحمن ، الرّحيم.

اللهمّ إنّي أسألك وأنت أعلم بمسألتي ، وأطلب إليك وأنت العالم بحاجتي ، وأرغب إليك وأنت منتهى رغبتي ، فيا عالم الخفيّات ، وسامك السّماوات ، ودافع البليّات ، ومطلب الحاجات ، ومعطي السّؤلات صلّ على محمّد خاتم النّبيّين ،

٢٠٦

وعلى آله الطّيّبين الطّاهرين.

اللهمّ اغفر لي خطيئتي وإسرافي في أمري كلّه وما أنت أعلم به منّي.

اللهمّ اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وجدّي فكلّ ذلك عندي.

اللهمّ اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدّم ، وأنت المؤخّر ، وأنت على كلّ شيء قدير (١) .

أرأيتم هذا الاعتصام والالتجاء إلى الله تعالى؟ لقد انقطع هذا الإمام العظيم إلى الله وتمسّك بطاعته ، فقد استوعب حبّه لله وخشيته منه جميع آفاق نفسه.

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ١٠٢ ـ ١٠٦. مهج الدعوات : ١٣٣ ـ ١٣٤.

٢٠٧
٢٠٨

ادعيته في اللّيالي والأيّام المباركة وغيرها

٢٠٩
٢١٠

استوعب حبّ الله تعالى قلب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام فقد هام في ذكره ودعائه ، وانقطع إليه ، ففي كلّ فترة من حياته كان يلهج بذكر الله تعالى ويناجيه ويدعوه ضارعا مستكينا ، وقد أثرت عنه كوكبة من الأدعية الشريفة في الليالي والأيام المباركة كان منها ما يلي :

دعاؤه عليه‌السلام

في ليلة الجمعة

من الليالي الشريفة في الإسلام ليلة الجمعة ، وكان الإمام عليه‌السلام يدعو الله تعالى فيها بهذا الدعاء الجليل :

اللهمّ إنّي أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي ، وتجمع بها شملي ، وتلمّ بها شعثي ، وتحفظ بها غائبي ، وتصلح بها شاهدي ، وتزكّي بها عملي ، وتلهمني بها رشدي ، وتعصمني بها من كلّ سوء.

اللهمّ اعطني إيمانا صادقا ، ويقينا خالصا ، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدّنيا والآخرة.

اللهمّ إنّي أسألك الفوز في القضاء ومنازل العلماء ، وعيش السّعداء ، والنّصر

٢١١

على الأعداء.

اللهمّ إنّي أنزلت بك حاجتي ، وإن ضعف عملي فقد افتقرت إلى رحمتك فأسألك يا قاضي الأمور ، ويا شافي الصّدور ، كما تحجز بين البحور أن تجيرني من عذاب السّعير ، ومن دعوة الثّبور ، ومن فتنة القبور.

اللهمّ وما قصرت عنه مسألتي ، ولم تبلغه منيتي ، ولم تحط به مسألتي من خير وعدته أحدا من خلقك فإنّي أرغب إليك فيه. اللهمّ يا ذا الحبل الشّديد ، والأمر الرّشيد ، أسألك الأمن يوم الوعيد ، والجنّة يوم الخلود مع المقرّبين الشّهود ، والرّكّع السّجود ، الموفين بالعهود إنّك رحيم ودود ، وإنّك تفعل ما تريد.

اللهمّ اجعلنا هادين مهديّين ، غير ضالّين ولا مضلّين ، سلما لأوليائك ، وحربا لأعدائك ، نحبّ بحبّك التّائبين ، ونعادي بعداوتك من خالفك.

اللهمّ هذا الدّعاء وعليك الاستجابة ، وهذا الجهد وعليك التّكلان.

اللهمّ اجعل لي نورا في قلبي ، ونورا في قبري ، ونورا بين يديّ ، ونورا تحتي ، ونورا فوقي ، ونورا في سمعي ، ونورا في بصري ، ونورا في شعري ، ونورا في بشري ، ونورا في لحمي ، ونورا في دمي ، ونورا في عظامي.

اللهمّ اعظم لي النّور. سبحان الّذي تأزّر بالمجد ، وتكرّم به ، سبحان من لا ينبغي التّسبيح إلاّ له ، سبحان ذي الفضل والنّعم ، سبحان ذي المجد والكرم ، سبحان ذي الجلال والإكرام (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية الثانية : ١٧٢ ـ ١٧٤ ، نقلا عن كتاب عدّة السفر وعمدة الحضر للشيخ الطبرسي.

٢١٢

دعاؤه عليه‌السلام

في ليلة الفطر

من الليالي الجليلة التي يستحبّ إحياؤها بالصلاة وذكر الله تعالى ليلة عيد الفطر ، فقد ورد فيها استحباب صلاة ركعتين يقرأ في الركعة الاولى سورة الفاتحة ، وألف مرّة سورة التوحيد ، وفي الركعة الثانية سورة الفاتحة وسورة التوحيد مرّة واحدة ، ثمّ يدعو بهذا الدعاء نصّ على ذلك الإمام الأعظم جعفر الصادق عليه‌السلام ونسبه إلى جدّه الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام وذكر أنّ المصلّي بعد الفراغ من صلاته لا يسأل شيئا من الله إلاّ أعطاه ، وهذا نصّ الدعاء :

يا الله ، يا الله ، يا الله ، يا رحمن يا الله ، يا ملك يا الله ، يا قدّوس يا الله ، يا سلام يا الله ، يا مؤمن يا الله ، يا مهيمن يا الله ، يا عزيز يا الله ، يا جبّار يا الله ، يا متكبّر يا الله ، يا خالق يا الله ، يا بارئ يا الله ، يا مصوّر يا الله ، يا عالم يا الله ، يا عظيم يا الله ، يا عليم يا الله ، يا كريم يا الله ، يا حليم يا الله ، يا حكيم يا الله ، يا سميع يا الله ، يا بصير يا الله ، يا قريب يا الله ، يا مجيب يا الله ، يا جواد يا الله ، يا واحد يا الله ، يا وليّ يا الله ، يا وفيّ يا الله ، يا مولى يا الله ، يا قاضي يا الله ، يا سريع يا الله ، يا شديد يا الله ، يا رءوف يا الله ، يا رقيب يا الله ، يا مجيب يا الله ، يا جواد يا الله ، يا ماجد يا الله ، يا عليّ يا الله ، يا حفيظ يا الله ، يا محيط يا الله ، يا سيّد السّادات يا الله ، يا أوّل يا الله ، يا آخر يا الله ، يا ظاهر يا الله ، يا باطن يا الله ، يا فاخر يا الله ، يا قاهر يا الله ، يا ربّاه يا الله ، يا ربّاه يا الله ، يا ربّاه يا الله ،

٢١٣

يا ودود يا الله ، يا نور يا الله ، يا دافع يا الله ، يا مانع يا الله ، يا فاتح يا الله ، يا نفّاع يا الله ، يا جليل يا الله ، يا جميل يا الله ، يا شهيد يا الله ، يا شاهد يا الله ، يا حبيب يا الله ، يا فاطر يا الله ، يا مطهّر يا الله ، يا مالك يا الله ، يا مقتدر يا الله ، يا قابض يا الله ، يا باسط يا الله ، يا محيي يا الله ، يا مميت يا الله ، يا مجيب يا الله ، يا باعث يا الله ، يا معطي يا الله ، يا مفضل يا الله ، يا منعم يا الله ، يا حقّ يا الله ، يا مبين يا الله ، يا طيّب يا الله ، يا معيد يا الله ، يا محسن يا الله ، يا مبدئ يا الله ، يا معيد يا الله ، يا بارئ يا الله ، يا بديع يا الله ، يا هادي يا الله ، يا كافي يا الله ، يا شافي يا الله ، يا عليّ يا الله ، يا حنّان يا الله ، يا منّان يا الله ، يا ذا الطّول يا الله ، يا متعالي يا الله ، يا عدل يا الله ، يا ذا المعارج يا الله ، يا صادق يا الله ، يا ديّان يا الله ، يا باقي يا الله ، يا ذا الجلال يا الله ، يا ذا الإكرام يا الله ، يا معبود يا الله ، يا محمود يا الله ، يا صانع يا الله ، يا معين يا الله ، يا مكوّن يا الله ، يا فعّال يا الله ، يا لطيف يا الله ، يا غفور يا الله ، يا شكور يا الله ، يا نور يا الله ، يا حنّان يا الله ، يا قدير يا الله ، يا ربّاه يا الله ، يا ربّاه يا الله ، يا ربّاه يا الله ، يا ربّاه يا الله ، يا ربّاه يا الله ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وتمنّ عليّ برضاك وتعفو عنّي بحلمك ، وتوسّع عليّ من رزقك الحلال الطّيّب من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب فإنّي عبدك ليس لي أحد سواك ولا أجد أحدا أسأله غيرك يا أرحم الرّاحمين ، ما شاء الله لا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

وبعد تلاوة هذا الدعاء يسجد المصلّي ويقول في سجوده :

يا الله ، يا الله ، يا الله ، يا ربّ ، يا ربّ يا منزل البركات ، بك تنزل

٢١٤

كلّ حاجة أسألك بكلّ اسم في مخزون الغيب عندك والأسماء المشهورات عندك المكتوبة على سرادق عرشك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تقبل منّي شهر رمضان ، وتكتبني في الوافدين إلى بيتك الحرام ، وتصفح لي عن الذّنوب العظام وتستخرج لي يا ربّ كنوزك يا رحمن (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية الثانية : ٢٣٣ ـ ٢٣٦ ، نقلا عن المضمار.

٢١٥

دعاؤه عليه‌السلام

في النصف من رجب

أمّا النصف من رجب فهو من الأيّام المباركة عند الشيعة ، ففي هذا اليوم تستحبّ زيارة سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين عليه‌السلام ، ونظرا لعظم هذا اليوم فقد كان الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء :

اللهمّ يا مذلّ كلّ جبّار عنيد ، ويا معزّ المؤمنين ، أنت كهفى حين تعييني المذاهب ، وأنت يا ربّ خلقتني رحمة بي ، وقد كنت عن خلقي غنيّا ، ولو لا رحمتك لكنت من الهالكين ، وأنت مؤيّدي بالنّصر على أعدائي ، ولو لا نصرك إيّاي لكنت من المقبوحين ، يا مرسل الرّحمة من معادنها ، ويا منشئ البركة من مواضعها ، يا من خصّ نفسه بالسّموّ والرّفعة فأولياؤه بعزّته يتعزّزون ، ويا من وضعت له الملوك بنير (١) المذلّة على أعناقهم فهم من سطواته خائفون ، أسألك بربوبيّتك الّتي اشتققتها من كبريائك ، وأسألك بكبريائك الّتي اشتققتها من عزّتك ، وأسألك بعزّتك الّتي استويت بها على عرشك فخلقت بها جميع خلقك فهم لك مذعنون ، أن تصلّي على محمّد وأهل بيته. وكان يذكر بعد هذا الدعاء حاجته (٢) .

__________________

(١) الخشبة على عنق الثور بأداتها.

(٢) الصحيفة العلوية : ١٦١ ـ ١٦٢.

٢١٦

دعاؤه عليه‌السلام

في شهر شعبان

من الأشهر الكريمة في الإسلام شهر شعبان ، ففي الثالث منه ولادة أبي الأحرار الإمام الحسين ، وفي نصفه ولادة المصلح الأعظم قائم آل محمّد عليه‌السلام ، وفي نصفه أيضا زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام ، وكان الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام يدعو فيه بهذا الدعاء :

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واسمع دعائي إذا دعوتك ، واسمع ندائي إذا ناديتك ، وأقبل عليّ إذا ناجيتك ، فقد هربت إليك ، ووقفت بين يديك مستكينا لك ، متضرّعا إليك ، راجيا لما لديك ثوابي ، وتعلم ما في نفسي ، وتخبر حاجتي ، وتعرف ضميري ، ولا يخفى عليك أمر منقلبي ومثواي ، وما أريد أن أبدئ به من منطقي ، وأتفوّه به من طلبتي ، وأرجوه لعاقبتي ، وقد جرت مقاديرك عليّ يا سيّدي فيما يكون منّي إلى آخر عمري من سريرتي وعلانيتي ، وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي ونفعي وضرّي.

إلهي إن حرمتني فمن ذا الّذي يرزقني ، وإن خذلتني فمن ذا الّذي ينصرني.

إلهي أعوذ بك من غضبك وحلول سخطك.

إلهي إن كنت غير مستأهل لرحمتك فأنت أهل أن تجود عليّ بفضل سعتك.

إلهي كأنّي بنفسي واقفة بين يديك ، وقد أظلّها حسن توكّلي عليك ، ففعلت

٢١٧

ما أنت أهله وتغمّدتني بعفوك.

إلهي إن عفوت فمن أولى منك بذلك؟ وإن كان قد دنا أجلي ولم يدنني منك عملي فقد جعلت الإقرار بالذّنب إليك وسيلتي.

إلهي قد جرت على نفسي بالنّظر لها فلها الويل! إن لم تغفر لها.

إلهي لم يزل برّك عليّ أيّام حياتي فلا تقطع برّك عنّي في مماتي.

إلهي كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي وأنت لم تولّني إلاّ الجميل في حياتي.

إلهي تولّ من أمري ما أنت أهله ، وعد بفضلك على مذنب قد غمره جهله.

إلهي قد سترت عليّ ذنوبا في الدّنيا ، وأنا أحوج إلى سترها عليّ منك في الأخرى. إلهي قد أحسنت إليّ إذ لم تظهرها لأحد من عبادك الصّالحين فلا تفضحني يوم القيامة على رءوس الأشهاد.

إلهي جودك بسط أملي ، وعفوك أعظم من عملي. إلهي فسرّني بلقائك يوم تقضي فيه بين عبادك.

إلهي اعتذاري إليك اعتذار من لم يستغن عن قبول عذره فاقبل عذري يا كريم ، يا أكرم من اعتذر إليه المسيئون.

إلهي لا تردّ حاجتي ، ولا تخيّب طمعي ، ولا تقطع منك رجائي وأملي.

إلهي لو أردت هواني لم تهدني ، ولو أردت فضيحتى لم تعافني. إلهي ما أظنّك تردّني في حاجة قد أفنيت عمري في طلبها منك. إلهي فلك الحمد أبدا أبدا دائما سرمدا يزيد ولا يبيد كما تحبّ وترضى. إلهي إن أخذتني بجرمي أخذتك بعفوك ، وإن أخذتني بذنوبي أخذتك بمغفرتك ، وإن أدخلتني النّار أعلمت أهلها

٢١٨

أنّي احبّك.

إلهي إن كان قد صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي. إلهي كيف أنقلب من عندك بالخيبة محروما وقد كان حسن ظنّي بجودك أن تقلبني بالنّجاة مرحوما ، إلهي وقد أفنيت عمري في شرّة السّهو عنك ، وأبليت شبابي في سكرة التّباعد منك. إلهي فلم أستيقظ أيّام اغتراري بك ، وركوني إلى سبيل سخطك.

إلهي وأنا عبدك وابن عبديك قائم بين يديك ، متوسّل بكرمك إليك. إلهي أنا عبد أتنصّل إليك ممّا كنت اواجهك به من قلّة استحيائي من نظرك ، وأطلب العفو منك إذ العفو نعت لكرمك.

إلهي لم يكن لي حول فأنتقل به عن معصيتك إلاّ في وقت أيقظتني لمحبّتك وكما أردت أن أكون كنت فشكرتك بادخالي في كرمك ، ولتطهير قلبي من أوساخ الغفلة عنك.

إلهي انظر إليّ نظر من ناديته فاجابك ، واستعملته بمعونتك فأطاعك ، يا قريبا لا يبعد عن المغترّ به ، ويا جوادا لا يبخل عمّن رجى ثوابه. إلهي هب لي قلبا يدنيه منك شوقه ، ولسانا يرفع إليك صدقه ، ونظرا يقرّبه منك حقّه.

إلهي إنّ من تعرّف بك غير مجهول ، ومن لاذ بك غير مخذول ، ومن أقبلت عليه غير مملول. إلهي إنّ من انتهج بك لمستنير ، وإنّ من اعتصم بك لمستجير وقد لذت بك يا إلهي فلا تخيّب ظنّي من رحمتك ولا تحجبني عن رأفتك.

إلهي أقمني في أهل ولايتك مقام من رجا الزّيادة من محبّتك. إلهي وألهمني ولها بذكرك إلى ذكرك ، واجعل همّي في روح نجاح أسمائك ومحلّ قدسك. إلهي بك عليك ـ أي أقسم ـ إلاّ ألحقتني بمحلّ أهل طاعتك ، والمثوى الصّالح من مرضاتك

٢١٩

فإنّي لا أقدر لنفسي دفعا ، ولا أملك لها نفعا.

إلهي أنا عبدك الضّعيف المذنب ، ومملوكك المنيب فلا تجعلني ممّن صرفت عنه وجهك ، وحجبه سهوه عن عفوك. إلهي هب لى كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النّور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك.

إلهي واجعلني ممّن ناديته فأجابك ، ولاحظته فصعق لجلالك فناجيته سرّا ، وعمل لك جهرا.

إلهي لم أسلّط على حسن ظنّي قنوط الأياس ، ولا انقطع رجائي من جميل كرمك.

إلهي إن كانت الخطايا قد أسقطتني لديك فاصفح عنّي بحسن توكّلي عليك. إلهي إن حطّتني الذّنوب من مكارم لطفك فقد نبّهني اليقين إلى كرم عفوك.

إلهي إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك فقد نبّهتني المعرفة بكرم آلائك.

إلهي إن دعاني إلى النّار عظيم عقابك فقد دعاني إلى الجنّة جزيل ثوابك.

إلهي فلك أسأل وإليك أبتهل وأرغب وأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجعلني ممّن يديم ذكرك ، ولا ينقض عهدك ، ولا يغفل عن شكرك ، ولا يستخفّ بأمرك.

إلهي وألحقني بنور عزّك الأبهج فأكون لك عارفا ، وعن سواك منحرفا ، ومنك خائفا مراقبا ، يا ذا الجلال والإكرام ، وصلّى الله على محمّد رسوله وآله الطّاهرين وسلّم تسليما كثيرا (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ١٦٢ ـ ١٦٩.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310